الإنتصار للقرآن..وانهزام الطواغيت

طارق منينة

New member
إنضم
19/07/2010
المشاركات
6,330
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
الطواغيت ورهط خطف كاميليا
طارق منينة
وعَد الحق بأخذ العتاة وقصم الطغاة فصدَق الوعد ورأينا مشاهد الأخذ والقبض وكما قال الله عز وجل في اتمام كلماته الحق ووعوده الصدق "وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم"ُ ، فلحق الوعيد بأهله ، وهذا هو العدل الرباني الذي أبان عنه في كلمة رائعة مختصرة لكنها تحمل الكثير من الدلالات والمعاني الشاملة " فَحَقَّ وَعِيدِ"هكذا اعلن الكتاب المجيد ، لقد حق الوعيد على المكر السيء ، وهل يحيق المكر السيء الا بأهله ، فهي سُنة الجزاء لمن له عقل او قلب للنظر في الأحداث الكونية والاجتماعية "هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" " ولم يكن ظلم في القبض والأخذ والقطع والبطش،"وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ"، وكيف لايتحقق وعد الله، وقد أخبر به، وخبره واقع لامحالة وهو المُقتدر في ملكه، الحكيم في فعله،وله سننه الغالبة واقدار المباغتة واستدراج لطيف وكيد متين مخيف ، والأمر كما قال هو سبحانه عنه وكما نراه بالتمام والكمال والمشهد والصورة "وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ" فهل رأيتموه-ايضا- أيها العلمانيون والماديون ام ان في العين غبش قاهر وبصيرة مثقوبة؟.
نعم اخواني ، قام الدعاة من السجون يدعون الله عز وجل ، ورفع الأئمة ايديهم بالدعاء في حلقات الذكر والعلم ، واستغاثت الأيامي من حجرات العفة والستر ، وصرخت الأسيرات المسلمات من داخل الأديرة وغرف الاعتقال الكنسية واقبيتها المكدسة بالحرائر ، وقد واجهن "القساوسة المنتفخون" بالنقد والعقل فلم تصبر الكهنة على ايلام العقل!، لم تُطق المواجهة النسوية الرائعة في مشهد تاريخي جديد من مشاهد تأثير الاسلام على العقول الذكية، فكانت اوامر الخطف والحبس والضرب والسحل والاخفاء في اديرة بيشوي وشنودة واقبية رهبان الخسة والنذالة!
قاتل الله اصحاب الاخدود ، فقد صار تلامذتهم كهنة ورهبان، وقد دخلوا العرض بأزياء رهبان في مشهد مُخزي، سجلته آيات بينات من عروض القرآن الفاضحة وتسجيلات الفرقان الواقعة"وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ" وقد عرض علينا ماتعملون وتكتمون.
ان رهط اديرة الإرهاب دخلوا تحت "نص عام"، كاشف لظلمهم وحنقهم واخلاقهم ، نص سجل مشاهد التاريخ المفردة –المتفرقة على العصور والقرون-في كلمات جامعة معدودة ، ولم يستثني من الطواغيت طواغيت الفكر والرهبنة الفاسدة فعرضهم في مشهدهم التاريخي الممتد من العصور الوسطى المظلمة-بل وماقبلها من عصور- الى يومنا هذا ، وقد صدوا عن سبيل الله بكل سبيل قعدوا عليه وهم متسربلون ضلالهم المبين ولباس ذلهم المهين، قال تعالى في الاشباه والنظائر " وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ" ، وقد قال عز وجل في قول واحد ، عام وشامل " قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ" وهل هناك اعظم من صد النساء عن دين ارتضوه واسلام آبوا اليه واحبوه ، وتوحيد عقلوه وعقدوا القلب عليه؟ وهل هناك اشنع في تاريخ الكنيسة من تعذيب أسيرات داخل اديرة الرهبنة والمسكنة ؟! انه الصد عن سبيل الله المتكرر في تاريخ الأحبار والرهبان الذين يخفون الحقائق ويعذبون الناس في محاكم تعذيب وترهيب ، ويدعون مع ذلك انهم هم المقصودون بماجاءت به الآيات بأنهم ارق قلوبا وابكى عيونا وارأف افئدة وماعناهم الله بذلك ولاقصدهم خبره به وانما هم اولى بالخبر الصادق التالي لأن المشهد يؤكده والتاريخ يثبته ويعرضه والوقائع تحكي فصوله وحقوله ،قال تعالى" "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ" وهؤلاء الرهط المجرمون هم طائفة من القساوسة والرهبان في مصر الحديثة، يشاركهم في بعض قلاع الارهاب ، راهبات وقحات، تقاسموا على تبييت الغدر، لانعرف كم عددهم جميعا،(فلنترك للنيابة الاحصائيات) ومثلهم ومثل مكرهم وكذبهم مثل تسعة رهط في مدينة قديمة " وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (48) قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (49) وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ" ولنترك الحكم للقضاء المصري ليعلم العالم اننا ندعو لحقوق اسيرات في اديرة الرجس والخراب......(ونقصد بها الاديرة التي تُحبس فيها الأسيرات)
ومثل دعوات الاسيرات في الحبس دعوات المساكين في حبس الفاقة، الفاقة التي سببها طغاة مجرمون ولاهون لاعبون من الابناء ومافيا الشلل الغافلة عن سنن الله ، نعم، دعت المساكين ايضا بدموع الطلب والسؤال وهي تدعو في خفاء في سمت الحياء ، وضج ايضا بالدعاء الى الله المرضى البائسون العاجزون، والمظلومون المقهورون ، والمعذبون المعتقلون ، ورفعت الأجيال أكفها الى السماء.
نعم، جاء وقت الحساب الدنيوي لطواغيت عربية ظالمة لم تشعر ببغتة القضاء المحتوم "...بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ" ، وقد أفسدوا -وأولادهم وزوجاتهم- المجتمعات ونهبوا الثروات ودمروا المقدرات ، وأهملوا العمران ونشروا في الناس الأوبئة والأوجاع والأسقام والأمراض حتى ان الشكل العام للمواطن المصري والعربي قد تدهور كما لاحظ كثيرون وذلك من الفقر وعدم عناية الدولة بصحة الشعب، كما نشروا الخوف والرعب ، والفرقة والشيع ، ومكرو السيئات ولفقوا التهم وزوروا الإنتخابات والمعلومات، وأسسوا منظومة محكمة للنهب وامتلاك الثروات واستغلال النفوذ ، وسعوا بكل جهد لاحكام المكر السيء كما أراد فرعون وسعى" فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا" لكن إراده الله ووعده فوق كل ارادة ووعد.
والمؤمنون يعلمون ذلك بخلاف العلمانيين الماديين الذين لايؤمنون به " قُلْ آَمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا" فلا الحجة مسموعة ولا القول بنافع لهم وما رأينا لهم من عمل الا تصغير الكبير وتكبير الصغير وكتمان الحق وحجب الواقع وإثارة الشائعات والأكاذيب البينات.
