الإعتداء في الدعاء والأخطاء العقدية في القنوت عند بعض الأئمة ـ هداهم الله ـ فاحذر

ابواحمد

New member
إنضم
11/07/2003
المشاركات
44
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
[align=center] الاعتداء في الدعاء

والاعتداء في الدعاء عرّفه ابن القيم رحمه الله بقوله :

" كل سؤال يناقض حكمة الله أو يتضمن مناقضة شرعه وأمره أو يتضمن خلاف ما أخبر به فهو اعتداء لا يحبه الله ولا يحب سائله "، وقد فسره رحمه الله "بأن يسأل ما لا يجوز له سؤاله من الإعانة على المحرمات وتارة بأن يسأل ما لا يفعله الله مثل أن يساله تخليده إلى يوم القيامة أو يسأله أن يرفع عنه لوازم البشرية من الحاجة إلى الطعام والشراب أو يسأله أن يطلعه على غيبه أو يساله أن يجعله من المعصومين أو يسأله أن يهب له ولدا من غير زوجة ولا أمة ونحو ذلك مما سؤاله اعتداء".ا.هـ(بدائع الفوائد3/13)
ألا وإنّ مما ابتليت به الأمة في بعض الأمصار من محدثات في طريقة الدعاء أو في ألفاظ الأدعية حتى رأينا وسمعنا ألوانا منها صعب علينا إحصاؤها فضلاً عن إنكارها ، وربما توارثها الناس جيلاً بعد جيل إلى أن استقر الأمر عند بعضهم أنها من السنة وهي ليست كذلك ، فإذا تُركِت قيل : تُركت السنة

فمن تلك الأمور المحدثة :
أولا : التغني بالدعاء في القنوت والتطريب والتلحين وهو أمر مُحدَث ويدل لذلك :


1ـ أنّ الأصل في العبادات المنع والتوقف لقوله صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة (مَن أحدَثَ في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رَد ) رواه البخاري ، فليس المنع مقتصراً على أصل العبادة فحسب بل حتى في صفتها ووقتها وعددها وزمنها ومكانها وهيئتها ، ولا دليل على صفة التغني بالقنوت فكيف نتعبد الله بما لم يشرع لنا ، ولو كان خيراً لسبقونا إليه ونقل إلينا .

2ـ إنّ الأمر بالتغني والترتيل إنما ورد في تلاوة القرآن لما روى البخاري في صحيحة عن أبي هريرة ( ليس مِنا من لم يتغن بالقرآن ) فلم يقل : يتغن بالدعاء ، وإنما بالقرآن ، وقال عليه الصلاة والسلام (زينوا القرآن بأصواتكم ) ولم يقل : زينوا الدعاء.

3ـ ذَكَرَ شيخ الاسلام أنّ إدخال الألحان في الصلوات هي من طريقة النصارى حيث قال في الفتاوى 28/611 : (وكذلك إدخال الألحان في الصلوات لم يأمر بها المسيح ولا الحواريون )ا.هـ، ومن ذلك مانشاهده في العصر الحاضر مما تبثه بعض القنوات والإذاعات من الأدعية البدعية و الابتهالات الملحنة .

4ـ إنك لو سألت الخطيب : هل تتغنى بالدعاء على المنبر ؟ لقال : لا، ولو سألت المصلي هل يتغنى بالدعاء في سجوده ؟ لقال : لا ، ولو سألت المصلي الذي في المسجد ينتظر الصلاة : هل تتغنى بالدعاء ؟ لقال : لا ، إذن فما الذي خَصَّ دعاء القنوت بهذا التغني والتلحين والترتيل الذي نسمعه اليوم دون بقية الحالات ؟؟ فإنّ الشريعة لا تفرق بين المتماثلات ولا تجمع بين المختلفات .

5ـ أنّ التغني والتطريب بالدعاء من أسباب رده وعدم قبوله لأنه اعتداء في الدعاء ، قال الكمال بن الهمام الحنفي(ما تعارفه الناس في هذه الأزمان من التمطيط والمبالغة في الصياح والإشتغال بتحريات النغم إظهارا للصناعة النغمية لا إقامة للعبودية فإنه لا يقتضي الإجابة بل هو من مقتضيات الرد .ا.هـ (فيض القدير1/229)

ولك أخي الكريم أن تتأمل وأنت تسمع بعضهم وهو يدعو وكأنه يقرأ القرآن بالتجويد والقلقلة والإخفاء والإظهار ، ويراعي المد المتصل والمنفصل . حتى إنك ترى بعض المصلين عند سماعه للقنوت لا يفرق بين القرآن وبين الدعاء .
وقد جاء في فتوى اللجنة الدائمة المجموعة الثانية 6/76 برقم (21263)وتاريخ20/12/1420هـ بما نصه : وعلى الداعي ألاّ يشبِّه الدعاء بالقرآن فيلتزمَ قواعد التجويد والتغني بالقرآن فإن ذلك لا يعرف من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا من هدي أصحابه رضي الله عنهم .

قلت : ومادام أنه ليس من هدي الرسول عليه الصلاة والسلام ولا صحابته الكرام فكيف يسوغ لنا أن نحدث في دين الله مالم يأذن به الله ؟ ألا فليسعنا ما وسع سلفنا الصالح رحمهم الله ، ولنتلزم السنة فإنها سفينة نوح من ركبها نجا ومن حاد عنها غرق وهلك ، والعياذ بالله .

ثانيا : من المحدثات : رفع الصوت بالدعاء وهو فعل منكر لأمور :

1ـ أنّ الرسول عليه الصلاة والسلام أنكر على الصحابة عندما رفعوا أصواتهم بالدعاء، فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : كُنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكنا إذا أشرفنا على واد هللنا وكبرنا ارتفعت أصواتنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا أيها الناس إِربَعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصمّ ولا غائباً إنكم تدعون سميعا بصيرا وهو معكم ، والذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته . قال الحافظ في الفتح 6 \ 135: قال الطبري : فيه كراهية رفع الصوت بالدعاء والذِّكر، وبه قال عامة السلف من الصحابة والتابعين .ا.هـ.

2ـ قال شيخ الإسلام في الإستقامة 1/322 : إن رفع الأصوات في الذِّكر المشروع لا يجوز إلا حيث جاءت به السنة كالأذان ، والتلبية ، ونحو ذلك ، فالسنة للذاكرين والداعين ألا يرفعوا أصواتهم رفعاً شديداً .... وقد قال تعالى (ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) سورة الأعراف 55 وقال عن زكريا( إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيّاً ) سورة مريم 3 وقال تعالى (وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ) سورة الأعراف 205 وفي هذه الآثار عن سلف الأمة وأئمتها ما ليس هذا موضعه كما قال الحسن البصري رفع الصوت بالدعاء بدعة وكذلك نصّ عليه أحمد ابن حنبل وغيره.

3 - وقال الألوسي في روح المعاني ج8/ص139: وترى كثيراً من أهل زمانك يعتمدون الصراخ في الدعاء خصوصاً في الجوامع حتى يعظم اللغط ويشتد ، وتستك المسامع وتستد ، ولا يدرون أنهم جمعوا بين بدعتين : رفع الصوت في الدعاء ، وكون ذلك في المسجد ، وروى ابن جرير عن ابن جريج : أنّ رفع الصوت بالدعاء من الإعتداء المشار إليه بقوله سبحانه (إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ.)اهـ.

