الاعجاز الصوتي في القرءان الكريم

محمد بنعمر

New member
إنضم
07/06/2011
المشاركات
440
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
عبد العزیز أیت بها
كلیة الآداب والعلوم الإنسانیة
جامعة القاضي عیاض – مراكش
المملكة المغربیة


تقریـــر مفصـــل عـــن أطروحـــة دكتـــوراه فـــي اللغـــة العربیـــة، نوقشـــت یـــوم 10 -17-
2014، ونال بها صاحبها شهادة الدكتوراه بمیزة مشرف جدا مع تنویه اللغة العلمیـة وتوصـیة
بالطباعة.
الحمد الله الـذي نـزّ ل القـرآن بلسـان عربـي مبـین، هـدى ورحمـة لقـوم یؤمنـو ن، والصـلاة
والسلام الأتمان الأكملان على سـیدنا محمـد الهـادي الأمـین، المبعـوث رحمـة للعـالمین، وعلـى
آله وصحابته أجمعین، ومن تبعهم بإحسان إلى یوم الدین.
أما بعد:
فـــإن البحـــث فـــي إعجـــاز القـــرآن الكـــریم بحـــث شـــدید الحساســـیة، لأن طریقـــه وعـــرة
المسالك، محفوفة بالمهالك، ولولا شدة الحاجة إلیه، وكون بیان صدق النبـوة المحمدیـة موقوفـا
علیه، لأحجم عنه الباحثون تهیبا واستعظاما. وقد تكلم الناس في إعجاز القرآن قدیما وحـدیثا،
واسـتفرغوا جهـدهم فـي بیـان وجوهـه ومناحیـه، فـذهب قـوم إلـى كونـه معجـزا ببلاغتـه وفصـاحته
ونظمـه، وذهـب آخـرون إلـى كونـه معجـزا بصـحة مـا فیـه مـن الأخبـار الغیبیـة، وذهـب آخـرون
إلــى أنــه معجــز بمعانیــه وتشــریعاته الموافقــة لكــل زمــان ومكــان، إلــى غیــر ذلــك مــن الوجــوه؛
والقـرآن بعـدُ مـا یـزال غضـا طریـا، لا تفنـى عجائبـه، ولا تنقضـي غرائبـه، ولا یحـیط بأسـراره إلا
االله سبحانه وتعالى. 2
ومن وجوه إعجاز القرآن التي ألمح إلیها القدماء دون تصریح، وصرح بهـا المحـدثون
دون تفصیل؛ "الإعجاز الصوتي في القرآن الكریم"، ومفتاح هذا الوجه من القرآن نفسه، حیث
وصــفه االله ســبحانه بكونــه "أحســن الحــدیث"، وحــث علــى ســماعه والإنصــات إلیــه، وترتیلــه
وتجویده، فقال تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْ سَ ـنَ الْحَ ـدِیثِ كِتَابً ـامُ تَشَـابِه ً امَ ثَـانِيَ تَقْشَـعِرُّ مِنْ ـهُ جُ لُـودُ الَّـذِینَ
یَخْ شَوْ نَ رَ بَّه ُ مْ ثُمَّ تَلِینُ جُ لُودُهُمْ وَ قُلُـوبُه ُ مْ إِلَـى ذِكْـرِ اللَّـهِ ذَلِـكَ هُ ـدَىاللَّـهِ یَهْ ـدِيبِـهِ مَ ـنْ یَشَـاءُ وَ مَ ـنْ
یُضْ لِلِ اللَّهُ فمَ ا لَهُ مِنْ هَ ـادٍ } [الزمـر : 23]، وقـال كـذلك: { وَ إِذَا قُـرِئَ الْقُـرْ آنُ فَاسْ ـتَمِعُوالَـهُ وَ أَنْصِ ـتُوا
لعَ لَّكُمْ تُرْ حَ مُ ونَ } [الأعراف : 204]، وقال أیضـا: {وَ قَـالَ الَّـذِینَ كَفَـرُ وا لَـوْلاَ نُ ـزِّلَ عَ لَیْ ـهِ الْقُـرْ آنُ جُ مْ لَـةً
وَ احِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِـهِ فُـؤَ ادَكَ وَ رَ تَّلْنَ ـاهُ تَ ـرْ تِیلاً } [الفرقـان : 32]، وقـال سـبحانه: {أَوْ زِدْ عَ لَیْ ـهِ وَ رَ تِّـلِ
الْقُرْ آنَ تَرْ تِیلاً } [المزمل : 4].
و رویـت كـذلك عـن النبـي صـلى االله علیـه وسـلم أخبـار تحـث علـى تحسـین الصـوت
بـالقرآن وتحبیـره، ومـن ذلـك مـا روي عـن أبـي هریـرة أن رسـول االله صـلى االله علیـه وسـلم قـال:
"زینوا القرآن بأصواتكم"، وعن أبي هریرة أیضا، عن النبي صلى االله علیه وسلم قـال: "مـا أذن
االله لشيء ما أذن لنبي یتغنى بالقرآن"، و عن أبي موسى الأشعري قال: قـال لـي رسـول االله لـو
رأیتنـي وأنـا أســمع قراءتـك البارحـة، لقــد أوتیـتَ مزمــارا مـن مزامیـر آل داود، فقــال لـو علمــت
لحبرته لك تحبیرا"؛ فهذه كلها نصوص تدل على قیمة البناء الصوتي في النص القرآني.
