الاتجاهات المعاصرة في التفسير

محمد جابري

New member
إنضم
10/07/2008
المشاركات
121
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
مدينة وجدة - المغرب
الاتجاهات المعاصرة في التفسير


اتسمت هذه الحقبة من الزمان بميزة المنهجية العلمية لأبحاثها وتفاسيرها، فقد تعددت التفاسير وتنوعت الاتجاهات وتشتت الأغراض التفسير، وتميزت صبغة كل تفسير عن غيره بعدة مميزات فنجد التفسير " في ظلال القرآن للسيد قطب " يرتب ضمن التفسير الإصلاحي، كما يرتب ضمن التفسير الأدبي، ويستوي معه تفسير المنار في نهجه الإصلاحي، بينما يفارقه في أدبيته ويختص بالدراسة الاجتماعية.

غير أن الطابع العلمي للدراسات لم يكن ليمكن كل المفسرين بتعقب خطى السابقين في تفسير القرآن الكريم كله، بل ركزت بعض الدراسات جهودها في تفسير بعض القرآن كأنها ترسم السبيل وتسطر المنهج.

والوصف بالعلمية ليس طابعا شاملا فقد برزت تفاسير تعتمد حساب الجمل سعى الأزهر لإبادتها ورفضها ولم يقبل بالقول بها، ولا الاعتداد بها. كما ظهر تفسير موضوعي مادي الطبع حسي الفكر يعتمد الهيرمينوطيقا سبيلا، وينظر للقرآن مجرد وثيقة تاريخية لا غير...

وحاولت إدراج هذه التوجهات تحت عناوين متقاربة هي كالتالي:
الاتجاه الإصلاحي؛
الاتجاه الإجمالي؛
الاتجاه التحليلي؛
الاتجاه الموضوعي؛
الاتجاه العلمي؛
الاتجاه الإعجاز الرقمي؛
التفسير المقارن؛
الاتجاه الاستشراقي
اتجاه التفسير البياني
ومن الإجمال على التفصيل

الاتجاه الإصلاحي:

يحرص هذا التوجه في تفسير القرآن الكريم على مداواة أمراض المجتمعات الإسلامية المعاصرة، موجهاً لها نحو التمسك بالشريعة وإقامة حكم الله فيها، مبيناً محاسن الدين ومعايب الجاهلية وأخلاقها ونظمها. ‏ فهي كتب توجه الداعية إلى واجبه في حقل الدعوة وضمن هذا التوجه نجد:
تفسير السيد قطب؛
تفسير المنار لمحمد رشيد رضا.

الاتجاه الإجمالي:

يتناول الكلام عام حول مدلول الآية للاهتداء بها والسير على منهاجها، دون الغوص في المجالات التحليلية من لغة ونحو و...
التفسير الإجمالي ) ، واستحوذ على مصطلح ( التفسير الجملي ) .ومعنى هذا المصطلح أن المفسر يفسر الآية جملة واحدة ، ولا يفكك ألفاظها ويفسرها لفظة لفظة كما يُفعل في التحليلي .
ويمثل هذا التوجه
- تفسير السعدي؛
- التفسير الميسر لأبي بكر جابر الجزائري؛
- تفسير المراغي.

الاتجاه التحليلي

ويعتمد ألدراسة التحليلية لكل ما يمكن استنتاجه من التفسير
ويعتمد أصحاب هذا التوجه :
- الكلام عن السورة ومكانتها بين السور وفضلها،
- يتناول المقاطع القرآنية ذات الوجهة الواحدة أو الموضوع الواحد؛
- القراءات القرآنية؛
- الأحاديث المتعلقة بالموضوع؛
- الجانب اللغوي؛
- الجانب الأصولي؛
- الجانب البلاغي؛
- الجانب النحوي؛
- الجانب الإعرابي؛
- سبب النزول
- الأحكام الفقهية؛
- ويختلف المفسرون بين الاختصار والتطويل؛
- اعتماد أقوال المفسرين.
- اعتماد الأقوال الفلسفية والكلامية في العقيدة؛
- اعتماد الأقوال الفقهية
أهم التفاسير التحليلية:
- الفتح القدير الشوكاني ؛
- تفسير الآلوسي،
- الجامع لأحكام القرآن للقرطبي؛
- البحر المديد لابن عجيبة الحيسني.

