التبيان في تحرير المكي والمدني من القرآن

إنضم
11/01/2012
المشاركات
3,868
مستوى التفاعل
11
النقاط
38
العمر
67
الإقامة
الدوحة - قطر
منذ أكثر من خمس سنوات انتهيت من كتابي ( التبيان في تحرير المكي والمدني من القرآن ) ، ولم ير طريقه للطباعة بعد ؛ وقد كان في هذا الموضوع عجائب مدهشة ، منها ما ذُكر في سورة الكهف من خلاف بين أهل التفسير في المكي والمدني فيها ، وإليكم البيان :
سورة الْكَهْفُ

اختلف المفسرون هل هي مكية كلُّها ، أم بها آيات مدنية ؟ على أقوال ؛ وهي :
1 – مَكِّيَّة كلها : رواه النحاس عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -[SUP] [1] [/SUP]؛ وعزاه السيوطي في ( الدر المنثور ) لابن مردويه ؛ ثم قال : وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير t قَالَ : نزلت سُورَة الْكَهْف بِمَكَّة [2] .
قال ابن عطية - رحمه الله : هذه السورة مكية في قول جميع المفسرين ، وروي عن فرقة أن أول السورة نزل بالمدينة ، إلى قوله ] جُرُزًا [ [ الكهف : 8 ] ، والأول أصح .ا.هـ. ونقله القرطبي ولم يعزه ، ووافق ابنَ عطية ابنُ عاشور[SUP] [3] [/SUP]؛ وحكاه ابن الجوزي عن الحسن ، ومجاهد ، وقتادة[SUP] [4] [/SUP]. وإليه ذهب السمرقندي ؛ وابن أبي زمنين ، والثعلبي ، ومكي بن أبي طالب ، وأبو عمرو الداني ، والواحدي ، والبغوي ، والبيضاوي ، وابن الجوزي ، وابن كثير ، والسيوطي في ( الدر المنثور )[SUP] [5] [/SUP].

2 – مكية إلا آية واحدة : قال النيسابوري : مكية ، إلا قوله : ] وَاصْبِرْ نَفْسَكَ [ الآية[SUP] [6] [/SUP].
وقال البيضاوي : وقيل : إلا قوله : ] وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ [ [ الآية : 28 ][SUP] [7] [/SUP]؛ وحكاه ابن الجوزي عن ابن عباس وقتادة[SUP] [8] [/SUP].

3 – مكية إلا آيتين ؛ قال الرازي : قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : إِنَّهَا مَكِّيَّةٌ ، غَيْرَ آيَتَيْنِ مِنْهَا ، فِيهِمَا ذِكْرُ عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ الْفَزَارِيِّ[SUP] [9] [/SUP]؛ وهما ( 27 ، 28 ) .

4 – مكية إلا سبع آيات ؛ قال مقاتل بن سليمان : سورة الكهف مكية كلها ، وفيها من المدني قوله تعالى : من أولها إلى قوله : ... ] أَحْسَنُ عَمَلًا [ [ الآية : 7 ][SUP] [10] [/SUP].

5 - مكية إلا ثمان آيات : قال ابن عطية - رحمه الله : وروي عن فرقة أن أول السورة نزل بالمدينة ، إلى قوله ] جُرُزًا [ [ الكهف : 8 ] ؛ ونقله القرطبي ولم يعزه ، ونقله ابنُ عاشور عن ابن عطية[SUP] [11] [/SUP].

6 - مَكِّيَّةٌ إلا اثنتي عشرة آية ؛ من أَوَّلَهَا إِلَى ] جُرُزًا [ ، وَقَوْلُهُ : ] وَاصْبِرْ نَفْسَكَ [ الْآيَةَ ؛ وَآخِرُهَا مِنْ : ] إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا [ ، قاله السيوطي في ( الإتقان ) [SUP][12] [/SUP]، فهذه اثنتي عشرة آية ، وذكر نحوه ابن الجوزي في ( زاد المسير )[SUP] [13] [/SUP].

7 – مكية ، إلا تسعة عشرة آية : قال الزمخشري : مكية ، إلا آية 28 ، ومن آية 83 إلى غاية آية 101 ، فمدنية . ووافقه ابن جزي ، وأبو السعود[SUP] [14] [/SUP].

8 - مكية غير أربعين آية ؛ قال ابن عادل في ( اللباب ) : قال ابن عباس : مكية ، غير أربعين آية منها[SUP] [15] [/SUP].... وللحديث صلة .

[1] الناسخ والمنسوخ ، ص: 555 .
[2]الدر المنثور في التفسير بالمأثور : 5 / 354 .
[3] ( المحرر الوجيز ) لابن عطية : 3 / 494 ، وتفسير القرطبي : 10 / 346 ، و( التحرير والتنوير ) لابن عاشور : 15 / 241 .
[4]زاد المسير في علم التفسير : 3 / 63 .
[5] ( بحر العلوم ) للسمرقندي : 2 / 334 ، و ( تفسير القرآن العزيز ) لابن أبي زمنين : 3 / 47 ، ( الكشف والبيان ) للثعلبي : 6 / 144 ، ( الهداية الى بلوغ النهاية ) لمكي بن ابي طالب : 6 / 4317 ، و ( البيان في عد آي القرآن ) للداني ، ص: 179 ، و( التفسير الوسيط ) للواحدي : 3 / 135 ، و( تفسير البغوي ) - إحياء التراث : 3 / 171 ، ( أنوار التنزيل وأسرار التأويل ) للبيضاوي : 3 / 272 ، و ( زاد المسير ) لابن الجوزي : 3 / 63 ، وتفسير ابن كثير : 5 / 133 ، والدر المنثور في التفسير بالمأثور : 5 / 354 .
[6]غرائب القرآن ورغائب الفرقان : 4 / 401 .
[7] أنوار التنزيل وأسرار التأويل : 3 / 272 .
[8] زاد المسير في علم التفسير : 3 / 63 .
[9]مفاتيح الغيب : 21 / 421 .
[10]تفسير مقاتل بن سليمان : 2 / 571 .
[11] ( المحرر الوجيز ) لابن عطية : 3 / 494 ، وتفسير القرطبي : 10 / 346 ، و( التحرير والتنوير ) لابن عاشور : 15 / 241 .
[12]الإتقان في علوم القرآن : 1 / 61 .
[13] زاد المسير في علم التفسير : 3 / 63 .
[14] انظر ( الكشاف ) للزمخشري : 2 / 702 ، و ( التسهيل ) لابن جزي : 1 / 458 ، و( إرشاد العقل السليم ) لأبي السعود : 5 / 202 .
[15] اللباب في علوم الكتاب : 12 / 415 .
 