ویسـتمد هـذا الموضـوع أهمیتـه مـن المـتن الـذي یشـتغل علیـه، ألا وهـو الـنص القرآنـي
الـذي یمثــل الـنص المركــزي فـي الثقافــة الإســلامیة، وقطـب الرحــى الـذي دارت حولــه العلــوم
العربیة الإسلامیة، وهذا یفرض علـى البحـث أن یكـون دراسـة تجمیعیـة تنبنـي علـى المـزج بـین
نتائج علوم مختلفة وتوظیفها في بیان الإعجاز الصوتي في القرآن الكریم، كمـا تتجلـى أهمیتـه
فـي طبیعـة المقاربــة التـي یتبناهـا، وهــي مقاربـة صــوتیة تجمـع بـین التأصــیل والتحلیـل؛ علــى
اعتبـــار المكـــون الصـــوتي أحـــد الركـــائز والـــدعامات البلاغیـــة والأســـلوبیة التـــي تنبنـــي علیهـــا
إعجازیة النص القرآني. 3
ومـن ثـم كـان الهـدف الأسـاس مـن هـذا البحـث التأصـیل لمفهـوم جدیـد یـرتبط بإعجـاز
القــرآن، وهــو "مفهــوم الإعجــاز الصــوتي"، كمــا تســعى إلــى رســم معالمــه الكبــرى ومحدداتــه
الرئیسة، وذلك بدراسة البنیة الصـوتیة للـنص القرآنـي دراسـة تكشـف عـن الخصـائص البلاغیـة
والأسـلوبیة التـي تتمیـز بهـا هـذه البنیـة، عـن طریـق تحلیـل نمـاذج مـن الآیـات والسـور تحلـیلا
صــوتیا یقــوم علــى تفكیــك البنــاء الصــوتي و الإیقــاعي، واســتنطاق المعــاني والإیحــاءات التــي
یختزنها؛ كل ذلك من أجل الإبانة عن فاعلیة النظم الصوتي في الـنص القرآنـي، وكونـه جـزءا
مهما من النظم القرآني المعجز.
وقـد كـان الباعـث علـى اختیـار هـذا الموضـوع قلـة الدراسـات المنجـزة فیـه، فـلا یكـاد
الباحث یعثر سـوى علـى تعلیقـات وتعقیبـات متفرقـة فـي ثنایـا الكتـب والدراسـات القدیمـة، ولعـل
ذلـك راجـع إلـى الموقـف الحاسـم الـذي اتخـذه شـیخ البلاغـة العربیـة عبـد القـاهر الجرجـاني مـن
المكـون الصـوتي، مـن خـلال نظریـة الـنظم التـي لا تـرى مزیـة للألفـاظ والأصـوات بمعـزل عـن
السیاق التركیبي والدلالي، وقد تأثر بـه فـي ذلـك كثیـر مـن البلاغیـین الـذین جـاءوا بعـده، فبقـي
جانب مهم من بلاغة النص القرآني، دو ن حظوة خاصة من القـدماء والمحـدثین؛ و علـى الـرغم
من التفات الدارسین المحدثین إلى هـذا الجانـب إلا أن نظـرتهم یغلـب علیهـا النظـرة التجزیئیـة،
كالحدیث عن الفو اصل وغیرها من القضایا الصوتیة في القرآن الكریم.
ویكشـف هـذا البحـث عـن الإشـكالات الموجهـة لـه، والاسـتفهام الكـامن فـي ثنایـاه، مـن
خــلال عنوانــه: "الإعجــاز الصــوتي فــي القــرآن الكــریم: دراســة صــوتیة"، فبعــد الاســتفهام عــن
ماهیـة "الإعجــاز الصـوتي" تتســاءل الدراسـة عــن مظـاهره وتجلیاتــه وسـبل الكشــف عنهـا مــن
خلال الأسئلة الآتیة:
1- هل یمكن الحدیث عن الإعجاز الصوتي في القرآن الكریم؟
2- أین تتجلى معالم هذا الإعجاز ومظاهره في لغة القرآن الكریم؟ 4
3- كیف یتكامل الـنظم الصـوتي وینسـجم مـع بـاقي المكونـات البلاغیـة لتمـنح
القرآن الكریم هذه الخصائص الفنیة والبلاغیة المعجزة؟
4- مـــا هـــي الأســـس المعرفیـــة والآلیـــات المنهجیـــة والمفـــاهیم والمصـــطلحات
الإجرائیة القمینة بتفصیل هذا الإعجاز وبیانه؟
وقـد اعتمـد البحـث علـى منهجـي الاسـتقراء والوصـف لتحقیـق الأهـداف المسـطرة لـه،
والإجابة عن الإشكالات التي یطرحهـا، وذلـك باسـتقراء أبـرز الظـواهر الأسـلوبیة الصـوتیة فـي
النص القرآني، واستقراء آراء الدارسین حولها، ثم وصفها وتحلیلهـا بمـا یفسـر جمالیتهـا وحسـن
اختیارهـا بطریقـة موضـوعیة تعلیلیـة بعیـدة عـن التعسـف والإسـقاط. وكـان مـن صـعوبات هـذا
المنهج وفرة الظواهر الصوتیة في النص القرآنـي وتعـددها وتنوعهـا، مـا جعـل تصـنیفها متعـذرا
في كثیر من الأحیان.