الاتجاه الموضوعي
والمراد بالموضوعي في اصطلاح أصحاب التفسير الموضوعي إما موضوع من خلال سورة ، وإما موضوع من خلال القرآن ، مثلاً : ( الأخلاق من خلال سورة الحجرات ) ، أو ( الأخلاق من خلال القرآن ) .

بين الاتجاه الموضوعي والموضعي

المفسر في التفسير الموضعي التحليلي يكتفي بتحليل الآيات وجملها وتراكيبها، واستخراج دلالاتها التفصيلية الجزئية. أي أن التفسير الموضعي هو التمهيد واللبنات الأولى المتفرقة للتفسير الموضوعي المتكامل!!

بينما المفسر في التفسير الموضوعي، يجمع بين هذه المدلولات التفصيلية، وينسق بينها، ويصل بين جزئياتها المفردة، وبين الكل العام الجامع لها، ويستخرج من مجموعها نظريةً قرآنيةً واقعيةً متكاملة!

يجمعُ المفسرُ في التفسير الموضوعي بين الدلالات التفصيلية المتفرقة عن النبوة، أو عن السنن الربانية، أو عن الحاكمية، أو عن العبادة، ليستخرج منها نظرية قرآنية متكاملة متناسقة عن النبوة، أو عن السنن الربانية، أو عن الحاكمية، أو عن العبادة.
http://www.balagh.com/mosoa/tafsir/r60pon2m.htm

يعمد هذا التوجه إلى تفسير القرآن بالقرآن أي بجمع المواضيع المشتركة وتحليل دلالات المعاني والمصطلحات القرآنية:
وقد أنتج لنا هذا التوجه مدرستين:
1- مدرسة التفسير الموضوعي والتي عمدت إلى جمع كل مواضيع القرآن بعضها إلى بعض وأعطتنا تفاسير لمواضيع متخصصة كدراسات السنن الإلهية، ودراسات القصص القرآني، ودراسات آيات الأحكام .

2- أنتج هذا التوجه مدرسة المصطلحات القرآنية والتي تزعمها الأستاذ البوشيخي بجامعة فاس.
وأهم الدراسات في هذا التوجه:
- تفسير آيات الأحكام للصابوني؛
- المدرسة القرآنية لباقر الصدر،
‎‎
الاتجاه العلمي:

وتجدر الإشارة هنا إلى أن المؤيدين لهذا التوجه ليسوا على متن سواء:

1- اتجاه يعكس نظرة الأسلاف المتقدمين الذين يرون أن القرآن بحر العلوم جميعها، كالشيخ طنطاوي جوهري في «تفسير الجواهر»، والدكتور محمد محمود عبد الله في كتابه «مظاهر كونية في معالم قرآنية».

2- ورأي يرى أن الإعجاز العلمي للقرآن هو الوجه الوحيد المتبقي اليوم والصالح لمخاطبة عقل الإنسان المعاصر، وهو رأي الأستاذ مالك بن نبي.

3- واتجاه يرى أصحابه أن للقرآن وجوها مختلفة، من بينها الوجه العلمي، من دون أن يزعموا أن في القرآن جميع علوم الدنيا، ومن دون أن يجعلوا هذا الميدان مشاعا يلجه من شاء، وكيفما شاء. بل جعلوا لذلك منهجا في البحث، ووضعوا له قواعد وضوابط تمنعه وتقيه من الزلل والشطط، وهو الاتجاه الغالب على هذا الفريق.

ومن أهم التفاسير في هذا المنحى
تفسير القرآن الشعراوي؛
تفسير الشيخ الطنطاوي جوهر المعروف بالجواهر.

الاتجاه الرقمي


الأزهر يرفض الشفرة الرقمية للقرآن نهائيا

(صبحي مجاهد )
القاهرة- أعلن مجمع البحوث الإسلامية في جلسته الأخيرة يوم الخميس 28 يونيو 2007 رفضه المطلق لمسألة الشفرة القرآنية، وهو البرنامج الذي أعلنت عنه شركة "ألف لام ميم" الرسالة الخاتمة، حيث يعتمد على الأسلوب الرياضي في إثبات عدم القدرة على تحريف القرآن الكريم، ويثبت أي تحريف عند حدوثه.

