الإقراء بين الاحتساب والاكتساب..!!

إنضم
20/02/2013
المشاركات
30
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
العمر
36
الإقامة
السعودية
غير خاف عليكم طريقة السلف وهدية في إقراء كتاب الله عز وجل وإجلال حامله وإكرامه وتقديمه على ما سواه في الشرع والعرف.
وقد حفلت سير أولئك الرجال التي حفظتها لنا كتب التراجم بإرث زاخر في هذا الباب, ولا شك أن الناظر في ذلك سيقف على عجب عجاب في تمثلهم للقرآن علما وعملا..قولا وفعلا , كيف لا!! وقد هذب القرآن طبائعهم وسجاياهم فاطمأنت به نفوسهم وطمعت فيما عند الله فعلموه ونشروه ابتغاء مرضاة الله.
إلا أن المتلمس لأحوالنا اليوم يجد أن بوصلة الإقراء قد انحرفت قليلا عن ذلك المنهج وتلك الآداب فظهر الطمع فيما بأيدي الناس بانصراف شريحة ممن تصدروا للإقراء إلى التأكل بكتاب الله والمبالغة في طلب الأموال مقابل إقرائهم لكتاب الله.
والقول في هذا الموضوع منصب على طلب المال على الإجازة من طالبها؛ بل وتسعيرها فقد يرتفع المبلغ وينخفض حسب عدد القراءات المقروءة على المجيز, ولا شك أن هذه الطريقة مخالفة للمنهج المرضي, إضافة لما فيها من إذلال للمجيز والمجاز, وقبل ذلك التقليل من هيبة القرآن والاستهانة به بجعله سلعة تباع وتشترى.
وكتب السلف غاصة في التحذير من هذا المسلك, نادبة إلى الترفع عن حطام الدنيا, ومرشدة إلى الآداب المرضية في إقراء كتاب الله سواء للمعلم أو المتعلم.
وقد وصف الإمام الشاطبي رحمه الله القراء السبعة وبين أن من مناقبهم الترفع عن التأكل بالقرآن
فقال:
تخيرهم نقادهم كل بارع *** وليس على قرآنه متأكلا.
وقال الإمام النووي رحمه الله مبينا ما يجب على مقرئ كتاب الله :
"ومن أهم ما يؤمر به أن يحذر كل الحذر من اتخاذ القرآن معيشة يكتسب بها
فقد جاء عن عبد الرحمن بن شبيل رضي الله عنه عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرؤوا القرآن ولا تأكلوا به ولا تجفوا عنه ولا تغلوا فيه وعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: اقرؤوا القرآن من قبل أن يأتي قوم يقيمونه إقامة القدح يتعجلونه ولا يتأجلونه رواه بمعناه من رواية سهل بن سعد معناه يتعجلون أجره إما بمال وإما سمعة ونحوها" التبيان في آداب حملة القرآن (ص: 56).
وقد ذكر الذهبي جملة من تمثل أولئك الرجال لهذه الآداب يمكن الرجوع في ذلك على سبيل المثال إلى معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار: (ص: 28), (ص: 68), (ص: 230), (ص: 265), (ص: 286)..
ولكن السؤال الأهم / ما الطريقة المثلى لصون كتاب الله من الاستخفاف, وصون المقرئ والقارئ من الوقوع في تلك المزالق التي يخشى عليهم فيها من الوقوع في العبث بكتاب الله بجعله سلعة تباع وتشترى؟.
 
