الانتصار للقران والذب عن الفرقان ببيان ما لن ياتي به انس ولا جان......متجدد

إنضم
20/10/2015
المشاركات
155
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
الاردن
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين


والصلاة والسلام على محمد النبي الامي الامين


اشهد ان لا اله الا الله رفيع الدرجات له الحمد بيده ملكوت كل شيء سبحانه عظيم الشان ذو العرش بديع السماوات والارض لا اله الا هو خالق كل شيء انما امره ان يقول كن فيكون واشهد ان محمد عبده ورسوله بلغ الرسالة تمام البلاغ وادى الامانة على خير وجه اداها حامل لها اشهدها شاكرا شهادة المتحقق المتيقن فالحمد لله رب العالمين.

قال تعالى في كتابه الحكيم

لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (25) الحديد 75


وقال تعالى


وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (54) وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ (55) الحج 22

وقال تعالى

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (52) سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53) أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54
)الاحقاف 46

صدق الله العظيم



في البدايه اوجه التحية الى العلماء الافاضل و جل الكرام القائمين على هذا الملتقى المبارك وعلى الزملاء الاحباء فالسلام عليكم ورحمة الله.


لقد اثرت ان تكون اول مشاركاتي في ملتقى الانتصار للقران الكريم رغم ان سبب تسجيلي هو عرض بعض لطائف وعجائب الكتاب الفصل من فضل الله علي بين ايديكم لكن الانتصار للقران والذب عن الفرقان خير واحسن مآلا فارى الاستعجال به واحب ان انوه انني لست ذلك المتابع لاعمال الاستشراق والتبشير و الردود عليها وارى ان كثيرا منكم هنا ذلك ...لكن التمس منكم ان يكون بينكم بعض الفسحة لامثالي يحاولون جهدهم بذلك القليل الذي ملكوه.

بما انني رجل قانون لاحظت عند استعراضي لبعض ما في الملتقى و القليل الذي سبق واطلعت عليه من الكتب والمقالات ان محاولات المستشرقين الضئيله في الرد على البيان العظيم للقران الكريم تكاد تنحصر فيما سبقهم اليه سلف المكذبين في عصر الجاهليه فهم يدورون دائرتهم مع تطور الشكل لا المضمون بين جعل القران مجرد عمل ادبي كقول من سبقهم شاعر او جعله كهانه و سجع لا يفهم او جعله ارث من سبق ...تصرف لهم الايات فيقولون درس وبين ان يلتفتون عن محكمه الى متشابهه ليجعلوه مختلفا ولو كان من عند غير الله لوجدوا به اختلافا كثيرا فسبحان من انزل القران و علم الامي الامين البيان صلى الله عليه وسلم وارى الموقع الالكتروني التالي يلخص تلك الترهات باحتراف.

القرآن ليس معجزة؛ مشاكل لغوية، علمية، وتاريخية؛ متناقضات؛ نسخ؛ ووحي شيطاني

مع العلم ان ردودنا في هذا المجال ليست نابعه من الحاجه الى الرد عليهم ولكنها نابعه من قدسية الكتاب و الدين الحنيف فترنا نلتفت لصغائرهم التي جائوا بها ندفعها تقديسا لكلام الله, فالكتاب بحد ذاته ينطق بخير الرد على خير وجه بدون الحاجة لاحد للانتصار له بل نحن من ننصر به.

كما انني قد لاحظت ان كثيرا من الردود عليهم تنصب على الادله التفصيليه التي ربما قد اصابوا بها لكنهم جعلوها دليلا لما توهموه بغير دليل ولا قرينة تعتبر....فتراهم يعتقدون ان اثبات وجود شيء يثبت حقيقة شيء اخر بالضروره و بغير دليل فهم اتخذوا حجة ما يحتاج ادلة لاثبات صحة الربط بينه وبين زعمهم الاساسي ومغزاهم وهو الزعم ان القران قول بشر و بالتحدث بصفتي قانوني ارى ان يكون انصباب الردود عليهم من حيث عدم صحة اعتبارها ادله او قرائن بدون اثبات الارتباط بينها وبين دعواهم الاساسيه بشكل قطعي لا يحتمل وجها اخر ; فالوقائع تثبتها وقائع اخرى تتصل بها بشكل محكم وبين لا بشكل احتمالي كما جميع ادلتهم وقرائنهم.

هم احسنوا الصنيع عندما انصب غالب جهدهم على دراسة القران الكريم فهو المنطلق الوحيد لثبوت صدق النبي اوعدمه لكنهم درسوه بمنهجية تجريم المتهم سالفا وسعي تكذيبه وهو مما لا يجوز فالمتهم بريء حتى ثبوت الادانه وهذا الانحياز واضح جدا بسبب تمسكهم بما يحتمل غيره واعتبارها ادله وقران فلم يدرسوه دراسة المتحققين بل دراسة المغرضين الملفقين فتراهم وقعوا بكثير من المغالطات والتخرصات التي من السهل على غير المتخصصين من امثالي ردها بكل ثقه.

على سبيل المثال هم انكبوا على اثبات وجود اتصال بين القران و لغات اخرى يريدون بذلك انه ليس وحيا بل مجرد تراكم عدة ثقافات ومزيج لها فهم استدلوا على وجود هذا الاتصال بشكل قوي ولكنهم استدلوا بالواهيات للربط بينها وبين مزاعمهم بل نحن نرى من علماء التفسير المسلمين من وجد رابطا بين الثقافات الاخرى والقران الكريم ولم تشكل اي عقبه امام ايمانهم به بل زادهم ذلك ايمانا

اذا هم اثبتوا تلك الواقعه لكنهم استدلوا وهما ان ذلك يعني بالضرورة كذب النبي متجاهلين ان القران نفسه يقرر انه من ذات السراج الذي سرج مكارم الاخلاق في المجتمعات البشريه على مر الزمن فتراهم اتخذوا هذه القرائن الواهيه دليلا بغير حق مع انها في الوجه الاخر والاحتمال الاخر ايات صرفت لهم.


حسنا... من لم يقبل ادلتهم او قصر علمه عن التمكن من التحقق عليه بسبل اخرى بحيث تبطل الروابط بين ما اثبتوه وبين زعمهم فالله تعالى يعلمنا في القران الكريم احد سبل المحاججه العقليه الصرفه وهي الانجع مع القوم بنظري بل امر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك النوع من الجدال فارى اتباعه.

وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُورًا (41) قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا (42) سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا (43) تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44) وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا (45) وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا (46) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (47) انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا (48) الاسراء 17

بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (18) وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ (19) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (20) أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ (21) لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (22)الانبياء 21


فهي القفز عن الخوض بشتت الحق من اقوالهم الى صلب الباطل الذي ارادوه وزعموه وهو التسليم جدلا; با
ن لو كان حقا كذا لكان ذلك الباطل.

فسبحان من قال
((
قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88))) الاسراء 17


فنقول على فرض التسليم بوجود ارث ثقافي من ثقافات الامم السابقه لو صح ما سبق من المثال لكان الاولى بالعرب المشركين وغيرهم من اهل ذاك الزمن الاعتذار بذلك فحيرتهم و تخبطهم بين شاعر وكاهن مجنون وساحر او دارس تكفي لعدم وجود هذا العذر فلو كان النبي الامي من الدرسه لكان تركيز من سبق من المكذبين على هذا الامر بالضروره الا لو اجتمع الغباء على اغلبهم ولو افترضنا تواطئ العرب وقريش خاصه لاحداث ملك لما كانت تلك الحروب والغزوات الطاحنه فحيث لم ينقل عنهم ذلك باي مرحله بما يعتبر من النقل مع العلم ان شهادة كلى الطرفين مجروحة بالنسبة للبعضهم فلا يمكن بتاتا اثبات تلك الوقائع وحيث ان الحكم والقاضي يجب ان يكون غير ذي صلة او مصلحه وجب ان يكون العلم هو القاضي والحكم والعلم هنا ....اقصد به العلوم التي لا تدع مجالا للانكار ومن الجدير بالذكر ان العلوم التي ينطبق عليها هذا الوصف في عصرنا هي العلوم التجريبيه من فزياء وكيمياء وجيولوجيا الخ... فهي ما برع به اهل هذا الزمان وهي ما يجب ان يكون الحكم بينهم .

ومن الجدير بالذكر ان العلوم القانونيه الوضعيه تطورت في شان البينه والاثبات الى الاعتبار بمن يستدل خبرة بالقرائن يسمى شاهدا وهذا ما تقرره سالفا سورة يوسف 12 الايه 26 ((
وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ))فهذا مما اتعجب منه وهو من العلامات مع العلم رفض ساداتنا الفقهاء الى اليوم اعتبار خبرة الاطباء والمختبرات الطبيه شهاده في موضوع اثبات النسب وقصرهم الشهادة على الادراك رؤية وسماع.

فمن هذا المنطلق ادعوا ان تكون الردود على المكذبين من هذا الباب من باب الاعجاز وخصوصا الاعجاز العلمي للقران والسنه متلافين الخوض بشتاتهم فهي خير وسيلة الان لبيان الحجه القائمة عليهم بان ياتوا بمثل هذا الكتاب لو كانوا صادقين.

ومن هذا المنطلق ايضا ادعوا لجعل هذا الموضوع متجددا بما يزخر كتاب الله من الايات والبينات التي اعجزتنا بما برعنا به في هذا العصر وابدأ بنقل مع قليل التصرف عن الاستاذ الدكتور زعلول النجار حفظه الله وجزاه خيرا فهو ممن برع بهذا الجانب كونه من اهل العلوم التجريبيه وقد تشرفت بدراسة مادة الاعجاز العلمي على يديه فوالله لقد برع واقنع وازداد الايمان بسببه.

فاختار من قوله تعالى الايات الكريمه التاليه:

أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (30) الانبياء21
ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فصلت41

https://www.youtube.com/watch?v=HWFERd0L0aw


فكما نرى هنا الايات الكريمه تخبر قبل مئات السنين بكيفية بدء خلق الكون وتخص الذين كفروا برؤية ذلك وذلك والله من الانباء بالغيب
فالاخبار بكون الكون كان رتقا ففتق وكان دخانا فسماء فيوسع وبكون الكافرين مختصين برؤية ذلك يكفي للايمان بكل ما جاء به القران من محكم ومتشابه والشهادة لمحمد صلى الله عليه وسلم بالنبوه.

فمن كان يعلم هذا قبل 1400 سنه بل من كان ليصدف مثل هذا بل من كان ليفتري مثله وليأتونا بصدف مثلها وافترائات لو كانوا صادقين.
 
حياك الله أخي خلدون الحسيني في الملتقى، وملتقى الانتصار للقرآن على وجه الخصوص..
ونرحب بك وبمشاركاتك النافعة..
وبإمكانك توظيف تخصصك القانون فيما يخدم القرآن وينتصر له، وهذا ما ظهر في أول مشاركة لك. فمرحباً بك،،
 
حياك الله أخي خلدون الحسيني في الملتقى، وملتقى الانتصار للقرآن على وجه الخصوص..
ونرحب بك وبمشاركاتك النافعة..
وبإمكانك توظيف تخصصك القانون فيما يخدم القرآن وينتصر له، وهذا ما ظهر في أول مشاركة لك. فمرحباً بك،،

وحياك الله وحفظك سيدي الفاضل
شكرا لحسن ترحيبك و دفعك المعنوي هذا فهو مما يشرفني
واسال الله العون ان يشرفنا بخدمة دينه جميعا
لك ولجميع القائمين على هذا الملتقى وافر الاحترام والشكر ...جزاكم الله خيرا.
 
قال تعالى :

((وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا ﴿30﴾ أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا ﴿31﴾ (النازعات 79)

النازعات سورة منذرة بامتياز استهلت بقسم متعدد حمل تعظيم موضوعها
فكان هذا مهولا له بانفسنا
ليرتقي بنا الى هول الخطب الجلل من امر الساعة
فكانت مناسبة لتلوها النبا العظيم ثم تلت علينا بعيض احوال المكذبين بالحق
استهلت بالقسم وقرنته بتشكيك المرتابين بما لا ريب به
ثم اتبعته ضرب المثل بالغابرين منهم
وذلك بعد زجرهم فوقع المثال على اسوئهم مثلا
ذلك المنكل به الضعيف الدني الذي كذب بالاية الكبرى
الذي ادعى ربوبية العالي العظيم
فكان خزيه انه اضعف خلقا مما علاه وما اقله من الخلق
وحملت السورة حجة بالغه واية كبرى
بانها ارسلت منذرة من العظيم بديع السماوات والارض
فكانت نذارة لا مناص من وقوع نذرها على المكذبين
بحجج صدق لا ينكرها الا من استحق وقوع النذر عليه