تحرير المسألة
تحصل من هذا العرض ثلاثًا وثلاثين آية ؛ وهي : من الآية 1 - 8 ؛ والآية 27 ، 28 ؛ ومن الآية 83 - 101 ؛ من الآية 107 – 110 ؛ وأما نقل ابن عادل عن ابن عباس t فلم أقف عليه ، ولا أحسبه صحيحًا عنه ، خاصة وقد نقل عنه أنه يقول مكية بلا استثناء ، وهو قول الجمهور كما تقدم .
وقد نقل بعض ذلك ابن عاشور – رحمه الله - في تفسيره ، ثم قال : وَكُلُّ ذَلِكَ ضَعِيفٌ ، كَمَا سَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فِي مَوَاضِعِهِ[SUP] [1] [/SUP].
1 – الآيات من 1 إلى 8 : ] الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا . قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا . مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا . وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا . مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا . فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا . إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا . وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا [ .
استثنى مقاتل - رحمه الله - السبع آيات ، وأضاف غيره الثامنة لتعلقها بالمعنى .
قال مقاتل بن سليمان : وذلك أن اليهود قالوا : يزعم محمد أنه لا ينزل عليه الكتاب مختلفًا ، فإن كان صادقًا بأنه من الله U ، فلم يأت به مختلفا ؛ فإن التوراة نزلت كل فصل على ناحية ، فأنزل الله في قولهم : ] الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ [ يعنى القرآن ، ] وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا [ يعني مختلفًا ، أنزله قَيِّمًا مستقيمًا ؛ ] لِيُنْذِرَ [ محمد e بما في القرآن ] بَأْسًا [ يعنى : عذابًا ] شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ [ يعني : من عنده ؛ فقال النبي e لليهود : " أدعوكم إلى الله U ، وأنذركم بأسه فإن تتوبوا يكفر عنكم سيئاتكم ، ويؤتكم أجوركم مرتين " ؛ فقال كعب ابن الأشرف ، وكعب بن أسيد ، وحيي بن أخطب ، وفنحاص اليهودي ، من أهل قينقاع : أليس عزير ولد الله ؟ فادعوه ولدًا لله ، فقال النبي e : " أعوذ بالله أن أدعو لله تبارك وتعالى ولدًا ، ولكن عزير عبد الله داخر " : يعني صاغرًا ؛ قالوا : فإنا نجده في كتابنا ، وحدثتنا به آباؤنا ؛ فاعتزلهم النبي e حزينًا ؛ فقال أبو بكر ، وعمر ، وعثمان بن مظعون ، وزيد بن حارثة y للنبي e : لا يحزنك قولهم وكفرهم ، إن الله معنا ؛ فأنزل الله e : ] وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ [ بثواب ما في القرآن ، يعني : هؤلاء النفر ] الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا[ يعني : جزاء كريمًا ، يعني : الجنة ، ] ماكِثِينَ فِيهِ [ يعني الجزاء في الجنة ، يقول مقيمين فيها ] أَبَدًا [ ، ثم ذكر اليهود ، فقال : ] وَيُنْذِرَ [ محمد e ] الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا[ يعنون : عزيرًا ؛ يقول الله تبارك وتعالى : ] مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبائِهِمْ [ لقولهم : نجده في كتابنا ، وحدثتنا به آباؤنا ، قال الله تعالى : ] كَبُرَتْ [ يعني : عظمت ] كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ [ يعنى : ما ] يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا [ لقولهم عزيز ابن الله ؛ ثم قال للنبي e حين أحزنه قولهم ، قال سبحانه : ] فَلَعَلَّكَ [ يعني : فعساك ] باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ [ يعني : قاتلا نفسك على آثارهم ، يعني : عليهم أسفًا ، يعنى : حزنًا ؛ نظيرها في ( الشعراء ) : ] فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ [ ، يقول : قاتل نفسك حزنًا ، في التقديم : ] إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ [ يعني : لم يصدقوا بالقرآن ] أَسَفًا . إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ [ من النبت عامًا بعام ] زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ [ يعني : لنختبرهم ] أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا . وَإِنَّا لَجاعِلُونَ ] في الآخرة [ مَا عَلَيْها [ يعني : ما على الأرض من شيء ] صَعِيدًا [ يعنى : مستويًا ] جُرُزًا[ يعني : ملساء ، ليس عليها جبل ولا نبت كما خلقت أول مرة[SUP] [2] [/SUP].
وهذا لم أجده عند غيره ، وهو ضعيف منقطع ؛ والمشهور في سبب نزول هذه السورة الكريمة ما رواه ابن جرير عن محمد بن إسحاق قَالَ : حَدّثَنِي شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ - قَدِمَ عَلَيْنَا مُنْذُ بِضْعٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةٍ - عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ قَالَ : بَعَثَتْ قُرَيْشٌ النّضْرَ بْنَ الْحَارِثِ وَعُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ إلَى أَحْبَارِ يَهُودَ بِالْمَدِينَةِ وَقَالُوا لَهُمَا : سَلَاهُمْ عَنْ مُحَمّدٍ ، وَصِفَا لَهُمْ صِفَتَهُ ، وَأَخْبِرَاهُمْ بِقَوْلِهِ ، فَإِنّهُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ الْأُوَلِ ، وَعِنْدَهُمْ عِلْمٌ لَيْسَ عِنْدَنَا مِنْ عِلْمِ الْأَنْبِيَاءِ ؛ فَخَرَجَا حَتّى قَدِمَا الْمَدِينَةَ ، فَسَأَلَا أَحْبَارَ يَهُودَ عَنْ رَسُولِ اللّهِ e ، وَوَصَفَا لَهُمْ أَمْرَهُ ، وَأَخْبَرَاهُمْ بِبَعْضِ قَوْلِهِ ، وَقَالَا لَهُمْ : إنّكُمْ أَهْلُ التّوْرَاةِ ، وَقَدْ جِئْنَاكُمْ لِتُخْبِرُونَا عَنْ صَاحِبِنَا هَذَا ؛ فَقَالُوا لَهُمَا : سَلُوهُ عَنْ ثَلَاثٍ نَأْمُرُكُمْ بِهِنَّ ، فَإِنْ أَخْبَرَكُمْ بِهِنّ فَهُوَ نَبِيّ مُرْسَلٌ ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَالرّجُلُ مُتَقَوّلٌ ، فَرَوْا فِيهِ رَأْيَكُمْ ؛ سَلُوهُ عَنْ فِتْيَةٍ ذَهَبُوا فِي الدّهْرِ الْأَوّلِ ، مَا كَانَ أَمْرُهُمْ ؟ فَإِنّهُ قَدْ كَانَ لَهُمْ حَدِيثٌ عَجَبٌ ، وَسَلُوهُ عَنْ رَجُلٍ طَوَّافٍ قَدْ بَلَغَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا ، مَا كَانَ نَبَؤُهُ ؟ وَسَلُوهُ عَنْ الرّوحِ مَا هِيَ ؟ فَإِذَا أَخْبَرَكُمْ بِذَلِك فَاتّبِعُوهُ فَإِنّهُ نَبِيٌّ ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَهُوَ رَجُلٌ مُتَقَوّلٌ ، فَاصْنَعُوا فِي أَمْرِهِ مَا بَدَا لَكُمْ ؛ فَأَقْبَلَ النّضْرُ وَعُقْبَةُ حَتّى قَدِمَا عَلَى قُرَيْشٍ ، فَقَالَا : يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ ، قَدْ جِئْنَاكُمْ بِفَصْلِ مَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ مُحَمّدٍ ؛ قَدْ أَمَرَنَا أَحْبَارُ يَهُودَ أَنْ نَسْأَلَهُ عَنْ أُمُورٍ ، فَأَخْبَرُوهُمْ بِهَا ؛ فَجَاءُوا رَسُولَ اللّهِ e فَقَالُوا : يَا مُحَمّدُ أَخْبِرْنَا عَنْ فِتْيَةٍ ذَهَبُوا فِي الدّهْرِ الْأَوّلِ ، قَدْ كَانَتْ لَهُمْ قِصّةٌ عَجَبٌ ؛ وَعَنْ رَجُلٍ كَانَ طَوَّافًا ، قَدْ بَلَغَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا ؛ وَأَخْبِرْنَا عَنْ الرّوحِ مَا هِيَ ؟ قَالَ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللّهِ e : " أُخْبِرُكُمْ غَدًا بِمَا سَأَلْتُمْ عَنْهُ " ، وَلَمْ يَسْتَثْنِ ؛ فَانْصَرَفُوا عَنْهُ ؛ فَمَكَثَ رَسُولُ اللّهِ e خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً لَا يُحْدِثُ اللهُ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَحْيًّا ، وَلَا يَأْتِيهِ جِبْرَائِيلُ حَتّى أَرْجَفَ أَهْلُ مَكّةَ ، وَقَالُوا : وَعَدَنَا مُحَمّدٌ غَدًا ، وَالْيَوْمَ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً قَدْ أَصْبَحْنَا مِنْهَا لَا يُخْبِرُنَا بِشَيْءِ مِمّا سَأَلْنَاهُ عَنْهُ ؛ وَحَتّى أَحْزَنَ رَسُولَ اللّهِ e مُكْثُ الْوَحْيِ ، وَشَقَّ عَلَيْهِ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ أَهْلُ مَكّةَ ؛ ثُمّ جَاءَهُ جِبْرَائِيلُ مِنْ اللهِ e بِسُورَةِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ ، فِيهَا مُعَاتَبَتُهُ إيّاهُ عَلَى حُزْنِهِ عَلَيْهِمْ ، وَخَبَرُ مَا سَأَلُوهُ عَنْهُ مِنْ أَمْرِ الْفِتْيَةَ ، وَالرّجُلِ الطّوَّافِ ، وَقَولُ اللهِ U : ] وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ [ [ الإسراء : 85 ][SUP] [3] [/SUP].
فهذا وإن كان فيه جهالة شيخ ابن إسحاق ، فهو أصح مما ذكره مقاتل ، وقد اعتمده أهل التفسير عند تفسير هذه السورة ، ولبعضه شاهد صحيح عن ابن عباس .
فالصحيح أن هذه الآيات مكية ، والعلم عند رب البرية .... وللحديث صلة .

