قيس عبدالله محمد
New member
الإعجاز القرآني في كلمة { كِفَاتاً }
الحمدُ للهِ الذيْ أنْعمَ علينا بِأْعظمِ النّعمِ وأكبرِها وأتمِّها وهيَ نعمةُ القرآن الكريمِ الذيْ انْزلَهُ اللهُ {تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}[1] وَ لمْ يُفَرِّطْ فيه بِشيءٍ (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ)[2] فَحَقَّ لنا أنْ نَفرحَ ونُسرَّ بهِ فَهوَ خيرٌ مِنْ كلِّ أفكارِ وأنظمةِ الشرقِ والغربِ سلفاً وخلفاً قال تعالى:{قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}[3]، الذي حوى المعانيَ الكثيرةَ بالألْفاظِ القليلةِ؛ مما يُغْني ويروي ظَمأَ الطالبِ المُتَعَطِّشِ للحقيقةِ في كل زمانٍ ومكانٍ قديماً وحديثاً؛ مِمّا يناسبُ عُمومِهِ و شُمولِهِ و كونِهِ رحمةً للعالمينَ وشفاءً لكلِّ أمراضِ الحضاراتِ، ودواءً لكل عِللِ الأُممِ.
وسَيُرى في هذا البحثِ المعاني الجليلةُ المتواردةُ على قوله تعالى: ( أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتاً)[4] ومطابقتُها التامةُ الرائعةُ لجملةِ صفاتِ الأرضِ التي كانَ يعرفُها الناسُ وقتَ التنزيلِ, أو التي اكتُشِفتْ فيما بعدَ ذلكَ، وانطباقُها الدقيقُ مع ما توصَّلَ له العلمُ الحديثُ؛ مُشكِّلا إعجازاً مُذْهلاً يُدلِّلُ بِصورةٍ قاطعةٍ على كونِ القرآن مِن عندِ اللهِ العليمِ الخبيرِ؛ وصدقَ اللهُ العظيمُ القائلُ: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}[5] وما أحسنَ ما قالَهُ ابنُ عطيةَ (ت542/1148) وثَنَّى عليهِ الرافعي (ت1356/1937)؛ حيثُ أشاروا إلى أنَّ نَظْمَ القرآن مُتميزٌ باعتبارِ الحروفِ والكلماتِ بأصواتِها وحركاتِها ومواقعِها مِنَ الدلالةِ المعنويةِ، ويستحيلُ أنْ يقعَ في تركيبِهِ كلمةٌ زائدةٌ أو حرفٌ مُضطربٌ أو ما يجري مَجرى الحَشْوِ والاعتراضِ، بل نزلتْ جُمَلُهُ وكلماتُه وحروفُه منازلَها على ما استقرتْ عليهِ طبيعةُ البلاغةِ العاليةِ الكاملةِ، بحيثُ لو نُزِعتْ كلمةٌ منه أو أُزيلتْ عن وجهِها، ثم أُديرَ لِسانُ العربِ كلُه على أحسنَ منها في تأليفِها وموقعِها وسدادِها، لم يتهيأْ ذلكَ ولا اتسعتْ له اللغةُ بكلمةٍ واحدةٍ البتة[6].
والبحث الذي بين أيدينا هو مِنْ قَبيلِ التأويلِ؛ إذِ (التأويلُ: هو الحقيقةُ التي يؤول إليها الكلامُ، فتأويلُ ما أخبرَ اللهُ به عن ذاتِه وصفاتِه هو حقيقةُ ذاتِه المقدسةِ وما لها من حقائقِ الصفاتِ، وتأويلُ ما أخبر اللهُ به عن اليومِ الآخرِ هو نفسُه ما يكونُ في اليومِ الآخرِ. وعلى هذا المعنى جاء قولُ عائشةَ: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده: "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي" يتأول القرآن"[7]. تعني قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا}[8])[9] ذلكَ لأنَّ أصل التأويلَ في اللغة من الأَوْل وهو ما يصيرُ إليه الشيءُ، و تأويلُ الكلامِ: أي عاقبتُه و المرادُ به. وقولُه تعالى: {يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ}[10], أي تُكشفُ عاقبتُه... وكذا قولُه تعالى: {ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً}[11] أي حقيقتُه, والمآل: العاقبة والمصير[12]؛ فتأويلُ الآياتِ المتعلقةِ بخلقِ الكونِ هو انكشافُها ومعرفتُها على الحقيقةِ. وسنبينُ معاني هذهِ الآيةِ مُستدلينَ بأقوالِ المفسرينَ واللغويينَ والمختصين, مع ربطِها بإعراباتِها التي ستزيدُها وضوحاً.
الصيغةُ الصرفيةُ لِكلمةِ ( كِفات)
ولكنْ قَبْلَ ذلك لابُدَّ مِنْ إلقاءِ الضوءِ على أقوالِ العلماءِ في الصيغةِ الصرفيةِ لِكلمةِ ( كِفات) لتتضح معاني الآيةِ؛ وذلك على النحو التالي:
1) اسمُ جنسٍ أو اسمُ آلةٍ, بمعنى: ما يَجمعُ الشئَ ويَضمُّه كالصرَّةِ والصندوقِ ووعاءِ الأَمتعة[13].
2) جمع (كِفْت) بالكسرِ بمعنى: (وعاء) كقِدح وقِداح[14]
3) جمعُ كافتٍ فهوَ اسمُ فاعلٍ مِنْ الفعل (كَفَتَ – يَكْفِتُ)؛ كصائم وصِيام[15]، وأُجْرىَ على ألأَرضِ مع إِفرادها باعتبارِ أقطارها[16].
4) مصدر من الفعل (كَفَتَ – يَكْفِتُ) كما أنّ الكتابَ مصدرُ كتَبَ، أُجْرى عليها مبالغةً أو بمعنى: (ذاتَ كَفتٍ)، وهذا المصدرُ له معانٍ كثيرةٌ؛ ستأتي أثناءَ طياتِ البحثِ[17].
5) صفةُ بمعنى سريع؛ قال ابن منظور (ت711/1311): (ومَرٌّ كَفِيتٌ وكِفاتٌ: سريعٌ؛ قالَ زهيرٌ:
مَرّاً كِفاتاً إِذا ما الماءُ أَسْهَلَها ***حتى إِذا ضُرِبَتْ بالسَّوْطِ تَبْتَرِكُ )[18].
سِياق الاية:
وأما سِياقُ الآيةِ الكريمةِ فَهُوَ سِياقُ التذكيرِ بالنِّعمِ الإلهيةِ والمِنَنِ الرحمانيةِ والآياتِ الكونيةِ والقدرةِ العظيمةِ؛ وما يَعقُبُها مِن التوبيخ على عدمِ شُكرِها وأداءِها حقَّها, والتخويفِ من زوالِها وعاقبتِها؛ يقول الإمام الماتُريدي (ت333/944): (في ذكرِ هذا كلِّه تذكيرٌ للآلاءِ والنعمِ، وتذكيرُ القدرةِ والسلطانِ والحكمةِ)[19]. ويقول الفخر الرازي (ت606/1210) موضحا سببَ مجيئِها بهذا الترتيبِ في النسقِ: (اعْلَمْ أَنَّ هَذَا هُوَ النَّوْعُ الرَّابِعُ مِنَ تَخْوِيفِ الْكُفَّارِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ ذَكَّرَهُمْ بِالنِّعَمِ الَّتِي لَهُ عَلَيْهِمْ فِي الْأَنْفُسِ، وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ ذَكَّرَهُمْ بِالنِّعَمِ الَّتِي لَهُ عَلَيْهِمْ فِي الْآفَاقِ، ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِ الْآيَةِ: وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ وَالسَّبَبُ فِيهِ مَا قَدَّمْنَا أَنَّ النِّعَمَ كُلَّمَا كَانَتْ أَكْثَرَ كَانَتِ الْجِنَايَةُ أَقْبَحَ فَكَانَ اسْتِحْقَاقُ الذَّمِّ عَاجِلًا وَالْعِقَابِ آجِلًا أَشَدَّ، وَإِنَّمَا قَدَّمَ تِلْكَ الْآيَةَ عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ، لِأَنَّ النِّعَمَ الَّتِي فِي الْأَنْفُسِ كَالْأَصْلِ لِلنِّعَمِ الَّتِي فِي الْآفَاقِ، فَإِنَّهُ لَوْلَا الْحَيَاةُ وَالسَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَالْأَعْضَاءُ السَّلِيمَةُ لَمَا كَانَ الِانْتِفَاعُ بِشَيْءٍ مِنَ الْمَخْلُوقِ مُمْكِنًا)[20]. ولماذا لم يأتِ بأداةِ العطفِ على الرغمِ مِن دوامِ نفسِ السياقِ؟ يقول ابن عاشور: (ت1393/1973): (جَاءَ هَذَا التَّقْرِيرُ عَلَى سُنَنٍ سَابِقِيهِ فِي عَدَمِ الْعَطْفِ لِأَنَّهُ عَلَى طَرِيقَةِ التَّكْرِيرِ لِلتَّوْبِيخِ، وَهُوَ تَقْرِيرٌ لَهُمْ بِمَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِمْ مِنْ خلق الأَرْض لَهُم بِمَا فِيهَا مِمَّا فِيهِ مَنَافِعُهُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ}[21]) [22].
معاني الآية وِإعراباتها:
من خلال الاطِّلاعِ على أقوالِ المفسرينَ واللغويينَ[23] وأهلِ الاختصاصِ؛ فإنَّ هناك نحواً من ثمانيةِ معانٍ, كلُّها معاً صالحةٌ وموافقةٌ للنصِّ والواقع؛ وما دام النصُّ القرآنيُّ يتحمل هذه الوجوهَ فلا مانعَ من حَمْلِهِ عليها؛ما دام ليسَ هناكَ قرينةٌ[24] تمنعُ مِن إرادةِ تلك المعاني.
المعنى الأول: القَبْضُ والجَمْعُ والجَذْبُ والضَمُّ.
وهذا المعنى هو الرئيسي من بين المعاني, والذي اتَّفقَ عليه كلُّ المفسرينَ؛ قال الواحدي (ت468/1076): الكفت في اللغةِ: الضمُّ، والجمعُ، يُقالُ: كَفَتُّ الشيء: أي ضممْتُهُ فانْكفتَ، أيْ انضمَّ، ومِنْهُ قول أوس:
كِرامٌ حين تَنْكَفِتُ الأفاعي... إلى أجحارهنَّ من الصَّقيعِ
وقال قتادة (ت118/737): (تكفِتُهم أحياءً فوقها على ظهرِها، و"أمواتاً" إذا قُبِروا فيها. وهذا قولُ جماعةِ المفسرينَ)[25]، وقال الثعالبيُّ (ت875/1470): (والكِفَاتُ: الستر والوعاء الجامع للشيء بإجماع)[26].
لكنْ منهم مَنْ خَصَّها بالضمِّ في البيوتِ, ومنهم مَنْ جعلها عامةً وهو الصحيحُ الموافقُ لعمومِ الآيةِ؛ فعلى الدلالة الأُولى يقول الإمام الطبري (ت310/923): (يقول تعالى ذكره: مُنَبِهاً عبادَهُ على نِعَمِهِ عليهم: (أَلَمْ نَجْعَلِ) أيها الناس (الأرضَ) لكم {كِفاتاً} يقول: وعاءً، تقول: هذا كِفْتُ هذا وكَفِيتُهُ، إذا كان وعاءَهُ. وإنما معنى الكلام: ألم نجعل الأرض كِفاتَ أحيائكم وأمواتكم، تكْفِت أحياءَكم في المساكن والمنازل، فتضمهمْ فيها وتجمعهمْ، وأمواتَكم في بُطونها في القبورِ، فيُدفَنون فيها)[27].
وعلى دلالةِ العمومِ قال الإمامُ مكي بن أبي طالب (ت437/1045): (قال الشعبي (ت103/721): {كِفاتاً}:" بطنُها لأمواتِكم وظهرُها لأحيائِكم")[28]. وقال الفراء (ت207/822 ): (أي: تحفظُهم وتحرزُهم)[29]
وجمع الإمام الماتريدي بين الرأيين فقال: (تكفِتُهم، أي: تضمُّهم وتجمعُهم في حياتِهم وبعدَ مماتِهم، فالانْضمامُ إليها في حالِ حياتهم:ما جعلَ لهم مِنْ المساكنِ فيها والبيوتِ، وجعلَ لهم بعدَ مماتِهم مقابرَ يُدْفنونَ فيها، أو جعلَ مُتَقَلَّبَهم ومَثْواهم في ظهورِها في حياتِهم، وجعل بطنها مأوى لهم بعدَ وفاتِهم) [30].
وهذا المعنى يوافِقُ ما جاء في الحديث: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (رض)، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ عَلَى الجَبْهَةِ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ عَلَى أَنْفِهِ وَاليَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ، وَأَطْرَافِ القَدَمَيْنِ وَلاَ نَكْفِتَ الثِّيَابَ وَالشَّعَرَ»[31]؛ قال ابن رجب (ت795/1393)[32]: (معنى (نكفت) أي: نضم ونجمع، ومنه قوله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلِ إلاَرْضَ كِفَاتاً أَحْيَاءً وأَمْوَاتاً} أي: نكفتهم ونضمهم ونجمعهم وهم أحياءٌ على ظهرِها، وإذا ماتوا ففي بطنِها ) وكذا قال ابنُ حجرٍ العسقلاني (ت852/1449)[33].
