تيسير الغول
New member
أحببت أن أسوق الى الأخوة هذا النوع من الإعجاز القرآني وهي مقالة لأحد الأساتذة العراقيين . ونطرح موضوعها للنقاش إن وجدنا لذلك ضرورة . وبارك الله بكم.
الإعجاز الروحي/ أ. د. حسن منديل العكيلي
لا يعني طبعاً هذا أن القرآن الكريم معجز بهذا الوجه حصراً، ولكنه وجه من وجوه الإعجاز المطلقة. سأدلو بدَلْوِي بينَ الدلاء، فلي رأي في الإعجاز يدعمُهُ المنطق والعقل وكثير من أقوال العلماء السابقين والمعاصرين: إنّ للّغة مظهرين أو مرحلتين:
الأولى: مرحلة (ظاهرة) منطوقة مسموعة، تتألف من أصوات ومفردات وتراكيب على وفق قواعد مطّردة، يفهمها الإنسان دون عناء لاستعداده الخلقي لذلك. وهي وسيلة الاتصال بين بني البشر باختلاف ألسنتهم وثقافاتهم، يعبّرون بها عن أفكارهم وعن حاجاتهم، وهي مرحلة متعددة الأصوات والأنظمة اللغوية بتعدد لغات العالم.
الثانية: مرحلة (باطنة) غير متعددة تسبق المرحلة الأولى، أو هي خلفها، لا يُدركها الإنسان لأنها لا تتألف من أصوات وتراكيب، بل هي معانٍ وأفكار خافية تنتقل عبرَ الأثير، وهي وسيلةُ الاتصال في عالم الغيب بين الله ومخلوقاته على اختلافهم وكثرتهم. وقد عبّر عنها العلماء ولاسيما المتصوفة من المسلمين والفلاسفة غير المسلمين وعلماء اللاهوت بتسميات مختلفة منها: التجلي والايحاء والإشراق وغيرها .
من هذه المرحلة يستمد القرآن إعجازه ذلك أنّه مرتبطٌ بها، أو أنه روح من أمر الله حي باقٍ. فالقرآن قرآنٌ في هذه المرحلة (الباطنة) من اللغة وبعدها، أنزله الله تعالى على نبيّه الكريم وأوحاه إلى قلبه، ويسّره على لسانه العربي الشريف، بعد أن قدّر الزمان والمكان لنزوله، حيث بلغت العربية من القوة والقدرة على التعبير والإتساع والبلاغة درجة عالية بعد عصور من التطور كما هو مبسوط في كتب تاريخ اللغات الجزرية، لتتمكن من التعبير عن القرآن العظيم.
وبذلك نقله الله سبحانه إلى مرحلة اللغة المنطوقة المسموعة بشكلها العربي ليفهمه الناس وليرحمهم به ويعلمهم ما ينفعهم، قال تعالى: ((إنّا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون)).
إن هذا الوجه الإعجازي الروحي واسع يشمل معجزات مطلقة، يحتاج إلى اهتمام الدارسين اللغويين بعد الإيمان به لأنه يكمّل الدراسات اللغوية في القرآن الكريم ولاسيما أنه نشأت هكذا واتجهت دهراً طويلاً هذا الاتجاه، وتراثنا زاخر بمثل هذه الدراسات. لانقطاع أصحابها إلى الله مخلصين له الدين، لا لإغراض دنيوية كالشهرة أو الترقية أو التجارة وغير ذلك فإن الارتباط بالدنيا يغلق عليهم هذا الجانب من الدراسة. وهذا لا يعني ترك الكلام كما يحلو للبعض أو باعتماد الخيال والخرافات والأساطير، وإنما بوضع منهج علمي أكاديمي نفسر في ضوئه كثيراً من النصوص الدينية والتراثية التي ترفضها المناهج الدراسية الحديثة لتأثرها بالمناهج الغربية المادية، التي تتناقض مع كثير من الآيات البينات والأحاديث النبوية الشريفة وأقوال العلماء في صفة القرآن الكريم، كقوله (ص): ((لو كان القرآن في إهاب، ثم وقع في النار لما احترق)) وقوله (ص): ((كتابُ الله سببٌ بينكم وبينه، طرَفُهُ بأيديكم))، وقوله (ص): أن الله قال له: ((أنزلتُ عليك كتاباً لا يغسلُهُ الماءُ تقرأه نائماً ويقظان))، وقال العلماء: أنّ القرآن وقَعَ بالدّال على القديم، وهو الألفاظ.
وقالوا: أن القرآن كلامُ ربّ العالمين: ((من نورِ ذاته جلّ وعزّ، وأن القراءة أصوات القُراء ونغماتُهم)).
فهو قرآنٌ ولو نزعت عنه لفظَهُ. وقد أجازَ اللهُ فيه قراءاتٍ متعددة. وفي هذا وجه آخر للإعجاز يُفسر في ضوء ما قدّمنا. كتابٌ واحدٌ يقرأ بأكثر من قراءة، لابدّ أنه فوق ادراك البشر. جاء في الأثر أنّ جبرائيل عليه السلام، أخبر النبي (ص): ((إن الله يأمُرُكَ أن تقرأ أمتك القرآن على سبعة أحرف فإيّما حرف قرؤا عليه فقد أصابوا)).
وهذا يدلّ أيضاً على الفرق بين قراءة القرآن الكريم الإيمانية وقراءته غير الإيمانية فالأولى مرتبطة بما خلف الكلمات والحروف بهدي من الله. والثانية لا تتعدى الأصوات والحروف. ويدلل أيضاً استمرار معجزته على مرّ العصور، فللغة عمقٌ روحي أو غيبي لا نُدْرِكهُ يمدُّ القرآن إعجازه وحفظه: ((إنا نحن نزلنا الذكرَ وإنا له لحافظون))، والله أعلم، هو حسبنا ونعم الوكيل.
