أبو عبد الله محمد مصطفى
New member
البنون في القرآن ، وهل هي تشمل البنين والبنات وإن سفلوا ؟ ومذاهب العلماء في ذلك ،
[h=3][/h][h=3]تأليف : أبي عبد الله محمد بن[/h][h=3]محمد المصطفى الأنصاري[/h][h=3]المدينة النبوية ،[/h][h=3][/h][h=3]gs[/h]
[h=1]بسم الله الرحمن الرحيم[/h]إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله r ، ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [ [SUP]([1])[/SUP] ، ]يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً[ [SUP]([SUP][2][/SUP][/SUP]) ، ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ، [SUP]([SUP][3][/SUP][/SUP]) ،
وبعد فهذا تلخيص لكلمة البنين في القرآن ، وهل هي تشمل البنين والبنات وإن سفلوا ؟ ومذاهب العلماء في ذلك ،
قال الله تعالى : ) الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا( ([4]) ، وقال : ) زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ( ([5]) ، وقال: ) فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ ( ([6]) ، وقال : ) أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ ( ([7]) ، وقال : )وَجَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء الْجِـنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ ( ([8]) ، وقال : ) وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ( ([9]) ، وقال : ) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا( ([10]) ، وقال : ) أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلآئِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيمًا( ([11])، وقال : ) أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُم بِالْبَنِينَ ( ([12])، وقال : ) أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ ( ([13]) ، وقال : ) أَمَدَّكُم بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ ( ([14])، وقال : ) وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ ( ([15]) ، وقال : ) يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ( ([16]) ، وقال : ) وَقَالَ يَا بَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ( ([17]) ، وقال : ) قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ( ([18]) ، وقال : ) وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ ( ([19]) ،
وقال : ) وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ ( ([20]) ، وقال : ) وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ( ([21]) ، وقال : ) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ( ([22]) ، وقال : ) أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ ( ([23]) ، وقال : ) وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ( ([24]) ، وقال : ) أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَـقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ( ([25]) ، وقال : ) يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ( ([26]) ، وقال : ) يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ( ([27])، وقال : ) وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ( ([28]) ، وقال : ) وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ ( ([29]) ، وقال : ) وَبَنِينَ شُهُودًا ( ([30]) ، وقال : ) أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ ( ([31]) ، وقال : ) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ ( ([32]) ، وقال : ) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا ( ([33]) ، وقال : ) يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ ( ([34]) ، وقال : ) وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ ( ([35]) ، وقال : ) قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ( ([36]) ، وقال : ) يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ( ([37]) .
النصوص الدالة على أن ولد البنت يدخل في عموم الأولاد عند الإطلاق
عن أبي بكرة t قال : " رأيت رسول الله r على المنبر والحسن بن علي إلى جنبه وهو يقبل على الناس مرة وعليه أخرى ويقول :" إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين "([38]) .
وعن أسامة بن زيد t قال : طرقت النبي r ذات ليلة في بعض الحاجة فخرج النبي r وهو مشتمل على شيء لا أدري ما هو فلما فرغت من حاجتي قلت ما هذا الذي أنت مشتمل عليه قال : فكشفه فإذا حسن وحسين عليهما السلام على وركيه فقال: هذان ابناي وابنا ابنتي اللهم إني أحبهما فأحبهما وأحب من يحبهما "([39]) .
وعنْ أنَسٍ بن مالك t قال : دَعَا النَّبِيُّ r الأنْصَارَ فقال :" هَلْ فِيكُمْ أحَدٌ مِنْ غَيْرِكُمْ قالُوا لاَ إلاَّ ابنُ أُختٍ لَنَا فقال رسُولُ الله r ابنُ أُخْتِ القَوْمِ مِنْهُمْ "([40]) .
أقوال العلماء فيمن وقف على أولاده هل يشمل جميع أولاد بنيه وبناته
قال الشوكاني : " قوله r هذان ابناي ولفظه أن النبي r أبصر حسناً وحسيناً فقال : اللهم إني أحبهما فأحبهما وأخرجه أيضاً الشيخان من حديثه بلفظ رأيت رسول الله r والحسن على عاتقه يقول : اللهم إني أحبه فأحبه ، قوله إنك لابنة نبي إنما قال لها ذلك : لأنها من ذرية هارون وعمها موسى وبنو قريظة من ذرية هارون فسمى رسول الله r هارون أبا لها وبينها وبينه آباء متعددون وكذلك جعل الحسن ابنا له وهو بن ابنته وكذلك الحسين كما في سائر الأحاديث ووصف نفسه بأنه ابن عبد المطلب وهو جده وجعل لأبناء الأنصار وأبنائهم حكم الأنصار وذلك كله يدل على أن حكم أولاد الأولاد حكم الأولاد فمن وقف على أولاده دخل في ذلك أولاد الأولاد ما تناسلوا وكذلك أولاد البنات وفي ذلك خلاف ومما يؤيد القول بدخول أولاد البنات ما أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والترمذي عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله r بن أخت القوم منهم " ([41])
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي : مسألة ظاهر آيات القرآن الكريم تدل على اتحاد معنى العقب والذرية والبنين لأنه قال في بعضها عن إبراهيم : ) وَاجْنُبْنِى وَبَنِىَّ أَن نَّعْبُدَ الأْصْنَامَ ( وقال عنه في بعضها: ) رَبِّ اجْعَلْنِى مُقِيمَ الصَّلواةِ وَمِن ذُرِّيَتِى ( وفي بعضها : ) رَّبَّنَآ إنيِّ أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِى بِوَادٍ غَيْرِ ذِى زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلواةَ ( وفي بعضها قَالَ : ) وَمِن ذُرِّيَّتِى ( وفي بعضها: ) وَجَعَلْنَا فِى ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ ( ، وفي بعضها : ) وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِى عَقِبِهِ ( فالظاهر المتبادر من الآيات أن المراد بالبنين والذرية والعقب شيء واحد لأن جميعها في شيء واحد وبذلك تعلم أن ظاهر القرآن يدل على أن من وقف وقفاً أو تصدق صدقة على بنيه أو ذريته أو عقبه أن حكم ذلك واحد ،وقد دل بعض الآيات القرآنية على أن أولاد البنات يدخلون في اسم الذرية واسم البنين وإذا دل القرآن على دخول ولد البنت في اسم الذرية والبنين والفرض أن العقب بمعناهما دل ذلك على دخول أولاد البنات في العقب أيضاً فمن الآيات الدالة على دخول ولد البنت في اسم الذرية قوله تعالى: ) وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إلى قوله وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ ( وهذا نص قرآني صريح في دخول ولد البنت في اسم الذرية لأن عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ولد بنت إذ لا أب له ومن الآيات الدالة على دخول ولد البنت في اسم البنين قوله تعالى : ) حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ ( وقوله تعالى : )وَبَنَاتُ الأْخِ وَبَنَاتُ الأخْتِ ( لأن لفظ البنات في الألفاظ الثلاثة شامل لبنات البنات وبنات بناتهن وهذا لا نزاع فيه بين المسلمين وهو نص قرآني صحيح في استواء بنات بنيهن وبنات بناتهن فتحصل أن دخول أولاد البنات في الوقف على الذرية والبنين والعقب هو ظاهر القرآن ولا ينبغي العدول عنه وكلام فقهاء الأمصار من الأئمة الأربعة وغيرهم في الألفاظ المذكورة معروف ومن أراد الاطلاع عليه فلينظر كتب فروع المذاهب ولم نبسط على ذلك الكلام هنا لأننا نريد أن نذكر هنا ما يدل ظاهر القرآن على ترجيحه من ذلك فقط أما لفظ الولد فإن القرآن يدل على أن أولاد البنات لا يدخلون فيه وذلك في قوله تعالى : ) يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِى أَوْلَادِكُمْ ( فإن قوله: ) في أولادكم ( لا يدخل فيه أولاد البنات وذلك لا نزاع فيه بين المسلمين وهو نص صريح قرآني على عدم دخول أولاد البنات في اسم الولد وإن كان جماهير العلماء على أن العقب والولد سواء ولا شك أن اتباع القرآن هو المتعين على كل مسلم ، أما لفظ النسل فظاهر القرآن شموله لأولاد البنات لأن قوله تعالى: ) ذالِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ الَّذِى أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنْسَانِ مِن طِينٍ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلاَلَةٍ مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ ( ظاهر في أن لفظة النسل في الآية شاملة لأولاد البنات كما لا يخفى ، والألفاظ التي يتكلم عليها العلماء في هذا المبحث هي أحد عشر لفظاً ذكرنا خمسة منها وهي الذرية والبنون والعقب والولد والنسل وذكرنا أن أربعة منها يدل ظاهر القرآن على أنها يدخل فيها أولاد البنات وواحد بخلاف ذلك وهو الولد وأما الستة الباقية منها فهي الآل والأهل ومعناهما واحد ، والقرابة والعشيرة والقوم والموالي وكلام العلماء فيها مضطرب ، ولم يحضرني الآن تحديد يتميز به ما يدخل في كل واحد منها وما يخرج عنه إلا على سبيل التقريب إلا لفظين منها وهما القرابة والعشيرة ، أما القرابة فقد ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه أعطى من خمس خيبر بني هاشم وبني المطلب دون بني عبد شمس وبني نوفل مبيناً أن ذلك هو معنى قوله تعالى فَأَنَّ للَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ ولذي الْقُرْبَى كما تقدم إيضاحه في سورة الأنفال في الكلام على آية الخمس هذه ، وأما العشيرة فقد ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عباس أنه لما نزلت وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقربين صعد النبي صلى الله عليه وسلم على الصفا فجعل ينادي يا بني فهر يا بني عدي لبطون قريش حتى اجتمعوا الحديث وفيه تحديد العشيرة الأقربين بجميع بني فهر بن مالك وهو الجد العاشر له صلى الله عليه وسلم ، وفي رواية أبي هريرة في الصحيح أنه لما نزلت الآية المذكورة قال يا معشر قريش أو كلمة نحوها الحديث وقريش هم أولاد فهر بن مالك وقيل أولاد النضر بن كنانة والأول هو الأظهر لحديث ابن عباس المذكور وعليه الأكثر ( تنبيه ) فإن قيل ذكرتم أن ظاهر القرآن يدل على دخول أولاد البنات في لفظ البنين والشاعر يقول في خلاف ذلك فإن قيل ذكرتم أن ظاهر القرآن يدل على دخول أولاد البنات في لفظ البنين والشاعر يقول في خلاف ذلك :
بَنُونَا بَنُوا أبْنَائِنَا وَبَنَاتُنَا ** بَنُوهُنَّ أبناءُ الرِّجَالِ الأَبَاعِدِ
وكثير من أهل الفقه يذكرون البيت المذكور على سبيل التسليم له قالوا ومما يوضح صدقه أنهم ينسبون إلى رجال آخرين ربما كانوا أعداء لأهل أمهاتهم وكثيراً ما يتبع الولد أباه وعصبته في عداوة أخواله وبغضهم كما هو معلوم فالجواب أن الواحد بالشخص له جهتان فمعنى لفظ الابن له جهة خاصة هي معنى كونه خلق من ماء هذا الرجل على وجه يلحق فيه نسبه به وهذا المعنى منفي عن والد أمه فلا يقال له ابن بهذا الاعتبار وثابت لأبيه الذي خلق من مائه وله جهة أخرى هي كونه خارجاً في الجملة من هذا الشخص سواء كان بالمباشرة أو بواسطة ابنه أو بنته وإن سفل فالبنوة بهذا المعنى ثابتة لولد البنت وهذا المعنى هو الذي عناه صلى الله عليه وسلم في قوله في الحسن بن علي رضي الله عنهما إن ابني هذا سيد الحديث وهو المراد في الآيات القرآنية كقوله تعالى حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وقوله تعالى وَبَنَاتُ الأخ وَبَنَاتُ الأخت وكقوله تعالى لاَّ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِى ءَابَآئِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآئِهِن وَلاَ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أبناء إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أبناء أَخَوَاتِهِنَّ فلفظ البنات والأبناء في جميع الآيات المذكورة شامل لجميع أولاد البنين والبنات وإن سفلوا وإنما شملهم من الجهة المذكورة بالاعتبار المذكور وهو إطلاق لفظ الابن على كل من خرج من الشخص في الجملة ولو بواسطة بناته وأما البيت المذكور فالمراد به الجهة الأولى والاعتبار الأول فإن بني البنات ليسوا أبناء لآباء أمهاتهم من تلك الجهة ولا بذلك الاعتبار لأنهم لم يخلقوا من مائهم وإنما خلقوا من ماء رجال آخرين ربما كانوا أباعد وربما كانوا أعداء فصح بهذا الاعتبار نفي البنوة عن ابن البنت وصح بالاعتبار الأول إثبات البنوة له ولا تناقض مع انفكاك الجهة وإذا عرفت معنى الجهتين المذكورتين وأنه بالنظر إلى إحداهما تثبت البنوة لابن البنت وبالنظر إلى الأخرى تنتفي عنه فاعلم أن قوله صلى الله عليه وسلم إن ابني هذا سيد وقوله تعالى وَبَنَاتُ الأخ وَبَنَاتُ الأخت ونحوها من الآيات ينزل على إحدى الجهتين وقوله تعالى مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أبا أَحَدٍ مّن رِّجَالِكُمْ يتنزل على الجهة الأخرى وتلك الجهة هي التي يعني الشاعر بقوله وبناتنا بنوهن أبناء الرجال الأباعد ويزيد ذلك إيضاحاً أن قبائل العرب قد تكون بينهم حروب ومقاتلات فيكون ذلك القتال بين أعمام الرجل وأخواله فيكون مع عصبته دائماً على أخواله كما في البيت المذكور وقد يكون الرجل منهم في أخواله فيعاملونه معاملة دون معاملتهم لأبنائهم كما أوضح ذلك غسان بن وعلة في شعره حيث يقول كما أوضح ذلك غسان بن وعلة في شعره حيث يقول إذا كنت في سعد وأمك منهم ** شطيراً فلا يغررك خالك من سعد
فإن ابن أخت القوم مصغي إناؤه ** إذا لم يزاحم خاله بأب جلد
فقوله مصغي إناؤه من الإصغاء وهو الإمالة لأن الإناء إذا أميل ولم يترك معتدلاً لم يتسع إلا للقليل فهو كناية عن نقص نصيبه فيهم وقلته ، وعلى الجهتين المذكورتين يتنزل اختلاف الصحابة في ميراث الجد والإخوة فمن رأى منهم أنه أب يحجب الإخوة فقد راعى في الجد إحدى الجهتين ومن رأى منهم أنه ليس بأب وأنه لا يحجب الإخوة فقد لاحظ الجهة الأخرى ولم نطل الكلام هنا في جميع الألفاظ المذكورة التي هي أحد عشر لفظاً خوف الإطالة ولأننا لم نجد نصوصاً من الوحي تحدد شيئاً منها تحديداً دقيقاً
ومعلوم أن لفظ القوم منها قد دل القرآن على أنه يختص بالذكور دون الإناث
وإن الإناث قد يدخلن فيه بحكم التبع إذا اقترن بما يدل على ذلك لأن الله تعالى قال لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُواْ خَيْراً مِّنْهُمْ وَلاَ نساء مِّن نساء فعطفه النساء على القوم يدل على عدم دخولهن في لفظ القوم ونظيره من كلام العرب قول زهير
ونظيره من كلام العرب قول زهير :
وما أدري وسوف إخال أدري ** قوم آل حصن أم نساء
وأما دخول النساء في القوم بحكم التبع عند الاقتران بما يدل على ذلك فقد بينه قوله تعالى في ملكة سبأ وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ
وأما الموالي فقد دل القرآن واللغة على أن المولى يطلق على كل من له سبب يوالي ويوالى به ولذا أطلق على الله أنه مولى المؤمنين لأنهم يوالونه بالطاعة ويواليهم بالجزاء
ونفى ولاية الطاعة عن الكافرين في قوله تعالى ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لاَ مَوْلَى لَهُمْ ، وأثبت له عليهم ولاية الملك والقهر في قوله تعالى وَرُدُّواْ إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ كما أثبت لهم ولاية النار في قوله مَأْوَاكُمُ النَّارُ هي مَوْلَاكُمْ وأطلق تعالى اسم الموالي على العصبة في قوله تعالى وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِىَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ والأقربون وأطلق اسم المولى على الأقارب ونحوهم في قوله تعالى يَوْمَ لاَ يُغْنِى مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئاً ويكثر في كلام العرب إطلاق الموالي على العصبة وابن العم ومنه قول الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب ويكثر في كلام العرب إطلاق الموالي على العصبة وابن العم ومنه قول الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب : مهلاً بني عمنا مهلاً موالينا ** لا تظهرن لنا ما كان مدفونا . وقول طرفة بن العبد وقول طرفة بن العبد :
وأعلم علماً ليس بالظن أنه ** إذا ذل مولى المرء فهو ذليل
والحاصل أن من قال هذا وقف أو صدقة على قومي أو موالي أنه إن كان هناك عرف خاص وجب اتباعه في ذلك وإن لم يكن هناك عرف فلا نعلم نصاً من كتاب ولا سنة يحدد ذلك تحـديداً دقيقاً وكلام أهل العلـم فيه معروف في محاله ، والعلم عند الله تعالى ([42]) .
