"الإمام السهيلي وأهمية كتابه في السيرة النبوية"

"الإمام السهيلي وأهمية كتابه في السيرة النبوية"

  • مقبول

    الأصوات: 1 100.0%
  • مرفوض

    الأصوات: 0 0.0%

  • مجموع المصوتين
    1
  • الاستطلاع مغلق .
إنضم
11/06/2016
المشاركات
2
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
الإقامة
المغرب
[FONT=&quot]مقدمة:
[/FONT]
[FONT=&quot]إن دراسةَ أي علم من العلوم الإسلامية، لا تتم إلا عن طريق الوقوف على أهم الروّاد الذين برعوا في ذلك العلم، ثم معرفة أهم ما ألّفوه وصنّفوه، ومن هؤلاء الرواد الأفذاذ الذين كان لهم دور كبير في خدمة الشريعة عموماً، والسيرة النبوية خصوصاً، الإمام أبو القاسم السهيلي، والذي تنوعت .«الروض الأُنف»مؤلفاته وكتبه، وأشهرها على الإطلاق الكتاب الذي هو موضوع الدراسة : [/FONT]

[FONT=&quot]المبحث الأول : ترجمة الإمام السهيلي وأهم مؤلفاته.
[/FONT]
1- ترجمته.
هو عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد الخثعميّ السهيليّ الأندلسي المالقي، الحافظ صاحب المصنفات، وُلد سنة ثمان وخمسمائة بمدينة مالقة، وكان عالمًا بالقراءات، واللُّغات، والغريب، بارعًا فِي ذَلِكَ، كما تصدَّر للإقراء والتّدريس والحديث. وبعُدَ صِيتُه، وجلَّ قَدْره، كما أنه جمع بَيْنَ الرواية والدّراية، وحمل النّاس عَنْهُ، وكان مالكيّ المذهب(1).
أشعاره كثيرة، وتصانيفه ممتعة، وهو صاحب الأبيات المشهورة التي مطلعها: "يامن يرى ما في الضمير ويسمع أنت المعدّ لكل ما يتوقع"، وكان ببلده يتسوغ بالعفاف، ويتبلغ بالكفاف، حتى نمي خبره إلى صاحب مراكش فطلبه إليها وأحسن إليه، وأقبل بوجه الإقبال عليه، وأقام بها إلى أن توفي بها يوم الخميس، في السادس والعشرون من شعبان سنة إحدى وثمانين وخمسمائة، رحمه الله تعالى(2).
وقد أخذ العلمَ عن مجموعة من الأعلام، أشهرهم: العالم الهمام أبو بكر بن العربي المعافري الأندلسي، وسليمان بن يحيى القرطبي، وأبو القاسم بن الرماك، وأبو منصور بن الخير، وأبو القاسم بن الأبرش، وأبو القاسم عبد الرحمن بن رضا، خطيب قرطبة، وأجاز له أبو عبد الله بن أخت غانم(3)، كما كان له تلاميذ كثر، أبرزهم: فرج بن عبد الله الأنصاري الاشبيلي، وأبو القاسم بن الملجوم الفاسي، ومحي الدين بن العربي الحاتمي، وابن دحية، وأبو الحسن الحضري السبتي وغيرهم.
2. مؤلفاته.
إن الإمام السهيلي رحمه الله كان حافظاً، فقيهاً، أصوليا متكلماً، وكان عالماً بالقراءات والتفسير والنحو، أي: كان موسوعيا؛ لذا نجدُ تصانيفه في شتى الفنون، ومختلف المعارف الإسلامية، ومن أهم تلكم الكتب:
في اللغة والنحو والشعر:
- نتائج الفكر في علل النحو.
- شرح الجمل للزجاجي، لم يتمه.
- القصيدة العينية.
في الفقه:
- كتاب الفرائض وشرح آيات الوصية.
- مسألة رؤية الله تعالى في المنام ورؤية النبي صلى الله عليه وسلم
- مسألة السّرّ في عور الدجال.
في السيرة:
- الروض الأنف والمنهل الروي في ذكر ما حدث عن رسول الله وروى.
في مبهم القرآن.
- التعريف والإعلام فيما أبهم من القرآن من الأسماء الأعلام.
وله كتب أخرى، مثل : الأمالي في النحو واللغة والفقه والحديث، وقصة يوسف عليه السلام – مخطوطة-، وحلية النبيل في معارضة ما في السبيل(4).
المبحث الثاني: أهمية كتابه في السيرة.