[1] التحرير والتنوير : 15 / 242 .
[2] تفسير مقاتل بن سليمان : 2 / 572 – 574 .
[3] أخرجه ابن جرير : 15 / 143 ، 144 ، وانظر سيرة ابن هشام : 2 / 139 ، 140 ، والدر المنثور : 5 / 357 .
 
2 – الآية 27 ، 28 : ] وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا . وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَلاتُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطًا [ .
قال الواحدي في ( أسباب النزول ) : حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ إِمْلَاءً فِي ( دَارِ السُّنَّةِ ) ، يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ ، فِي شُهُورِ سَنَةِ عَشْرٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ ؛ قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عِيسَى بْنِ عَبْدَوَيْهِ الْحِيرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبُوشَنْجِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مِسْرَحٍ الْحَرَّانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ الْحَرَّانِيُّ ، عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيِّ ، عَنْ عَمِّهِ ابْنِ مَشْجَعَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ الْجُهَنِيِّ ، عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ : جَاءَ الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ e : عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ ، وَالْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ ، وَذَوُوهُمْ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّكَ لَوْ جَلَسْتَ فِي صَدْرِ الْمَجْلِسِ ، وَنَحَّيْتَ عَنَّا هَؤُلَاءِ وَأَرْوَاحَ جِبَابِهِمْ - يَعْنُونَ سَلْمَانَ وَأَبَا ذَرٍّ وَفُقَرَاءَ الْمُسْلِمِينَ ، وَكَانَتْ عَلَيْهِمْ جِبَابُ الصُّوفِ ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ غَيْرُهَا - جَلَسْنَا إِلَيْكَ ، وَحَادَثْنَاكَ ، وَأَخَذْنَا عَنْكَ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : ] وَاتْلُ مَا أُوحِيَإِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا . وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ [ ، حَتَّى بَلَغَ : ] إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا [ يَتَهَدَّدُهُمْ بِالنَّارِ ، فَقَامَ النَّبِيُّ e يَلْتَمِسُهُمْ ، حَتَّى إِذَا أَصَابَهُمْ فِي مُؤَخَّرِ الْمَسْجِدِ يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَعَالَى ، قَالَ : " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يُمِتْنِي حَتَّى أَمَرَنِي أَنْ أَصْبِرَ نَفْسِي مَعَ رِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي ، مَعَكُمُ الْمَحْيَا ، وَمَعَكُمُ الْمَمَاتُ "[SUP] ( [1] ) [/SUP]؛ ورواه ابن جرير ، وأبو نعيم في ( الحلية ) ، والبيهقي في ( الشعب ) [SUP][2] [/SUP]؛ من طريق سليمان بن عطاء ، عن مسلمة به ؛ وإسناده ضعيف : سليمان ابن عطاء ، هو ابن قيس القرشي ، أبو عمر الجزري : منكر الحديث كما في ( التقريب ) [SUP][3] [/SUP]؛ وقال ابن حبان : سُلَيْمَان بْن عَطَاء : شيخ يَرْوِي عَن مسلمة بْن عَبْد اللَّهِ الْجُهَنِيّ ، عَن عَمه أَبِي مشجعَة بْن ربعي ، بأَشْيَاء مَوْضُوعَة ، لَا تشبه حَدِيث الثِّقَات ؛ فلست أَدْرِي التَّخْلِيط فِيهَا مِنْهُ ، أَوْ من مسلمة بْن عَبْد اللَّهِ[SUP] [4] [/SUP].
فالحديث ضعيف جدًّا ، لا يحتج به .
قال ابن ماجه – رحمه الله : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنْقَزِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ ، عَنِ السُّدِّيِّ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْأَزْدِيِّ - وَكَانَ قَارِئَ الْأَزْدِ - عَنْ أَبِي الْكَنُودِ ، عَنْ خَبَّابٍ ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : ] وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ [ إِلَى قَوْلِهِ : ] فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ [ [ الأنعام : 52 ] ، قَالَ : جَاءَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ ، وَعُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ الْفَزَارِيُّ ، فَوَجَدَا رَسُولَ اللَّهِ e مَعَ صُهَيْبٍ ، وَبِلَالٍ ، وَعَمَّارٍ ، وَخَبَّابٍ ، قَاعِدًا فِي نَاسٍ مِنَ الضُّعَفَاءِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَلَمَّا رَأَوْهُمْ حَوْلَ النَّبِيِّ e حَقَرُوهُمْ ، فَأَتَوْهُ فَخَلَوْا بِهِ ، وَقَالُوا : إِنَّا نُرِيدُ أَنْ تَجْعَلَ لَنَا مِنْكَ مَجْلِسًا ، تَعْرِفُ لَنَا بِهِ الْعَرَبُ فَضْلَنَا ، فَإِنَّ وُفُودَ الْعَرَبِ تَأْتِيكَ ، فَنَسْتَحْيِي أَنْ تَرَانَا الْعَرَبُ مَعَ هَذِهِ الْأَعْبُدِ ، فَإِذَا نَحْنُ جِئْنَاكَ ، فَأَقِمْهُمْ عَنْكَ ، فَإِذَا نَحْنُ فَرَغْنَا ، فَاقْعُدْ مَعَهُمْ إِنْ شِئْتَ ؛ قَالَ : " نَعَمْ " ، قَالُوا : فَاكْتُبْ لَنَا عَلَيْكَ كِتَابًا ؛ قَالَ : فَدَعَا بِصَحِيفَةٍ ، وَدَعَا عَلِيًّا لِيَكْتُبَ ، وَنَحْنُ قُعُودٌ فِي نَاحِيَةٍ ، فَنَزَلَ جِبْرَائِيلُ u ، فَقَالَ : ] وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ [ ؛ ثُمَّ ذَكَرَ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ ، وَعُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ ، فَقَالَ : ] وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ [ [ الأنعام : 53 ] ، ثُمَّ قَالَ : ] وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ [ [ الأنعام : 54 ] ، قَالَ : فَدَنَوْنَا مِنْهُ حَتَّى وَضَعْنَا رُكَبَنَا عَلَى رُكْبَتِهِ ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ e ، يَجْلِسُ مَعَنَا ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ ، قَامَ وَتَرَكَنَا ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ : ] وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ [ ، وَلَا تُجَالِسِ الْأَشْرَافَ : ] تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا [ ، يَعْنِي : عُيَيْنَةَ ، وَالْأَقْرَعَ ، ] وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا [ [ الكهف : 28 ] ، قَالَ : هَلَاكًا ، قَالَ : أَمْرُ عُيَيْنَةَ وَالْأَقْرَعِ ، ثُمَّ ضَرَبَ لَهُمْ مَثَلَ الرَّجُلَيْنِ وَمَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ؛ قَالَ خَبَّابٌ : " فَكُنَّا نَقْعُدُ مَعَ النَّبِيِّ e فَإِذَا بَلَغْنَا السَّاعَةَ الَّتِي يَقُومُ فِيهَا ، قُمْنَا وَتَرَكْنَاهُ حَتَّى يَقُومَ "[SUP] [5] [/SUP].
ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم في تفسيريهما ؛ وابن أبي شيبة في ( مصنفه ) ، وابن ماجة في سننه ، والبزار في ( مسنده ) ، والطبراني في ( المعجم الكبير ) ؛ وصححه البوصيري في ( مصباح الزجاجة ) ، والألباني في ( صحيح ابن ماجة )[6] ؛ كلهم من حديث أسباط ، عَنِ السُّدِّي ، به ؛ وأسباط فيه كلام ، ولكن تابعه حكيم بن يزيد ، أخرجه البيهقي في ( الدلائل )[SUP] [7] [/SUP]؛ وحكيم هذا ، قال عنه أبو حاتم : صالح ، هو شيخ[SUP] [8] [/SUP]؛ فالحديث حسن الإسناد .
والحديث أورده ابن كثير في تفسيره ، ثم قال : وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ ؛ فَإِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَكِّيَّةٌ ( يعني آية الأنعام ) ، وَالْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ وَعُيَيْنَةُ إِنَّمَا أَسْلَمَا بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِدَهْرٍ[SUP] [9] [/SUP].
قال مقيده – عفا الله عنه : غلبة الظنِّ أنهما طلبا ذلك بمكة تفاخرًا قبل أن يُسلما ، فنزلت الآية ، ومعلوم أن هذه السورة مكية ؛ والعلم عند الله تعالى ؛ ودليل ذلك ما رواه مسلم عَنْ سَعْدِبن ِ أبي وقاص t قَالَ : كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ e سِتَّةَ نَفَرٍ ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ لِلنَّبِيِّ e : اطْرُدْ هَؤُلَاءِ لَا يَجْتَرِئُونَ عَلَيْنَا ! قَالَ : وَكُنْتُ أَنَا ، وَابْنُ مَسْعُودٍ ، وَرَجُلٌ مِنْ هُذَيْلٍ ، وَبِلَالٌ ، وَرَجُلَانِ لَسْتُ أُسَمِّيهِمَا ، فَوَقَعَ فِي نَفْسِ رَسُولِ اللهِ e مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَقَعَ ، فَحَدَّثَ نَفْسَهُ ، فَأَنْزَلَ اللهُ U : ] وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ [[SUP] [10] [/SUP].
ولم أجد لابن عباس قولا في هذه الآية ، وتقدم قوله أن السورة مكية ، ولم يستثن منها شيئًا .
وعلى ذلك فالآية في سورة الأنعام مكية ، والآية في سورة الكهف كذلك ؛ والعلم عند الله تعالى .
وقد رأيت أكثر المفسرين قالوا أنها نزلت في كفار مكة ، ومنهم :
الرازي – رحمه الله – قال في قوله تعالى : ] وَاصْبِرْ نَفْسَكَ [ : اعْلَمْ أَنَّ أَكَابِرَ قُرَيْشٍ اجْتَمَعُوا ، وَقَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ e : إِنْ أَرَدْتَ أَنْ نُؤْمِنَ بِكَ ، فَاطْرُدْ هَؤُلَاءِ الْفُقَرَاءَ مِنْ عِنْدِكَ ، فَإِذَا حَضَرْنَا لَمْ يَحْضُرُوا ، وَتُعَيِّنُ لَهُمْ وَقْتًا يَجْتَمِعُونَ فِيهِ عِنْدَكَ ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : ] وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ [ الْآيَةَ ، فَبَيَّنَ فِيهَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ طَرْدُهُمْ ، بَلْ تُجَالِسُهُمْ ، وَتُوَافِقُهُمْ ، وَتُعَظِّمُ شَأْنَهُمْ ، وَلَا تَلْتَفِتُ إِلَى أَقْوَالِ أُولَئِكَ الْكُفَّارِ ؛ وَلَا تُقِيمُ لَهُمْ فِي نَظَرِكَ وَزْنًا ، سَوَاءٌ غَابُوا أَوْ حَضَرُوا[SUP] [11] [/SUP].
وقال ابن كثير – رحمه الله : يقال : إنها نزلت في أشراف قريش ، حين طلبوا من النبي e أن يجلس معهم وحده ، ولا يجالسهم بضعفاء أصحابه ، كبلال ، وعمار ، وصهيب ، وخباب ، وابن مسعود ، وليفرد أولئك بمجلس على حدة ؛ فنهاه الله عن ذلك فقال : ] وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ [ الآية ، وأمره أن يصبر نفسه في الجلوس مع هؤلاء فقال : ] وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ [ الآية[SUP] [12] [/SUP]؛ وبنحو ذلك قال جمهور المفسرين أنها في كفار مكة ، وكان منهم الأقرع وعيينة ... والعلم عند الله تعالى .