وهذه الآيةُ فيها إشارةٌ واضحةٌ جليّةٌ إلى "الجاذبيةِ الأرضيةِ" التي تربطُ كل الموجودات الحية وغير الحية بالأرضِ، وتلصِقُ كلَّ شىءٍ بها لا تسمحُ له بفكاك[34] كما ذكر اللغويون (جِرَابٌ كَفِيتٌ: لَا يُضَيِّعُ شَيْئًا يُجْعَلُ فِيهِ)[35], فكلّ شيءٍ على سطحِ الأرضِ ينجذبُ إليها، وما وزنُ الأشياءِ في حقيقةِ الأمرِ إلاّ قوّةُ جذبِها نحو الأرضِ فإنها تسحبهم إليها وتضمهم إلى صدرها بشدة، كما تفعل الأم الحنون؛ قال الإمامُ الرازيُّ: (كَانُوا يُسَمُّونَ الْأَرْضَ أُمًّا لِأَنَّهَا فِي ضَمِّهَا لِلنَّاسِ كَالْأُمِّ الَّتِي تَضُمُّ وَلَدَهَا وَتَكْفُلُهُ)[36], ولكون الأرضِ لا يفلتُ منها شيءٌ أبداً جاءتْ الصيغةُ "كفات" مصدراً للمبالغةِ, وجاء المفعولُ {أَحْياءً وَأَمْواتاً} نكرةً ليُفيدَ العمومَ والشمولَ في كل شيءٍ على وجهِ البسيطةِ؛ فالمقصودُ كلُ أحياءِ الإِنسِ والجنِ وأمواتِهم... وكلُ ما يُنْبِتُ وما لا يُنْبِتُ[37]؛ قال الرازي: (لِمَ قِيلَ: أَحْياءً وَأَمْواتاً عَلَى التَّنْكِيرِ وَهِيَ كِفَاتُ الْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ جَمِيعًا؟ الْجَوَابُ: هُوَ مِنْ تَنْكِيرِ التَّفْخِيمِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: تَكْفِتُ أَحْيَاءً لَا يُعَدُّونَ، وَأَمْوَاتًا لَا يُحْصَرُونَ)[38].
ولمْ تأتِ كلمة (لكم) بعدَ {كفاتا}؛ لكي تُفيدَ العمومَ المطلقَ وهو الموافِقُ للحقيقةِ العلميةِ, وهو خلافُ ما قدَّرهُ الطبريُّ حيثُ قال: (أَلَمْ نَجْعَلِ أيها الناس الأرضَ "لكم" كِفاتاً) وخلافُ الإعرابِ الذي ذكرَهُ الآلوسي (ت1270/1854)؛ حيث قال: (وجُوِّزَ انتصابُ الجَمْعينِ {أَحْياءً وَأَمْواتاً} على الحاليةِ من مفعولِ كِفاتاً المحذوفِ, والتقديرُ كِفاتاً "إياهم أو إياكم", أو كِفاتاً "الأنْس" أَحْياءً وَأَمْواتاً)[39] أو ما ذكره أطَّفَيِّش (ت1332/1914). حيث قال: ( كِفاتاً حالٌ مِن كافٍ محذوفةٍ، أيْ ألمْ نجعلْ لكم الأَرض)[40].
وعلى هذا التأويل فانَّ الإعراباتِ المحتملةَ للآيةِ كالتالي:
الإعراب الأول: {كِفاتاً} مفعولٌ به ثانٍ لـ (جعلنا)، فيكونُ إعرابُ {أَحْياءً وَأَمْواتاً}:
1) مفعولا به لـ {كِفاتاً} إنْ جعلناه مصدرا أو اسمَ فاعلٍ, وإنْ جعلناه اسماً فإنّهما مفعولين بفعلٍ محذوفٍ تقديره تكفِتُ.
2) حالاً من الأرض أو مِن مفعولِ {كِفاتاً} المحذوفِ.. أو مِن مفعولٍ حُذِفَ مع فِعلِهِ[41]
3) تمييزا من {كِفاتاً} إنْ جعلناه اسماً لما يَجمعُ ويَضمُّ [42]
4) صفتين لـ {كِفاتاً} إنْ جعلناه اسماً؛ وكأنَّهُ قِيلَ: أوعيةً حيةً وميتةً [43]
5) بدلا من {الأرض}[44]
الإعراب الثاني: {كِفاتاً} حالٌ مِن الأرضِ, أو مِن {أَحْياءً وَأَمْواتاً} باعتبارهما ثاني مفعولي نجعل. [45]
المعنى الثاني: الطّيرانُ السّريعُ الشديدُ:
وهذا المعنى الثاني ذكره الراغبُ (ت502/1108) حيث قال: (والكِفَاتُ، قيل :هو الطّيرانُ السّريع... والكَفْتُ: السّوقُ الشّديد)[46] وكذا الفيروزآبادي (ت817/1415)[47] والأبياري (ت1414/1994)[48] وسائر اللغويين في معاجمهم؛ وهو يصف حركةَ الأرضِ السريعةَ الشديدةَ وهي تطيرُ وتسبحُ في الجوِّ؛ وعلى هذا القولِ فإنَّ الاعراباتِ المحتملةَ للآيةِ كالآتي:
الإعراب الأول: {كِفاتاً} مفعول به ثان لـ (جعلنا)،فإنْ جعلناه مصدرا فالمعنى: ذاتَ طيرانٍ سريعٍ, وإنْ صيَّرناهُ صفةً - كما ذكرنا في التوجيه الصرفي - فعلى ظاهرِه؛ فيكون إعراب {أَحْياءً وَأَمْواتاً}:
1) منصوباً على نزعِ الخافض أي (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ سابِحة بأحياءٍ وأمواتٍ).
2) بدلاً من الأرض أي (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ أحياءَها وأمواتَها تسبحُ في الفضاء).
3) ويُمكِنُ فيها الحاليةَ من الأرضِ أي (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ حال كونها ذاتَ أَحْياء وَأَمْوات تسبحُ مُسرعةً في السماءِ) [49].
الإعراب الثاني: {كِفاتاً} حال من الأرض, و {أَحْياءً وَأَمْواتاً} ثاني مفعولي نجعل.
فالمولى جل وعز يصِفُ الأرضَ بأنَّها تسبحُ بِسرعةٍ كبيرةٍ بِكلِّ ما فيها مِن مخلوقاتٍ وأشياءَ حيةٍ وغير حيةٍ ورغمَ ذلكَ فَهُم مستقرون ثابتون على ظهرِها لا تُلقيهم عنها بسببِ جاذبيتِها الهائلةِ؛ يقول السمعاني (ت489/1096): ( معنى الكفات هَاهُنَا: هُوَ أَنَّ الأَرْضَ تضُمُّ الْخلقَ أَحْياءً وَأَمْواتاً، فالضم فِي حَال الْحَيَاة هُوَ باكتنانهم واستقرارهم على ظهرهَا...)[50] و (استقرارُ النَّاسِ على وجه الأرضِ، ثم اضطجاعُهم عليها، انضمامٌ مِنهمْ إليْها) [51]. وهذا مِن عظيمِ آياتِ اللهِ ونعمِهِ.
المعنى الثالث: الحركةُ الحلزونيةُ اللَوْلَبِيَّةُ المُتَعرِجَةُ:
من المعاني الثابتةِ المُجْمَعِ عليها أنَّ (الكِفات من العَدْوِ والطيرانِ كالحيدانِ في شِدَّةٍ)[52] و (كَفَتَ يَكْفِتُ كَفْتاً وكَفَتاناً وكِفاتاً: أَسْرَع في العَدْوِ والطَّيَرانِ وتَقَبَّضَ فيه, والكَفَتانُ من العَدْوِ والطيرانِ كالحَيَدانِ في شِدَّة)[53] و (الكُفَتُ من الْخَيل: الشَّديدُ الوثبِ)[54]
وهذا المعنى العظيمُ يُجَلِّي لنا معجزةً غايةً في الروعةِ: وهو وصفُ الأرضِ بالحركةِ المَوْجيَّة الاهتزازيةِ التي تتميزُ بالحُيودِ والميلانِ في شدةٍ, والتي تَشْبهُ حركةَ الطيرِ المُسْرِعِ (انظر الشكل رقم "1"), والخيلِ الواثبِ القافزِ؛ ذلك أنَّ الأرضَ تدورُ حولَ الشمسِ؛ والشمسُ ليستْ ثابتةً بل تجري كما وصفها اللهُ: (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ)[55] ولذلك فإنَّ الشكلَ الدقيقَ لهذه الحركةِ هو الكَفْتُ كما نَعَتَهُ الربُّ سبحانه؛ وهذا إذا نظرنا مِن خارجِ المجموعةِ الشمسيةِ (انظر الشكل رقم "2")[56]. والاعراباتُ المحتملةُ هنا كما في المعنى السابقِ الثاني؛ فتكون كالآتي:
الإعراب الأول: {كِفاتاً} مفعول به ثان لـ (جعلنا)، فالمعنى: أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ ذاتَ حركةٍ موْجيَّة؛ ويكونُ إعراب {أَحْياءً وَأَمْواتاً}:
1) منصوباً على نزعِ الخافض أي (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ منطلقةً متموجةً بأحياءٍ وأمواتٍ في السماءِ).
2) بدلاً من الأرض أي (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ أحياءَها وأمواتَها تسبحُ بحركة لولبيةٍ).
3) ويُمكِنُ فيها الحاليةَ من الأرضِ أي (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ حال كونها ذاتَ أَحْياء وَأَمْوات تدورُ موجياً).
الإعراب الثاني: {كِفاتاً} حال من الأرض, ويكون {أَحْياءً وَأَمْواتاً} ثانيَ مفعولي نجعل.
(الشكل رقم "1")هكذا يرسم الطائر مساراً يشبه المسار الذي ترسمه الأرض أثناء حركتها عبر المجرة.
انظر http://spectrum.ieee.org/aerospace/robotic-exploration/the-nearly-effortless-flight-of-the-albatross
(الشكل رقم "2") حركة الارض حول الشمس إذا نظرنا من خارج المجرة.. والأرض...
انظر(تمت إزالة الرابط لمخالفته لسياسات الملتقى)
المعنى الرابع: الدورانُ والتَقَلُّبُ
ذكر الإمام الماتريدي[57] والشوكاني (ت1250/1834)[58] وغيرُهما وكذا أصحابُ المعاجمِ والقواميسِ أنَّ مِن معاني الكفت: الدورانُ والتَقَلُّبُ؛ يقول الزبيدي (ت1205/1790): (الكَفْتُ تَقَلُّبُ - وفي بعض النسخ - تَقْليبُ الشَّيْءِ ظَهْراً لِبَطْنِ وبطناً لظهرٍ)[59]
وهو وصفٌ دقيقٌ لِحركةِ الأرضِ حولَ نفسِها ودورانِها حولَ محورِها وتَقَلُبها في الفضاءِ. وهذا المعنى أكدَّهُ الربُّ بآياتٍ كثيرةٍ منها: قوله تعالى:{يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ}[60] {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}[61] وإعراب الآية حسب هذا المعنى يكون كسابقيه
المعنى الخامس: دورانُ الأرضِ في مداراتٍ ثابتةٍ حولَ نفسِها, وحولَ الشمسِ
ذكر المفسرون أنَّ مِن معاني الكفتِ: العودةُ إلى نقطةِ البدايةِ؛ فذكروا أنَّهُ: (يُقالُ انْكَفتَ القومُ إلى منازلهم، أي: انقلبوا)[62] ويقال: (كَفَتُّ القومَ، أي: ألْحقتُ أوَّلهم بآخرِهم)[63]. فهذا المعنى يوافِقُ تماماً الحقائقَ العلميةَ في رجوعِ الأرضِ إلى نقطةِ انطلاقِها في مدارِها حولَ ذاتِها ممَّا يُنْتِجُ الليلَ والنهارَ, وحولَ الشمسِ ممَّا يُشَكِّلُ الفصولَ الأربعةَ بصورةٍ دوريةٍ منتظمةٍ؛ وهذا المعنى في الحقيقةِ مُكَمِّلٌ لسابِقِهِ وإنَّما أثبتناه لوجودِهِ بِعَيْنِه في اللغة العربية. وأيضاً فهو لا يُخالِفُ التفسيرَ الثاني بل يُكَمِّلهُ، لانَّنا نتكلم هنا عن رؤيتنا للأرضِ مِن داخلِ المجموعةِ الشمسيةِ, وفي المعنى الثاني نتكلمُ عنها مِن خارجِ المجموعةِ الشمسيةِ. والإعراب هنا أيضاً لا يختلفُ عن سابقيه.
المعنى السادس: الأرض تَكْفِتُ أذاهم في حال حياتهم، وجِيَفِهِم بعدَ مَماتِهم. [64]
وهذا التأويل صرَّح به جملةٌ مِن المفسرين[65]؛ قال مجاهدُ (ت104/722): {كِفاتاً}: تَكْفِتُ أذاهم وما يخرجُ مِنهم أحياءً وأمواتاً[66] وعلى هذا التأويل فانَّ الإعراباتِ المحتملةَ للآيةِ تكون كالإعراب الأول من المعنى الأول؛ لأننا لا يُمكنُ هنا أنْ نعربَ {كِفاتاً}حالاً. والله اعلم.
وهذا المعنى غايةٌ في الأهميةِ فإنّ أحدَ أكبرِ الأسبابِ في بقاء الحياة على الأرض؛ هو قدرتُها على استيعابِ كل ما يموتُ على ظهرها, وتحليله, وتحويله مِن مادةٍ في غايةِ الضررِ والأذى إلى موادَّ نافعةٍ للأحياءِ تُسْهِمُ في تنشيطِ الأرضِ وتزويدِها ب"الطاقةِ المتجددةِ" وإعادةِ الحياةِ إليها؛ مُكوِّنة ما يُسمَّى عِلْمياً "النظام البيئي" المتكامل والمتوازن.
