الاشتباه بين ابن الجوزي وابن الجزري - د. عبد الحكيم الأنيس

ضيف الله الشمراني

ملتقى القراءات والتجويد
إنضم
30/11/2007
المشاركات
1,508
مستوى التفاعل
4
النقاط
38
الإقامة
المدينة المنورة
بسم1​
التشابهُ في الأسماء والألقاب، والكنى والأنساب مدعاةٌ للتداخل، ومظنةٌ للوهم، ومِنْ ذلك: الاشتباهُ بين ابن الجوزي وابن الجزري، وهما عالمان معروفان:
فالأول هو عبدالرحمن بن علي ابن الجوزي البغدادي (508-597هـ).
والثاني هو محمد بن محمد ابن الجزري الدمشقي (751- 833هـ).
ولكلٍّ منهما مؤلفاتٌ كثيرة.
وأسوقُ هنا ما وقفتُ عليه مِنْ مواضع الاشتباه:
♦♦♦

• ذَكَرَ السيوطي (849-911هـ) طبقات شيوخه في الرواية فقال:
"هم أربع طبقات:
.......
الرابعة: مَنْ يروي عن أبي زرعة بن العراقي، وابن الجزري ونحوهما".
نَقَلَ هذا عنه تلميذُه عبدالقادر الشاذلي في "بهجة العابدين بترجمة حافظ العصر جلال الدين" ص82، وعبدالوهاب الشعراني في "الطبقات الصغرى" ص19،ولكن تصحفت "الجزري" إلى "الجوزي" في الكتابين!
وترجمَ محقِّقُ "بهجة العابدين" له على أنه (عبدالرحمن بن علي 508-597هـ). ولا يُمْكنُ هذا فشيوخُ السيوطي يروون عن أبي زرعة المُتوفى سنة 826 وابنِ الجزري المُتوفى سنة 833، وأين هذا التاريخ مِنْ عصر ابن الجوزي المُتوفى سنة 597هـ؟
♦♦♦

• وجاء في مقالٍ لي بعنوان: (أنا أفصح مَنْ نطق بالضاد) نُشِرَ في جريدة العراق ببغداد في (29/6/1988م):
"قال العلّامة علي القاري (ت: 1014هـ) في كتابه: "الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة" ص 116-117 [عن الحديث المعنون به]:
"معناه صحيح، ولكن لا أصل له في مبناه كما قاله ابنُ كثير.
وقال ابنُ الجوزي: ونصه في الحديث المشهور على الألسنة "أنا أفصح مَنْ نطق بالضاد" لا أصل له ولا يصح".....
وجاء في كتاب العلاّمة علي القاري الآخر المُسمّى "المصنوع في معرفة الحديث الموضوع" ص 61...:
"حديث: أنا أفصح مَنْ نطق بالضاد، معناه صحيح، ولا أصل له كما قال ابنُ كثير، وابن الجزري".

أقول: ولعل قوله هنا: "ابن الجزري" أصح ممّا جاء في كتابه "الأسرار المرفوعة": "ابن الجوزي"، ذلك لأنّي رجعتُ إلى كتاب: "الموضوعات من الأحاديث المرفوعات" لابن الجوزي فلم أجدْ لهذا الحديث ذكرًا فيه". ا.هـ.

هذا ما قلتُهُ في المقال المذكور، وقد وقفتُ بعدُ على كلام ابن الجزري على هذا الحديث في كتابه "النشر في القراءات العشر" (1/219)، فتأكد أنَّما جاء في "الأسرارالمرفوعة" وهو (ابن الجوزي) خطأٌ قطعًا.
♦♦♦

• وجاء في "كشف الظنون" (2/1866):
"منظومة في الحديث لابن الجوزي".
وتابعه البغدادي في "هدية العارفين" (1/523)، والعظم في "عقود الجوهر" ص44، وعبدالحميد العَلَوْجي في "مؤلفات ابن الجوزي" ص 237.
والصواب: منظومة في الحديث لابن الجزري.
والمنظومة هي: "الهداية إلى علوم الدراية"[1].وقد شرحها السخاويُّ وغيره.
وليس لابن الجوزي منظومة في الحديث.
♦♦♦

• وجاء في "فهرس مؤلفات أبي الفرج بن الجوزي المخطوطة بمكتبات تركيا" للدكتور نور الدين بن شكري بوياجيلار ص320[2]:
"بغية العالم في كلام أبي القاسم.
محمود باشا، رقم 5-71.
مقياس الصفحات: 265x 170، 250x 125 ملليمتر.
كُتبتْ سنة 840هـ بخط نسخي جيد".