قال ابن كثير عند قوله تعالى : } ومن ذريته { أي وهدينا من ذريته داود وسليمان الآية وعود الضمير إلى نوح لأنه أقرب المذكورين ظاهر لا إشكال فيه وهو اختيار بن جرير وعوده إلى إبراهيم لأنه الذي سيق الكلام من أجله حسن لكن يشكل عليه لوط فإنه ليس من ذرية إبراهيم بل هو بن أخيه هارون بن آزر اللهم إلا أن يقال إنه دخل في الذرية تغليبا كما في قوله : أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون فإسماعيل عمه دخل في آبائه تغليبا وكما قال في قوله فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس فدخل إبليس في أمر الملائكة بالسجود وذم على المخالفة لأنه كان في تشبه بهم فعومل معاملتهم ودخل معهم تغليباً وإلا فهو كان من الجن وطبيعته من النار والملائكة من النور وفي ذكر عيسى عليه السلام في ذرية إبراهيم أو نوح على القول الآخر دلالة على دخول ولد البنات في ذرية الرجل لأن عيسى عليه السلام إنما ينسب إلى إبراهيم عليه السلام بأمه مريم عليها السلام فإنه لا أب له قال بن أبي حاتم حدثنا سهل بن يحيى العسكري حدثنا عبد الرحمن بن صالح حدثنا علي بن عابس عن عبد الله بن عطاء المكي عن أبي حرب بن أبي الأسود قال أرسل الحجاج إلى يحيى بن يعمر فقال بلغني أنك تزعم أن الحسن والحسين من ذرية النبي r تجده في كتاب الله وقد قرأته من أوله إلى آخره فلم أجده قال أليس تقرأ سورة الأنعام ومن ذريته داود وسليمان حتى بلغ ويحيى وعيسى قال بلى قال أليس عيسى من ذرية إبراهيم وليس له أب قال صدقت فلهذا إذا أوصى الرجل لذريته أو وقف على ذريته أو وهبهم دخل أولاد البنات فيهم فأما إذا أعطى الرجل بنيه أو وقف عليهم فانه يختص بذلك بنوه لصلبه وبنو بنيه واحتجوا بقول الشاعر العربي
بنونا بنو أبنائنا وبناتنا بنوهن أبناء الرجال الأجانب ، وقال آخرون ويدخل بنو البنات فيهم أيضا لما ثبت في صحيح البخاري أن رسول الله r قال للحسن بن علي إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين فسماه ابنا فدل على دخوله في الأبناء وقال آخرون هذا تجوز وقوله ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم ذكر أصولهم وفروعهم وذوي طبقتهم وأن الهداية والإجتباء شملهم كلهم ولهذا قال واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم "([43]) .
قال ابن جزي : " وتلك حجتنا إشارة إلى ما تقدم من استدلاله واحتجاجه ومن ذريته الضمير لإبراهيم أو لنوح عليهما السلام والأول هو الصحيح لذكر لوط وليس من ذرية إبراهيم داود عطف على نوحا أي وهدينا داود وعيسى فيه دليل على أن أولاد البنات يقال فيهم ذرية لأن عيسى ليس له أب فهو ابن ابنة نوح ومن آبائهم في موضع نصب عطف على كلا أي وهدينا بعض آبائهم فإن يكفر بها هؤلاء أي أهل مكة وكلنا بها قوما هم الأنبياء المذكورون وقيل الصحابة وقيل كل مؤمن والأول أرجح لدلالة ما بعده على ذلك ومعنى توكيلهم بها توفيقهم للإيمان بها والقيام بحقوقها أولئك الذين هدى الله إشارة إلى الأنبياء المذكورين فبهداهم اقتده استدل به من قال إن شرع من قبلنا شرع لنا فأما أصول الدين من التوحيد والإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فاتفقت فيه جميع الأمم والشرائع وأما الفروع ففيها وقع الاختلاف بين الشرائع والخلاف هل يقتدي النبي r فيها بمن قبله أم لا والهاء في اقتده للوقف فينبغي أن تسقط في الوصل ولكن من أثبتها فيه راعى ثبوتها في خط المصحف " ([44]) .
قال زين الدين العراقي : " العاشرة قد يقال إن أولاد الأولاد في ذلك كالأولاد سواء كانوا أولاد البنين أو أولاد البنات لصدق الاسم عليهم وقد يقال لا يلتحقون في ذلك بهم لأن إطلاق اسم الأولاد عليهم ليس حقيقة وقد يفرق بين أولاد البنين فيكونون كالأولاد وأولاد البنات فلا يكونون كالأولاد ،
قال الشاعر : بنونا بنو أبنائنا وبناتنا *** بنوهن أبناء الرجال الأباعد
وقد يقال ينزلون منزلتهم عند فقدهم لا مع وجودهم وقد ذكر أصحابنا الشافعية أنه لو وقف على أولاده ولم يكن له إلا أولاد ، أولاد حمل اللفظ عليهم فإن كان له أولاد وأولاد أولاد ففي دخول أولاد الأولاد ثلاثة أوجه أصحها لا يدخلون والثاني يدخلون والثالث يدخل أولاد البنين دون أولاد البنات " ([45]) .
قال ابن غانم أبو محمد البغدادي : " قال الفقيه أبو جعفر إن كان الحاضر الذي قبض الغلة هو القيم كان للغائب أن يرجع في تركة الميت بحصته من الغلة وإلا فالغلة كلها للحاضر في الحكم ولا يطيب له بل يتصدق بما قبض من حصة الغائب من الخلاصة لم يأخذ الإمام من غلة الوقف سنين ثم مات لا يورث لأن هذه صلة لم تقبض ولا يجوز أخذه للإمام الثاني وينبغي أن يصرف إلى عمارة أوقاف الإمام إذا كان ربع غلة الوقف للعمارة وثلاثة أرباعها للفقراء لم يجز للقيم أن يصرف ربع العمارة إذا استغنى عنها إلى الفقراء وأن يسترد ذلك من حصتهم في السنة الثالثة وقف على عالم بعينه ليصرف نصف غلته إلى نفسه ونصفها إلى من يختلف إليه في درسه ولم يختلف إليه أحد في السنة فصرف الكل إلى نفسه ثم ندم على صرف نصيب غيره إليه فقال هذه لقطة فتصدق بها على الفقراء كرده غلة إلى مسجد قد خرب وفي المحلة مسجد آخر ليس لأهل المحلة أن يصرفوها إليه جمد موقوف على أهل مسجد معين إذا بقي منه شيء يضيع ويذوب وغرض الواقف التصرف باستمتاع الناس لا التضييع جاز لأهل المحلة أن يأخذوه إلى بيوتهم قضى القاضي بدخول أولاد البنات في الوقف على أولاد الأولاد بعد مضي سنين لا يظهر حكمه إلا في غلة المستقبل دون ما مضى قيل أليس يستند الحكم إلى وقت الوقف فقال بلى ولكن في حق الموجود وقت الحكم وغلات تلك السنين معدومة كالحكم بفساد النكاح بغير ولي لا يظهر في الوطآت الماضية والمهر قيل أليس أن القضاء يظهر في عدم وقوع الثلاث إن كانت معدومة فقال إنما يظهر في حكمها لا فيها وهو بطلان محلية النكاح وإنما هو أمر باق بخلاف الغلة المستهلكة ولو كانت غلة السنين الماضية قائمة يستحق أولاد البنات حصتهم منها بيع قطعة من الوقف ليرم ما بقي ولا بيع البناء القديم فإن هدم المشتري البناء فللقاضي أن يضمن البائع أو المشتري فإن ضمن البائع نفذ بيعه وإن ضمن المشتري لا ينفذ ويملك المشتري البناء بالضمان ويكون الضمان للوقف لا للموقوف عليه " ([46]) .
المذهب الحنبلي
قال ابن قدامة : " إذا وقف على قوم وأولادهم وعاقبتهم ونسلهم دخل في الوقف ولد البنين بغير خلاف نعلمه فأما ولد البنات فقال الخرقي لا يدخلون فيه وقد قال أحمد فيمن وقف على ولده ما كان من ولد البنات فليس لهم فيه شيء فهذا النص يحتمل أن يعدى إلى هذه المسألة ويحتمل أن يكون مقصوراً على من وقف على ولده ولم يذكر ولد ولده وقد ذكرنا ذلك فيما تقدم وممن قال لا يدخل ولد البنات في الوقف الذي على أولاده وأولاد أولاده مالك ومحمد بن الحسن وهكذا إذا قال على ذريتهم ونسلهم وقال أبو بكر وعبد الله بن حامد يدخل فيه ولد البنات وهو مذهب الشافعي وأبي يوسف لأن البنات أولاده فأولادهن أولاد حقيقة فيجب أن يدخلوا في الوقف لتناول اللفظ لهم وقد دل على صحة هذا قول الله تعالى ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان إلى قوله وعيسى الأنعام 84 وهو من ولد بنته فجعله من ذريته وكذلك ذكر الله تعالى قصة عيسى وإبراهيم وموسى وإسماعيل وإدريس ثم قال أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل ، وعيسى معهم وقال النبي r للحسن إن ابني هذا سيد وهو ولد بنته ولما قال الله تعالى وحلائل أبنائكم دخل في التحريم حلائل أبناء البنات ولما حرم الله تعالى البنات دخل في التحريم بناتهن ووجه قول الخرقي أن الله تعالى قال يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين . فدخل فيه ولد البنين دون ولد البنات وهكذا كل موضع ذكر فيه الولد في الإرث والحجب دخل فيه ولد البنين دون ولد البنات ولأنه لو وقف على ولد رجل وقد صاروا قبيلة دخل فيه ولد البنين دون ولد البنات بالاتفاق وكذلك قبل أن يصيروا قبيلة ولأنه لو وقف على ولد العباس في عصرنا لم يدخل فيه ولد بناته فكذلك إذا وقف عليهم في حياته ولأن ولد البنات منسوبون إلى آبائهم دون أمهاتهم قال الشاعر بنونا بنو أبنائنا وبناتنا بنوهن أبناء الرجال الأباعد وقولهم إنهم أولاد أولاد حقيقة قلنا إلا أنهم لا ينسبون إلى الواقف عرفاً ولذلك لو قال أولاد أولادي المنتسبين إلي لم يدخل هؤلاء في الوقف ولأن ولد الهاشمية من غير الهاشمي ليس بهاشمي ولا ينسب إلى أبيها وأما عيسى عليه السلام فلم يكن له أب ينسب إليه فنسب إلى أمه لعدم أبيه ولذلك يقال عيسى ابن مريم وغيره إنما ينسب إلى أبيه كيحيى بن زكريا وقول النبي r إن ابني هذا سيد تجوز بغير خلاف بدليل قول الله تعالى ما كان محمد أبا أحد من رجالكم . وهذا الخلاف فيما إذا لم يوجد ما دل على تعيين أحد الأمرين فأما إن وجد ما يصرف اللفظ إلى أحدهما انصرف إليه ولو قال على أولادي وأولاد أولادي على أن لولد البنات سهما ولولد البنين سهمين أو فإذا خلت الأرض ممن يرجع نسبه إلي من قبل أب أو أم كان للمساكين أو كان البطن الأول من أولاده الموقوف عليهم كلهم بنات وأشباه هذا مما يدل على إرادة ولد البنات بالوقف دخلوا في الوقف وإن قال على أولادي وأولاد أولادي المنتسبين إلي أو غير ذوي الأرحام أو نحو ذلك لم يدخل فيه ولد البنات وإن قال على ولدي فلان وفلانة وفلانة وأولادهم دخل فيه ولد البنات وكذلك لو قال على أنه من مات منهم عن ولده فنصيبه لولده وإن قال الهاشمي وقفت على أولادي وأولاد أولادي الهاشميين لم يدخل في الوقف من أولاد بناته من كان غير هاشمي فأما من كان هاشميا من غير أولاد بنيه فهل يدخلون على وجهين أحدهما أنهم يدخلون لأنهم اجتمع فيهم الصفتان جميعا كونهم من أولاد أولاده وكونهم هاشميين والثاني لا يدخلون لأنهم لم يدخلوا في مطلق أولاد أولاده فأشبه ما لو لم يقل الهاشميين وإن قال على أولادي وأولاد أولادي ممن ينسب إلى قبيلتي فكذلك الفصل الثالث أنه إذا وقف على أولاد رجل وأولاد أولاده استوى فيه الذكر والأنثى لأنه تشريك بينهم وإطلاق التشريك يقتضي التسوية كما لو أقر لهم بشيء وكولد الأم في الميراث حين شرك الله تعالى بينهم فيه فقال فهم شركاء في الثلث النساء 12 تساووا فيه ولم يفضل بعضهم على بعض وليس كذلك في ميراث ولد الأبوين وولد الأب فإن الله تعالى قال وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين . ولا أعلم في هذا خلافا ، الفصل الرابع أنه إذا فضل بعضهم على بعض فهو على ما قال فلو قال وقفت على أولادي وأولاد أولادي على أن للذكر سهمين وللأنثى سهما أو للذكر مثل حظ الأنثيين أو على حسب ميراثهم أو على حسب فرائضهم أو بالعكس من هذا أو على أن للكبير ضعف ما للصغير أو للعامل ضعف ما للجاهل أو للعائل ضعف ما للغني أو عكس ذلك أو عين بالتفضيل واحدا معينا أو ولده أو ما أشبه هذا فهو على ما قال لأن ابتداء الوقف مفوض إليه فكذلك تفضيله وترتيبه وكذلك إن شرط إخراج بعضهم بصفة ورده بصفة مثل أن يقول من تزوج منهم فله ومن فارق فلا شيء له أو عكس ذلك أو من حفظ القرآن فله ومن نسيه فلا شيء له ومن اشتغل بالعلم فله ومن ترك فلا شيء له أو من كان على مذهب كذا فله ومن خرج منه فلا شيء له فكل هذا صحيح على ما شرط وقد روى هشام بن عروة أن الزبير جعل دوره صدقة على بنيه لا تباع ولا توهب وأن للمردودة من بناته أن تسكن غير مضرة ولا مضر بها فإن استغنت بزوج فلا حق لها في الوقف وليس هذا تعليقا للوقف بصفة بل الوقف مطلق الاستحقاق له بصفة وكل هذا مذهب الشافعي ولا نعلم فيه خلافاً ، فصل والمستحب أن يقسم الوقف على أولاده على حسب قسمة الله تعالى الميراث بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين وقال القاضي المستحب التسوية بين الذكر والأنثى لأن القصد القربة على وجه الدوام وقد استووا في القرابة ولنا إنه إيصال للمال إليهم فينبغي أن يكون بينهم على حسب الميراث كالعطية ولأن الذكر في مظنة الحاجة أكثر من الأنثى لأن كل واحد منهما في العادة يتزوج ويكون له الولد فالذكر تجب عليه نفقة امرأته وأولاده والمرأة ينفق عليها زوجها ولا يلزمها نفقة أولادها وقد فضل الله الذكر على الأنثى في الميراث على وفق هذا المعنى فيصح تعليله به ويتعدى إلى الوقف وإلى غيره من العطايا والصلات وما ذكره القاضي لا أصل له وهو ملغي بالميراث والعطية فإن خالف فسوى بين الذكر والأنثى أو فضلها عليه أو فضل بعض البنين أو بعض البنات على بعض أو خص بعضهم بالوقف دون بعض فقال أحمد في رواية محمد بن الحكم إن كان على طريق الأثرة فأكرهه وإن كان على أن بعضهم له عيال وبه حاجة يعني فلا بأس به ووجه ذلك أن الزبير خص المردودة من بناته دون المستغنية منهن بصدقته وعلى قياس قول أحمد لو خص المشتغلين بالعلم من أولاده بوقفه تحريضا لهم على طلب العلم أو ذا الدين دون الفساق أو المريض أو من له فضل من أجل فضيلته فلا بأس وقد دل على صحة هذا أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه نحل عائشة جذاذ عشرين وسقاً دون سائر ولده " ([47]) .
