البلاغة الإيجاز

د محمد الجبالي

Well-known member
إنضم
24/12/2014
المشاركات
400
مستوى التفاعل
48
النقاط
28
الإقامة
مصر
البلاغة الإيجاز:

تكلم بعض الأخوة في مجلسٍ فأطال من غير حاجة، وزاد في التفاصيل من غير داع.
فقال أحدنا مُعَرِّضًا به: نصف البلاغة في الإيجاز.
فقلت: بل إن البلاغة الإيجاز.
فقال: وأين باقي فروع البلاغة، التشبيهات والاستعارات والكنايات؟!
فقلت: إن هذه ألوان بيانية تخدم المعاني، والألفاظ وعاء المعاني، هي أيضا الثوب الذي تطلع علينا فيه المعاني، وهي الوشاح الذي تتزَيَّن به الصور والألوان البيانية.

فقال: كيف ذلك؟ وَضِّح.

قلت: إن المعنى الجليل إذا سيق في لفظ بديع، من غير زيادة أو تقصير، مع تجميله بصورة شائقة ذات بريق، فذاك عين البلاغة.
وقد يحتاج المقام للإطناب فإن أوجز المتكلم فليس ببليغ،
وإن أطال بغير فائدة ولا إمتاع وتشويق مَلَّ المستمع وضَجَر.
فالبلاغة بحسب المقام، فمَن أطال في موطن القصر فقد أضْجَرَ وأمَلّ،
ومن قَصَر في موطن الإطناب فقد أخَلَّ وزلّ.

وصدق القائل:
خير الكلام ما قَلَّ ودَلّ.

وقد قيل عن البلاغة:
قليل يُفهم وكثير لا يُسأَم.
وقال آخر: معان كثيرة في ألفاظ قليلة.
وقيل لأحدهم: ما البلاغة؟
فقال: إصابة المعنى وحسن الإيجاز.
وقال بعض الأعراب عن أبلغ الناس: أسهلهم لفظَا، وأحسنهم بديهةً.
وقال خلف الأحمر: البلاغة لمحة دالة.
وقال الخليل بن أحمد:
البلاغة كلمة تكشف عن البقية.
وقال المفضل الضبي: قلت لإعرابي: ما البلاغة عندكم؟
فقال: الإيجاز من غير عجز، والإطناب من غير خطل.

والله أعلم
د. محمد الجبالي
 
عودة
أعلى