وبعد محاولات تصـنیفیة عدیـدة، اسـتقر البحـث علـى تصـنیف هـذه الظـواهر فـي سـت
خانــات كبــرى، شــكلت فصــول هــذا البحــث، وهــي الفونیمــات والمقــاطع و الكلمــات والظــواهر
البدیعیة، والتناسب الصوتي في التراكیب، والفاصلة. وقد مهـدت لهـذه الأبـواب بتمهیـد حاولـت
فیه تأصیل مصطلح الإعجاز الصوتي، كما أشـرت إلـى أبـرز مظـاهره ومقوماتـه التـي یـنهض
علیهـا، وذكـرت فیـه اعتـراف الدارسـین بصـعوبة تناولـه، وختمتـه بمناقشـة موقـف عبـد القـاهر
الجرجاني من الإعجاز الصوتي.
وكان من خلاصات هذا التمهید:
 إن البحــث فــي الإعجــاز الصــوتي فــي القــرآن الكــریم، هــو بحــث فــي الســمات الفارقــة
والخصـــائص المـــائزة لهـــذا الـــنص عـــن غیـــره، مـــن حیـــث تشـــكیله الصـــوتي وبنـــاؤه الإیقـــاعي
والموسیقي.
 إن تعدد مظاهر الإعجاز الصـوتي فـي القـرآن الكـریم، مـن أصـوات وكلمـات وتراكیـب،
وتــــداخل أشــــكالها وتكامــــل بعضــــها مــــع بعــــض، وانصــــهار معانیهــــا، یجعلهــــا عصــــیة علــــى
التصنیف، متأبیـة علـى الحصـر والتحدیـد، كمـا یجعـل الخـروج بنظـام محـدد أو وضـع ضـوابط5
معینـة ترســم معــالم نظریــة صــوتیة خاصــة بالإعجــاز الصــوتي أمــر عســیرا، ومــن ثــم جــاءت
جهود الدارسین مقتصرة على التحلیل الذوقي، والاجتهادات الجزئیة، والوصف الحسي؛ وكلهم
یـدرك فـي قـرارة نفسـه أن حقیقـة الإعجـاز الصـوتي، سـر مـن أسـرار الكتـاب المكـین الـذي لا
تنتهي عجائبه ولا تنفذ غرائبه.
 من أهم دلائل الإعجاز الصوتي ما یلي:
أولا: كون النظم الصوتي جزءا لا یتجزأ، وعنصرا فاعلا في النظم القرآني الكلي، یؤثر فیـه
ویتأثر به، ویستمد منـه شـرعیته وقوتـه وقیمتـه، ولـولا التناسـب والـتلاؤم الصـوتي لفقـد الـنظم
حلاوته وطلاوته .
ثانیا: الأثر النفسي لأصوات القرآن الكـریم وإ یقاعاتـه فـي المتلقـي، حتـى وإ ن كـان لا یعـرف
العربیــة، ممـــا یـــدل علـــى أن أصـــواته وإ یقاعاتـــه، لهـــا شـــأن عظـــیم وإ ن كانـــت مفرغـــة مـــن
معانیها، فكیف إذا تضافرت أصواتها بدلالاتها.
ثالثا: استمرار البلاغة الصوتیة العالیة، والانسجام والتناسب والتلاؤم في لغـة القـرآن الكـریم
كلها، من فاتحته إلى خاتمته، دون خلل أو خطل، أو كسر أو ملل، وهذا غیـر مشـاهد فـي
كلام أحد من البلغاء قط .
 تتجلى مظاهر الإعجاز الصوتي لكتـاب االله العزیـز فـي كـل مكوناتـه الصـوتیة، ویمكـن
تقســیمها إلــى صــنفین كبیــرین: یــرتبط الصــنف الأول بالمســتوى الصــوتي المقطعــي، ویتعلــق
الصــنف الثــاني بالمســتوى التطریــزي. فأمــا الإعجــاز الصــوتي التطریــزي فیتمثــل فــي الأداء
القرآني، كالتنغیم الذي یسهم بشكل كبیر فـي الإیحـاء الـدلالي، خاصـة فـي ارتباطـه بالأسـالیب
الإنشـــائیة مثـــل الـــدعاء والاســـتفهام والأمـــر والنهـــي والنـــداء، وكـــالنبر والوقـــف وغیرهـــا، وأمـــا
الإعجاز الصوتي على المستوى المقطعي، فله مظاهر متعددة، وتجلیات مختلفـة تظهـر علـى
أربعة مستویات : 6
(1الفونیمات: ومن مظاهرها الحروف المقطعـة، وتوزیـع أصـوات المـد، وبعـض الظـواهر
الصـوتیة فـي الرسـم القرآنـي والـتلاؤم وانتشــار الأصـوات الترنمیـة، وتناسـبها مـن حیـث قیمهــا
التعبیریة.
