الإنتصار للتنزيل الرباني دحضا للتاريخانية المادية الغربية، ومركزية مذاهبها الإجتماعية

طارق منينة

New member
إنضم
19/07/2010
المشاركات
6,330
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
ماالغرض من تثبيت الأفئدة؟ وتكرار التنزيل ، في قوله تعالى "كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا [الْفرْقَان: 32] .
وقوله"وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (105) وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا (106) قُلْ آَمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا"(من سورة الإسراء)
هل معنى التنزيل وحقيقته العليا،والتثبيت وعلائقه، عميق في التاريخ الاجتماعي والانساني البشري ومهيمن عليه فاعل فيه وأعلى سلطانا من ظواهره ومؤثراته؟ بحيث يمكن القول بأنه حفر فيه حقيقته ونقش فيه صورته، وقاد به عوامله وظواهره حتى خرجت أمة الإسلام إلى العالم (بقلب وقالب جديد) من (بعث التنزيل)على شكل مغاير لما كان عليه البشر من قبل، على الرغم من العوائق العظيمة،والقوى العظيمة، وقد ابتعثت هذه الأمة الأولى بأسرع مما يمكن ان تتوقعه او تتصور العقول الدارسة والعالمة بالتاريخ وتحولاته؟
يمكن الاشارة الى ان التثبيت (المستمر) ، المرتبط بالتنزيل(المستمر)في هذا النص القرآني المجيد من سورة الفرقان والنصوص بعده من سورة الإسراء ،بمايعني ارتباط الحكمة الإلهية وتنزيلات الوحي بالقوة الربانية.. المهيمنة بالقيومية العليا، مهيمنة بالغيب والحق ، ومن ثم التنزيل الحق،"هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ " وقال تعالى عن كتابه والحق الذي أنزله" وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ " وهذه الحقائق تعني ان الهيمنة هي لله ولكتابه، وماتنزلت به آياته من علم بالناس وقدرة عليهم،واحداث التغيير فيهم، وان القيومية الربانية(كانت) تراقب القوى الإجتماعية المختلفة أيام تنزل الوحي(القبائل والشباب والشيوخ والتجار والعلاقات داخل القبائل، و(الأحزاب) )،وانه كان لله الحكيم الخبير القدرة الكاملة عليها، "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآَخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ " فلله الهيمنة التامة على التفاعلات الإنسانية كافة ، على عمل وارادة الرؤوس وقيادات القبائل وحتى الحكام لمصر مثلا والشام وفارس وغيرها)،فكان من التنزيل في هذا الشأن ومنه(التثبيت) " فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ " وكان منه" وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (88) وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (89) كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (90) الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآَنَ عِضِينَ (91) فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93) فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (94) إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ "وكان منه "وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (127) إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ "فكان لله القيومية المهيمنة عليها،كما على الكون كله"أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ "، وهذا العامل الأعلى غائب عن ذهنية العلماني الدهري الغارق في عمليات الترجيح بين ظواهر المادة،لكنه ليس غائي عن حركة المادة ولانشاط الجماعات والأفراد،ولاتثبيط البعض وتثبيت البعض الآخر، بحسب الحكمة الربانية والعدل والآلهي.
وبما ان النصوص تتنزل بحسب الحكمة والواقعة ، او الحدث والقصد،او التربية والعقيدة ، او الإرادة والمشيئة والسلطان والعلم الرباني، فإن الغرض منها دوما هو تثبيت قلوب المؤمنين، بكافة طرق الوحي واغراضه وأساليبه وقصده "وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (36) وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآَنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ"
