نقد رواية سورة النورين المزعومة و المقارنة بينها و بين رواية سور القرآن
نقد رواية سورة النورين المزعومة و المقارنة بينها و بين رواية سور القرآن
نقد رواية سورة النورين المزعومة و المقارنة بينها و بين رواية سور القرآن
عند البحث عن سورة النورين نجدها قد وجدت في كتاب مجهول المؤلف فالعلماء اختلفوا في مؤلفه ،و لا يقدر أحد أن يذكر لهذه السورة سندا ولو كان ضعيفاً ، و بالمقابل نجد أن القرآن مقطوع بنسبته إلى الله أي صحيح السند إلى المتكلم به .
نعود و نقول أن سورة النورين وجدت في كتاب فالمصدر المعول عليه هو الكتاب أي أنها نقلت عن طريق الكتابة أضف إلى ذلك لا سند لهذه السورة أما القرآن فنقل بالسماع و التلقي و نقله آلاف عن آلاف .
و بعض الناس زعم أن سبب تواتر القرآن نقله بالكتابة في العصر النبوي ، و الحق خلاف ذلك فالتواتر، إنما جاء في القرآن الكريم من جهة لفظه ونقله ، فقد تلقاه عن النَّبِي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – و حَفِظَهُ الألوف من الصحابة .
وعن هؤلاء أخذ الألوف المؤلَّفة من التابعين، وهكذا تلقاه العدد الكثير الذين يثبت بهم التواتر عن العدد الكثير حتى وصل إلينا متواتراً، وسيستمر كذلك حتى يرث اللهُ الأرضَ ومن عليها، فالمُعَوَّلُ عليه في تواتر القرآن هو الحفظ والتلقي الشفاهي لا الأخذ من الصحف.
أما الكتابة فقد كانت من دواعي الثبوت والحفظ ليجتمع للقرآن الوجودان : الوجود في الصدور ، و الوجود في الصحائف والسطور، كما كانت معتمد الجامعين للقرآن في الصحف والمصاحف في عهدي أبي بكر وعثمان - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - فقد كانوا حريصين أنْ يكتبوه من عين ما كُتِبَ بين يدي النَّبِي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
ولو أنَّ السُنَّة دُوِّنَتْ في العهد النبوي، ولكن لم يحفظها من يقوم بهم التواتر لما جاءت كلها متواترة - كما زعم - ، فالعبرة في التواتر وعدمه إنما هو رواية الكثيرين أو عدم روايتهم، ومع أنَّ السُنَّة لم تُدَوَّنْ في العصر النبوي فقد جاء بعضها متواتراً، وإنْ كان قليلاً، ولو أنَّ المُعَوَّلُ عليه في التواتر الكتابة لكانت الكتب التي دُوِّنَتْ وأحيطت بالعناية والدقة كلها متواترة وأنى هي؟
[1]
و بعض الناس يتوهم من قراءته القاصرة لبعض كتب العلماء أن من عرفوا بحفظ القرآن من الصحابة قليلون ، وهذا لا يصح ؛ لأن معرفتنا عدد معين من الصحابة قد حفظ القرآن لا يمنع أن يكون غيرهم قد حفظ القرآن فليس معنى عدم العلم العدم .
و المعروفون بحفظ القرآن من الصحابة هم المشهورون بحفظ القرآن و عدم الشهرة بحفظ القرآن لا تستلزم عدم الحفظ ، وفي عصرنا آلاف مؤلفة يحفظون القرآن لكن المشهور بالحفظ منهم قليل .
و حال الصحابة يشهد بأن الكثير منهم قد حفظ القرآن فقد كانوا يهتمون بالقرآن و يحبونه و يتدارسونه و يحرصون عليه أكثر منا و في العصور التي بعد الصحابة إلى عصرنا وجدنا آلاف مؤلفة من الناس يحفظون القرآن فكيف بالصحابة و هم كانوا أشد تدينا و أقوى ذاكرة و عجيب بمن يصدق أن أطفالا لا يتجاوزن السادسة من عمرهم يحفظون القرآن و لا يصدق أن يحفظ القرآن الكثير من الصحابة ؟!!