ويأتي رفض المجمع للبرنامج بالرغم من أنه تمت إجازته من قبل لجنة شرعية مكونة من الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر السابق، والدكتور عبد الله النجار، والدكتور محمد الشحات الجندي الأعضاء بمجمع البحوث الإسلامية.

سبب الرفض
وعن سبب رفض هذا البرنامج قال الدكتور عبد المعطي بيومي عضو مجمع البحوث الإسلامية: "إن برنامج الشفرة الرقمية لا يتلاءم مع القرآن الكريم، ولأن بنوده كلها تحدثت عنها تيارات مشبوهة من قبل، كتقديس الرقم 19، كما أن حساب "الجمل" الذي يعتمد عليه البرنامج تراث مندثر في الإسلام، وليس له قيمة".

واستطرد قائلا: "ماذا يعني حساب الجمل، والادعاء بأن هناك أسرارًا في القرآن الكريم؟، مع أن الإسلام ليس دين أسرار، وليس دينا مغلقا، بل هو دين يخاطب العقل، ويخاطب القضايا العقلية ويدعو للتدبر العقلي، أما إدخال العقل في متاهات الأسرار والرموز، والمعنى يختلف من رسم إلى رسم، فهذا كلام يدخل الإسلام في مجاهل بعيدة عن طبيعته تماما؛ حيث إنه دين واضح ودين الفطرة، وليس دين الأسرار أو الرموز، وليس له شفرة؛ فالقرآن يخاطب بدون شفرات وبوضوح وببساطة وبعقل ومنطق".

أما الدكتور عبد الرحمن العدوي عضو مجمع البحوث الإسلامية فقد اعتبر أن برنامج الشفرة الرقمية للقرآن "لا يوصل إلى فائدة"، ويقول إن كان البرنامج يريد أن يوصل إلى إعجاز فالقرآن الكريم معجز، وثبت ذلك في الأجيال كلها، وهو موضوع لا تؤمن عواقبه؛ لأن كثيرًا من الناس يقولون إن موضوع الشفرة هذا قد ينتج نتائج تحتاج إلى مراجعة وإلى كلام".
www.islamonline.net/.../Satellite

والحقيقة أن الموضوع يحتاج إلى تفصيل وبيان دقيقين حتى نعطي لكل ذي حق حقه. فهناك كلام عن الإعجاز الرقمي يمس قراءة دون أخرى / وهناك ما هو باطل مثل حساب الجمل، وهناك ما هو إعجاز رقمي ساير جميع القراءات.

التوجه الاستشراقي:

لا يهمنا من الاستشراق إلا دوافعه في دراساته وتحليلاته والتي خضعت لظروف السياق السياسي والحضاري التي نما فيها، فضلا عما أنتجت من تأويلات:

1 ـ الشيء المؤكّد أن الاستشراق ولد تحت تأثير سياق حضاري ـ ديني ـ سياسي في الغرب، أي تحت تأثير نمطيات القرون الوسطى عن الاسلام في العالم الغربي، وهي صور نمطية بالغة البعد عن الواقع في بعض الاحيان، ومشحونة بموقف عدائي أحياناً أخرى.

2- على خط آخر بدأ الاستشراق نشاطه في الغالب بدافع ديني بغية التبشير بالمسيحية في آسيا والعالم الإسلامي، وهو ما تؤكّده الدراسات التاريخية ـ الدينية أيضاً.

3- وظّف الغرب المستعمر تياراً كبيراً من المستشرقين في مؤسّساته خدمةً لمصالحه التوسعية، وشغل عدد كبير منهم مناصب هامة على هذا الصعيد.
هذا الثلاثي المتعاضد لا يمكن تجاوزه في قراءة الاستشراق .

وقد انبثقت جهوده بمزج الدافع مع النتاج العلمي، بما تعرضه المدارس التفسيرية.
وحين عميت على المسلم الأهداف التي عمل من أجلها المستشرق ابتدأت ذهنية الباحث المسلم بحوارات دفاعية - متغافلة حقائقَ كشفها المستشرق -، وانتهت الأمور بنتاج إسلامي جدلي سجالي مع المستشرقين.
وكان من اللازم تلاقح الفكر بين الطائفتين أن ينفتح الفقهاء المسلمون على ما لدى الغرب من حقائق علمية اتضحت صحة عديد من مقولاتها لاحقا.
وأهم الدراسات : مذاهب التفسير الإسلامي لأجنتس جولد تسهر

التفسير المقارن:


وهو لغة مأخوذ من المقارنة وهي الموازنة : فهي المقابلة بين آراء المفسرين وأقوالهم بُغية الوقوف على أوجه التماثل والتباين والاختلاف والائتلاف.
ومن ذلك:
موازنة بين تفسير الكشاف للزمخشري والبحر المحيط لأبي حيان الأندلسي للاستاذ رمضان يخلف كلية اصول الدين جامعة الامير عبد القادر الإسلامية - الجزائر.