اما أهل الاستكبار فهم في واد المكر البائر والمحق السائر والانتقام الرباني القادر ، فجل عملهم انما هو كما أخبر الله عز وجل " اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ" والحق عز وجل وضع قانونا او سنة امام هذا الاستكبار الا وهو " وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا" وهكذا فإن مكر السيئات لن يثبت وانما سيبور وسيذهب"وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ" كما حدث مع فرعون"... فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا" ومهما ظنوا السبق والقدرة على العمل بغير حساب الا انهم مثل سابقيهم ليسوا سابقين ولالهم قدرة على ذلك قال عز وجل "وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ" وقال " فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ" فهم والأشياع على سنة واحدة ، والقدر يحول بينهم وبين مايشتهون ، بين ماكانوا يشتهون في وقت الفرح والترف وذروة الأمان، "كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ" فالقضاء الرباني الذي هو مقروء في القرآن ينبئك عن المشهد التاريخي المثير للتأمل، مشهد الأخذ والتنكيل والحيلولة بينهم وبين مايشتهون ..في ذروة فرحهم ، والسبب رفضهم التغيير الحق واستكبارهم "وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ" ، قال تعالى" "وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ" فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (52) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (53) كَدَأْبِ آَلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ (54) إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ" ومهما اجمع هؤلاء الطواغيت كيدهم وتجمعوا في السر والعلن لتنفيذ مخططاتهم وتحجيم الطاقات المؤمنة فان عاقبة مكرهم ان يحيق المكر السيء بهم وقديما قال فرعون لاتباعه ان اجمعوا كيدكم! وماأفلح التجميع ، مع انه حاول بكامل طاقم دولته ان يشوه صورة موسى النبي ومن آمن معه،" قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى (63) فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى" ولاينفعهم مايتواصون به سرا او علانية اذا جاء قدر الله كما قال" أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ" انها نفس الطريقة ونفس الوسيلة لكنه ايضا نفس القدر الذي يهزم كيدهم ويوهن مكرهم ويهزم فلولهم. فمهما استفتحوا واستجمعوا فان للقدر مفاتيحه وطرق أخذه من حيث يعلمون ومن حيث لايعلمون، انه أخذ العزيز المقتدر" فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ" وهو كما قال سبحانه كما نشاهد حقيقة الأخذ الحاضر"إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ"
الوعود الكاذبة والطواغيت الماكرة
فلقد استفتح سراق الأموال والأراضي والدولة والأعراض وخابوا في استفتاحهم وخططهم، وصاروا قساة عتاة فوقيون وظنوا أنهم في مأمن تام وأمان عام ، ولكن الله قال" وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ" وكان جنودهم وعبيدهم والمنافقين والبلطجية والشبيحة وأمثالهم في التاريخ متبعون لأوامر هؤلاء البغاة على أموال الناس والدولة.. واستفتحوا بالوعود الكاذبة الغاء قانون الطواري وللمتظاهرين حق التظاهر-كما وعد الطاغوت الصغير لسوريا – ومنح الناس الاموال والاعمال والحريات، لكنهم في وعودهم كانوا كاذبين كالذين من قبلهم "تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ (101) وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ" وهم مثل فراعنة قدماء " فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُون"
ذهب الترف وذهبت الأعمال هباء ياأولاد الطواغيت المتحكمة ، هؤلاء الطواغيت التي حملت الناس على أحكام الكفر وشرائع الغباء والضياع فمثلكم مثل "مَثل" من مضى :" أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآَنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (39) أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ"
كلنا عنده من أخبار البغاة أمثال قارون صاحب الكنور المسروقة المنهوبة التي استخدمها في الظلم والبغي والإستعلاء والإعراض عن النصح والفرح بالنهب والسلب" وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ" "إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآَتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (76) وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77) قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ" وزيادة على السرقة ونهب الأموال والأراضي والنزق والفرح الزائف رأينا تعطيل مصالح البلاد ومشاريع الأمة المهمة والبطش بقوة وعنف في غير مبالاة ولامداراة! " وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ" ولكن هؤلاء لغلاظة طباعهم وغفلة نفوسهم غاب عن مخيالهم وقلوبهم وعقولهم ، حقيقة "السُنة" السارية في التاريخ سُنة اهلاك الأولين" فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا وَمَضَى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ" وقال عز وجل" وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ (36) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37) وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ"
والذي صنع السموات والأرض بهذه الدقة البديعة العجيبة لم يمسه لغوب فيها فكيف سيعيه أخذ هؤلاء الأقزام ... فأفقرهم عز وجل بعد عز وترف وغناء واستغناء، وخوفهم بعد طمأنينة وفرح وبطر وانتشاء، بل وكثير إدعاء "وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ" (قالت ابنة القذافي في مقر قيادة والدها الطاغوت: من لايريد القذافي لايستحق الحياة) والسبب في قولها يخبرنا به اللطيف الخبير بقوله عز وجل "إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ" وهؤلاء (مثل سيء في التاريخ) كما قال تعالى عن اشباههم " سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ" وقال"فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ" فأمضى الله عليهم سننه الموعودة ، سنة الاستدراج الخفي (وتراهم يفرحون وقد فُتح عليهم كل شيء) ثم القطع والأخذ "فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ" فكبر النفس والأموال المنهوبة المسروقة ليس فيها غناء ولاتحمي من عقاب وجزاء وتنكيل عادل "وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُور"َ
فانظر..فإنظر..فإنظر.. انظر كيف كان؟
وقد أمر الله بالنظر العقلي والتاريخي لسيرة هلاك الطغاة "فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ" وقال " فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ" وقال جل شأنه" فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ" وقال " فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ" وقال" فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (137) هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ" وقال" فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ" وقال جل شأنه ايضا مبينا تفاهة الطغاة مهما بلغت عنكبوتية مكرهم وحيلة عجزهم" قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآَخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20) يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ (21) وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ"
