الإسراف عادة مذمومة

إنضم
11/01/2012
المشاركات
3,868
مستوى التفاعل
11
النقاط
38
العمر
68
الإقامة
الدوحة - قطر
الإسراف نقيض الاقتصاد ؛ فهو تجاوز القصد والاعتدال ، ويدل على تعدي الحد والإغفال ؛ وعرفه الراغب الأصفهاني بقوله : السرف : تجاوز الحد في كل فعل يفعله الإنسان ، وإن كان ذلك في الإنفاق أشهر .ا.هـ . فأصل الإسراف – كما يقول الطبري : تجاوز الحد المباح إلى ما لم يُبَحْ ؛ وربما كان ذلك في الإفراط ، وربما كان في التقصير ؛ غير أنه إذا كان في الإفراط ، فاللغة المستعملة فيه أن يقال : أسْرف يُسرف إسرافًا ، وإذا كان في التقصير ، فالكلام منه : سَرِف يَسْرَفُ سَرَفًا .
فليس الإسراف – كما يظن البعض – في إنفاق المال فقط ؛ بل هو في كل فعل يفعله الإنسان ؛ فأسرف في ماله : أنفقه في غير حق ، وأسرف في الكلام : أطاله في غير إفادة ، وأسرف في القتل : أفرط وتجاوز الحد ؛ وبالجملة – كما يقول ابن منظور - السرف : الخطأ بمعنى وضع الشيء في غير حقه . وعلى ذلك فالإسراف في الماء : إهداره من غير فائدة ؛ والإسراف في الكهرباء : تجاوز الحد في استخدام الأجهزة الكهربائية أو في استخدام الطاقة الضوئية .
فالإسراف عادة مذمومة ؛ وهو محرم شرعًا ؛ فقد جاءت نصوص القرآن والسنة تنهى عن الإسراف ، قال الله تعالى : { وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ } ( الأنعام : 141 ) ، وقول U : { وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ } ( الأعراف : 31 ) ، وقال سبحانه واصفًا عباده المؤمنين : { وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا } ( الفرقان : 67 ) ؛ قال سفيان : { لم يُسْرِفُوا } أَي : لم يضَعُوه في غير موضعه ، { ولم يَقْتُروا } لم يُقَصِّروا به عن حقه ؛ وقال e : " كُلُوا وَاشْرَبُوا وَالْبَسُوا وَتَصَدَّقُوا فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا مَخِيلَةٍ " رواه أحمد والنسائي وغيرهما عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ؛ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : كُلْ مَا شِئْتَ وَالْبَسْ مَا شِئْتَ مَا أَخْطَأَتْكَ اثْنَتَانِ سَرَفٌ أَوْ مَخِيلَةٌ .
والإسراف عادة لا يقبلها العقل الصحيح بأي شكل من الأشكال ، إذ هي خروج عن حد الاعتدال في أي شيء ؛ فالإسراف في المال مضيعة له ، والإسراف في الوقت مهلكة لصاحبه ، والإسراف في المتع ترف مذموم ... وهكذا في كل شيء الإسراف مذموم .
إن الوسطية الرشيدة هي مسلك المسلمين ، ودعوة الإسلام لأتباعه في كل الأحوال وعموم الأوقات ، وهي خير ضمان لحماية التوازن البيئي فيما يتعلق بالماء وغيره من الموارد الطبيعية .
ولعل مشكلة الإسراف واحدة من أكثر المشاكل التي تزيدنا بعدًا عن الحفاظ على البيئة ؛ تأملوا معي من يسرف في الماء - حتى وان كان للتنظيف - فإنه بذلك يصرف موردًا مهما نحن في أمس الحاجة إليه ، وتأملوا من يسرف في صرف الطاقة ألا يعلم أن موارد الطاقة في نقصان مستمر ؟ وأن استخدامًا غير مناسب للطاقة يزيد من تلوث البيئة ؟
ليس عدم الإسراف بخلا وإنما هو وعي بيئي اقتصادي وحكمة وتدبير ؛ المسلم أولى بها .
 
عودة
أعلى