4ـ أخرج البخاري في صحيحة 5 / 2331: عن عائشة رضي الله عنها في قوله تعالى (وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا) أنها قالت : أُنزِلَت في الدعاء.

ثالثاً : من الأمور المحدثة في الدعاء :التكلف في السجع :

قال ابن فارس في مقاييس اللغة3/104: السَّجع في الكلام، وهو أن يُؤتَى به وله فواصلُ كقوافِي الشِّعر،وقال ابن منظور في لسان العرب8/150 :والسجع : الكلام المقفى ، وسَجَّعَ تَسْجِيعاً تَكَلَّم بكلام له فَواصِلُ كفواصِلِ الشِّعْر من غير وزن.

1ـ فقد كره السلف التكلف في السجع ونهوا عنه ، قال ابن عباس رضي الله عنهما لمولاه عكرمة (انظر السجع من الدعاء فاجتنبه فإني عهدت رسول الله وأصحابه لا يفعلون إلا ذلك الإجتناب ).رواه البخاري.
2ـ وهو أيضا مِن أسباب عدم الإجابة ؛ ولذلك قال القرطبي 7/226 ( ومنها أن يدعو بما ليس في الكتاب والسنة فيتخير ألفاظاً مفقرة ، وكلماتٍ مسجعة قد وجدها في كراريس لا أصل لها ولا معول عليها فيجعلها شعاره ، ويترك ما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم،وكل هذا يمنع استجابة الدعاء )ا.هـ.

رابعاً : من الأمور المحدثة : التكلف في ذكر التفاصيل :

1ـ فقد جاءت السنة في التحذير منه والحثّ على الإقتصار على الجوامع و الكوامل من الدعاء وترك الأدعية المطولة ، بل فهم السلف الصالح أن المبالغة في ذكر التفاصيل في الدعاء هو نوع من الإعتداء كما جاء في سنن أبي داوود أنّ سعد بن أبي وقاص سمع ابنا له يدعو ويقول : اللهم إني أسألك الجنة ونعيمها وبهجتها وكذا وكذا ، وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها وكذا وكذا ، فقال : يا بني إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : سيكون قوم يعتدون في الدعاء . فإياك أن تكون منهم إن أعطيت الجنة أعطيتها وما فيها وإن أعذت من النار أعذت منها وما فيها من الشر .صحيح سنن أبي داوود برقم 1480.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت (كان النبي يستحب الجوامع من الدعاء ويَدَع ما سوى ذلك ) صحيح سنن أبي داوود برقم 1482.وقال عليه الصلاة والسلام لعائشة رضي الله عنها (عليك بجمل الدعاء وجوامعه قولي : اللهم إني أسألك من الخير كلّه عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم ، وأعوذ بك من الشر كلّه عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم ، وأسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل ، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل) الحديث ..رواه ابن ماجه والبيهقي، انظر صحيح الجامع برقم 4047 .

أفلا نستحب يا أُمّةَ محمد ما كان يحبه عليه الصلاة والسلام من الجوامع ؟
أفلا نعمل بوصية رسول الله لعائشة ـ وهي أحب نسائه إليه ـ بِجُمَلِ الدعاء ؟

وتأمل أيها اللبيب قولها رضي الله عنها وهي تسأل الرسول عليه الصلاة والسلام فتقول : أرأيت إن وافقت ليلة القدر ماذا أقول ؟ قال : قولي : اللهم إنكَ عفوٌ تُحب العفو فاعفُ عني . رواه الترمذي : صحيح الجامع4423 .

وإنك لَتَعجَب عندما تسمع بعض الأئمة في قنوتهم وهم يتكلفون الوصف في الدعاء حيث يقول مثلا (اللهم ارحمنا إذا ثقل منا اللسان ، وارتخت منا اليدان ، وبردت منا القدمان ، ودنا منا الأهل والأصحاب ، وشخصت منا الأبصار ، وغسلنا المغسلون ، وكفننا المكفنون ، وصلى علينا المصلون، وحملونا على الأعناق ، وارحمنا إذا وضعونا في القبور ، وأهالوا علينا التراب ، وسمعنا منهم وقع الأقدام ، وصرنا في بطون اللحود ، ومراتع الدود ، وجاءنا الملكان ... الخ ) حتى جعلها موعظة يرقق بها القلوب ويزداد عجبك عندما تسمع بُكاء الناس ونشيجهم وهم يُؤَمِّنُون على هذا الدعاء، بل ويتسابقون على التبكير إلى هذا المسجد والصلاة خلف هذا الإمام ، وقد تسمع من بعض الأئمة وهو يدعو على الأعداء فيقول (اللهم لاتدع لهم طائرة إلا أسقطتها ، ولا سفينة إلا أغرقتها ، ولا دبابة إلا نسفتها ، ولا فرقاطة إلا فجرتها ، ولا مدرعة إلا دمرتها ، ولا .. ولا.. الخ) وكأنه يُملِي على الله كيف يفعل بالأعداء ، فضلا عن أنه قد أقحم قنوت النوازل مع قنوت الوتر مع أن لكلٍ وقته وأحكامه وأدعيته التي وردت في السنَّة ، فتنبه !! بينما كان يكفيه أن يقول اللهم عليك بهم أو اللهم انتقم منهم ونحو ذلك .

وانظر أيها الحبيب ماذا يقول أنس رضي الله عنه وهو يصف دعاء الرسول عليه الصلاة والسلام : كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم {اللهم أتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار}متفق عليه،

وقالت اللجنة الدائمة للإفتاء : على أئمة المساجد - وفقهم الله - الاجتهاد في معرفة السنة والحرص على العمل بها في جميع الأمور فالناس بهم يقتدون وعنهم يأخذون فالحذر الحذر من مخالفة السنة غلوا أو تقصيرا ، ومن ذلك الدعاء في قنوت الوتر والنوازل : فالمشروع الدعاء بجوامع الكلمات والأدعية الواردة في حال من السكون والخشوع وترك الإطالة والإطناب والمشقة على المأمومين .(المجموعة الثانية 5/396)

خامساً: من الإعتداء في الدعاء أيضا تلك الأدعية التي تحوي في ثناياها ألفاظاً أو جملاً محذورة أو مُوهِمَة و مخالفة للشرع بل في بعضها ما يقدح في التوحيد ويخدش في الإيمان فمن ذلك :

1ـ قول بعضهم في الدعاء (في السماء مُلكك ، وفي الأرض سلطانك ، وفي البحر عظمتك...)


وقد سُئِلَت اللجنة الدائمة للإفتاء عن هذه العبارة فكان الجواب:
"أما العبارة المذكورة في السؤال فتركها أولى ؛ لأن فيها إيهاماً فقد يظن منها البعض تخصيص الملك بالسماء فقط ، أو السلطان بالأرض فقط ، وهكذا .وعظمة الله وملكه وسلطانه وقهره عام في جميع خلقه " .ا.هـ 26/369 .