وصارت الأحاديث والمدونات التاريخية والأحافير البحثية تبث خبر التمزيق وتُخبر بنهاية الطواغيت وقد مضي مثل الأولين "وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ"
ولم يهلكهم سبحانه الا بعد ان أراهم الآيات والحجج وارسل اليهم من يخبرهم بآثار إفسادهم ويجادلهم في عاقبة أعمالهم وفعالهم لكنهم مع ذلك يستقبلون ذلك بالتهكم والضحك والتفنن في صور المكر والخطاب كما فعل جمال مبارك وسيف القذافي والأسد الصغير، قال تعالى:" وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (46) فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِآَيَاتِنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَضْحَكُونَ (47) وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آَيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ" هذه هي آثار القيومية الربانية في عالم الإنسان.
لقد استدرج الله زعماء الضلالة وأئمة الافساد وأهل الإجرام السياسي والرأسمالي والإجتماعي والمخابراتي، أشباه فرعون وقارون وهامان ، استدرجهم جل شأنه بكيد متين واستدراج لطيف غير مبين(لم يُظهر لهم سبحانه استدراجه وأُتوا من حيث لايعلمون) ، ومن حيث لايحتسبون ولايتوقعون." سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا" وماذا كانوا ينتظرون ، هل كانوا ينتظرون الكرامة والحياة الطيبة أم وعد الله الحق، وهو القائل عز وجل" قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآَيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ (101) فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ"
لقد حسب هؤلاء أنهم في أمان من الحساب وطمأنينة من ضربات القدر ، فاستولوا على كل شيء تناله ايديهم ومكروا السيئات قاطبة حتى فرحوا بكل شيء قدرت عليه نزعاتهم وأهواؤهم وايديهم وأرجلهم فأخذهم الله –كما وعد ووعده حق- وهو الذي لايغيب عنه سبحانه شيء في السماء ولافي الأرض ،فحقق القدر فيهم سنته التي لاتحول ولاتزول عن طواغيت الأموال والأعمال والقوانين-يفصلونها لمصالحهم الشخصية- والآراء والتزوير وأوهن الله كيدهم وأراهم عاقبة مكرهم "وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ " وماذا يفعل الله عز وجل مع هؤلاء الجاحدين ، يقول عز وجل" ذالكم وأن الله موهن كيد الكافرين" وقد رأينا وهن الحيل الكبرى لرجال مثل أحمد عز وجمال مبارك وصفوت الشريف وهم ثالوث مجرم من ثواليت الافساد في مصر مابعد سقوط الخلافة، ووراءهم الطاغوت الأكبر وأعوانه الكبار(وصلوا الآن إلى سجن وعددهم 22 حتى اللحظة!، وسمعنا هتافات الجماهير اثناء ترحيلهم الى سجن طرة(ودوه ودوه على طره رحلوه..عشان مصر تكون أبية، ياللا إرموه مع الحرامية) وذلك تحقيقا لقول الرب عز وجل" أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ" وقال" أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (44) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ كَافِرُونَ " ولهم شبه في التاريخ هم والقذافي والاسد.. والنظائر والاشباه " وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (59) وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً " وقال عز وجل" وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (98) وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ (99) ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ (100) وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ" وهكذا جاءت أعاجزُ الأمور بغير ما أوهمت الصدور!!، كما أخذ طاغوت العلمانية الأكبر في تونس ومعه زبانيته ويستدرج الله علي عبد الله صالح طاغوت اليمن ومن معه من الابناء والاعوان ويكيد الرب تعالى لنيرون ليبيا وهو مجرم مجنون ومن أعتى مجانين التاريخ المعاصر وطاغية ممن راح يستدل-ويالغرابة الاستدلال!- على شرعية قتله لشعبه وحرقه لبلده بصور الاجرام المعاصر من ضرب الفلوجة وغيرها ولو كانت هذه احدى منافع القدر في تركه يتكلم كما تكلم فرعون لكفتنا ولكفت العقلاء ولكن الله عز وجل مازال يفضحه ويكشف عن عقله وفكره وعمله حتى يعرف الناس الحق والباطل ويزول التلبيس وتتضح معالم الباطل وصور التدليس والقذر، وتظهر الطاغوتية المخفية عن كثير من الناس ويعلم الناس ان الله ليس لهؤلاء بظالم ،وانه عاقبهم بالحق كما خلق السموات والأرض بالحق، وقد قال القذافي ظلما وعدوانا ، واستعلاء وطغيانا، انه سيجعل البحر الأبيض المتوسط أحمر اللون بدماء أهل مصراته(مدينة ليبية كبيرة)!، وقد رأينا كيف دخل ابناء الطواغيت من باب آباءهم ، ابناء القذافي وصدام ، وابناء الاسد ومبارك، وطاغية اليمن ، قساة القلوب ، الذين تربعوا على سدة الحكم والقيادة بعد سقوط الخلافة على يد يهود "كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ" فهؤلاء الأبناء لاحجة لهم عند ربهم فقد كان بأمكانهم البراءة كبراءة ابراهيم لكنهم مبطلون كالآباء سواء" أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173) وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ" وقد ذكرتهم القلوب الطاهرة بالله والعدل والتاريخ ، وذكرتهم الجماعات والشعوب بضلالهم وظلمهم ، وأرتهم الأيام نتائج اعمالهم وافسادهم في الأرض، فلم يتراجعوا عن القهر والظلم والسرقة وافساد عمران الناس بل تمادوا حتى تمكنوا من كل شيء وحتى اذا فرحوا بما أُتوا .. اراهم الله السنن الواطئة والقوانين الغالبة والحق الساري في التاريخ وأراهم القيومية العليا، فأخذهم الله (بسُنة خاصة) خاصة بالمتمكنين الفرحين الذين نسوا ماذُكروا به وأضلهم الشيطان فقطع الله الدابر وارانا اليوم حقيقة (الوعد الخاص) بهزيمة الطغاة والطواغيت وقطع دابر الذين ظلموا فلله الحمد:"فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (43) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44) فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ"(سورة الأنعام، الآيات:43-45) فليس لهؤلاء الغافلون براءة في الكتب ولاصك حماية وهؤلاء القادة الضالون هم كصرعى بدر من الظالمين" َأكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ (43) أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ (44) سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ"