المعنى السابع: أنَّ الأرضَ جامعةٌ ضامةٌ لكل حاجاتِ الخَلْقِ وضرورياتهم.
وفي هذا المعنى يقول الرازي: أن الأرض (كِفَاتُ الْأَحْيَاءِ بِمَعْنَى أَنَّهَا جَامِعَةٌ لِمَا يَحْتَاجُ الْإِنْسَانُ إِلَيْهِ فِي حَاجَاتِهِ مِنْ مَأْكَلٍ وَمَشْرَبٍ، لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ يَخْرُجُ مِنَ الْأَرْضِ. وَالْأَبْنِيَةُ الْجَامِعَةُ لِلْمَصَالِحِ الدَّافِعَةُ لِلْمَضَارِّ مَبْنِيَّةٌ مِنْهَا)[67]. وقريبٌ مِنْه قولُ الماتريدي: (جعل مُتَقَلَّبَهم ومثواهم في ظهورها في حياتهم، وجعل بطنها مأوى لهم بعد وفاتهم، وجعل ظهرها بِساطا لهم؛ لِيسلُكوا فيها سُبلا فِجاجا؛ وقدَّر لهم فيها أقْواتَهم)[68] وهذا المعنى أكدَّهُ الربُّ بآياتٍ كثيرةٍ منها: {وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا}[69]. وهذه الدلالة يسندها أيضا أحد معاني "الكفت"؛ وهو "الكَفِيتُ": القُوتُ من العَيْش[70], وهذا المعنى له دلالتان:
الأولى: أنَّ الأرضَ إنما تبقى جامعةً لأقواتِ "الأحياءِ" بسبب وجود الأموات, أي بسبب"النظام البيئي"؛ فإنَّ أقوات الأرض إنَّما تدومُ وتستمرُ؛ لأنّ الكائناتِ الحيةَ التي تموتُ, تتحللُ في التربة وتُشكِّلُ غذاءَ النباتات وسمادَها الذي به بقاؤُها ودوامُها؛ والتي تكون بالنتيجة غذاءَ الحيوانات؛ ومن ثم فَهُما قوتا الإنسان الذي به حياته ودوامه؛ وهكذا فإن البقاء مرهون بهذه الدورة البيئية المتكاملة.
والأخشابُ شكَّلت مُعظمَ مصادرِ الطاقةِ القديمةِ. وهكذا النفط والغاز والفحم الحجري فقد تكونت من الغابات والحيوانات المندثرة والمنطمرة عبر ملايين السنين تحت طبقات التربة.
الثاني: أنَّ الأرض إنّما تكون جامعةً لأرزاقِ أجيال الناس وعصورهم حالَ كون الناس أحياء وأمواتا؛ فانه يستحيل استمرار الأرض قوتاً للناس من آدمَ إلى آخر الزمانِ لو لم يكنْ هناك موتٌ، فموتُ البعض مِمَن فَقَدَ القدرةَ على البقاءِ هو سببٌ في بقاء البعضِ الآخرِ الذي يستمتعُ بِقُوَّةِ الشبابِ وحيويتهم؛ وفي هذا يقول الشيخ محمد الحسن الشنقيطي: (مِن رحمةِ الله بالناس أنْ خَلَقَ الموتَ والمصائبَ لتتسع الأرضُ لساكنيها وقد ورد في حديث ضعيف: عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: " لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَذُرِّيَّتَهُ، قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: إِنَّ الْأَرْضَ لَا تَسَعُهُمْ , فَقَالَ: إِنِّي جَاعِلٌ مَوْتًا , قَالَ: إِذًا لَا يُهَنِّئُهُمُ الْعَيْشُ , قَالَ: إِنِّي جَاعِلٌ أَمَلًا "[71]. فالموت به تَسَعُ الأرضُ الخلائقَ، فالأرضُ جعلها اللهُ {كفاتاً أحياءً وأمواتاً}؛ فلذلك يعيشُ الأحياءُ على ظهرها، ويُدفن الأمواتُ في بطنها فتتسع لهم بالموتِ، والأرزاقُ كذلك إنَّما تَعُمُّ الخلائق بالموت. فللهِ حكمةٌ في كل أمر) [72], وعلى هذا التأويل فانَّ الإعراباتِ المحتملةَ للآيةِ كما في المعنى الأول.
المعنى الثامن: أنَّها غطاءٌ ووعاءٌ لما فيها.
وقد سبقَ تِبيانُ هذا المعنى في الصيغةِ الصرفيةِ الأولى؛ والناظرُ إلى الكائناتِ على الأرضِ لا يرى هذا الأمرَ؛ فَهُم على الأرضِ وفوقَها وليسوا في بطنِها وداخلِها، هكذا يبدو لأولِّ وهلةٍ إلَّا أنَّ الرائيَ لها على الحقيقةِ يراهم في داخلِها وفي وعائِها وهي تُغَطِّيهم, وذلك بسببِ "الغلاف الجوي" المحيطِ بالأرضِ مثلَ الحزامِ و الذي يحمينا من المخاطرِ ويوفِّرُ مُعظمَ أسبابِ الحياةِ؛ وبسببِ هذا "الغلافِ" فإن القران لم يقلْ أبداً "سِيرُوا على الْأَرْضِ" ولم يستعمل "على" الاستعلائية, بل استعمل "في" الظرفية؛ فقال: {سِيرُوا فِي الْأَرْضِ}[73] وكرّر هذه الآيةَ (13) مرةً مُؤَكِّداً هذا المعنى المهمَ الدقيقَ.[74] ولنفس الدلالةِ قال تعالى:{سَعَى فِي الْأَرْضِ}[75], وقال: {يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ}[76], وقال:{وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ}[77], إذاً فالآية تشير إلى "غلافِ الأرضِ الجوي" بأبسطِ تعبيرٍ وأجملِه[78], والإعرابات هنا, كما هي في المعنى الأول .
المعنى التاسع: أنَّ مِن الأرضِ أحياءً بالعمارةِ والنباتِ, وأمواتاً بالجدبِ والجفافِ.
يقول ابن الجوزي (ت597/1201): (المعنى: ألم نجعل الأرض أحياءً بالعمارةِ والنباتِ، وأمواتاً بالخرابِ واليبسِ, هذا قول مجاهد، وأبي عبيدة (ت208/823))[79]. أي أنَّ الأرضَ منقسمةٌ إلى حيٍّ وهو الذي يُنبِتُ، وإلى ميتٍ وهو الذي لا يُنْبِتُ. والإعرابُ الأوّلُ مِنَ المعنى الأوّلِ نفسُه هنا.
جدول توضيحي للاعرابات
[TABLE="align: right"]
[TR]
[TD][/TD]
[TD]المعنى[/TD]
[TD]إعراب: كِفاتاً[/TD]
[TD]إعراب: أَحْياءً وَأَمْواتاً[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]1[/TD]
[TD]الضم والجمع[/TD]
[TD]مفعولٌ به ثانٍ لـ (جعلنا)[/TD]
[TD]مفعولا {كِفاتاً} او بفعلٍ محذوفٍ تقديره تكفِتُ[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]حالاً من الأرض أو مِن مفعولِ {كِفاتاً} المحذوفِ أو مِن مفعولٍ حُذِفَ مع فِعلِهِ[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]تمييزا من {كِفاتاً} إنْ جعلناه اسماً لما يَجمعُ ويَضمُّ [/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]صفتين لـ{كِفاتاً} إنْ جعلناه اسماً[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]بدل من الأرض[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]حالٌ مِن الأرضِ[/TD]
[TD]ثانيَ مفعولَي {نَجْعَلِ}[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]2[/TD]
[TD]الطيرانُ السريعُ[/TD]
[TD]مفعولٌ به ثانٍ لـ (جعلنا)[/TD]
[TD]منصوب على نزعِ الخافض[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]بدل من الأرض[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]حالٌ مِن الأرضِ[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]حالٌ مِن الأرضِ[/TD]
[TD]ثاني مفعولَي {نَجْعَلِ}[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]3[/TD]
[TD]الحركةُ المتعرجةُ[/TD]
[TD="colspan: 2"]الاعراباتُ المحتملةُ هنا كما في المعنى السابقِ "2"[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]4[/TD]
[TD]الدورانُ والتقلبُ[/TD]
[TD="colspan: 2"]الاعراباتُ المحتملةُ هنا كما في المعنى السابقِ "2"[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]5[/TD]
[TD]الدورانُ بمداراتٍ ثابتةٍ[/TD]
[TD="colspan: 2"]الاعراباتُ المحتملةُ هنا كما في المعنى السابقِ "2"[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]6[/TD]
[TD]كَفْتُ الأذى[/TD]
[TD="colspan: 2"]نفس الإعراب الأول من المعنى الأول "1"[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]7[/TD]
[TD]جامعة للضرورياتِ[/TD]
[TD="colspan: 2"]الاعراباتُ المحتملةُ هنا كما في المعنى الأول "1"[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]8[/TD]
[TD]غطاء ووعاء[/TD]
[TD="colspan: 2"]الاعراباتُ المحتملةُ هنا كما في المعنى الأول "1"[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]9[/TD]
[TD]مِن الأرضِ أحياءٌ وأموات[/TD]
[TD="colspan: 2"]نفس الإعراب الأول من المعنى الأول "1"[/TD]
[/TR]
[/TABLE]
الخاتمة
تبيَّنَ مِن خِلالِ هذا البحثِ الإعجازُ البليغُ في اختيارِ الكلمةِ القرآنيةِ صوتاً وصرفاً ومعنًى؛ وقد انْكشفَ مِن خلالِ البحثِ تسعةُ معانٍ لكلمةِ {كِفاتاً} كلُها تُطابقُ النسقَ القرآنيَ, واللغةَ العربيةَ, والحقيقةَ العلميةَ والواقعَ كما هو, ولا تخالفُ أيَّ نصٍّ شرعيٍّ مِن كتابٍ أو سنةٍ, ولا إجماعٍ, ولا نصٍ لغويٍّ أو قواعدَ نحويةٍ أو صرفيةٍ, ولا يوجدُ ما يَنْقُضُها مِن أقوالِ السلف رحمهم الله، وهذه المعاني هي: ( الضمّ, والطيرانُ السريعُ, والحركةُ المتعرجةُ, والدورانُ والتقلبُ، والدورانُ في مداراتٍ ثابتةٍ, وكَفْتُ الأذى, وكونُ الأرضِ جامعةً للضرورياتِ، وكونُها غطاءً ووعاءً, وأنَّ مِن الأرضِ أحياءً بالعمارةِ والنباتِ, وأمواتاً بالجدبِ) و هذه المعاني اعْتَوَرَها نحوٌ مِن سبعةِ إعرابات.
وقد كانَ القصدُ مِنهُ إبرازَ وكشفَ بعضِ وجوهِ عظمةِ القرآنِ وإعجازِه, وإظهارَ أهميةِ المشتركِ اللفظي في تفسيرِ الكتابِ العزيزِ؛ مِمّا يدفعُنا إلى المطالعةِ المستمرةِ في أقوالِ المفسرين وكتبِ المعاجمِ والمرادفاتِ والفروقِ والأشباه والنظائرِ, وضرورةَ التدبرِ العميقِ عندَ قراءتِه اليوميةِ, والربطَ الدائمَ المستمرَ بينَه وبينَ الحقائقِ الكونيةِ والإنسانية والعلميةِ والواقعيةِ لتنكشفَ أسرارُ عَظَمَتِه أكثرَ.
المصادر:
ابن أبي شيبة, المصنف ,مكتبة الرشد, الرياض,1410هـ
ابن حجر العسقلاني، فتح الباري, دار المعرفة, بيروت
ابن رجب الحنبلي, فتح الباري,مكتبة الغرباء, المدينة المنورة
ابن عادل, اللباب في علوم الكتاب, دار الكتب العلمية, بيروت,, دار الكتب العلمية, بيروت
ابن عاشور, التحرير والتنوير, الدار التونسية للنشر , 1984م
ابن عطية, المحرر الوجيز, دار الكتب العلمية - بيروت
ابن فارس, مجمل اللغة, مؤسسة الرسالة, 1986م
ابن فارس, مقاييس اللغة، دار الفكر,بيروت, 1979م.
ابن منظور, لسان العرب, دار صادر
ابن هشام, أسئلة وأجوبة في إعراب القرآن, عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية، المدينة المنورة، المملكة العربية السعودية, 1403هـ
الابياري, الموسوعة القرآنية, مؤسسة سجل العرب, 1405ه
الأزهري, تهذيب اللغة, دار إحياء التراث العربي - بيروت، 2001م
إسماعيل حقي, روح البيان, دار الفكر, بيروت
الاصفهاني,المفردات في غريب القرآن, دار القلم, دمشق
اطفيش, تفسير اطفيش
اطفيش, هميان الزاد
الآلوسي، روح المعاني، دار الكتب العلمية ، بيروت، 1415هـ
البخاري،الجامع الصحيح،دار طوق النجاة,بيروت 1422ه
بصائر ذوى التمييز فى لطائف الكتاب العزيز, الفيروزابادي
البقاعي, نظم الدرر في تناسب الآيات والسور ,دار الكتاب الإسلامي، القاهرة
البيضاوي,أنوار التنزيل وأسرار التأويل,دار إحياء التراث, بيروت,1418ه
الترمذي، السنن، دار إحياء التراث، بيروت، 1975م
الثعالبي، الجواهر الحسان في تفسير القرآن، دار إحياء التراث العربي، بيروت 1418هـ
الخطيب الشربيني, السراج المنير , مطبعة بولاق, القاهرة, 1285هـ
الداوودي, طبقات المفسرين, دار الكتب العلمية، بيروت
الرازي، مفاتيح الغيب، دار إحياء التراث العربي،بيروت,1420هـ
الزبيدي, تاج العروس من جواهر القاموس, دار الهداية
الزركلي، الأعلام، دار العلم للملايين، بيروت 2002م
السمرقندي, بحر العلوم
السمعاني, التفسير, دار الوطن، الرياض
سيبويه,الكتاب, مكتبة الخانجي، القاهرة - 1988م
السيوطي في الدر المنثور في التفسير بالمأثور دار الفكر, بيروت
شهاب الدين الخفاجي,عِنَايةُ القَاضِى وكِفَايةُ الرَّاضِى, دار صادر – بيروت
الشوكاني, فتح القدير, دار ابن كثير، دمشق،1414ه.