فهذه السورة اخبرتنا بنبأ منذ اكثر من 14 قرنا ما كان لبشر ان يخبر به حيث ان المحصول البشري من العلوم التجريبيه او الماديه كان لا يزال ضحلا فمن هنا وجب العلم انه نبأ العليم الخبير بخلقه حينما قال جل وعلا :((وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا ﴿30﴾ أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا )) فمن حيث ظلت هذه الايات تفسر بماثور الاكارم جزاهم الله خيرا عما جهدوه بما بلغوه من العلم بانها تعني العيون المتفجره من باطن الارض فقد حصر مبلغهم من العلم في هذا الشان كلمات هذه الايه في الينابيع مع انها طبقا لما بلغ العلم البشري في يومنا تنطبق حرفيا بحذافيرها و سياقاتها ومناسباتها ببلاغة وايجاز منقطع النظير الى ما توصلوا اليه من ان اصل ماء الارض من ذات الارض فهو جميعه منها .

فقد توصل علم الجيولوجيا الى ان الماء يستمر بخروجه من باطن الارض بفعل البراكين الى يومنا هذا والتي تقول احدى نظرياته التي تحمل ارجح الشواهد ان اصل ماء الارض من باطنها و ان البراكين وخروج حمم باطن الارض كانت الطريقه في تكون قشرة الارض وهذا ما تفيده معاني كلمة الدحو كما ان علوم الاحياء تؤكد ان ثاني اكسيد الكربون هو غذاء اساسي لنباتات الارض جميعها وبالاضافة لبخار الماء يخرج من باطن الارض ثاني اكسيد الكربون بالاضافه الى المواد الاخرى كما انه جدير بالذكر ان قشرة الارض لا زالت تتكون و تتغير بفعل باطن الارض من موادها المنصهره .

وعلينا التنبه لعدة امور من مناسبة ذكر الايه بعد ذكر كيفية خلق السماوات والارض ومناسبة ذلك بالربط بينه وبين الربط بين ماء الارض ومرعاها ولا ضير اذا تنبهنا ورود كلمة الايه الكبرى بهذه السور قبل ورود هذه الايه الكريمه كما يجب التنبه الى تلوا اية ارساء الجبال بعدها فما وجه الربط بين جميع هذه الامور وما المناسبه الا انها تتصل حقا ببعضها على ارض الواقع والاهم ما مناسبة ورود هذه الايه بين هذه النذر و في الرد على من سلف من المكذبين الا انها تحمل علامات الصدق وتكذب تكذيبهم