" سألت النيابة عبدالرحمن(رئيس مباحث(جهاز) أمن الدولة في مصر) وهو القائم على تعذيب الناس في مصر وقتلهم بدم بارد: هل توقعت فى تقاريرك التى رفعتها للوزير إمكانية تطور المظاهرات إلى «ثورة شعبية»، فأكد أن تقارير ومعلومات أمن الدولة لم تتوصل إلى إمكانية تطور المظاهرات إلى ثورة شعبية.( نقلا عن (الشروق"جريدة الشروق المصرية") تحقيقات النيابة فى قضية قتل المتظاهرين (2) الثلاثاء 19 ابريل 2011) وأشار وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى إلى أن ما حدث ماكان يتوقع، واستطرد : كان أمرا يفوق الخيال. وقال "ان الوزراء كانوا في بيوتهم يتفرجون على.، المظاهرات من الفضائيات" ، كانوا يطلقوت الضحكات والقهقهات والاشاعات والتهديدات" إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (55) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ (56) فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (57) وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ"
وفي الرد عن اسئلة عن توقعات الثورة فقد قال بعد سؤاله: سـ/ هل تري أن هناك خطأ أو تقصيرا من جانب قطاع أمن الدولة المختص بجمع المعلومات-بعدم رصده حجم أعداد المتظاهريين
جـ/ لا لأنه مفيش ولا واحد في مصر كان يتوقع الأحداث بمثل هذه الصورة
جـ: لم يكن أحد يتوقع أن تكون المظاهرات بهذا الحجم وبهذه الأعداد, فلم تحدث سابقة لها من قبل ولذا لم يكن في مقدور أي إنسان أن يتوقع ما حدث(جريدة الأهرام28 مارس 2011، الحلقة الثانية والأخيرة من نص تحقيقات النيابة العامة مع اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية المصري)
هكذا كانت عاقبة مكرهم ومكر هؤلاء هو يبور وكما قال الحق تعالى "قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (48) قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيد"ُ
تشابهت قلوبهم
ولقد تشابهت قلوب وافئدة وأعمال طواغيت التاريخ المعاصر والحقبة العلمانية الدكتاتورية العربية بطواغيت قديمة فرعونية وآشورية وعراقية ويمنية ويهودية وكهنوتية واوروبية قروسطية بل وعلمانية غربية كموسوليني وستالين ولينين وشاوشيسكو وجبابرة الحروب والاستعمار العنصري والمركزيات القديمة والحديثة التي خدعت الشعوب بالمكر والخديعة وتغييب الحقيقة وحجبها وتعليب الوعي الزائف وتغيير الفطرة بوسائل غارقة في الكذب والتلبيس.
ولقد أمرنا سبحانه بالسير في تاريخ الأرض وأرض التاريخ لنشهد آثار الطواغيت وبقايا ألوان الترف والفرح العابث ومشاهد تعبيد الأمم وظلم الناس وتكذيب الأنبياء ، وهؤلاء الذين حملوا الناس على التحاكم الى ألوان من الضلالات وأنواع من المظالم والفساد فجاءهم بأس الله وعذاب الدنيا –وعد الله الصدق- قبل عذاب الآخرة قال جل شأنه " لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ" لاواق من سنة الله مهما اتخذ الفاجرون من اسباب"أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآَثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82) فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (83) فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَالْكَافِرُونَ" وهكذا زُين للمتقدمين والمتأخرين من الطواغيت والمفسدين وأشباه قارون وفرعون وهامان ونمرود والقذافي والأسد ومبارك ومن قبله وحكام الجزائر والمغرب وتونس مما نراهم اليوم ونشاهد سحناتهم واجسادهم وأعمالهم، زين لهم مكرهم ، نعم مكرهم(وهو مكر تزول منه الجبال) ، وصدهم عن سبيل الله ، فقالوا كلاما ظاهريا شكليا لتنويم شعوبهم حتى يمكروا بهم لكن الله خالق السموات والأرض القائم على كل نفس بما كسبت والأقرب إلى الإنسان من حبل الوريد والذي بين وأظهر سننه في الطواغيت بأجلى صورة وأدق عبارة قرآنية ،وضرب بالقدماء الأمثال لمن يعقل او يقرأ أو يشهد فقال عز وجل"أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33) لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ"
المثل السائر في التاريخ
ان المشاهد التاريخية التي عرضها القرآن عن فرعون وملئه جُعلت في التنزيل (مَثَلا) للآخرين ممن سيأتي من أشباههم في القلوب والقوالب ، والأرواح والعقول وصور الفعل والتفكير ، وقد قال عز وجل في ذلك "َفاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (54) فَلَمَّا آَسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (55) فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآَخِرِينَ" والسلف هو المتقدم وقد جعلهم الله متقدمين ليتعظ بهم الأخرون ، وآسفونا أي أغضبونا بظلمهم في الأرض. وهؤلاء يملون لشعوبهم وللأخيار من أممهم والله من وراءهم محيط وهو يملي لهم ويكيد وهو أسرع مكرا جل شأنه وتعالى جده وعلت كلمته "وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ (48) قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (49) فَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (50) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيم"ِ
فهي (أمثال) طغت وسنن بشرية مضت لايعقلها على حقيقتها الا العالمون ، وقد أخذهم الله العزيز الحكيم بطرق مختلفةوضربات متباينة، ذلك انهم استكبروا على العزيز الحكيم وعلى الخلق اجمعين فأخذة زين العابدين غير أخذة مبارك وابناءه غير أخذه على صالح غير أخذه القذافي وابناءه(قال سيف ابن القذافي:أنا متفائل جدا، سننتصر!"(مقابلة مع تلفزيون"اليبية، نقلا عن جريدة الشروق تحت عنوان "سيف الإسلام:سننتصر!"، الخميس 21 ابريل 2011م) غير اخذه صدام واولاده ، غير اخذه للأسد أو حسن المغرب أو السادات(وكلامي هنا عن "القدر") او ناصر او هتلر ..إلخ، كما قال تعالى، قال تعالى:" وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ(39) فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِفَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40) مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (42) وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ"
ولو كانت علماء الاجتماع والنفس في الغرب تدرس هذه السنن وتعقلها بارتباطاتها وعلاقاتها الداخلية والخارجية، الظاهرية والباطنية، ورموزها وعلاماتها وايحاءاتها لما فسروا الاحداث التاريخية الحقيقية تفسيرا ماديا احاديا مسرفا في المادية وعازلا لحقائق الغيب، حقائق علام الغيوب، عن مشاهد الواقع ووقائع التاريخ ولما قاموا بقطع صلة الغيب الرباني الحقيقي عن وقائع التاريخ الحقيقي.. ولكن القوم يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا ويحجبون بقية الظواهر والحقائق.
الآيات الكونية والآيات الإجتماعية