الطبري ,جامع البيان, مؤسسة الرسالة,بيروت,2000م
الفراء, معاني القرآن, الدار المصرية
الفراهيدي,العين, دار هلال
الفيروزابادي, القاموس المحيط, مؤسسة الرسالة, بيروت,2005م
القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، دار الكتب المصرية,القاهرة, 1964م
القطان ،مباحث في علوم القرآن، مكتبة المعارف، 2000م
الماتريدي, تأويلات أهل السنة, دار الكتب العلمية, بيروت
الماوردي, النكت والعيون, دار الكتب العلمية, بيروت
مجموعة من العلماء, المعجم الوسيط,دار الدعوة
محمد الغزالي, تراثنا الفكري في ميزان العقل والشرع, دار النهضة, مصر
محمد الغزالي, نحو تفسير موضوعي, دار النهضة, مصر
مساعد الطيار, التفسير اللغوي للقرآن الكريم, دار ابن الجوزي,1432ه
مسلم، المسند الصحيح، دار إحياء التراث، بيروت
مصطفى صادق الرافعي, إعجاز القرآن والبلاغة النبوية, دار الكتاب العربي - بيروت, 2005م
المظهري، التفسير، مكتبة الرشدية, الباكستان,1412ه
مكي بن أبي طالب , الهداية الى بلوغ النهاية, جامعة الشارقة، 2008 م
الواحدي,التفسير البسيط, جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1430هـ
[1] النحل،16/ 89
[2] الأنعام، 6/38
[3] يونس،10/58
[4] المرسلات،77/25
[5] فصلت،41/53
[6] ابن عطية عبدالحق بن غالب بن عطية الغرناطي, المحرر الوجيز, دار الكتب العلمية ، بيروت ,1422,ج1، ص52؛ مصطفى صادق الرافعي, إعجاز القرآن والبلاغة النبوية, دار الكتاب العربي ، بيروت ،ط 8 , 2005, ص. 155
[7] البخاري محمد بن اسماعيل، الجامع الصحيح، دار طوق النجاة, بيروت 1422ه، كتاب الاذان,باب التسبِيحِ والدعَاء فِي السجود,ج1، ص163؛ مسلم بن الحجاج، المسند الصحيح ، دار إحياء التراث، بيروت, كتاب الصلاة, باب ما يقال في الركوع والسجود, ج1، ص350
[8] النصر،110/3
[9] القطان ،مباحث في علوم القرآن، مكتبة المعارف، 2000م، ص. 223 .
[10] الأعراف،7/ 53
[11] الكهف،18/ 82
[12] مناع القطان ،مباحث في علوم القرآن, ص. 337 .
[13] الفخر الرازي، محمد بن عمر بن الحسن, مفاتيح الغيب، دار إحياء التراث العربي،بيروت,1420هـ،ج30، ص772؛ الآلوسي أبو الثناء محمود بن عبد الله، روح المعاني، دار الكتب العلمية، بيروت، 1415 هـ، ج15، ص193؛ شهاب الدين الخفاجي,عِنَايةُ القَاضِى وكِفَايةُ الرَّاضِى, دار صادر, بيروت ,ج8، ص297؛ اطفيش محمد بن يوسف بن عيسى الجزائري, التفسير, ج12، ص90 .
[14] البقاعي ابراهيم بن عمر بن حسن, نظم الدرر في تناسب الآيات والسور,دار الكتاب الإسلامي، القاهرة, ج21، ص174؛ إسماعيل حقي, روح البيان, دار الفكر, بيروت, ج10، ص285؛ اطفيش, هميان الزاد, ج15، ص96
[15] البقاعي, نظم الدرر في تناسب الآيات والسور,ج21، ص174,ابن عادل عمر بن علي الدمشقي, اللباب في علوم الكتاب, دار الكتب العلمية, بيروت,ج20، ص75
[16] الآلوسى روح المعاني,1415هـ , ج15، ص193؛ اطفيش, التفسير ,ج12، ص 90 .
[17] الزبيدي محمد بن محمد الملقب بمرتضى, تاج العروس من جواهر القاموس, دار الهداية,ج5، ص61؛ الواحدي علي بن أحمد بن محمد,التفسير البسيط, جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1430هـ,ج23، ص90؛ البيضاوي عبدالله بن عمر بن محمد,أنوار التنزيل وأسرار التأويل,دار إحياء التراث, بيروت,1418ه,ج5، ص276
[18] ابن منظور محمد بن مكرم الإفريقي أبو الفضل, لسان العرب, دار صادر, ج2، ص78؛ وانظر الاصفهاني الحسين بن محمد بن المفضل أبو القاسم,المفردات في غريب القرآن, دار القلم, دمشق, ص. 713
[19] الماتريدي محمد بن محمد بن محمود، أبو منصور, تأويلات أهل السنة, دار الكتب العلمية, بيروت,ج10، ص381
[20] الرازي ، مفاتيح الغيب، 30، 772
[21] النازعات،79/ 33
[22] محمد الطاهر بن عاشور, التحرير والتنوير, الدار التونسية للنشر , 1984,ج29، ص432
[23] انظر مساعد الطيار, التفسير اللغوي للقرآن الكريم, دار ابن الجوزي,1432ه, (ص. 40)
[24] القرائن المانعة مثل مخالفة نصوص القران والسنة والإجماع, أو مخالفة العربية وغيرها من شروط التفسير بالرأي .
[25] الواحدي,التفسير البسيط, ج23، ص90؛ والبيت الشعري ورد في كتاب "سيبويه"غير منسوب .انظر سيبويه عمرو بن عثمان بن قنبر, الكتاب, مكتبة الخانجي، القاهرة ، 1988م, ج3، ص576
[26] الثعالبي عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الجزائري، الجواهر الحسان في تفسير القرآن، دار إحياء التراث العربي، بيروت 1418هـ،ج5، ص538
[27] الطبري محمد بن جرير بن يزيد أبو جعفر, جامع البيان, مؤسسة الرسالة,بيروت,2000م,ج24، ص133
[28] مكي بن أبي طالب الاندلسي, الهداية الى بلوغ النهاية, جامعة الشارقة، 2008 م, ج12، ص7963
[29] الفراء يحيى بن زياد بن عبد الله, معاني القرآن, الدار المصرية, ج3، ص224
[30] الماتريدي, تأويلات أهل السنة, ج10، ص382, السمرقندي ابو الليث نصر بن محمد, بحر العلوم, ج3، ص533
[31] البخاري, الجامع صحيح, كتاب الاذان, بَابُ السُّجُودِ عَلَى الأَنْفِ, ج1، ص162؛ مسلم, المسند الصحيح, كتاب الصلاة, بَابُ أَعْضَاءِ السُّجُودِ، ج1، ص354
[32] ابن رجب عبد الرحمن بن احمد الحنبلي, فتح الباري,مكتبة الغرباء, المدينة المنورة, ج7, ص 255
[33] ابن حجر أحمد بن علي بن محمد العسقلاني، فتح الباري, دار المعرفة, بيروت, ج1, ص179
[34] محمد الغزالي, نحو تفسير موضوعي, دار النهضة, مصر,ص. 496؛ محمد الغزالي,تراثنا الفكري في ميزان العقل والشرع,دار النهضة,مصر,ص.70
[35] ابن فارس احمد بن فارس بن زكريا الرازي, مقاييس اللغة, دار الفكر,بيروت, 1979م .,ج5، ص190؛ الأزهري, محمد بن احمد, تهذيب اللغة, دار إحياء التراث العربي، بيروت، 2001م, ج10، ص85؛ الواحدي, التفسير البسيط, ج23، ص90
[36] الرازي, مفاتيح الغيب, ج30، ص773؛ إسماعيل حقي, روح البيان, ج10، ص285
[37] البيضاوي,أنوار التنزيل, 1418ه,ج5، ص276؛ الشهاب الخفاجي، عناية القاضي وكفاية الراضي, ج8، ص297
[38] الرازي, مفاتيح الغيب, ج30، ص773
[39] الآلوسى, روح المعاني,ج15، ص193
[40] اطفيش, التفسير,ج12، ص90 , المقصود من الكاف أي ضمير المخاطب (كم)
[41] الآلوسى, روح المعاني,ج15، ص193؛ ابن هشام, أسئلة وأجوبة في إعراب القرآن, عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية، المدينة المنورة، المملكة العربية السعودية, 1403هـ, (ص. 19)
[42] ابن هشام, أسئلة وأجوبة في إعراب القرآن (ص. 19)؛اطفيش, هميان الزاد, ج15، ص96
[43] المصدران السابقان
[44] زكريا بن محمد بن أحمد الأنصاري, إعراب القرآن العظيم, 1421ه, ص. 545
[45] الآلوسى, روح المعاني,ج15، ص193؛ المظهري، التفسير، مكتبة الرشدية, الباكستان,1412 ,ج10، ص166
[46] الاصفهاني,المفردات في غريب القرآن, ص. 713
[47] الفيروزابادي, بصائر ذوى التمييز فى لطائف الكتاب العزيز "ص. 1323"
[48] الابياري ابراهيم بن اسماعيل, الموسوعة القرآنية, مؤسسة سجل العرب, 1405ه, ج8، ص488
[49] السمين الحلبي, الدر المصون في علوم الكتاب المكنون,دار القلم، دمشق,ج 10/ص637
[50] السمعاني منصور بن محمد بن عبدالجبار أبو المظفر, التفسير, دار الوطن، الرياض,1997,ج6، ص129
[51] ابن عادل, اللباب في علوم الكتاب, ج20، ص75
[52] الفراهيدي الخليل بن احمد, العين, دار هلال, ج5، ص340
[53] ابن منظور, لسان العرب,ج2، ص78؛ وانظر الأزهري, تهذيب اللغة, ج10، ص85
[54] الفيروزابادي, القاموس المحيط, مؤسسة الرسالة, بيروت,2005م, ص159؛ مجموعة من العلماء, المعجم الوسيط, دار الدعوة, ج2، ص791
[55] يـس،36/ 38
[56] لتوضيح هذا المعنى أكثر؛ انظر الأرض لا تدور حول الشمس
[57] انظر الماتريدي, تأويلات أهل السنة, ج10، ص382
[58] انظر الشوكاني, محمد بن علي, فتح القدير, دار ابن كثير، دمشق،1414ه, . ج5, ص432
[59] الزبيدي, تاج العروس من جواهر القاموس, ج5، ص63، وانظر الفراهيدي,العين, ج5، ص340
[60] الزمر،36/ 5
[61] الأنبياء,21/ 33
[62] القرطبي ابو عبدالله محمد بن احمد، الجامع لأحكام القرآن، دار الكتب المصرية,القاهرة, 1964م,ج19، ص162؛ ابن عادل, اللباب, ج20، ص75؛ الخطيب الشربيني, السراج المنير , مطبعة بولاق, القاهرة, 1285هـ, ج4، ص465؛ وانظر الأزهري, تهذيب اللغة, ج10، ص85
[63] ابن فارس, مجمل اللغة, مؤسسة الرسالة, 1986, ص. 788
[64] وهذا المعنى والمعاني الآتية تابعةٌ للمعنى الأول: (الضم والجمع), لكنني أخرتها لاستقلالها بدلالات جديدة
[65] انظر مكي بن أبي طالب, الهداية الى بلوغ النهاية,ج12، ص7963؛ الرازي، مفاتيح الغيب، ج30، ص772
[66] الطبري, جامع البيان, ج24، ص134
[67] الرازي، مفاتيح الغيب، ج30، ص772
[68] الماتريدي, تأويلات أهل السنة, ج10، ص382
[69] فصلت,41/ 10
[70] ابن سيدة علي بن إسماعيل, المحكم والمحيط الأعظم, دار الكتب العلمية, بيروت, 1421ه, ج6/ص774؛ ابن منظور, لسان العرب ,ج2 ,ص78
[71] ابن أبي شيبة, المصنف ,مكتبة الرشد, الرياض,1410هـ,ج7 ,ص190, وقال السيوطي في الدر المنثور في التفسير بالمأثور دار الفكر, بيروت,ج1 ,ص114 ,(أخرجه ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي الأمل)
[72] دروس للشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي ,ج2 ,ص10، وانظر دروس للشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
[73] الأنعام,6/ 11
[74] الشعراوي محمد متولي, التفسير, مطابع أخبار اليوم, ج3/ص1771, ج5/ص3098, ج12/ص7131
[75] البقرة,2/ 205
[76] المائدة,5/ 26
[77] المائدة,5/ 33
[78] أحمد عمر أبو شوفة, المعجزة القرآنية حقائق علمية قاطعة, دار الكتب الوطنية, ليبيا, (ص. 70)
[79] ابن الجوزي عبدالرحمن بن علي، أبو الفرج, زاد المسير في علم التفسير, دار الكتاب العربي, بيروت,1422ه, ج4، ص385؛ وانظر الماوردي, النكت والعيون, دار الكتب العلمية, بيروت, ج6، ص179؛ ابن عطية, المحرر الوجيز, ج5/ ص419؛ ابن عادل, اللباب, ج20، ص75
الحمدُ للهِ الذيْ أنْعمَ علينا بِأْعظمِ النّعمِ وأكبرِها وأتمِّها وهيَ نعمةُ القرآن الكريمِ الذيْ انْزلَهُ اللهُ {تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}[1] وَ لمْ يُفَرِّطْ فيه بِشيءٍ (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ)[2] فَحَقَّ لنا أنْ نَفرحَ ونُسرَّ بهِ فَهوَ خيرٌ مِنْ كلِّ أفكارِ وأنظمةِ الشرقِ والغربِ سلفاً وخلفاً قال تعالى:{قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}[3]، الذي حوى المعانيَ الكثيرةَ بالألْفاظِ القليلةِ؛ مما يُغْني ويروي ظَمأَ الطالبِ المُتَعَطِّشِ للحقيقةِ في كل زمانٍ ومكانٍ قديماً وحديثاً؛ مِمّا يناسبُ عُمومِهِ و شُمولِهِ و كونِهِ رحمةً للعالمينَ وشفاءً لكلِّ أمراضِ الحضاراتِ، ودواءً لكل عِللِ الأُممِ.
