البرنامج العلمي التأصيلي في علم التجويد (شرح تُحفة الأطفال - الدرس الأول)

ضيف الله الشمراني

ملتقى القراءات والتجويد
إنضم
30/11/2007
المشاركات
1,508
مستوى التفاعل
3
النقاط
38
الإقامة
المدينة المنورة
بسم1
الأحد 2 ربيع الثاني 1435

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.
أما بعدُ؛ فهذا الدرس الأول من دروس التجويد في شرح متن تحفة الأطفال، ضمن البرنامج العلمي التأصيلي في علم التجويد، الذي طرحتُ فكرته في مواقع التواصل الاجتماعي (تويتر) وقد قصدتُ بهذا الطرح تدارس هذا النظم المبارك مع الإخوة الكرام، والأخوات الكريمات، وسأحاول فيه –إن شاء الله- تيسير هذه المنظومة، وتسهيل معاني أبياتها -قدر الطاقة- لتكون في متناوَل المبتدئين من طلاب هذا العلم، سائلاً الله أن يُبَارَك في الوقت والجهد، ويعين على إتمام هذا البرنامج بمنّه وكَرَمه.
وقبل الدخول في شرح النظم لا بد من ذكر مُقَدِّمات، فدونكها يا طالب العلم:
المقدّمة الأولى: اسم الكتاب، وتحقيق نسبته لناظمه:
اسم هذه النظم: اسم هذا النظم : "تحفة الأطفال"، هكذا سمّاه ناظمه، فقال في البيت الرابع:
سمّيته بتحفة الأطفالِ.
وقال في شرحه: أي: «سمّيتُ هذا النظم بـ"تحفة الأطفال».
ولكن جاء في مقدّمة الشيخ علي الضبّاع تسمية النظم بـ"التحفة الجمزورية في تجويد كلام رب البرية" حيث قال: «هذه كلمات يسيرة تشتمل على فوائد غزيرة، ألّفتُها شرحًا على التحفة الجمزورية في تجويد كلام ربّ البريّة»ا.هـ. ويظهر لي أن الشيخ لم يقصد عنونة النظم بهذا، فإنه قال بعد ذلك: «وسميتُها مِنْحَة ذي الجَلال في شرح تُحفة الأطفال».
وفي معجم المؤلِّفين لكحالة 4/257: «من تصانيفه: تحفة الاطفال في تجويد القرآن».
واشتهر اسم هذه المنظومة عند بعض طلاب العلم بـ"تُحفة الأطفال والغِلْمان في تجويد القرآن"، واختار هذه التسمية الأستاذ محمد فلاح المطيري في: "الإحكام في ضبط المقدمة الجزرية وتحفة الأطفال"، والدكتور أشرف طلعت في تحقيقه للمتن وشرحه له، وغيرهما، ولم يذكروا مستندا لهذا الاختيار، والصحيح ما اختاره الناظم، فيكون اسم النظم: "تحفة الأطفال".
وأما نسبة تحفة الأطفال لناظمها الشيخ الجمزوري؛ فمجمَع عليها، بل هي أشهر تصانيفه على الإطلاق، ولا خلاف في ذلك بين العلماء والباحثين.
المقدمة الثانية: ترجمة الناظم:
هو الشيخ العلامة سليمان بن حسين بن محمد بن شَلَبي الجَمْزُوْريّ الشافعي.
ولد في ربيع الأول سنة بضع وستين بعد المئة والألف بـ(طَنْدتا)، وهو اسم قديم لما يُعرَف الآن بـ(طَنْطا).
تلّقى القرآن والقراءات عن الشيخ علي بن عمر بن أحمد بن عمر بن ناجي المِيْهِي الكبير، الأحمدي الشافعي، الشهير بالنور الميهي، ولقّبه شيخه مجاهد الأحمدي بــ(الأفندي)، وهي كلمة تركية يٌشار بها للتعظيم، إلا أنهم يستعملون بالميم بدل الياء غالبًا كما أفاد الضبّاع.
والجَمزروي: نسبة إلى جَمزور، قال محمد الميهي: «بلدة معروفة بإقليم المنوفية».
مؤلفاته:
1. تحفة الأطفال. طُبع مرارًا، وأجود طبعاته بتحقيق الشيخ محمد فلاح المطيري.
2. فتح الأقفال بشرح تحفة الأطفال. طُبع بتحقيق عبد العزيز الجربوع، ثم طُبع بتحقيق: أحمد بن إسماعيل.
3. كنز المعاني بتحرير حرز الأماني. وهي منظومة في تحريرات الشاطبية.
4. الفتح الرحماني شرح كنز المعاني بتحرير حِرْز الأماني. حققه الشيخ عبد الرازق موسى –رحمه الله-.
5. جامع المسرّة في شواهد الشاطبية والدرة. مخطوط.
6. نظم في رواية ورش. مخطوط
وفاته:
لم تُعرَف تحديدًا سنة وفاة الناظم، لكنه كان حيًّا سنة 1213هـ، وهي السنة التي انتهى فيها من تأليف كتابه:"جامع المسرة..."، وأورد الأستاذ محمد المطيري نصًا عن الهوريني في "المطالع النصرية" قد يُفهَم منه أنه كان حيًّا سنة 1227هـ، والله أعلم بالصواب.