ولقد ربط الله عز وجل بين اجراء قدره في عالم البشر وتقديره للسموات والأرض بالحق ونبه العقل الانساني الى سلطانه وقيوميته سبحانه فقال عز وجل " أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا" ليعقل المتفكرون السنن الكونية والاجتماعية وفاعلية القدر الرباني فيها كلها ، وحقيقة ماوراء الاحداث الظاهرة والمشاهد المضروبة والواقعة ، مما يستدعي ادامة النظر والتفكير، انظر الى قوله تعالى بعد ذكره لمكر السيئات في الأرض ، كيف يتكلم سبحانه عن قدرته وعلمه بخلقه وبدائع صنعه وآياته اللطيفة والكبيرة ، ثم يتبع ذلك كلامه عن المجرمين بأنهم مع ذلك لايملكون من قطمير وهو المالك الخالق، العزيز العليم "وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ (10) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (11) وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12) يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِير"ٍ وقال عز وجل" أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ (31) وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ (32) وَآَيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (33) وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ (34) لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (35) سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ (36) وَآَيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ (37) وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39) لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ"
فالذي يُجري الشمس لمستقر-مما ادهش الخبراء- ويسلخ الليل من النهار-مما بهر العلماء- والذي قدر منازل القمر ووضع الحساب، وأجرى الفلك في البحر، وخلق الأزواج كلها مما نعلم ومما لانعلم-وهو من لطف تقديره - وأحيى الأرض بعد موتها بلطف تدبيره ، فأخرج منها أنواع الثمار والأشجار والألوان والطعوم ، هذا الرب العظيم هو نفسه جل شأنه الذي قال في تنزيله أن الذين يمكرون السيئات لايملكون من قطمير، وأن مكر هؤلاء هو يبور، وهو مارأيناه بأعيننا ورآه الناس في ارض الله، فمن وراء الأسباب الظاهرة المشيئة المدبرة ، والقدر النافذ.
هلاك الطاغين وخلق السموات والأرض بالحق المبين
وانظر ايضا النص التالي الذي ربط بين قدرته سبحانه على الظالمين والمستكبرين وكمال ابداعه وتدبيره للسموات والأرض ، فهذه حقائق كونية وتلك حقائق تاريخية، فمانراه من تدبيرالفاسدين انما هو تدبير الواهن العنكبوتي امام تدبير العزيز الحكيم، وتقدير علام الغيوب، "ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ" الذي خلق الكون الدقيق الصنعة اللطيف الخلقة "وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ(39) فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِفَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40) مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (42) وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (43) خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (44) اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون"
ومن عادة القرآن العظيم أن يذكر الآيات الكبرى في الكون وانه خلقه بالحق والحكمة لينبه على أن أخذه للظالمين الذين يظنون انهم في أمان تام من العقاب هو أخذ ميسور وفعل مقدور" لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" وان طرق اخذه العجيبة لم تكن صدفة تاريخية او لعب ولهو وانما هي عدل وحق كما هو الشأن في خلق السموات والأرض وتدبيرهما ، فبعد ان ذكر "مثال" استعلاء فرعون واسرافه وافساده في الأرض و" إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ" قال عارضا خبر من قبله وربط ذلك بخلق السموات والارض بالحق مع غفلة اكثر الناس عن هذا الحق في ذلك الفعل الشامل الحكيم :" أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (37) وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (38) مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُون"وقال تعالى كما تقدم من الآيات بعد عرض اهلاك قارون وفرعون وغيرهما:"وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (43) خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ" وقال "قال عز وجل:"َ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (100) قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآَيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ (101) فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ" فهي حق مشاهد وواقع موجود ، وأمر منتظر مقرر مسبقا ، وفيها من الحكم والخير مافيها ، وهو لاحق حقا بالمفسدين والمجرمين والسارقين
فسنن الله في الإجتماع البشري لاتخرج عن مسار وسنن التدبير والتقدير والتقويم في الكون ولاتتخلف عن آياته في الخلق الأعظم الذي هو أعظم وأكبر من خلق الناس، قال عز وجل :" لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" وقال" وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ"
وقد بين الله عز وجل ان كونه الأعلى ليس فيه فساد وبين ان الفساد الناشيء في الأرض هو من عمل المفسدين ، وذلك في ربطه بين سننه في الكون وخلق الارض ومايحدث فيها ، فان الذي بيده الأمر في خلقه الأعلى والأكبر بيده الأمر ايضا في الأرض –هذه تبصرة وحقيقة كونية وقدرية وتاريخية فالذي دبر خلقه الأكبر لايعجز عن تدبير الأقل.
ان عليك ان تنظر الى الآيات التالية لترى كيف قدم الله الكلام على خلقه للسموات والأرض وبأن له الأمر كما له الخلق ، قدم ذلك كله وهو عظيم على اخذه للمجرمين وقصفه للظالمين المفسدين، وقد عرض القرآن كعادته في ثنايا ذلك لمشاهد الآيات اللطيفة الدقيقة في الأرض والتي تنشأ وتنمو في لطف وبدون ملاحظة العين المجردة لهذا النمو وقد عرضها وذكر بها تبصرة وذكرى وبيان للطف تقديره واخذه وتدبيره، ثم عرض بعد ان اراك سننه الجليلة في الكون، خبر اهلاكه للظالمين وهو الذي يعلم ماتوسوس به نفس الإنسان مهما بلغ من العلو والملوكية فهو اقرب اليه من حبل الوريد ، ومن عدله وهو يَذكر خلقه للكون وعرضه لروعة الابداع ، دعوته لعدم الإفساد في الأرض ، مع ذكره ، لو لاحظت رحمك الله، لظلم فرعون ومن شابهه ، ذلك ان الرب عز وجل لايحب المعتدين ولايفلح في كونه المفسدين مهما بلغت دقة حيلهم ومتانة شباكهم فهي اوهن عنده الله من خيط العنكبوت ، ومعلوم انه سبحانه أجرى آياته الأرضية بلطف القيومية ودقة وروعة فعل الربانية، فهو لطف التدبير ودقة التخليق والتصوير "إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54) ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55) وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا" وقال عز وجل" بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ (5) أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (6) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7) تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (8) وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (9) وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ (10) رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ (11) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ (12) وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ (13) وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ (14) أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ (15) وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ "
هذا هو حق الوعيد الذي صدقه التاريخ " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ" ، فلاتغيب عنكم الآيات الأرضية كما أريناكم الآيات الكونية التي تنظم حياتكم وسنينكم ونهاركم وليلكم وهذا التفصيل الكوني والعلمي للآيات والسنن المشاهدة يخبرك عن صدق الوعد المدبر.
"إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (4) هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (5) إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُون" انها وعود متحققة في عالم الإنسان فالذي فطر السموات لايستطيع اي طاغية مهما بلغ رقيه في الأسباب وتفوقه في الماديات ان يتقي أقداره المهلكة ، فمن بنى السموات بأعمدة غير مرئية لايعييه أن يُهلك طاغية من حيث لايعلم الطغاة!
فمن هم حتى يخرجوا عن قدر الله وتدبيره؟ والله عز وجل هو المتصرف في امر الكون كله فكيف لايتصرف في أمر الإنسان ايا كان ، ولايخرج عن قدره وعلمه شيء، وهو الذي له القوامة والسلطان والملك والخلق والأمر قال عز وجل:" إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (15) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا (16) فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا (17) السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا (18)إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا" انها لتذكرة ودعوة للتفكير بإن الذي خلق السموات والأرض بقادر على ماخلق ورزق:" فَأَرَاهُ الْآَيَةَ الْكُبْرَى (20) فَكَذَّبَ وَعَصَى (21) ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى (22) فَحَشَرَ فَنَادَى (23) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24) فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآَخِرَةِ وَالْأُولَى (25)إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى (26)أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا(27) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (28) وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (29) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (30) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (31) وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (32) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُم"
فالذي يسير الأرض بدقة نواميسه ونظام تدبيره والذي يعيد المشاهد يوميا وآنيا، لايفلت منه امر ولايعجزه شيء لا في الأرض ولا في السماء، فاين يمكن ان يجد الطاغية نصير له او يبحث عن قوة تحميه والله له بالمرصاد وقد توعده عند امتلاء النفس بالبطر والفرح والاستغناء بالأخذ الأليم والقطع المبين ..حتى اذا أخذه لم يفلته، وفي الآيات التالية نلاحظ ايضا الربط بين الدعوة الربانية الى النظر في كيفية النشأة الكونية والبشرية-هنا نقول ان إله الإسلام-رب العالمين- يدعو الى الكشوفات العلمية والبحث وراء الكيف والبحث في نشأة المخلوقات لا الكم والغفلة عن العلل والأسباب!- وهو مايؤدي بالعاقل الى اليقين بان الذي دبر هذا العالم بابداع مدهش لايعجزه شيء في الأرض ولا في السماء ، قال سبحانه" أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (19) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآَخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20) يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ (21) وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِير"ٍ
وفي ذلك دلالة على ان يد الله فوق كل ظاهرة كونية وأهون عليه الظواهر البشرية الحوادث الفردية ، ان له القدرة عليها كما له القدرة على السموات فهو سبحانه لابند عن ملكه شيء ولايخرج عن سلطانه امر ، وكل شيء عنده بمقدار، لايعيه منه شيء كبير او صغير، فماذا يكون شأن الطغاة معه سبحانه، قال تعالى" كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ (12) وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ (13) وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ (14)أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ (15) وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ" ويمكن دائما تتبع هذا الربط الملفت-بين خلق الكون والقدرة على الظالمين- في كل سورة من سور القرآن وهو دليل ايضا على صدق الوحي وانه تنزيل رباني وليس نتيجة صراع وهلوسة كما يزعم المستشرقون او تشنجات وبيئات كما يزعم الماديون والمتغربون، بل فيه مالم يكن يعرفه الناس يومذاك وظهرت كيفيته العلمية في العصور الحديثة.
قال"وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (46) وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (47) وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ (48) وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (49) فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (51) كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (52) أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (53) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ (54) وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ" ْ