والان اترككم مع مقال الاستاذ الدكتور زغلول النجار في هذا الشان

جاءت هذه الاية الكريمة في مطلع الربع الأخير من سورة النازعات‏ ,‏ وهي سورة مكية‏ ,‏ تعنى كغيرها من سور القرن المكي بقضية العقيدة‏ ,‏ ومن أسسها الإيمان بالله‏ ,‏ وملائكته‏ ,‏ وكتبه
23871_04.jpg
ورسله‏ ,‏ واليوم الخر‏ ,‏ وغالبية الناس منشغلين عن الاخرة وأحوالها‏ ,‏ والساعة وأهوالها ‏ ,‏ وعن قضايا البعث‏ ,‏ والحساب‏ ,‏ والجنة ‏ ,‏ والنار وهي محور هذه السورة‏ .‏
وتبدأ السورة الكريمة بقسم من الله‏ ـ تعالى ـ‏ بعدد من طوائف ملائكته الكرام‏ ,‏ وبالمهام الجسام المُكلَّفين بها‏ ,‏ أو بعدد من اياته الكونية المُبهِرة‏ ,‏ على أن الاخرة حق واقع‏ ,‏ وأن البعث والحساب أمر جازم‏ ,‏ وربنا‏ ـ تبارك وتعالى‏ ـ‏ غني عن القسم لعباده‏ ,‏ ولكن الايات القرنية تأتي في صيغة القسم لتنبيه الناس إلى خطورة الأمر المُقسم به‏ ,‏ وأهميته أو حتميته‏ .‏
ثم تعرض الايات لشيء من أهوال الاخرة مثل ‏(‏الراجفة والرادفة‏) ـ وهما الأرض والسماء ـ وكل منهما يُدمَّر في الاخرة‏ ,‏ أو النفختان الأولى التي تميت كل حي‏ ,‏ والثانية التي تحيي كل ميت بإذن الله‏ ,‏ وتنتقل الايات إلى وصف حال الكفار‏ ,‏ والمشركين‏ ,‏ والملاحدة‏ ,‏ المتشككين‏ ,‏ العاصين لأوامر رب العالمين في ذلك اليوم الرهيب‏ ,‏ وقلوبهم خائفة وجلة‏ ,‏ وأبصارهم خاشعة ذليلة‏ ,‏ بعد أن كانوا ينكرون البعث في الدنيا‏ ,‏ ويتساءلون عنه استبعاداً له‏ ,‏ واستهزاءاً به :‏ هل في الإمكان أن نُبعث من جديد بعد أن تبلى الأجساد‏ ,‏ وتُنخَر العظام؟
وترد الايات عليهم حاسمة قاطعة بقرار الله الخالق ، أن الأمر بالبعث صيحة واحدة، فإذا بكافة الخلائق قيام يبعثون من قبورهم ليواجهوا الحساب‏ ,‏ أو كأنهم حين يبعثون يظنون أنهم عائدون للدنيا مرة ثانية فيفاجأون بالاخرة‏ ...‏
وبعد ذلك تلمح اليات إلى قصة موسي‏ ـ‏ عليه السلام‏ ـ مع فرعون وملئه‏ ,‏ من قبيل مواساة رسولنا‏ ـ‏ صلى الله عليه وسلم‏ ـ‏ في الشدائد التي كان يلقاها من الكفار‏ ,‏ وتحذيرهم مما حل بفرعون وبالمُكذِّبين من قومه من عذاب‏ ,‏ وجعل ذلك عبرة لكل عاقل يخشى الله ـ‏ تعالى ـ،‏ ويخاف حسابه ‏.‏
ثم تتوجه اليات بالخطاب إلى منكري البعث من كفار قريش، وإلى الناس عامة بسؤال تقريعي توبيخي‏ :‏ هل خُلق الناس ـ على ضلة أحجامهم‏ ,‏ ومحدودية قدراتهم‏ ,‏ وأعمارهم‏ ,‏ وأماكنهم من الكون ـ أشد من خلق السماء وبنائها‏ ,‏ ورفعها بلا عمد مرئية إلى هذا العلو الشاهق ؟ ـ مع ضخامة أبعادها‏ ,‏ وتعدد أجرامها‏ ,‏ ودقة المسافات بينها‏ ,‏ وإحكام حركاتها‏ ,‏ وتعاظم القوي الممسكة بها وإظلام ليلها‏ ,‏ وإنارة نهارها ـ وأشد من دحو الأرض‏ ,‏ وإخراج مائها ومرعاها منها بعد ذلك‏ ,‏ وإرساء الجبال عليها‏ ,‏ وإرساء الأرض بها‏ ؛‏ تحقيقاً لسلامتهم وأمنهم على سطح الأرض‏ ,‏ ولسلامة أنعامهم ومواشيهم‏ .‏
وبعد الإشارة إلى بديع صنع الله في خلق السماوات والأرض كدليل قاطع على إمكانية البعث ، عاودت اليات الحديث عن القيامة وسمتها‏ "بالطامة الكبرى‏"‏ ؛ لأنها داهية عظمى ؛ تعم بأهوالها كل شيء‏ ,‏ وتغطي على كل مصيبة مهما عَظمت‏ ,‏ وفي ذلك اليوم يتذكر الإنسان أعماله من الخير والشر‏ ,‏ ويراه مُدوَّناً في صحيفة أعماله‏ ,‏ وبرزت جهنم للناظرين‏ ,‏ فراها كل إنسان عياناً بياناً‏ ,‏ وحينئذٍ ينقسم الناس إلى شقي وسعيد‏ ,‏ فالشقي هو الذي جاوز الحد في الكفر والعصيان‏ ,‏ وفضل الدنيا على الاخرة‏ ,‏ وهذا مأواه جهنم وبئس المصير‏ ,‏ والسعيد هو الذي نهى نفسه عن اتباع هواها انطلاقاً من مخافة مقامه بين يدَيْ ربه يوم الحساب‏ ,‏ وهذا مأواه ومصيره إلى جنات النعيم بإذن الله‏ .‏
وتختتم السورة بخطاب إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏ مُتعلِّق بسؤال كفار قريش له عن الساعة متى قيامها ؟‏ ,‏ وترد الايات بأن علمها عند الله الذي استأثر به‏ ,‏ دون كافة خلقه‏ ,‏ فمردُّها ومرجعها إلى الله وحده‏ ,‏ وأما دورك أيها النبي الخاتم والرسول الخاتم فهو إنذار من يخشاها‏ ,‏ وهؤلاء الكفار والمشركون يوم يشاهدون قيامها، فإن هول المفاجأة سوف يمحو من الذاكرة معيشتهم على الأرض‏ ,‏ فيرونها كأنها كانت ساعة من ليل أو نهار‏ ,‏ بمقدار عشية أو ضحاها‏ ,‏ احتقاراً للحياة الدنيا‏ ,‏ واستهانة بشأنها أمام الاخرة‏ .‏ ويأتي ختام السورة مُتوافقاً مع مطلعها الذي أقسم فيه ربنا ‏ـ تبارك وتعالى‏ ـ‏ على حقيقة البعث وحتميته‏ ,‏ وأهواله وخطورته‏ ,‏ لزيادة التأكيد على أنه أخطر حقائق الكون وأهم أحداثه‏؛‏ لكي يتم تناسق البدء مع الختام‏ ,‏ وهذا من صفات العديد من سور القرن الكريم ‏.‏
وهنا يبرز التساؤل عن معنى دحو الأرض‏ ,‏ وعلاقته بإخراج مائها ومرعاها‏ ,‏ ووضعه في مقابلة مع بناء السماء ورفعها ـ على عظم هذا البناء ـ، وذلك الرفع كصورة واقعة لطلاقة القدرة المُبدِعة في الخلق‏ ,‏ وقبل التعرض لذلك لابد من استعراض الدلالة اللغوية للفظة الدحو الواردة في الية الكريمة‏ :

الدلالة اللغوية لدحو الأرض :

‏(‏الدَّحَو‏)‏ في اللغة العربية هو المد والبسط والإلقاء‏ ,‏ يقال‏ : (‏دَحًا‏)‏ الشيء ‏(‏يَدْحُوه‏) (‏دَحْوَاً‏)‏ أي بسطه ومدَّه‏ ,‏ أو ألقاه ودحرجه‏ ,‏ ويقال ‏: (‏دَحًا‏)‏ المطرُ الحصى عن وجه الأرض أي دحرجه وجرفه‏ ,‏ ويقال‏ :‏ مر الفرس ‏(‏يَدْحُو‏) (‏دَحْوَاً‏)‏ إذا جر يده على وجه الأرض، فيدحو ترابها و‏ (‏مَدْحَى‏)‏ النعامة هو موضع بيضها‏ ,‏ و‏(‏أُدْحيها‏)‏ موضعها الذي تفرخ فيه‏ .