و نخلص من هذا الكلام أن سورة النورين لا تواتر و لا سند من حيث الرواية بخلاف القرآن فإنه متواتر مقطوع السند إلى الله .
نقد متن سورة النورين والمقارنة بينه و بين سور القرآن
نأتي إلى الكلام عن السورة المدعاة من حيث الدراية و اللغة و النظم ، وحدث و لا حرج ، فقد تميزت كلماتها و ألفاظها بالركاكة و عدم الفصاحة و التناسق وهذا بعيد عن ألفاظ القرآن الفصيحة الرفيعة .
و انظر على سبيل المثال في هذه السورة المزعومة: " يا أيها الذين آمَنوا آمِنوا
بالنورين أنزلناهما يتلوان عليكم آياتي ويحذرانكم عذاب يوم عظيم
نوران بعضهما من بعض وأنا السميع العليم إن الذين يعرفون بعهد الله ورسوله في آيات لهم جنات نعيم والذين كفروا من بعدما آمنوا بنقضهم ميثاقهم وما عاهدهم الرسول عليه يقذفون في الجحيم ظلموا أنفسهم وعصوا الوصي الرسول أولئك يسقون من حميم إن الله الذي نوَّر السموات والأرض بما شاء واصطفى من الملائكة وجعل من المؤمنين أولئك من خلقه يفعل الله ما يشاء لا إله إلا هو الرحمان الرحيم ...".
و هكذا لا نجد في سورة النورين المزعومة الجمال الصوتي و لا حسن نظم ،و لا مسحة من جمال لغوي و لا مسحة من جمال صوتي ،و كلام سورة النورين ليس عليه حلاوة و من يقرأه يشمئز منه و يفضل قطع القراءة فضلا عن تكرار القراءة أما كلام الله له رنة غريبة و حلاوة عجيبة فقارئه لا يمله ، وسامعه لا يمجه، بل الإنكباب على تلاوته يزيده حلاوة ، و ترديده يوجب له محبة و طلاوة .
و تميزت معاني سورة النورين المزعومة بالغموض بل هناك ألفاظ لا توضح المعنى و لا تفي بالمعنى فكلام السورة مجرد كلام مسجوع غامض المعاني أو غير وفي المعنى أما كلام الله فواضح المعاني و ألفاظه تفي المعنى فكلام الله كلام موزون جاذب لمعانٍ لها قيمتها في الخبر .
و انظر على سبيل المثال في هذه السورة المزعومة : "
إن الذين يعرفون بعهد الله ورسوله في آيات " لفظ (
في آيات ) مبهم غير واضح المعنى فما هي هذه الآيات ؟
و انظر : "
إن الله الذي نوَّر السموات والأرض بما شاء واصطفى من الملائكة وجعل من المؤمنين أولئك من خلقه " لفظ (
إن الله الذي نوَّر السموات والأرض بما شاء ) غير تام المعنى فأين خبر إن ؟ ،و لفظ (
واصطفى من الملائكة ) مبهم غير تام المعنى كلام ناقص لا يعطي أي معنى مفيد فمن الذين اصطفاهم الله من الملائكة ؟ ، و لفظ (
وجعل من المؤمنين ) مبهم غير تام المعنى كلام ناقص لا يعطي أي معنى مفيد فماذا جعل من المؤمنين؟ ، ولفظ (
أولئك من خلقه ) مبهم فمن هم الذين من خلقه ؟ وعلام يعود اسم الإشارة أولئك ؟و ما المقصود بمن خلقه ؟ و لو كان لفظ أولئك يعود على الملائكة و المؤمنين فما الفائدة من ذكر هذا الكلام و كل العالمين خلق الله ؟ و هل شك أحد في أن الملائكة والمؤمنين من خلق الله ؟
و انظر : " مثل الذين يوفون بعهدهم أني جزيتهم جنان النعيم " لفظ ( مثل الذين يوفون بعهدهم ) يَسْتَدْعِي أَمْرًا يُمَثِّلُ بِهِ فَمَا هُوَ فالممثل به مبهم ؟و إن قيل المثل هنا بمعنى الوصف فالمعنى لا يستقيم مع آخر الكلام إذ يصير الكلام وصف الذين يوفون بعدهم أني جزيتهم جنان النعيم .