وسَيُرى في هذا البحثِ المعاني الجليلةُ المتواردةُ على قوله تعالى: ( أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتاً)[4] ومطابقتُها التامةُ الرائعةُ لجملةِ صفاتِ الأرضِ التي كانَ يعرفُها الناسُ وقتَ التنزيلِ, أو التي اكتُشِفتْ فيما بعدَ ذلكَ، وانطباقُها الدقيقُ مع ما توصَّلَ له العلمُ الحديثُ؛ مُشكِّلا إعجازاً مُذْهلاً يُدلِّلُ بِصورةٍ قاطعةٍ على كونِ القرآن مِن عندِ اللهِ العليمِ الخبيرِ؛ وصدقَ اللهُ العظيمُ القائلُ: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}[5] وما أحسنَ ما قالَهُ ابنُ عطيةَ (ت542/1148) وثَنَّى عليهِ الرافعي (ت1356/1937)؛ حيثُ أشاروا إلى أنَّ نَظْمَ القرآن مُتميزٌ باعتبارِ الحروفِ والكلماتِ بأصواتِها وحركاتِها ومواقعِها مِنَ الدلالةِ المعنويةِ، ويستحيلُ أنْ يقعَ في تركيبِهِ كلمةٌ زائدةٌ أو حرفٌ مُضطربٌ أو ما يجري مَجرى الحَشْوِ والاعتراضِ، بل نزلتْ جُمَلُهُ وكلماتُه وحروفُه منازلَها على ما استقرتْ عليهِ طبيعةُ البلاغةِ العاليةِ الكاملةِ، بحيثُ لو نُزِعتْ كلمةٌ منه أو أُزيلتْ عن وجهِها، ثم أُديرَ لِسانُ العربِ كلُه على أحسنَ منها في تأليفِها وموقعِها وسدادِها، لم يتهيأْ ذلكَ ولا اتسعتْ له اللغةُ بكلمةٍ واحدةٍ البتة[6].
والبحث الذي بين أيدينا هو مِنْ قَبيلِ التأويلِ؛ إذِ (التأويلُ: هو الحقيقةُ التي يؤول إليها الكلامُ، فتأويلُ ما أخبرَ اللهُ به عن ذاتِه وصفاتِه هو حقيقةُ ذاتِه المقدسةِ وما لها من حقائقِ الصفاتِ، وتأويلُ ما أخبر اللهُ به عن اليومِ الآخرِ هو نفسُه ما يكونُ في اليومِ الآخرِ. وعلى هذا المعنى جاء قولُ عائشةَ: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده: "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي" يتأول القرآن"[7]. تعني قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا}[8])[9] ذلكَ لأنَّ أصل التأويلَ في اللغة من الأَوْل وهو ما يصيرُ إليه الشيءُ، و تأويلُ الكلامِ: أي عاقبتُه و المرادُ به. وقولُه تعالى: {يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ}[10], أي تُكشفُ عاقبتُه... وكذا قولُه تعالى: {ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً}[11] أي حقيقتُه, والمآل: العاقبة والمصير[12]؛ فتأويلُ الآياتِ المتعلقةِ بخلقِ الكونِ هو انكشافُها ومعرفتُها على الحقيقةِ. وسنبينُ معاني هذهِ الآيةِ مُستدلينَ بأقوالِ المفسرينَ واللغويينَ والمختصين, مع ربطِها بإعراباتِها التي ستزيدُها وضوحاً.
الصيغةُ الصرفيةُ لِكلمةِ ( كِفات)
ولكنْ قَبْلَ ذلك لابُدَّ مِنْ إلقاءِ الضوءِ على أقوالِ العلماءِ في الصيغةِ الصرفيةِ لِكلمةِ ( كِفات) لتتضح معاني الآيةِ؛ وذلك على النحو التالي:
1) اسمُ جنسٍ أو اسمُ آلةٍ, بمعنى: ما يَجمعُ الشئَ ويَضمُّه كالصرَّةِ والصندوقِ ووعاءِ الأَمتعة[13].
2) جمع (كِفْت) بالكسرِ بمعنى: (وعاء) كقِدح وقِداح[14]
3) جمعُ كافتٍ فهوَ اسمُ فاعلٍ مِنْ الفعل (كَفَتَ – يَكْفِتُ)؛ كصائم وصِيام[15]، وأُجْرىَ على ألأَرضِ مع إِفرادها باعتبارِ أقطارها[16].
4) مصدر من الفعل (كَفَتَ – يَكْفِتُ) كما أنّ الكتابَ مصدرُ كتَبَ، أُجْرى عليها مبالغةً أو بمعنى: (ذاتَ كَفتٍ)، وهذا المصدرُ له معانٍ كثيرةٌ؛ ستأتي أثناءَ طياتِ البحثِ[17].
5) صفةُ بمعنى سريع؛ قال ابن منظور (ت711/1311): (ومَرٌّ كَفِيتٌ وكِفاتٌ: سريعٌ؛ قالَ زهيرٌ:
مَرّاً كِفاتاً إِذا ما الماءُ أَسْهَلَها ***حتى إِذا ضُرِبَتْ بالسَّوْطِ تَبْتَرِكُ )[18].
سِياق الاية:
وأما سِياقُ الآيةِ الكريمةِ فَهُوَ سِياقُ التذكيرِ بالنِّعمِ الإلهيةِ والمِنَنِ الرحمانيةِ والآياتِ الكونيةِ والقدرةِ العظيمةِ؛ وما يَعقُبُها مِن التوبيخ على عدمِ شُكرِها وأداءِها حقَّها, والتخويفِ من زوالِها وعاقبتِها؛ يقول الإمام الماتُريدي (ت333/944): (في ذكرِ هذا كلِّه تذكيرٌ للآلاءِ والنعمِ، وتذكيرُ القدرةِ والسلطانِ والحكمةِ)[19]. ويقول الفخر الرازي (ت606/1210) موضحا سببَ مجيئِها بهذا الترتيبِ في النسقِ: (اعْلَمْ أَنَّ هَذَا هُوَ النَّوْعُ الرَّابِعُ مِنَ تَخْوِيفِ الْكُفَّارِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ ذَكَّرَهُمْ بِالنِّعَمِ الَّتِي لَهُ عَلَيْهِمْ فِي الْأَنْفُسِ، وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ ذَكَّرَهُمْ بِالنِّعَمِ الَّتِي لَهُ عَلَيْهِمْ فِي الْآفَاقِ، ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِ الْآيَةِ: وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ وَالسَّبَبُ فِيهِ مَا قَدَّمْنَا أَنَّ النِّعَمَ كُلَّمَا كَانَتْ أَكْثَرَ كَانَتِ الْجِنَايَةُ أَقْبَحَ فَكَانَ اسْتِحْقَاقُ الذَّمِّ عَاجِلًا وَالْعِقَابِ آجِلًا أَشَدَّ، وَإِنَّمَا قَدَّمَ تِلْكَ الْآيَةَ عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ، لِأَنَّ النِّعَمَ الَّتِي فِي الْأَنْفُسِ كَالْأَصْلِ لِلنِّعَمِ الَّتِي فِي الْآفَاقِ، فَإِنَّهُ لَوْلَا الْحَيَاةُ وَالسَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَالْأَعْضَاءُ السَّلِيمَةُ لَمَا كَانَ الِانْتِفَاعُ بِشَيْءٍ مِنَ الْمَخْلُوقِ مُمْكِنًا)[20]. ولماذا لم يأتِ بأداةِ العطفِ على الرغمِ مِن دوامِ نفسِ السياقِ؟ يقول ابن عاشور: (ت1393/1973): (جَاءَ هَذَا التَّقْرِيرُ عَلَى سُنَنٍ سَابِقِيهِ فِي عَدَمِ الْعَطْفِ لِأَنَّهُ عَلَى طَرِيقَةِ التَّكْرِيرِ لِلتَّوْبِيخِ، وَهُوَ تَقْرِيرٌ لَهُمْ بِمَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِمْ مِنْ خلق الأَرْض لَهُم بِمَا فِيهَا مِمَّا فِيهِ مَنَافِعُهُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ}[21]) [22].
معاني الآية وِإعراباتها:
من خلال الاطِّلاعِ على أقوالِ المفسرينَ واللغويينَ[23] وأهلِ الاختصاصِ؛ فإنَّ هناك نحواً من ثمانيةِ معانٍ, كلُّها معاً صالحةٌ وموافقةٌ للنصِّ والواقع؛ وما دام النصُّ القرآنيُّ يتحمل هذه الوجوهَ فلا مانعَ من حَمْلِهِ عليها؛ما دام ليسَ هناكَ قرينةٌ[24] تمنعُ مِن إرادةِ تلك المعاني.
المعنى الأول: القَبْضُ والجَمْعُ والجَذْبُ والضَمُّ.
وهذا المعنى هو الرئيسي من بين المعاني, والذي اتَّفقَ عليه كلُّ المفسرينَ؛ قال الواحدي (ت468/1076): الكفت في اللغةِ: الضمُّ، والجمعُ، يُقالُ: كَفَتُّ الشيء: أي ضممْتُهُ فانْكفتَ، أيْ انضمَّ، ومِنْهُ قول أوس:
كِرامٌ حين تَنْكَفِتُ الأفاعي... إلى أجحارهنَّ من الصَّقيعِ
وقال قتادة (ت118/737): (تكفِتُهم أحياءً فوقها على ظهرِها، و"أمواتاً" إذا قُبِروا فيها. وهذا قولُ جماعةِ المفسرينَ)[25]، وقال الثعالبيُّ (ت875/1470): (والكِفَاتُ: الستر والوعاء الجامع للشيء بإجماع)[26].
لكنْ منهم مَنْ خَصَّها بالضمِّ في البيوتِ, ومنهم مَنْ جعلها عامةً وهو الصحيحُ الموافقُ لعمومِ الآيةِ؛ فعلى الدلالة الأُولى يقول الإمام الطبري (ت310/923): (يقول تعالى ذكره: مُنَبِهاً عبادَهُ على نِعَمِهِ عليهم: (أَلَمْ نَجْعَلِ) أيها الناس (الأرضَ) لكم {كِفاتاً} يقول: وعاءً، تقول: هذا كِفْتُ هذا وكَفِيتُهُ، إذا كان وعاءَهُ. وإنما معنى الكلام: ألم نجعل الأرض كِفاتَ أحيائكم وأمواتكم، تكْفِت أحياءَكم في المساكن والمنازل، فتضمهمْ فيها وتجمعهمْ، وأمواتَكم في بُطونها في القبورِ، فيُدفَنون فيها)[27].
وعلى دلالةِ العمومِ قال الإمامُ مكي بن أبي طالب (ت437/1045): (قال الشعبي (ت103/721): {كِفاتاً}:" بطنُها لأمواتِكم وظهرُها لأحيائِكم")[28]. وقال الفراء (ت207/822 ): (أي: تحفظُهم وتحرزُهم)[29]
وجمع الإمام الماتريدي بين الرأيين فقال: (تكفِتُهم، أي: تضمُّهم وتجمعُهم في حياتِهم وبعدَ مماتِهم، فالانْضمامُ إليها في حالِ حياتهم:ما جعلَ لهم مِنْ المساكنِ فيها والبيوتِ، وجعلَ لهم بعدَ مماتِهم مقابرَ يُدْفنونَ فيها، أو جعلَ مُتَقَلَّبَهم ومَثْواهم في ظهورِها في حياتِهم، وجعل بطنها مأوى لهم بعدَ وفاتِهم) [30].
وهذا المعنى يوافِقُ ما جاء في الحديث: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (رض)، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ عَلَى الجَبْهَةِ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ عَلَى أَنْفِهِ وَاليَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ، وَأَطْرَافِ القَدَمَيْنِ وَلاَ نَكْفِتَ الثِّيَابَ وَالشَّعَرَ»[31]؛ قال ابن رجب (ت795/1393)[32]: (معنى (نكفت) أي: نضم ونجمع، ومنه قوله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلِ إلاَرْضَ كِفَاتاً أَحْيَاءً وأَمْوَاتاً} أي: نكفتهم ونضمهم ونجمعهم وهم أحياءٌ على ظهرِها، وإذا ماتوا ففي بطنِها ) وكذا قال ابنُ حجرٍ العسقلاني (ت852/1449)[33].
