الإستغراب

إنضم
20/09/2008
المشاركات
26
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
مامعنى الإستغراب ؟

وماهي الكتب التي تتكلم عنه ؟
 
الاستغراب

الاستغراب

الاستغراب
أو
الإغراب
أو
النوادر

هو أن يأتي الشاعر بمعنى لم يُسْبَق إليه .
_________

يُنظر :
نقد الشعر لقدامة بن جعفر
البديع في نقد الشعر لأسامة بن منقذ
تحرير التحبير
أنوار الربيع للمعصومي
معجم المصطلحات البلاغية لأحمد مطلوب
 
أستاذنا الحبيب منصور مهران رعاه الله
لعل الأخت سارة تقصد (الاستغراب) بمعنى : الموقف من الفكر والتراث الغربي من حيث التعامل معه، والتفاعل معه ودراسته وغير ذلك . تماماً كعلم الاستشراق لهم بالنسبة لنا .
وقد كتبت فيه كتب مختلفة معاصرة ، منها كتاب حسن حنفي (مقدمة في علم الاستغراب) الذي أصدرته المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر . ونشرته دار الهادي الشيعية بعنوان (ماذا يعني علم الاستغراب) أيضاً ؟
وقد بدأت تكتب فيه المقالات والكتب التي تحث على تأصيل هذا العلم والعناية به .
ومن المقالات التي لدي في كمبيوتري لزميلنا في القسم الدكتور مازن مطبقاني وفقه الله مقالة بعنوان (متى ينشأ علم الاستغراب؟) هذا نصها للفائدة ..

إن قيام جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بإنشاء وَحْدة الاستشراق والتنصير بمركز البحوث التابع لعمادة البحث العلمي في الرياض قبل أكثر من عشرين سنة ثم إنشاء قسم الاستشراق بكلية الدعوة بالمدينة المنورة وهو القسم الوحيد في الجامعات العربية والإسلامية هيأ لهذه البلاد أن تكون رائدة في مجال دراسة الاستشراق بالإضافة إلى الريادة في مجالات أخرى، وقد فكّرت جامعة الأزهر في إنشاء مركز للدراسات الاستشراقية، وأعلنت ذلك في الصحف وإن لم يتم شيء من ذلك حتى الآن.وينبغي أن نلاحظ أن الدراسات الاستشراقية ليست مقتصرة على هذا القسم والمركز ولكن تخصيص مؤسسات وهيئات علمية إسلامية لهذا الغرض أمر مطلوب. وإنني أتطلع إلى اليوم الذي يكون لدينا في العالم الإسلامي عشرات الأقسام التي تهتم بالاستشراق.

وفي هذه المقالة سأحدثك عن الجانب المقابل لعلم الاستشراق ألا وهو:

الاستغراب الذي يمكن تعريفه باختصار: بأنه العلم الذي يهتم بدراسة الغرب ( أوروبا وأمريكا) من جميع النواحي العقدية، والتشريعية، والتاريخية، والجغرافية، والاقتصادية، والسياسية، والثقافية ..الخ. وهذا المجال لم يصبح بعد علماً مستقلاً، ولكن من المتوقع في ضوء النهضة العلمية التي تشهدها البلاد العربية والإسلامية أن تقوم مراكز البحث العلمي ووزارات التعليم العالي في العالم الإسلامي بشحذ الهمم وتسرع الخطى وتغذ السير لإنشاء أقسام علمية تدرس الغرب دراسة علمية ميدانية تخصصية في المجالات العقدية والفكرية والتاريخية والاقتصادية والسياسية.

