الاستشراق الفرنسي المعاصر والدراسات القرآنية:الحلقة الأولى

إنضم
05/01/2013
المشاركات
579
مستوى التفاعل
6
النقاط
18
العمر
63
الإقامة
تارودانت المغرب
الحلقة الأولى:"صناعة الاستغراب"
احتضنت ألمانيا وفرنسا القلاع الرئيسة للدراسات القرآنية بالغرب،وبمناسبة شهر رمضان 1435هـ أرتأيت أن أكتب لقراء هذا الملتقى حلقات أسبوعية عن هذه الدراسات في فرنسا،علما بأن الشرط الأساس الذي ألزمت به نفسي هو الحرص على أن أنقل الى القراء واقعها الحالي،أي أنني لن أهتم بالأموات من المستشرقين وتلامذتهم من أبناء جلدتنا ممن تتبادر أسماؤهم الى مخيلة الدارس بمجرد ذكر الاستشراق...،أما الهدف الذي أرجو بلوغه فهو تقديم الجديد الذي قد يحتاج اليه الدارس أو الباحث في الموضوع بما ييسر له مواكبة تطور الدراسات القرآنية في الغرب الأوربي.

" صـــــناعة الاســـــتـــغــــراب"
في فرنسا اليوم العديد من مؤسسات البحث ومؤسسات التعليم العالي التي تهتم بموضوعات لها تعلق بالقرآن الكريم،وأهمها في مجال البحث:
- معهد الأبحاث وتاريخ النصوص في باريس.
- مركز الأبحاث والدراسات حول مجتمعات حوض الأبيض المتوسط في مرسيليا...
أما أهم هذه المؤسسات في مجال الدراسات العليا:
- المدرسة التطبيقية للدراسات العليا في باريس.
- جامعة اكس أن بروفانس جنوب فرنسا...

وممن خرجته حديثا هذه المؤسسات من حاملي "شعلة الاستغراب"
(الدكتور مهدي عزيز)

ولج "عزيز" مجال الدراسات الاسلامية العليا (تخصص قرآن) بتحضير درجة الماجستير في جامعة اكس أن بروفانس تحت اشراف المستشرق القسيس د.كلود جيليو،وحصل عليها 2008م.
ولأن جيليو(1940) تقاعد،فقد شد "عزيز" الرحال الى باريس ليعمل تحت اشراف أستاذ آخر هو الصفوي "محمد أمير معزي"(ولد في طهران 1956م ويحتل كرسي التفسير واللاهوت في الاسلام الشيعي)و يعمل اليوم أستاذا بالمدرسة التطبيقية للدراسات العليا EPHE في باريس.
أكمل "عزيز" درجة الدكتوراه الفرنسية في 28/10/2012 وكانت لجنة مناقشته:
- أمير معزي
-جاكلين الشابي (مستغربة خريجة الجامعة الفرنسية).
- كلود جيليو
- دينيس غريل (مستشرق فرنسي)
- جبرييل رينولدز (قبطي يشتغل في القرآن من جامعة نوتر دام الأمريكية).
وكان موضوع الدكتوراه:"الجدل القرآني:تحليل لخطاب خصوم القرآن ولرده عليهم
La polémique coranique, Analyse du contre-discours et de la riposte coranique.
عشية تخرجه بالدكتوراه حصل على عقدة عمل مع جامعة نوتر دام (سيدتنا NOTRE DAME ) بالولايات المتحدة خلال الموسم الجامعي 2012-2013 قام خلاله بالاسهام في حلقة للدراسات القرآنية يشرف عليها جبرييل رينولدز السابق.
عقب ذلك هييء للحصول على منصب بحثي في باريس،فالتحق مجددا بفرنسا 2013م باعتباره باحثا تابعا لمختبر "الدين والمجتمع في حوض المتوسط"في باريس.
بعد سنة من ذلك (وسنتين من الحصول على الدكتوراه) رقي الى درجة أستاذ مشارك 2014م
واستكمالا لأدوات عمله أسند لـ "عزيز" الاشراف على ملتقى فرنسي على الانترنيت متخصص في القرآن بعنوان:
(القرآن وعلوم الانسان:النص والسياق والقراءات) الذي يهتم بالموضوعات التالية:
- تاريخ القرآن
-مصادر القرآن
-تفسير القرآن
-لغة القرآن
- الترتيب النزولي للقرآن
 
الحلقة الثانية: "الأعلام المعاصرين للدراسات القرآنية بفرنسا"

ان تتبع أشغال المؤتمرات المتخصصة وأعداد الدوريات والمجلات يمكن الدارس من الوقوف على أسماء عديدة لمستشرقين فرنسيين أحياء يهتمون بالدرس القرآني،وهم على اختلافهم يمكن تقسيمهم الى فئتين:
1- فئة ولجت مجال هذا التخصص من باب المشاركة (في التأليف)،فـ دينيس غريل أعلاه مثلا تخصص في التصوف،لكن له كتابات في الدرسات القرآني تأليفا ونشرا،والشيء نفسه يقال عن دومينيك أورفوي وزوجه ماري تيريس من المعهد الكاثوليكي بتولوز...
2- الفئة الثانية مستشرقون غلب على اهتمامهم هذا التخصص فلا يبرحونه، وهذه الفئة هي التي تهمنا هنا،وأهم من يمثلها من المستشرقين الفرنسيين الأحياء:
أ- دانييل جيماري Daniel Gimaret
ب- كلود جيليو Claude Gilliot
ج- فرانسوا ديروش François Déroche.

أولا- دانييل جيماري:ولد 1933/6/11م،تخرج بالباكلوريوس من المدرسة الوطنية للغات الشرقية الحية في باريس،وابتدأ حياته في مجال البحث 1966 حين التحق بالمركز الوطني للبحث العلمي CNRS بباريس ومنه الى "المعهد الفرنسي للدراسات الأناضولية" باستنبول التركية،وبعد حصوله على الدكتوراه عام 1981م في موضوع "نظرية الكسب في علم الكلام الاسلامي" أصبح أستاذا بالمدرسة التطبيقية للدراسات العليا EPHE في باريس الى أن تقاعد عام 1998م.
كان التخصص الأول لجيماري هو علم الكلام،فقد كتب عن الأصول الخمسة عند القاضي عبدالجبار،وعن المجموع لابن ماتويه والملل والنحل للشهرستاني ومقالات الأشعري وابن فورك ...ومن هذا التراث اختار أن يفرغ نفسه سنوات عديدة بعد ذلك للتفسير المذهبي،فتخصص في تفسير المعتزلة،وأهم انتاجه على الاطلاق كتاب:
"قراءة معتزلية للقرآن:تفسير أبي علي الجبائي" في أكثر من ثمانمائة صفحة.
ومما يعرف عنه،أنه اتخذ لنفسه في باريس مسكنين متقاربين،أحدهما أسري والآخر جعله معتكفا يغلق بابه عليه في أوقات خلوته للبحث.
وكان جيماري عضوا في:
- الجمعية الأسيوية أقدم جمعية للمستشرقين الفرنسيين.
- مجالس المعاهد الفرنسية في دمشق والقاهرة وطهران.
كما كان محررا رئيسا في مجلة الجريدة الآسيوية ودائرة المعارف الاسلامية، ومسؤولا عن النشر في دورية "النشرة النقدية للحوليات الاسلامية".
ومنذ تقاعده انتخب عضوا في "أكاديمية النقوش والآداب الرفيعة" بباريس.