[1] ( أسباب النزول ) للواحدي - ت : الحميدان ، ص: 297 ، 298 .
[2] تفسير ابن جرير : 9 / 259 ، 260 ، و ( حلية الأولياء ) : 1 / 345 - دار الفكر ، وشعب الإيمان ( 10012 ) - مكتبة الرشد .
[3] تقريب التهذيب ، ص : 253 .
[4] ( المجروحين ) لابن حبان : 1 / 329 .
[5] ابن ماجة ( 4127 ) .
[6] تفسير ابن جرير : 11 / 376 ، 377 ؛ وتفسير ابن أبي حاتم ( 7331 ) ، ومصنف ابن أبي شيبة ( 32518 ) ، ومسند البزار ( 2130 ) ، و ( المعجم الكبير ) : 4 / 75 ( 3693 ) ، وصححه البوصيري في ( مصباح الزجاجة ) : 2 / 323 .
[7] ( دلائل النبوة ) : 1 / 352 .
[8] انظر : ( الجرح والتعديل ) لابن أبي حاتم : 3 / 205 .
[9] تفسير ابن كثير : 3 / 260 .
[10] مسلم ( 2413 ) باب ( فضل سعد بن أبي وقاص ) .
[11] مفاتيح الغيب : 21 / 455 .
[12] تفسير ابن كثير : 5 / 152 .
 