(2المقـاطع: ویعـد الانسـجام المقطعـي مـن منـابع الجمالیـة واللـذة الصـوتیة فـي الـنص
القرآنــي؛ لأن توزیــع المقــاطع فــي آیــات القــرآن یتســم بتناســب موســیقي، كمــا أن مــن مظــاهر
إعجــازه المقطعــي، احتــواؤه علــى كلمــات كثیـــرة المقــاطع لكنهــا فــي غایــة التناســب والـــتلاؤم
والانسجام، عكس مثیلتها في النصوص الأدبیة .
(3الكلمــات: مــن الخصــائص الإعجازیــة التــي تتســم بهــا مفــردات القــرآن؛ الفصــاحة،
والاختیار الأسلوبي، والتناسب الصوتي، والإیحـاءات الدلالیـة، والمحسـنات البدیعیـة الصـوتیة،
بحیــث تــأتي الكلمــة فــي موضــعها الــذي یناســبها صــوتیا ودلالیــا، فتكــون أصــواتها متلائمــة،
مشعرة بالمعنى، موحیة بالدلالة.
(4التراكیب: وهذه التراكیب تقوم على تكاثف جمالیات المسـتویات الثلاثـة السـالفة؛ لأنهـا
بمثابـة المصـب الـذي تنتهـي إلیـه، ومـن ثـم فهـي تتسـم بتلـوین موسـیقي وإ یقـاع صـوتي منسـجم
مـــع الدلالـــة، وذلـــك مـــن خـــلال تناســـب التراكمـــات الصـــوتیة مـــع المعنـــى، وتـــردد اللازمـــات
الموسیقیة، وظاهرة الفواصل القرآنیة.
 إن اعتـراف إنكـار الجرجـاني بـالمكون الصـوتي فـي إعجـاز القـرآن الكـریم، متمـثلا فـي
تـلاؤم الأصـوات وسلاسـتها وحلاوتهـا وسـهولتها وعـدم تنافرهـا...، لیعـد دلـیلا قویـا علـى أهمیـة
هذا المكون في هرم إعجاز القرآن.
و خصصـــت الفصــــل الأول لفونیمــــات القــــرآن، وقســــمته إلــــى ســــبعة مباحــــث، أولهــــا
معطیــات تمهیدیــة حــول البنیــة الصــوتیة فــي اللغــة العربیــة، والثــاني تناولــت فیــه نمــاذج مــن
تشكیل الصوائت وتوزیعها في الـنص القرآنـي، وخصصـت الثالـث لتشـكیل الصـوامت القر آنیـة،
أمـا الرابـع فخصصـته لآراء الدارسـین حـول مفهـوم القـیم التعبیریـة للأصـوات، وجـاء المبحـث
الخـامس بحثـا تطبیقیـا حـول القـیم التعبیریـة والـدلالات الإیحائیـة لأصـوات القـرآن الكـریم، أمـا 7
المبحث السادس فقد تنـاول بعـض الخصـائص الصـوتیة للحـروف المقطعـة فـي فـواتح السـور،
واختص المبحث السابع بإبراز بعض القضایا الصوتیة في الرسم القرآني.
وخلصت من هذا الفصل إلى جملة من النتائج أهمها:
 یهدف توزیع الحركات في مفردات القرآن في كثیر من الأحیان إلى التهذیب الصوتي،
والتهذیب المعنوي معا، فهو یسهم في بیان المعنى مع إمتاعه الآذان بالتناسب والمشاكلة،
وهذا التهذیب الصوتي لا یقف على الصوائت القصیرة، بل یتضح جلیا في الصوائت الطویلة
التي تعد ملمحا من الملامح الصوتیة الممیزة للنص القرآني، فهي تسهم في الترتیل والتجوید
الصوتي للآیات القرآنیة.
 یبدو الاهتمام والحرص على انتخاب الأصوات المستحسنة واضحا في البلاغة
الصوتیة القرآنیة، وتؤكده جملة من الإحصاءات التي أجریت على أصوات القرآن الكریم،
تبین من خلالها أن أكثر أصوات القرآن إنما كان من الأصوات الموسومة بالخفة والسهولة،
والعذوبة والسلاسة، وعلى النقیض من ذلك قلّ ت فیه الأصوات العسیرة في النطق، الثقیلة في
السمع: فاللام، والمیم، والیاء، والواو، والنون، والهاء، والراء، أكثر الحروف شیوعا في القرآن،
بینما الصاد، والزاي، والثاء، والطاء، والظاء، في أسفل الترتیب.
 یشتمل الأداء القرآني على جملة من الألفونات أطلق علیها القدماء "الأصوات
الفروع"، وقسموها إلى فروع مستحسنة وفروع مستقبحة، ونظن أن عیار البلاغیین في
استحسان ما استحسنوه، واستهجان ما استهجنوه من هذه الأصوات الفروع، إنما هو قراءة
القرآن وتجویده، فقد تكلمت العرب بكل هذه الفروع، وإ ن بنسب مختلفة، لكن ترتیل القرآن 8
وتجویده، حمل الذوق العربي على نفي ما ینسب منها إلى الهجنة والركة، وتقبل ما فیه حسن
ورقة. ثم إن هذه الأصوات المستحسنة وما یرتبط بها من أحكام التجوید، قد منحت القرآن
الكریم جمالا صوتیا، وتوقیعا موسیقیا، ینماز بهما عن سائر الكلام البلیغ مهما بلغت عنایته
بالنظم الصوتي.