شروح المفسرين للية الكريمة : ‏

في شرح الية الكريمة‏ :
" وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا "‏ ذكر ابن كثير ـ‏ يرحمه الله‏ ـ‏ ما نصه‏ :‏ " فسَّره بقوله تعالى‏ " ‏أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا " ,‏ وقد تقدم في سورة فصلت أن الأرض خُلقت قبل خلق السماء‏ ,‏ ولكن إنما دُحيت بعد خلق السماء بمعنى أنه أخرج ما كان فيها بالقوة إلى الفعل‏ ,‏ عن ابن عباس‏ " دَحَاهَا "‏ ودحيها أن أخرج منها الماء والمرعى‏ ,‏ وشقَّق فيها الأنهار‏ ,‏ وجعل فيها الجبال والرمال‏ ,‏ والسبل والكام‏ ,‏ فذلك قوله‏: " وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا " .‏
وذكر صاحبا تفسير الجلالين ‏ـ‏ رحمهما الله‏ ـ :
"وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا" أي بسطها ومهَّدها لتكون صالحة للحياة‏ ,‏ وكانت مخلوقة قبل السماء من غير دحو‏. " ‏أَخْرَجَ " حالٌ بإضمار (قد) أي‏:‏ دحاها مُخرِجاً‏ " مِنْهَا مَاءَهَاوَمَرْعَاهَا ‏" بتفجير عيونها‏ ,‏ و " وَمَرْعَاهَا ‏"‏ ما ترعاه النعم من الشجر والعشب‏ ,‏ وما يأكله الناس من الأقوات والثمار‏ ,‏ وإطلاق المرعى عليه استعارة‏ .‏
وذكر صاحب الظلال‏ ـ‏ يرحمه الله‏ ـ : ودحو الأرض تمهيدها وبسط قشرتها‏ ,‏ بحيث تصبح صالحة للسير عليها‏ ,‏ وتكوين تربة تصلح للإنبات‏ ,... ,‏ والله أخرج من الأرض ماءها سواء ما يتفجر من الينابيع‏ ,‏ أو ما ينزل من السماء، فهو أصلاً من مائها الذي تبخر ثم نزل في صورة مطر‏،‏ وأخرج من الأرض مرعاها‏ ,‏ وهو النبات الذي يأكله الناس والأنعام‏ ,‏ وتعيش عليه الأحياء مباشرة أو بالواسطة‏ ..‏
وجاء في ‏(‏صفوة البيان لمعاني القرن‏) : ‏" ودحا الأرض ـ بمعنى بسطها وأوسعها‏ ـ ,‏ بعد ذكر ذلك الذي ذكره من بناء السماء‏ ,‏ ورفع سمكها‏ ,‏ وتسويتها‏ ,‏ وإغطاش ليلها‏ ,‏ وإظهار نهارها‏ ,‏ وقد بين الله الدحو بقوله‏ :
" ‏أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا ‏" بتفجير العيون ‏ ,‏ وإجراء الأنهار والبحار العظام ‏. " وَمَرْعَاهَا ‏"‏‏ أي جميع ما يقتات به الناس والدواب بقرينة قوله بعد‏ : " مَتَاعاً لَّكُمْوَلأَنْعَامِكُمْ " وأخبرنا بعد ذلك بأنه هو الذي بسط الأرض‏ ,‏ ومهدها لسكنى أهلها ومعيشتهم فيها‏ .‏ وقدم الخبر الأول لأنه أدل على القدرة الباهرة لعظم السماء‏ ,‏ وانطوائها على الأعاجيب التي تحار فيها العقول ‏.‏ فبعدية الدحو إنما هي في الذكر لا في الإيجاد‏ ,‏ وبجعل المشار إليه هو ذكر المذكورات من البناء وما عطف عليها لا أنفسها‏ ,‏ لا يكون في الية دليل على تأخر الدحو عن خلق السماوات وما فيها‏ .
وجاء في‏ (صفوة التفاسير‏) :
"وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا" أي والأرض بعد خلق السماء بسطها ومهدها لسكنى أهلها "أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَاوَمَرْعَاهَا "‏ أي أخرج من الأرض عيون الماء المُتفجِّرة‏ ,‏ وأجرى فيها الأنهار‏ ,‏ وأنبت فيها الكلأ والمرعى مما يأكله الناس والأنعام‏ .‏
وجاء في ‏(‏المنتخب في تفسير القرن الكريم‏) : ‏ والأرض بعد ذلك بسطها ومهدها لسكني أهلها‏ ,‏ وأخرج منها ماءها بتفجير عيونها‏ ,‏ وإجراء أنهارها‏ ,‏ وإنبات نباتها ليقتات به الناس والدواب‏ ..‏وهذا الاستعراض يدل على أن المفسرين السابقين يجمعون على أن من معاني دحو الأرض ، هو إخراج الماء والمرعي من داخلها‏ ,‏ على هيئة العيون وإنبات النبات ‏.‏
:دحو الأرض في العلوم الكونية
blank.gif
أولا‏ًً :‏ إخراج كل ماء الأرض من جوفها ‏:‏

كوكب الأرض هو أغنى كواكب مجموعتنا الشمسية في المياه‏ ,‏ ولذلك يطلق عليه اسم ‏(‏الكوكب المائي‏) ‏، أو ‏(‏الكوكب الأزرق‏)‏ وتغطي المياه نحو‏71%‏ من مساحة الأرض‏ ,‏ بينما تشغل اليابسة نحو‏29%‏ فقط من مساحة سطحها‏ ,‏ وتُقدَّر كمية المياه على سطح الأرض بنحو‏1360‏ مليون كيلو متر مكعب ‏(1.36×10^9);‏ وقد حار العلماء منذ القدم في تفسير كيفية تجمع هذا الكم الهائل من المياه على سطح الأرض‏ ,‏ من أين أتي؟ وكيف نشأ؟ . وقد وُضعت نظريات عديدة لتفسير نشأة الغلاف المائي للأرض‏ ,‏ تقترح إحداها نشأة ماء الأرض في المراحل الأولى من خلق الأرض‏ ,‏ وذلك بتفاعل كلٌ من غازي الأيدروجين والأوكسجين في حالتهما الذرية في الغلاف الغازي المحيط بالأرض‏ ,‏ وتقترح ثانية أن ماء الأرض أصله من جليد المُذنَّبات‏ ,‏ وترى ثالثة أن كل ماء الأرض قد أخرج أصلاً من داخل الأرض‏ . ‏والشواهد العديدة التي تجمَّعت لدى العلماء تؤكد أن كل ماء الأرض قد أُخرج أصلاً من جوفها‏ ,‏ ولا يزال خروجه مُستمِراً من داخل الأرض عبر الثورات البركانية ‏.‏


ثانيا‏ًً:‏ إخراج الغلاف الغازي للأرض من جوفها‏ :‏
بتحليل الأبخرة المتصاعدة من فوهات البراكين في أماكن مختلفة من الأرض ، اتضح أن بخار الماء تصل نسبته إلى أكثر من ‏70%‏ من مجموع تلك الغازات والأبخرة البركانية‏ ,‏ بينما يتكون الباقي من أخلاط مختلفة من الغازات التي تترتب حسب نسبة كل منها على النحو التالي ‏:‏ ثاني أكسيد الكربون‏ ,‏ الإيدروجين‏ ,‏ أبخرة حمض الأيدروكلوريك‏ ‏ حمض الكلور‏ ,‏ النيتروجين‏ ,‏ فلوريد الإيدروجين‏ ,‏ ثاني أكسيد الكبريت‏ ,‏ كبريتيد الإيدروجين‏ ,‏ غازات الميثان والأمونيا وغيرها ‏.
blank.gif

ويصعب تقدير كمية المياه المُندفِعة على هيئة بخار الماء إلى الغلاف الغازي للأرض من فوهات البراكين الثائرة‏ ,‏ علماً بأن هناك نحو عشرين ثورة بركانية عارمة في المتوسط تحدث في خلال حياة كل فرد منا‏ ,‏ ولكن مع التسليم بأن الثورات البركانية في بدء خلق الأرض كانت أشد تكراراً وعنفاً من معدلاتها الراهنة‏ ,‏ فإن الحسابات التي أُجريت بضرب متوسط ما تنتجه الثورة البركانية الواحدة من بخار الماء من فوهة واحدة‏ ,‏ في متوسط مرات ثورانها في عمر البركان‏ ,‏ في عدد الفوهات والشقوق البركانية النشيطة والخامدة الموجودة اليوم على سطح الأرض، أعطت رقما قريباً جداً من الرقم المحسوب بكمية المياه على سطح الأرض .

" وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا . أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا‏ " (النازعات‏:30-31).

56516_22222.jpg

ثالثا‏ًً :‏ الصهارة الصخرية في نطاق الضعف الأرضي هي مصدر مياه وغازات الأرض‏ :‏
ثبت أخيراً أن المياه تحت سطح الأرض توجد على أعماق تفوق كثيراً جميع التقديرات السابقة‏ ,‏ كما
blank.gif
ثبت أن بعض مياه البحار والمحيطات تتحرك مع رسوبيات قيعانها الزاحفة إلى داخل الغلاف الصخري للأرض بتحرك تلك القيعان تحت كتل القارات‏ ,‏ ويتسرب الماء إلى داخل الغلاف الصخري للأرض‏‏ عبر شبكة هائلة من الصدوع والشقوق التي تمزق ذلك الغلاف في مختلف الاتجاهات‏ ,‏ وتحيط بالأرض إحاطة كاملة بعمق يتراوح بين‏150 ,65‏ كيلومترا‏ًً .‏ ويبدو أن الصهارة الصخرية في نطاق الضعف الأرضي هي مصدر رئيسي للمياه الأرضية‏ ,‏ وتلعب دوراً مهماً في حركة المياه من داخل الأرض إلى السطح وبالعكس؛ وذلك لأنه لولا امتصاصها للمياه ما انخفضت درجة حرارة انصهار الصخور‏ ,‏ وهي إذا لم تنصهر لتوقفت ديناميكية الأرض‏ ,‏ بما في ذلك الثورات البركانية‏ ,‏ وقد ثبت أنها المصدر الرئيسي للغلاف المائي والغازي للأرض ‏.‏ وعلى ذلك فقد أصبح من المقبول عند علماء الأرض أن النشاط البركاني الذي صاحب تكوين الغلاف الصخري للأرض في بدء خلقها هو المسئول عن تكون كلٍ من غلافيها المائي والغازي‏ ,‏ ولا تزال ثورات البراكين تلعب دوراً مهماً في إثراء الأرض بالمياه‏ ,‏ وفي تغيير التركيب الكيميائي لغلافها الغازي وهو المقصود بدحو الأرض ‏.‏ وذلك نابع من حقيقة أن الماء هو السائل الغالب في الصهارات الصخرية على الرغم من أن نسبته المئوية إلى كتلة الصهارة قليلة بصفة عامة‏ ,‏ ولكن نسبة عدد جزيئات الماء إلى عدد جزيئات مادة الصهارة تصل إلى نحو‏15% ,‏ وعندما تتبرد الصهارة الصخرية تبدأ مركباتها في التَبَلْوُر بالتدريج‏ ,‏ وتتضاغط الغازات الموجودة فيها إلى حجم أقل‏ ,‏ وتتزايد ضغوطها حتى تفجر الغلاف الصخري للأرض بقوة تصل إلى مائة مليون طن‏ ,‏ فتشق ذلك الغلاف وتبدأ الغازات في التمدد‏ ,‏ والانفلات من الذوبان في الصهارة الصخرية‏ ,‏ ويندفع كلٌ من بخار الماء والغازات المُصاحِبة له والصهارة الصخرية إلى خارج فوهة البركان أو الشقوق المُتصاعِدة منها‏ ,‏ مرتفعة إلى عدة كيلومترات لتصل إلى كل أجزاء نطاق التغيرات المناخية‏ (8‏ ـ ‏18‏ كيلومترا فوق مستوى سطح البحر‏) ,‏ وقد تصل هذه النواتج البركانية في بعض الثورات البركانية العنيفة إلى نطاق التطبق ‏(30‏ ـ‏80‏ كيلومتراً ) فوق مستوى سطح البحر، وغالبية مادة السحاب الحار الذي تتراوح درجة حرارته بين ‏500 ,250‏ درجة مئوية يعاود الهبوط إلى الأرض بسرعات تصل إلى ‏200‏ كيلومتر في الساعة؛ لأن كثافته أعلى من كثافة الغلاف الغازي للأرض ‏.‏ والماء المُتكثِّف من هذا السحاب البركاني الحار الذي يقطر مطراً من بين ذرات الرماد التي تبقى عالقة بالغلاف الغازي للأرض لفترات طويلة، يجرف معه كميات هائلة من الرماد والحصى البركاني مُكوِّناً تدفُّقاً للطين البركاني الحار على سطح الأرض في صورة من صور الدحو‏ .‏ ومنذ أيام ثار بركان في إحدى جزر الفلبين ، فغمرت المياه المُتكوِّنة أثناء ثورته قرية مجاورة هلة بالسكان بالكامل ‏.‏ وقد يصاحب الثورات البركانية خروج عدد من الينابيع‏ والنافورات الحارة، وهي ثورات دورية للمياه والأبخرة ، شديدة الحرارة ، تندفع إلى خارج الأرض بفعل الطاقة الحرارية العالية المخزونة في أعماق القشرة الأرضية‏ .‏ ويعتقد علماء الأرض أن وشاح كوكبنا كان في بدء خلقه مُنصهِراً انصهاراً كاملاً أو جزئيا‏ًً ,‏ وكانت هذه الصهارة هي المصدر الرئيسي لبخار الماء وعدد من الغازات التي اندفعت من داخل الأرض‏ ,‏ وقد لعبت هذه الأبخرة والغازات التي تصاعدت عبر كلٍ من فوهات البراكين وشقوق الأرض ـ ولا تزال تلعب ـ دوراً مهماً في تكوين وإثراء كلٍ من الغلافين المائي والغازي للأرض وهو المقصود بالدحو‏ .‏

رابعاً‏:‏ دورة الماء حول الأرض‏ :‏
blank.gif

شاءت إرادة الخالق العظيم أن يسكن في الأرض هذا القدر الهائل من الماء الذي يكفي جميع متطلبات الحياة على هذا الكوكب‏ ,‏ ويحفظ التوازن الحراري على سطحه‏ ,‏ كما يقلل من فروق درجة الحرارة بين كلٍ من الصيف والشتاء صوناً للحياة بمختلف أشكالها ومستوياتها‏ .‏ وهذا القدر الذي يكون الغلاف المائي للأرض موزونا بدقة بالغة‏ ,‏ فلو زاد قليلا لغطَّى كل سطحها‏ ,‏ ولو قلَّ قليلاً لقَصُرَ دون الوفاء بمتطلبات الحياة عليها‏ .‏
ولكي يحفظ ربنا‏ ـ تبارك وتعالى‏ ـ هذا الماء من التعفن والفساد‏ حرَّكه في دورة مُعجِزة تُعرف باسم دورة المياه الأرضية، تحمل في كل سنة ‏380 , 000‏ كيلو متر مكعب من الماء بين الأرض وغلافها الغازي‏ ,‏ ولما كانت نسبة بخار الماء في الغلاف الغازي للأرض ثابتة‏ ,‏ فإن معدل سقوط الأمطار سنوياً على الأرض يبقى مُساوياً لمعدل البخر من على سطحها‏ ,‏ وإن تباينت أماكن وكميات السقوط في كل منطقة حسب الإرادة الإلهية‏ . ويبلغ متوسط سقوط الأمطار على الأرض اليوم ‏85,7‏ سنتيمتر مكعب في السنة‏ ,‏ ويتراوح بين ‏11 ,45‏ متر مكعب في جزر هاواي وصفر في كثير من صحاري الأرض‏ .‏ وصدق رسول الله‏ - صلى الله عليه وسلم‏ -‏ إذ قال‏ :‏
" ما من عام بأمطر من عام‏ " (السنن الكبرى للبيهقى) .‏
وإذ قال‏ : " من قال أمطرنا بنوء كذا أو نوء كذا فقد كفر‏ ، ومن قال أمطرنا برحمة من الله وفضل فقد من " وتُبَخِّر أشعة الشمس من أسطح البحار والمحيطات ‏320 ,000‏ كيلو متر مكعب من الماء في كل عام ، وأغلب هذا التبخر من المناطق الاستوائية حيث تصل درجة الحرارة في المتوسط إلى ‏25‏ درجة مئوية‏ ,‏ بينما تسقط على البحار والمحيطات سنوياً من مياه المطر ‏284 , 000‏ كيلو متراً مكعبا‏ًً ,‏ ولما كان منسوب المياه في البحار والمحيطات يبقى ثابتا في زماننا فإن الفرق بين كمية البخر من أسطح البحار والمحيطات وكمية ما يسقط عليها من مطر لابد وأن يفيض إليها من القارات‏ .‏
وبالفعل فإن البخر من أسطح القارات يُقدَّر بستين ألف كيلو متر مكعب، بينما يسقط عليها سنوياً
blank.gif
ستة وتسعون ألفاً من الكيلو مترات المكعبة من ماء المطر، والفارق بين الرقمين بالإيجاب هو نفس الفارق بين كمية البخر وكمية المطر في البحار والمحيطات‏ (36 , 000‏ كيلو متر مكعب‏)‏ . فسبحان الذي ضبط دورة المياه حول الأرض بهذه الدقة الفائقة‏ .‏ ويتم البخر على اليابسة من أسطح البحيرات والمستنقعات‏ ,‏ والبرك‏ ,‏ والأنهار‏ ,‏ وغيرها من المجاري المائية‏ ,‏ ومن أسطح تجمعات الجليد‏ ,‏ وبطريقة غير مباشرة من أسطح المياه تحت سطح الأرض‏ ,‏ ومن عمليات تنفس وعرق الحيوانات‏ ,‏ ونتح النباتات‏ ,‏ ومن فوهات البراكين‏ .‏ ولما كان متوسط ارتفاع اليابسة هو ‏823‏ متراً فوق مستوى سطح البحر‏ ,‏ ومتوسط عمق المحيطات ‏3800‏ متراً تحت مستوى سطح البحر‏ ,‏ فإن ماء المطر الذي يفيض سنوياً من اليابسة إلى البحار والمحيطات‏ ـ ويُقدِّر بستة وثلاثين ألفا من الكيلومترات المكعبة‏ ـ‏ ينحدر مُولِّداً طاقة ميكانيكية هائلة ، تفتت صخور الأرض، وتتكون منها الرسوبيات والصخور الرسوبية بما يتركز فيها من ثروات أرضية‏ ,‏ ومُكوِّنة التربة الزراعية اللازمة لإنبات الأرض‏ ,‏ ولو أنفقت البشرية كل ما تملك من ثروات مادية ما استطاعت أن تدفع قيمة هذه الطاقة التي سخرها لنا ربنا من أجل تهيئة الأرض لكي تكون صالحة للعمران‏ !!!.‏
خامساً ‏:‏ توزيع الماء على سطح الأرض‏ :‏
تُقدِّر كمية المياه على سطح الأرض بنحو ‏1360‏ مليون كيلو متر مكعب‏ ,‏ أغ
blank.gif
لبها على هيئة ماء مالح في البحار والمحيطات‏ (97 ,20%) ,‏ بينما يتجمع الباقي ‏(2 ,8%)‏ على هيئة الماء العذب بأشكاله الثلاثة الصلبة‏ ,‏ والسائلة‏ ,‏ والغازية ‏;‏ منها‏ (2 ,15%‏ من مجموع مياه الأرض‏)‏ على هيئة سُمْك هائل من الجليد يغطي المنطقتين القطبيتين الجنوبية والشمالية بسُمْك يقترب من الأربعة كيلو مترات‏ ,‏ كما يغطي جميع القمم الجبلية العالية‏ ,‏ والباقي يقدر بنحو ‏0.65%‏ فقط من مجموع مياه الأرض يختزن أغلبه في صخور القشرة الأرضية على هيئة مياه تحت سطح الأرض‏ ,‏ تليه في الكثرة النسبية مياه البحيرات العذبة‏ ,‏ ثم رطوبة التربة الأرضية‏ ,‏ ثم رطوبة الغلاف الغازي للأرض‏ ,‏ ثم المياه الجارية في الأنهار وتفرعاتها‏ .
وحينما يرتفع بخار الماء من الأرض إلى غلافها الغازي فإن أغلبه يتكثف في نطاق الرجع‏ ـ نطاق الطقس أو نطاق التغيرات المناخية‏ ـ، الذي يمتد من سطح البحر إلى ارتفاع يتراوح بين ‏16‏ و‏17‏ كيلو متراً فوق خط الاستواء‏ ,‏ وبين ‏6‏ و‏8‏ كيلو مترات فوق القطبين‏ ,‏ ويختلف سُمْكه فوق خطوط العرض الوسطى باختلاف ظروفها الجوية‏ ,‏ فينكمش إلى ما هو دون السبعة كيلو مترات في مناطق الضغط المُنخفِض، ويمتد إلى نحو الثلاثة عشر كيلو متراً في مناطق الضغط المُرتِفع‏ ,‏ وعندما تتحرك كتل الهواء الحار في نطاق الرجع من المناطق الاستوائية في اتجاه القطبين، فإنها تضطرب فوق خطوط العرض الوسطى فتزداد سرعةالهواء في اتجاه الشرق مُتأثِّراً باتجاه دوران الأرض حول محورها من الغرب إلى الشرق‏ .‏
ويضم هذا النطاق ‏66%‏ من كتلة الغلاف الغازي للأرض‏ ,‏ وتتناقص درجة الحرارة والضغط فيه باستمرار مع الارتفاع حتى تصل إلى نحو ‏60‏ درجة مئوية تحت الصفر، وإلى عشر الضغط الجوي العادي عند سطح البحر في قمته المعروفة باسم مستوى الركود الجوي؛ وذلك لتناقص الضغط بشكل ملحوظ عنده‏ .‏
ونظراً لهذا الانخفاض الملحوظ في كلٍ من درجة الحرارة والضغط الجوي‏ ,‏ وإلى الوفرة النسبية لنوى التكثف في هذا النطاق، فإن بخار الماء الصاعد من الأرض يتمدد تمدداً ملحوظاً مما يزيد في فقدانه لطاقته‏ ,‏ وتبرده تبرداً شديداً، ويساعد على تكثفه وعودته إلى الأرض مطراً أو بَرَدَاً أو ثلجا‏ًً ,‏ وبدرجة أقل على هيئة ضباب وندى في المناطق القريبة من الأرض‏ .‏
سادسا‏ًً :‏ دحو الأرض معناه إخراج غلافيها المائي والغازي من جوفها‏ :‏
ثبت أن كل ماء الأرض قد أخرجه ربنا‏ ـ‏ تبارك وتعالى‏ ـ من داخل الأرض عن طريق الأ
blank.gif
نشطة البركانية المختلفة المُصاحِبة لتحرك ألواح الغلاف الصخري للأرض‏ .
‏ كذلك فإن ثانيَ أكثر الغازات اندفاعاً من فوهات البراكين هو ثاني أكسيد الكربون‏ ,‏ وهو لازمة من لوازم عملية التمثيل الضوئي التي تقوم بتنفيذها النباتات الخضراء مُستخدِمة هذا الغاز مع الماء وعدداً من عناصر الأرض لبناء خلايا النبات وأنسجته‏ ,‏ وزهوره‏ ,‏ وثماره‏ . ومن هنا عبر القرن الكريم عن إخراج هذا الغاز المهم وغيره من الغازات اللازمة لإنبات الأرض من باطن الأرض تعبيراً مجازياً بإخراج المرعى‏ ,‏ لأنه لولا ثاني أكسيد الكربون ما أنبتت الأرض‏ ,‏ ولا كستها الخضرة‏ .

سابعا‏ًً :‏ من معجزات القرن : الإشارة إلى تلك الحقائق العلمية بلغة سهلة جزلة‏ :
على عادة القرن الكريم فإنه عبر عن تلك الحقائق الكونية المُتضمِّنة إخراج كلٍ من الغلافين المائي والغازي للأرض من داخل الأرض بأسلوب لا يفزغ العقلية البدوية في صحراء الجزيرة العربية وقت تنزله‏ ,‏ فقال‏ ـ‏ عز من قائل‏ ـ :
" وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا . أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا " ، والعرب في قلب الجزيرة العربية كانوا يرون الأرض تتفجر منها عيون الماء‏ ,‏ ويرون الأرض تُكسى بالعشب الأخضر بمجرد سقوط المطر‏ ,‏ ففهموا هذا المعني الصحيح الجميل من هاتين اليتين الكريمتين‏ ,‏ ثم نأتي نحن اليوم فنرى في نفس اليتين رؤية جديدة مفادها أن الله‏ ـ‏ تعالى‏ ـ يمن على الأرض وأهلها وعلى جميع من يحيا على سطحها أنه‏ ـ سبحانه‏ ـ قد هيأها لهذا العمران بإخراج كلٍ من أغلفتها الصخرية والمائية والغازية من جوفها، حيث تصل درجات الحرارة إلى لاف الدرجات المئوية مما يشهد لله الخالق بطلاقة القدرة‏ ,‏ وببديع الصنعة‏ ,‏ وبكمال العلم‏ ,‏ وتمام الحكمة‏ ,‏ كما يشهد للنبي الخاتم والرسول الخاتم الذي تلقى هذا الوحي الخاتم بأنه‏ ـ صلى الله عليه وسلم‏ ـ كان موصولاً بالوحي‏ ,‏ ومُعلَّماً من قِبَل خالق السموات والأرض‏ ,‏ فلم يكن لأحد من الخلق وقت تنزل القرن الكريم ولا لقرون مُتطاولِة من بعده إلمام بحقيقة أن كل ماء الأرض‏ ,‏ وكل هواء الأرض قد أخرجه ربنا‏ ـ‏ تبارك وتعالى‏ ـ من داخل الأرض‏ ,‏ وهي حقيقة لم يدركها الإنسان إلا في العقود المُتأخِّرة من القرن العشرين . فسبحان مُنزِّل القرن من قبل أربعة عشر قرناً ووصفه بقوله الكريم‏ : " قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً "‏ (الفرقان‏:6)‏ .
وصلى الله وسلم وبارك على رسولنا الأمين الذي تلقى هذا الوحي الرباني فبلَّغ الرسالة‏ ,‏ وأدَّى الأمانة‏ ,‏ ونصح الأمة وجاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين‏ ,‏ والذي وصفه ربنا‏ ـ سبحانه وتعالى‏ ـ‏ بقوله الكريم‏ :
" لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِليكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِوَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَوَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً ‏" (النساء‏:166) .
 
عودة
أعلى