وقال ابن قدامة أيضاً : " مسألة قال : وإذا أوصى لولد فلان فهو للذكر والأنثى بالسوية وإن قال لبنيه فهو للذكور دون الإناث ، أما إذا أوصى لولده أو لولد فلان فإنه للذكور والإناث والخناثى لا خلاف في ذلك لأن الاسم يشمل الجميع قال الله تعالى: ) يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ( وقال تعالى : ) ما اتخذ الله من ولد ( في الذكر والأنثى جميعاً وإن قال لبني أو بني فلان فهو للذكور دون الإناث والخناثى هذا قول الجمهور وبه قال الشافعي ، وأصحاب الرأي ، وقال الحسن ، وإسحاق ، وأبو ثور ، هو للذكر والأنثى جميعاً لأنه لو أوصى لبني فلان وهم قبيلة دخل فيه الذكر والأنثى ، وقال الثوري : إن كانوا ذكوراً وإناثاً فهو بينهم وإن كن بنات لا ذكر معهن فلا شيء لهن لأنه متى اجتمع الذكور والإناث غلب لفظ التذكير ودخل فيه الإناث كلفظ المسلمين والمشركين ، ولنا إن لفظ البنين يختص الذكور قال الله تعالى : ) أصطفى البنات على البنين ( ، وقال تعالى: ) أم اتخذ مما يخلق بنات وأصفاكم بالبنين ( وقال تعالى : ) زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين( وقال تعالى : ) المال والبنون زينة الحياة الدنيا ( ، وقد أخبر أنهم لا يشتهون البنات فقال : ) ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون وإذا بشر أحدهم بالأنثى ( ، وإنما دخلوا في الاسم إذا صاروا قبيلة لأن الاسم نقل فيهم عن الحقيقة إلى العرف ولهذا تقول المرأة أنا من بني فلان إذا انتسبت إلى القبيلة ولا تقول ذلك إذا انتسبت إلى أبيها" ([48]) .
قال المرداوي : " وإن وقف على عقبه أو ولد ولده أو ذريته دخل فيه ولد البنين بلا نزاع في عقبه أو ذريته وأما إذا وقف على ولده وولد ولده فهل يشمل أولاد الولد الثاني والثالث وهلم جرا تقدم عن القاضي والمصنف والشارح وغيرهم أنه لا يشمل غير المذكورين وقوله ونقل عنه لا يدخل فيه ولد البنات إذا وقف على ولد ولده أو قال على أولاد أولادي وإن سفلوا فنص الإمام أحمد رحمه الله في رواية المروذي أن أولاد البنات لا يدخلون وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب قال في الهداية والمستوعب وإن وصى لولد ولده فقال أصحابنا لا يدخل فيه ولد البنات لأنه قال في الوقف على ولد ولده لا يدخل فيه ولد البنات قال الزركشي مفهوم كلام الخرقي أنه لا يدخل ولد البنات وهو أشهر الروايات واختاره القاضي في التعليق والجامع والشيرازي وأبو الخطاب في خلافه الصغير انتهى قال في الفروع لم يشمل ولد بناته إلا بقرينه اختاره الأكثر وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والتلخيص والفروع وصححه في تجريد العناية قال في الفائق اختاره الخرقي والقاضي وبن عقيل والشيخان يعني بهما المصنف والشيخ تقي الدين وهو ظاهر ما قدمه الحارثي ونقل عنه في الوصية يدخلون وذهب إليه بعض أصحابنا وهذا مثله قلت بل هي هنا رواية منصوصة من رواية حرب قال في القواعد ومال إليه صاحب المغنى وهي طريقة بن أبي موسى والشيرازي قال الشارح القول بأنهم يدخلون أصح وأقوى دليلا وصححه الناظم واختاره أبو الخطاب في الهداية في الوصية وصاحب الفائق وجزم به في منتخب الأدمى وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم واختاره بن عبدوس في تذكرته وأطلقهما في القواعد الفقهية وقال أبو بكر وبن حامد يدخلون في الوقف إلا أن يقول على ولد ولدى لصلبي فلا يدخلون وهي رواية ثالثة عن الإمام أحمد رحمه الله قال في المذهب فإن قال لصلبي لم يدخلوا وجها واحدا قال في المستوعب والتلخيص فإن قيد فقال لصلبي أو قال من ينتسب إلى منهم فلا خلاف في المذهب أنهم لا يدخلون وحكى القاضي عن أبي بكر وبن حامد إذا قال ولد ولدي لصلبي أنه يدخل فيه ولد بناته لصلبه لأن بنت صلبه ولده حقيقة بخلاف ولد ولدها قال الحارثي وقول الإمام أحمد رحمه الله لصلبه قد يريد به ولد البنين كما هو المراد من إيراد المصنف عن أبي بكر فلا يدخلون جعلا لولد البنين ولد الظهر وولد البنات ولد البطن فلا يكون نصا في المسألة وقد يريد به ولد البنت التي تليه فيكون نصا وهو الظاهر انتهى ، وفي المسألة قول رابع بدخول ولد بناته لصلبه دون ولد ولدهن تنبيه ما تقدم من الخلاف إنما هو فيما إذا وقف على ولد ولده أو قال على أولاد أولادي وكذا الحكم والخلاف والمذهب إذا وقف على عقبه أو ذريته كما قال المصنف عند جماهير الأصحاب وممن قال بعدم الدخول هنا أبو الخطاب والقاضي أبو الحسين وابن بكروس قاله الحارثي وقال قال مالك بالدخول في الذرية دون العقب وبه أقول وكذلك القاضي في باب الوصايا من المجرد وبن أبي موسى والشريفان أبو جعفر والزيدي وأبو الفرج الشيرازي قالوا بعدم الدخول في العقب . قال في الفروع بعد أن ذكر ولد ولده وعقبه وذريته : وعنه يشملهم غير ولد ولده ، وقال في التبصرة يشمل الذرية وأن الخلاف في ولد ولده .
تنبيهان الأول : حكى المصنف هنا عن أبي بكر وبن حامد أنهما قالا يدخلون في الوقف إلا أن يقول على ولد ولدي لصلبي وكذا حكاه عنهما أبو الخطاب في الهداية وكذا حكاه القاضي عنهما فيما حكاه صاحب المستوعب والتلخيص وحكى المصنف في المغنى والشارح والقاضي في الروايتين أن أبا بكر وبن حامد اختارا دخولهم مطلقا كالرواية الثانية وقال بن البنا في الخصال اختار بن حامد أنهم يدخلون مطلقا واختار أبو بكر يدخلون إلا أن يقول على ولد ولدي لصلبي قال الزركشي وكذا في المغنى القديم فيما أظن الثاني محل الخلاف مع عدم القرينة أما إن كان معه ما يقتضي الإخراج فلا دخول بلا خلاف قاله الأصحاب كقوله على أولادي وأولاد أولادي المنتسبين إلي ونحو ذلك وكذا إن كان في اللفظ ما يقتضي الدخول فإنهم يدخلون بلا خلاف قاله الأصحاب كقوله على أولادي وأولاد أولادي على أن لولد الإناث سهما ولولد الذكور سهمين أو على أولادي فلان وفلان وفلانة وأولادهم وإذا خلت الأرض ممن يرجع نسبه إلي من قبل أب أو أم فللمساكين أو على أن من مات منهم فنصيبه لولده ونحو ذلك ولو قال على البطن الأول من أولادي ثم على الثاني والثالث وأولادهم والبطن الأول بنات فكذلك يدخلون بلا خلاف .
فوائد الأولى : لفظ النسل كلفظ العقب والذرية في إفادة ولد الولد قريبهم وبعيدهم وكذا دخول ولد البنات وعدمه عند أكثر الأصحاب قال القاضي في المجرد لا يدخل ولد البنات كما قال في العقب وهو اختيار السامري وذكر أبو الخطاب خلافه أورده في الوصايا .
الثانية : لو قال على بني ، بني أو بني ، بني فلان فك أولاد أولادي وأولاد أولاد فلان
وأما ولد البنات فقال الحارثي ظاهر كلام الأصحاب هنا أنهم لا يدخلون مطلقا
الثالثة الحفيد يقع على ولد الابن والبنت وكذلك السبط ولد الابن والبنت الرابعة لو قال الهاشمي على أولادي وأولاد أولادي الهاشميين لم يدخل من أولاد بنته من ليس هاشميا والهاشمي منهم في دخوله وجهان ذكرهما المصنف وغيره وبناهما القاضي على الخلاف في أصل المسألة ثم قال المصنف أولاهما الدخول معللا بوجود الشرطين وصف كونه من أولاد أولاده ووصف كونه هاشمياً والوجه الثاني عدم الدخول وأطلقهما الحارثي وصاحب الفائق قال الحارثي ولو قال على أولادي وأولاد أولادي المنتسبين إلى قبيلتي فكذلك الخامسة تجدد حق الحمل بوضعه من ثمر وزرع كمشتر نقله المروذي وجزم به في المغنى والشرح والحارثي وقال ذكره الأصحاب في الأولاد وقدمه في الفروع ونقل جعفر يستحق من زرع قبل بلوغه الحصاد ومن نخل لم يؤبر فإن بلغ الزرع الحصاد أو أبر النخل لم يستحق منه شيء وقطع به في المبهج والقواعد وقال وكذلك الأصحاب صرحوا بالفرق بين المؤبر وغيره هنا منهم بن أبي موسى والقاضي وأصحابه معللين بتبعية غير المؤبر في العقد فكذا في الاستحقاق وقال في المستوعب يستحق قبل حصاده وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله : الثمرة للموجود عند التأبير أو بدو الصلاح قال في الفروع ويشبه الحمل إن قدم إلى ثغر موقوف عليه أو خرج منه إلى بلد موقوف عليه فيه نقله يعقوب وقياسه من نزل في مدرسة ونحوه وقال بن عبد القوي ولقائل أن يقول ليس كذلك لأن واقف المدرسة ونحوها جعل ريع الوقف في السنة كالجعل على اشتغال من هو في المدرسة عاما فينبغي أن يستحق بقدر عمله من السنة من ريع الوقف في السنة لئلا يفضى إلى أن يحضر الإنسان شهرا مثلا فيأخذ مغل جميع الوقف ويحضر غيره باقي السنة بعد ظهور العشرة فلا يستحق شيئا وهذا يأباه مقتضى الوقوف ومقاصدها انتهى قال الشيخ تقي الدين رحمه الله يستحق بحصته من مغله وقال من جعله كالولد فقد أخطأ قوله : وإن وقف على بنيه أو بنى فلان فهو للذكور خاصة إلا أن يكونوا قبيلة فيدخل فيه النساء دون أولادهن من غيرهم إذا لم يكونوا قبيلة وقال ذلك اختص به الذكور بلا نزاع وإن كانوا قبيلة فجزم المصنف بعدم دخول أولاد النساء من غيرهم وهو أحد الوجهين وجزم به في المغنى والشرح والوجيز وقيل بدخولهم قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق " ([49]) .
المذهب المالكي
قال ابن جزي : : وإن قال : حبست على أولادي وأولادهم فاختلف في دخول ولد البنات أيضاً وإن قال على أولادي ذكورهم وإناثهم سواء سماهم أو لم يسمهم ثم قال وعلى أعقابهم أو أولادهم فيدخل أولاد البنات وأما لفظ العقب فحكمه حكم الولد في كل ما ذكرنا وكذلك لفظ البنين وقد يختص بالذكور إلا أن يقول ذكورهم وإناثهم وأما لفظ الذرية والنسل فيدخل فيهما أولاد البنات على الأصح وأما لفظ الآل والأهل فيدخل فيه العصبة من الأولاد والبنات والأخوة والأخوات والأعمام والعمات واختلف في دخول الأخوال والخالات وأما لفظ القرابة فهو أعم فيدخل فيه كل ذي رحم من قبل الرجال والنساء محرم أو غير محرم على الأصح " ([50]) .