المقدمة الثالثة: شروح النظم:
لهذا النظم شروح كثيرة، منها:
1. فتح الأقفال شرح تحفة الأطفال، للناظم سليمان الجمزوري.
2. فتح الملك المتعال بشرح تحفة الأطفال، لمحمد بن نور الدين الميهي(ت؟). مطبوع بتحقيق: جمال رفاعي
3. هداية المتعال بشرح تحفة الأطفال، لأحمد بن أحمد مقيبل الصافي الشاذلي المالكي (ت بعد 1254هـ). مخطوط.
4. حواش على تحفة الأطفال، لأبي عيد رضوان المخللاتي (ت1311هـ).مخطوط
5. شرح تحفة الأطفال، لمحمود رفاعة الطهطاوي (ت بعد 1370هـ).مطبوع
6. أقرب الأقوال على فتح الأقفال شرح تحفة الأطفال، لعلي بن محمد الضبّاع(1386هـ).مطبوع
7. منحة ذي الجلال في شرح تحفة الأطفال، للضباع. مطبوع
8. حاشية على تحفة الأطفال، للضباع.
9. تقريب المنال بشرح تحفة الأطفال، لحسن حسن دمشقية (ت1413هـ). مطبوع.
ثم كثرت الشروح بعد ذلك، وجلّها إما مختصر لا يفي بمراد الناظم، أو لا يُعنى بالربط بين النظم والشرح.

وبعدُ؛ فهذا أوان الشروع في الكلام على مقدِّمة الناظم، والله الموفِّق.
قال الناظم رحمه الله: (بسم الله الرحمن الرحيم).
ابتدأ الناظم –رحمه الله- هذا النظم المُبارَك بالبسملة اقتداءً بالقرآن الكريم، وعملًا بالأحاديث الواردة في ذلك، وجَريًا على عادة المصنِّفين في استفتاح مصنّفاتهم بالبسملة.
قال الناظم رحمه الله:

يـقـول راجي رحمة الغفور = دوما سليمان هو الجمزوري
الحــمد لله مـصـلـيا عـلى = محمد وآله ومَن تلا
وبـعـد هـذا النظم للـمريد = في النون والتنوين والمدود
سـمــيتُـه بـتـحفة الأطفال = عن شيخنا الميهي ذي الكمال


[align=justify]