وهذه الآيةُ فيها إشارةٌ واضحةٌ جليّةٌ إلى "الجاذبيةِ الأرضيةِ" التي تربطُ كل الموجودات الحية وغير الحية بالأرضِ، وتلصِقُ كلَّ شىءٍ بها لا تسمحُ له بفكاك[34] كما ذكر اللغويون (جِرَابٌ كَفِيتٌ: لَا يُضَيِّعُ شَيْئًا يُجْعَلُ فِيهِ)[35], فكلّ شيءٍ على سطحِ الأرضِ ينجذبُ إليها، وما وزنُ الأشياءِ في حقيقةِ الأمرِ إلاّ قوّةُ جذبِها نحو الأرضِ فإنها تسحبهم إليها وتضمهم إلى صدرها بشدة، كما تفعل الأم الحنون؛ قال الإمامُ الرازيُّ: (كَانُوا يُسَمُّونَ الْأَرْضَ أُمًّا لِأَنَّهَا فِي ضَمِّهَا لِلنَّاسِ كَالْأُمِّ الَّتِي تَضُمُّ وَلَدَهَا وَتَكْفُلُهُ)[36], ولكون الأرضِ لا يفلتُ منها شيءٌ أبداً جاءتْ الصيغةُ "كفات" مصدراً للمبالغةِ, وجاء المفعولُ {أَحْياءً وَأَمْواتاً} نكرةً ليُفيدَ العمومَ والشمولَ في كل شيءٍ على وجهِ البسيطةِ؛ فالمقصودُ كلُ أحياءِ الإِنسِ والجنِ وأمواتِهم... وكلُ ما يُنْبِتُ وما لا يُنْبِتُ[37]؛ قال الرازي: (لِمَ قِيلَ: أَحْياءً وَأَمْواتاً عَلَى التَّنْكِيرِ وَهِيَ كِفَاتُ الْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ جَمِيعًا؟ الْجَوَابُ: هُوَ مِنْ تَنْكِيرِ التَّفْخِيمِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: تَكْفِتُ أَحْيَاءً لَا يُعَدُّونَ، وَأَمْوَاتًا لَا يُحْصَرُونَ)[38].
ولمْ تأتِ كلمة (لكم) بعدَ {كفاتا}؛ لكي تُفيدَ العمومَ المطلقَ وهو الموافِقُ للحقيقةِ العلميةِ, وهو خلافُ ما قدَّرهُ الطبريُّ حيثُ قال: (أَلَمْ نَجْعَلِ أيها الناس الأرضَ "لكم" كِفاتاً) وخلافُ الإعرابِ الذي ذكرَهُ الآلوسي (ت1270/1854)؛ حيث قال: (وجُوِّزَ انتصابُ الجَمْعينِ {أَحْياءً وَأَمْواتاً} على الحاليةِ من مفعولِ كِفاتاً المحذوفِ, والتقديرُ كِفاتاً "إياهم أو إياكم", أو كِفاتاً "الأنْس" أَحْياءً وَأَمْواتاً)[39] أو ما ذكره أطَّفَيِّش (ت1332/1914). حيث قال: ( كِفاتاً حالٌ مِن كافٍ محذوفةٍ، أيْ ألمْ نجعلْ لكم الأَرض)[40].
وعلى هذا التأويل فانَّ الإعراباتِ المحتملةَ للآيةِ كالتالي:
الإعراب الأول: {كِفاتاً} مفعولٌ به ثانٍ لـ (جعلنا)، فيكونُ إعرابُ {أَحْياءً وَأَمْواتاً}:
1) مفعولا به لـ {كِفاتاً} إنْ جعلناه مصدرا أو اسمَ فاعلٍ, وإنْ جعلناه اسماً فإنّهما مفعولين بفعلٍ محذوفٍ تقديره تكفِتُ.
2) حالاً من الأرض أو مِن مفعولِ {كِفاتاً} المحذوفِ.. أو مِن مفعولٍ حُذِفَ مع فِعلِهِ[41]
3) تمييزا من {كِفاتاً} إنْ جعلناه اسماً لما يَجمعُ ويَضمُّ [42]
4) صفتين لـ {كِفاتاً} إنْ جعلناه اسماً؛ وكأنَّهُ قِيلَ: أوعيةً حيةً وميتةً [43]
5) بدلا من {الأرض}[44]
الإعراب الثاني: {كِفاتاً} حالٌ مِن الأرضِ, أو مِن {أَحْياءً وَأَمْواتاً} باعتبارهما ثاني مفعولي نجعل. [45]
المعنى الثاني: الطّيرانُ السّريعُ الشديدُ:
وهذا المعنى الثاني ذكره الراغبُ (ت502/1108) حيث قال: (والكِفَاتُ، قيل :هو الطّيرانُ السّريع... والكَفْتُ: السّوقُ الشّديد)[46] وكذا الفيروزآبادي (ت817/1415)[47] والأبياري (ت1414/1994)[48] وسائر اللغويين في معاجمهم؛ وهو يصف حركةَ الأرضِ السريعةَ الشديدةَ وهي تطيرُ وتسبحُ في الجوِّ؛ وعلى هذا القولِ فإنَّ الاعراباتِ المحتملةَ للآيةِ كالآتي:
الإعراب الأول: {كِفاتاً} مفعول به ثان لـ (جعلنا)،فإنْ جعلناه مصدرا فالمعنى: ذاتَ طيرانٍ سريعٍ, وإنْ صيَّرناهُ صفةً - كما ذكرنا في التوجيه الصرفي - فعلى ظاهرِه؛ فيكون إعراب {أَحْياءً وَأَمْواتاً}:
1) منصوباً على نزعِ الخافض أي (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ سابِحة بأحياءٍ وأمواتٍ).
2) بدلاً من الأرض أي (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ أحياءَها وأمواتَها تسبحُ في الفضاء).
3) ويُمكِنُ فيها الحاليةَ من الأرضِ أي (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ حال كونها ذاتَ أَحْياء وَأَمْوات تسبحُ مُسرعةً في السماءِ) [49].
الإعراب الثاني: {كِفاتاً} حال من الأرض, و {أَحْياءً وَأَمْواتاً} ثاني مفعولي نجعل.
فالمولى جل وعز يصِفُ الأرضَ بأنَّها تسبحُ بِسرعةٍ كبيرةٍ بِكلِّ ما فيها مِن مخلوقاتٍ وأشياءَ حيةٍ وغير حيةٍ ورغمَ ذلكَ فَهُم مستقرون ثابتون على ظهرِها لا تُلقيهم عنها بسببِ جاذبيتِها الهائلةِ؛ يقول السمعاني (ت489/1096): ( معنى الكفات هَاهُنَا: هُوَ أَنَّ الأَرْضَ تضُمُّ الْخلقَ أَحْياءً وَأَمْواتاً، فالضم فِي حَال الْحَيَاة هُوَ باكتنانهم واستقرارهم على ظهرهَا...)[50] و (استقرارُ النَّاسِ على وجه الأرضِ، ثم اضطجاعُهم عليها، انضمامٌ مِنهمْ إليْها) [51]. وهذا مِن عظيمِ آياتِ اللهِ ونعمِهِ.
المعنى الثالث: الحركةُ الحلزونيةُ اللَوْلَبِيَّةُ المُتَعرِجَةُ:
من المعاني الثابتةِ المُجْمَعِ عليها أنَّ (الكِفات من العَدْوِ والطيرانِ كالحيدانِ في شِدَّةٍ)[52] و (كَفَتَ يَكْفِتُ كَفْتاً وكَفَتاناً وكِفاتاً: أَسْرَع في العَدْوِ والطَّيَرانِ وتَقَبَّضَ فيه, والكَفَتانُ من العَدْوِ والطيرانِ كالحَيَدانِ في شِدَّة)[53] و (الكُفَتُ من الْخَيل: الشَّديدُ الوثبِ)[54]
وهذا المعنى العظيمُ يُجَلِّي لنا معجزةً غايةً في الروعةِ: وهو وصفُ الأرضِ بالحركةِ المَوْجيَّة الاهتزازيةِ التي تتميزُ بالحُيودِ والميلانِ في شدةٍ, والتي تَشْبهُ حركةَ الطيرِ المُسْرِعِ (انظر الشكل رقم "1"), والخيلِ الواثبِ القافزِ؛ ذلك أنَّ الأرضَ تدورُ حولَ الشمسِ؛ والشمسُ ليستْ ثابتةً بل تجري كما وصفها اللهُ: (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ)[55] ولذلك فإنَّ الشكلَ الدقيقَ لهذه الحركةِ هو الكَفْتُ كما نَعَتَهُ الربُّ سبحانه؛ وهذا إذا نظرنا مِن خارجِ المجموعةِ الشمسيةِ (انظر الشكل رقم "2")[56]. والاعراباتُ المحتملةُ هنا كما في المعنى السابقِ الثاني؛ فتكون كالآتي:
الإعراب الأول: {كِفاتاً} مفعول به ثان لـ (جعلنا)، فالمعنى: أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ ذاتَ حركةٍ موْجيَّة؛ ويكونُ إعراب {أَحْياءً وَأَمْواتاً}:
1) منصوباً على نزعِ الخافض أي (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ منطلقةً متموجةً بأحياءٍ وأمواتٍ في السماءِ).
2) بدلاً من الأرض أي (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ أحياءَها وأمواتَها تسبحُ بحركة لولبيةٍ).
3) ويُمكِنُ فيها الحاليةَ من الأرضِ أي (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ حال كونها ذاتَ أَحْياء وَأَمْوات تدورُ موجياً).
الإعراب الثاني: {كِفاتاً} حال من الأرض, ويكون {أَحْياءً وَأَمْواتاً} ثانيَ مفعولي نجعل.
(الشكل رقم "1")هكذا يرسم الطائر مساراً يشبه المسار الذي ترسمه الأرض أثناء حركتها عبر المجرة.
انظر http://spectrum.ieee.org/aerospace/robotic-exploration/the-nearly-effortless-flight-of-the-albatross
(الشكل رقم "2") حركة الارض حول الشمس إذا نظرنا من خارج المجرة.. والأرض...
انظر(تمت إزالة الرابط لمخالفته لسياسات الملتقى)
المعنى الرابع: الدورانُ والتَقَلُّبُ
ذكر الإمام الماتريدي[57] والشوكاني (ت1250/1834)[58] وغيرُهما وكذا أصحابُ المعاجمِ والقواميسِ أنَّ مِن معاني الكفت: الدورانُ والتَقَلُّبُ؛ يقول الزبيدي (ت1205/1790): (الكَفْتُ تَقَلُّبُ - وفي بعض النسخ - تَقْليبُ الشَّيْءِ ظَهْراً لِبَطْنِ وبطناً لظهرٍ)[59]
وهو وصفٌ دقيقٌ لِحركةِ الأرضِ حولَ نفسِها ودورانِها حولَ محورِها وتَقَلُبها في الفضاءِ. وهذا المعنى أكدَّهُ الربُّ بآياتٍ كثيرةٍ منها: قوله تعالى:{يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ}[60] {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}[61] وإعراب الآية حسب هذا المعنى يكون كسابقيه
المعنى الخامس: دورانُ الأرضِ في مداراتٍ ثابتةٍ حولَ نفسِها, وحولَ الشمسِ
ذكر المفسرون أنَّ مِن معاني الكفتِ: العودةُ إلى نقطةِ البدايةِ؛ فذكروا أنَّهُ: (يُقالُ انْكَفتَ القومُ إلى منازلهم، أي: انقلبوا)[62] ويقال: (كَفَتُّ القومَ، أي: ألْحقتُ أوَّلهم بآخرِهم)[63]. فهذا المعنى يوافِقُ تماماً الحقائقَ العلميةَ في رجوعِ الأرضِ إلى نقطةِ انطلاقِها في مدارِها حولَ ذاتِها ممَّا يُنْتِجُ الليلَ والنهارَ, وحولَ الشمسِ ممَّا يُشَكِّلُ الفصولَ الأربعةَ بصورةٍ دوريةٍ منتظمةٍ؛ وهذا المعنى في الحقيقةِ مُكَمِّلٌ لسابِقِهِ وإنَّما أثبتناه لوجودِهِ بِعَيْنِه في اللغة العربية. وأيضاً فهو لا يُخالِفُ التفسيرَ الثاني بل يُكَمِّلهُ، لانَّنا نتكلم هنا عن رؤيتنا للأرضِ مِن داخلِ المجموعةِ الشمسيةِ, وفي المعنى الثاني نتكلمُ عنها مِن خارجِ المجموعةِ الشمسيةِ. والإعراب هنا أيضاً لا يختلفُ عن سابقيه.
المعنى السادس: الأرض تَكْفِتُ أذاهم في حال حياتهم، وجِيَفِهِم بعدَ مَماتِهم. [64]
وهذا التأويل صرَّح به جملةٌ مِن المفسرين[65]؛ قال مجاهدُ (ت104/722): {كِفاتاً}: تَكْفِتُ أذاهم وما يخرجُ مِنهم أحياءً وأمواتاً[66] وعلى هذا التأويل فانَّ الإعراباتِ المحتملةَ للآيةِ تكون كالإعراب الأول من المعنى الأول؛ لأننا لا يُمكنُ هنا أنْ نعربَ {كِفاتاً}حالاً. والله اعلم.
وهذا المعنى غايةٌ في الأهميةِ فإنّ أحدَ أكبرِ الأسبابِ في بقاء الحياة على الأرض؛ هو قدرتُها على استيعابِ كل ما يموتُ على ظهرها, وتحليله, وتحويله مِن مادةٍ في غايةِ الضررِ والأذى إلى موادَّ نافعةٍ للأحياءِ تُسْهِمُ في تنشيطِ الأرضِ وتزويدِها ب"الطاقةِ المتجددةِ" وإعادةِ الحياةِ إليها؛ مُكوِّنة ما يُسمَّى عِلْمياً "النظام البيئي" المتكامل والمتوازن.
المعنى السابع: أنَّ الأرضَ جامعةٌ ضامةٌ لكل حاجاتِ الخَلْقِ وضرورياتهم.