قال القرافي : وفي الجواهر البنون يتناول عند مالك الولد وولد الولد ذكورهم وإناثهم فإن قال : على بنيه وبني بنيه قال مالك : يدخل بناته وبنات بنيه ([51]) .
وقال : اللفظ الثامن لفظ البنين نحو على بني أو على بني ، بني فكالولد والعقب على القول بأن لفظ جميع المذكر يدخل فيه المؤنث وإلا فالذكران من بنيه وبني بنيه دون الإناث ([52]) .
وقال أيضاً : العقب والنسل والذرية والعترة والبنون وبنوا البنين كذلك نقله ابن الأعرابي وثعلب ([53]) .
قال الدسوقي : وأما لو وقف على بنيه الذكور ثم من بعدهم على بناته فتردد فيه بعض شيوخنا وأفتى بعضهم بالمنع كذا كتب شيخنا العدوي قوله : وما مشى عليه المصنف أي من بطلان الوقف وحرمة القدوم عليه أحد أقوال وهذا القول رواية ابن القاسم عن مالك في العتبية قوله : ورجح بعضهم أي وهو عياض وغيره ، قوله :وهو رأي ابن القاسم أي ورواية ابن زيادة عن مالك في المدونة واعترض على المصنف بأنه ما كان ينبغي له ترك مذهب المدونة الذي شهره عياض والمشي على غيره لا يقال ما مشى عليه المصنف رواية ابن القاسم وقد تقرر أن رواية ابن القاسم تقدم على رواية غيره لأنا نقول هذا خاص بروايته عن مالك في المدونة فهي تقدم على رواية غيره فيها وتقدم على قول ابن القاسم الذي ذكره من عنده سواء كان فيها أو في غيرها لكن قد علمت أن رواية ابن القاسم هنا عن مالك في غيرها لا فيها ورواية غيره فيها تقدم على روايته في غيرها قوله بأن الكراهة في المدونة الخ نصها ويكره لمن حبس أن يخرج البنات من تحبيسه قال أبو الحسن وابن ناجي وابن غازي : الكراهة على بابها فإن وقع ذلك مضى وقيل إنها للتحريم وعليه إذا وقع فإنه يفسخ واعلم أن في هذه المسألة وهي الوقف على البنين دون البنات أقوالاً أولها البطلان مع حرمة القدوم على ذلك ثانيها الكراهة مع الصحة والكراهة على بابها ثالثها جوازه من غير كراهة ، رابعها الفرق بين أن يحاز عنه فيمضي على ما حبسه عليه أو لا يحاز فيرده للبنين والبنات معا ، خامسها ما رواه عيسى عن ابن القاسم حرمة ذلك فإن كان الواقف حياً فسخه وجعله للذكور والإناث وإن مات مضى ، سادسها فسخ الحبس وجعله مسجداً إن لم يأب المحبس عليهم فإن أبوا لم يجز فسخه ويقر على حاله حبساً وإن كان الواقف حياً والمعتمد من هذه الأقوال ثانيها كما قال الشارح ومحل الخلاف إذا حصل الوقف على البنين دون البنات في حال الصحة وحصل الحوز قبل المانع أما لو كان الوقف في حالة المرض فباطل اتفاقاً ولو حيز لأنه عطية لوارث أو كان في حال الصحة وحصل المانع قبل الحوز فباطل اتفاقاً أيضاً ومحله أيضاً ما لم يحكم بصحته حاكم ولو مالكياً وإلا صح اتفاقاً لأن حكم الحاكم يرفع الخلاف ([54]) .
المذهب الشافعي
قال الشيرازي في المهذب : وإن وقف على البنين لم يدخل فيه الخنثى المشكل لانا لا نعلم أنه من البنين ، فإن وقف على البنات لم يدخل فيه لانا لا نعلم أنه من البنات فإن وقف على البنين والبنات ففيه وجهان أحدهما أنه لا يدخل فيه لأنه ليس من البنين ولا من البنات والثاني أنه يدخل لأنه لا يخلو من أن يكون ابناً أو بنتاً وإن أشكل علينا
فإن وقف على بني زيد لم يدخل فيه بناته فإن وقف على بني تميم وقلنا إن الوقف صحيح ففيه وجهان أحدهما لا يدخل فيه البنات لان البنين اسم للذكور حقيقة
والثاني يدخلن فيه لأنه إذا أطلق اسم القبيلة دخل فيه كل من ينسب إليها من الرجال والنساء ([55]) .
قال النووي في روضة الطالبين : الرابعة : الوقف على البنين لا يدخل فيه الخنثى وفي دخول بني البنين والبنات الأوجه الثلاثة الخامسة الوقف على البنات لا يدخل فيه الخنثى وفي بنات الأولاد الأوجه ، السادسة وقف على البنين والبنات دخل الخنثى على الأصح وقيل لا لأنه لا يعد من هؤلاء ولا من هؤلاء ، السابعة وقف على بني تميم وصححنا مثل هذا الوقف ففي دخول نسائهم وجهان أحدهما المنع كالوقف على بني زيد وأصحهما الدخول لأنه يعبر به عن القبيلة ، الثامنة وقف على أولاده وأولاد أولاده دخل فيه أولاد البنين والبنات فان قال على من ينتسب إلي من أولاد أولادي لم يدخل أولاد البنات على الصحيح ([56]) .
قال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الفقهية : لو وقف على البنين لم تدخل الإناث وإن احتمل التغليب احتمالاً ذائعاً شائعاً لأنه خلاف ظاهر اللفظ مع أنه يبعد عادة أن الإنسان يقف على ابنه دون بنته فإخراجه البنت بهذا الاحتمال فقط لظهوره مع شهادة العادة بخلافه دليل ظاهر لما قلناه وللعمل بظاهر اللفظ وإن خلى عما مر من المرجحات وظاهر لفظ الواقف هنا أن قوله الذكور بدل من المضاف إذ المضاف متى كان هو المحدث عنه تعين كون الصفة " ([57]) .
قال شمس الدين الأسيوطي : " وقوله وقفت على أولادي وأولاد أولادي يقتضي التسوية بين الكل وكذا لو زاد ما تناسلوا أو بطنا بعد بطن ولو قال على أولادي ثم على أولاد أولادي ثم على أولادهم ما تناسلوا فهو للترتيب وكذا لو قال على أولادي وأولاد أولادي وأولاد أولادي الأعلى فالأعلى أو الأول فالأول ولا يدخل أولاد الأولاد في الوقف على الأولاد في أصح الوجهين ويدخل أولاد البنات في الوقف على الذرية والنسل والعقب وأولاد الأولاد إلا أن يقول على من ينسب إلي منهم " ([58]) .
المذهب الحنفي
قال ابن عابدين في حاشيته : قوله ولو على البنين وقفاً يجعل إلخ يعني لو قال : على بني وله بنون وبنات يدخل فيه البنات لأن البنات إذا جمعن مع البنين ذكرن بلفظ التذكير([59]).
قال الطحاوي : في الرجل يوصي لبني فلان هل تدخل فيه الإناث ،
قال بشر بن الوليد عن أبي يوسف : قال أبو حنيفة : إذا أوصى بثلث ماله لبني فلان ولا ولد له لصلبه فإنه يعطي ولد ولده من قبل الرجال ولا يعطي ولد ولده من قبل البنات ، وقال في الأصل إذا أوصى لبني فلان وله بنون وبنات ومات فالوصية للذكور دون الإناث في قول أبي حنيفة وكذلك إن كان فلان حراً ولا يدخل فيه البنات ولا بنات الابن ولو قال لولد فلان دخل فيه الذكور والإناث فإن كان له ولد لصلبه فالوصية لولد الابن الذكور والإناث وليس لولد البنات شيء ، وقال أبو حنيفة : إذا قال ثلث مالي لبني فلان وله بنون وبنات فالثلث للبنين دون البنات إلا أن يكون فلان فخذا أو قبيلة تحصى فيكون للذكور والإناث وهو قول الحسن بن حي وروى يوسف بن خالد السمتي عن أبي حنيفة في رجل قال : ثلث مالي لبني فلان وله بنون وبنات أن الثلث لهم جميعا وهم فيه سواء ، وقال أبو يوسف ومحمد : الذكر والأنثى فيه سواء وهو قول عثمان البتي ، والثوري ، وروى المعافى عن الثوري إذا أوصى بثلثه لإخوة فلان فهو للذكور دون الإناث ، قال أبو جعفر : إذا كان فلان فخذاً جاز أن يقال للمرأة هي من بني فلان فدخلت في الوصية وإذا لم يكن فخذاً أو كانوا لصلبه لم يجز أن يقال للمرأة هذه من بني فلان إلا أنه إذا اجتمع الذكور والإناث جاز أن يقال هؤلاء بنو فلان فالقياس أن يدخل فيه الذكور والإناث ([60]) .
قال في الفتاوى الهندية : ولو قال : موقوفة على بني فلان وله بنون وبنات روى أبو يوسف عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه على الذكور من ولده دون الإناث وروى يوسف بن خالد السني عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنهم يدخلون جميعاً فإن كان بنو فلان قبيلة لا يحصون يكون ذلك على الذكور والإناث جميعاً في الروايات كلها كذا في فتاوى قاضي خان ([61]) .
([1]) سورة آل عمران : آية 102 .
([2]) سورة النساء : آية 1 .
([3]) سورة الأحزاب : آيتا 70 – 71 .
([4]) سورة الكهف آية (46) .
([5]) سورة آل عمران آية : (14) .
([6]) سورة الصافات آية : (149).
([7]) سورة الطور آية : (39) .
([8]) سورة الأنعام آية : (100) .
([9]) سورة النحل آية : (72) .
([10]) سورة الإسراء آية : (6) .
([11]) سورة الإسراء آية : (40) .
([12]) سورة الزخرف آية : (16) .
([13]) سورة المؤمنون آية : (55)
([14]) سورة الشعراء آية : (133) .
([15]) سورة إبراهيم آية : (35) .
([16]) سورة يوسف آية : (87) .
([17]) سورة يوسف آية : (67) .
([18]) سورة يوسف آية : (5) .
([19]) سورة هود آية : (45) .
([20]) سورة هود آية : (42) .
([21]) سورة البقرة آية : (132) .
([22]) سورة الصافات آية : (102 ).
([23]) سورة الصافات آية : (153) .
([24]) سورة البقرة آية : (132).
([25]) سورة البقرة آية : (133).
([26]) سورة لقمان آية : (17) .
([27]) سورة لقمان آية : (16) .
([28]) سورة لقمان آية : (13) .
([29]) سورة هود آية : (42) .
([30]) سورة المدثر آية : (13) .
([31]) سورة القلم آية : (14) .
([32]) سورة عبس آية : (36) .
([33]) سورة نوح آية : (12) .
([34]) سورة المعارج آية : (11) .
([35]) سورة هود آية : (45) .
([36]) سورة يوسف آية : (5) .
([37]) سورة يوسف آية : (87) .
([38]) أخرجه البخاري في كتاب الصلح ، باب قول النبي r للحسن بن علي رضي الله عنهما ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين وقوله جل ذكره فأصلحوا بينهما رقم ( 2557 ) 2 / 962 ، وفي كتاب المناقب ، باب علامات النبوة في الإسلام رقم ( 3430 ) 3 / 1328 ، وفي باب مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما رقم ( 3536 ) 3 / 1369 ، و في كتاب الفتن ، باب قول النبي r للحسن بن علي إن ابني هذا لسيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين رقم ( 6692 ) 6 / 2602 ، وأحمد رقم ( 20408 ) 5 / 37 ، ورقم ( 20466 ) 5 / 44 ، ورقم ( 20491 ) 5 / 47 ، ورقم ( 20517 ) 5 / 49 ، ورقم ( 20535 ) 5 / 51 ، وأبو داود في كتاب السنة ، باب ما يدل على ترك الكلام في الفتنة رقم ( 4662 ) 4 / 216 ، والنسائي في السنن الصغرى في كتاب الجمعة ، باب مخاطبة الإمام رعيته وهو على المنبر رقم ( 1409 ) 3 / 107 ، وفي السنن الكبرى رقم ( 1718 ) 1 / 531 ، ورقم ( 8166 ) 5 / 49 ، ورقم ( 10080 ) 6 / 71 ، ورقم ( 10082 ) 6 / 72 ، وابن حبان في صحيحه رقم ( 6964 ) 15 / 419 .
([39]) أخرجه الترمذي في كتاب المناقب ، باب مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما رقم ( 3769 ) 5 / 656 وحسنه ، وابن أبي شيبة رقم ( 32182 ) 6 / 378 ، وابن حبان رقم ( 6967 ) 15 / 422 – 423 ، والهيثمي في موارد الظمئان رقم ( 2234 ) 1 / 552 ، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي رقم ( 3769 ) 5 / 656 .
([40]) أخرجه البخاري في كتال المناقب ، باب بن أخت القوم ومولى القوم منهم رقم ( 3327 ) 3 / 1294 ، ومسلم في كتاب الزكاة ، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم رقم ( 1059 ) 2 / 735 .
([41]) نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار 6 / 140 .
([42]) أضواء البيان للشيخ محمد الأمين الشنقيطي 7 / 105- 110.
([43]) تفسير القرآن العظيم لابن كثير 2 / 156 .
([44]) التسهيل لعلوم التنزيل 2 / 15.
([45]) طرح التثريب في شرح التقريب 3 / 225 .
([46]) مجمع الضمانات لابن غانم أبي محمد البغدادي 2 / 698 – 699 .
([47]) المغني 5 / 358 – 360 .
([48]) انظر : المغني لابن قدامة 6 / 86 – 87 ، والكافي لابن قدامة 2 / 458 – 59 ، وشرح منتهى الإرادات للبهوتي 2 / 421 – 422 ، وشرح الزركشي 2 / 234 ، والروض المربع 2 / 475- 476، ومطالب أولي النهى للرحيباني 4 / 357 – 358 ، وكشف المخدرات لعبد الرحمن البعلي الحنبلي 2 / 518 .
([49]) الإنصاف للمرداوي 7 / 79 – 84 .
([50]) القوانين الفقهية ص243 .
([51]) انظر : الذخيرة للقرافي 6 / 355 - 356 .
([52]) انظر : الذخيرة للقرافي 6 / 355 - 356 .
([53]) انظر : الذخيرة للقرافي 6 / 355 - 356 .
([54]) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 4 / 79 ، ومواهب الجليل للحطاب 6 / 34 – 35 ، وبلغة السالك للصاوي 4 / 24 .
([55]) انظر : المهذب للشيرازي 1 / 444.
([56]) روضة الطالبين للنووي 5 / 336 .
([57])انظر : الفتاوى الفقهية الكبرى لابن حجر الهيتمي 3 / 268 .
([58]) جواهر العقود لشمس الدين الأسيوطي 1 / 252 .
([59]) حاشية ابن عابدين 4 / 463 .
([60]) مختصر اختلاف العلماء 5 / 43 – 44 ، 47 .