ثانيا- كلود جيليو:ولد 1940/1/6م،بعد تخرجه من المدرسة العليا ENS عمل فترة في التدريس الثانوي ليلتحق بعد ذلك بجامعة باريس الثالثة حيث حصل على الماجستير عام 1982م ثم الدكتوراه في 1987م ورسالتيه معا عن تفسير الطبري،ليصبح أستاذا في جامعة اكس AIX قرب مرسيليا جنوب فرنسا ابتداء من 1989 الى تقاعده2006،حيث أشرف على عدد من طلبة الدراسات العليا من فرنسا والعالم الاسلامي المتخصصين في تفسير القرآن وفي غيره.
وهذا المستشرق يعتبر:
- متفرغا للدراسات القرآنية.
- أغزر المستشرقين الأحياء كتابة،اذ تربو أبحاثه المنشورة عن الخمسين، وجلها في الدوريات وأعمال المؤتمرات بالفرنسية والانجليزية والألمانية.
وعلى عادة المستشرقين فقد ظل جيليو باحثا في:
- معهد الأبحاث والدراسات حول العالم العربي والاسلاميIREMAM .
- مسؤول تحرير مجلة أرابيكا ARABICA لسنوات.
- مشرفا على مجلة "نشرة الحوليات الاسلامية"
- عضوا في لجنة الاشراف على "دائرة معارف القرآن"الأمريكية...
ولعل أهم ما طبع كتاباته عن القرآن شدة اهتمامه بأمهات التفاسير،فقد كتب عن تفاسير يحيى بن سلام وهود بن محكم وابن أبي زمنين...والطبري، وأبحاثه المنشورة لا تخلو من تحامل مقيت وحقد ظاهر وهو في ذلك صورة مجسدة للاستشراق المسيحي الفرنسي المتعصب،اذ أنه في الأصل راهب بدرجة قسيس دومنيكاني (الدومنيكان نزعة رهبانية كاثوليكية تأسست 1215م يتميز رجالها عن الرهبان الكاثوليك بلباسهم الأبيض الطويل)، ودراساته تكشف عن شدة تعصبه منها دراسة نشرها في أكثر من ثمانين صفحة بعنوان "الشخصية الأسطورية لابن عباس".
وبحكم تخصصه فقد اضطر أستاذه(المشرف) أركون أن يتخلى له عن تدريس مقررات التفسير بجامعة باريس الثالثة الى أن أحيل أركون على التقاعد 1993م،وكما ظل جيليو حريصا على المؤتمرات المتخصصة بالغرب حرص أيضا على مواكبة التظاهرات الثقافية خاصة معرض القاهرة للكتاب،حيث كان ينزل ضيفا على خلانه في"معهد الرهبان الدومنيكان للأبحاث الشرقية"IDEO بمنطقة العباسية،ومجلة هذا المعهد MIDEO حافلة بمتابعاته لجديد المنشورات المتصلة بالتفسير.

ثالثا- فرانسوا ديروش:ولد 1952/10/24م،تخرج بالباكلوريوس من المدرسة العليا ENS عام 1973 وحصل على الماجستير في الآثار المصرية،ثم عمل ما بين 1978-1983 في المكتبة الوطنية الفرنسية حيث وضع الفهرس الوصفي لذخائرها من المصاحف المخطوطة في مجلدين.حصل على تفرغ علمي في المعهد الفرنسي للدراسات الأناضولية باستنبول،حضر عقبه درجة الدكتوراه وكان موضوعها عن "نقوش منطقة العلا شمال السعودية"(*).
كان تخصص ديروش العام هو "علم الكتابات القديمة أو الباليوغرافيا"،أما تخصصه الدقيق فهو مخطوطات المصاحف العتيقة.
عمل ديروش منذ 1990 حتى اليوم أستاذا بالمدرسة التطبيقية للدراسات العليا EPHE وفيها يشرف على عشرات الأطروحات في موضوعات تتصل بـ:
- صناعة الوراقة بالعالم الاسلامي.
- مخطوطات المصاحف.
ومما يتصل بالقرآن منها:
- أطروحة حسن جهدي (2009م)عن"المصاحف في بداية الاسلام:دراسة مقارنة في مخطوطات المصاحف وكتب القراءات ما بين القرنين الثالث والخامس للهجرة".
- أطروحة ايليونور سيلارد(2009م)،عن "تدوين القرآن:دراسة في مصاحف مخطوطة من القرن الثاني للهجرة".
- أطروحة ميكاييل جوزيف ماركس (2012م)،عن"معضلة نشرة نقدية للقرآن:دراسة في العلاقة بين التدوين الكتابي في المصاحف والرواية الشفوية".
فضلا عن ذلك فان ديروش:
-عضو في الجمعية الآسيوية الفرنسية.
- خبير لدى مؤسسة الفرقان بلندن (لأحمد زكي يماني).
- انتخب 2011م عضوا في "أكاديمية النقوش والآداب الرفيعة"الفرنسية.
وله عشرات الأبحاث بالفرنسية والانجليزية،كما يشتغل مع المشروع الألماني "كوربيس كورانيكوم" بجامعة برلين الحرة...،وآخر ما صدر له كتاب "مخطوطات مصاحف من العصر الأموي" الذي سبق أن كتبت عنه في الملتقى ابانه.


(*)نقوش منطقة العلا في شمال غرب السعودية هي نقوش حجرية نبطية أول من اهتم بها المستشرق الألماني جوليوس أويتنج Euting تـ1913م،وكان قد رحل الى منطقة العلا رفقته منصرين فرنسيين في القرن 19 وصوروا هذه النقوش الآرمية ونقلاها الى أوربا،وكان موضوع الاهتمام بها مرتبطا بالبحث في جذور النصرانية الشرقية قبيل ظهور الاسلام.


حلقة الأسبوع الثالث من رمضان ان شاء الله عن:
(دعامات البيئة التعليمية للدراسات القرآنية بفرنسا
التدريب و البحث والتدريس).
 
احسنتم، ولا سيما في ذِكْر أسفار المستشرقين و أخلّائهم العرب.
 
جهد موفق ونتطلع للمزيد..

ولدي طلب لو أذنت , بودي تذكر لنا المصدر الذي جمعت منه هذه المعلومات.
 
بالنسبة لمصادر المعلومات فهي:
1- الأرشيف الخاص الذي تجمع عندي خلال سنوات.
2- العلاقات الشخصية.
3- الكتب والدوريات والرسائل الجامعية التي أقتنيها
4- المواقع الالكترونية الرسمية للمؤسسات الفرنسية نفسها.
وبحكم طبيعة النشر في الملتقيات وما تتطلبه من اختصار للمادة،فان المجال لا يسمح بالتوثيق،والا فالمصادر والموارد وافرة ولله الحمد بين يدي.
على أن الغرض من هذه الحلقات هو:
أ- اعطاء المهتمين بالقرآن من قراء العربية نظرة أولية عن الدراسات القرآنية في بعض الدول الغربية.
ب- اخراج هؤلاء المهتمين من بوثقة الرتابة ومن الكتابات التي تجاوزها الزمان عن الاستشراق...،فكم من الكتب التي تصدر الآن بالعالم العربي عن القرآن والمستشرقين لا تمل من الوقوف على أطلال مستشرقين ماتوا منذ عقود و تحللت عظامهم في القبور لكنهم لا زالوا أحياء في كتابات العرب...الشيء الذي جعل عامة القراء لا يعرفون شيئا عن الاستشراق الحي الذي يمشي على قدمين،ويملأ عشرات المراكز البحثية في الغرب في أيامنا الراهنة والله الموفق والمعين...
 