إن أهمية أيّ كتاب في أيِّ علم من العلوم الإسلامية، تتجلى في انفراده عن باقي الكتب بمميزات وخصائص، واحتوائه على فوائدَ ونوادر، تجعلُ منهُ محطّ اهتمام العلماء والدارسين والباحثين، فيتناولونه بالشرح أو التلخيص أو غير ذلك.
وكتاب "روضة الأُنف" لمؤلفه الشيخ السهيلي، يعتبر من أنفس وأعظمِ ما صنف في مجال السيرة، وذلك
راجع لأسبابٍ عديدة، أهمها:
1. أنه اشتغل على أهم مصدر في السيرة النبوية، وهو: سيرة ابن هشام المعافري، ت: 213 ه، الذي لخص سيرة ابن إسحاق، ت: 151 ه.
2. أنه عاش في فترة متقدمة، مكنتهُ من كسب العديد من العلوم، والفنون الإسلامية، حيث توفي سنة 581 ه.
3. كونه أول عالم نهج هذه الطريقة في معالجة كتب السيرة، حيث خالف المنهج السائد الذي كان موجوداً في التعامل مع سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم(5).
4. لم يكن الإمام السهيلي مجرد شارحٍ لما وردَ في سيرة ابن هشام، وإنما كان أيضا مستدركاً ومتعقباً وناقداً وموازناً(6).
5. أن كتابه هذا جمُّ الفوائد، عديد المنافع؛ إذ ضمنهُ جملةً من مختلف العلوم الشرعية، والمعارف الإسلامية، كما نبه على ذلك صاحب كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، إذ يقول:" تحصل فيه: من فوائد العلوم، والآداب، وأسماء الرجال، والأنساب، ومن الفقه الباطن، اللباب، وتعليل النحو، وصنعة الإعراب، ما هو مستخرج من: نيف على مائة وعشرين ديوانا، أو نحوها(7)".
6. التزامه بالأمانة العلمية، حيث أنه كان ينسبُ كل قول إلى قائله، كما هو ملاحظٌ في كتابه.
7. أنهُ لما اشتغل على سيرة ابن هشام، ونقّحها وهذّبها، صارَ بذلك مصدراً لا يُستغنى عنهُ في بابه.
8. عظمة أي كتابٍ وأهميتهُ ترتبط بمدى عظمة مؤلٍّفه وأهميته، ولا يخفى على العلماء وطلاب العلم أن الإمام السهيلي هو أحد أعظم الأئمة، وأرفعهم شأنا، وأعلاهم مقاماً، كما سبقت الإشارة إلى ذلك.
هذه أهم المميزات التي أمكن استنباطها، وملاحظتها واستخلاصها، وهذه المميزات كانت السبب الرئيس في عناية العلماء بهذا الكتاب النفيس، حيث عُنوا عناية فائقة بهذا الكتاب؛ إذ تناولوه بالاختصار والتلخيص، أو بالنّهل من فوائده ونوادره، والنقل عنه، والأخذ منه.
وممن اختصر الروضة :
- الحافظ الذهبي ت: 748هـ، في كتابه: "مختصر كتاب الروض الأنف الباسم في السيرة النبوية الشريفة"، ويسمى أيضا: "بلبل الروض" كما قال الصفدي(8).
- ابن الجماعة، عز الدين بن أبي، ت: 819هـ، سمّاهُ :"نور الروض"، وعليه حاشية لقاضي القضاة يحيى المناوي(9).
- محمد العجلوني، ت: 831هـ، له: زهر الروض(10).
- تقي الدين بن الكرماني، ت: 833هـ، له مختصر الروض الأنف(11).
أما الذين نهلوا من الروض الأنف، وأحذوا منه بحظٍّ وافرٍ، وأكثروا من النقل عنهُ فهم كثرٌ، وأشهرهم الإمام ابن قيم الجوزية في كتابه: بدائع الفوائد(12).
هذا ما تيسر جمعهُ في هذا البحث، عسى أن يكون قد وفّى المطلوب، ولم يُخلّ بالمقصود، سائلين اللهَ عزوجل التوفيق والقبول.

كتبه: أنس القرباص


الإحالات -----------------------------------------------------------------------
(1) تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، للذهبي، 12/731.
(2) انظر: وفيات الأعيان لابن خلكان، 3/144، وتاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، للذهبي، 12/731، والوافي بالوفيات للصفدي، 18/101، والأعلام للزركلي، 3/313.
(3) تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، للذهبي، 12/731، بتصرف.
(4) انظر: المصادر السابقة، وأيضا: كتاب طبقات المفسرين للداوودي، 1/272.
(5) المنهج السائد الذي وُجد بعد تأليف ابن هشام رحمه الله، هو الاهتمام بجزئية من جزئيات سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كدراسة الشمائل، أو دلائل النبوة، وغيرها.
(6) انظر مثلا، تعليقه على ابن اسحاق في "استيلاء أبي كرب تبان أسعد على ملك اليمن وغزوه إلى يثرب"، 1/80.
(7) كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، لحاجي خليفة، 1/917.
(8) جردها سبطه: زين العابدين بن عبد الرؤوف، المصدر السابق.
(9) الوافي بالوفيات، للصفدي، 1/28.
(10) معجم المؤلفين، لعمر رضا كحالة، 9/23.
(11) درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة، لتقي الدين المقريزي، 4/369.
(12) انظر مثلا بدائع الفوائد لابن القيم، ص: 21 إلى 34 وغيرها.


أهم المصادر والمراجع.
- الروض الأنف والمنهل الروي في ذكر ما حدث عن رسول الله وروى، للإمام السهيلي، ط: دار إحياء الثرات العربي، ت: عمر السلامي.
- وفيات الأعيان، لابن خلِّكان، ط: دار بيروت، ت: إحسان عباس.
- تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، للذهبي، ط: دار الغرب الإسلامي، ت: بشار عواد.
- بدائع الفوائد، لابن القيم، ط: دار الكتاب العربي، بيروت.
- الوافي بالوفيات، للصفدي، ط: دار إحياء الثرات، ت: أحمد الأرناؤوط.
- درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة، لتقي الدين المقريزي، ط: دار الغرب الإسلامي.
- طبقات المفسرين، للداوودي، ط: دار الكتب العلمية.
- كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، لحاجي خليفة، ط: دار إحياء الثرات العربي.
- الأعلام للزركلي، ط: دار العلم للملايين.
- معجم المؤلفين، لعمر كحالة، ط: دار إحياء الثرات العربي.
 
عودة
أعلى