التعليق: يهمّنا في هذه المقدِّمة أمور:
الأول: فيها إثبات نسبة هذا النظم للشيخ سليمان الجمزوري رحمه الله.
الثاني: بدأ الناظم بالحمدلة بعد البسملة، ويُقال في الحمدلة ما قيل في البسملة.
والابتداء نوعان عند العلماء: ابتداء حقيقي، ويكون بالبسملة، وابتداء إضافي، ويكون بالحمدلة.
الثالث: الواو في قوله: (وبعد) نائبة عن (أمّا)، والأصل أن يقترن جوابها بالفاء، فتكون: وبعد فهذا النظم للمريد، لكنَّ ضرورةَ النظم ألجأت الناظم إلى ترك ذلك، أويُقال: إن اقتران الجواب بالفاء بجواب (أمّا) = غير لازم، فقد جاء في صحيح البخاري قوله صلى الله عليه وسلم: "أَمَّا بَعْدُ: مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ".
الرابع: ذكر الناظم أن هذا النظم للمُريد، أي: الطالب. فيُفهَم من ذلك أنه سراج للمبتدي، وتذكار للمنتهي.
الخامس: ذكر الناظم أن موضوع هذا النظم: النون والتنوين والمدود.
والملاحَظ أن النظم يشمل ما ذُكر وغيره، فلِمَ اقتصر على النون والتنوين والمدود؟
يُجاب عن ذلك: بأن الناظم اقتصر على هذه الأبواب اختصارًا، ولذلك قال في شرحه: "وغير ذلك من أحكام الميم الساكنة، ولام التعريف، ولام الأفعال".
السادس: سمّى الناظم نَظْمه هذا بـــ(تُحْفة الأطفال)، وفي المُراد بالأطفال هنا معنيان:
المعنى الأول: جمع طِفْل، وهو الصغير الذي لم يبلغ الحُلُم.
المعنى الثاني: المبتدئون في العلم، وإن كانوا كهولاً أو شيوخًا.
ويصحُّ حَمل الأطفال هُنا على المعنيين؛ إذ الأصل أن يطلب المرء مبادئ العلم وهو طفل، ومَنْ ابتدأ طلب العلم بعد طفولته فهو في منزلة الطفل من حيث الرتبة العلمية، فالدرجة العلمية لا تُقاس بسنٍّ، ولا شهادة، ولا بعدد السنوات التي أمضاها الإنسان في مرحلة الطلب، بل بقدر الحصيلة العِلْمية.
ومِنْ فَرْط تواضع الناظم –رحمه الله- قوله: والـمُراد: الأطفال مثلي في هذا الفن!
السابع: قول الناظم رحمه الله: (عن شيخنا الميهي ذي الكمال) = يحتمل معنيين:
المعنى الأول: أن الناظم أخذ تسمية النظم بــ(تحفة الأطفال) من شيخه المِيهيّ.
المعنى الثاني: أن الناظم تلقّى الأحكام التي تضمّنها هذا النظم عن شيخه الميهي.ِ
الثامن: المِيهِيّ شيخ الناظم هو: الشيخ نور الدين علي بن علي بن حَمـَد بن عمر بن ناجي بن فُـنـَـيْش الـمِيهِي.
ولد سنة 1139هـ ببلدة يُقال لها: (الـمِيْه) بجوار شبين الكُوم بإقليم المنوفيّة، وقرأ بها القرآن، ثم رَحَل منها إلى الأزهر، واشتغل فيه بالعلم مُدّة، ثم رَحَل منه إلى طندتا (طنطا) فأقام بجامعها الأحمدي مشتغلاً بالعلوم والقراءات تدريسًا وسماعًا حتى توفي –رحمه الله- سنة 1204هـ.
هذه خلاصة ماجاء في هذه المُقَدِّمة، وقد قصدتُ ترك الكلام على ما يشغل الطالب عن مقصود المتن، ويصرفه عن العلم، ويصدّه عن متابعة تحصيله؛ مما يشتغل به كثير من الشُرّاح، ويطيلون به الكلام في مُقدِّمات شروح المتون، والله المستعان.

[/align]

وكَتب: أبو داود، ضيف الله بن محمد الشمراني
مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم
 
عودة
أعلى