2ـ قول بعضهم (يا من لا تراه العيون ، ولا تخالطه الظنون ، ولا يصفه الواصفون ...الخ) .


قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله (14/143) في جوابه عن حكم مثل هذا الدعاء فقال :" هذه أسجاع غير واردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفيما ورد عنه من الأدعية ما هو خير منها من غير تكلف. والجملة الأولى: (يا من لا تراه العيون) إنْ أراد في الآخرة أو مطلقاً فخطأ مخالف لما دَلَّ عليه الكتاب والسنة وإجماع السلف الصالح مِن أنَّ الله تعالى يُرَى في الآخرة، وإنْ أراد في الدنيا فإنَّ الله تعالى يُثنى عليه بالصفات الدالة على الكمال والإثبات لا بالصفات السلبية. والتفصيل في الصفات السلبية بغير ما ورد من ديدن أهل التعطيل. فعليك بالوارد، ودع عنك الجمل الشوارد. "ا.هـ.
* وقال العلامة الفوزان عن هذا الدعاء : أما ما ذُكر في السؤال؛ فلم يَرِد في كلام الله وكلام رسوله فيما أعلم؛ فلا ينبغي الدُّعاء به‏.‏ وأيضًا في كلمة‏:‏( لا يصفه الواصفون‏)!‏ نظرٌ ظاهرٌ؛ لأنّ الله سبحانه يُوصف بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، وربما يكون هذا اللفظ منقولاً عن نفاة الصِّفات‏. (المنتقى1/49).ا.هـ.

3- قول بعضهم (يا من أمره بين الكاف والنون).

قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في شرح الأربعين النووية ص76 : وبهذه المناسبة أَوَد أن أُنبه على كلمة دارجة عند العوام حيث يقولون (يامن أمره بين الكاف والنون) وهذا غلط عظيم ، والصواب : ( يا من أمره بعد الكاف والنون) لأن مابين الكاف والنون ليس أمراً ، فالأمر لا يتم إلا إذا جاءت الكاف والنون ؛ لأن الكاف المضمومة ليست أمراً والنون كذلك ، لكن باجتماعهما تكون أمراً.اهـ.


4- قول بعضهم (يا فرد يا صمد).


وقد سئل العلامة الفوزان : هل يوصف الله تعالى بالقِدَم؛ كأن يقول القائل‏:‏ يا قديم‏!‏ ارحمني‏!‏ أو ما أشبه ذلك ‏؟‏ وهل الفرد من أسماء الله تعالى ‏؟‏ أفتوني مأجورين‏.‏

الجواب: ليس من أسماء الله تعالى القديم، وإنما من أسمائه الأول، وكذلك ليس من أسمائه الفرد، وإنما من أسمائه الواحد الأحد؛ فلا يجوز أن يقال‏:‏ يا قديم‏!‏ أو‏:‏ يا فرد‏!‏ ارحمني‏!‏ ....الخ ‏(المنتقى1/27 ).

وقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء المجموعة الثانية 2/353 مانصه: هل الفرد اسم من أسماء الله تعالى ؟ الجواب : أسماء الله تعالى توقيفية ، و (الفرد) لم يرد في القرآن ولم يثبت في السنة ، وعليه لا يسمى الله تعالى به ، وإنما يخبر عنه به فقط
.

5ـ قول بعضهم (اللهم عليك باليهود ومن هاودهم).


قال الفيروز آبادي في القاموس المحيط ص420 :المهاودة : الموادعة والمصالحة والممايلة ، والهوادة : اللين وما يرجى به الصلاح والرخصة .ا,هـ.

قلت : وهذه من عظيم الرزايا أن يدعو بعضهم بمثل هذا الدعاء ولا يعلم معناه لا من جهة اللغة ولا حكمه وما يترتب عليه من جهة الشرع، وهذه مصيبة البعض أن يردد أدعية لا يفقه معناها .

* وقد سئل العلامة الفوزان : ما حكم قول بعض خطباء المساجد في نهاية الخطبة: (اللهم عليك باليهود ومن هاودهم). ألا يدخل في ذلك النبي صلى الله عليه وسلم؟ لأنه قد هاود اليهود ووادعهم، فهل هذا اعتداء في الدعاء؟

ج: نعم، (هاودهم) هذه الكلمة معناها المصالحة، هاود معناه المصالحة، واليهود يجوز الصلح معهم، إذا كان فيه مصلحة للمسلمين، يجوز الصلح معهم كما صالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة، وكما صالح قريشاً في الحديبية، الصلح إذا كان من مصلحة المسلمين فإن الكفار يُصالَحون لأجل مصلحة المسلمين، هذا هو الحقّ، أما كلمة (هادوهم) معناه أنّ الرسول يدخل في هذا، وسبق أني نبهت واحداً على هذه اللفظة، لكنه لم يتجنّبها هداه الله .(شريط (4) وجه (ب) من شرح الحموية 4/11/1424هـ).

قلت : بل ويشمل هذا الدعاء كل حُكام المسلمين الذين صالحوا اليهود قديما وحديثا ، فتأمل أيها اللبيب .

6ـ ومن صور الإعتداء في الدعاء (الدعاء على عموم الكفار بالهلاك والاستئصال). ويدل لهذا :


* أولا : أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يثبت أنه دعا على عموم الكفار وإنما دعا على قبائل أو أشخاص بأعيانهم ، بل لما جاءه ملك الجبال وعرض عليه أن يطبق عليهم الأخشبين ؟ فقال : لا، لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله لا يشرك به شيئاً.

بل إنه لما دعا على بعضهم بأسمائهم نزل قوله تعالى (لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذَّبَهُمْ )وقد روى مسلم في الصحيح عن أبي هريرة قال قيل: يا رسول الله ادع على المشركين قال (( إني لم أبعث لعاناً وإنما بعثت رحمة)).

* ثانياً: أن هذا يخالف مقتضى حكمة الله من بقاء الكفار إلى يوم القيامة، بل إن الساعة لا تقوم إلا على شرار الخلق، وأيضا ربما سيترتب على هذا تعيطل باب الولاء والبراء ، وباب الجهاد.

* ثالثاً: أنه ليس للمسلم أن يدعو بالإستئصال على من أذن الله له بأن يبرهم ويقسط إليهم كما قال تعالى ( لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ).

بل كيف يستقيم أن يدعو المسلم على زوجته الكتابية بالهلاك مع أن الله تعالى قد أذن له في نكاحها ، وامتن عليهما بقوله تعالى (وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ) الروم 21 فهل المودة والرحمة تقتضي أن يدعو عليها بالهلاك ؟أم كيف يستقيم أن يدعو الولد المسلم على والديه بالهلاك إن كانوا كافرين ، والله جلّ وعلا يقول عنهما (وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً )لقمان 15.فإن الدعاء على عموم الكفار يشملهما ، فهل هذه هي المصاحبة بالمعروف ؟

* قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في شرح كتاب التوحيد عند : باب قوله تعالى ( أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ )الأعراف191: أما الدعاء بالهلاك لعموم الكفار، فإنه محل نظر، ولهذا لم يدع النبي صلى الله عليه وسلم على قريش بالهلاك، بل قال: "اللهم! عليك بهم، اللهم ! اجعلها عليهم سنين كسني يوسف"، وهذا دعاء عليهم بالتضييق، والتضييق قد يكون من مصلحة الظالم بحيث يرجع إلى الله عن ظلمه. فالمهم أنَّ الدعاء بالهلاك لجميع الكفار عندي تردد فيه ا.هـ.