3 - من الآية 83 – 101 : ] وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا [ .. إلى قوله : ] الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا [ .
تقدم أن قصة ذي القرنين كانت مما قال اليهود لقريش أن يسألوا رسول الله e عنها ، فالآيات مكية ؛ وهذا قول الأكثرين .
لكن قال الواحدي في ( أسباب النزول ) قَالَ قَتَادَةُ : إِنَّ الْيَهُودَ سَأَلُوا نَبِيَّ اللَّهِ e عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَاتِ[SUP] [1] [/SUP]؛ هكذا ذكره بلا إسناد ، وهو مرسل ؛ فلا يعتمد في هذا الباب .
وقال ابن جرير - رحمه الله : يقول تعالى ذكره لنبيه محمد e : ويسألك - يا محمد - هؤلاء المشركون عن ذي القرنين : ما كان شأنه ، وما كانت قصته ؟ فقل لهم : سأتلو عليكم من خبره ذكرًا ؛ يقول : سأقصُّ عليكم منه خبرًا ؛ وقد قيل : إن الذين سألوا رسول الله e عن أمر ذي القرنين ، كانوا قومًا من أهل الكتاب .. قال : حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ ، قَالَ : ثنا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ قَالَ : ثني عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمٍ ، عَنْ شَيْخَيْنِ ، مِنْ تُجَيبٍ ، قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ : انْطَلِقْ بِنَا إِلَى عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ نَتَحَدَّثُ ، قَالَا : فَأَتَيَاهُ فَقَالَا : جِئْنَا لِتُحَدِّثَنَا ، فَقَالَ : كُنْتُ يَوْمًا أَخْدُمُ رَسُولَ اللَّهِ e ، فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ ، فَلَقِيَنِي قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ، فَقَالُوا : نُرِيدُ أَنْ نَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ e ، فَاسْتَأْذَنَ لَنَا عَلَيْهِ ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ ، فَأَخْبَرْتُهُ ، فَقَالَ : " مَا لِي وَمَا لَهُمْ ، مَا لِي عِلْمٌ إِلَّا مَا عَلَّمَنِي اللَّهُ " ثُمَّ قَالَ : " اسْكُبْ لِي مَاءً " ، فَتَوَضَّأَ ، ثُمَّ صَلَّى ، قَالَ : فَمَا فَرَغَ حَتَّى عَرَفْتُ السُّرُورَ فِي وَجْهِهِ ، ثُمَّ قَالَ : " أَدْخِلْهُمْ عَلَيَّ، وَمَنْ رَأَيْتَ مِنْ أَصْحَابِي " ، فَدَخَلُوا فَقَامُوا بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَقَالَ : " إِنْ شِئْتُمْ سَأَلْتُمْ ، فَأَخْبَرْتُكُمْ عَمَّا تَجِدُونَهُ فِي كِتَابِكُمْ مَكْتُوبًا ، وَإِنْ شِئْتُمْ أَخْبَرْتُكُمْ " ، قَالُوا : بَلَى أَخْبِرْنَا ، قَالَ : " جِئْتُمْ تَسْأَلُونِي عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ ، وَمَا تَجِدُونَهُ فِي كِتَابِكُمْ : كَانَ شَابًّا مِنَ الرُّومِ ، فَجَاءَ فَبَنَى مَدِينَةَ مِصْرَ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ ، فَلَمَّا فَرَغَ جَاءَهُ مَلَكٌ فَعَلَا بِهِ فِي السَّمَاءِ ، فَقَالَ لَهُ مَا تَرَى ؟ فَقَالَ : أَرَى مَدِينَتِي وَمَدَائِنَ ، ثُمَّ عَلَا بِهِ ، فَقَالَ : مَا تَرَى ؟ فَقَالَ : أَرَى مَدِينَتِي ،ثُمَّعَلَابِهِ،فَقَالَ:مَاتَرَى؟ قَالَ:أَرَىالْأَرْضَ، قَالَ : فَهَذَا الْيَمُّ مُحِيطٌ بِالدُّنْيَا،إِنَّاللَّهَبَعَثَنِيإِلَيْكَتُعَلِّمُالْجَاهِلَ،وَتُثَبِّتُالْعَالِمَ،فَأَتَىبِهِالسَّدَّ، وَهُوَ جَبَلَانِ لَيِّنَانِ ، يَزْلِقُ عَنْهُمَا كُلُّ شَيْءٍ ، ثُمَّ مَضَى بِهِ حَتَّى جَاوَزَ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ، ثُمَّ مَضَى بِهِ إِلَى أُمَّةٍ أُخْرَى ، وُجُوهُهُمْ وُجُوهُ الْكِلَابِ يُقَاتِلُونَ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ، ثُمَّ مَضَى بِهِ حَتَّى قَطَعَ بِهِ أُمَّةً أُخْرَى يُقَاتِلُونَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وُجُوهَهُمْ وُجُوهُ الْكِلَابِ ، ثُمَّ مَضَى حَتَّى قَطَعَ بِهِ هَؤُلَاءِ إِلَى أُمَّةٍ أُخْرَى قَدْ سَمَّاهُمْ "[SUP] [2] [/SUP].
قال مقيده - عفا الله عنه : وهذا إسناد ضعيف جدًّا ، فيه عبد الله بن لهيعة ، وعبد الرحمن بن زياد الإفريقي ، وكلاهما ضعيف ، وللإفريقي غرائب ؛ كما أن في الإسناد التجيبيين ، وهما مجهولان .
وقد رواه أبو الشيخ في ( العظمة ) [SUP][3] [/SUP]؛ من طريق عبد الله الْمُقْرِئُ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ : حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ مَسْعُودٍ ، عَنْ شَيْخَيْنِ ، مِنْ شُيُوخِ تُجِيبَ به نحوه ؛ فتابع المقريء ابنَ لهيعة ؛ وتابعه - أيضًا - عبد الله بن عمر بن حفص ؛ فقد رواه البيهقي في ( دلائل النبوة ) ومن طريقه رواه ابن عساكر في ( تاريخ دمشق ) من طريق عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَنْعَمَ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ مَسْعُودٍ ، عن رَجُلَيْنِ مِنْ كِنْدَةَ مِنْ قَوْمِهِ ... به نحوه[SUP] [4] [/SUP]؛ وسَعْد بْن مسعود ، هو الكندى ، له ترجمة في ( التاريخ الكبير ) للبخاري ، و( الجرح والتعديل ) لابن أبي حاتم ، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلا ؛ وذكره ابن حبان في الثقات ؛ وقال ابن ماكولا في ( الإكمال ) : يكنى أبا مسعود ، كان عمر بن عبد العزيز أرسله يفقه أهل إفريقية ، وكان رجلا صالحًا ، أسند حديثًا واحدًا [SUP][5] [/SUP].