ومن الطرق (طرق الوحي)والقصد ،عرض التاريخ القديم (عرضه بصورة خاصة بالوحي القرآني المعجز) والحالي(اي تاريخ أمة الإسلام والقوى المضادة لها يومذاك) وبيان سلطان الله عليه وان هذه القوى مجتمعة وظواهرها ومظاهرها، وماكان عندها من عوامل مادية، سياسية واعلامية، اقتصادية واجتماعية، دينية وسياسية ، لاقدرة عندها على مقاومة التغييرات الخارجية ، التي هي من خارج عالم البشر، ماديا وانسانيا،لأنها التغييرات الربانية التي خلقها الله ولاراد لها، فلايقف امام الرب تعالى شيء مهما عظمه الإنسان وأعلى من شأنه الفيلسوف، وروجه الاجتماعي والإنساني. والإشارة من خلال ذلك إلى قوى الضلال في الجزيرة العربية، (البشرية وصورها المادية وماعندها من اسباب ووسائل اقتصادية واجتماعية، واعلامية وسياسية، وثقافية وعقلية او اسطورية) ،وكذلك(من طرق الوحي والتغييرات التي قام بها) مايجري(او ماكان يجري) في الجزيرة من تغييرات (فوقية تتنزل في النفوس وبالأحداث) بفضل ماتنزل من القرآن والهزات المتتالية والمتدرجة التي يحدثها،وتحدثها الأسباب القدرية المقصودة، مع التأييد بالنصر للمؤمنين، وتنزيل آيات في الحوادث المختلفة ، المعنية بالعبرة، ومنها يثبت القلوب وتتربى وتتميز.
فالتثبيت للقلوب وإن كان بالتدرج في التنزيل الا أن هذا التدرج في التنزيل رافقه ولازمه تدرج في التغيير المتعدد الأوجه ، مع تغيير الأحداث والمواقع ،انها هيمنة ربانية على الأحداث والواقع، الجماعات والقبائل، القيادات والسلطات، التحولات والتغيرات، فالنص القرآني النازل أعلى قيمة وقدرة على التغيير (والتثبيت!)من المؤثرات الإقتصادية والسياسية والثقافية والإعلامية، وكلها مؤثرات مادية،والله هو موجب الأسباب والأسباب ليست أمامه سبحانه موجبة، أي أن التثبيت يأتي بمعني تنزيل الهدى والمعنى، تنزيل العلم والمغزى، تنزيل الحقيقة والعقيدة،بيان ضعف القوى المادية ووطئتها الفاتنة أمام المنزل للقرآن، (فتنت العلمانيين والحداثيين فكبروها وعزلوا تثبيت الله وصناعته للمؤمنين، وجميع الحقائق التي نتجت عن ذلك في التاريخ والحضارة!، والإنسان والمجتمع، الروح والمادة!) ، وذلك المعنى كله(كان) يتنزل دوما تدريجيا مع النصوص القرآنية وهو الذي يثبت القلوب (مع تطوير الواقع والوقائع والمواقع(من نصر الى هزيمة مثلا))كما يمكن رؤية ذلك بصورة اوضح في سور الإنفال والتوبة بل في بداية التنزيل ايضا في سور كالقلم وكل السور التي أعلنت تحدي الظروف والرؤوس، الثقافات الوثنية وغيرها،البيئات والأعراف...
فلو نزل القرآن جملة واحدة ماتحقق تثبيت القلوب الذي حدث على الصورة التي حدثت ولاشك أن أول من ثبت الله قلبه بالقرآن هو أعلم الناس به وهو النبي صلى الله عليه وسلم.
فكانت الحكمة هي التنزيل وليس نزول القرآن جملة واحدة.
النتيجة: تحقق كل ماأخبر به الرب، ووعد به الرحمن، فتثبيته تحققت آثاره في الرسول والصحابة، الأمم والجماعات، والثقافات والأعراف... ونتجت حضارة!
صدق الله ..ومن أصدق من الله قيلا... ومن أصدق من الله حديثا.
قال سبحانه"وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا "
وقال"وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا"
ماكان حديثا يفترى:
"لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ"
 
فكانت الحكمة هي التنزيل .. فعل ماض، حادث في التاريخ إنتهى. هذا إثبات للتاريخانية وليس دحض لها أخي الأستاذ طارق. دحض التاريخانية لا يكون إلا بإعادة قراءة التنجيم قراءة معاصرة فكيف تكسب هذه القراءة المعاصرَة لنا ؟ لقد رأى صبحي الصالح رحمه الله أن علماء القرآن اكتفوا بالمنهج التاريخي ويرى ضرورة إحياء المنهج الأدبي، لكن هل تذوق القرآن أدبيا سيجعل التنجيم أو ما أسماه بمعضلات السببية و النسخ من الحقائق القرآنية المعاصرة ؟

- و لدي تعليق آخر لكن سأنتظر حتى تكتمل الفكرة عندي إن شاء الله -
 
التعديل الأخير:
عودة
أعلى