* وقال ابن تيمية: 8/336 : ودعاء نوح على أهل الأرض بالهلاك كان بعد أن أعلمه الله أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن .

* وقال الشيخ الفوزان :المشروع في القنوت وغيره الدعاء على المعتدين من الكفار على المسلمين، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما قَنَتَ يدعو على الكفار خَصَّ المعتدين منهم ولم يدع على جميعهم فقال: اللهم العن فلاناً وفلاناً والقبيلة الفلانية ولم يعمم الكفار. ( مجلة الدعوة العدد1869ـ 16 رمضان1423هـ).

* وقد أفتت اللجنة الدائمة 24/275 : مانصه :

وقول الكاتب : (اللهم عليك بالكفار والمشركين واليهود ، اللهم لا تبق أحداً منهم في الوجود ، اللهم أفنهم فناءك عادا وثمود ). والدعاء بفناء كل الكفار اعتداء في الدعاء ؛ لأن الله قدر وجودهم وبقاءهم لحكمة ، والله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد. ا.هـ .

* وقال معالي الشيخ صالح آل الشيخ وزير الشؤون الاسلامية :

"هدي النبي صلى الله عليه وسلم وهدي الصحابة في دعائهم على الكفار أن يكون دعاءً خاصاً على المعتدي، على الظالم، على من حارب الإسلام وأهله، كما في دعاء عمر في القنوت: اللهم عليك بكفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن دينك ويقاتلون أولياءك، .(رواه البيهقي في السنن2/210)، أما الدعاء على اليهود والنصارى جميعاً بالإستئصال ، فإنه لا يجوز شرعاً. وهو من الاعتداء في الدعاء ؛ وذلك لأن الله جلّ وعلا أخبرنا أنّ اليهود والنصارى سيبقون إلى زمن خروج المسيح الدجال، فإذا دعا أحد بأن يستأصلهم الله جلّ وعلا الآن قبل نزول المسيح الدجال فهو إعتراضٌ على ما أجرى الله حكمته وقدره الكوني ببقائهم إلى آخر الزمان؛ ولهذا لم يؤثر عن أحد من السلف ولا من أئمة الإسلام أنه دعا بهذا الدعاء العام على اليهود النصارى، وإنما يُدعى بالدعاء الخاص لمن قاتل، لمن حارب ، لمن آذى المؤمنين ونحو ذلك"ا.هـ(محاضرة أسباب الثبات على الدين)

وكتبه : محمد بن أحمد الفيفي

عضو الدعوة بوزارة الشؤون الاسلامية


منقووول
[/align]
 
[align=justify][align=center]لقد ضيقت واسعا يا هذا فالأمر في سعة ما لم يرد نص صريح بالنهي [/align]
قال الله تبارك وتعالى :
(وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ) وقال سبحانه : ( أممن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ) وقال تبارك وتعالى : (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ) .
وقال صلوات الله وسلامه عليه : ( الدعاء هو العبادة ) . هكذا وردت النصوص فمن أين هذه التفصيلات وهذا الحصر .. اللهم إلا نقطة واحدة وهي أن يدعو الإنسان بما يخالف ما شرع الله تبارك وتعالى فهذه كلمة حق إن شاء الله تبارك وتعالى . أما أن يلح في الطلب ويعظم المسألة ويأتي بالكلام فصيحا بينا فهذا أمر لا مندوحة عنه والله أعلم
.[/align]
 