وعبد الله بن عمر بن حفص : ضعيف ؛ ومدار الحديث عن الإفريقي وعلى التجيبيين المجهولين ؛ فالحديث ضعيف جدًّا .
قال ابن كثير - رحمه الله : وقد قدمنا أنه بعث كفار مكة إلى أهل الكتاب يسألون منهم ما يمتحنون به النبي e ، فقالوا : سلوه عن رجل طواف في الأرض ، وعن فتية لا يدرى ما صنعوا ، وعن الروح ، فنزلت سورة الكهف ؛ وقد أورد ابن جرير ها هنا ، والأموي في مغازيه ، حديثًا أسنداه ، وهو ضعيف ، عن عقبة بن عامر ؛ ... فذكره مختصرًا ؛ ثم قال : وفيه طول ونكارة ، ورفعه لا يصح ، وأكثر ما فيه أنه من أخبار بني إسرائيل ؛ والعجب أن أبا زرعة الرازي - مع جلالة قدره - ساقه بتمامه في كتابه ( دلائل النبوة ) ، وذلك غريب منه ، وفيه من النكارة أنه من الروم ، وإنما الذي كان من الروم الإسكندر الثاني ابن فيليبس المقدوني ، الذي تؤرخ به الروم ، فأما الأول فقد ذكره الأزرقي وغيره أنه طاف بالبيت مع إبراهيم الخليل u ، أول ما بناه ، وآمن به واتبعه ، وكان معه الخضر u .
وأما الثاني ، فهو إسكندر بن فيليبس المقدوني اليوناني ، وكان وزيره أرسطاطاليس الفيلسوف المشهور ، والله أعلم[SUP] [6] [/SUP].
وروى ابن أبي حاتم عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ : قالت اليهود لِلنَّبِيِّ e : يَا مُحَمَّدُ ، إنما تذكر إبراهيم وموسى وعيسى والنبيين ، أنك سمعت ذكرهم منا ، فأخبرنا عَنْ نَبِيٍّ لَمْ يذكره الله في التوراة إلا في مكان وَاحِدٍ ! قَالَ : " وَمَنْ هُوَ ؟ " ، قالوا : ذو القرنين ؛ قَالَ : " مَا بَلغنِي عَنهُ شَيْء " ؛ فخرجوا فرحين ، وقد غلبوا في أنفسهم ، فلم يبلغوا باب البيت ، حتى نزل جبريل بهؤلاء الآيات : ] وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا [ ؛ وهذا ضعيف منقطع .
وروى - أيضًا - عَنْ عمر مولى غُفْرة قَالَ : دَخَلَ بعض أَهْل الْكِتَاب عَلَى رَسُولِ اللَّهِ e ، فسألوه ، فقالوا : يا أبا القَاسِم ، كيف تقول في رجل كَانَ يسيح في الأَرْض ؟ قَالَ : " لَا عِلْمَ لِي بِهِ " ؛ فبينما هم عَلَى ذَلِكَ ، إذ سمعوا نقيضًا في السقف ؛ ووجد رسول الله e غمة الوحي ، ثُمَّ سري عنه ، فتلا : ] وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ[ الآية ؛ فلما ذكر السد ، قالوا : أتاك خبره يا أبا القَاسِم ، حسبك .
ومولى غُفْرة ، هو عمر بن عبد الله ، المدني : ضعيف ، وكان كثير الإرسال ؛ كما في التقريب[SUP] [7] [/SUP].
وهذان الأثران ذكرهما السيوطي في ( الدر المنثور ) ، ونقلهما عنه محقق تفسير ابن أبي حاتم ، إذ هما مما سقط من المخطوط[SUP] [8] [/SUP].
مما سبق يتبين أن الروايات الواردة في استثناء قصة ذي القرنين كلها ضعيفة ، لا يحتج بها ؛ وبهذا يتبين أن هذه الآيات مكية بلا ريب .
قال أبو حيان – رحمه الله : الضَّمِيرُ فِي : ] وَيَسْئَلُونَكَ [ عَائِدٌ عَلَى قُرَيْشٍ ، أَوْ عَلَى الْيَهُودِ ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ السَّائِلِينَ قُرَيْشٌ ، حِينَ دَسَّتْهَا الْيَهُودُ عَلَى سُؤَالِهِ عَنِ الرُّوحِ ، وَالرَّجُلِ الطَّوَّافِ ، وَفِتْيَةٍ ذَهَبُوا فِي الدَّهْرِ ؛ لِيَقَعَ امْتِحَانُهُ بِذَلِكَ[SUP] [9] [/SUP].
وقال ابن عاشور – رحمه الله : افْتِتَاحُ هَذِهِ الْقِصَّة بـ ] وَيَسْئَلُونَكَ [ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا مِمَّا نَزَلَتِ السُّورَةُ لِلْجَوَابِ عَنْهُ ، كَمَا كَانَ الِابْتِدَاءُ بِقِصَّةِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ اقْتِضَابًا ، تَنْبِيهًا عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ .
وَقَدْ ذَكَرْنَا عِنْدَ تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى : ] وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي [ فِي سُورَةِ الْإِسْرَاءِ [ 85 ] ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ بِمَكَّةَ سَأَلُوا النبي e ثَلَاثَةَ أَسْئِلَةٍ بِإِغْرَاءٍ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ فِي يَثْرِبَ ؛ فَقَالُوا : سَلُوهُ عَنْ أَهْلِ الْكَهْفِ ، وَعَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ ، وَعَنِ الرُّوحِ .... ثم قال : فَالسَّائِلُونَ : قُرَيْشٌ لَا مَحَالَةَ ، وَالْمَسْئُولُ عَنْهُ : خَبَرُ رَجُلٌ مِنْ عُظَمَاءِ الْعَالَمِ ، عُرِفَ بِلَقَبِ ذِي الْقَرْنَيْنِ ، كَانَتْ أَخْبَارُ سِيرَتِهِ خَفِيَّةً ، مُجْمَلَةً ، مُغْلَقَةً ، فَسَأَلُوا النَّبِيَّ عَنْ تَحْقِيقِهَا وَتَفْصِيلِهَا[SUP] [10] [/SUP].