([61]) الفتاوى الهندية للشيخ نظام وجماعة من علماء الهند 2 / 375 .
[h=3][/h][h=3]تأليف : أبي عبد الله محمد بن[/h][h=3]محمد المصطفى الأنصاري[/h][h=3]المدينة النبوية ،[/h][h=3][/h][h=3]gs[/h]
[h=1]بسم الله الرحمن الرحيم[/h]إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله r ، ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [ [SUP]([1])[/SUP] ، ]يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً[ [SUP]([SUP][2][/SUP][/SUP]) ، ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ، [SUP]([SUP][3][/SUP][/SUP]) ،
وبعد فهذا تلخيص لكلمة البنين في القرآن ، وهل هي تشمل البنين والبنات وإن سفلوا ؟ ومذاهب العلماء في ذلك ،
قال الله تعالى : ) الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا( ([4]) ، وقال : ) زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ( ([5]) ، وقال: ) فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ ( ([6]) ، وقال : ) أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ ( ([7]) ، وقال : )وَجَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء الْجِـنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ ( ([8]) ، وقال : ) وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ( ([9]) ، وقال : ) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا( ([10]) ، وقال : ) أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلآئِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيمًا( ([11])، وقال : ) أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُم بِالْبَنِينَ ( ([12])، وقال : ) أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ ( ([13]) ، وقال : ) أَمَدَّكُم بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ ( ([14])، وقال : ) وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ ( ([15]) ، وقال : ) يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ( ([16]) ، وقال : ) وَقَالَ يَا بَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ( ([17]) ، وقال : ) قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ( ([18]) ، وقال : ) وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ ( ([19]) ،
وقال : ) وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ ( ([20]) ، وقال : ) وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ( ([21]) ، وقال : ) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ( ([22]) ، وقال : ) أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ ( ([23]) ، وقال : ) وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ( ([24]) ، وقال : ) أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَـقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ( ([25]) ، وقال : ) يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ( ([26]) ، وقال : ) يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ( ([27])، وقال : ) وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ( ([28]) ، وقال : ) وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ ( ([29]) ، وقال : ) وَبَنِينَ شُهُودًا ( ([30]) ، وقال : ) أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ ( ([31]) ، وقال : ) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ ( ([32]) ، وقال : ) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا ( ([33]) ، وقال : ) يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ ( ([34]) ، وقال : ) وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ ( ([35]) ، وقال : ) قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ( ([36]) ، وقال : ) يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ( ([37]) .
النصوص الدالة على أن ولد البنت يدخل في عموم الأولاد عند الإطلاق
عن أبي بكرة t قال : " رأيت رسول الله r على المنبر والحسن بن علي إلى جنبه وهو يقبل على الناس مرة وعليه أخرى ويقول :" إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين "([38]) .
وعن أسامة بن زيد t قال : طرقت النبي r ذات ليلة في بعض الحاجة فخرج النبي r وهو مشتمل على شيء لا أدري ما هو فلما فرغت من حاجتي قلت ما هذا الذي أنت مشتمل عليه قال : فكشفه فإذا حسن وحسين عليهما السلام على وركيه فقال: هذان ابناي وابنا ابنتي اللهم إني أحبهما فأحبهما وأحب من يحبهما "([39]) .
وعنْ أنَسٍ بن مالك t قال : دَعَا النَّبِيُّ r الأنْصَارَ فقال :" هَلْ فِيكُمْ أحَدٌ مِنْ غَيْرِكُمْ قالُوا لاَ إلاَّ ابنُ أُختٍ لَنَا فقال رسُولُ الله r ابنُ أُخْتِ القَوْمِ مِنْهُمْ "([40]) .
أقوال العلماء فيمن وقف على أولاده هل يشمل جميع أولاد بنيه وبناته
قال الشوكاني : " قوله r هذان ابناي ولفظه أن النبي r أبصر حسناً وحسيناً فقال : اللهم إني أحبهما فأحبهما وأخرجه أيضاً الشيخان من حديثه بلفظ رأيت رسول الله r والحسن على عاتقه يقول : اللهم إني أحبه فأحبه ، قوله إنك لابنة نبي إنما قال لها ذلك : لأنها من ذرية هارون وعمها موسى وبنو قريظة من ذرية هارون فسمى رسول الله r هارون أبا لها وبينها وبينه آباء متعددون وكذلك جعل الحسن ابنا له وهو بن ابنته وكذلك الحسين كما في سائر الأحاديث ووصف نفسه بأنه ابن عبد المطلب وهو جده وجعل لأبناء الأنصار وأبنائهم حكم الأنصار وذلك كله يدل على أن حكم أولاد الأولاد حكم الأولاد فمن وقف على أولاده دخل في ذلك أولاد الأولاد ما تناسلوا وكذلك أولاد البنات وفي ذلك خلاف ومما يؤيد القول بدخول أولاد البنات ما أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والترمذي عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله r بن أخت القوم منهم " ([41])
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي : مسألة ظاهر آيات القرآن الكريم تدل على اتحاد معنى العقب والذرية والبنين لأنه قال في بعضها عن إبراهيم : ) وَاجْنُبْنِى وَبَنِىَّ أَن نَّعْبُدَ الأْصْنَامَ ( وقال عنه في بعضها: ) رَبِّ اجْعَلْنِى مُقِيمَ الصَّلواةِ وَمِن ذُرِّيَتِى ( وفي بعضها : ) رَّبَّنَآ إنيِّ أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِى بِوَادٍ غَيْرِ ذِى زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلواةَ ( وفي بعضها قَالَ : ) وَمِن ذُرِّيَّتِى ( وفي بعضها: ) وَجَعَلْنَا فِى ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ ( ، وفي بعضها : ) وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِى عَقِبِهِ ( فالظاهر المتبادر من الآيات أن المراد بالبنين والذرية والعقب شيء واحد لأن جميعها في شيء واحد وبذلك تعلم أن ظاهر القرآن يدل على أن من وقف وقفاً أو تصدق صدقة على بنيه أو ذريته أو عقبه أن حكم ذلك واحد ،وقد دل بعض الآيات القرآنية على أن أولاد البنات يدخلون في اسم الذرية واسم البنين وإذا دل القرآن على دخول ولد البنت في اسم الذرية والبنين والفرض أن العقب بمعناهما دل ذلك على دخول أولاد البنات في العقب أيضاً فمن الآيات الدالة على دخول ولد البنت في اسم الذرية قوله تعالى: ) وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إلى قوله وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ ( وهذا نص قرآني صريح في دخول ولد البنت في اسم الذرية لأن عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ولد بنت إذ لا أب له ومن الآيات الدالة على دخول ولد البنت في اسم البنين قوله تعالى : ) حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ ( وقوله تعالى : )وَبَنَاتُ الأْخِ وَبَنَاتُ الأخْتِ ( لأن لفظ البنات في الألفاظ الثلاثة شامل لبنات البنات وبنات بناتهن وهذا لا نزاع فيه بين المسلمين وهو نص قرآني صحيح في استواء بنات بنيهن وبنات بناتهن فتحصل أن دخول أولاد البنات في الوقف على الذرية والبنين والعقب هو ظاهر القرآن ولا ينبغي العدول عنه وكلام فقهاء الأمصار من الأئمة الأربعة وغيرهم في الألفاظ المذكورة معروف ومن أراد الاطلاع عليه فلينظر كتب فروع المذاهب ولم نبسط على ذلك الكلام هنا لأننا نريد أن نذكر هنا ما يدل ظاهر القرآن على ترجيحه من ذلك فقط أما لفظ الولد فإن القرآن يدل على أن أولاد البنات لا يدخلون فيه وذلك في قوله تعالى : ) يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِى أَوْلَادِكُمْ ( فإن قوله: ) في أولادكم ( لا يدخل فيه أولاد البنات وذلك لا نزاع فيه بين المسلمين وهو نص صريح قرآني على عدم دخول أولاد البنات في اسم الولد وإن كان جماهير العلماء على أن العقب والولد سواء ولا شك أن اتباع القرآن هو المتعين على كل مسلم ، أما لفظ النسل فظاهر القرآن شموله لأولاد البنات لأن قوله تعالى: ) ذالِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ الَّذِى أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنْسَانِ مِن طِينٍ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلاَلَةٍ مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ ( ظاهر في أن لفظة النسل في الآية شاملة لأولاد البنات كما لا يخفى ، والألفاظ التي يتكلم عليها العلماء في هذا المبحث هي أحد عشر لفظاً ذكرنا خمسة منها وهي الذرية والبنون والعقب والولد والنسل وذكرنا أن أربعة منها يدل ظاهر القرآن على أنها يدخل فيها أولاد البنات وواحد بخلاف ذلك وهو الولد وأما الستة الباقية منها فهي الآل والأهل ومعناهما واحد ، والقرابة والعشيرة والقوم والموالي وكلام العلماء فيها مضطرب ، ولم يحضرني الآن تحديد يتميز به ما يدخل في كل واحد منها وما يخرج عنه إلا على سبيل التقريب إلا لفظين منها وهما القرابة والعشيرة ، أما القرابة فقد ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه أعطى من خمس خيبر بني هاشم وبني المطلب دون بني عبد شمس وبني نوفل مبيناً أن ذلك هو معنى قوله تعالى فَأَنَّ للَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ ولذي الْقُرْبَى كما تقدم إيضاحه في سورة الأنفال في الكلام على آية الخمس هذه ، وأما العشيرة فقد ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عباس أنه لما نزلت وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقربين صعد النبي صلى الله عليه وسلم على الصفا فجعل ينادي يا بني فهر يا بني عدي لبطون قريش حتى اجتمعوا الحديث وفيه تحديد العشيرة الأقربين بجميع بني فهر بن مالك وهو الجد العاشر له صلى الله عليه وسلم ، وفي رواية أبي هريرة في الصحيح أنه لما نزلت الآية المذكورة قال يا معشر قريش أو كلمة نحوها الحديث وقريش هم أولاد فهر بن مالك وقيل أولاد النضر بن كنانة والأول هو الأظهر لحديث ابن عباس المذكور وعليه الأكثر ( تنبيه ) فإن قيل ذكرتم أن ظاهر القرآن يدل على دخول أولاد البنات في لفظ البنين والشاعر يقول في خلاف ذلك فإن قيل ذكرتم أن ظاهر القرآن يدل على دخول أولاد البنات في لفظ البنين والشاعر يقول في خلاف ذلك :
بَنُونَا بَنُوا أبْنَائِنَا وَبَنَاتُنَا ** بَنُوهُنَّ أبناءُ الرِّجَالِ الأَبَاعِدِ
وكثير من أهل الفقه يذكرون البيت المذكور على سبيل التسليم له قالوا ومما يوضح صدقه أنهم ينسبون إلى رجال آخرين ربما كانوا أعداء لأهل أمهاتهم وكثيراً ما يتبع الولد أباه وعصبته في عداوة أخواله وبغضهم كما هو معلوم فالجواب أن الواحد بالشخص له جهتان فمعنى لفظ الابن له جهة خاصة هي معنى كونه خلق من ماء هذا الرجل على وجه يلحق فيه نسبه به وهذا المعنى منفي عن والد أمه فلا يقال له ابن بهذا الاعتبار وثابت لأبيه الذي خلق من مائه وله جهة أخرى هي كونه خارجاً في الجملة من هذا الشخص سواء كان بالمباشرة أو بواسطة ابنه أو بنته وإن سفل فالبنوة بهذا المعنى ثابتة لولد البنت وهذا المعنى هو الذي عناه صلى الله عليه وسلم في قوله في الحسن بن علي رضي الله عنهما إن ابني هذا سيد الحديث وهو المراد في الآيات القرآنية كقوله تعالى حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وقوله تعالى وَبَنَاتُ الأخ وَبَنَاتُ الأخت وكقوله تعالى لاَّ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِى ءَابَآئِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآئِهِن وَلاَ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أبناء إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أبناء أَخَوَاتِهِنَّ فلفظ البنات والأبناء في جميع الآيات المذكورة شامل لجميع أولاد البنين والبنات وإن سفلوا وإنما شملهم من الجهة المذكورة بالاعتبار المذكور وهو إطلاق لفظ الابن على كل من خرج من الشخص في الجملة ولو بواسطة بناته وأما البيت المذكور فالمراد به الجهة الأولى والاعتبار الأول فإن بني البنات ليسوا أبناء لآباء أمهاتهم من تلك الجهة ولا بذلك الاعتبار لأنهم لم يخلقوا من مائهم وإنما خلقوا من ماء رجال آخرين ربما كانوا أباعد وربما كانوا أعداء فصح بهذا الاعتبار نفي البنوة عن ابن البنت وصح بالاعتبار الأول إثبات البنوة له ولا تناقض مع انفكاك الجهة وإذا عرفت معنى الجهتين المذكورتين وأنه بالنظر إلى إحداهما تثبت البنوة لابن البنت وبالنظر إلى الأخرى تنتفي عنه فاعلم أن قوله صلى الله عليه وسلم إن ابني هذا سيد وقوله تعالى وَبَنَاتُ الأخ وَبَنَاتُ الأخت ونحوها من الآيات ينزل على إحدى الجهتين وقوله تعالى مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أبا أَحَدٍ مّن رِّجَالِكُمْ يتنزل على الجهة الأخرى وتلك الجهة هي التي يعني الشاعر بقوله وبناتنا بنوهن أبناء الرجال الأباعد ويزيد ذلك إيضاحاً أن قبائل العرب قد تكون بينهم حروب ومقاتلات فيكون ذلك القتال بين أعمام الرجل وأخواله فيكون مع عصبته دائماً على أخواله كما في البيت المذكور وقد يكون الرجل منهم في أخواله فيعاملونه معاملة دون معاملتهم لأبنائهم كما أوضح ذلك غسان بن وعلة في شعره حيث يقول كما أوضح ذلك غسان بن وعلة في شعره حيث يقول إذا كنت في سعد وأمك منهم ** شطيراً فلا يغررك خالك من سعد
فإن ابن أخت القوم مصغي إناؤه ** إذا لم يزاحم خاله بأب جلد
فقوله مصغي إناؤه من الإصغاء وهو الإمالة لأن الإناء إذا أميل ولم يترك معتدلاً لم يتسع إلا للقليل فهو كناية عن نقص نصيبه فيهم وقلته ، وعلى الجهتين المذكورتين يتنزل اختلاف الصحابة في ميراث الجد والإخوة فمن رأى منهم أنه أب يحجب الإخوة فقد راعى في الجد إحدى الجهتين ومن رأى منهم أنه ليس بأب وأنه لا يحجب الإخوة فقد لاحظ الجهة الأخرى ولم نطل الكلام هنا في جميع الألفاظ المذكورة التي هي أحد عشر لفظاً خوف الإطالة ولأننا لم نجد نصوصاً من الوحي تحدد شيئاً منها تحديداً دقيقاً
ومعلوم أن لفظ القوم منها قد دل القرآن على أنه يختص بالذكور دون الإناث
وإن الإناث قد يدخلن فيه بحكم التبع إذا اقترن بما يدل على ذلك لأن الله تعالى قال لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُواْ خَيْراً مِّنْهُمْ وَلاَ نساء مِّن نساء فعطفه النساء على القوم يدل على عدم دخولهن في لفظ القوم ونظيره من كلام العرب قول زهير
ونظيره من كلام العرب قول زهير :
وما أدري وسوف إخال أدري ** قوم آل حصن أم نساء
وأما دخول النساء في القوم بحكم التبع عند الاقتران بما يدل على ذلك فقد بينه قوله تعالى في ملكة سبأ وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ
وأما الموالي فقد دل القرآن واللغة على أن المولى يطلق على كل من له سبب يوالي ويوالى به ولذا أطلق على الله أنه مولى المؤمنين لأنهم يوالونه بالطاعة ويواليهم بالجزاء
ونفى ولاية الطاعة عن الكافرين في قوله تعالى ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لاَ مَوْلَى لَهُمْ ، وأثبت له عليهم ولاية الملك والقهر في قوله تعالى وَرُدُّواْ إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ كما أثبت لهم ولاية النار في قوله مَأْوَاكُمُ النَّارُ هي مَوْلَاكُمْ وأطلق تعالى اسم الموالي على العصبة في قوله تعالى وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِىَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ والأقربون وأطلق اسم المولى على الأقارب ونحوهم في قوله تعالى يَوْمَ لاَ يُغْنِى مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئاً ويكثر في كلام العرب إطلاق الموالي على العصبة وابن العم ومنه قول الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب ويكثر في كلام العرب إطلاق الموالي على العصبة وابن العم ومنه قول الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب : مهلاً بني عمنا مهلاً موالينا ** لا تظهرن لنا ما كان مدفونا . وقول طرفة بن العبد وقول طرفة بن العبد :
وأعلم علماً ليس بالظن أنه ** إذا ذل مولى المرء فهو ذليل
والحاصل أن من قال هذا وقف أو صدقة على قومي أو موالي أنه إن كان هناك عرف خاص وجب اتباعه في ذلك وإن لم يكن هناك عرف فلا نعلم نصاً من كتاب ولا سنة يحدد ذلك تحـديداً دقيقاً وكلام أهل العلـم فيه معروف في محاله ، والعلم عند الله تعالى ([42]) .