وفي هذا المعنى يقول الرازي: أن الأرض (كِفَاتُ الْأَحْيَاءِ بِمَعْنَى أَنَّهَا جَامِعَةٌ لِمَا يَحْتَاجُ الْإِنْسَانُ إِلَيْهِ فِي حَاجَاتِهِ مِنْ مَأْكَلٍ وَمَشْرَبٍ، لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ يَخْرُجُ مِنَ الْأَرْضِ. وَالْأَبْنِيَةُ الْجَامِعَةُ لِلْمَصَالِحِ الدَّافِعَةُ لِلْمَضَارِّ مَبْنِيَّةٌ مِنْهَا)[67]. وقريبٌ مِنْه قولُ الماتريدي: (جعل مُتَقَلَّبَهم ومثواهم في ظهورها في حياتهم، وجعل بطنها مأوى لهم بعد وفاتهم، وجعل ظهرها بِساطا لهم؛ لِيسلُكوا فيها سُبلا فِجاجا؛ وقدَّر لهم فيها أقْواتَهم)[68] وهذا المعنى أكدَّهُ الربُّ بآياتٍ كثيرةٍ منها: {وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا}[69]. وهذه الدلالة يسندها أيضا أحد معاني "الكفت"؛ وهو "الكَفِيتُ": القُوتُ من العَيْش[70], وهذا المعنى له دلالتان:
الأولى: أنَّ الأرضَ إنما تبقى جامعةً لأقواتِ "الأحياءِ" بسبب وجود الأموات, أي بسبب"النظام البيئي"؛ فإنَّ أقوات الأرض إنَّما تدومُ وتستمرُ؛ لأنّ الكائناتِ الحيةَ التي تموتُ, تتحللُ في التربة وتُشكِّلُ غذاءَ النباتات وسمادَها الذي به بقاؤُها ودوامُها؛ والتي تكون بالنتيجة غذاءَ الحيوانات؛ ومن ثم فَهُما قوتا الإنسان الذي به حياته ودوامه؛ وهكذا فإن البقاء مرهون بهذه الدورة البيئية المتكاملة.
والأخشابُ شكَّلت مُعظمَ مصادرِ الطاقةِ القديمةِ. وهكذا النفط والغاز والفحم الحجري فقد تكونت من الغابات والحيوانات المندثرة والمنطمرة عبر ملايين السنين تحت طبقات التربة.
الثاني: أنَّ الأرض إنّما تكون جامعةً لأرزاقِ أجيال الناس وعصورهم حالَ كون الناس أحياء وأمواتا؛ فانه يستحيل استمرار الأرض قوتاً للناس من آدمَ إلى آخر الزمانِ لو لم يكنْ هناك موتٌ، فموتُ البعض مِمَن فَقَدَ القدرةَ على البقاءِ هو سببٌ في بقاء البعضِ الآخرِ الذي يستمتعُ بِقُوَّةِ الشبابِ وحيويتهم؛ وفي هذا يقول الشيخ محمد الحسن الشنقيطي: (مِن رحمةِ الله بالناس أنْ خَلَقَ الموتَ والمصائبَ لتتسع الأرضُ لساكنيها وقد ورد في حديث ضعيف: عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: " لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَذُرِّيَّتَهُ، قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: إِنَّ الْأَرْضَ لَا تَسَعُهُمْ , فَقَالَ: إِنِّي جَاعِلٌ مَوْتًا , قَالَ: إِذًا لَا يُهَنِّئُهُمُ الْعَيْشُ , قَالَ: إِنِّي جَاعِلٌ أَمَلًا "[71]. فالموت به تَسَعُ الأرضُ الخلائقَ، فالأرضُ جعلها اللهُ {كفاتاً أحياءً وأمواتاً}؛ فلذلك يعيشُ الأحياءُ على ظهرها، ويُدفن الأمواتُ في بطنها فتتسع لهم بالموتِ، والأرزاقُ كذلك إنَّما تَعُمُّ الخلائق بالموت. فللهِ حكمةٌ في كل أمر) [72], وعلى هذا التأويل فانَّ الإعراباتِ المحتملةَ للآيةِ كما في المعنى الأول.
المعنى الثامن: أنَّها غطاءٌ ووعاءٌ لما فيها.
وقد سبقَ تِبيانُ هذا المعنى في الصيغةِ الصرفيةِ الأولى؛ والناظرُ إلى الكائناتِ على الأرضِ لا يرى هذا الأمرَ؛ فَهُم على الأرضِ وفوقَها وليسوا في بطنِها وداخلِها، هكذا يبدو لأولِّ وهلةٍ إلَّا أنَّ الرائيَ لها على الحقيقةِ يراهم في داخلِها وفي وعائِها وهي تُغَطِّيهم, وذلك بسببِ "الغلاف الجوي" المحيطِ بالأرضِ مثلَ الحزامِ و الذي يحمينا من المخاطرِ ويوفِّرُ مُعظمَ أسبابِ الحياةِ؛ وبسببِ هذا "الغلافِ" فإن القران لم يقلْ أبداً "سِيرُوا على الْأَرْضِ" ولم يستعمل "على" الاستعلائية, بل استعمل "في" الظرفية؛ فقال: {سِيرُوا فِي الْأَرْضِ}[73] وكرّر هذه الآيةَ (13) مرةً مُؤَكِّداً هذا المعنى المهمَ الدقيقَ.[74] ولنفس الدلالةِ قال تعالى:{سَعَى فِي الْأَرْضِ}[75], وقال: {يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ}[76], وقال:{وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ}[77], إذاً فالآية تشير إلى "غلافِ الأرضِ الجوي" بأبسطِ تعبيرٍ وأجملِه[78], والإعرابات هنا, كما هي في المعنى الأول .
المعنى التاسع: أنَّ مِن الأرضِ أحياءً بالعمارةِ والنباتِ, وأمواتاً بالجدبِ والجفافِ.
يقول ابن الجوزي (ت597/1201): (المعنى: ألم نجعل الأرض أحياءً بالعمارةِ والنباتِ، وأمواتاً بالخرابِ واليبسِ, هذا قول مجاهد، وأبي عبيدة (ت208/823))[79]. أي أنَّ الأرضَ منقسمةٌ إلى حيٍّ وهو الذي يُنبِتُ، وإلى ميتٍ وهو الذي لا يُنْبِتُ. والإعرابُ الأوّلُ مِنَ المعنى الأوّلِ نفسُه هنا.
جدول توضيحي للاعرابات
[TABLE="align: right"]
[TR]
[TD][/TD]
[TD]المعنى[/TD]
[TD]إعراب: كِفاتاً[/TD]
[TD]إعراب: أَحْياءً وَأَمْواتاً[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]1[/TD]
[TD]الضم والجمع[/TD]
[TD]مفعولٌ به ثانٍ لـ (جعلنا)[/TD]
[TD]مفعولا {كِفاتاً} او بفعلٍ محذوفٍ تقديره تكفِتُ[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]حالاً من الأرض أو مِن مفعولِ {كِفاتاً} المحذوفِ أو مِن مفعولٍ حُذِفَ مع فِعلِهِ[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]تمييزا من {كِفاتاً} إنْ جعلناه اسماً لما يَجمعُ ويَضمُّ [/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]صفتين لـ{كِفاتاً} إنْ جعلناه اسماً[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]بدل من الأرض[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]حالٌ مِن الأرضِ[/TD]
[TD]ثانيَ مفعولَي {نَجْعَلِ}[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]2[/TD]
[TD]الطيرانُ السريعُ[/TD]
[TD]مفعولٌ به ثانٍ لـ (جعلنا)[/TD]
[TD]منصوب على نزعِ الخافض[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]بدل من الأرض[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]حالٌ مِن الأرضِ[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]حالٌ مِن الأرضِ[/TD]
[TD]ثاني مفعولَي {نَجْعَلِ}[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]3[/TD]
[TD]الحركةُ المتعرجةُ[/TD]
[TD="colspan: 2"]الاعراباتُ المحتملةُ هنا كما في المعنى السابقِ "2"[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]4[/TD]
[TD]الدورانُ والتقلبُ[/TD]
[TD="colspan: 2"]الاعراباتُ المحتملةُ هنا كما في المعنى السابقِ "2"[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]5[/TD]
[TD]الدورانُ بمداراتٍ ثابتةٍ[/TD]
[TD="colspan: 2"]الاعراباتُ المحتملةُ هنا كما في المعنى السابقِ "2"[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]6[/TD]
[TD]كَفْتُ الأذى[/TD]
[TD="colspan: 2"]نفس الإعراب الأول من المعنى الأول "1"[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]7[/TD]
[TD]جامعة للضرورياتِ[/TD]
[TD="colspan: 2"]الاعراباتُ المحتملةُ هنا كما في المعنى الأول "1"[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]8[/TD]
[TD]غطاء ووعاء[/TD]
[TD="colspan: 2"]الاعراباتُ المحتملةُ هنا كما في المعنى الأول "1"[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]9[/TD]
[TD]مِن الأرضِ أحياءٌ وأموات[/TD]
[TD="colspan: 2"]نفس الإعراب الأول من المعنى الأول "1"[/TD]
[/TR]
[/TABLE]
الخاتمة
تبيَّنَ مِن خِلالِ هذا البحثِ الإعجازُ البليغُ في اختيارِ الكلمةِ القرآنيةِ صوتاً وصرفاً ومعنًى؛ وقد انْكشفَ مِن خلالِ البحثِ تسعةُ معانٍ لكلمةِ {كِفاتاً} كلُها تُطابقُ النسقَ القرآنيَ, واللغةَ العربيةَ, والحقيقةَ العلميةَ والواقعَ كما هو, ولا تخالفُ أيَّ نصٍّ شرعيٍّ مِن كتابٍ أو سنةٍ, ولا إجماعٍ, ولا نصٍ لغويٍّ أو قواعدَ نحويةٍ أو صرفيةٍ, ولا يوجدُ ما يَنْقُضُها مِن أقوالِ السلف رحمهم الله، وهذه المعاني هي: ( الضمّ, والطيرانُ السريعُ, والحركةُ المتعرجةُ, والدورانُ والتقلبُ، والدورانُ في مداراتٍ ثابتةٍ, وكَفْتُ الأذى, وكونُ الأرضِ جامعةً للضرورياتِ، وكونُها غطاءً ووعاءً, وأنَّ مِن الأرضِ أحياءً بالعمارةِ والنباتِ, وأمواتاً بالجدبِ) و هذه المعاني اعْتَوَرَها نحوٌ مِن سبعةِ إعرابات.
وقد كانَ القصدُ مِنهُ إبرازَ وكشفَ بعضِ وجوهِ عظمةِ القرآنِ وإعجازِه, وإظهارَ أهميةِ المشتركِ اللفظي في تفسيرِ الكتابِ العزيزِ؛ مِمّا يدفعُنا إلى المطالعةِ المستمرةِ في أقوالِ المفسرين وكتبِ المعاجمِ والمرادفاتِ والفروقِ والأشباه والنظائرِ, وضرورةَ التدبرِ العميقِ عندَ قراءتِه اليوميةِ, والربطَ الدائمَ المستمرَ بينَه وبينَ الحقائقِ الكونيةِ والإنسانية والعلميةِ والواقعيةِ لتنكشفَ أسرارُ عَظَمَتِه أكثرَ.
المصادر:
ابن أبي شيبة, المصنف ,مكتبة الرشد, الرياض,1410هـ
ابن حجر العسقلاني، فتح الباري, دار المعرفة, بيروت
ابن رجب الحنبلي, فتح الباري,مكتبة الغرباء, المدينة المنورة
ابن عادل, اللباب في علوم الكتاب, دار الكتب العلمية, بيروت,, دار الكتب العلمية, بيروت
ابن عاشور, التحرير والتنوير, الدار التونسية للنشر , 1984م
ابن عطية, المحرر الوجيز, دار الكتب العلمية - بيروت
ابن فارس, مجمل اللغة, مؤسسة الرسالة, 1986م
ابن فارس, مقاييس اللغة، دار الفكر,بيروت, 1979م.
ابن منظور, لسان العرب, دار صادر
ابن هشام, أسئلة وأجوبة في إعراب القرآن, عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية، المدينة المنورة، المملكة العربية السعودية, 1403هـ
الابياري, الموسوعة القرآنية, مؤسسة سجل العرب, 1405ه
الأزهري, تهذيب اللغة, دار إحياء التراث العربي - بيروت، 2001م
إسماعيل حقي, روح البيان, دار الفكر, بيروت
الاصفهاني,المفردات في غريب القرآن, دار القلم, دمشق
اطفيش, تفسير اطفيش
اطفيش, هميان الزاد
الآلوسي، روح المعاني، دار الكتب العلمية ، بيروت، 1415هـ
البخاري،الجامع الصحيح،دار طوق النجاة,بيروت 1422ه
بصائر ذوى التمييز فى لطائف الكتاب العزيز, الفيروزابادي
البقاعي, نظم الدرر في تناسب الآيات والسور ,دار الكتاب الإسلامي، القاهرة
البيضاوي,أنوار التنزيل وأسرار التأويل,دار إحياء التراث, بيروت,1418ه
الترمذي، السنن، دار إحياء التراث، بيروت، 1975م
الثعالبي، الجواهر الحسان في تفسير القرآن، دار إحياء التراث العربي، بيروت 1418هـ
الخطيب الشربيني, السراج المنير , مطبعة بولاق, القاهرة, 1285هـ
الداوودي, طبقات المفسرين, دار الكتب العلمية، بيروت
الرازي، مفاتيح الغيب، دار إحياء التراث العربي،بيروت,1420هـ
الزبيدي, تاج العروس من جواهر القاموس, دار الهداية
الزركلي، الأعلام، دار العلم للملايين، بيروت 2002م
السمرقندي, بحر العلوم
السمعاني, التفسير, دار الوطن، الرياض
سيبويه,الكتاب, مكتبة الخانجي، القاهرة - 1988م
السيوطي في الدر المنثور في التفسير بالمأثور دار الفكر, بيروت
شهاب الدين الخفاجي,عِنَايةُ القَاضِى وكِفَايةُ الرَّاضِى, دار صادر – بيروت
الشوكاني, فتح القدير, دار ابن كثير، دمشق،1414ه.