[1] ( أسباب النزول ) - ت الحميدان ، ص : 298 .
[2] جامع البيان - دار هجر : 15 / 368 ، 369 .
[3] ( العظمة ) لأبي الشيخ الأصبهاني : 4 / 1468 ، 1469.
[4] انظر ( دلائل النبوة ) للبيهقي : 6 / 295 ، 296 ؛ و ( تاريخ دمشق ) لابن عساكر : 17 / 338 .
[5] انظر ( التاريخ الكبير ) للبخاري : 4 / 49 ( 1924 ) ، و( الجرح والتعديل ) لابن أبي حاتم : 4 / 94 – 95 ، و ( الثقات ) لابن حبان : 4 / 297 ، و ( الإكمال في رفع الارتياب عن المؤتلف والمختلف في الأسماء والكنى والأنساب ) لابن ماكولا : 4 / 97 ، وله ترجمة في ( تاريخ دمشق ) لابن عساكر : 20/ 401 ، وما بعدها .
[6] تفسير ابن كثير : 5/ 189 .
[7] تقريب التهذيب ، ص : 414 .
[8] الدر المنثور في التفسير بالمأثور : 5 / 435 ، وانظر ( تفسير ابن أبي حاتم ) 7 / 2381 ، 2382 .
[9] البحر المحيط : 7 / 218 .
[10] التحرير والتنوير : 16 / 17 .
 
4 - من الآية 107 – 110 : ] إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا . خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا . قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا . قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [ .
أما قوله تعالى : ] إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا [ ، فمتعلق بما قبله من الآيات ، فهو مُقَابِلُ قَوْلِهِ U : ] إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلًا [ [ الكهف : 102 ] ، عَلَى عَادَةِ الْقُرْآنِ فِي ذِكْرِ الْبِشَارَةِ بَعْدَ الْإِنْذَارِ[SUP] [1] [/SUP]. قال ابن عطية – رحمه الله : لما فرغ من ذكر الكفرة والأخسرين أعمالا الضالين ، عقَّب بذكر حالة المؤمنين ، ليظهر التباين ، وفي هذا بعث النفوس على اتباع الحسن القويم[SUP] [2] [/SUP].
وأما ما بعدها ؛ فقال ابن عاشور – رحمه الله : فَهَذَا اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ ، وَهُوَ انْتِقَالٌ إِلَى التَّنْوِيهِ بِعِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى مُفِيضِ الْعِلْمِ على رَسُوله e ؛ لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَمَّا سَأَلُوهُ عَنْ أَشْيَاءَ يَظُنُّونَهَا مُفْحِمَةً لِلرَّسُولِ ، وَأَنْ لَا قِبَلَ لَهُ بِعِلْمِهَا ، عَلَّمَهُ اللَّهُ إِيَّاهَا ، وَأَخْبَرَ عَنْهَا أَصْدَقَ خَبَرٍ ، وَبَيَّنَهَا بِأَقْصَى مَا تَقْبَلُهُ أَفْهَامُهُمْ ، وَبِمَا يَقْصُرُ عَنْهُ عِلْمُ الَّذِينَ أَغْرَوُا الْمُشْرِكِينَ بِالسُّؤَالِ عَنْهَا ، وَكَانَ آخِرَهَا خَبَرُ ذِي الْقَرْنَيْنِ ، أَتْبَعَ ذَلِكَ بِمَا يُعْلَمُ مِنْهُ سَعَةَ عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَسَعَةِ مَا يَجْرِي عَلَى وَفْقِ عِلْمِهِ : ] قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا [[SUP] [3] [/SUP].
وقال الواحدي في ( أسباب النزول ) : قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : قَالَتِ الْيَهُودُ لَمَّا قَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ e : ] وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا [ : كَيْفَ وقد أوتينا التوارة ، ومن أوتي التوارة فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ؛ فَنَزَلَتْ : ] قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي [ الْآيَةَ[SUP] [4] [/SUP].
قال مقيده - عفا الله عنه : هذا اختصار لحديث ابْنِ عَبَّاسٍ- المتقدم : قَالَتْ قُرَيْشٌ لِيَهُودَ : أَعْطُونَا شَيْئًا نَسْأَلُ هَذَا الرَّجُلَ ، فَقَالَ : سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ ، فَسَأَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ] وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ العِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا [ [ الإسراء : 85 ] ، قَالُوا : أُوتِينَا عِلْمًا كَثِيرًا : أُوتِينَا التَّوْرَاةَ ، وَمَنْ أُوتِيَ التَّوْرَاةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ، فَأُنْزِلَتْ : ] قُلْ لَوْ كَانَ البَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ البَحْرُ [ [ الكهف : 109 ] إِلَى آخِرِ الْآيَةَ[SUP] [5] [/SUP].
وهذا الاختصار يوهم أن ذلك كان بالمدينة ، وإنما هو تتمة للحديث ، فلما علمت يهود بما أنزل قالوا ما قالوا ؛ فالآية مكية ؛ والعلم عند الله تعالى .
وقد ذكر غير واحد من المفسرين أن هذه الآية نزلت في اليهود ؛ ولا يعني ذلك أنها مدنية ، وإنما يعني أنها نزلت بعد أن قالوا ما قالوا بعد نزول آية الروح .
وخلاصة القول أن الآية مكية ، ولا يصح دليل على مدنيتها .
وأما قوله تعالى : ] قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ [ الآية ؛ فقد قال الواحدي في ( أسباب النزول ) : قَوْلُهُ تَعَالَى : ] فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ [ ؛ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : نَزَلَتْ فِي جُنْدُبِ بْنِ زُهَيْرٍ الْعَامِرِيِّ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ : إِنِّي أَعْمَلُ الْعَمَلَ لِلَّهِ ، فَإِذَا اطُّلِعَ عَلَيْهِ سَرَّنِي ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ e " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا ، وَلَا يَقْبَلُ مَا شُورِكَ فِيهِ " ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ[SUP] [6] [/SUP]. وهكذا ذكر غير واحد من المفسرين أنها نزلت في جندب[SUP] [7] [/SUP]، ونسبوه لابن عباس .
ولم يذكر الواحدي له إسنادًا ؛ وقد رواه أبو نعيم في ( معرفة الصحابة ) قال : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُقْرِئُ : ثنا أَحْمَدُ بْنُ فَرْحٍ : ثنا أَبُو عُمَرَ الدُّورِيُّ الْمُقْرِئُ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كَانَ جُنْدُبُ بْنُ زُهَيْرٍ إِذَا صَلَّى ، أَوْ صَامَ ، أَوْ تَصَدَّقَ ، فَذُكِرَ بِخَيْرٍ ارْتَاحَ ، فَزَادَ فِي ذَلِكَ لِمَقَالَةِ النَّاسِ ، فَلَا يُرِيدُ بِهِ اللهَ U ، فَنَزَلَ فِي ذَلِكَ : ] فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [ ؛ ومن طريق محمد بن مروان عن الكلبي رواه ابن عساكر في ( تاريخ دمشق )[SUP] [8] [/SUP]؛ وهذا إسناد تالف : محمد بن مروان ، هو السدي الصغير متروك ؛ ومثله محمد بن السائب الكلبي ؛ فالحديث ضعيف جدًّا ؛ وقد روى ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : ] فَمَنْ كَانَ يرجوا لقاء ربه [ الآية ؛ قَالَ : نَزَلَتْ في المشركين الذين عبدوا مع الله إلهًا غيره ، وليست هذه في المؤمنين[SUP] [9] [/SUP]؛ ورواه البيهقي في ( شعب الإيمان ) : من طريق عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِهِ U : ] فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا، وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [ : أُنْزِلَتْ فِي الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ عَبَدُوا مَعَ اللهِ غَيْرَهُ ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ فِي الْمُؤْمِنِينَ ؛ وفِي قَوْلِهِ : ] فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ . الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ [ [الماعون : 5 ، 6 ] : هُمُ الْمُنَافِقُونَ ، كَانُوا يُرَاؤُونَ الْمُؤْمِنِينَ بِصَلَاتِهِمْ إِذَا حَضَرُوا ، وَيَتْرُكُونَهَا إِذَا غَابُوا ، وَيَمْنَعُونَهُمُ الْعَارِيَةَ ، بِغَضِّهِ لَهُمْ ؛ وَهِيَ الْمَاعُونُ [SUP][10] [/SUP]؛ وهذا إسناد مقبول عند المفسرين ، وتقدم أن ابن كثير صححه ؛ فعلي بن أبي طلحة ، قيل : إنه لم يسمع من ابن عباس ، لكنه سمع من كبار أصحابه .
وقد قال ابن جرير في تفسير هذه الآية : يقول تعالى ذكره : قل لهؤلاء المشركين يا محمد : إنما أنا بشر مثلكم من بني آدم ، لا علم لي إلا ما علمني الله ، وإن الله يوحي إليَّ أن معبودكم الذي يجب عليكم أن تعبدوه ، ولا تشركوا به شيئًا ، معبود واحد ، لا ثاني له ، ولا شريك ، ] فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ [ يقول : فمن يخاف ربه يوم لقائه ، ويراقبه على معاصيه ، ويرجو ثوابه على طاعته ، ] فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا [ يقول : فليخلص له العبادة ، وليفرد له الربوبية[SUP] [11] [/SUP].
وبنحو هذا قال غير واحد من المفسرين[SUP] [12] [/SUP].
وقد روى ابن جرير من طريق عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن عبد الكريم الجزري ، عن طاوس قال : جاء رجل فقال : يا نبيَّ الله ، إني أحبُّ الجهاد في سبيل الله ، وأحبُّ أن يرى موطني ، ويرى مكاني ، فأنزل الله U : ] فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [ ؛ ومن طريق حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ؛ ومسلم بن خالد الزنجي ، عن صدقة بن يسار قال : جاء رجل إلى النبيّ e .. فذكر نحوه ، وزاد فيه : وإني أعمل العمل وأتصدّق ، وأحبُّ أن يراه الناس ؛ وسائر الحديث نحوه[SUP] [13] [/SUP].
وأثر طاووس مرسل صحيح ؛ ورواه عبد الرزاق وابن أبي حاتم في تفسيره ، والحاكم هكذا مرسلا[SUP] [14] [/SUP]، ووصله الحاكم ، وعنه رواه البيهقي في ( شعب الإيمان ) قال : أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ : أَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِيُّ : نا جَدِّي : نا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ : نا ابْنُ الْمُبَارَكِ : أَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ ، عَنْ طَاوُسٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنِّي أَقِفُ الْمَوْقِفَ أُرِيدُ وَجْهَ اللهِ ، وَأُرِيدُ أَنْ يُرَى مَوْطِنِي ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ e حَتَّى نَزَلَتْ : ] فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [ ؛ ثم قال : وَرَوَاهُ عَبْدَانُ ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ ، فَأَرْسَلَهُ ، لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ ابْنَ عَبَّاسٍ[SUP] [15] [/SUP]؛ وكأنه يشير إلى أن المرسل أصح ، لأن نعيم ابن حماد : صدوق ، يخطئ كثيرًا[SUP] [16] [/SUP]، ولم يتابعه أحد على رفع الحديث ؛ وخالفه عبدان هو : عبد الله بن عثمان بن جَبَلة بفتح الجيم ، أبو عبد الرحمن المروزي : ثقة حافظ[SUP] [17] [/SUP]؛ فهو أوثق منه ، فلم يرفعه ، فرفع الحديث شاذ ؛ لا يصح .
وأثر مجاهد ضعيف : فيه الحجاج بن أرطأة ، وهو ضعيف ؛ وأثر صدقة ضعيف - أيضًا - فمسلم بن خالد الزنجي ضعيف [SUP][18][/SUP] ؛ فلا يصح في ذلك رواية يمكن اعتمادها في مدنية الآية .
وخلاصة القول أن سورة الكهف مكية كلها ، والعلم عند الله تعالى .