 لم یدخر القدماء جهدا في سبیل إیضاح القیم التعبیریة للأصوات والألفاظ في اللغة
العربیة والكشف عنها، وكان لهم في ذلك منهج واضح، ونهج مأموم، فكانوا یستندون في
اجتهاداتهم إلى ما تتسم به الأصوات من خصائص صوتیة ونطقیة؛ أما النقاد المحدثون
فمنهم من یرفض الإیحاء الصوتي للأصوات، بدعوى اعتباطیة العلامة اللغویة، ومنهم من
یوظفها في التحلیل النقدي منطلقا من البنیة الدلالیة للنص، وهناك فریق ثالث یر ى أن
الأصوات و إ ن كانت لا تؤدي معان جوهریة خاصة بها، فإنها تتصف بخصائص نطقیة
وأكستیكیة وإ دراكیة تصلح أن تكون قاعدة علمیة صلبة، تُشیّد على صرحها قیم تعبیریة
تعكس حال الصوت وماهیته.
 ألفینا في بعض الدراسات الغربیة، أن العنصر الفاعل في تحدید القیم التعبیریة
للأصوات سواء كانت قیما مادیة أو تمثلات عاطفیة، هو طبیعة الصوت نفسه في مستویاته
الثلاثة: المستوى الأكوستیكي والمستوى النطقي، والمستوى الإدراكي. ویدل هذا على أن القیم
التعبیریة، والطاقة الإیحائیة للأصوات اللغویة، ظاهرة توشك أن تكون شاملة لكل اللغات، 9
وإ ن كانت متفاوتة من حیث درجتها، وهي خاصیة توظفها النصوص الأدبیة والفنیة، لغایة
التكثیف الدلالي، وإ غناء وظیفتها الانفعالیة.
 یعتمد التعبیر القرآني على الطاقة الإیحائیة للأصوات بقصد انفتاح دلالاته ومعانیه
على فضاءات وآفاق رحبة، وقد رصد البحث بعض الآلیات الإجرائیة التي یوظفها النص
القرآني لهذا الغرض، على رأسها الإبدال والعدول الصوتیین، والمراوحة بین الإدغام وفك
الإدغام حسب مقتضى الحال، بالإضافة إلى استثمار الدلالة الإیحائیة للتراكمات الصوتیة،
والخصائص الصوتیة للصوامت والصوائت.
 تعد الحروف المقطعة في فواتح السور، من خواص القرآن الكریم، وتتمیز هذه
الحروف من الناحیة الصوتیة باللذة في السمع، والسلاسة والخفة والسهولة والعذوبة في
المنطق، كما أنها تقوم بدور الافتتاحات التمهیدیة في المقطوعات الموسیقیة، ما یؤكد أنها لم
تجئ اعتباطا ولم ترد جزافا، بل هي منتقاة بدقة، متنخلة بحكمة، لتكو ن سرا من أسرار
البلاغة، ودلیلا من دلائل الإعجاز في كتاب االله العظیم.
 یختلف الرسم القرآني عن الخط العربي في مواطن كثیرة، وهذه الاختلافات كثیرا ما
تجد مسوغاتها في الدراسة الصوتیة والدلالیة، ولكنها تحتاج إلى تأمل كبیر، ومزید من
البحث والتنقیر. وقد وقف البحث على مسوغات صوتیة لخروجه الرسم القرآني عن الخط
العربي في عدد من المواطن؛ منها على الخصوص ما یتعلق برسم الألف والیاء والواو،
حذفا أو إثباتا، أو زیادة أو قلبا. 10
وجــاء الفصـــل الثــاني لرصـــد بعــض أوجـــه التناســب المقطعـــي فــي الـــنص القرآنـــي،
وتضمن ثلاثة مباحث، الأول لبیان خصـائص البنیـة المقطعیـة للغـة العربیـة، والثـاني للتناسـب
الموسـیقي والـدلالي فـي مقـاطع القـرآن الكـریم، والثالـث لفصـاحة الكلمـات الطویلـة فـي الـنص
القرآني، وهذا الفصل مجرد إشارات مقتضبة ما تزال بحاجة إلى بحث موسع.
ومن خلاصات هذا الفصل:
 ساد في الدراسات الفونولوجیة الحدیثة أن البنیة المقطعیة للغة العربیة تتكون من
خمسة مقاطع. ویمكن تقسیم هذه المقاطع إلى عدة أنواع، وذلك استنادا إلى اعتبارات
مختلفة، فهي تنقسم باعتبار الانفتاح والانغلاق إلى مقاطع مفتوحة ومغلقة، وتنقسم باعتبار
الكم إلى قصیرة، وطویلة، وأطول، ومن حیث القوة والضعف إلى قویة وضعیفة، ومن حیث
الخفة والثقل إلى خفیفة وثقیلة.
 تتراوح البنیة المقطعیة العربیة بین ما هو صوتي وما هو فونولوجي، كما أن أغلب
الدراسات المقطعیة مبنیة على وحدة الكلمة، وهذه الوحدة من الناحیة الصوتیة لیست واضحة
المعالم، ولا مستقلة الحدود.