قال ابن كثير عند قوله تعالى : } ومن ذريته { أي وهدينا من ذريته داود وسليمان الآية وعود الضمير إلى نوح لأنه أقرب المذكورين ظاهر لا إشكال فيه وهو اختيار بن جرير وعوده إلى إبراهيم لأنه الذي سيق الكلام من أجله حسن لكن يشكل عليه لوط فإنه ليس من ذرية إبراهيم بل هو بن أخيه هارون بن آزر اللهم إلا أن يقال إنه دخل في الذرية تغليبا كما في قوله : أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون فإسماعيل عمه دخل في آبائه تغليبا وكما قال في قوله فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس فدخل إبليس في أمر الملائكة بالسجود وذم على المخالفة لأنه كان في تشبه بهم فعومل معاملتهم ودخل معهم تغليباً وإلا فهو كان من الجن وطبيعته من النار والملائكة من النور وفي ذكر عيسى عليه السلام في ذرية إبراهيم أو نوح على القول الآخر دلالة على دخول ولد البنات في ذرية الرجل لأن عيسى عليه السلام إنما ينسب إلى إبراهيم عليه السلام بأمه مريم عليها السلام فإنه لا أب له قال بن أبي حاتم حدثنا سهل بن يحيى العسكري حدثنا عبد الرحمن بن صالح حدثنا علي بن عابس عن عبد الله بن عطاء المكي عن أبي حرب بن أبي الأسود قال أرسل الحجاج إلى يحيى بن يعمر فقال بلغني أنك تزعم أن الحسن والحسين من ذرية النبي r تجده في كتاب الله وقد قرأته من أوله إلى آخره فلم أجده قال أليس تقرأ سورة الأنعام ومن ذريته داود وسليمان حتى بلغ ويحيى وعيسى قال بلى قال أليس عيسى من ذرية إبراهيم وليس له أب قال صدقت فلهذا إذا أوصى الرجل لذريته أو وقف على ذريته أو وهبهم دخل أولاد البنات فيهم فأما إذا أعطى الرجل بنيه أو وقف عليهم فانه يختص بذلك بنوه لصلبه وبنو بنيه واحتجوا بقول الشاعر العربي
بنونا بنو أبنائنا وبناتنا بنوهن أبناء الرجال الأجانب ، وقال آخرون ويدخل بنو البنات فيهم أيضا لما ثبت في صحيح البخاري أن رسول الله r قال للحسن بن علي إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين فسماه ابنا فدل على دخوله في الأبناء وقال آخرون هذا تجوز وقوله ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم ذكر أصولهم وفروعهم وذوي طبقتهم وأن الهداية والإجتباء شملهم كلهم ولهذا قال واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم "([43]) .
قال ابن جزي : " وتلك حجتنا إشارة إلى ما تقدم من استدلاله واحتجاجه ومن ذريته الضمير لإبراهيم أو لنوح عليهما السلام والأول هو الصحيح لذكر لوط وليس من ذرية إبراهيم داود عطف على نوحا أي وهدينا داود وعيسى فيه دليل على أن أولاد البنات يقال فيهم ذرية لأن عيسى ليس له أب فهو ابن ابنة نوح ومن آبائهم في موضع نصب عطف على كلا أي وهدينا بعض آبائهم فإن يكفر بها هؤلاء أي أهل مكة وكلنا بها قوما هم الأنبياء المذكورون وقيل الصحابة وقيل كل مؤمن والأول أرجح لدلالة ما بعده على ذلك ومعنى توكيلهم بها توفيقهم للإيمان بها والقيام بحقوقها أولئك الذين هدى الله إشارة إلى الأنبياء المذكورين فبهداهم اقتده استدل به من قال إن شرع من قبلنا شرع لنا فأما أصول الدين من التوحيد والإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فاتفقت فيه جميع الأمم والشرائع وأما الفروع ففيها وقع الاختلاف بين الشرائع والخلاف هل يقتدي النبي r فيها بمن قبله أم لا والهاء في اقتده للوقف فينبغي أن تسقط في الوصل ولكن من أثبتها فيه راعى ثبوتها في خط المصحف " ([44]) .
قال زين الدين العراقي : " العاشرة قد يقال إن أولاد الأولاد في ذلك كالأولاد سواء كانوا أولاد البنين أو أولاد البنات لصدق الاسم عليهم وقد يقال لا يلتحقون في ذلك بهم لأن إطلاق اسم الأولاد عليهم ليس حقيقة وقد يفرق بين أولاد البنين فيكونون كالأولاد وأولاد البنات فلا يكونون كالأولاد ،
قال الشاعر : بنونا بنو أبنائنا وبناتنا *** بنوهن أبناء الرجال الأباعد
وقد يقال ينزلون منزلتهم عند فقدهم لا مع وجودهم وقد ذكر أصحابنا الشافعية أنه لو وقف على أولاده ولم يكن له إلا أولاد ، أولاد حمل اللفظ عليهم فإن كان له أولاد وأولاد أولاد ففي دخول أولاد الأولاد ثلاثة أوجه أصحها لا يدخلون والثاني يدخلون والثالث يدخل أولاد البنين دون أولاد البنات " ([45]) .
قال ابن غانم أبو محمد البغدادي : " قال الفقيه أبو جعفر إن كان الحاضر الذي قبض الغلة هو القيم كان للغائب أن يرجع في تركة الميت بحصته من الغلة وإلا فالغلة كلها للحاضر في الحكم ولا يطيب له بل يتصدق بما قبض من حصة الغائب من الخلاصة لم يأخذ الإمام من غلة الوقف سنين ثم مات لا يورث لأن هذه صلة لم تقبض ولا يجوز أخذه للإمام الثاني وينبغي أن يصرف إلى عمارة أوقاف الإمام إذا كان ربع غلة الوقف للعمارة وثلاثة أرباعها للفقراء لم يجز للقيم أن يصرف ربع العمارة إذا استغنى عنها إلى الفقراء وأن يسترد ذلك من حصتهم في السنة الثالثة وقف على عالم بعينه ليصرف نصف غلته إلى نفسه ونصفها إلى من يختلف إليه في درسه ولم يختلف إليه أحد في السنة فصرف الكل إلى نفسه ثم ندم على صرف نصيب غيره إليه فقال هذه لقطة فتصدق بها على الفقراء كرده غلة إلى مسجد قد خرب وفي المحلة مسجد آخر ليس لأهل المحلة أن يصرفوها إليه جمد موقوف على أهل مسجد معين إذا بقي منه شيء يضيع ويذوب وغرض الواقف التصرف باستمتاع الناس لا التضييع جاز لأهل المحلة أن يأخذوه إلى بيوتهم قضى القاضي بدخول أولاد البنات في الوقف على أولاد الأولاد بعد مضي سنين لا يظهر حكمه إلا في غلة المستقبل دون ما مضى قيل أليس يستند الحكم إلى وقت الوقف فقال بلى ولكن في حق الموجود وقت الحكم وغلات تلك السنين معدومة كالحكم بفساد النكاح بغير ولي لا يظهر في الوطآت الماضية والمهر قيل أليس أن القضاء يظهر في عدم وقوع الثلاث إن كانت معدومة فقال إنما يظهر في حكمها لا فيها وهو بطلان محلية النكاح وإنما هو أمر باق بخلاف الغلة المستهلكة ولو كانت غلة السنين الماضية قائمة يستحق أولاد البنات حصتهم منها بيع قطعة من الوقف ليرم ما بقي ولا بيع البناء القديم فإن هدم المشتري البناء فللقاضي أن يضمن البائع أو المشتري فإن ضمن البائع نفذ بيعه وإن ضمن المشتري لا ينفذ ويملك المشتري البناء بالضمان ويكون الضمان للوقف لا للموقوف عليه " ([46]) .
المذهب الحنبلي
قال ابن قدامة : " إذا وقف على قوم وأولادهم وعاقبتهم ونسلهم دخل في الوقف ولد البنين بغير خلاف نعلمه فأما ولد البنات فقال الخرقي لا يدخلون فيه وقد قال أحمد فيمن وقف على ولده ما كان من ولد البنات فليس لهم فيه شيء فهذا النص يحتمل أن يعدى إلى هذه المسألة ويحتمل أن يكون مقصوراً على من وقف على ولده ولم يذكر ولد ولده وقد ذكرنا ذلك فيما تقدم وممن قال لا يدخل ولد البنات في الوقف الذي على أولاده وأولاد أولاده مالك ومحمد بن الحسن وهكذا إذا قال على ذريتهم ونسلهم وقال أبو بكر وعبد الله بن حامد يدخل فيه ولد البنات وهو مذهب الشافعي وأبي يوسف لأن البنات أولاده فأولادهن أولاد حقيقة فيجب أن يدخلوا في الوقف لتناول اللفظ لهم وقد دل على صحة هذا قول الله تعالى ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان إلى قوله وعيسى الأنعام 84 وهو من ولد بنته فجعله من ذريته وكذلك ذكر الله تعالى قصة عيسى وإبراهيم وموسى وإسماعيل وإدريس ثم قال أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل ، وعيسى معهم وقال النبي r للحسن إن ابني هذا سيد وهو ولد بنته ولما قال الله تعالى وحلائل أبنائكم دخل في التحريم حلائل أبناء البنات ولما حرم الله تعالى البنات دخل في التحريم بناتهن ووجه قول الخرقي أن الله تعالى قال يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين . فدخل فيه ولد البنين دون ولد البنات وهكذا كل موضع ذكر فيه الولد في الإرث والحجب دخل فيه ولد البنين دون ولد البنات ولأنه لو وقف على ولد رجل وقد صاروا قبيلة دخل فيه ولد البنين دون ولد البنات بالاتفاق وكذلك قبل أن يصيروا قبيلة ولأنه لو وقف على ولد العباس في عصرنا لم يدخل فيه ولد بناته فكذلك إذا وقف عليهم في حياته ولأن ولد البنات منسوبون إلى آبائهم دون أمهاتهم قال الشاعر بنونا بنو أبنائنا وبناتنا بنوهن أبناء الرجال الأباعد وقولهم إنهم أولاد أولاد حقيقة قلنا إلا أنهم لا ينسبون إلى الواقف عرفاً ولذلك لو قال أولاد أولادي المنتسبين إلي لم يدخل هؤلاء في الوقف ولأن ولد الهاشمية من غير الهاشمي ليس بهاشمي ولا ينسب إلى أبيها وأما عيسى عليه السلام فلم يكن له أب ينسب إليه فنسب إلى أمه لعدم أبيه ولذلك يقال عيسى ابن مريم وغيره إنما ينسب إلى أبيه كيحيى بن زكريا وقول النبي r إن ابني هذا سيد تجوز بغير خلاف بدليل قول الله تعالى ما كان محمد أبا أحد من رجالكم . وهذا الخلاف فيما إذا لم يوجد ما دل على تعيين أحد الأمرين فأما إن وجد ما يصرف اللفظ إلى أحدهما انصرف إليه ولو قال على أولادي وأولاد أولادي على أن لولد البنات سهما ولولد البنين سهمين أو فإذا خلت الأرض ممن يرجع نسبه إلي من قبل أب أو أم كان للمساكين أو كان البطن الأول من أولاده الموقوف عليهم كلهم بنات وأشباه هذا مما يدل على إرادة ولد البنات بالوقف دخلوا في الوقف وإن قال على أولادي وأولاد أولادي المنتسبين إلي أو غير ذوي الأرحام أو نحو ذلك لم يدخل فيه ولد البنات وإن قال على ولدي فلان وفلانة وفلانة وأولادهم دخل فيه ولد البنات وكذلك لو قال على أنه من مات منهم عن ولده فنصيبه لولده وإن قال الهاشمي وقفت على أولادي وأولاد أولادي الهاشميين لم يدخل في الوقف من أولاد بناته من كان غير هاشمي فأما من كان هاشميا من غير أولاد بنيه فهل يدخلون على وجهين أحدهما أنهم يدخلون لأنهم اجتمع فيهم الصفتان جميعا كونهم من أولاد أولاده وكونهم هاشميين والثاني لا يدخلون لأنهم لم يدخلوا في مطلق أولاد أولاده فأشبه ما لو لم يقل الهاشميين وإن قال على أولادي وأولاد أولادي ممن ينسب إلى قبيلتي فكذلك الفصل الثالث أنه إذا وقف على أولاد رجل وأولاد أولاده استوى فيه الذكر والأنثى لأنه تشريك بينهم وإطلاق التشريك يقتضي التسوية كما لو أقر لهم بشيء وكولد الأم في الميراث حين شرك الله تعالى بينهم فيه فقال فهم شركاء في الثلث النساء 12 تساووا فيه ولم يفضل بعضهم على بعض وليس كذلك في ميراث ولد الأبوين وولد الأب فإن الله تعالى قال وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين . ولا أعلم في هذا خلافا ، الفصل الرابع أنه إذا فضل بعضهم على بعض فهو على ما قال فلو قال وقفت على أولادي وأولاد أولادي على أن للذكر سهمين وللأنثى سهما أو للذكر مثل حظ الأنثيين أو على حسب ميراثهم أو على حسب فرائضهم أو بالعكس من هذا أو على أن للكبير ضعف ما للصغير أو للعامل ضعف ما للجاهل أو للعائل ضعف ما للغني أو عكس ذلك أو عين بالتفضيل واحدا معينا أو ولده أو ما أشبه هذا فهو على ما قال لأن ابتداء الوقف مفوض إليه فكذلك تفضيله وترتيبه وكذلك إن شرط إخراج بعضهم بصفة ورده بصفة مثل أن يقول من تزوج منهم فله ومن فارق فلا شيء له أو عكس ذلك أو من حفظ القرآن فله ومن نسيه فلا شيء له ومن اشتغل بالعلم فله ومن ترك فلا شيء له أو من كان على مذهب كذا فله ومن خرج منه فلا شيء له فكل هذا صحيح على ما شرط وقد روى هشام بن عروة أن الزبير جعل دوره صدقة على بنيه لا تباع ولا توهب وأن للمردودة من بناته أن تسكن غير مضرة ولا مضر بها فإن استغنت بزوج فلا حق لها في الوقف وليس هذا تعليقا للوقف بصفة بل الوقف مطلق الاستحقاق له بصفة وكل هذا مذهب الشافعي ولا نعلم فيه خلافاً ، فصل والمستحب أن يقسم الوقف على أولاده على حسب قسمة الله تعالى الميراث بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين وقال القاضي المستحب التسوية بين الذكر والأنثى لأن القصد القربة على وجه الدوام وقد استووا في القرابة ولنا إنه إيصال للمال إليهم فينبغي أن يكون بينهم على حسب الميراث كالعطية ولأن الذكر في مظنة الحاجة أكثر من الأنثى لأن كل واحد منهما في العادة يتزوج ويكون له الولد فالذكر تجب عليه نفقة امرأته وأولاده والمرأة ينفق عليها زوجها ولا يلزمها نفقة أولادها وقد فضل الله الذكر على الأنثى في الميراث على وفق هذا المعنى فيصح تعليله به ويتعدى إلى الوقف وإلى غيره من العطايا والصلات وما ذكره القاضي لا أصل له وهو ملغي بالميراث والعطية فإن خالف فسوى بين الذكر والأنثى أو فضلها عليه أو فضل بعض البنين أو بعض البنات على بعض أو خص بعضهم بالوقف دون بعض فقال أحمد في رواية محمد بن الحكم إن كان على طريق الأثرة فأكرهه وإن كان على أن بعضهم له عيال وبه حاجة يعني فلا بأس به ووجه ذلك أن الزبير خص المردودة من بناته دون المستغنية منهن بصدقته وعلى قياس قول أحمد لو خص المشتغلين بالعلم من أولاده بوقفه تحريضا لهم على طلب العلم أو ذا الدين دون الفساق أو المريض أو من له فضل من أجل فضيلته فلا بأس وقد دل على صحة هذا أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه نحل عائشة جذاذ عشرين وسقاً دون سائر ولده " ([47]) .