و انظر : " ولقد أرسلنا موسى وهارون بما استخلف فبغوا هارون فصبر جميل " فعلام يعود واو الجماعة في كلمة ( بغوا ) أي من هم الذين بغوا ؟ , و لفظ ( فصبر جميل ) لمن الأمر بالصبر الجميل ؟
و انظر : " ولقد أتينا بك الحكم كالذي من قبلك من المرسلين وجعلنا لك منهم وصيا لعلهم يرجعون" ما معنى ( أتينا بك الحكم ) ؟ وعلام يعود الضمير هم في (( منهم )) و ((لعلهم )) و واو الجماعة في (( يرجعون )) ؟.
و انظر : " إن الله يجمعهم يوم الحشر فلا يستطيعون الجواب حين يسألون "
فعلام يعود الضمير هم في ((
يجمعهم )) و
واو الجماعة في (( يستطيعون )) و ((
يسألون )) ؟
و تميزت فواصل الآيات في السورة المزعومة بقصدها لذاتها حتى و لو لم يكن لها علاقة بالمعنى أما الفاصلة في القرآن لا تقصد لذاتها، وإنما تتبع المعانى، بينما نظائرها فى كلام الناس تقصد لذاتها، ويتوقف عليها المعنى، وعلى ذلك فالفاصلة بلاغة، ونظائرها عجز ونقص .
و انظر على سبيل المثال في هذه السورة المزعومة : "
نوران بعضهما من بعض وأنا السميع العليم " فما هي العلاقة بين نور الرسالة والنبوة ووصف الله بالسمع و العلم ؟!! و النبوة فضل من الله و منة من الله يعطيها من يشاء من عباده قال تعالى : ﴿ قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ
يَمُنُّ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَن نَّأْتِيَكُم بِسُلْطَانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَعلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ ( سورة إبراهيم الآية 11 )
و انظر : " إن الجحيم مأواهم وإن الله حكيم عليم " ما العلاقة بين المكوث في النار و بين حكمة الله و علمه ؟!! و المكوث في النار يناسبه وصف بئس المصير و انظر للبون الشاسع بين هذه الكلمات و كلمات قوله تعالى : ﴿ أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللّهِ كَمَن بَاء بِسَخْطٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ ( سورة آل عمران الآية 162)
و انظر : " إني لذو مغفرة وأجر عظيم. وإن عليّا لمن المتقين "
ما العلاقة بين مغفرة الله و أجره العظيم ، وكون عليا من المتقين ؟ فالمفترض أن خاتمة الآية المزعومة تكون مناسبة لما في الآية ، وشتان بين هذا الإفك و قوله تعالى : ﴿ وَآتَيْنَاهُ فِي الْدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ ( سورة النحل الآية 122 ) ، و قوله تعالى : ﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ ( سورة العنكبوت الآية 27 ) ، و قوله تعالى : ﴿ وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ ﴾ ( سورة الصافات الآية 123 ) ، و قوله تعالى : ﴿ وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ ﴾ ( سورة الأعراف الآية 21 )
و انظر : " إنا لهم محرضون في يوم لا يغني عنهم شيء ولا هم يرحمون "ما علاقة إحضار العصاة يوم القيامة بعدم الرحمة ، ويوم القيامة يوم الجزاء بالعدل و العدل أن يعذب العصاة ؟ ، و المفترض أن يقال لا يدفع عنهم العذاب أي أحد ،و لا يستطيع أي أحد أن ينصرهم
وشتان بين هذا الإفك ، و قوله تعالى : ﴿ يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ ﴾ ( سورة الطور الآية 46 ) و قوله تعالى : ﴿ يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئاً وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ ﴾ ( سورة الدخان الآية 41 )
و هكذا وجدنا سياق آيات سورة النورين المزعومة سياق
مفكك، وجمل سورة النورين المزعومة
جمل ينبو بعضها عن بعض أي مجرد كلام مسجوع ذي ألفاظ و كلمات لا رابط بينها و لا انسجام فضلاً عن المعنى الصحيح بينما نجد سياق آيات سور القرآن متناسبًا مع بعضه البعض و نجد تلاؤم الكلمات والحروف بما فيه من جمال المقال و كمال الكلام .