ولعل سائلاً يتساءل لماذا ندرس الغرب وكيف لنا أن ندرس هذا العالم الذي سبقنا بمراحل عديدة أو بعدة قرون؟
=الأمر ليس صعباً أو مستحيلاً، فإننا إذا رجعنا إلى بداية الدعوة الإسلامية وجدنا أن المسلمين الأوائل حينما خرجوا لنشر الدعوة الإسلامية في العالم كانوا متسلحين بسلاح العلم بعقائد الأمم الأخرى وعاداتها وتقاليدها. كانوا يعرفون أرض الدعوة سياسياً واقتصادياً وجغرافياً. ولعلك تسأل من أين تحصلوا على هذه المعرفة. لقد كان رجال قريش تجاراً وكانت لهم رحلة الشتاء والصيف. لم يكونوا يحملون معهم التجارة ويذهبون للبيع والشراء فحسب، بل كانوا على اطلاع بأنظمة الدول الأخرى وأوضاعها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. أما الناحية العقدية فقد عرفوا منها شيئاً من اتصالهم بهذه الشعوب وجاء القرآن ليوضح لهم حقيقة اعتقادات اليهود والنصارى وغيرهم.
ولذلك فإن المسلمين الأوائل لم يجدوا صعوبة في التعرف على الشعوب الأخرى والتفاعل معها وأخذ ما يفيدهم مما لدى الأمم الأخرى من وسائل المدنيّة. حيث أخذوا الديوان والبريد وبعض الصناعات المهمة مثل صناعة الورق (الكاغد) التي طورّها المسلمون حتى أصبحت صناعات إسلامية.

ويرى البعض أننا نجد لمحات من دراسة الغرب في كتاب أسامة بن منقذ الاعتبار الذي تناول فيه جوانب من حياة الصليبيين فوصف طباعهم وأخلاقهم وتحدث عن مزاياهم وعيوبهم. ومن أطرف ما ذكره في هذا الكتاب مسألة العلاقة بين الرجل والمرأة وضعف الغَيْرة من الرجال على النساء بل لعلها تكون معدومة أحياناً. فلا يرى الرجل بأساً أن تتحدث زوجه مع رجل أجنبي وقد تختلي به بل هو الذي يتركها مع الرجل الأجنبي ويطلب إليها أن لا تتأخر مثلاً.

ونحن اليوم في حاجة إلى معرفة الغرب. ولعل بداية دراسة الغرب كانت فيما نقله رفعت رفاعة الطهطاوي وخير الدين التونسي وغيرهما عن أوروبا وكان من أبرز ما اهتم الاثنان به النظام السياسي الغربي القائم على الانتخاب والحريات السياسية. كما اهتم الاثنان بجوانب من الحياة الاجتماعية في الغرب وعلاقة الرجل بالمرأة. وكانت تلك النظرة التي ظهرت في كتابات التونسي والطهطاوي في وقت كانت قوة الغرب في عنفوانها وكان العالم الإسلامي يقاسي من ويلات التخلف فلا بد أن يصاب هؤلاء بالانبهار بالنموذج الغربي وإن كانا قد حاولا أن يربطا المحاسن الغربية ( في نظرهم ) بما في الإسلام.

وقد تجددت الدعوة لدراسة الغرب في منتصف هذا القرن في أحد مؤتمرات المستشرقين الدولية فقد أشار رودي بارت في كتابه المهم الدراسات العربية والإسلامية في الجامعات الألمانية (ص15) إلى أهمية أن يتوجه العالم الإسلامي لدراسة الغرب أسوة بما يفعله الغرب في دراساته للعالم الإسلامي. وقد تناول هذا الموضوع الدكتور السيد محمد الشاهد في خطة علمية قدمها لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عام 1414ونشر موجزاً لها في صحيفة (مرآة الجامعة) ثم ظهر كتاب الدكتور حسن حنفي (مقدمة في علم الاستغراب) وإنني أحب أن أقتطف منه عبارة عن أهداف دراسة الغرب جاء فيها أن من أهداف دراسة الغرب:" فك عقدة النقص التاريخية في علاقة الأنا بالآخر، والقضاء على مركب العظمة لدى الآخر بتحويله إلى ذات دارس إلى موضوع مدروس، والقضاء على مركب النقص لدى الأنا بتحويله من موضوع مدروس إلى ذات دارس مهمته القضاء على الإحساس بالنقص أما الغرب لغة وثقافة وعلماً ومذاهب ونظريات وآراء…"