وقال ابن قدامة أيضاً : " مسألة قال : وإذا أوصى لولد فلان فهو للذكر والأنثى بالسوية وإن قال لبنيه فهو للذكور دون الإناث ، أما إذا أوصى لولده أو لولد فلان فإنه للذكور والإناث والخناثى لا خلاف في ذلك لأن الاسم يشمل الجميع قال الله تعالى: ) يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ( وقال تعالى : ) ما اتخذ الله من ولد ( في الذكر والأنثى جميعاً وإن قال لبني أو بني فلان فهو للذكور دون الإناث والخناثى هذا قول الجمهور وبه قال الشافعي ، وأصحاب الرأي ، وقال الحسن ، وإسحاق ، وأبو ثور ، هو للذكر والأنثى جميعاً لأنه لو أوصى لبني فلان وهم قبيلة دخل فيه الذكر والأنثى ، وقال الثوري : إن كانوا ذكوراً وإناثاً فهو بينهم وإن كن بنات لا ذكر معهن فلا شيء لهن لأنه متى اجتمع الذكور والإناث غلب لفظ التذكير ودخل فيه الإناث كلفظ المسلمين والمشركين ، ولنا إن لفظ البنين يختص الذكور قال الله تعالى : ) أصطفى البنات على البنين ( ، وقال تعالى: ) أم اتخذ مما يخلق بنات وأصفاكم بالبنين ( وقال تعالى : ) زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين( وقال تعالى : ) المال والبنون زينة الحياة الدنيا ( ، وقد أخبر أنهم لا يشتهون البنات فقال : ) ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون وإذا بشر أحدهم بالأنثى ( ، وإنما دخلوا في الاسم إذا صاروا قبيلة لأن الاسم نقل فيهم عن الحقيقة إلى العرف ولهذا تقول المرأة أنا من بني فلان إذا انتسبت إلى القبيلة ولا تقول ذلك إذا انتسبت إلى أبيها" ([48]) .
قال المرداوي : " وإن وقف على عقبه أو ولد ولده أو ذريته دخل فيه ولد البنين بلا نزاع في عقبه أو ذريته وأما إذا وقف على ولده وولد ولده فهل يشمل أولاد الولد الثاني والثالث وهلم جرا تقدم عن القاضي والمصنف والشارح وغيرهم أنه لا يشمل غير المذكورين وقوله ونقل عنه لا يدخل فيه ولد البنات إذا وقف على ولد ولده أو قال على أولاد أولادي وإن سفلوا فنص الإمام أحمد رحمه الله في رواية المروذي أن أولاد البنات لا يدخلون وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب قال في الهداية والمستوعب وإن وصى لولد ولده فقال أصحابنا لا يدخل فيه ولد البنات لأنه قال في الوقف على ولد ولده لا يدخل فيه ولد البنات قال الزركشي مفهوم كلام الخرقي أنه لا يدخل ولد البنات وهو أشهر الروايات واختاره القاضي في التعليق والجامع والشيرازي وأبو الخطاب في خلافه الصغير انتهى قال في الفروع لم يشمل ولد بناته إلا بقرينه اختاره الأكثر وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والتلخيص والفروع وصححه في تجريد العناية قال في الفائق اختاره الخرقي والقاضي وبن عقيل والشيخان يعني بهما المصنف والشيخ تقي الدين وهو ظاهر ما قدمه الحارثي ونقل عنه في الوصية يدخلون وذهب إليه بعض أصحابنا وهذا مثله قلت بل هي هنا رواية منصوصة من رواية حرب قال في القواعد ومال إليه صاحب المغنى وهي طريقة بن أبي موسى والشيرازي قال الشارح القول بأنهم يدخلون أصح وأقوى دليلا وصححه الناظم واختاره أبو الخطاب في الهداية في الوصية وصاحب الفائق وجزم به في منتخب الأدمى وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم واختاره بن عبدوس في تذكرته وأطلقهما في القواعد الفقهية وقال أبو بكر وبن حامد يدخلون في الوقف إلا أن يقول على ولد ولدى لصلبي فلا يدخلون وهي رواية ثالثة عن الإمام أحمد رحمه الله قال في المذهب فإن قال لصلبي لم يدخلوا وجها واحدا قال في المستوعب والتلخيص فإن قيد فقال لصلبي أو قال من ينتسب إلى منهم فلا خلاف في المذهب أنهم لا يدخلون وحكى القاضي عن أبي بكر وبن حامد إذا قال ولد ولدي لصلبي أنه يدخل فيه ولد بناته لصلبه لأن بنت صلبه ولده حقيقة بخلاف ولد ولدها قال الحارثي وقول الإمام أحمد رحمه الله لصلبه قد يريد به ولد البنين كما هو المراد من إيراد المصنف عن أبي بكر فلا يدخلون جعلا لولد البنين ولد الظهر وولد البنات ولد البطن فلا يكون نصا في المسألة وقد يريد به ولد البنت التي تليه فيكون نصا وهو الظاهر انتهى ، وفي المسألة قول رابع بدخول ولد بناته لصلبه دون ولد ولدهن تنبيه ما تقدم من الخلاف إنما هو فيما إذا وقف على ولد ولده أو قال على أولاد أولادي وكذا الحكم والخلاف والمذهب إذا وقف على عقبه أو ذريته كما قال المصنف عند جماهير الأصحاب وممن قال بعدم الدخول هنا أبو الخطاب والقاضي أبو الحسين وابن بكروس قاله الحارثي وقال قال مالك بالدخول في الذرية دون العقب وبه أقول وكذلك القاضي في باب الوصايا من المجرد وبن أبي موسى والشريفان أبو جعفر والزيدي وأبو الفرج الشيرازي قالوا بعدم الدخول في العقب . قال في الفروع بعد أن ذكر ولد ولده وعقبه وذريته : وعنه يشملهم غير ولد ولده ، وقال في التبصرة يشمل الذرية وأن الخلاف في ولد ولده .
تنبيهان الأول : حكى المصنف هنا عن أبي بكر وبن حامد أنهما قالا يدخلون في الوقف إلا أن يقول على ولد ولدي لصلبي وكذا حكاه عنهما أبو الخطاب في الهداية وكذا حكاه القاضي عنهما فيما حكاه صاحب المستوعب والتلخيص وحكى المصنف في المغنى والشارح والقاضي في الروايتين أن أبا بكر وبن حامد اختارا دخولهم مطلقا كالرواية الثانية وقال بن البنا في الخصال اختار بن حامد أنهم يدخلون مطلقا واختار أبو بكر يدخلون إلا أن يقول على ولد ولدي لصلبي قال الزركشي وكذا في المغنى القديم فيما أظن الثاني محل الخلاف مع عدم القرينة أما إن كان معه ما يقتضي الإخراج فلا دخول بلا خلاف قاله الأصحاب كقوله على أولادي وأولاد أولادي المنتسبين إلي ونحو ذلك وكذا إن كان في اللفظ ما يقتضي الدخول فإنهم يدخلون بلا خلاف قاله الأصحاب كقوله على أولادي وأولاد أولادي على أن لولد الإناث سهما ولولد الذكور سهمين أو على أولادي فلان وفلان وفلانة وأولادهم وإذا خلت الأرض ممن يرجع نسبه إلي من قبل أب أو أم فللمساكين أو على أن من مات منهم فنصيبه لولده ونحو ذلك ولو قال على البطن الأول من أولادي ثم على الثاني والثالث وأولادهم والبطن الأول بنات فكذلك يدخلون بلا خلاف .
فوائد الأولى : لفظ النسل كلفظ العقب والذرية في إفادة ولد الولد قريبهم وبعيدهم وكذا دخول ولد البنات وعدمه عند أكثر الأصحاب قال القاضي في المجرد لا يدخل ولد البنات كما قال في العقب وهو اختيار السامري وذكر أبو الخطاب خلافه أورده في الوصايا .
الثانية : لو قال على بني ، بني أو بني ، بني فلان فك أولاد أولادي وأولاد أولاد فلان
وأما ولد البنات فقال الحارثي ظاهر كلام الأصحاب هنا أنهم لا يدخلون مطلقا
الثالثة الحفيد يقع على ولد الابن والبنت وكذلك السبط ولد الابن والبنت الرابعة لو قال الهاشمي على أولادي وأولاد أولادي الهاشميين لم يدخل من أولاد بنته من ليس هاشميا والهاشمي منهم في دخوله وجهان ذكرهما المصنف وغيره وبناهما القاضي على الخلاف في أصل المسألة ثم قال المصنف أولاهما الدخول معللا بوجود الشرطين وصف كونه من أولاد أولاده ووصف كونه هاشمياً والوجه الثاني عدم الدخول وأطلقهما الحارثي وصاحب الفائق قال الحارثي ولو قال على أولادي وأولاد أولادي المنتسبين إلى قبيلتي فكذلك الخامسة تجدد حق الحمل بوضعه من ثمر وزرع كمشتر نقله المروذي وجزم به في المغنى والشرح والحارثي وقال ذكره الأصحاب في الأولاد وقدمه في الفروع ونقل جعفر يستحق من زرع قبل بلوغه الحصاد ومن نخل لم يؤبر فإن بلغ الزرع الحصاد أو أبر النخل لم يستحق منه شيء وقطع به في المبهج والقواعد وقال وكذلك الأصحاب صرحوا بالفرق بين المؤبر وغيره هنا منهم بن أبي موسى والقاضي وأصحابه معللين بتبعية غير المؤبر في العقد فكذا في الاستحقاق وقال في المستوعب يستحق قبل حصاده وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله : الثمرة للموجود عند التأبير أو بدو الصلاح قال في الفروع ويشبه الحمل إن قدم إلى ثغر موقوف عليه أو خرج منه إلى بلد موقوف عليه فيه نقله يعقوب وقياسه من نزل في مدرسة ونحوه وقال بن عبد القوي ولقائل أن يقول ليس كذلك لأن واقف المدرسة ونحوها جعل ريع الوقف في السنة كالجعل على اشتغال من هو في المدرسة عاما فينبغي أن يستحق بقدر عمله من السنة من ريع الوقف في السنة لئلا يفضى إلى أن يحضر الإنسان شهرا مثلا فيأخذ مغل جميع الوقف ويحضر غيره باقي السنة بعد ظهور العشرة فلا يستحق شيئا وهذا يأباه مقتضى الوقوف ومقاصدها انتهى قال الشيخ تقي الدين رحمه الله يستحق بحصته من مغله وقال من جعله كالولد فقد أخطأ قوله : وإن وقف على بنيه أو بنى فلان فهو للذكور خاصة إلا أن يكونوا قبيلة فيدخل فيه النساء دون أولادهن من غيرهم إذا لم يكونوا قبيلة وقال ذلك اختص به الذكور بلا نزاع وإن كانوا قبيلة فجزم المصنف بعدم دخول أولاد النساء من غيرهم وهو أحد الوجهين وجزم به في المغنى والشرح والوجيز وقيل بدخولهم قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق " ([49]) .
المذهب المالكي
قال ابن جزي : : وإن قال : حبست على أولادي وأولادهم فاختلف في دخول ولد البنات أيضاً وإن قال على أولادي ذكورهم وإناثهم سواء سماهم أو لم يسمهم ثم قال وعلى أعقابهم أو أولادهم فيدخل أولاد البنات وأما لفظ العقب فحكمه حكم الولد في كل ما ذكرنا وكذلك لفظ البنين وقد يختص بالذكور إلا أن يقول ذكورهم وإناثهم وأما لفظ الذرية والنسل فيدخل فيهما أولاد البنات على الأصح وأما لفظ الآل والأهل فيدخل فيه العصبة من الأولاد والبنات والأخوة والأخوات والأعمام والعمات واختلف في دخول الأخوال والخالات وأما لفظ القرابة فهو أعم فيدخل فيه كل ذي رحم من قبل الرجال والنساء محرم أو غير محرم على الأصح " ([50]) .