[1] انظر ( التحرير والتنوير ) : 16 / 49 .
[2] المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز : 3 / 546 .
[3] التحرير والتنوير : 16 / 51 ، 52 .
[4] أسباب النزول - ت الحميدان ، ص 298 .
[5] حديث صحيح ، تقدم تخريجه عند الحديث عن آية الروح من سورة الإسراء .
[6] ( أسباب النزول ) للواحدي - ت الحميدان ، ص 299 .
[7] انظر ( تفسير مقاتل بن سليمان ) : 2 / 605 ، و ( الكشف والبيان ) للثعلبي : 6 / 202 ، و ( زاد المسير ) لابن الجوزي : 3 / 115 ، ( أنوار التنزيل وأسرار التأويل ) للبيضاوي : 3 / 295 .
[8] ( معرفة الصحابة ) لأبي نعيم : 2 / 580 ، و( تاريخ دمشق ) لابن عساكر : 11 / 304 ؛ وعزاه السيوطي في ( الدر المنثور : 5/ 469 ) لابن منده في ( الصحابة ) أيضًا .
[9] أورده السيوطي في ( الدر المنثور : 5 / 469 ؛ وعزاه لابْن الْمُنْذر ، وَابْن أبي حَاتِم ، وَابْن مرْدَوَيْه ، وَالْبَيْهَقِيّ فِي ( شعب الإِيمان ) ؛ ونقله محقق تفسير ابن أبي حاتم عن السيوطي : 7 / 2394 .
[10] شعب الإيمان : 9 / 170 ( 6437 ) .
[11] ( جامع البيان ) لابن جرير : 15 / 439 .
[12] انظر (الهداية الى بلوغ النهاية ) لمكي بن أبي طالب : 6 / 4484 ، وتفسير ابن كثير : 5 / 205 .
[13] ( جامع البيان ) ابن جرير : 15 / 440 ، 441 .
[14] رواه عبد الرزاق في تفسيره : 2 / 414 ، ومن طريقه ابن جرير ، ورواه ابن المبارك في الجهاد ( 12 ) ، والحاكم : 4 / 329 ، 330 ، وعزاه في الدر المنثور : 5 / 469 ، لابن أبي حاتم أيضًا ، وهو مرسل صحيح .
[15] الحاكم : 2 / 112 ، وصححه على شرط الشيخين ، ووافقه الذهبي ؛ وانظر ( شعب الإيمان ) : 9 / 171 ( 6438 ) .
[16] انظر ( تقريب التهذيب ) ، ص 564 .
[17] ( تقريب التهذيب ) : ص 313 .
[18] مرسل مجاهد : رواه هناد في الزهد ( 863 ) أيضًا ؛ وإسناده ضعيف من الطريقين ، ورواه ابن جرير - أيضًا - عن صدقة بن يسار مرسلًا ، وإسناده ضعيف أيضًا .
 
عودة
أعلى