[align=center][align=center]القنوت في صلاة الوتر
أحكام وتنبيهات
مستل من كتاب «تصحيح الدعاء»
للشيخ بكر بن عبدالله أبو زيد[/align
]بسم الله [/align]
الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد:
القنوت في صلاة الوتر(1)
القنوت في تعريف الفقهاء هو: «اسم للدعاء في الصلاة في محل مخصوص من القيام».
وهو مشروع في صلاة الوتر بعد الركوع على الصحيح من قولي العلماء.
ومشروع للنوازل قبل الركوع في الركعة الأخيرة من الفريضة أو بعده، وهل هو في جميع الفرائض، أم في الجهرية منها، أم فيها سوى الجمعة؟ فيه خلاف.
والصحيح أنه بعد الرفع من الركوع في آخر ركعة، من كل فريضة من الصلوات الخمس، حتى يكشف الله النازلة، ويرفعها عن المسلمين.
وأما القنوت في صلاة الصبح دائماً في جميع الأحوال، فكان مشروعاً، ثم نسخ، فلا يُشرع في قول جماعة من العلماء، منهم الحنفية، والحنابلة، وقال الحنفية، وجماعة من المحققين: هو بدعة؛ لأن حديث: أن النبي r ما زال يقنت حتى فارق الدنيا، ضعيف لا تقوم به حجة.
إذا عُلِمَ ذلك فالكلام هنا في القنوت في صلاة الوتر، وفيه مبحثان:
المبحث الأولفي المشروع
وفيه مطلبان:
المطلب الأول: المشروع في دعاء قنوت الوتر وضوابط الزيادة فيه:
وهو على النحو الآتي:
1ــ على الإمام القانت في: «صلاة الوتر» التزام اللفظ الوارد عن النبي r الذي عَلَّمه سبطه الحسن بن علي ــ رضي الله عنهما ــ فيدعو به بصيغة الجمع مراعاة لحال المأمومين، وتأمينهم عليه، ونصه:«اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يُقضى عليك، وإنه لا يَذِلُّ من واليت، ولا يَعِزُّ من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت. لا منجا منك إلا إليك».
وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ــ t ــ أن النبي r كان يقول في آخر وتره:
«اللهم إنا نعوذ برضاك من سخطك، وبعفوك من عقوبتك، وبك منك، لا نُحْصي ثَنَاءً عليك. أنت كما أثنيت على نفسك».
ثم يصلي على النبي r كما ثبت عن بعض الصحابة ــ رضي الله عنهم ــ في آخر قنوت الوتر، منهم: أُبي بن كعب، ومعاذ الأنصاري ــ رضي الله عنهما ــ.
وَلْيُتَنَبّه فإن ضبط لفظ: «ولا يَذِلُّ» بفتح الياء، وكسر الذال. وضبط لفظ: «ولا يَعِزُّ» بفتح الياء وكسر العين.
2ــ ليحرص الإمام على أداء الدعاء بالكيفية الشرعية، بضراعة، وابتهال، وصوت بعيد عن التلحين والتطريب.
3ــ إن زاد على الوارد المذكور، فعليه مراعاة خمسة أمور:
أن تكون الزيادة من جنس المدعو به في دعاء القنوت المذكور.
وأن تكون الزيادة من الأدعية العامة في القرآن والسنة.
وأن يكون محلها بعد القنوت الوارد في حديث الحسن، وقبل الوارد في حديث علي
ــ رضي الله عنهما ــ.
وأن لا يتخذ الزيادة فيه شعاراً يداوم عليه.
وأن لا يطيل إطالة تشق على المأمومين.
4ــ قد يحصل من الأمور العارضة ما يأتي لها داعي من إمام وغيره بدعاء مناسب لها، كالاستغاثة حَالَ الجَدْبِ، لكن لا يجعلها راتباً لا يتغير بحال. ومن أعمل هذا الفرق بين الدعاء الراتب، والدعاء لأمْرٍ عارض؛ كسب السنة، وانحلت
عنه إشكالات كثيرة.
ومن ذلك دعاء أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ــ t ــ وهو: «اللهم إنا نستعينك ونستغفرك، ولا نكفرك، ونؤمن بك، ونخلع من يفجرك، اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونَحْفِد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك، إن عذابك الجِدَّ بالكفار مُلْحِق.
اللهم عَذَّب الكفرة الذين يصدون عن سبيلك، ويكذبون رسلك، ويقاتـلون أولياءك،
ولا يؤمنون بوعدك، وخالف بين كلمتهم، وألق في قلوبهم الرعب، وألق عليهم رجزك
وعذابك، إليه الحق.
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، وأصلح ذات بينهم، وألف بين قلوبهم، واجعل في قلوبهم الإيمان والحكمة، وثبتهم على ملة رسول الله r، وأوزعهم أن يوفوا بعهدك، الذي عاهدتهم عليه، وانصرهم على عدوك وعدوهم، إله الحق، واجعلنا منهم».
ومن العلماء من قال بعمومه في الوتر، وهو مذهب الحنابلة.
المطلب الثانيذكر بعض الأدعية الجامعة من القرآن والسنة لمن رغب الزيادة في القنوت
أسوق هُنا دعاء القنوت المتقدم في أول القنوت وآخره، ثم أسوق بعض الأدعية الجامعة من القرآن والسنة؛ ليختار منها من رغب الزيادة في القنوت ما شاء، وسياق المرويات منها بصيغة الجمع، حتى تناسب الدعاء بها من الإمام، وهي:
1ــ «اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يُقضى عليك، وإنه لا يَذِلُّ من واليت، ولا يَعِزُّ من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت. لا منجا منك إلا إليك»(1).
2ــ «اللهم أقْسِمْ لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تُبَلَّغُنَا به جنتك، ومن اليقين ما تُهون به علينا مصائب الدنيا. اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا
ما أحييتنا، واجعله الوارث مِنَّا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا،
ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر هَمَّنا ولا مبلغ علمنا، ولا تُسَلَّط علينا من
لا يرحمنا»(2).
3ــ {رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}. [آل عمران: 16].
4ــ {ربَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ} [المؤمنون: 109].
5ــ {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [آل عمران: 147 ].
6ــ {رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً} [الكهف: 10].
7ــ {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر: 10].
8ــ {رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ * رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الممتحنة: 4ــ5].
9ــ {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران: 8].
10ــ {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: 201]
11ــ «اللهم اغفر لنا، وارحمنا، واهدنا، وعافنا، وارزقنا»(1).
12ــ «اللهم إنا نسألك الهُدَى والتُّقَى والعَفَافَ والغِنَى»(2).
13ــ «اللهم يا مُصَرَّفَ القلوب صَرَّفْ قلوبنا على طاعتك»(1).
14ــ «يا مُقَلَّبَ القلوب ثبت قلوبنا على دينك»(2).
15ــ «اللهم لك أسلمنا، وبك آمنا، وعليك توكلنا، وإليك أنَبْنَا، وبك خَاصَمْنَا، اللهم إنا نعوذُ بِعِزَّتِكَ لا إله إلا أنتَ أن تُضِلَّنا، أنت الحي الذي لا يموت، والجن والأنس يموتون»(3).