قال القرافي : وفي الجواهر البنون يتناول عند مالك الولد وولد الولد ذكورهم وإناثهم فإن قال : على بنيه وبني بنيه قال مالك : يدخل بناته وبنات بنيه ([51]) .
وقال : اللفظ الثامن لفظ البنين نحو على بني أو على بني ، بني فكالولد والعقب على القول بأن لفظ جميع المذكر يدخل فيه المؤنث وإلا فالذكران من بنيه وبني بنيه دون الإناث ([52]) .
وقال أيضاً : العقب والنسل والذرية والعترة والبنون وبنوا البنين كذلك نقله ابن الأعرابي وثعلب ([53]) .
قال الدسوقي : وأما لو وقف على بنيه الذكور ثم من بعدهم على بناته فتردد فيه بعض شيوخنا وأفتى بعضهم بالمنع كذا كتب شيخنا العدوي قوله : وما مشى عليه المصنف أي من بطلان الوقف وحرمة القدوم عليه أحد أقوال وهذا القول رواية ابن القاسم عن مالك في العتبية قوله : ورجح بعضهم أي وهو عياض وغيره ، قوله :وهو رأي ابن القاسم أي ورواية ابن زيادة عن مالك في المدونة واعترض على المصنف بأنه ما كان ينبغي له ترك مذهب المدونة الذي شهره عياض والمشي على غيره لا يقال ما مشى عليه المصنف رواية ابن القاسم وقد تقرر أن رواية ابن القاسم تقدم على رواية غيره لأنا نقول هذا خاص بروايته عن مالك في المدونة فهي تقدم على رواية غيره فيها وتقدم على قول ابن القاسم الذي ذكره من عنده سواء كان فيها أو في غيرها لكن قد علمت أن رواية ابن القاسم هنا عن مالك في غيرها لا فيها ورواية غيره فيها تقدم على روايته في غيرها قوله بأن الكراهة في المدونة الخ نصها ويكره لمن حبس أن يخرج البنات من تحبيسه قال أبو الحسن وابن ناجي وابن غازي : الكراهة على بابها فإن وقع ذلك مضى وقيل إنها للتحريم وعليه إذا وقع فإنه يفسخ واعلم أن في هذه المسألة وهي الوقف على البنين دون البنات أقوالاً أولها البطلان مع حرمة القدوم على ذلك ثانيها الكراهة مع الصحة والكراهة على بابها ثالثها جوازه من غير كراهة ، رابعها الفرق بين أن يحاز عنه فيمضي على ما حبسه عليه أو لا يحاز فيرده للبنين والبنات معا ، خامسها ما رواه عيسى عن ابن القاسم حرمة ذلك فإن كان الواقف حياً فسخه وجعله للذكور والإناث وإن مات مضى ، سادسها فسخ الحبس وجعله مسجداً إن لم يأب المحبس عليهم فإن أبوا لم يجز فسخه ويقر على حاله حبساً وإن كان الواقف حياً والمعتمد من هذه الأقوال ثانيها كما قال الشارح ومحل الخلاف إذا حصل الوقف على البنين دون البنات في حال الصحة وحصل الحوز قبل المانع أما لو كان الوقف في حالة المرض فباطل اتفاقاً ولو حيز لأنه عطية لوارث أو كان في حال الصحة وحصل المانع قبل الحوز فباطل اتفاقاً أيضاً ومحله أيضاً ما لم يحكم بصحته حاكم ولو مالكياً وإلا صح اتفاقاً لأن حكم الحاكم يرفع الخلاف ([54]) .
المذهب الشافعي
قال الشيرازي في المهذب : وإن وقف على البنين لم يدخل فيه الخنثى المشكل لانا لا نعلم أنه من البنين ، فإن وقف على البنات لم يدخل فيه لانا لا نعلم أنه من البنات فإن وقف على البنين والبنات ففيه وجهان أحدهما أنه لا يدخل فيه لأنه ليس من البنين ولا من البنات والثاني أنه يدخل لأنه لا يخلو من أن يكون ابناً أو بنتاً وإن أشكل علينا
فإن وقف على بني زيد لم يدخل فيه بناته فإن وقف على بني تميم وقلنا إن الوقف صحيح ففيه وجهان أحدهما لا يدخل فيه البنات لان البنين اسم للذكور حقيقة
والثاني يدخلن فيه لأنه إذا أطلق اسم القبيلة دخل فيه كل من ينسب إليها من الرجال والنساء ([55]) .
قال النووي في روضة الطالبين : الرابعة : الوقف على البنين لا يدخل فيه الخنثى وفي دخول بني البنين والبنات الأوجه الثلاثة الخامسة الوقف على البنات لا يدخل فيه الخنثى وفي بنات الأولاد الأوجه ، السادسة وقف على البنين والبنات دخل الخنثى على الأصح وقيل لا لأنه لا يعد من هؤلاء ولا من هؤلاء ، السابعة وقف على بني تميم وصححنا مثل هذا الوقف ففي دخول نسائهم وجهان أحدهما المنع كالوقف على بني زيد وأصحهما الدخول لأنه يعبر به عن القبيلة ، الثامنة وقف على أولاده وأولاد أولاده دخل فيه أولاد البنين والبنات فان قال على من ينتسب إلي من أولاد أولادي لم يدخل أولاد البنات على الصحيح ([56]) .
قال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الفقهية : لو وقف على البنين لم تدخل الإناث وإن احتمل التغليب احتمالاً ذائعاً شائعاً لأنه خلاف ظاهر اللفظ مع أنه يبعد عادة أن الإنسان يقف على ابنه دون بنته فإخراجه البنت بهذا الاحتمال فقط لظهوره مع شهادة العادة بخلافه دليل ظاهر لما قلناه وللعمل بظاهر اللفظ وإن خلى عما مر من المرجحات وظاهر لفظ الواقف هنا أن قوله الذكور بدل من المضاف إذ المضاف متى كان هو المحدث عنه تعين كون الصفة " ([57]) .
قال شمس الدين الأسيوطي : " وقوله وقفت على أولادي وأولاد أولادي يقتضي التسوية بين الكل وكذا لو زاد ما تناسلوا أو بطنا بعد بطن ولو قال على أولادي ثم على أولاد أولادي ثم على أولادهم ما تناسلوا فهو للترتيب وكذا لو قال على أولادي وأولاد أولادي وأولاد أولادي الأعلى فالأعلى أو الأول فالأول ولا يدخل أولاد الأولاد في الوقف على الأولاد في أصح الوجهين ويدخل أولاد البنات في الوقف على الذرية والنسل والعقب وأولاد الأولاد إلا أن يقول على من ينسب إلي منهم " ([58]) .
المذهب الحنفي
قال ابن عابدين في حاشيته : قوله ولو على البنين وقفاً يجعل إلخ يعني لو قال : على بني وله بنون وبنات يدخل فيه البنات لأن البنات إذا جمعن مع البنين ذكرن بلفظ التذكير([59]).
قال الطحاوي : في الرجل يوصي لبني فلان هل تدخل فيه الإناث ،
قال بشر بن الوليد عن أبي يوسف : قال أبو حنيفة : إذا أوصى بثلث ماله لبني فلان ولا ولد له لصلبه فإنه يعطي ولد ولده من قبل الرجال ولا يعطي ولد ولده من قبل البنات ، وقال في الأصل إذا أوصى لبني فلان وله بنون وبنات ومات فالوصية للذكور دون الإناث في قول أبي حنيفة وكذلك إن كان فلان حراً ولا يدخل فيه البنات ولا بنات الابن ولو قال لولد فلان دخل فيه الذكور والإناث فإن كان له ولد لصلبه فالوصية لولد الابن الذكور والإناث وليس لولد البنات شيء ، وقال أبو حنيفة : إذا قال ثلث مالي لبني فلان وله بنون وبنات فالثلث للبنين دون البنات إلا أن يكون فلان فخذا أو قبيلة تحصى فيكون للذكور والإناث وهو قول الحسن بن حي وروى يوسف بن خالد السمتي عن أبي حنيفة في رجل قال : ثلث مالي لبني فلان وله بنون وبنات أن الثلث لهم جميعا وهم فيه سواء ، وقال أبو يوسف ومحمد : الذكر والأنثى فيه سواء وهو قول عثمان البتي ، والثوري ، وروى المعافى عن الثوري إذا أوصى بثلثه لإخوة فلان فهو للذكور دون الإناث ، قال أبو جعفر : إذا كان فلان فخذاً جاز أن يقال للمرأة هي من بني فلان فدخلت في الوصية وإذا لم يكن فخذاً أو كانوا لصلبه لم يجز أن يقال للمرأة هذه من بني فلان إلا أنه إذا اجتمع الذكور والإناث جاز أن يقال هؤلاء بنو فلان فالقياس أن يدخل فيه الذكور والإناث ([60]) .
قال في الفتاوى الهندية : ولو قال : موقوفة على بني فلان وله بنون وبنات روى أبو يوسف عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه على الذكور من ولده دون الإناث وروى يوسف بن خالد السني عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنهم يدخلون جميعاً فإن كان بنو فلان قبيلة لا يحصون يكون ذلك على الذكور والإناث جميعاً في الروايات كلها كذا في فتاوى قاضي خان ([61]) .
([1]) سورة آل عمران : آية 102 .
([2]) سورة النساء : آية 1 .
([3]) سورة الأحزاب : آيتا 70 – 71 .
([4]) سورة الكهف آية (46) .
([5]) سورة آل عمران آية : (14) .
([6]) سورة الصافات آية : (149).
([7]) سورة الطور آية : (39) .
([8]) سورة الأنعام آية : (100) .
([9]) سورة النحل آية : (72) .
([10]) سورة الإسراء آية : (6) .
([11]) سورة الإسراء آية : (40) .
([12]) سورة الزخرف آية : (16) .
([13]) سورة المؤمنون آية : (55)
([14]) سورة الشعراء آية : (133) .
([15]) سورة إبراهيم آية : (35) .
([16]) سورة يوسف آية : (87) .
([17]) سورة يوسف آية : (67) .
([18]) سورة يوسف آية : (5) .
([19]) سورة هود آية : (45) .
([20]) سورة هود آية : (42) .
([21]) سورة البقرة آية : (132) .
([22]) سورة الصافات آية : (102 ).
([23]) سورة الصافات آية : (153) .
([24]) سورة البقرة آية : (132).
([25]) سورة البقرة آية : (133).
([26]) سورة لقمان آية : (17) .
([27]) سورة لقمان آية : (16) .
([28]) سورة لقمان آية : (13) .
([29]) سورة هود آية : (42) .
([30]) سورة المدثر آية : (13) .
([31]) سورة القلم آية : (14) .
([32]) سورة عبس آية : (36) .
([33]) سورة نوح آية : (12) .
([34]) سورة المعارج آية : (11) .
([35]) سورة هود آية : (45) .
([36]) سورة يوسف آية : (5) .
([37]) سورة يوسف آية : (87) .
([38]) أخرجه البخاري في كتاب الصلح ، باب قول النبي r للحسن بن علي رضي الله عنهما ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين وقوله جل ذكره فأصلحوا بينهما رقم ( 2557 ) 2 / 962 ، وفي كتاب المناقب ، باب علامات النبوة في الإسلام رقم ( 3430 ) 3 / 1328 ، وفي باب مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما رقم ( 3536 ) 3 / 1369 ، و في كتاب الفتن ، باب قول النبي r للحسن بن علي إن ابني هذا لسيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين رقم ( 6692 ) 6 / 2602 ، وأحمد رقم ( 20408 ) 5 / 37 ، ورقم ( 20466 ) 5 / 44 ، ورقم ( 20491 ) 5 / 47 ، ورقم ( 20517 ) 5 / 49 ، ورقم ( 20535 ) 5 / 51 ، وأبو داود في كتاب السنة ، باب ما يدل على ترك الكلام في الفتنة رقم ( 4662 ) 4 / 216 ، والنسائي في السنن الصغرى في كتاب الجمعة ، باب مخاطبة الإمام رعيته وهو على المنبر رقم ( 1409 ) 3 / 107 ، وفي السنن الكبرى رقم ( 1718 ) 1 / 531 ، ورقم ( 8166 ) 5 / 49 ، ورقم ( 10080 ) 6 / 71 ، ورقم ( 10082 ) 6 / 72 ، وابن حبان في صحيحه رقم ( 6964 ) 15 / 419 .
([39]) أخرجه الترمذي في كتاب المناقب ، باب مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما رقم ( 3769 ) 5 / 656 وحسنه ، وابن أبي شيبة رقم ( 32182 ) 6 / 378 ، وابن حبان رقم ( 6967 ) 15 / 422 – 423 ، والهيثمي في موارد الظمئان رقم ( 2234 ) 1 / 552 ، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي رقم ( 3769 ) 5 / 656 .
([40]) أخرجه البخاري في كتال المناقب ، باب بن أخت القوم ومولى القوم منهم رقم ( 3327 ) 3 / 1294 ، ومسلم في كتاب الزكاة ، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم رقم ( 1059 ) 2 / 735 .
([41]) نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار 6 / 140 .
([42]) أضواء البيان للشيخ محمد الأمين الشنقيطي 7 / 105- 110.
([43]) تفسير القرآن العظيم لابن كثير 2 / 156 .
([44]) التسهيل لعلوم التنزيل 2 / 15.
([45]) طرح التثريب في شرح التقريب 3 / 225 .
([46]) مجمع الضمانات لابن غانم أبي محمد البغدادي 2 / 698 – 699 .
([47]) المغني 5 / 358 – 360 .
([48]) انظر : المغني لابن قدامة 6 / 86 – 87 ، والكافي لابن قدامة 2 / 458 – 59 ، وشرح منتهى الإرادات للبهوتي 2 / 421 – 422 ، وشرح الزركشي 2 / 234 ، والروض المربع 2 / 475- 476، ومطالب أولي النهى للرحيباني 4 / 357 – 358 ، وكشف المخدرات لعبد الرحمن البعلي الحنبلي 2 / 518 .
([49]) الإنصاف للمرداوي 7 / 79 – 84 .
([50]) القوانين الفقهية ص243 .
([51]) انظر : الذخيرة للقرافي 6 / 355 - 356 .
([52]) انظر : الذخيرة للقرافي 6 / 355 - 356 .
([53]) انظر : الذخيرة للقرافي 6 / 355 - 356 .
([54]) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 4 / 79 ، ومواهب الجليل للحطاب 6 / 34 – 35 ، وبلغة السالك للصاوي 4 / 24 .
([55]) انظر : المهذب للشيرازي 1 / 444.
([56]) روضة الطالبين للنووي 5 / 336 .
([57])انظر : الفتاوى الفقهية الكبرى لابن حجر الهيتمي 3 / 268 .
([58]) جواهر العقود لشمس الدين الأسيوطي 1 / 252 .
([59]) حاشية ابن عابدين 4 / 463 .
([60]) مختصر اختلاف العلماء 5 / 43 – 44 ، 47 .
([61]) الفتاوى الهندية للشيخ نظام وجماعة من علماء الهند 2 / 375 .