الطبري ,جامع البيان, مؤسسة الرسالة,بيروت,2000م
الفراء, معاني القرآن, الدار المصرية
الفراهيدي,العين, دار هلال
الفيروزابادي, القاموس المحيط, مؤسسة الرسالة, بيروت,2005م
القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، دار الكتب المصرية,القاهرة, 1964م
القطان ،مباحث في علوم القرآن، مكتبة المعارف، 2000م
الماتريدي, تأويلات أهل السنة, دار الكتب العلمية, بيروت
الماوردي, النكت والعيون, دار الكتب العلمية, بيروت
مجموعة من العلماء, المعجم الوسيط,دار الدعوة
محمد الغزالي, تراثنا الفكري في ميزان العقل والشرع, دار النهضة, مصر
محمد الغزالي, نحو تفسير موضوعي, دار النهضة, مصر
مساعد الطيار, التفسير اللغوي للقرآن الكريم, دار ابن الجوزي,1432ه
مسلم، المسند الصحيح، دار إحياء التراث، بيروت
مصطفى صادق الرافعي, إعجاز القرآن والبلاغة النبوية, دار الكتاب العربي - بيروت, 2005م
المظهري، التفسير، مكتبة الرشدية, الباكستان,1412ه
مكي بن أبي طالب , الهداية الى بلوغ النهاية, جامعة الشارقة، 2008 م
الواحدي,التفسير البسيط, جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1430هـ
[1] النحل،16/ 89
[2] الأنعام، 6/38
[3] يونس،10/58
[4] المرسلات،77/25
[5] فصلت،41/53
[6] ابن عطية عبدالحق بن غالب بن عطية الغرناطي, المحرر الوجيز, دار الكتب العلمية ، بيروت ,1422,ج1، ص52؛ مصطفى صادق الرافعي, إعجاز القرآن والبلاغة النبوية, دار الكتاب العربي ، بيروت ،ط 8 , 2005, ص. 155
[7] البخاري محمد بن اسماعيل، الجامع الصحيح، دار طوق النجاة, بيروت 1422ه، كتاب الاذان,باب التسبِيحِ والدعَاء فِي السجود,ج1، ص163؛ مسلم بن الحجاج، المسند الصحيح ، دار إحياء التراث، بيروت, كتاب الصلاة, باب ما يقال في الركوع والسجود, ج1، ص350
[8] النصر،110/3
[9] القطان ،مباحث في علوم القرآن، مكتبة المعارف، 2000م، ص. 223 .
[10] الأعراف،7/ 53
[11] الكهف،18/ 82
[12] مناع القطان ،مباحث في علوم القرآن, ص. 337 .
[13] الفخر الرازي، محمد بن عمر بن الحسن, مفاتيح الغيب، دار إحياء التراث العربي،بيروت,1420هـ،ج30، ص772؛ الآلوسي أبو الثناء محمود بن عبد الله، روح المعاني، دار الكتب العلمية، بيروت، 1415 هـ، ج15، ص193؛ شهاب الدين الخفاجي,عِنَايةُ القَاضِى وكِفَايةُ الرَّاضِى, دار صادر, بيروت ,ج8، ص297؛ اطفيش محمد بن يوسف بن عيسى الجزائري, التفسير, ج12، ص90 .
[14] البقاعي ابراهيم بن عمر بن حسن, نظم الدرر في تناسب الآيات والسور,دار الكتاب الإسلامي، القاهرة, ج21، ص174؛ إسماعيل حقي, روح البيان, دار الفكر, بيروت, ج10، ص285؛ اطفيش, هميان الزاد, ج15، ص96
[15] البقاعي, نظم الدرر في تناسب الآيات والسور,ج21، ص174,ابن عادل عمر بن علي الدمشقي, اللباب في علوم الكتاب, دار الكتب العلمية, بيروت,ج20، ص75
[16] الآلوسى روح المعاني,1415هـ , ج15، ص193؛ اطفيش, التفسير ,ج12، ص 90 .
[17] الزبيدي محمد بن محمد الملقب بمرتضى, تاج العروس من جواهر القاموس, دار الهداية,ج5، ص61؛ الواحدي علي بن أحمد بن محمد,التفسير البسيط, جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1430هـ,ج23، ص90؛ البيضاوي عبدالله بن عمر بن محمد,أنوار التنزيل وأسرار التأويل,دار إحياء التراث, بيروت,1418ه,ج5، ص276
[18] ابن منظور محمد بن مكرم الإفريقي أبو الفضل, لسان العرب, دار صادر, ج2، ص78؛ وانظر الاصفهاني الحسين بن محمد بن المفضل أبو القاسم,المفردات في غريب القرآن, دار القلم, دمشق, ص. 713
[19] الماتريدي محمد بن محمد بن محمود، أبو منصور, تأويلات أهل السنة, دار الكتب العلمية, بيروت,ج10، ص381
[20] الرازي ، مفاتيح الغيب، 30، 772
[21] النازعات،79/ 33
[22] محمد الطاهر بن عاشور, التحرير والتنوير, الدار التونسية للنشر , 1984,ج29، ص432
[23] انظر مساعد الطيار, التفسير اللغوي للقرآن الكريم, دار ابن الجوزي,1432ه, (ص. 40)
[24] القرائن المانعة مثل مخالفة نصوص القران والسنة والإجماع, أو مخالفة العربية وغيرها من شروط التفسير بالرأي .
[25] الواحدي,التفسير البسيط, ج23، ص90؛ والبيت الشعري ورد في كتاب "سيبويه"غير منسوب .انظر سيبويه عمرو بن عثمان بن قنبر, الكتاب, مكتبة الخانجي، القاهرة ، 1988م, ج3، ص576
[26] الثعالبي عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الجزائري، الجواهر الحسان في تفسير القرآن، دار إحياء التراث العربي، بيروت 1418هـ،ج5، ص538
[27] الطبري محمد بن جرير بن يزيد أبو جعفر, جامع البيان, مؤسسة الرسالة,بيروت,2000م,ج24، ص133
[28] مكي بن أبي طالب الاندلسي, الهداية الى بلوغ النهاية, جامعة الشارقة، 2008 م, ج12، ص7963
[29] الفراء يحيى بن زياد بن عبد الله, معاني القرآن, الدار المصرية, ج3، ص224
[30] الماتريدي, تأويلات أهل السنة, ج10، ص382, السمرقندي ابو الليث نصر بن محمد, بحر العلوم, ج3، ص533
[31] البخاري, الجامع صحيح, كتاب الاذان, بَابُ السُّجُودِ عَلَى الأَنْفِ, ج1، ص162؛ مسلم, المسند الصحيح, كتاب الصلاة, بَابُ أَعْضَاءِ السُّجُودِ، ج1، ص354
[32] ابن رجب عبد الرحمن بن احمد الحنبلي, فتح الباري,مكتبة الغرباء, المدينة المنورة, ج7, ص 255
[33] ابن حجر أحمد بن علي بن محمد العسقلاني، فتح الباري, دار المعرفة, بيروت, ج1, ص179
[34] محمد الغزالي, نحو تفسير موضوعي, دار النهضة, مصر,ص. 496؛ محمد الغزالي,تراثنا الفكري في ميزان العقل والشرع,دار النهضة,مصر,ص.70
[35] ابن فارس احمد بن فارس بن زكريا الرازي, مقاييس اللغة, دار الفكر,بيروت, 1979م .,ج5، ص190؛ الأزهري, محمد بن احمد, تهذيب اللغة, دار إحياء التراث العربي، بيروت، 2001م, ج10، ص85؛ الواحدي, التفسير البسيط, ج23، ص90
[36] الرازي, مفاتيح الغيب, ج30، ص773؛ إسماعيل حقي, روح البيان, ج10، ص285
[37] البيضاوي,أنوار التنزيل, 1418ه,ج5، ص276؛ الشهاب الخفاجي، عناية القاضي وكفاية الراضي, ج8، ص297
[38] الرازي, مفاتيح الغيب, ج30، ص773
[39] الآلوسى, روح المعاني,ج15، ص193
[40] اطفيش, التفسير,ج12، ص90 , المقصود من الكاف أي ضمير المخاطب (كم)
[41] الآلوسى, روح المعاني,ج15، ص193؛ ابن هشام, أسئلة وأجوبة في إعراب القرآن, عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية، المدينة المنورة، المملكة العربية السعودية, 1403هـ, (ص. 19)
[42] ابن هشام, أسئلة وأجوبة في إعراب القرآن (ص. 19)؛اطفيش, هميان الزاد, ج15، ص96
[43] المصدران السابقان
[44] زكريا بن محمد بن أحمد الأنصاري, إعراب القرآن العظيم, 1421ه, ص. 545
[45] الآلوسى, روح المعاني,ج15، ص193؛ المظهري، التفسير، مكتبة الرشدية, الباكستان,1412 ,ج10، ص166
[46] الاصفهاني,المفردات في غريب القرآن, ص. 713
[47] الفيروزابادي, بصائر ذوى التمييز فى لطائف الكتاب العزيز "ص. 1323"
[48] الابياري ابراهيم بن اسماعيل, الموسوعة القرآنية, مؤسسة سجل العرب, 1405ه, ج8، ص488
[49] السمين الحلبي, الدر المصون في علوم الكتاب المكنون,دار القلم، دمشق,ج 10/ص637
[50] السمعاني منصور بن محمد بن عبدالجبار أبو المظفر, التفسير, دار الوطن، الرياض,1997,ج6، ص129
[51] ابن عادل, اللباب في علوم الكتاب, ج20، ص75
[52] الفراهيدي الخليل بن احمد, العين, دار هلال, ج5، ص340
[53] ابن منظور, لسان العرب,ج2، ص78؛ وانظر الأزهري, تهذيب اللغة, ج10، ص85
[54] الفيروزابادي, القاموس المحيط, مؤسسة الرسالة, بيروت,2005م, ص159؛ مجموعة من العلماء, المعجم الوسيط, دار الدعوة, ج2، ص791
[55] يـس،36/ 38
[56] لتوضيح هذا المعنى أكثر؛ انظر الأرض لا تدور حول الشمس
[57] انظر الماتريدي, تأويلات أهل السنة, ج10، ص382
[58] انظر الشوكاني, محمد بن علي, فتح القدير, دار ابن كثير، دمشق،1414ه, . ج5, ص432
[59] الزبيدي, تاج العروس من جواهر القاموس, ج5، ص63، وانظر الفراهيدي,العين, ج5، ص340
[60] الزمر،36/ 5
[61] الأنبياء,21/ 33
[62] القرطبي ابو عبدالله محمد بن احمد، الجامع لأحكام القرآن، دار الكتب المصرية,القاهرة, 1964م,ج19، ص162؛ ابن عادل, اللباب, ج20، ص75؛ الخطيب الشربيني, السراج المنير , مطبعة بولاق, القاهرة, 1285هـ, ج4، ص465؛ وانظر الأزهري, تهذيب اللغة, ج10، ص85
[63] ابن فارس, مجمل اللغة, مؤسسة الرسالة, 1986, ص. 788
[64] وهذا المعنى والمعاني الآتية تابعةٌ للمعنى الأول: (الضم والجمع), لكنني أخرتها لاستقلالها بدلالات جديدة
[65] انظر مكي بن أبي طالب, الهداية الى بلوغ النهاية,ج12، ص7963؛ الرازي، مفاتيح الغيب، ج30، ص772
[66] الطبري, جامع البيان, ج24، ص134
[67] الرازي، مفاتيح الغيب، ج30، ص772
[68] الماتريدي, تأويلات أهل السنة, ج10، ص382
[69] فصلت,41/ 10
[70] ابن سيدة علي بن إسماعيل, المحكم والمحيط الأعظم, دار الكتب العلمية, بيروت, 1421ه, ج6/ص774؛ ابن منظور, لسان العرب ,ج2 ,ص78
[71] ابن أبي شيبة, المصنف ,مكتبة الرشد, الرياض,1410هـ,ج7 ,ص190, وقال السيوطي في الدر المنثور في التفسير بالمأثور دار الفكر, بيروت,ج1 ,ص114 ,(أخرجه ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي الأمل)
[72] دروس للشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي ,ج2 ,ص10، وانظر دروس للشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة
[73] الأنعام,6/ 11
[74] الشعراوي محمد متولي, التفسير, مطابع أخبار اليوم, ج3/ص1771, ج5/ص3098, ج12/ص7131
[75] البقرة,2/ 205
[76] المائدة,5/ 26
[77] المائدة,5/ 33
[78] أحمد عمر أبو شوفة, المعجزة القرآنية حقائق علمية قاطعة, دار الكتب الوطنية, ليبيا, (ص. 70)
[79] ابن الجوزي عبدالرحمن بن علي، أبو الفرج, زاد المسير في علم التفسير, دار الكتاب العربي, بيروت,1422ه, ج4، ص385؛ وانظر الماوردي, النكت والعيون, دار الكتب العلمية, بيروت, ج6، ص179؛ ابن عطية, المحرر الوجيز, ج5/ ص419؛ ابن عادل, اللباب, ج20، ص75
التعديل الأخير بواسطة المشرف: