بسم1
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول اللهصلى الله عليه وسلم وآله وصحبه .قال تعالى {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ }(29) ومناسبة هذه الآية مذكورة على التفصيل في تفسير بن كثير على إختلاف روايتها .
وأهل العلم ذكروا في كيفية هذه الواقعة قولين (اللباب لابن عادل الحنبلي ).
الأول :ان النبيصلى الله عليه وسلم لمّا آيس من أهله أن يجيبوه خرج الى الطائف ليدعوهم إلى الإسلام فلما إنصرف إلى مكة ببطن نخلة قام يقرأ القرآن فمر به نفر من جن نصيبين كان إبليس بعثهم ليعرف السبب الذي أوجب حراسة السماء بالرجم فسمعوا القرآن وآمنوا دون أن يدري رسول اللهصلى الله عليه وسلم بهم .
الثاني:أن الله عز وجل أمر رسولهصلى الله عليه وسلم أن ينذر الجن ويدعوهم إلى الله تعالى ويقرأ عليهم القرآن فصرف اليه نفرا من الجن ليستمعوا منه القرآن وينذروا قومهم.
قال أهل العلم يستمعون صفة ثانية لنفرا أو حال لتخصصه بالصفة والهاء في قولهعز وجل "فلماحضروه" للقرآن وهو الظاهر أو أن تكون للرسولصلى الله عليه وسلم وحينئذ يكون في الكلام إلتفات من قوله "إليك" إلى الغيبة في قوله "حضروه" وقوله "فلما قُضي"العامة على بنائه للمفعول أي فرغ من قراءة القرآن وهو يؤيد عود الضمير على القرآن . وأبو مجلز وحبيب بن عبد الله "قضى" مبنياً للفاعل اي أتم الرسولصلى الله عليه وسلم قراءته وهو يؤيد عود الضمير على الرسولصلى الله عليه وسلم . إنتهى
فإذا قلنا بأن "يستمعون " صفة ثانية لنفرا يكون عود الضمير في "حضروه"عائد للقرآن أي أن الجنّة لمّا دخلوا مجال الإستماع إلي القرآن قالوا أنصتوا وبعد ذلك ولّوا الى قومهم منذرين وهذا يثبت قول بن عباسرضي الله عنه ويدل عليه قوله تعالى {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا} (1). أما إذا قلنا بأن "يستمعون القرآن "حال الجن عندما كانوا على مقربة من رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون في هذا إثبات لحضور الجن القرآن وإلقاء السمع له بتدبر وفي هذه الحالة يكون لامانع من عود الضمير إلى رسول اللهصلى الله عليه وسلم ويكون الحضور والإنصات لقوله صلى الله عليه وسلم فيهم بالحكمة والموعظة الحسنة وإعدادهم لتبليغ دعوته إلى قومهم من الجن .وعلى هذا النحو تكون "قضى" مبنية للفاعل على قول ابو مجلز وحبيب بن عبد الله أي أن الرسولصلى الله عليه وسلم قضى بين الجن أي حكم بينهم أو أتم لهم المنهج من كتاب وحكمة وهذا يثبت قول ابن مسعود رضي الله عنهبأن رسول الله صلى الله عليه وسلمجاءه داعي الجن وذهب اليهم ودعاهم. هذا والله أعلم