الإفادات والإنشادات للشاطبي ، وتأويل آيتين كريمتين منه.

ابن الشجري

New member
إنضم
18/12/2003
المشاركات
101
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
بسم الله الرحمن الرحيم

مع أن أبا إسحاق الشاطبي (790هـ) رحمه الله ، ليس من المكثرين في التأليف، إلا أن كتابه الموافقات قام مقام كتب جمه ، فهو كتاب ليس له نظير بين كتب الفقه وأصوله ، وقل أن يستغني عنه فقيه أو مفسر ، فقد أحسن فيه ماشاء ، فكان بمثابة الفتح والتجديد في آن واحد في علمي إصول الفقه ومقاصد الشرع المطهر، وقد أنسى كتابه الموافقات بعض كتبه الاخرى كالاعتصام ، فمع أنه لم يتمه رحمه الله إلا أنه يعد من أعظم المراجع العلمية عند حراس العقيدة والناهين عن البدع المحدثه ، وقد كنت أقرأ له في كتابه الماتع الخفيف المحمل ، كتاب الافادات والانشادات فوجد ت فيه لطائف تفسيريه ، أحببت أن اتحف بها القراء الكرام , مع بعض الملاحظات الموجودة على الكتاب ،المغمورة في بحر علمه وفضله رحمه الله .

وهذا العالم الجليل من القلائل الذين مدوا بعلمهم وفضلهم جسور التواصل العلمي بين المشارقة والمغاربه ، وقد شاركه في هذه الميزة قلائل من أهل العلم كأبن عبد البر وابن حزم والقرافي وقلائل سواهم رحم الله الجميع . ومع أن هذا الموضوع شيق ، ويحتاج لكتابة واسعة قد تخالف مسار هذا الملتقى ، فأعود للمقصود ، وأحيل من أراد الاستزاده لبعض الدراسات والبحوث (للأسف الكتاب الذي الاحالة اليه ليس حاضرا بين يدي الان ، إياك أن تعير كتابا) إلا أنه كتاب جيد ، تجدونه في مكتبات الرياض / موضوعه القرافي حلقة وصل بين المشارقة والمغاربه / في مجلدين كبيرين ، ط دار الغرب .
نعود للمقصود وعذرا للاستطراد
إفادة ـ 77 ـــ(تأويل آيتين)

قال رحمه الله : (قال لي الاستاذ الجليل أبوسعيد بن لب ـحفظه الله ـ : سئلت عن قوله تعالى في سورة النساء(تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله ندخله جنات تجري من تحتها الانهارخالدين فيها) الايه فجمع قوله (خالدين ) وقال بعد : ( ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده ندخله نارا خالدا فيها) فأفرد (خالدا) .
قال : وأجبت أن الجنة لماكان لأهلها فيها اجتماعات ، وليس فيها فرقة ولاتوجد ، جاء قوله تعالى ( خالدين فيها) اعتبارا بالمعنى الحاصل في الجنة من الاجتماع ، ولما كان أهل النار على الضد من هذا وكل واحد منهم في تابوت من النار، حتى يقول أحدهم : إنه ليس في النار إلا هو جاء قوله تعالى ( خالدا فيها ) اعتبارا بهذا المعنى .

فعرضت على شيخي الامام الاستاذ ابي عبد الله بن الفخارهذا السؤال فأجاب عنه : بأنه تعالى ذكر في الاولى جنات متعدده لاجنة واحده فقال ( ندخله جنات ) والضمير المنصوب في ( ندخله) وإن كان مجموعا في المعنى فهو في اللفظ مفرد، والمفرد من حيث هو مفرد لايصح أن يكون في جنات متعدده معا ، فجاء ( خالدين ) ليرفع ذلك الايهام اللفظي ، فهو اعتبار لفظي ومناسبة لفظية ، وإن كان المعنى صحيحا ، وأما الاية الثانية فإنما فيها نار مفرده ، فناسبها الإفراد في خالدا ) . أهـ

وقد حوى الكتاب إنشادات جيده مسندة عن ابن دقيق العيد ـ رحمه الله ـ وغيره من الفقهاء .

وبالمناسبة فقدا ستخرجت مجموع الفتاوى له من المعيارالمعرب للونشريسي رحمه الله ، وأفردت بكتاب مستقل مطبوع متداول .
وهذا الكتاب ـ المعيار ـ كتاب حافل حوى علماً غزيراً في العقيدة والفقه والتفسير ، وسأفرده بمقال إن شاء الله أتحدث فيه عن الجوانب المتعلقة بالتفسير المدرجة في بعض مجلداته .

وفق الله الجميع
 
جزاك الله خيراً على هذه النفائس العلمية التي لا تفتأ تقتنصها لنا من ذخائر قراءاتك في بطون الأسفار. وقد أحسن صنعاً باختياركك وإشارتك إلى هذا العالم الجليل ، فهو كما أشرت وفوق ما أشرت من الفضل ، ودقة المنزع ، على قلة تصانيفه ، وندرة بعضها. فشرحه لألفية ابن مالك لا يعرفه كثير من المعتنين بالعربية مع نفاسته ، وجودته.
ونحن في انتظار ما ستكتبه لنا حول كتاب الونشريسي جزاك الله خيراً ، ونفع بعلمكم أخي الكريم.
 
عودة
أعلى