المطلب الثاني
الفرع الأول
اسم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صراحة بدون تأويل mahamadem
في كتاب نشيد الأناشيد الذي ينسب لسليمان بن داوود عليهما السلام، نلاحظ في الجزء الخامس أنه يصف رجلاً يقول اليهود أنه سليمان بينما يقول النصارى أنه المسيح. و المتكلم مجهول لكنه يبدو لنا أنه أنثى. و يرجح اليهود أن المتكلم هو زوجة سليمان المسماة شولميث و أنها تصف سليمان نفسه. على أن النصارى لديهم أدلة قوية على أن الخطاب هو للمسيح عيسى بن مريم. فإن كان هذا صحيحاً فإننا أمام نبوءة برسول جديد لم يلد بعد.
فطالما أن الجزء الخامس من كتاب نشيد الأناشيد يتحدث عن نبي يخرج في المستقبل فهو بلا شك يتحدث عن محمد عليه أتم الصلاة و التسليم.
جاء اسمه صريحاً في نشيد الإنشاد الإصحاح 5 :16
[ 16حَلْقُهُ حَلاَوَةٌ وَكُلُّهُ مُشْتَهَيَاتٌ. هَذَا حَبِيبِي وَهَذَا خَلِيلِي يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ.].
والترجمة الإنجليزية للنص كالآتي:
16 His mouth is most sweet: yea, he is altogether lovely. This is my beloved, and this is my friend, O daughters of Jerusalem.
في حين أن المعنى العبري الأصلي لكلمة مشهيات هو " محمد"
إن النص على الرغم من تشويهه بأنه غزل فاحش بزيء ولا يشرفنا أن يقحم اسم نبينا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه إلا أنها بضاعتهم المزجاة نردها إليهم . ففيه نبؤه حقيقة بسيد الخلق سيدنا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فالنص العبري:
" חכו ממתקים וכלו מחמדים זה דודי וזה רעי בנות ירושלם. "
" هكّو ممتكّيم وُ ـ كهلّو مَحَمَدّيم زِهْ دودي وُ ـ زِهْ رُعي بنوث ـ يوروشلايم ".
“Hikko mamtaqqim we-khullo Mahamaddim zeh dodi we-zeh re’I benoth-yerushalayi”
والترجمة الحرفية هكذا:
[ 16فَمُهُ عَذْبٌ، نعم إِنَّهُ مَحَمَد. هَذَا هُوَحَبِيبِي وَهَذَا هُوَ صَدِيْقٍي يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ].
لا شك بأنها تفتقر للحقيقة إذ أن المعنى اللغوي للترجمة هي :" كلامه أحسن الكلام, إنّه محمّد العظيم. هذا هو حبيبي, وهذا هو صديقي (أو خليلي) , يا بنات أورشليم."
لا حظ " هكّو ممتكيم חכו ממתקים " .. فكلمة [ هكّو חכו ] هي من الجذر [ هَكه ] أو [ هَنَكه] ....أو كلام..
ومعنى هذين الجذرين هو :
( داخل الفم أو حنك أو سقف الحلق أو حاسة التذوق أو لسان أو لغة ).
هذا من الناحية اللغوية , أمّا من الناحية الاصطلاحية في الكتاب المقدس فإنّ الفم والحنك واللغة كلّها تعني الكلام المنطوق .
إن الياء والميم في "ممتكيم ממתקים " هما للتفخيم والتعظيم، وهو ما يظهر من التراجم الانجليزية نفسها.
وعليه فمعنى المقطع الأول إذن ليس : " فَمُهُ عَذْبٌ " ..بل " كلامه أحسن الكلام ".
كما أن الترجمة العربية للنص العبري التالي:
" חכו ממתקים וכלו מחמדים זה דודי וזה רעי בנות ירושלם. "
هي :[ فَمُهُ عَذْبٌ، نعم: إِنَّهُ مَحَمَد. هَذَا هُوَحَبِيبِي وَهَذَا هُوَ صَدِيْقٍي يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ].
( فكلو محماديم וכלו מחמדים ) الواردة في النص تعني " محمد العظيم".
لا حظ أن الكلمة الواردة هي מחמד - مَحمَد (بتسكين الميم )، وتلفظ بهذا النحو - مَحمَاد ـ مع زيادة ים ـ يم للجمع ـ فلماذا وجد حرف الميم في بداية الكلمة ؟. لا شيء إلا أن المقصود هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
" חכו מתוק ונעים כממתקים, וכולו נחמד כתמרים. כך הוא דוגמאות רעי בנות ירושלים, ועל כן אני חולת אהבה. והן משיבות לה אחרי אשר שמעו את שמע שבחו " .
وهذا نص الجملة بالعبرية :-
"Hikow mamtaqiym wkulow mahamadem zeh dowdiy wzeh ree`iy bnowt yruushaalaaim."
لاحظوا " mahamadem מחמדים محمدم " ؟؟؟.
راجع: See Kohelenberger Interlinear Hebrew-English Old Testament.
إن المقطع رقم 16 يحتوي على الكلمة العبرية مَحَمَد " מחמד فهل هي مصادفة أن يكون اسم الشخص الذي تنبأ عنه النص كاسم النبي العربي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟.
إن الكلمة العبرية ( مَحْمَد ) מחמד تتألّف من الحروف العبرية الأربعة:
( ميمמ – حيتח – ميم מ– دالت ד).
وهي نفس الأحرف العربية ( ميم – حاء – ميم – دال ).
إن الفرق بين كلمة " مَحَمَد " [ mahmad מחמד ] وكلمة " مُحّمَّد " [ Muhammad מחמד ] لم يكن موجودًا في العبرية القديمة، و إضافة التشكيل للغة العبرية و بالتالي للإسرائيليات إنما تم في القرن الثامن الميلادي، فمن المحتمل أن يكون الحاخام الذي قام بتشكيل نشيد الأناشيد قد أخطأ في هذه الكلمة.
وكلمة مُحّمَّد في العربية والعبرية لها معني واحد هو صيغة التفضيل من الرجل المحمود. أمّا كلمة مَحَمَد فإنَّ لها حسب قاموس " بن يهوذا " أربعة معاني هي:
( المحبوب – المُشتهي – النفيس - المُحّمَّد )، وبالطبع فإنَّ المترجمين للكتاب المقدّس يميلون لاختيار أوّل ثلاث كلمات لإبعاد القارئ المسيحي عن الكلمة الحقيقية.
و إذا أردنا أن نكون واقعيين أكثر فإن هذا اليهودي قد غير التشكيل من مُحُمَّد إلى مَحَمَد ليمعن في إبعاد النصارى عن الإسلام الذي كان قد انتشر قبل قرن من إضافة التشكيل للإسرائيليات.
إن أي رجل يؤمن بأن العهد القديم هو وحي من عند الله فعليه أن يؤمن بأن الجزء الخامس من نشيد الأناشيد كان يتحدث عن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وأن اليهود يعرفون ذلك حتى اليوم لكنهم يخفونه عن الناس.
يقول الله القدوس عن هؤلاء في سورة البقرة:[ الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (147)] البقرة: ١٤٦ - ١٤٧
و لسوف يدهش علماء النصارى حينما يعلمون ما هو مكتوب في التوراة من سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وكأننا نقرأ في سيرة ابن هشام.