الإعجاز الروحي/ أ. د. حسن منديل العكيلي
لا يعني طبعاً هذا أن القرآن الكريم معجز بهذا الوجه حصراً، ولكنه وجه من وجوه الإعجاز المطلقة. سأدلو بدَلْوِي بينَ الدلاء، فلي رأي في الإعجاز يدعمُهُ المنطق والعقل وكثير من أقوال العلماء السابقين والمعاصرين: إنّ للّغة مظهرين أو مرحلتين:
الأولى: مرحلة (ظاهرة) منطوقة مسموعة، تتألف من أصوات ومفردات وتراكيب على وفق قواعد مطّردة، يفهمها الإنسان دون عناء لاستعداده الخلقي لذلك. وهي وسيلة الاتصال بين بني البشر باختلاف ألسنتهم وثقافاتهم، يعبّرون بها عن أفكارهم وعن حاجاتهم، وهي مرحلة متعددة الأصوات والأنظمة اللغوية بتعدد لغات العالم.
الثانية: مرحلة (باطنة) غير متعددة تسبق المرحلة الأولى، أو هي خلفها، لا يُدركها الإنسان لأنها لا تتألف من أصوات وتراكيب، بل هي معانٍ وأفكار خافية تنتقل عبرَ الأثير، وهي وسيلةُ الاتصال في عالم الغيب بين الله ومخلوقاته على اختلافهم وكثرتهم. وقد عبّر عنها العلماء ولاسيما المتصوفة من المسلمين والفلاسفة غير المسلمين وعلماء اللاهوت بتسميات مختلفة منها: التجلي والايحاء والإشراق وغيرها .
من هذه المرحلة يستمد القرآن إعجازه ذلك أنّه مرتبطٌ بها، أو أنه روح من أمر الله حي باقٍ. فالقرآن قرآنٌ في هذه المرحلة (الباطنة) من اللغة وبعدها، أنزله الله تعالى على نبيّه الكريم وأوحاه إلى قلبه، ويسّره على لسانه العربي الشريف، بعد أن قدّر الزمان والمكان لنزوله، حيث بلغت العربية من القوة والقدرة على التعبير والإتساع والبلاغة درجة عالية بعد عصور من التطور كما هو مبسوط في كتب تاريخ اللغات الجزرية، لتتمكن من التعبير عن القرآن العظيم.
وبذلك نقله الله سبحانه إلى مرحلة اللغة المنطوقة المسموعة بشكلها العربي ليفهمه الناس وليرحمهم به ويعلمهم ما ينفعهم، قال تعالى: ((إنّا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون)).
إن هذا الوجه الإعجازي الروحي واسع يشمل معجزات مطلقة، يحتاج إلى اهتمام الدارسين اللغويين بعد الإيمان به لأنه يكمّل الدراسات اللغوية في القرآن الكريم ولاسيما أنه نشأت هكذا واتجهت دهراً طويلاً هذا الاتجاه، وتراثنا زاخر بمثل هذه الدراسات. لانقطاع أصحابها إلى الله مخلصين له الدين، لا لإغراض دنيوية كالشهرة أو الترقية أو التجارة وغير ذلك فإن الارتباط بالدنيا يغلق عليهم هذا الجانب من الدراسة. وهذا لا يعني ترك الكلام كما يحلو للبعض أو باعتماد الخيال والخرافات والأساطير، وإنما بوضع منهج علمي أكاديمي نفسر في ضوئه كثيراً من النصوص الدينية والتراثية التي ترفضها المناهج الدراسية الحديثة لتأثرها بالمناهج الغربية المادية، التي تتناقض مع كثير من الآيات البينات والأحاديث النبوية الشريفة وأقوال العلماء في صفة القرآن الكريم، كقوله (ص): ((لو كان القرآن في إهاب، ثم وقع في النار لما احترق)) وقوله (ص): ((كتابُ الله سببٌ بينكم وبينه، طرَفُهُ بأيديكم))، وقوله (ص): أن الله قال له: ((أنزلتُ عليك كتاباً لا يغسلُهُ الماءُ تقرأه نائماً ويقظان))، وقال العلماء: أنّ القرآن وقَعَ بالدّال على القديم، وهو الألفاظ.
وقالوا: أن القرآن كلامُ ربّ العالمين: ((من نورِ ذاته جلّ وعزّ، وأن القراءة أصوات القُراء ونغماتُهم)).
فهو قرآنٌ ولو نزعت عنه لفظَهُ. وقد أجازَ اللهُ فيه قراءاتٍ متعددة. وفي هذا وجه آخر للإعجاز يُفسر في ضوء ما قدّمنا. كتابٌ واحدٌ يقرأ بأكثر من قراءة، لابدّ أنه فوق ادراك البشر. جاء في الأثر أنّ جبرائيل عليه السلام، أخبر النبي (ص): ((إن الله يأمُرُكَ أن تقرأ أمتك القرآن على سبعة أحرف فإيّما حرف قرؤا عليه فقد أصابوا)).
وهذا يدلّ أيضاً على الفرق بين قراءة القرآن الكريم الإيمانية وقراءته غير الإيمانية فالأولى مرتبطة بما خلف الكلمات والحروف بهدي من الله. والثانية لا تتعدى الأصوات والحروف. ويدلل أيضاً استمرار معجزته على مرّ العصور، فللغة عمقٌ روحي أو غيبي لا نُدْرِكهُ يمدُّ القرآن إعجازه وحفظه: ((إنا نحن نزلنا الذكرَ وإنا له لحافظون))، والله أعلم، هو حسبنا ونعم الوكيل.