وهكذا نجد في كل القرآن أن الله يربط في سوره وآياته بين وحيه وقدره بين علمه وعلوه ، بين سننه وخلقه، بين آثار قدرته وابداعه للكون وآثار قدرته على الخلق، بين القديم والجديد من أشياع الظلم والإستبداد فمن أراد ان يعلم حقيقة الظواهر القدرية العامة الشاملة والحكمة من وراءها فليقرأ القرآن فقد تيسر الذكر فقال:" وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (40) وَلَقَدْ جَاءَ آَلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ (41) كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ (42) أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ (43) أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ (44) سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45) بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ (46) إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (47) يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (48) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49) وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (50) وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (51) وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ (52) وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ " فكفار اليوم والأمس واصحاب القرية اليوم والامس واهل الاستبداد اليوم وامس ،لاينفلتون من عملية الإهلاك التي هي كلمح البصر ، فهو متشابهون في التاريخ ويجري عليهم كما يجري على الاشياء سنة القدر والأخذ بقدر، وقد اهلك الله أشياع اللاحقين وذكر بوقائع الماضين. فالقدر الرباني والقيومية الربانية لايخرج عنه شيء مهما بلغت عظمته او قوته ولاتتخلف الحياة الانسانية عن قدر الرب وليس الطغاة بمنأى عن قهر الرب وسلطانه وقيوميته فآثار الحقيقة الربانية في عالم الإنسان معروضة في القرآن وهي ملازمة لآثاره في الكون وتحت قهره وسلطانه وحكمته.
النبي مبلغ للحقائق الكونية والتاريخية وقول الصدق
ان الربط بين طبيعة النبي والنبوة ، والرحمة والذكرى ، في الدعوة الربانية، وبسط الرزق والدعوة الى الصبر وماهية الحياة الدنيا ، ومباغتة القدر للظالمين ، وشهادة الله وعلمه مافي السموات والأرض ، ان هذا الربط الحكيم لذو دلالة بالغة، ويمكنك اخي القاريء تتبع لطافة الربط وحكمته من خلال هذه الآيات " وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (48) بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ (49) وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآَيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (51) قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (52) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلَا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (53) يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ (54) يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (55) يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (56) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (57) وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (58) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (59) وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (60) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (61) اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (62) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (63) وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ" فالخلق والإحياء ، والرزق والكفالة، والتدبير والقوامة والعلم والإحاطة، والهيمنة والسلطان.. وخلق الكون وتدبيره والقدرة على الطغاة وأخذهم في مواعيد يخبئها القدر لهم ..كل ذلك يسلكه القرآن في سلك واحد لايفصل بين قضاياه ووقائعه وحقائقه ويعرضه في قرآنه العظيم وفرقانه العظيم مؤكدا انه ليس نتاج بيئات المبطلين وهم لايقدرون عليه ولاعامة أهل الارض، فهو ليس كلاما فائق البلاغة والعلمية فقط وانما هو عرض لسنن كونية واجتماعية لايقدر على عرضها في هذه السياقات وبهذه الكشف والربط والقدرة الا الله وحده.
<div align="right">
وهو سبحانه فضلا عن انه المتكلم بالحق فانه يحقق سننه في عالم البشر، من اخذه للظالمين واحزاب الضلالة المتحزبون بالظلم والاستكبار أمثال فرعون ومن قبله، فالأمر في الوحي القرآني ليس فقط بلاغة نصوص كاملة التركيب والتحبير والبلاغة لايهتدي الخلق الى الإتيان بمثله ،وانما ايضا هو المعاني الكبرى كاملة العلم والضبط وهي بيان للحقائق العلمية لسنن الكون والحياة والانسان وهي مجتمعة لايقدر علي الالمام بها كلها جمع غفير من الفلاسفة والمتفلسفة فلايوجد مثل هذا الجمع والحشد والدقة في البيان من الحقائق الكبرى كما وجد في القرآن ولو اجتمع له الناس جميعا فكيف وقد سيقت المعاني في اكمل الألفاظ وأدقها وأورع التحبير والطفه ، وماذا لو كانت هذه الحقائق والقوانين المنضبطة قد حققها قائلها بنفسه واجراها بقدرته وقيوميته وأجري سننها في العوالم المادية والسير المروية ، وهي التي هدمت حضارات ومركزيات وطواغيت ، ولم يكن لهم من الله من واق!، قال تعالى:" أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآَثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (21) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (22) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (23) إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (24) فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (25) وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ " ويعرض الله عز وجل في نفس السورة قول مؤمن من آل فرعون يصف المشاهد التي شاهدها ويعظهم عظة بالغة:" وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28) يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (29) وَقَالَ الَّذِي آَمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ (30) مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ"
ذهب فرعون-كما يفعل امثاله اليوم-يستعين بكافة الأسباب الممكنة ظنا منه أنها شيء وهي لاشيء ، فكيده مهما تعاظمت أسبابه وبلغت حيله وابوابه فهو لاشيء! قال تعالى:" وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ" ويقرر القرآن سنن الحق وانها بالغة كأمر الله مهما جادل الذين لايعلمون فسنن الله تتجاوز عالم الشهادة لعالم الغيب وتنتقل من عالم الانسان لعالم السموات ، ومن ظواهر الأرض وعالم الإنسان إلى ظواهر الكون وعالم الأسباب فكل ظاهرة كونية او بشرية لاتخرج عن علم الله وقدرته قال عز وجل:" إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (51) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (52) وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ (53) هُدًى وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (54) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (55) إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (56) لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (57) وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُون" فهذه التنبيهات العلمية والإشارات الكلية والتفصيلية ، تبين حقيقة الكون والأسباب، وحقيقة الحق والباطل والعدل والظلم.َ