وقامت محاولات دراسة جزئية لمقارنة بين تفسير البغوي،وتفسير الثعالبي، وتفسير الصنعاني.

مقارنة بين كتاب ( شواهد القرآن ) للعلامة أبي تراب الظاهري رحمه الله وكتاب التفسير البياني لعائشة عبد الرحمن بنت الشاطئ . لمحمد بن زايد المطيري

التفسير البياني:
نسبت بنت الشاطئ منهجية التفسير البياني لأستاذها أمين الخولي، ثم جاءت مساهمتها في بنائه بدورها مقتفية أثر أستاذها وما لبث المشروع أن توسع فيه عن طريق د. فاضل صالح السمرائي.

على أني أعتبر كتاب الجرجاني دلائل الإعجاز في علم المعاني هو أس هذه الدراسات ولا أخفي ما كان للإيديولوجيين من يد في إبعاد هذا المساق عن سبيل الدراسات اللغوية والأدبية والتي اقتصرت على الشعر، تاركة جوهر المعاني البيانية وفنون النظم القرآني جانبا.

أهم دعائم التفسير البياني:

1- التبحر في علم اللغة؛

2- التبحر في علم التصريف؛

3- التبحر في علم النحو؛

4- التبحر في علوم البلاغة؛

5- لقراءات: فبالقراءات يترجح بعض الوجوه على بعض.

6- أسباب النزول: وهو من الدلائل المهمة على فهم المعنى فبه تعرف كثير من الأمور التي قد يصعب فهمها لولاه؛

7- النظر في السياق: فإن ذلك من ألزم الأمور للمفسر عموما، وللمفسر البياني على الخصوص. فبالسياق تتضح كثير من الأمور ويتضح سبب اختيار لفظة على أخرى، وتعبير على آخر، ويتضح سبب التقديم والتأخير والذكر والحذف ومعاني الألفاظ المشتركة.

8- مراجعة المواطن القرآنية التي ورد فيها أمثال التعبير الذي يراد تبيينه ليستخلص المعنى المقصود.

9- مراجعة المواطن القرآنية التي وردت فيها المفردة التي يراد تفسيرها واستعمالاتها ومعانيها ودلالاتها.

10- أن يعلم أن هناك خصوصيات في الاستعمال القرآني كاستعمال الريح للشر، والرياح للخير، والغيث للخير والمطر للشر، والعيون لعيون الماء،والصوم للصمت والصيام للعبادة المعروفة وغير ذلك.

11- أن ينظر في الوقف والابتداء وأثر ذلك في الدلالة والتوسع في المعنى أو التقييد فيه وما إلى ذلك.

12- أن يسترعي نظره أي تغيير في المفردة والعبارة ولو كان فيما يبدو له غير ذي بال فإنه ذو بال، فإن وجد له تعليلا فذاك وإلا فسيأتي من ييسر الله له تعليله وتفسيره كالإبدال في المفردة نحو (يطّهّر) و(يتطهّر) و(يذّكر) و(يتذكر)،والذكر والحذف نحو (تذكرون) و (تتذكرون) و(يستطيع) و(يسطع) و(لاتتفرقوا) و(لاتفرّقوا)، وتغيير الصيغة نحو مغفرة وغفران، وعداوة وعدوان، ونخل ونخيل، والإدغام والفك نحو: (من يرتد) و(من يرتدد) و(يشاق) و(يشاقق) وما إلى ذلك. وكذلك الأمر بالنسبة إلى العبارة.
13- إدامة التأمل والتدبر وهما من أهم ما يفتح على الإنسان من أسرار، ويهديه إلى معان جديدة. جاء في (البرهان): "أصل الوقوف على معاني القرآن التدبر والتفكر"

وأما بحسب التركيب فمن وجوه أربعة

الأول: باعتبار كيفية التراكيب بحسب الإعراب ومقابله من حيث إنها مؤدية أصل المعنى، وهو ما دل عليه المركب بحسب الوضع وذلك متعلق بعلم النحو.
الثاني: باعتبار كيفية التركيب من جهة إفادته معنى المعنى، أعني لازم أصل المعنى الذي يختلف باختلاف مقتضى الحال في تراكيب البلغاء وهو الذي يتكفل بإبراز محاسنه علمُ المعاني.
الثالث: باعتبار طرق تأدية المقصود بحسب وضوح الدلالة وحقائقها ومراتبها، وباعتبار الحقيقة والمجاز والاستعارة والكناية والتشبيه، وهو ما يتعلق بعلم البيان.
والرابع: باعتبار الفصاحة اللفظية والمعنوية والاستحسان ومقابله وهو ما يتعلق بعلم البديع"
فالمعرفة الواسعة والتبحر في علوم اللغة من ألزم الأمور للمفسر، وهي للمفسر البياني ألزم، فينبغي له أن يعرف المجرد والمزيد وأغراض الزيادة واختلاف الصيغ ومدلولاتها، وأن يكون له باع طويل في معرفة الاشتقاق وأحوال المشتقات.

منهجية بنت الشاطئ


منهجية عائشة بنت الشاطئ في التفسير البياني للقرآن :

هذا المنهج الذي ابتكره حسب ما تدّعيه الدكتورة عائشة عبد الرحمن بنت الشاطئ أُستاذها الأمين الخولي المصري ، عبارة عن استقراء اللفظ القرآني في كل مواضع وروده للوصول إلى دلالته وعرض الظاهرة الأسلوبية على كل نظائرها في الكتاب المحكم ، وتدبّر سياقها الخاص في الآية والسورة ثم سياقها العام في المصحف كلّه التماساً لسرّه البياني. إنه سبيل الدرس المنهجي الاستقرائي ولمح أسراره في التعبير.

وحاصل هذا المنهج يدور على ضوابط ، وهي :
أ : التناول الموضوعي لما يراد فهمه من القرآن ، ويُبدأ بجمع كل ما في الكتاب المحكم من سور وآيات في الموضوع المدروس.

ب : ترتّب الآيات فيه حسب نزولها ، لمعرفة ظروف الزمان والمكان كما يستأنس بالمرويات في أسباب النزول من حيث هي قرائن لابست نزول الآية دون أن يفوت المفسّـر أنّ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب الذي نزلت فيه الآية.

ج : في فهم دلالات الألفاظ يُقدّر أنّ العربية هي لغة القرآن ، فتلتمس الدلالة اللغوية الأصلية التي تعطينا حس العربية للمادة في مختلف استعمالاتها الحسية والمجازية.
ثم يخلص لِلَمحِ الدلالة القرآنية بجمع كل ما في القرآن من صيغ اللفظ وتدبّر سياقها الخاص في الآية والسورة وسياقها العام في القرآن كله.

د : وفي فهم أسرار التعبير يحتكم إلى سياق النص في الكتاب المحكم ملتزمين ما يحتمله نصاً وروحاً ، ويعرض عليه أقوال المفسّرين فيقبل منها ما يقبله النص.

هذا خلاصة هذا المنهج الذي ابتكره الأُستاذ الخولي المصري واقتفت أثره تلميذته بنت الشاطئ ، فخرج من هذا المنهج كتاب باسم « التفسير البياني للقرآن الكريم » في جزأين تناول تفسير السور التالية في الجزء الأوّل : « الضحى ، والشرح ، الزلزلة ، النازعات ، العاديات ، البلد ، التكاثر » كما تناول في الجزء الثاني تفسير السور التالية : « العلق ، القلم ، العصر ، الليل ، الفجر ، الهمز ، الماعون ».

ولا شك أنّه نمط بديع بين التفاسير ، إذ لا يماثل شيئاً مما أُلّف في القرون الماضية من زمن الطبري إلى العصر الأخير الذي عرف فيه تفسير الإمام عبده وتفسير المراغي ، فهذا النمط لا يشابه التفاسير السابقة ، غير أنّه لون من التفسير الموضوعي أوّلاً ، وتفسير القرآن بالقرآن ثانياً ، والنقطة البارزة في هذا النمط هو استقراء اللفظ القرآني في كل مواضع وروده في الكتاب.

وبعبارة أُخرى : يهتم المفسّر في فهم لغة القرآن بالتتبع في جميع صيغ هذا اللفظ الواردة في القرآن الكريم ثم يخرج من ضمّ بعض إلى بعض بحقيقة المعنى اللغوي الأصيل ، وهو لا يترك هذا العمل حتى في أوضح الألفاظ. مثلاً تتبع في تفسير قوله سبحانه : ( ألَم نَشرَح لَكَ صَدرَك ) كل آية ورد فيها مادة « الشرح » بصورها ، أو كل آية ورد فيها مادة « الصدر » بصيغه المختلفة ، وهكذا في كل كلمة حتى وإن كان معناها واضحاً عندنا لكنّه لا يعتني بهذا الوضوح ، بل يرجع إلى نفس القرآن ثم يطبّق عليه سائر الضوابط من تدبّر سياق الآية وسياق السورة ، وسياق الآية العام في القرآن كله.

والذي يؤخذ على هذا النوع من التفسير أنّه أمر بديع قابل للاعتماد ، غير أنّه لا يكفي في تفسير الآيات الفقهية بلا مراجعة السنّة ، لأنّها عمومات فيها مخصصها ، أو مطلقات فيها مقيدها ، أو مجملات فيها مبينها.

نعم هذا النمط من التفسير يُغني عن كثير من الأبحاث اللغوية التي طرحها المفسرون ، لأنّ المفسّـر في هذا النمط يريد أن يستخرج معنى اللفظ من التدبّر في النص القرآني ، نعم معاجم العربية وكتب التفسير تعينه في بداية الأمر. (عن المناهج التفسيرية في علوم القرآن تأليف العلامة الفقيه الشيخ جعفر السبحاني)

مقارنة بين كتاب ( شواهد القرآن ) وكتاب التفسير البياني .

كتاب ( شواهد القرآن ) للعلامة أبي تراب الظاهري رحمه الله , من الكتب التي اعتنت ببيان مفردات ألفاظ الكتاب العزيز من الناحية اللغوية , وقد جعل الأصل الذي ينطلق منه في بحثه وتأليفه : سؤالات نافع الأزرق لابن عباس رضي الله عنهما . وهذا مشابه لعمل عائشة بنت الشاطئ في كتابها التفسير البياني . غير أن أخص الفروق بين هذين الكتابين هو أن كتاب شواهد القرآن ينطلق في بحثه من منطلق لغوي بحت فيتعرض للشواهد الشعرية , وتصرفات اللفظ في اللغة، مع عنايته بالجمع والمقارنة بين معلومات الكتب اللغوية .

بخلاف كتاب التفسير البياني الذي يعنى بالدرجة الأولى بمعاني المفردات القرآنية، والفروق اللغوية، مع تلمس المناسبات السياقية في اختيار المعاني .

وأما الدكتورة بنت الشاطي رحمها الله فقد شابهت أبا تراب في عدم توقفها عند مسألة صحة المسائل من عدمها، غير أنها نظرت للمسائل من طريق أخرى وهي الموازنة بين اللفظة التي وردت في الآية المسئول عنها والشاهد الشعري ، وحاولت أن توظف السياق في استخراج معنى اللفظة في الموقفين . وخرجت بنتيجة مفادها أنه لا يستشهد بالشعر في تفسير القرآن إلا من باب الاستئناس في مواطن كثيرة من القرآن لأن الألفاظ القرآنية قد اكتست معاني جديدة لم تكن معروفة للعرب قبل القرآن. وهي تشير إلى ما يسمى بالألفاظ الإسلامية الذي أرجو أن أطرح موضوعاً مطولاً عنه في الملتقى إن شاء الله. وقد أجادت في بحثها في الجملة رحمه الله. http://vb.tafsir.net/archive/index.php/t-2777.htm
 
أولا بارك الله فيك أستاذي على هذا الموضوع ، وأوجه لك سؤالا وللمختصين في الملتقى :
ما رأيكم في دراسة اتجاهات جديدة في كتب التفسير ؟ فهل من الممكن دراسة الاتجاه التربوي عند الألوسي مثلا أو غيره من المفسرين ، أو دراسة الاتجاه المقاصدي في التفسير ؟ أو اتجاهات أخرى لإثراء البحث العلمي.
أرجو إبداء آرائكم وجزاكم الله خيرا.
 
عودة
أعلى