16ــ «اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عِصْمَةُ أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها مَعَاشُنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها مَعَادُنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر»(4).
17ــ «اللهم إنا نسألك من الخير كله عاجِلِهِ وآجِلِهِ ما عَلِمْنَا منه وما لم نَعْلَمْ. ونسألك الجنة وما قرب إليها من قولٍ أو عمل، ونعوذ بك من النارِ وما قرب إليها من قولٍ أو عمل.
ونسألك من خير ما سألك عَبْدُكَ ونَبِيُّكَ، ونعوذ بك من شر ما استعاذك منه عبدك ونبيك.ونسألك أن تجعل كل قضاءٍ قضيته لنا خيراً»(5).
18ــ «اللهم إنا نسألك العفو والعافية والمعافاة في الدنيا والآخرة. يا ذا الجلال والإكرام.
يا حي يا قيوم»(1).
19ــ «اللهم إنا نعوذك بك من جَهْدِ البَلاءِ، ودَرَكِ الشَّقَاءِ، وسُوءِ القَضَاءِ، وشَمَاتَةِ الأعداء»(2).
20ــ «اللهم إنا نعوذُ بك من زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وتَحُوُّلِ عافيتكَ، وفَجْأَةِ نِقْمَتِك، وجميعِ سَخَطِك»(3).
21ــ «اللهم إنا نعوذُ بك من العَجْزِ والكسلِ والجُبْنِ والبُخْلِ والهَمَّ وعذابِ القبر. اللهم آتِ نفوسَنَا تَقْوها، وزَكَّها أنت خيرُ من زَكَّاها، أنت وليها ومَوْلاها. اللهم إنا نعوذُ بك من عِلْمٍ
لا ينفع، ومن قلبٍ لا يخشع، ومن نفسٍ لا تشبع، ومن دعوةٍ لا يُسْتَجَابُ لها»(4).
22ــ «اللهم إنك عَفُوٌّ تُحِبُّ العفوَ فاعفُ عَنَّا»(5).
23ــ «اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة وقِنَا عذابَ النار»(6).
24ــ «اللهم إنا نعوذ بِرضَاك من سَخَطِكَ، وبُمعَافاتكَ من عُقُوبَتِكَ، وبك منك، لا نُحصِي
ثَنَاءٌ عليك، أنت كما أثنيت على نفسك»(1).
25ــ «اللهم صَلَّ على النبي الأمي وصحبه وَسَلَّمْ»(2).
المبحث الثاني
في التصحيح
وهو في التنبيهات الآتية:
* التنبيه الأول: أن التلحين، والتطريب، والتغني، والتقعر، والتمطيط في أدَاءِ الدعاء، مُنْكَرٌ عظيم، يُنافي الضراعة، والابتهال، والعبودية، وداعِيةٌ للرياء، والإعجاب، وتكثير جمع المعجبين به.
وقد أنكر أهل العلم على من يفعل ذلك في القديم، والحديث.
فعلى من وفقه الله ــ تعالى ــ وصار إماماً للناس في الصلوات، وقنتَ في الوترِ، أن يجتهدَ في تصحيح النية، وأن يُلْقِيَ الدعاء بصوته المعتاد، بضراعة وابتهال، مُتَخَلَّصاً مما ذُكِرَ، مجتنباً هذه التكلفات الصارفة لقلبه عن التعلق بربه.
* التنبيه الثاني: يُجْتَنَبُ جَلْبُ أدعية مخترعة، لا أصل لها، فيها إغْراب في صيغتها وسجعها، وتكلفها؛ حتى إن الإمام ليتكلف حفظها، ويَتَصَيَّدهَا تَصَيُّداً؛ ولذا يَكثُرُ غلطه في إلقائها، ومع ذلك تراه يلتزمها، ويتخذها شعاراً، وكأنما أحيا سُنَّة هجرتها الأُمَّة.
* التنبيه الثالث: وَيُجْتَنَبُ التزام أدعية وردت في روايات لا تصح عن النبي r؛ لأن في سندِها كذاباً، أو متهماً بالكذب، أو ضعيفاً لا يُقْبَلُ حديثه، وهكذا.
منها حديث فُرَاتٍ عن علي ــ t ــ قال: قال لي علي: «ألا يقوم أحد فيصلي أربع ركعات، ويقول فيهن ما كان رسول الله r: «تَمَّ نُوْرُكَ فَهَدَيْتَ فَلَكَ الـحَمْدُ، عَظُمَ حِلْمُكَ فَعَفَوْتَ فَلَكَ الـحَمْدُ...إلى قوله: ولا يَبْلُغُ مِدُحَتَكَ قَوْلُ قَائِلٍِ». رواه أبو يعلى بسند ضعيف؛ لأن فيه عدة علل، منها أن فُرَاتَ بن سلمان لم يَلْقَ علياً ــ t ــ فهو منقطع الإسناد.
ومع ذلك تسمع من يُجْهدُ نفسه بهذا الذكر، فَيَغْلَطُ فيه، ثم يَغْلَط، فهو في مجاهدة مع ذاكرته حتى يأتي به، ولو أخذ بالصحيح الثابت عن النبي r وهو ذكر مبارك سهل ميسور؛ لكان أَبَرَّ وأبْرَك وأقربَ للإجابة، وتأسَّياً بالنبي r بما دعا به رَبَّه ــ سبحانه ــ.
ومنها: ما يُروى عن أنس مرفوعاً أن الرسول r مر بأعرابي وهو يدعو في صلاته وهو يقول: «يا من لا تراه العيون، ولا تخالطه الظنون... إلى أن قال: يعلم مثاقيل الجبال ومكاييل البحار... الحديث». أخرجه الطبراني في «الأوسط» بسند فرد فيه من لا يُعرف، وهو شيخ الطبراني، وتدليس أحد رواته، مع ثقته.
ومنها ما يُروى من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ــ y ــ قال: «نزل جبريل على النبي r حتى ذكر كلمات من كنوز العرش، وهي:
«يا من أظهر الجميل وستر القبيح، يا من لا يؤاخذ بالجريرة ... إلى قوله: أسألك يا الله أن لا تشوي خلقي بالنار» رواه الحاكم في «المستدرك» وقال: «صحيح الإسناد، فإن رواته كلهم مدنيون ثقات».
وقد تعقبه الحافظ الذهبي في ترجمة: أحمد بن داود الصنعاني في «الميزان» (1/136)
فقال: «أتى بخبر لا يُحتمل، ثم ذكره» ثم علق على قول الحاكم المذكور بقوله: «قال: الحاكم:
صحيح الإسناد. قلت: كلا.
قال: فرواته كلهم مدنيون. قلت: كلا.
قال: ثقات. قلت: أنا أتهم به أحمد.
وأما أفلح بن كثير، فذكره ابن أبي حاتم، ولم يتكلم عنه بشيء» انتهى.
فانظر ــ نعوذ بالله من الخذلان ــ كيف يتعلق الداعي بحديث هذه منزلته، ويهجر الدعاء بآيات القرآن العظيم، وما يثبت في «الصحيحين» وغيرهما عن النبي r؟
ومنها: التزام ما ورد بسند فيه واهي الحديث، فلا يصح، ومنه: «اللهم لا تدع لنا ذنباً إلا غفرته، ولا هَمّاً إلا فَرَّجْتَه، ولا ديناً إلا قَضَيْتَه، ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلا قضيتها برحمتك، يا أرحم الراحمين». وهو دعاء حسن لا يظهر فيه محذور.
لكن يحصل الغلط من جهات هي: هجر الصحيح، والتزام ما لم يصح، والزيادة فيه بلفظ محتمل، وهو: «في مقامنا هذا» فتحتمل أن يكون شرطاً على الله فهو باطل، ثم الزيادة بسجعات أضعافها.
وهكذا من تتابع سجع متكلف، ودعاء مخترع لبعض المستجدات حتى قاربت العشرين على هذا الرَّوي، والنمط.
* التنبيه الرابع: وَيُجْتَنَبُ قَصْدُ السجع في الدعاء، والبحث عن غرائب الأدعية المسجوعة على حرف واحد. وقـد ثبت في «صحيح البخاري» ــ رحمه الله تـعالى ــ عن عكرمة عن ابن عبـاس
ــ رضي الله عنهما ــ أنه قال له: «فانظر السجع في الدعاء، فاجتنبه، فإني عهدت رسول الله
r وأصحابه، لا يفعلون إلا ذلك الاجتناب».
ومن الأدعية المخترعة المسجوعة: «اللهم ارحمنا فوق الأرض، وارحمنا تحت الأرض، وارحمنا يوم العرض». ولا يرد على ذلك ما جاء في بعض الأدعية النبوية من ألفاظ مُتَوَاليَة، فهي غير مقصودة، ولا متكلفة؛ ولهذا فهي في غاية الانسجام.
* التنبيه الخامس: ويُجْتَنَبُ اختراع أدعية، فيها تفصيل أو تشقيق في العبارة؛ لما تُحْدِثُهُ من تحريك العواطف، وإزعاج الأعضاء، والبكاء، والشهيق، والضجيج، والصَّعَق، إلى غير ذلك مما يُحْدُثُ لبعض الناس حَسَبَ أحوالهم، وقُدُرَاتِهِم، وطاقاتهم، قُوَّةٌ، وَضَعْفاً.