 ینهض التوزیع المقطعي في النص القرآني بوظیفة مزدوجة، فهو یمتاز بتشكیل
إیقاعي، وتلوین موسیقي، یجعل منه معزوفة تصدح بها حناجر القراء أثناء الأداء، وتتشوف
إلیها مسامع الناس خاشعین متلذذین، وهو بهذا التشكیل المقطعي یحقق نظامه الإیقاعي
الذي تفوق إمكاناته النغمیة كل أوزان الشعر الرتیبة. ومن جهة أخرى یمنح التلاوة إشراقات
دلالیة وإ یحاءات تعبیریة وتنغیمیة تبدو معبرة من خلال المستوى التطریزي. 11
 لا یشكل طول الكلمة عیارا یعتد به في الحكم بالفصاحة أو عدمها، خلافا لما هو
متداول عند بعض البلاغیین، وإ نما العبرة بطبیعة المقاطع التي تتكون منها الكلمة وطبیعة
تشكیلها وتتابعها؛ من حیث كونها منفتحة أو منغلقة، قصیرة أو طویلة، وهو الأمر الذي
فاقت به الكلمات الكثیرة المقاطع في القرآن، مثیلاتها في النصوص الإبداعیة، فجاءت
فصیحة سلیمة من الثقل وتنافر التألیف.
وعنونـت الفصـل الثالــث ب"تـلاؤم الكلمــات فـي القــرآن الكـریم"، وأبــرزت فیـه المعــالم
الكبـرى لبلاغـة وتـلاؤم الألفـاظ والكلمـات القرآنیـة علـى المسـتوى الصـوتي، و قـد انطـوى علـى
ثلاثة مباحث، انفرد الأول بالحدیث عن خصائص مفردات القرآن، والثاني بتحلیل نمـاذج مـن
تــلاؤم هــذه المفــردات، والثالــث برصــد القــیم التعبیریــة فــي مفــردات القــرآن. وخرجــت بالنتــائج
الآتیة:
 تتصف مفردات القرآن في نظر الدارسین الذین تطرقوا لجمالیتها ولذتها بخصائص
وسمات بلاغیة وأسلوبیة یمكن إجمالها في: تلاؤم أنغامها، وحسن أنساقها، ودقة اختیارها،
وتشكیل أصواتها وعذوبة موسیقاها، ولذة مسموعها، واتساق تركیبها، واتساع معانیها،
وسلامتها من العیوب.
 إن التلاؤم الصوتي في ألفاظ القرآن لیس مصادفة تقع في لفظ دون لفظ، ولیس
مقصورا على جزء دون جزء أو سورة دون سورة، بل هو عام یستغرق كل ألفاظ القرآن، تارة
تراه ینقاد للناظر سهلا طیعا، وتارة أخرى لا تنكشف غوامضه إلا بإمعان النظر وطول
التأمل. 12
 تقـوم القـیم التعبیریـة لألفـاظ القـرآن الكـریم علـى مجموعـة مـن الآلیـات الأسـلوبیة التـي
أبانت عن كفاءتها الإیحائیة والتعبیریة، ومن هذه الآلیات محاكاة الأصوات، والحـذف والزیـادة
في أصوات اللفظ، والتضعیف، وقوة اللفظ لقوة المعنى، والألفاظ الغریبة للمعاني الغریبة.
وتضـمن الفصـل الرابـع دراسـة عـن البـدیع اللفظـي فـي القـرآن الكـریم باعتبـاره مقومـا
جلیلا من مقومات إعجازه الصوتي، وقـد قسـمته إلـى ثلاثـة مباحـث، الأول تناولـت فیـه ظـاهرة
الجنـاس الصـوتي، و الثــاني بعـض الظــواهر الملحقـة بالجنـاس، كالتردیــد والتصـدیر والتعطــف
وتشـابه الأطـراف والتوشـیح والإرصـاد وغیرهـا؛ والثالـث خصصـته للتـوازي فـي القـرآن الكـریم.
والحق أن البحث في بدیع القرآن الكریم یشكل أطروحة قائمة بـذاتها، ومـا أشـر ت إلیـه هنـا لا
یعدو أن یكون جزءا یسیرا منها. ومن نتائج هذا الفصل:
 تشارك الظواهر البدیعیة اللفظیة في بناء الإعجاز الصوتي للنص القرآني، و یعد
الجناس بكل تشكلاته، من أرقى الآلیات وأجلها، لأنه یسهم في بناء النسق الصوتي في لغة
القرآن، ویغني إیقاعاته المتعددة، فتستحلیه الأسماع، وتتقبله الطباع، وتهتز له النفس بما
یحدثه فیها من الأنس. ومن المحسنات البدیعیة الأخرى التي تسهم في تلوین البنیة الصوتیة
القرآنیة رد الأعجاز على الصدور التوشیح والإرصاد والتردید والتعطف وتشابه الأطراف.