علم القرآن ونور الله
انه ذلك لهو علم القرآن وتعليمه، وفهمه وتفهيمه ، وحقه وتحقيقه، وآيه وتنزيله، يقول تعالى:" طسم (1) تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (3) إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ"

ودأب الطواغيت واحد ، وسيرة الطغاة لاتختلف كثيرا "كَدَأْبِ آَلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (11) قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12) قَدْ كَانَ لَكُمْ آَيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ (13) زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ

وقال تعالى:" وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (96) إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ (97) يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (98) وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ (99) ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ (100) وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آَلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ (101) وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآَخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ"

انها آيات بينات أنزلها الحق بالحق والعدل والرحمة ، وانه النور الذي يضرب الله به الأمثال ويحق الله به الحق ويبطل الباطل ولو كره الماديون الظلاميون واللائكيون المتفرنجون، والعلمانيون المتعصبون(جابر عصفور مثالا صارخا ومعه القمني واشباهه )

" وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آَيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (34) اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35) فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ (36) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (38) وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآَنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (39) أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ"
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
الأستاذ طارق منينة؛

إنها قراءة سننية، تتعظ وتعتبر، وتستخلص النتائج وهي في حد ذاتها مطالعة لأفعال الله: فالقرآن كلام الله وهو فعله أيضا.
غفل الفقهاء عن هذه الرؤية الربانية التي تجمع توحيد الرؤية الرباينة بشموليتها من جميع زواياها، وتنبذ الكلام الفارغ لمن يتشدقون بالتوحيد وهم غافلون أو متغافلون عن هذا المنهج الثر المتدفق بالمعاني والتوجيهات والعهود الربانية التي لن تجد لها تبديلا ولا تغييرا ولا تحويلا.

فالتقرب للطغاة، ومنع التظاهر ركون للظالمين، وهو ينقض التوجيهات القرآنية

{لئلا يكون للناس عليكم حجة الا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم واخشوني ولاتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون }[ الآية 150 من سورة البقرة]

فضلا عن غيرها. فيا له من عهد رباني يبين سبيل النجاة في الدنيا وتمام نعم الرب على العباد في الدارين. ورضا الرب: يستلزم خشيته لنكون ممن حقق الرضوان الموعود، والوراثة المنشودة:

{رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه } [البينة الآية 8]،

{وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من ارضنا او لتعودن في ملتنا فاوحى اليهم ربهم لنهلكن الظالمين ولنسكننكم الارض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد [سورة إبراهيم الآية 13/14]

فأين توحيد من يمنع المظاهرات، وهو يخشى الظالمين؟ أو يستكين لفتات موائدهم طمعا ورهبا، أيبتغون عندهم العزة؟

{من كان يريد العزة فلله العزة جميعا} [فاطر الآية 10]؛

أما من استدار وجهته عن هذا السبيل وتقرب منهم ابتغاء حماية ونصرة وعزة، فمصيره الذل والخسف على يد من تقرب إليه:

{واتخذوا من دون الله الهة ليكونوا لهم عزا كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا } [مريم 81-82]
ترى من يعقل هذه التوجيهات الربانية ويستنير بنورها؟ ويتقي الشرك ويتخذ عند الله يد توحيد تنجيه شر المهالك؟

{واتخذوا من دونه الهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ولا يملكون لانفسهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا } [الفرقان الآية 3]

تغيرت الأصنام وأصحبت حكاما يحكمون بأمرهم وما تجرأ أحدهم جرأة فرعون ليدعي الربوبية، وإن تفرد كلا منهم بالقرارات واستحسنوا ما زين لهم الشيطان...وقالوا قولته:

{قال فرعون ما اريكم الا ما ارى وما اهديكم الا سبيل الرشاد[/ COLOR]} [الآية 29 من سورة غافر.]

{واتخذوا من دون الله الهة لعلهم ينصرون لا يستطيعون نصرهم وهم لهم جند محضرون } [يس الآية 75/74]

ماذا فعلت أمريكا بالشاه، وقد كان جنودها مجندون في بلاده؟ لقد أوصوه الفرار بجلده خشية الوقوع فيما وقع فيه اتشوسيسكو...
وأكثر من هذا فقد لفظوه لفظ الجيف، حينما كان شريدا طريدا، فكانوا عليه ضدا إنها العهود الربانية التي لا يفقهها إلا الموحدون بالحق، وليس متشدقي التوحيد، الهاجمين على الأولياء، والأضرحة، لما خافوا مواجهة السلطان، والتوحيد منهم براء: إنه الشرك السياسي.

فهل نستفيق من الغفلة ونعود لضبط فهم كتاب ربنا والذي هو قوله سبحانه وتعالى من زاوية أفعاله سبحانه وتعالى وهي عين الحكمة. أم ننظر للموضوع شزرا، ونتهم من لا يساير مذهبنا ب... ونتصبر على شركنا كان الله لفقهاء انحرفوا في تأصيل فهم القرآن بعيدا عن حكمة فعله جل جلاله وهي جملة سننه.
 
جزاكم الله خيرا اخي محمد

 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
عودة
أعلى