ومنه: تضمين الاستعاذة بالله من عذاب القبر، ومن أهوال يوم القيامة، أوصافاً وتفصيلات، ورص كلمات مترادفات، يُخْرجُ عن مقصود الاستعاذة، والدعاء، إلى الوعظ، والتخويف، والترهيب.
وكل هذا خروج عن حد المشروع، واعتداء على الدعاء المشروع، وهجر له، واستدراك عليه، وأخشى أن تكون ظاهرة ملل، وربما كان له حكم الكلام المتعمد غير المشروع في الصلاة فيُبْطِلُها.
* التنبيه السادس: ويُجْتَنَبُ التطويل بما يشق على المأمومين، ويزيد أضعافاً على الدعاء الوارد، فيحصل من
المشقة، واستنكار القلوب، وفتور المأمومين، مما يؤدي إلى خطر عظيم، يُخْشى على الإمام أن
يلحقه منه إثم.
وقد اختلفت الرواية عن الإمام أحمد ــ رحمه الله تعالى ــ في مقدار القنوت في الوتر على ثلاث روايات:
1ــ بقدر سورة:(إذا السماء انشقت).
2ــ بقد دعاء عمر ــ t ــ ويأتي.
3ــ كيف شاء.
لكن إذا كان القانت إماماً فلا يختلفون في منع التطويل الذي يشق بالمأمومين.
وإذا كان النبي r قال لمعاذ ــ t ــ لما أطال في صلاة الفريضة: «أفتان أنت يامعاذ؟» فكيف في هذه الحال؟!
ولهذا جاء في تفسير قول الله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف:55]. أي المتجاوزين ما أمروا به في الدعاء وغيره، ومنه: الإسهاب فيه؛ ولهذا كان بعض العلماء لا يزيد على كلمات معدودات في الدعاء، يدعو بها بلسان الذلة والافتقار لا بلسان الفصاحة والانطلاق، وأن الإسهاب من جملة الاعتداء، يشهد لذلك آخـر سورة البقـرة: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} الآيـة، فـإن الله ــ سبحانـه ــ
لم يخبر في موضع من أدعية عباده بأكثر من ذلك وقد جمعت صيغتي الإيجاب والنفي، واستوعبت جميع ما يحتاج إليه العبد في دنياه وآخرته(1).
* التنبيه السابع:
ويُجْتَنَبُ إيراد أدعية تُخْرُجُ مَخْرَجَ الدعاء، لكن فيها إدْلاَلٌ على الله ــ تعالى ــ حتى إنك
لتسمع بعضهم في أول ليلة من رمضان يدعو قائلاً: «اللهم تقبل منا صيامنا وقيامنا» وقد يدعو بذلك في آخر رمضان، ولا يقرنه بقوله: «وتجاوز اللهم عن تقصيرنا، وتفريطنا».
* التنبيه الثامن: وَيُتْرَكُ زيادة ألفاظ لا حاجة إليها، في مثل قول الداعي: «اللهم انصر المجاهدين في سبيلك» فيزيد: «في كل مكان» أو يزيد: «فوق كل أرض وتحت كل سماء» ونحو ذلك من زيادة ألفاظٍ لا محل لها، بل بعضها قد يحتمل معنى مرفوضاً شرعاً.
ومن الألفاظ المولَّدة لفظة: «الشَّعْب» في الدعاء المخترع: «واجعلهم رحمة لشعوبهم...».
وهو من إطلاقات اليهود من أنهم: «شعب الله المختار».
ولا يلتبس عليك هذا بلفظ: «الشعب» في باب النسب، فلكل منهما مقام معلوم.
ومن الدعاء بأساليب الصحافة والإعلام، قول بعض الداعين للأمة الإسلامية: «وهي تَرْفُلُ في ثوب الصحة والعافية» فمادة: «رَفَلَ» مدارها على التبختر، والخيلاء، فانظر كيف يحصل الدعاء بأن تقابل النعمة بالمعصية؟
وهكذا يفعل تجاوز السُّنن، وهجر التفتيش بكتب لسان العرب.
* التنبيه التاسع: ولا يأتي الإمام بأدعية لها صفة العموم، بل تكون خاصة بحال ضُرًّ، أو نُصْرَةٍ، ونحو ذلك.
ومنه الدعاء بدعاء نبي الله موسى ــ عليه السلام ــ في سورة طه/25ــ35 إلى قوله: {وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي} إلى آخر الآيات.
ومنه دعاء الإمام بمن معه: «اللهم أحينا ما كانت الحياة خيراً لنا، وتوفنا إذا كانت الوفاة خيراً لنا».
لما ثبت في الصحيحين من حديث أنس ــ t ــ قال: قال النبي r: «لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه، فإن كان لابد فاعلاً، فليقل: «اللهم احيني...» الحديث.
وعليه ترجم النووي ــ رحمه الله تعالى ــ في «الأذكار» بقوله: «باب كراهية تمني الموت لضر نزل بالإنسان وجوزاه إذا خاف فتنة في دينه».
وما ورد بنحوه مطلقاً، محمول على هذا المقيد.
* التنبيه العاشر: ليس من حق الإمام أن يُرَاغِمَ المأمومين، ولا أن يُضَارَّهم بوقوف طويل يشق عليهم، ويُؤمَّنُوْنَ معه على دعاء مخترع لم يرد عن النبي r أو يكونوا في شك من مشروعيته، وبينما هو في حال التغريد والانبساط فهم في غاية التحرج والانزعاج.
خير الأمور الوسط الوسيط وشرها الإفراطُ والتفريط
ولو سمع بعض الأئمة ما يكون من بعض المأمومين بعد السلام من تألم، وشكوى من التطويل، وأدعية يؤمن عليها ولا يعرفها، وتستنكرها القلوب؛ لرجع إلى السنة من فوره.
فيجب على من وفقه الله وأمَّ الناس في الصلاة، أن يتقيد بالسنة، وأن لا يُوَظَّفَ مزاجه،
واجتهاداته، مع قصور أهليته، وأن يستحضر رهبة الموقف من أنه بين يدي الله ــ تعالى ــ وفي
مناجاته، وأنه في مقام القُدْوةِ، وَتَلَقُّن المسلمين للقنوت المشروع، ونشره، وتوارثهم له.
وكان دأب العلماء الاقتصاد في الدعاء(1)، ويرون الإسهاب فيه من جملة الاعتداء، ويشهد
لـذلك آخـر سورة البقرة: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} الآيـة، فـإن الله سبحانـه
لم يخبر في موضع من أدعية عبادة بأكثر من ذلك، كما تقدم بيانه في: «التنبيه السادس».
ومن استحضر هذه المعاني في قلبه، لم يقع في شيء من ذلك، نسأل الله ــ سبحانه ــ البصيرة في دينه، وأن لا يجعله ملتبساً علينا فَنَضِل.
كما يجب على المأموم إحسان الظن بإمامه في الصلاة، وأن يتحلى بالتحمل، وأن لا يبادر إلى الاستنكار إلا بعد التأكد من أهل العلم الهداة، ومن ثم يكون تبادل النصيحة بالرفق واللين، والبعد كل البعد عن التشنيع، وإلحاق الأذى به، ومن فعل فقد احتمل إثـماً.
وقد لوحظ أن بعض المأمومين لا يتابع الإمام برفع اليدين للدعاء والتأمين، وهذه مشاقة وحرمان.
* التنبيه الحادي عشر: لا يُعْرَفُ في سُنَّة القنوت استفتاحه بغير ما ذكر في «المطلب الأول» من «المبحث الأول» من تعليم النبي r ــ لسبطه الحسن ــ t ــ: «اللهم اهدنا ...» وما ثبت عن أمير المؤمنين عمر ــ t ــ: «اللهم إنا نستعينك ...».
والصلاة كلها حمد وثناء على الله تبارك وتعالى، ودعاء القنوت بعد الرفع من الركوع بعد الحمد في قول المصلي: «اللهم ربنا ولك الحمد ...». لهذا فلم أر في المأثور، ولم أسمع فيما جرى عليه العمل، أن المصلي يجلب أنواعاً من المحامد يستفتح بها دعاء القنوت في صلاة الوتر، ولم أُحِسُّ لهذا بأثر ولا أثارة إلا من بعض الأئمة بعد عام 1400، والاستدلال له بحديث فضالة بن عبيد ــ t ــ وهو من إقامة الدليل على غير موضعه، فلا يستدل به هنا، كما هو ظاهر.
والله أعلم.
 