 تعتمد كثیر من الآیات القرآنیة في تشكیلها الصوتي على التوازي والتوازن، فتكون
متماثلة ومتوازنة ومتعادلة على المستوى الصوتي والصرفي والتركیبي، حتى تصبح الآیة
الأولى مساویة للآیة الثانیة، وكأنهما بیت من الشعر، وهذا من أرقى الموازنات النثریة
وأتمها. 13
أمـا الفصـل الخـامس فقـد أشـرت فیـه إلـى الخصـائص الصـوتیة والإیقاعیـة للتراكیـب
القرآنیـة وعنو نتـه ب"الإیقـاع الصـوتي فـي القـرآن الكـریم" وفیـه أربعـة مباحـث، اسـتأثر المبحـث
الأول بالحـــدیث عـــن التناســـب الصـــوتي فـــي التراكیـــب القرآنیـــة، وتوســـع الثـــاني فـــي الإیقـــاع
الصــوتي وموســیقى القــرآن الكــریم، و اشــتمل الثالــث علــى نمــاذج تحلیلیــة مــن هــذا الإیقـــاع،
واختص الرابع بمقاربة دور اللازمة ووظیفتها في التشـكیل الإیقـاعي للـنص القرآنـي. وخلصـت
من خلاله إلى النتائج الآتیة:
 تتعدد مظاهر التناسب الصوتي في التراكیب القرآنیة، فهي بالإضافة إلى خلوها من
تنافر الكلام، حصّ لت الكثیر من أسباب التلاؤم والانسجام، وعلى رأسها التغییر في بنیة
الكلمات والعبارات للتناسب، وتقدیم بعض الألفاظ على بعض للمشاكلة، والانتقال بیسر من
كلمة إلى أخرى ومن آیة إلى التي تلیها، والاتزان والتعدید وتراكم الأصوات المستلذة، والتلاؤم
اللفظي الدلالي.
 یسهم الإیقاع الصوتي القرآني، بملامحه الفریدة، وخصائصه المائزة، إن على مستوى
السور أو الآیات، أو على مستوى الأسالیب، في بناء الإعجاز الصوتي للقرآن. ومن أبرز
خصائص هذا الإیقاع، تناسب جرس الأصوات ومعانیها في نص ملتئم وخطاب منسجم،
فیتجلى لنا الإیقاع بنیة صوتیة متناغمة ومتلائمة مع سیاقها ودلالتها ووظیفتها.
 یشكل التكرار الصوتي في القرآن العظیم ظاهرة فنیة بارزة ملفتة للسمع والفكر؛ لأنها
تخاطب الآذان والأذهان، وتسترعي الأسماع والطباع، وتخلق إیقاعا مترنما، ونغما موسیقیا،
فیقبل السامع وقد انشرحت نفسه وتفتحت، وتهیأت للتفاعل الإیجابي مع مضامین الخطاب
ودلالاته. 14
 تتخذ اللازمة فـي القـرآن مظـاهر متعـددة، فقـد تكـون كلمـة وقـد تكـون عبـارة، وقـد تكـون
آیـة كاملـة أو عـدة آیـات، وقـد تكـون تجاوبـا ببـین مطلـع الآیـة وخاتمتهـا، وهـي تـؤدي وظیفـة
جلیلـة فـي إیقـاع القـرآن الكـریم، ولعـل فـي مـا ألمحنـا إلیـه مـن بنیاتهـا مـا یفـتح شـهیة البـاحثین
لاستقصاء تجلیاتها ووظائفها وفنونها وطرائق اشتغالها في النص القرآني.
وجـاء الفصـل الأخیـر لمقاربـة ظـاهرة صـوتیة فریـدة فـي القـرآن الكـریم، وهـي ظـاهرة
الفاصـلة، وقـد فرعتـه إلـى أربعـة مباحـث، تنـاول الأول مفهـوم الفاصـلة وأنواعهـا، وأبـرز الثـاني
الانسجام الصوتي الدلالي في الفاصلة القرآنیة، وكشف الثالث عن مظاهر الانزیاح الأسلوبي
في الفواصل، أما المبحث الرابـع فقـد خصصـته لإیقـاع الفواصـل القرآنیـة عبـر دراسـة أصـوات
المـد فـي الفاصـلة، والتوزیـع الصـوتي لأصـوات الفواصـل فـي بعـض السـور التـي كانـت میـدانا
للتطبیق والتحلیل. وانتهیت في هذا الفصل إلى خلاصات أهمها:
 تعد الفاصلة إحدى أهم أعمدة الإعجاز الصوتي في القرآن الكریم، فهي المقوم
الصوتي الأكثر تواترا في آیاته وسوره، والأكثر إسهاما في بناء إیقاعه ونسقه الصوتي.
 تلعب الفواصل الفرعیة دورا كبیرا في إغناء الإیقاع الصوتي لبعض الآیات القرآنیة
وتكثیفه وتلوینه؛ لأنها تخلف إیقاعات وموسیقى تتآزر مع موسیقى الفواصل الكبرى؛ لتنسج
دوائر إیقاعیة متنوعة یحف بعضها بعضا.
 تقوم الفاصلة القرآنیة بوظیفة مزدوجة، صوتیة ودلالیة؛ لأنها لا تُعنى بتخیر الألفاظ،
وتشاكل الأصوات على حساب المعاني والدلالات، ولا تعنى باستیفاء المعاني مع إهمال
التحسین الصوتي، فمن الناحیة الصوتیة تمیز بین مقاطع الآیات، وتضفي علیها لذة صوتیة
عن طریق التشاكل أو التقارب، كما تشكل وقفة للقارئ لأخذ النفس، وهي في الوقت ذاته
وقفة إیقاعیة، ونبرة موسیقیة، تمنح للنص القرآني تلوینا نغمیا فریدا. ومن الناحیة الدلالیة 15
تتسم الفاصلة القرآنیة بحمولتها الدلالیة، ویتجلى ذلك في مظهرین أساسین: الأول تلاؤم
الخصائص الصوتیة والتنغیمیة للفواصل وطاقتها الإیحائیة، خاصة الصوائت الطویلة،
والثاني: إسهام كلمات الفواصل في حسن إفهام المعاني.
 یمكن تصنیف مظاهر الانزیاح لرعایة الفاصلة في التعبیر القرآني إلى جملة من
الملامح الأسلوبیة أهمها: زیادة صوت في الفاصلة أو حذفه، وتغییر بنیة كلمة الفاصلة أو
حذف كلمة منها، والتقدیم والتأخیر، وإ حلال صیغة مكان أخرى، أو مصدر مكان مصدر،
أو إحلال المفرد محل الجمع أو العكس، أو اختلاف نظم الكلام لاختلاف الفاصلة. ولا
ندعي أن الأمر یقتصر على هذه الصور فقط، بل یمكن استنباط غیرها، كما أننا لا ندعي
أن تكون المناسبة الصوتیة هي وحدها المقصو دة من هذه الانزیاحات الأسلوبیة، بل قد
ینضاف إلیها أغراض بلاغیة أخرى.
 تشكل أصوات المد في الفواصل القرآنیة ملمحا صوتیا وإ یقاعیا بارزا، سواء من حیث
الكم أو الموقع، وهذه القیمة الموسیقیة والإیقاعیة لأصوات المد تتأكد بالمعطیات الإحصائیة،
فقد أثبتت الإحصاءات أن عدد الفواصل المردوفة بالمد في القرآن كله هو 5165، منها
بالیاء: 2672، ومنها بالواو: 2048، ومنها بالألف: 445.
 تظهر إحصاءات نسبة استعمال الحروف العربیة في روي الفواصل القرآنیة، دقة
الاختیار الصوتي في التعبیر القرآني، حیث إنه اختار لهذا الموقع الحساس أعذب الأصوات
وألذها في السمع، وأخفها وأرقها في النطق، فقد استأثر صوتا النون والمیم بأكثر من 60%16
من أصوات الفاصلة القرآنیة، ولا یخفى علینا ما یتمیز به هذان الصوتان من خصائص
صوتیة وموسیقیة تتمثل في الجهارة والوضوح السمعي وما یحملانه من غنة.
 یعد الملمح الإیقاعي ظاهرة بارزة في التشكیل الصوتي للفواصل القرآنیة، ولا تكاد تجد
دراسة عن الفواصل القرآنیة تخلو من الإشارة إلى هذا الملمح، وقد وقفنا على بعض النماذج
من التشكیلات الإیقاعیة في الفواصل القرآنیة فألفیناها متنوعة ومتعددة، وهي ما تزال بحاجة
إلى دراسات أكادیمیة متخصصة، تكشف عن الآلیات الأسلوبیة، والأدوات الإجرائیة، وكذا
التجلیات المختلفة التي تتخذها.
ثم أما بعد:
فإن البحث في إعجاز القرآن الكریم وبلاغته یظل مفتوحا علـى آفـاق رحبـة مـن تعـدد
القراءات، وتنوع المقاربات، فالقرآن الكریم معین لا ینضب وكنز لا ینفذ، ولـیس هـذا المشـروع
الذي قـدمناه سـوى مسـاهمة متواضـعة لا تـدعي أنهـا وفـت الموضـوع حقـه ومسـتحقه، ولا تنفـي
الشــعور بالتقصــیر و العجــز عــن الإحاطــة بكــل جوانبــه، وحسْ ــبُ صــاحبها أنــه أخلــص النیــة
واجتهد في العمل، واالله من وراء القصد وهو یهدي السبیل.
وإ ذا كان من تمـام العمـل شـكر ذوي الفضـل، فـإني أرفـع أسـمى آیـات الشـكر والثنـاء،
وأخلص عبارات الامتنان والاعتـراف بالجمیـل، إلـى أسـتاذي المشـرف فضـیلة الأسـتاذ الـدكتور
عبد الحمید زاهید السامق فـي نفسـه، والمتواضـع لغیـره، و الـذي كـان نبراسـي وسـراج دربـي فـي
مسـیرتي العلمیـة منـذ السـنة الأولـى مـن سـلك الماسـتر، فلـم یكـن یبخـل علـي –وعلـى زملائـي
الطلبــة- بوقتــه الثمــین فــي كــل لحظــة وحــین، وكــان -علــى كثــرة مشــاغله- دائــم التتبــع
 
السلام
حسب ما اخبرني به الباحث انه في صدد طبع هده الرسالة العلمية، الكتعلقة بالاعجاز الصوتي في القرءان اكريم.
 
احسنت اخي محمد بنعمر ونفع الله بك
حبذا ترفع الاطروحة على الموقع للاستفادة منها مع الاحترام والتقدير
 
عودة
أعلى