ومما يؤكد على أهمية دراسة الغرب أن الغرب قد استطاع أن يبني حضارة ومدنية هي السائدة في أرجاء العالم اليوم وقد تردد منذ كتابات طه حسين ( مستقبل الثقافة في مصر) ولطفي السيد وغيرهما أن المسلمين لكي ينهضوا كما نهض الغرب أن يتخلوا عن خصوصياتهم وهويتهم ويلتحقوا بالغرب ويأخذوا بالحياة الغربية خيرها وشرها. وإن كان طه حسين قد تراجع عن مثل هذه الأفكار حيث لم يُعد طباعة كتابه (مستقبل الثقافة..) وقد سئل ذات مرة فقال: ذاك كتاب قديم.

كيف ندرس الغرب؟
لابد من التخطيط الفعّال في هذه القضية إن أردنا أن ننجح حقاً في التعرف إلى الغرب والإفادة من المعطيات الإيجابية للحضارة الغربية. ويحتاج هذا الأمر إلى عشرات اللجان في العديد من الجامعات العربية والإسلامية لوضع الخطط اللازمة لهذه الدراسات. ولكن حتى يتم ذلك لا بد من التفكير في الطريقة المثلى لهذه الدراسات. واذكر هنا أن الولايات المتحدة كانت قد بدأت فيها دراسة الاستشراق منذ بداية القرن التاسع عشر ولكنها بعد الحرب العالمية الثانية وجدت نفسها مضطرة لتحل محل بريطانيا في الشرق الأوسط أو في البلاد العربية الإسلامية،ووجدت نقصاً إن لم يكن عجزاً في الكوادر المؤهلة لفهم العالم العربي الإسلامي، فأصدرت الحكومة الأمريكية مرسوماً لتمويل عدد من المراكز لدراسة اللغة العربية والتركية والفارسية والأوردو ودراسات الأقاليم أو دراسة المناطق.
وبعد البدء في برامج اللغات العربية استعانت الجامعات الأمريكية بعدد من أساتذة الجامعات البريطانيين بخاصة والأوروبيين بعامة لتدريس الاستشراق في الجامعات الأمريكية كما بدأت الاستعانة ببعض أبناء المنطقة لإنشاء أقسام دراسات الشرق الأدنى كما فعلت جامعة برنستون حينما كلّفت فيليب حِتّي لإنشاء القسم في الجامعة.ثم بدأ التعاون بين أقسام دراسات الشرق الأوسط والمؤسسات العلمية الأخرى مثل مؤسسة الدراسات الاجتماعية والإنسانية وغيرها من المؤسسات العلمية والأكاديمية. وما زالت أكثر من عشرين جامعة أمريكية تحصل على دعم الحكومة الفيدرالية في مجال الدراسات العربية الإسلامية لتمسكها ببرنامج يلبي احتياجات الحكومة الأمريكية.
وفي العالم الإسلامي يكاد لا ينقصنا دراسة اللغات الأوروبية ولكننا بحاجة إلى من يتعلم هذه اللغات ليصل إلى مستوى رفيع في التمكن من هذه اللغات وبالتالي الدراسة في الجامعات الغربية والتركيز على قضايا الغرب وليس لدراسة موضوعات تخص العالم الإسلامي. فنحن بحاجة إلى من يعرف الأدب الغربي كما يعرفه مثلاً البروفيسور إدوارد سعيد الذي استطاع التعمق في فهم العقلية الغربية من خلال دراسة آدابهم. كما أننا بحاجة إلى من يتعمق في علم الاجتماع الغربي ليتعرف على مجتمعاتهم كأنه واحد منهم. ولم تعد هذه المسألة صعبة فإن في الغرب اليوم كثير من المسلمين من أصول أوروبية وأمريكية ويستطيعون التعرف على بيئاتهم معرفة حقيقية ولا يعوقهم شيء في التوصل إلى المعلومات التي يرغبون في الحصول عليها.

ولا بد من التأكيد على أن دراستنا للغرب يجب أن تستفيد من البلاد التي سبقتنا في هذا المجال ومن ذلك أن عدداً من البلاد الأوروبية قد أنشأت معاهد للدراسات الأمريكية فهناك معهد الدراسات الأمريكية تابع لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة لندن، كما أن جامعة مونتريال فيها معهد للدراسات الأمريكية وكذلك في ألمانيا. وقد أنشأت باكستان معهداً للدراسات الأمريكية.