[align=center] الاعتداء في الدعاء


5ـ قول بعضهم (اللهم عليك باليهود ومن هاودهم).[/color]

قال الفيروز آبادي في القاموس المحيط ص420 :المهاودة : الموادعة والمصالحة والممايلة ، والهوادة : اللين وما يرجى به الصلاح والرخصة .ا,هـ.

قلت : وهذه من عظيم الرزايا أن يدعو بعضهم بمثل هذا الدعاء ولا يعلم معناه لا من جهة اللغة ولا حكمه وما يترتب عليه من جهة الشرع، وهذه مصيبة البعض أن يردد أدعية لا يفقه معناها .

* وقد سئل العلامة الفوزان : ما حكم قول بعض خطباء المساجد في نهاية الخطبة: (اللهم عليك باليهود ومن هاودهم). ألا يدخل في ذلك النبي صلى الله عليه وسلم؟ لأنه قد هاود اليهود ووادعهم، فهل هذا اعتداء في الدعاء؟

ج: نعم، (هاودهم) هذه الكلمة معناها المصالحة، هاود معناه المصالحة، واليهود يجوز الصلح معهم، إذا كان فيه مصلحة للمسلمين، يجوز الصلح معهم كما صالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة، وكما صالح قريشاً في الحديبية، الصلح إذا كان من مصلحة المسلمين فإن الكفار يُصالَحون لأجل مصلحة المسلمين، هذا هو الحقّ، أما كلمة (هادوهم) معناه أنّ الرسول يدخل في هذا، وسبق أني نبهت واحداً على هذه اللفظة، لكنه لم يتجنّبها هداه الله .(شريط (4) وجه (ب) من شرح الحموية 4/11/1424هـ).

قلت : بل ويشمل هذا الدعاء كل حُكام المسلمين الذين صالحوا اليهود قديما وحديثا ، فتأمل أيها اللبيب .

[/align]


هذا الكلام المذكور فيه نظر:
وجهه:
أنه حمل "ال" في كلمة "يهود" على الجنس ؛ فجعلها للعموم .
والصواب هنا: أنها للعهد لا للجنس فلا تفيد العموم؛ وليت الأخ رجع لكلام الأصوليين في باب العام ونظر في معاني "ال" ومتى تفيد العموم وشرط ذلك .

ومما هو بين ظاهر: أن الداعي لا يريد إلا دولة يهود هذه، ولم يخطر في باله اليهود قبل مائة عام فضلا عن حيي بن أخطب وبيني قومه في وقته.
وحمل كلام المتكلم على مراده: متعين.
ثم من معاني المهاودة المنقول في الكلام السابق: الممايلة وغيرها، ويهود الآن في حال حرب مع المسلمين فالداعي يريد من يعينهم على المسلمين كأمريكا ومن وقف في صفها وأعان يهود على إخواننا، هذا المتبادر، ومراد الداعي ينبغي أن يعرف منه لا أن يحمل كلامه على معنى من المعاني لم يخطر بباله ثم يحاكم عليه!
كما فعل الشيخ وفقه الله حين جعل المعنى "المصالحة" ثم جعل اللام "للجنس" ثم تغليط الداعي.

ثم أتى هذا الأخ وجهّل الداعي وجعلها من الرزايا في حين أنه هو الذي لم يفهم معاناها ومدلوها لا من دعى بها!

ولا يحسن تغليط الناس في مثل هذه الأدعية المنتشرة بمثل هذا العجالات من النقول من غير تأمل ونظر في معاني الكلام ومدلولاته.

والله أعلم.
 
هذا الكلام المذكور فيه نظر:
وجهه:
أنه حمل "ال" في كلمة "يهود" على الجنس ؛ فجعلها للعموم .
والصواب هنا: أنها للعهد لا للجنس فلا تفيد العموم؛ وليت الأخ رجع لكلام الأصوليين في باب العام ونظر في معاني "ال" ومتى تفيد العموم وشرط ذلك .


والله أعلم.

لكن الأخ استند في كلامه على فتوى لأحد العلماء.

وتبقى المسألة وجهة نظر ، والأولى ترك ما فيه اشتباه وفعل الأدعية التي لا إشكال فيها فلوقال مثلاً: اللهم عليك باليهود ومن عاونهم مثلاً لكان أفضل.
 
جزاك الله خيرا أخي أبا أحمد على نقلك هذا الموضوع، وحقا إنه موضوع جدير بالعناية والانتباه لكثرة الخلل فيه من بعض الأئمة وفقهم الله، ولا شك أنهم يريدون الحق، لكن كم من مريد للحق لم يوفق له والله المستعان.
وجزى الله الشيخ عبدالرحمن السديس على تنبيهه اللطيف،وإن كان فيه نوع قسوة فيما أرى، لكن نلتمس له العذر بأنه أراد الذب عن دين الله وكل مأجور، إما أجرا أو أجرين إن صلحت النية والله يزيدنا من فضله.

بالنسبة للدعاء على عموم الكافرين بالهلاك فهي محل خلاف بين العلماء المعاصرين، وأذكر أنني سألت شيخنا المفضال عبدالكريم الخضير في شهر رمضان عام1425تقريبا عن ذلك فأفتاني بالجواز وقال: إننا مأمورون باتباع الأمور الشرعية، أما الأمور الكونية فلا علاقة لنا بها، نظير ذلك: أنك تدعو للمؤمنين بالمغفرة مع أن الله قد يعذب بعضهم بالنار قبل مغفرته لهم.(هذا مضمون جوابه وفقه الله)
فاللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه ولا تجعله ملتبسا علينا فنضل
آمـــــــــــــــيـــــــــــــــن
 
لكن الأخ استند في كلامه على فتوى لأحد العلماء.
.
بارك الله فيك
وأقوال العلماء المرجوحة قديما وحديثا = يتعذر على العاد حصرها، والكلام في الحجة والدليل، وليس هذا الباحث عاميا حتى يقال قلد من يثق بدينه؛ بل انتصب لتأليف هذه الرسالة، وطبعة ونشرها في الصحف، وكان من أدنى ما يجب عليه قبل الإنكار والتغليط= أن يتأمل ويبحث ويقرأ لا أن يأخذ جوابا عابرا في نهاية درس فهذا مما لا يحسن في التأليف مع أنه ذكر النقل بعد تقريره ولعله إنما ذكره استئناسا بعد التقرير.

وجزى الله الشيخ عبدالرحمن السديس على تنبيهه اللطيف، وإن كان فيه نوع قسوة فيما أرى،

بارك الله فيك
ليتك أخي الفاضل قبل حكمك على كلامي بأنه فيه قسوة، تتأمل ما اقتبسته من الكلام، وتقارن بينهما، وتضع في ذهنك أني حين رددت = جعلت نفسي في مكان من كلام هذا الباحث موجها له.
وعلى كل حال المهم معرفة الصواب، وكلام من أنكر هذا الدعاء في غير محله، ولا حجة له .
 
عودة
أعلى