الحلقة الثالثة:
(دعامات البيئة التعليمية للدراسات القرآنية بفرنسا

[FONT=KFGQPC Uthman Taha Naskh, Traditional Arabic] التدريب و البحث والتدريس).
[/FONT]
[FONT=KFGQPC Uthman Taha Naskh, Traditional Arabic]لأن الكلام عن هذه البيئة طويل جدا وله جذور عميقة،فسيتم الكلام عنه باجمال عن طريق اختصار الكلام في الدعامات الكبرى لتلك البيئة وهي:[/FONT]
[FONT=KFGQPC Uthman Taha Naskh, Traditional Arabic]1- التدريب[/FONT]
[FONT=KFGQPC Uthman Taha Naskh, Traditional Arabic]2- البحث[/FONT]
[FONT=KFGQPC Uthman Taha Naskh, Traditional Arabic]3- التدريس.
[/FONT]
[FONT=KFGQPC Uthman Taha Naskh, Traditional Arabic]وقبل ذلك يجب أن يعلم ما يلي:[/FONT]
[FONT=KFGQPC Uthman Taha Naskh, Traditional Arabic]* أن التخصص في أي من فروع الدراسات الشرقية (كالقرآن) لا يكون في مرحلة الاجازة "اللسانس" أي الباكلوريوس وانما بعد ذلك.
* الغالب أن المهتم بهذا المجال يكون في مرحلة الباكلوريوس قد اختار متابعة تكوين معين في تعلم العربية وغالبا ما يكون ذلك في "المدرسة الوطنية للغات الشرقية الحية ENLOV " .
* أنه لا يمكن للطالب أن يدخل الجامعة ويدرس الباكالوريوس ومباشرة بعده الماجستير ثم الدكتوراه كل ذلك بالتتابع ليلج في النهاية الى التدريس الجامعي،بل هناك "عتبات كأداء" لابد من المرور منها،والكثيرون لا يستطيعون تجاوزها،والغرض منها انتاج أساتذة يجمعون بين أهلية التدريس وأهلية البحث بالمعايير الاستشراقية طبعا.
تشهد لذلك على سبيل المثال أسماء مئات الباحثين الفرنسيين الذين شاركوا في تحرير مواد دائرة المعارف الاسلامية (الاصدار الأخير) الذين لم يقدر لأسمائهم أن تدخل الى معجم المستشرقين الناطقين بالفرنسية...،فالسيدة نيكول كوتار-مثلا- وكانت باحثة بـCNRS في باريس حررت للدائرة قبل 20 سنة تقريبا مواد مثل مادة Malikia وهي أوسع ما كتب عن مذهب الامام مالك باللغات الغربية لكن هذه السيدة غيرت مسار حياتها العملية ولم تستطع انهاء طريق الاعتراف بها باعتبارها متخصصة في فرع من فروع الاستشراق الفرنسي.

وهنا أعود باختصار الى الدعامات الثلاث:

أولا- التدريب:بعد مرحلة الباكالوريوس يختار (المستعرب) الفرنسي مجالا معينا ليقضي فيه جزءا من حياته الوظيفية،قد يكون ذلك عن طريق العمل في تدريس العربية بالثانويات التي تتوفر على ذلك،أو العمل في وظيفة لدى خزانة متخصصة في الدراسات الشرقية كخزانة جامعة السربون 3 أو4 أوفي القسم العربي بالمكتبة الوطنية الفرنسية أو العمل حتى في الأقسام القنصلية لوزارة الخارجية في سفارات فرنسا باحدى الدول العربية...
وتطول هذه الفترة أو تقصر تبعا لهمة المعني بالأمر وسرعة اكتسابه للمعرفة بمجاله.

ثانيا- البحث:وهي المرحلة الثانية حيث يتم بالالتحاق بأحد أقسام الدراسات العليا،والتدريس فيها غير متخصص في القرآن وحده أو الفقه أوغيرهما،بل الغالب عليه أن يرتبط بالتخصص الدقيق للأساتذة الموجودين،ففي جامعة اكس AIX بمرسيليا الآن الغالب على القسم هو تخصص التاريخ،أو ان شئنا "تاريخ الدولة العثمانية" لأن الأساتذة هناك من تلاميذ المستشرق الفرنسي روبير منتران تـ 1999م الذي أفنى عمره في التاريخ الحديث للدولة العثمانية بحثا وتأليفا... فتكون الدراسات الشرقية في مرحلة الماجستير مختلطة،والتخصص يبتديء في رسالة التخرج .
وهناك مسألة جديرة بالأهمية هنا وهي أن رسالة الماجستير تسمى في القانون الفرنسي المنظم للجامعات:
Mémoire d Initiation a la Recherche
وترجمتها:" رسالة التدريب على التهيىء للبحث"،فالذي ينهي مرحلة الماجستير بنجاح هو في أفضل الأحوال (مشروع باحث) ولن يكون باحثا الا اذا ارتقى الى مرحلة الدكتوراه بنجاح.

وبعد اختيار التخصص توفر "البيئة الأكاديمية الفرنسية"لهذا الباحث مجالا واسعا للتدريب عبر شبكة كبيرة من المؤسسات البحثية في باريس أو في مختلف الأقاليم الفرنسية أو حتى فيما وراء البحار...ويجب عليه أن يختار من هذه الشبكة ما يخدم تخصصه مع مرعاة الجمع بين أنشطة مراكز بحث في داخل وخارج فرنسا.
ففي داخل فرنسا لا يمكنه مثلا أن يشتغل مع "المركز الجامعي الفرنسي" أو" معهد الدراسات السياسية"بباريس رغم ارتباطهما بالبحث في العالم الاسلامي لبعدهما عن التخصص لكن يجب أن يتوجه الى"معهد الأبحاث وتاريخ النصوص"مثلا...
أما في خارج فرنسا فلا يمكنه أن يشتغل مع "مركز التوثيق القانوني والاقتصادي" الفرنسي بالقاهرة أو"المعهد الفرنسي للشرق الأوسط" في بيروت...لكن يجب عليه التوجه الى غيره...تبعا للتخصص فمن أراد التخصص في الفلسفة الاسلامية أو المذاهب العقدية يذهب الى "المعهد الفرنسي بطهران"،ومن أراد التخصص في التاريخ يذهب الى "المعهد الفرنسي للدراسات الأناضولية"باستنبول أو" المعهد الفرنسي للآثار الشرقية بالقاهرة"...الى غير ذلك من سلسلة المعاهد الفرنسية المخصصة للبحث وراء البحار في: دمشق وصنعاء...وغالبا يختار المشتغلون بالتراث التفسيري القديم معهد استنبول والمشتغلون بالتفسير الحديث معهد القاهرة وربـيـبه "معهد الرهبان الدومنيكان للدراسات الشرقية"...وهذه المؤسسات الفرنسية فيما وراء البحار تتوفر على اقامات فردية وخزانات ومجلات تصدر على شكل نشرات فصلية أو دورية يوضع ذلك كله خدمة للباحث،وهي تابعة ماليا لوزارة الخارجية لكنها في مجال التدبير تتبع لـCNRS المؤسسة القومية الكبرى للبحث في باريس.
على أنه لا يمكن انهاء هذه المرحلة دون الانخراط الفعلي العملي في أنشطة الجمعيات الاستشراقية في فرنسا وفي خارجها،لأن هذه الجمعيات توفر للمنخرطين خدمات كثيرة خاصة في مجال تتبع ومواكبة تطور البحث ضمن التخصص.

ثالثا- التدريس:خلال الفترة السابقة يختار الباحث موضوع الدكتوراه ويشتغل فيه بفرنسا حتى وهو خارجها،على أساس أنه حين يناقش يجب أن يراكم عددا من المشاركات في المؤتمرات مع الاسهام في النشر الأكاديمي...وتختلف الأقسام الجامعية الفرنسية في الشروط التي يطلبها كل واحد منها لولوج التدريس فيه...فقسم الدراسات الشرقية بجامعة باريس الثامنة ليست عنده شروط دقيقة أو صارمة لكن جامعة باريس الرابعة على العكس...وغالبا ما يحرص حامل الدكتوراه على منصب يمكن فيه أن يؤسس لمدرسة في تخصصه،ففرانسوا ديروش أعلاه اختار المدرسة التطبيقية العليا لأنها اليوم أفضل في مجال الدراسات الشرقية من جميع أقسام الجامعات الفرنسية الأخرى ثم انه يرغب في تكوين طلبة يكونون على منواله في التخصص في الباليوغرافيا الاسلامية...

على أنه يجب أن أؤكد هنا على أن هذا "التدريس الجامعي" لا تنظر اليه على أنه "البريسج PRESTIGE " أي الحظوة أو المكانة العلمية...كما هو الغالب في العالم العربي،بل هذا التدريس ليس سوى شرطا واحدا من شروط الترقي الى المعاهد البحثية الكبرى مثل الأكاديميات المتخصصة وذلك عند الاقتراب من سن التقاعد أو أو بلوغها... ومن أشهر هذه المعاهد في باريس: معهد فرنسا و الكوليج دو فرانس وأكاديمية النقوش والآداب الرفيعة...والولوج الى عضويتها يكون بالانتخاب من الأعضاء القدامى وليس بالتزكية أو التعيين كما هو الحال في الأكاديميات بالعالم العربي.
وتبعا لما سلف فالمستشرق الفرنسي (المقتدر) يلج التدريس بالجامعة في سن الأربعين ويتقاعد في الخامسة والستين ليتفرغ ان طال عمره للبحث الأكاديمي.
واذا لم يمر من جميع المراحل السالفة فلا مكانة له وان ولج التدريس الجامعي وارتقى الى الأستاذية...
فالمستشرق جاك بيرك لما مات في 1995م لم يلج هذه الأكاديميات رغم أنه عين بمجمع اللغة العربية بالقاهرة وكان عضوا كامل العضوية فيه،أما في فرنسا قد قنع بكرسي "معهد العالم العربي" وهو مؤسسة ثقافية تسير من قبل عدد من السفارات العربية مع وزارة الخارجية الفرنسية ولم يكن مؤسسة أكاديمية.
والهالك أركون عاش بعد تقاعده من جامعة باريس الثالثة ثمان عشرة سنة يمني نفسه بالكوليج دو فرانس حتى مات 2010م وفي حلقة غصة من خيبة أمل...اذ لم يظفر حتى بعضوية"الأكاديمية الفرنسية لما وراء البحار" التي ولجها كثير من الأكاديميين من الجامعات خاصة في المغرب والجزائر وتونس.
خلافا لذلك نجد فرانسوا ديروش السابق ذكره انتخب لأكاديمية النقوش والآداب الرفيعة وهو دون سن التقاعد.
على أن لهذه العتبات الثلاث أثرت خلال العقود الثلاثة على الاستشراق الفرنسي...وربما سيأتي يوم تغلق فيه تخصصات الدراسات الشرقية بهذه الأكاديميات كما أغلقت أقسام جامعية هناك ..

الحلقة المقبلة ان شاء ربنا،عن:
"قلاع هذه الدراسات بفرنسا"

[/FONT]
 
الحلقة الرابعة: قــلاع الـدراسـات الـقرآنـــيـة بـفرنــــسا

يشق على المرء أن يكتب في هذا الموضوع لأنه مهما اجتهد في الكتابة فلن يوصل للقارىء أكثر صورة نسبية عن هذه القلاع التي تطورت خلال أجيال وراكمت خبرات بحثية هي الآن جزء من تاريخ البحث الأكاديمي الفرنسي... وبحسب القارىء أن يعرف أن مجلة واحدة فقط صدرت عن احدى هذه القلاع منذ 1822م ولا زالت تصدر بانتظام وهي "المجلة الآسيوية" كانت موضوعا لأكثر من أطروحة دكتوراه...وهذا المثال يبين شساعة الموضوع، مع الاشارة المسبقة الى أن هذه المؤسسات الاستشراقية كما تخدم الدراسات القرآنية تخدم غيرها في نفس الآن.

ولأجل تقديم نظرة مختزلة جدا،أقسم هذه القلاع الى أربع مجموعات:
1- معاهد البحوث
2- خزانات الأرصدة الوثائقية
3- الأقسام الجامعية
4- الجمعيات الأكاديمية المتخصصة

أولا- معاهد البحوث:وهي متعددة...
منها الموجود في داخل خريطة فرنسا ومنها ما هو خارجها(تابع للسفارات).
ومنها العام أي التابع للدولة،والخاص غير التابع لها،لكنها جميعا طالما ترفع العلم الفرنسي فان تدبيرها خاضع لاشراف المركز الوطني للبحث العلمي CNRS بباريس...

وأهم هذه المعاهد "معهد الأبحاث وتاريخ النصوصIRHT ":
السياسة الفرنسية تقوم على مبدأ أنه كلما تضخم عدد المؤسسات البحثية المتخصصة في مجال معين أحدث معهد يجمعها،والمعهد السالف أسس عام 1937م ليجمع المؤسسات البحثية المهتمة بالوثائق التي ترجع الى التاريخ الوسيط، في اللغات التالية:اللاتينية والرومانية والاغريقية والعبرية والقبطية والسريانية والعربية.
وهو يجمع تبعا لذلك متخصصين في:تاريخ الكتابات ومواد الكتابة وزخارفها وخزائن الكتب والنصوص الفنية المرتبطة.وقد ابتدأ عمله بالحرص على تجميع هذه الوثائق وتصويرها وتخزينها،ليتطور بعد ذلك الى أن أصبح اليوم مؤسسة بحثية رقمية تضم مئات الباحثين والمهندسين والتقنيين.
ويتفرع هذا المعهد اليوم الى ثلاثة عشر قسما كل واحد منها متخصص في لغة معينة أو موضوع محدد ...يهمنا من هذه الأقسام:

* القسم العربي الذي أسسه المستشرق جورج فادجا عام 1937م،يضم مكتبة بـ4000 مجلد،بالاضافة الى آلاف الملفات اهديت من قبل المستشرقين السابقين،يضاف الى ذلك الرصيد:قواعد معلومات خاصة بالوثائق وفهارس مخطوطات وخزانة مكروفيلم وخزانة وثائق مصورة،وقد ولج هذا الرصيد الآن الى عالم المكتبة الرقمية.

* قسم مخطوطات البردي:يرجع انشاؤه الى عام 1920م يضم حوالي 3000 وثيقة نصفها لا مثيل له حتى في مصر...وللقسم مكتبة متخصصة بـحوالي 7000 كتاب و 25 دورية ومجلة متخصصة و160 علبة وثائق...وابتداء من 2008م دخل القسم في مجال الخدمة الرقمية.

* قسم علم المخطوطات وتاريخ المكتبات،يشرف على رصيد وثائقي فرنسي واسع عن طريق:
-خدمة المكتبات الفرنسية للعصور الوسطى BMF
-قاعدة بيانات رقمية
- خدمة (350000 ملف) Libraria.

* قسم المخطوطات المزخرفة: أنشأ 1977م يدير قاعدة معلومات تشمل 13500 مخطوطا مزخرفا و 9400 بيانات وصفية لها،و92400 بيان عن زخارف المخطوطات وحوالي 120000 صورة رقمية مرتبطة بتلك البيانات...

ولأن اللغة العربية هي أكثر اللغات ثراء من حيث الرصيد الوثائقي،فقد كانت لها الحظوة في هذا المعهد،حتى أن "قسم اللغة الاغريقية والمسيحية الشرقية" التابع للمعهد في سياق أعماله...نظم السنة الماضية مؤتمرا دوليا موضوعه:
"سياق ميلاد الكتابة العربية:
المكتوب والكتابات الأرمينية والعربية في القرن الأول للميلاد"
استمر أيام 4 الى 6 أبريل 2013م كما أشرت الى ذلك في حينه بالملتقى وكان من الأبحاث المقدمة فيه ما يرتبط برقع مصاحف ترجع الى القرن الأول للهجرة.

ولأجل تيسير البحث فان هذه المعاهد خاصة اذا كانت خارج فرنسا تضم فضلا عن خزانة الكتب والأرشيف وغير ذلك...اقامات مجانية تغني الباحث الوافد عن الانشغال بتدبير الأيواء وتيسر له التفرغ الكامل،ويستفيد من هذه الخدمات الباحثون غير الفرنسيين اذا كانوا يحسنون الفرنسية،ومن أشهر الباحثين الذين خدمتهم هذه المراكز الفرنسية د.محمد حميد الله و د.يوسف العش رحمهما الله.
 
ثانيا- خزانات الأرصدة الوثائقية:
أهمها في فرنسا (وأوربا قاطبة) المكتبة الوطنية في باريس،وهذه المؤسسة العملاقة عمرها سبعة قرون،اذ أسسها الملك فرانسوا الأول،وهي تتشكل اليوم من أربع خزانات باريسية كبرى هي:
- مكتبة فرانسوا ميتران
- مكتبة ريشيليو
- مكتبة الأرسنال
- مكتبة متحف الأبرا،ومحتوياتها تتجاوز 14 مليون كتاب أو وثيقة،وهي الآن"مكتبة افتراضية عابرة للقارات والحدود" بعد بدء عملها بـ
* خدمة غاليكا gallica المكتبة الرقمية الفرنسية.
*خدمة EUROPEANA المكتبة الرقمية الأوربية.
وقد خدمت الذخائر الورقية لهذه المكتبة أجيال المستشرقين والباحثين في فرنسا،ويكفي الاطلاع على أطروحة دكتوراه د.عبدالصبور شاهين أو د.محمد الحبيب بلخوجة أو أبحاث د.حميدالله ود.صبحي الصالح...لنعرف مدى استفادتهم منها علما بأنهم درسوا في فرنسا قبل عصر المكتبة الرقمية.
وبالنسبة للمشتغل في الدراسات القرآنية،فان خدمة "كاليكا" توفر له الوثائق في بيته...
وأهم ما تفيده فيه المكتبة:
أ- التراث المخطوط المتصل بالدراسات القرآنية بدءا من عشرات المصاحف النادرة التي لا نظفر بها في مكان آخر ومصدر كثير منها مستعمرات فرنسا السابقة في سوريا ومصر وتونس والجزائر والمغرب...ثم الطبعات القديمة لأمهات كتب التراث التي نشرها المستشرقون في أوربا هذا فضلا عن مئات الأطروحات الجامعية.
ب- المجلات والدوريات الاستشراقية المختلفة بدءا بأعدادها الأولى التي قد ترجع الى أكثر من قرن ونصف...
واذا أمكن للباحث أن يشتغل مع هذه المكتبة بالفرنسية فانه سيظفر بوثائق لا يمكن أن يحلم بالحصول عليها في نسخ رقمية مطابقة للأصل المحفوظ في باريس،و لا زالت هذه المكتبة تحرص على اقتناء جديد الاصدارات خاصة في عالم الاستشراق
 
ثالثا- الأقسام الجامعية:

توسعت هذه الأقسام واستقطبت مئات الطلبة خاصة من العالم الاسلامي خلال العقد التاسع من القرن الرابع عشر للهجرة،وأقصى توسع لها كان عندما تولى وزارة التعليم العالي في فرنسا الوزير ادجار فور E.Faure وذلك لأسباب سياسية.
وفي بحث بعنوان:"الدراسات العربية والاسلامية" نشر بالفرنسية للمستشرقين "كلود كاهن"و"شارل بيلا" في المجلة الأسيوية العدد261 عام 1973 ص89-107 عرض الكاتبان للمؤسسات المعتمدة آنذاك للتخصص.
على أن تخصص الدراسات القرآنية كان مركزا في جامعتي باريس 3و4 ثم في جامعة أكس Aix قرب مرسيليا في الجنوب الفرنسي،وسبب ذلك توافر الأساتذة.
والنظام التعليمي الجامعي الفرنسي بحكم عمله بصنفين من المؤسسات:الكليات التابعة للجامعات ثم المدارس العليا المتخصصة في فروع معرفية محددة ساهم دوما في استمرار وجود التخصص الدقيق (كفروع الدراسات القرآنية) كلما تراجع هذا التخصص في الجامعات الكبرى هناك.
على أنه في العقدين الأخيرين تراجع توسع هذه الأقسام ليصبح في العقد الماضي مقتصرا على مؤسستين فقط هما:
* المدرسة التطبيقية العليا EPHE [h=3]Ecole pratique des hautes études[/h]في باريس.
* جامعة أكس[h=3]Aix Marseille Université[/h]
والسبب الرئيس لتراجع التخصص هو توسع وانتشار التخصص في عدد من الجامعات بالعالم العربي التي كبرت...فمن جهة لم يعد هناك اغراء للطلبة العرب للتوجه الى جامعة غربية طالما أن نفس الشهادة يمكن الحصول عليها عن قرب،ومن جهة ثانية لم يعد التخصص يغري الفرنسيين أنفسهم طالما أنهم لن يجدوا من بين جامعاتهم من يمكنها أن توظفهم لقلة الطلب،بل هذه الجامعات نفسها أصبحت عند الحاجة تفتح عروض التوظيف أمام المواطنين الأجانب.
وفي أيامنا هذه تكاد المدرسة التطبيقية العليا تكون الوحيدة في فرنسا التي تفتح تخصص الدراسات القرآنية على مستوى تحضير رسالتي الماجستير(الماستر) والدكتوراه.

- الدراسات القرآنية في "المدرسة التطبيقية العليا "بباريس:
تضم هذه المدرسة ثلاثة تخصصات جامعة(أقسام كبرى):
- علوم الأرض والحياة
- التاريخ والفيلولوجيا (علم تاريخ النصوص).
- العلوم الدينية.
والدراسات القرآنية توجد اليوم في التخصص الثاني والثالث.

أ- ففي (قسم) الفيلولوجيا نجد د.فرانسوا ديروش،تخصصه العام المخطوط العربي،وتخصصه الضيق مخطوطات المصاحف القديمة،ويتولى التدريس والاشراف معا باعتباره مديرا للدروس(درجة الأستاذية).تساعده أستاذة اسبانية زائرة (من جامعة مدريد) تتولى اعطاء دروس عن "انتاج وانتقال القرآن في العالم الاسلامي" .

ب- أما في (قسم) العلوم الدينية،وهو قسم يتولى الاهتمام بالسلوكيات الدينية من منظور لائكي متعدد الوجوه فنجد د.محمد علي أمير معزي (ايراني)
ومهامه تشمل التدريس والاشراف باعتباره مدير دروس (درجة الأستاذية)وهو يعطي الآن بالسربون (جامعة باريس 4) محاضرات عن"شخصية علي بن أبي طالب بين التاريخ والاعتقاد"،كما له محاضرات لطلبة الماجستير عن"مدخل الى الاسلام الشيعي".
يساعده أستاذ زائر هو القبطي د.جبريل رينولدز من جامعة نوتر دام الأمريكية،وعنوان دروسه المعلنة هو "أربعة أنبياء في القرآن".

وربما هذه الجزئيات تبين للقارىء طبيعة التكوين بالتخصص في هذه المدرسة،واذا كان د.ديروش يمثل ما تبقى من الاستشراق الكلاسيكي الغربي المهتم بالتوثيق وضبط النصوص القديمة،فان د.أمير معزي يمثل لونا آخر...من الاستشراق هدفه اعادة صياغة فهم جديد للقرآن والاسلام عامة،اذ أن خريجي هذا البرنامج من التكوين هم الذين سيوظفون لتأطير الأقليات المسلمة هناك،وهم الذين سيقدمون الاسلام في وسائط الاتصال ولأجهزة الدولة...والأهم أنهم سيقدمون فهما للقرآن يسمى بالمصطلح الفرنسي PLURALISTE ومعناه بالعربية الفهم المتعدد،أي كما أن هناك فهما سنيا لآيات القرآن فهناك فهما شيعيا،ثم لم لا فهما لآئكيا فرنسيا...والله المستعان.
 
استدراك:
الأستاذة الاسبانية في قسم الفيليلوجيا أعلاه هي "نورية مارتنيز دي كاستييا Mme Nuria MARTINEZ de CASTILLA" وهي بدرجة أستاذ مشارك.

رابعا- الجمعيات الأكاديمية المتخصصة:
وهذه الجمعيات تقليد أكاديمي دولي في جميع التخصصات،الغاية منها :
- تنظيم التواصل بين نفس التخصص لضمان مواكبة التطورات العلمية الجديدة التي لا يمكن للفرد الواحد تتبعها.
- تجميع الجهود في مجال البحث لتلافي الهدر والتكرار مع القدرة على العمل في المشاريع البحثية الكبرى
- الاشراف على الاصدارات العلمية المتسلسلة،سواء أكانت دوريات أو مجلات أو كانت كتبا تصدر ضمن سلاسل.

وفي فرنسا لا توجد جمعية تعنى بالدراسات القرآنية فقط كما هو الحال في الولايات المتحدة،لكن في المقابل هناك جمعيات استشراقية عريقة جدا .
وأشهر وأعرق هذه الجمعيات "الجمعية الآسيوية" الفرنسية التي تأسست عام 1822م وأصدرت مجلة نصف سنوية باسم "المجلة الآسيوية
Le Journal asiatique "لا زالت منتظمة الصدور حتى اليوم(حوالي 381 عددا).
ويسير الجمعية مجلس اداري منتخب لثلاث سنوات (20 عضوا) يجتمع الجمعة الثانية من كل شهر ميلادي،وينظم أنشطة (مؤتمرات وأيام دراسية) داخلية للأعضاء،وخارجية،أما مقرها فقد ظل يتنقل بين مختلف مؤسسات التعليم العالي الفرنسية قرابة قرنين من الزمان...،ويهمنا من أمر هذه الجمعية أمران:
أ- خزانتها الغنية جدا بالتراث الشرقي ومختلف المجلات التي تدخل في مجال اهتمامها،وهذه الخزانة موطنة منذ 1989م داخل مبنى "الكوليج دو فرانس."
ب- أن هذه الجمعية تتفرع الى عدة روابط مثل: رابطة المستعربين (تخصص اللغة)...لكن المشتغلين بالقرآن من أعضائها اعتبارا لقلتهم لم يؤسسوا رابطة لهم.
ويفيد القارىء المهتم بها الرجوع الى العدد الثاني من كل مجلد من مجلدات المجلة الآسيوية الذي يصدر آخر كل سنة ميلادية للآطلاع على التقارير المفصلة لأنشطتها،وأعداد هذه المجلة منزلة في موقع المكتبة الرقمية كاليكاgallica ،وضمن أعداد المجلة يجد المئات من الدراسات الاستشراقية المتصلة بالقرآن،وان كانت هناك في فرنسا مجلات أخرى تنشر هذه الدراسات مثل مجلة "أرابيكا Arabica ".


الحلقة الأخيرة - ان شاء الله- لهذا الموضوع عن:
مستقبل الدراسات القرآنية بفرنسا بين المتطلبات الأكاديمية وخدمة الأغراض السياسية"
 
جزاكم الله خيرا أستاذي الفاضل وبارك في جهودكم ,و أرجو أن تمدوننا بلائحة من المصادر المناسبة في الموضوع.
 
وحبذا لو تحدثونا عن المستوى العلمي لهؤلاء الباحثين المستشرقين، ومدى قدرتهم على استيعاب مجالات البحث التي يشتغلون فيها، وعن القيمة العلمية لأبحاثهم
وجزاكم الله خيرا


[تمت المشاركة باستخدام تطبيق ملتقى أهل التفسير]
 
ثانيا- خزانات الأرصدة الوثائقية:
أهمها في فرنسا (وأوربا قاطبة) المكتبة الوطنية في باريس،وهذه المؤسسة العملاقة عمرها سبعة قرون،اذ أسسها الملك فرانسوا الأول،وهي تتشكل اليوم من أربع خزانات باريسية كبرى هي:
- مكتبة فرانسوا ميتران
- مكتبة ريشيليو
- مكتبة الأرسنال
- مكتبة متحف الأبرا،ومحتوياتها تتجاوز 14 مليون كتاب أو وثيقة،وهي الآن"مكتبة افتراضية عابرة للقارات والحدود" بعد بدء عملها بـ
* خدمة غاليكا gallica المكتبة الرقمية الفرنسية.
*خدمة EUROPEANA المكتبة الرقمية الأوربية.
وقد خدمت الذخائر الورقية لهذه المكتبة أجيال المستشرقين والباحثين في فرنسا،ويكفي الاطلاع على أطروحة دكتوراه د.عبدالصبور شاهين أو د.محمد الحبيب بلخوجة أو أبحاث د.حميدالله ود.صبحي الصالح...لنعرف مدى استفادتهم منها علما بأنهم درسوا في فرنسا قبل عصر المكتبة الرقمية.
وبالنسبة للمشتغل في الدراسات القرآنية،فان خدمة "كاليكا" توفر له الوثائق في بيته...
وأهم ما تفيده فيه المكتبة:
أ- التراث المخطوط المتصل بالدراسات القرآنية بدءا من عشرات المصاحف النادرة التي لا نظفر بها في مكان آخر ومصدر كثير منها مستعمرات فرنسا السابقة في سوريا ومصر وتونس والجزائر والمغرب...ثم الطبعات القديمة لأمهات كتب التراث التي نشرها المستشرقون في أوربا هذا فضلا عن مئات الأطروحات الجامعية.
ب- المجلات والدوريات الاستشراقية المختلفة بدءا بأعدادها الأولى التي قد ترجع الى أكثر من قرن ونصف...
واذا أمكن للباحث أن يشتغل مع هذه المكتبة بالفرنسية فانه سيظفر بوثائق لا يمكن أن يحلم بالحصول عليها في نسخ رقمية مطابقة للأصل المحفوظ في باريس،و لا زالت هذه المكتبة تحرص على اقتناء جديد الاصدارات خاصة في عالم الاستشراق
 
"...واذا أمكن للباحث أن يشتغل مع هذه المكتبة بالفرنسية فانه سيظفر بوثائق لا يمكن أن يحلم بالحصول عليها في نسخ رقمية مطابقة للأصل المحفوظ في باريس..."

بالنسبة للقارىء الذي يهمه الأمر،يمكنه الدخول الى موقع gallica ثم يطلب:
دليل المخطوطات العربيةcatalogue des manuscrits arabes
وستكون مفاجأته أن المحرك سيأتيه بأعداد لا يتصور وجودها من فهارس هذه المخطوطات بباريس.
يضيف في محرك البحث :"المخطوطات الاسلامية manuscrits musulmans "لتزداد مفاجأته.
يضيف:" مخطوطات القرآن في بداية تجويد المصاحف
les manuscrits du coran:
aux origines de la calligraphie "coranique ...
قد يتوقف مسلسل مفاجآته،لكنه بالضرورة سيعرف جانبا من حقيقة هذا المركب الوثائقي المسمى"المكتبة الوطنية بباريس"...
واذا فتح الصفحة الأولى من المجلد الثاني لهذا الدليل الأخير سيجد بالفرنسية في الفقرة الثانية من المقدمة ص 7 عبارة:"...المخطوطات الموصوفة هنا تغطي تقريبا ثمانية قرون (1110الى 1860م)..."
أي من مطلع القرن السادس الهجري...
وهذا الجزء طبع بباريس1985م.
أما في 1435هـ 2013م فان الاهتمام وصل كما ذكرت ذلك في ملتقى أهل التفسي الى رقع مصاحف زمن معاوية بن أبي سفيان بداية الدولة الأموية.

وللعلم ففي منتصف القرن التاسع عشر الميلادي أثارت هذه المكتبة حنين علي مبارك (وزير المعارف المصري)فسعى لايجاد مثيل لها بالقاهرة،فجاءت فكرة انشاء دار الكتب بالقاهرة في مارس 1870م،
وكانت آنذاك على التنظيم الفرنسي بما في ذلك تكليف عدد من الأساتذة بالقاء محاضرات فيها...

وفي 1331هـ1915م جاء الدور على أعظم مكتبة مخطوطات بالمغرب "خزانة القرويين" التي أشرف على تنظيمها بنفس الطريقة المستشرق الفرنسي ألفريد بيل...

لكن المأسوف له حقا،أن ذخائر المكتبة الوطنية بباريس كما هي في الفهارس بقيت سجينة داخلها يستفيد منها الباحثون...
أما في القاهرة وفاس...فقد فضحت الفهارس أعلاقها فطارت بأجودها الأيدي الى السوق السوداء...ليشتريها الهواة وتستقر بعد طول طواف في مكتبات تشتربيتي أو توبنجن أو شيكاغو رغم أنها تحمل عقود وقف؟؟؟
 
في الحقيقة شيخنا كلما حدثتنا عن ذلك التراث الإسلامي، كلما ازددنا عطشا ، وجوعا لمعرفة المزيد

فهل من مزيد ؟؟ زادك الله من فضله العظيم و والديك.
 
الحلقة الأخيرة:
"مستقبل الدراسات القرآنية بفرنسا
بين المتطلبات الأكاديمية وخدمة الأغراض السياسية"


1- شيء من التاريخ:
ولدت الدراسات الشرقية - وضمنها المهتمة بالاسلام- في أحضان كليات اللاهوت القديمة بالغرب التي كانت نواتها الدراسات العبرية باعتبارها تهتم بالقسم الأول من "الكتاب المقدس "أو التوراة (أو العهد القديم عند المسيحيين)،لكن هذه الدراسات الشرقية توسعت من العبرية لتشمل مجالات أخرى ضمنها الاسلام والقرآن لدخولهما في مجال ما ينتمي الى الشرق بمفهومه الواسع.
وفي فرنسا تحديدا استقلت الدراسات العربية والاسلامية عن دراسة اللاهوت مع قيــدوم le Doyen المستشرقين الفرنسين سلفستر دو ساسي تـ1838م لتشكل مجالا تخصصيا كاملا،فقد قدر لـ"دو ساسي" بحكم أنه عاش في زمن نابليون أن يظفر بخزانة لا مثيل لها جلبت الى المكتبة الفرنسية من أرض الكنانة التي غزاها هذا الامبراطور الذي حكم فرنسا فترة من الزمن.
ثم ان من يقرأ عن حياة دو ساسي يكتشف أنه أول من أدخل تدريس مختارات من تفسير البيضاوي الى مجال الدرس الاستشراقي،يومها لم يكن أحد في الغرب يظفر بأكثر من ترجمات رديئة ومحرفة للقرآن...
وفي بلد تبنى اللائكية Laïcité مذهبا للدولة في السياسة والاجتماع والتعليم،قدر للدراسات القرآنية أن تغري بالتخصص لفيفا من المستشرقين عرف عنهم التعلق بالكاثوليكية حتى أننا الآن يمكن أن ننظمهم في عقد يمكن الاصطلاح عليه بـ
"التيار المسيحي في الدراسات القرآنية"
وأهم أعلام هذا التيار:
أ- كليمان هوار تـ1926م
ب-ريجيس بلاشير تـ1973م
ج- جاك جومنيه تـ2008م
د- كلود جيليو (لا زال حيا).
وتطور هذا التيار المسيحي الى حد أن تم تكليفه من قبل الكنيسة الكاثوليكية بتأسيس معهد خاص بالقاهرة سمي منذ عام 1953م "معهد الرهبان الدومنيكان للدراسات الشرقية IDEO " ،الذي كان من أهدافه الى اليوم:
-دراسة الاسلام في مصادره.
- منح المتخصصين الكاثوليك خاصة الفرنسيين فرصة العيش في وسط مسلم...وكان الراهب الدومنيكاني جاك جومنيه الذي حضر أطروحة دكتوراه بالسربون عن تفسير المنار أحد أعمدة المعهد.
هذه مقدمة القصد منها اجمال الكلام عن ارتباط تخصص الدراسات القرآنية في فرنسا بهذا التيار،لذلك لا نستغرب أن نجد -مثلا-كليمان هوار يكتب 1904م عن "وهب بن منبه و تراث أهل الكتاب باليمن"،كما نجد القسيس كلود جيليو يحتفل في أطروحته للدكتوراه عن "التفسير:اللغة واللاهوت في الاسلام"بمرويات الطبري عن مسلمة أهل الكتاب.

2- بعيدا عن التاريخ قريبا من الواقع المعاصر:
والدراسات القرآنية في فرنسا التي كانت سليلة هذا الماضي القريب أصبحت اليوم يتنازعها أمران:
الأول- المتطلبات الأكاديمية،بما يعنيه ذلك من انخراط في البحث العلمي ومواكبة للتطور المعاصر للدراسات القرآنية التي شهدت في زماننا بعدد من الدول العربية أكبر طفرتين الأولى في مجال البحوث المتصلة بالتحقيق والدراسة والثانية في مجال النشر العلمي المحكم.
الأمر الثاني- خدمة الأغراض السياسية للدولة الفرنسية داخليا وخارجيا.


فبالنسبة للمتطلبات الأكاديمية،أي البحث فقد فضلت فرنسا -تأثرا بالولايات المتحدة- خلال العقدين الماضيين ان تضع التخصص الكلاسيكي في الدراسات القرآنية في طور الانقراض،وقد تقدم في الحلقات السابقة أن التكوين فيه الآن منحصر في مؤسسة وحيدة هي"المدرسة التطبيقية للدراسات العليا" في باريس،وفي أساتذة معدودين لا يستطيعون استثمار حتى جزء يسير من الرصيد الوثائقي للمكتبة الوطنية.

أما بالنسبة لخدمة الأغراض السياسية،فالكلام عنها من جهتين:

* داخليا- أي استباق ظاهرة العودة الى الالتزام بأحكام القرآن بين الفرنسيين أصلا والمجنسين من المهاجرين،ويكون ذلك بايجاد فهم "فرنسي" للقرآن يختلف عن فهم سائر المسلمين ...ووسيلة ذلك،تحيين Actualise أو"اعادة النظر" في وظائف المؤسسات الجامعية وذلك بـ:

- احداث"واجهات أكاديمية مخادعة"،أهمها "انشاء "معهد الدراسات السياسية IEP" في باريس الذي وظف فيه من يصنفون ضمن ما يصطلح عليه بـ "الاستشراق الصحافي"...وأشهرهم د.جيل كيبل J.Kepel (ولد 1955م)،الذي غدا واجهة اعلامية فرنسية كما ظل يقدم باعتباره خبيرا في كل ما يتعلق بالاسلام في فرنسا وفي العالم الاسلامي من أقصى المغرب الى ثخوم الصين،كما تشهد على ذلك مؤلفاته المسترسلة.

-اعادة توجيه المؤسسات القائمة،وأنموذج ذلك الاستعانة بالصفوي د.محمد أمير معزي لانشاء تخصص في "التفسير الشيعي"للقرآن،وذلك تمهيدا لاقرار تعدد الفهم في الخطاب القرآني الذي هو في الحقيقة غطاء للدعوة الى "تفسير أو فهم لائكي للقرآن" لا يأخذ من القرآن الا مثل ما أخذه اللائكيون الكاثوليك من تعاليم الكنيسة وهو في أفضل الأحوال "مراسيم تأبين الوفيات les funérailles".

* أما بالنسبة لخدمة الأغراض الخارجية،فالأمر أجلى،اذ كلما وقعت أحداث بالعالم الاسلامي تمس بمصالح فرنسا خاصة في افريقيا،الا و قدم أمثال جيل كيبل وفرانسوا بورجا... للحديث عن"القرآن المتسامح tolérant "أو"الاسلام السياسي"...


والمشكل في فرنسا أنها خلافا لألمانيا أو انجلترا - حيث أكثر المسلمين أعاجم- أغلبية المسلمين الفرنسيين من أصول عربية لا يحتاجون لواسطة أو وصاية في فهم ظاهر آيات القرآن.
واذا كانت ألمانيا مثلا قد تركت الاستشراق في قلاعه الجامعية،وأسست الى جانبه ثمانية"مراكز في اللاهوت الاسلامي" في جامعات:مونستر و ايرلانغن و نورينبيرغ وفرانكفورت وأوزنابروك وباديربورن وهامبورغ وتوبنجن،وعينت لادارتها عددا من المهاجرين (من تلاميذ الاستشراق الصحافي) ممن أشربوا في قلوبهم "المناصب الجامعية"وذلك للقيام "بتحرير فهم القرآن من المظاهر والممارسات والطقوس واعادته الى جوهره الروحي"...
فان فرنسا بحكم انتماء أغلبية مسلميها الى أصول عربية قد أخفقت في الوصول الى مثل ذلك...وبقيت كـ"المعلقة"لا هي استطاعت الاستجابة "لأغراضها السياسية"في التعاطي مع القرآن،ولا هي حافظت على مستوى المتطلبات الأكاديمية لجامعاتها...لذلك يلاحظ المتتبع أن أكثر أقسامها ومعاهدها المتخصصة سابقا غدت أشبه بالمتاحف التي لا تضم سوى الأرشيف المتراكم.


 
هل فضيلتكم لا يرى دورا سياسيا للمستشرقين في المؤسسات العلمية الغربية ؟
وهل المؤسسات السياسية الغربية الكبرى - كبرلمانات تلك البلدان - لم تضم مستشارين ( مستشرقين ) من مؤسساتهم الإستشراقية ؟ أوليسوا من صناع القرارات السياسية في الغرب بخصوص الشؤون المتعلقة ببلدان العالم الإسلامي ؟
وشكر الله لكم ما بينتم .
 
صناعة القرار في الغرب تبتديء في مراكز البحوث وتنتهي فيها

صناعة القرار في الغرب تبتديء في مراكز البحوث وتنتهي فيها

حينما اختارت فرنسا وضع الاستشراق الكلاسيكي في طور الانقراض وتعويضه بالأنموذج الأمريكي...كان الهدف واضحا،ايجاد مؤسسات تساعد صاحب القرار في كل ما يتعلق بالعالم الاسلامي وبالمسلمين في فرنسا.
في مسألة حجاب تلميذات المؤسسات التعليمية -قبل الجامعة- في عام 2003م،وتمهيدا لاصدار قانون منع التلميذات من دخول المدارس والثانويات بغطاء الرأس،عين الرئيس الفرنسي الأسبق ما عرف بلجنة ستازي commission Stasi التي ضمت عشرين شخصية كالتالي:
- ممثلين للأحزاب الفرنسية كلها
- بعض علماء الاجتماع
- الهالك محمد أركون و جيل كيبل GILLES KEPEL(المذكور أعلاه) باعتبارهما خبرين فيما يتعلق بالاسلام...
هؤلاء انتهوا الى وضع تقرير طويل يمكن الاطلاع عليه بالفرنسية في موقع جريدة لومندLe Monde ليوم الجمعة 12 دجنبر 2003م وكان هو الاساس الذي اعتمد عليه البرلمان الفرنسي لاصدار ما عرف بـ"منع الرموز الدينية"...وأتصور لو أن القانون يهم القطط أو الجردان لتم استدعاء جمعيات الرفق بالحيوان مع الأخذ برأيها،لكن لما تعلق الأمر بحكم شرعي في القرآن قطعي الدلالة قطعي الثبوت...فقد أكتفي بأركون وكيبل وهذه هي وظيفتهما في بلد اللائكية...
 
عودة
أعلى