هل لفضيلتكم ان يفيدنا عن الحرفة التي كان يتكسب بها الامام الشاطبي للعيش ولاعالة اسرته ؟ ولو أفدتموني عن مصدر رزق أبي عمرو الداني (ت: ٤٤٤) لكنت لكم من الشكرين
 
هل لفضيلتكم ان يفيدنا عن الحرفة التي كان يتكسب بها الامام الشاطبي للعيش ولاعالة اسرته ؟ ولو أفدتموني عن مصدر رزق أبي عمرو الداني (ت: ٤٤٤) لكنت لكم من الشكرين
شكر الله لك يا شيخ محمد الحسن
ويظهر أنك قد تصورت المسالة على غير ما أردت ولذلك انبثق سؤالك من تصورك .
قبل الإجابة على سؤالك الذي تفضلت به ينبغي أن يعلم أن مسألة أخذ الأجر على تعليم كتاب الله مسألة فقهية صرفة, وبيان الأمر فيها محله كتب الخلاف, إلا أن ما دعاني إلى طرحها هنا أن شريحة معينة من المقرئين في زماننا قد سلكوا طريقة معينة في الحصول على هذا الأجر, وهذه الطريقة يترتب عليها بعض المحاذير , وصورتها كالآتي :
أن يأتي زيد (طالب يريد الإجازة) إلى عمرو (الشيخ المجيز) طالبا إجازة أو سندا في قراءة من القراءات أو أكثر من قراءة, فيشترط عليه مبلغا من المال يزيد أو يقل حسب نوع الإجازة, وقد يبالغ في الأجر إذا علم أن هذا الطالب ممن فتح الله عليه أبواب فضله في الرزق, ومعلوم أن هذه الطريقة ليست من هذه السلف في إقراء كتاب الله إلى جانب كونها مدعاة للتساهل في منح الإجازات لمن لا يستحقها إذ أن إعطاءها قد يكون للمال أكثر منه للضبط والإتقان وهذا الأمر فيه استهانة بكتاب الله بجعله سلعة تباع وتشترى, وإذا كان كثير من الشيوخ يتحرجون من قبول الهدايا من طلابهم فكيف بمن يطلب المال منهم؟؟ أليس في ذلك إذلال للطالب والشيخ؟؟
وأما الإجابة عن سؤالك فمعلوم أن هؤلاء الأئمة كانوا يشتغلون بتعليم كتاب الله وإقرائه.
ولكن يجب أن يلاحظ أن تلك المقارئ كان يقوم عليها ولاة أمور تلك الدول وهم من يتكفل بأعطيات أولئك المقرئين وليس الطلاب.
لأن هذا مما يحفظ ماء الوجه سواء للشيخ أو للطالب.
فتبين من هذا أن هناك فرقا بين الحالين والله أعلم.
نعم قد يكون الكلام الذي ضمنته أصل المنشور محتملا إلا أني قيدته حتى لا يذهب الاحتمال إلى غير القصد. والله أعلم
 
ماذا يفعل الشيخ المقرئ إذا لم يرع ولاة الأمور حقه بصرف الأعطيات له، ونسيه الطالب فور انتهاء الختمة وتسلمه للإجازة ؟
 
ماذا يفعل الشيخ المقرئ إذا لم يرع ولاة الأمور حقه بصرف الأعطيات له، ونسيه الطالب فور انتهاء الختمة وتسلمه للإجازة ؟
عليه أن يعمل بيده ويحصل الرزق؛ فأبواب الرزق عند الله واسعة, ولم يضيق الله عليه, ولم يقتر عليه, فإذا فضل من وقته ما يجود به للإقراء أقرأ, وإلا لم يكلفه الله ما لا يطيق, وأمر الإقراء كفائي إذا وجد غيره ممن يتصدر له ويحفظ للقرآن هيبته وجلاله.
 
من يعيل "غيره ممن [يتصدر] للإقراء ويحفظ للقرآن هيبته وجلاله" ؟
هناك من له تجارته الخاصة ويستطيع أن يستغني عن الناس وفتاتهم وهناك من يقوم عليه ولي الأمر أو من يقوم مقامه والحمد لله فضل الله واسع.
 
الذي يقوم عليه ولي الأمر إنما يتأكل من كل واحد من المسلمين، وكونه يستلم من ولي الأمر لا ينسينا أن هذه الأموال أموال المسلمين، وليست أموال ولي الأمر الكسول.أما صاحب التجارة الخاصة فليس ب"متصدر للإقراء" بالمعنى المتبادر للذهن.
 
الذي يقوم عليه ولي الأمر إنما يتأكل من كل واحد من المسلمين، وكونه يستلم من ولي الأمر لا ينسينا أن هذه الأموال أموال المسلمين، وليست أموال ولي الأمر الكسول.أما صاحب التجارة الخاصة فليس ب"متصدر للإقراء" بالمعنى المتبادر للذهن.
السلام عليكم
من السهل أن تنقل من الكتب ، ولكن إسقاطه على الواقع هذا يحتاج إلى كثير جهد وتوضيح .
الجمع بين التجارة والإقراء شئ صعب جدا ؛ بل هو صعب على الموظف الذي له عمل محدود ،وهذا مشاهد بعيدا عن الاستثناءات .
لولا التفرغ يصعب أن تجد قارئا .
والسلام عليكم
 
جاء في طبقات القراء للذهبي قال:
"وقال ابن النجار في تاريخه: سمعت أبا العباس أحمد بن البندنيجي يقول: سألت شيخنا أبا جعفر أحمد بن أحمد بن القاص، هل قرأت على أبي العز القلانسي.
قال: لما قدم بغداد، أردت أن أقرأ عليه، فطلب مني ذهبا، فقلت له: والله إني قادر على ما طلبت مني، ولكن لا أعطيك على القرآن أجرا، ولم أقرأ عليه".
معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار (ص: 265)
 
جاء في طبقات القراء للذهبي قال:
"وقال ابن النجار في تاريخه: سمعت أبا العباس أحمد بن البندنيجي يقول: سألت شيخنا أبا جعفر أحمد بن أحمد بن القاص، هل قرأت على أبي العز القلانسي.
قال: لما قدم بغداد، أردت أن أقرأ عليه، فطلب مني ذهبا، فقلت له: والله إني قادر على ما طلبت مني، ولكن لا أعطيك على القرآن أجرا، ولم أقرأ عليه".
معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار (ص: 265)
وهذا لم يمنع جماعةً من الحذاق أن يقرأوا عليه، ومن بينهم حافظا المشرق أبو العلاء الهمداني وسبط الخياط، وأن ينزل إرشاده في المشرق منزلة التيسير في المغرب.
قال ابن الجزري (غاية النهاية ج 2 ص 115) بعد ما ساق المقتبس من مشاركتكم: "قلت: نص الفقهاء على أن أخذ الأجرة في الإقراء لا يشين المقرئ"
 
أخونا الشيخ ياسين الأهدل جزاك الله خيرا على طرح وجهة نظرك- وإن كنت أخالفك فيها-
وأرى أن كلام شيخينا العلامة محمد الحسن بوصو والعلامة عبد الحكيم عبد الرازق أقرب للواقع وفقهه، فإنك إن نظرت إلى بعض الشيوخ الأزاهرة مثلا والذي تخرج من معهد القراءات على سبيل المثال وبذل حياته في تعلم كتاب الله وتعلم العلوم الشرعية اللازمة له، فأي عمل يعمل، إلم يكن عمله تدريس القرآن، وخاصة أننا في زمان لا يرحم الناس فيه أحدا-إلا من رحم ربي-...
ومن الذي سيقبله للعمل عنده في أي وظيفة من الوظائف وهو لا يمت لها بصلة ، لا بخبرة ولا دراسة ولا أي شئ يذكر ، إلا أن يقف الشيخ في السوق تاجرا ويقول: لا خلابة...
وياليته يجد من أهل الأمانة من يلتزم بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم...
الشاهد من الكلام: أن الأمر معقد صعب، وليس بالسهولة التي ذكرتموها شيخنا ياسين، وإن كان سهلا في بلد معين، فليس في كل البلاد، بل الغالب الأعم على عكس ما ذكرتم ... والله المستعان
اللهم اغننا بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك
 
بارك الله في الأخ ياسين على إثارة هذا الموضوع الهام، وهو كما قال الإخوة الأفاضل مثار خلاف ونقاش، ولكن المؤلم من الشيوخ تحديد أرقام فلكية للإجازة ولو أن أحدهم يرضى ما يقدم له دون اشتراط لوجد فيه البركة، وبالنسبة للوظائف فهي موجودة ومن دخل معهد القراءات أو كلية الشريعة يعلم فرص العمل المتاحة أمامه، ويعلم أن دخله سيبقى في حدود معينة، ولكن ما نسمعه من مبالغات الشيوخ وتحديد أسعار لا مساومة فيها خروج عن المنهج الأفضل والأسلم ويوصَى طلبة العلم باجتنابهم ولو تلقوا عمن هم أقل سندا وشهرة وعلما فلا بأس بل أراه أولى، وها هم الشيوخ الذين عرفتهم جميعا لا أحد منهم يطلب أو يملي ما يريد، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
 
إذا كان الأمر كما يقول الشيح محمد الحسن بوصو فماذا يفعل الطالب الفقير الذى يريد أن يستجيز وليس عنده شئ ؟؟
 
أخذ الأجرة على تعليم القرآن الكريم عقد مثل كل العقود، تعرض له الأحكام الخمسة: قد يكون واجبا، وقد يكون مستحبا، وقد يكون جائزا، وقد يكون مكروها، وقد يكون حراما.
1- يحرم على من فرّغته الدولة أو نحوها مقابل راتب لتعليم القرآن الكريم أن يأخذ الأجر على إقرائه في الأوقات الرسمية.
2- يكره لمن فرغته الدولة أو نحوها مقابل راتب أن يأخذ الأجرة على الإقراء خارج الأوقات الرسمية إذا ثبت أنه يضعف أداؤه في الأوقات الرسمية.
3- يباح لمن كان ميسور الحال، غير مفرغ من الدولة أو نحوها مقابل راتب، أن يأخذ الأجرة لتحسين أوضاعه أو تقويتها أو لمجرد الاستكثار من المال.
4- يستحب أخذ الأجرة لمن لا يملك مصدرا منتظما يدر عليه غير الإقراء.
5 - يجب أخذ الأجرة على من إذا لم يأخذها هلك أهله أو هانوا أو تفسخت أخلاقهم أو ذلوا للمجتمع. وعلى القاضي المكلف بإلزام الأحكام إجبار كل واحد من الشيخ والتلميذ على الوفاء بالتزاماته، وعلى الشرطة المكلفة بإيقاع الأحكام الانصياع لأوامر القاضي حيالهما أو حيال أحدهما، وعلى المجتمع الذي نصب القاضي وأعانه بالشرطة أن يعد ذلك من حسنات القاضي يثبت في سيرته الذاتية العطرة ويرشح من أجل هذه الحسنة لمنصب قاضي القضاة.
الشيوخ الذين يشترطون في مصر لو كانوا في الخليج ما اشترطوا لوفرة الخير وانسداد الحاجة، والذين يتورعون في الخليج لو كانوا في مصر لطلبوا وغالوا. لا علاقة للأمر بالفقه والورع إنه واقع معاش فقط.
ليس من الورع في شيء أن تركب أفره السيارات وتبلي كرسي قيادة سيارتك من التخمة ويحصل أصغر أولادك على آخر منتجات الآبل والسامسونغ ثم تلزم شيخك بالتزام الورع في الإقراء وأن يحتسب ذلك عند الله تعالى. ليس من الورع ولا من الاحتياط أن تؤمن أسرتك بكل الوسائل المتاحة أمامك وتعرّض أسرة شيخك للضياع والهوان بحجة نصوص لا تعنيهم أبدا.
سؤال نضعه بين يدي الذين يرون أن في المسألة خلافا : ما الفرق بين ما يأخذه أساتذة القرآن في الكليات وبين ما يطلبه الشيوخ المشترطون ؟
 
عودة
أعلى