والصواب أنه لابن الجزري، وقد فحصتُهُ بنفسي، وهذه مقدمتُه (من152ب-153أ):
"بسم الله الرحمن الرحيم
قال الفقيرُ إلى رحمة ربه محمد بن محمد بن محمد بن الجزري لطف الله تعالى في غربته:
الحمد لله ربِّ العالمين، وصلواته على سيِّد المرسلين محمد النبي الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعدُ: فهذه أربعين[3]حديثاً من أصح الصحيح، وأفصح الفصيح، بأخصر اللفظ، تيسيرًا للحفظ، إذ قد ورد عنه صلى الله عليه وسلم: مَنْ حفظ على أمتي أربعين حديثًا بعثهُ الله يوم القيامة فقيهًا عالمًا. حشرنا الله في جملة العلماء، وجعلنا من الأتقياء السعداء...
وسميتُه: بغية العالم مِنْ كلام أبي القاسم...".
♦♦♦

• ونَسَبَ الأستاذ عبدالحميد العلوجي لابنِ الجوزي "الزهر الفائح في ذكرِ مَنْ تنزَّهَ عن الذنوب والقبائح"[4].
ولم يُعْرَفْ هذا العنوانُ في قوائم مؤلفات ابن الجوزي.
وقد ذُكِرَ الكتاب في مؤلفات ابن الجزري،كما في البحث "الإمام شمس الدين ابن الجزري: فهرس مؤلفاته ومَنْ ترجم له"[5].
وله نسخٌ منسوبة إلى غيرهما أيضًا، وهو مطبوع، ولابُدَّ مِنْ بحثٍ خاصٍّ لتحقيق النسبة.
♦♦♦

• وفي مكتبة الملك عبدالعزيز في المدينة المنورة مخطوطٌ برقم (44/900) ورقم حفظه (3790)، فُهْرِسَ في البطاقات بـ: "تاريخ ابن الجوزي". مع أنَّ أوله: "قال العبدُ الفقيرُ محمد بن محمد بن محمد الجزري".
وفيه (الورقة ب): "أخبرني ابني أبو الفتح جبره الله".
♦♦♦

• ورأيتُ أيضًا في المكتبة المذكورة في "فهرس البطاقات":
(منظومة المقدمة فيما يجبُ على قارئ القرآن أنْ يعلمه: ابن الجوزيمحمد بن محمدت 833هـ)!
والصواب: ابن الجزري.
♦♦♦

• ورأيتُ في فهارس دار الكتاب والوثائق القومية بمصر، تحت اسم "ابن الجوزي":
(شرح ذات الشفا في سيرة المصطفى/ رفع الخفا
شمس الدين ابن الجزري ابن الجوزي).
هكذا كُتِبَ! ولم يتسع الوقت لمراجعة النسخة.
و"ذات الخفا" لابن الجزري[6]، وليس لابن الجوزي كتابٌ بهذا العنوان[7].
♦♦♦

• ونُسِبَ إلى ابن الجوزي عدة مخطوطات باسم:"المولد"، ولابن الجزري: "التعريف بالمولد الشريف"، و"عرف التعريف بالمولد الشريف"، فليُنظر في هذا فلعل في ذلك تداخلاً بينهما أيضًا.

[1] انظر: "الإمام شمسِ الدين ابن الجوزي: فهرس مؤلفاته ومَنْ ترجم له" للأستاذ محمد مطيع الحافظ، مجلة آفاق الثقافة والتراث، العدد (3) رجب 1414هـ - ديسمبر 1993م، ص51.
[2] بحثٌ نُشِرَ في مجلة كلية أصول الدين بالرياض، العدد الرابع، العام الجامعي 1402-1403هـ.
[3] كذا.
[4] انظر: "مؤلفات ابن الجوزي"ص140 -141، و"قراءة جديدة في مؤلفات ابن الجوزي" ص109، و"معجم مؤلفات الإمام ابن الجوزي المخطوطة بمكتبات المملكة العربية السعودية" للقاضي السلامة.
[5] ص24-25.
[6] انظر: "هدية العارفين" (2/ 188).
[7] وليُنظر الشارح.
 
عودة
أعلى