و من حيث قواعد اللغة العربية و علم النحو فقد تميزت سورة النورين المزعومة بمخالفة قواعد الإعراب فضلاً عن الأدب الرفيع ، و كأن الكاتب أراد أن يأتي بكلام على وزن الكلمات القرآنية و إن لم يكن له معنى و إن كان يخالف قواعد اللغة
لظنه أن كلام الله لا يمتاز على كلام البشر إلا بفواصله أما القرآن فهو لا يخالف
قواعد اللغة العربية و علم النحو بل هو مصدر هام
لقواعد اللغة العربية و علم النحو .
و انظر على سبيل المثال في هذه السورة المزعومة : : " إن عليًّا قانتًا بالليل ساجدًا يحذر الآخرة " خبر إن يرفع و لا ينصب و الصواب إن عليا قانت بالليل ساجد يحذر الآخرة .
و انظر : " قد خسر الذين كانوا عن آياتي وحكمي معرضون " خبر كان ينصب و لا يرفع و الصواب كانوا عن آياتي وحكمي معرضين .
و قد سرق كاتب سورة النورين المزعومة الكثير من ألفاظ و تعبيرات القرآن ، و انظر على سبيل المثال في هذه السورة المزعومة : ""يا أيّها الذين آمنوا آمنوا بالنورين أنزلناهما يتلوان عليكم آياتي ويحذرانكم عذاب..." مقتبس و منحول من قوله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ
بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً ﴾ ( سورة النساء الآية 136)
و انظر : " إن عليًّا قانتًا بالليل ساجدًا يحذر الآخرة ويرجو ثواب ربه قل هل يستوي الذين ظلموا وهم بعذابي يعلمون " مقتبس و منحول من قوله تعالى : ﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ ( سورة الزمر الآية 9)
و انظر : " فسبح باسم ربك وكن من الساجدين " مقتبس و منحول من قوله تعالى : ﴿ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ ﴾ ( سورة الحجر الآية 98 )
و انظر : " و على الذين سلكوا مسلكهم مني رحمة وهم في الغرفات آمنون " مقتبس و منحول من قوله تعالى : ﴿ وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاء الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ ﴾ ( سورة سبأ الآية 37 )
و انظر : " والحمد لله رب العالمين " مقتبس من قوله تعالى : ﴿ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ ( سورة الصافات الآية 182)
و تميزت سورة النورين المزعومة بأنها تحوي من الأخطاء الصريحة والأغلاط الواضحة في الكلام الكم الكثير :
و على سبيل المثال انظر : "يا أيّها الذين آمنوا آمنوا بالنورين أنزلناهما يتلوان عليكم آياتي ويحذرانكم عذاب..."، فهذا أمر للمؤمنين بالإيمان بالنورين اللذين أنزلا ليتلوا آيات الكتاب ، و المراد بهما شخصان هما النبي - صلى الله عليه وسلم - و علي – رضي الله عنه -، و هذا كذب فمحمد - صلى الله عليه وسلم - هو المأمور وحده بأن يبلغ الناس و هو خاتم الأنبياء و المرسلين و علي ليس إلا صحابيا كريما .
و لفظ (( أنزلناهما يتلوان عليكم )) الصواب أنزل إليهما كتاب ليتلواه عليكم ؛ لأن الْإِنْزَالُ : نَقْلُ الْجِسْمِ مِنْ عُلْوٍ إِلَى سُفْلٍ، وَيُطْلَقُ عَلَى تَذْلِيلِ الْأَمْرِ الصَّعْبِ كَمَا يُقَالُ: نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ فُلَانٍ، لِأَنَّ الْأَمْرَ الصَّعْبَ يُتَخَيَّلُ صَعْبَ الْمَنَالِ
[2] ،و الإنزال يطلق على ما ينزل من السماء إلى الأرض كالقرآن ، الملك ، والمطر ، و الرزق .
ويقال: أنزل الله الشئ من نعمة أو نقمه : خلقه أو هدي إليه وذلك أن هذه الأشياء ترجع إلي أسباب سماوية كالمطر وأشعة الكواكب، أو أنها مفضية مكتوبة في اللوح المحفوظ وتنزل الملائكة الموكلة بإظهارها في العالم السفلي، فينسب الإنزال بذلك إليها، ومن ذلك إنزال الأنعام، وإنزال الحديد، وأنزل اللباس هداية الناس إليه مع أن أسبابه من السماء فهو من القطن ونحوه، وهو يفتقر إلي المطر، وإنزال الميزان هداية الناس إليه أو الأمر به في الكتب المنزلة ، وأنزل المسافر: هيأ له مكانا ينزل فيه، وأعانه علي النزول[3].
و انظر : " نوران بعضهما من بعض وأنا السميع العليم " كيف يكون نور محمد النبي - صلى الله عليه وسلم - من نور علي – رضي الله عنه – الصحابي ؟! .
و انظر : " ظلموا أنفسهم وعصوا الوصي الرسول أولئك يسقون من حميم " هذا فيه إيهام بأن عليا رسول من رسل الله و هذا باطل ، وكيف يعصون الوصي و هو علي و العصيان في وقت النبوة كان عصيان لله و رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - ؟!!.
و انظر : " ليكون لكم آية وإن أكثركم فاسقون " لا يصح بحال مخاطبة أهل الإيمان بالفسق ، و لو كان المراد بالفاسقين الكفار فكل الكفار فساق فيكون التحديد بالأكثرية غير صحيح و لو كان المراد بالفاسقين أهل النفاق فالمنافقين كلهم فساق .
و انظر : " فبغوا هارون " الصواب فبغوا على هارون
فبغَى على يَبغِي، ابْغِ، بَغْيًا، فهو باغٍ، والمفعول مَبْغيٌّ عليه
[4] وَيُقَالُ: فُلَانٌ يَبْغِي عَلَى النَّاسِ إِذَا ظَلَمَهُمْ وَطَلَبَ أَذاهم[5].
و انظر : " مثل الذين يوفون بعهدهم أني جزيتهم جنان النعيم "
لفظ ( أني جزيتهم جنان النعيم ) يناسبه الجزاء لا المثل أي كان المفترض أن يقول جزاء الذين يوفون بعدهم أني جزيتهم جنان النعيم .
و انظر : " وما نحن عن ظلمه بغافلين " فيه اتهام علي - رضي الله عنه - بالظلم فقد أفسد الكاتب من حيث أراد الإصلاح .
و هكذا رأينا أيها الأخوة كاتب هذه السورة المزعومة لم يكن متقنًا للغة العربية فجاءت كلماته و تعبيراته في غاية الضعف والركاكة على أن هناك الكثير منها مقتبس و منحول من آيات من سور القرآن ، ولكن الكاتب لم يحسن التأليف بينها، ولم يضعها في مواضعها اللائقة بها ،و شتان بين هذه السورة و سور القرآن في الرواية ، و شتان بين هذه السورة و سور القرآن في الدراية ،و شتان بين هذه السورة و سور القرآن في النظم ،و شتان بين هذه السورة و سور القرآن في الجمال الصوتي .
هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات و كتب ربيع أحمد حامدا لله و مصليا على نبيه - صلى الله عليه وسلم - السبت 13 /ربيع آخر/1434هـ ، 28/يناير/2013م
[1] - دفاع عن السُنَّة ورد شبه المُسْتَشْرِقِينَ والكتاب المعاصرين ص 54- 55
[2] - التحرير و التنوير 23/332
[3] - مخطوطة الجمل لحسن الجمل 5/47
[4] -
معجم اللغة العربية المعاصرة 1/229
[5] - لسان العرب لابن منظور 14/78