ودراستنا للغرب لا شك ستختلف عن دراسة الغرب لنا: ذلك أن الغرب بدأ الاستشراق فيه منطلقاً من توجيهات وأوامر البابوات لمعرفة سر قوة المسلمين وانتشار الإسلام في البلاد التي كانت خاضعة للنصرانية.
وكان القصد ليس فقط معرفة الإسلام والمسلمين ولكن كانت أيضاً لهدفين آخرين:
- أحدهما: تنفير النصارى من الإسلام،
- والثاني إعداد بعض رجال الكنيسة للقيام بالتنصير في البلاد الإسلامية.

وبعد هذه البداية ظهرت أوروبا الاستعمارية فكان لا بد أن يواكبها أو يسبقها معرفة بالبلاد التي يراد استعمارها فتكون لدى الغربيين أعداد من الخبراء بالعالم الإسلامي ساهموا في تثبيت دعائم الاستعمار. وانحسرت الموجة الاستعمارية ولكن الغرب مازال حريصاً على استمرار نفوذه في العالم الإسلامي ليسهّل عملية وصول المواد الخام للبلاد الغربية وإعادتها بضائع مصنعة لترويجها في العالم الإسلامي. فلا بد من تغيير أنماط الحياة الاجتماعية في هذه البلاد والمحافظة على أنماط معينة من السلوك لتظل بلادنا أسواقاً مفتوحة لبضائعهم ومنتجاتهم إلى ما شاء الله.

أما نحن فحين نريد دراسة الغرب ومؤسساته وهيئاته:
- فأولاً : نحن بحاجة للأخذ بأسباب القوة المادية التي وصلوا إليها أليس في كتابنا الكريم ما يؤكد هذا( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم) . فكما يسعى الأمريكيون مثلاً للتعرف على الإدارة اليابانية وسر قوة الإنتاج والتقدم السريع لليابان فإننا أيضاً بحاجة إلى أن نعرف أسباب القوة لديهم. كما انهم استطاعوا تطوير آليات تطبيق الأنظمة في حياتهم في مجال الإدارة والصناعة والاقتصاد وفي التعليم وفي الثقافة.
- والأمر الآخر: أننا حين ندرس الغرب فليس لدينا تطلعات استعمارية فما كان المسلمون يوماً استعماريين وكم يعجبني رأي محمد جلال كشك في كتابه ( ودخلت الخيل الأزهر) في الدفاع عن الدولة العثمانية بأنها لم تكن ولا يمكن أن توصف بأنها دولة استعمارية وأتي بالأدلة والشواهد على ذلك. ولكننا نريد أن نحمي مصالحنا ونفهم طريقة عملة الشركات المتعددة الجنسيات التي ابتدعها الغرب وأصبحت أقوى نفوذاً من كثير من الحكومات.
- والأمر الثالث وله أهميته الخاصة: وهو أن هذه الأمة هي أمة الدعوة والشهادة فإن كان الأنبياء قبل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كانوا يُكَلّفون بدعوة أقوامهم فإن الدعوة الإسلامية موجهة إلى العالم أجمع وقد كلّف المسلمون جميعاً بحمل هذه الأمانة {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعن}، وجاء في حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم (نضّرَ الله امرأً سمع مقالتي فوعاها فبلغها إلى من لم يسمعها فربّ مُبَلّغٍ أوعى من سامع أو رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه)، وهذه الرسالة الخاتمة ليست نظاماً عقدياً فحسب بين العبد وربه كما هو الأمر في النصرانية التي يزعم أتباعها أن عيسى عليه السلام قال (دعوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله)، ولكنها نظام اجتماعي وسياسي واقتصادي وأخلاقي وفكري. ونحن أمة الشهادة فكيف لنا أن نشهد على الناس دون أن نعرفهم المعرفة الحقيقية.

ولن يكون علم الاستغراب لتشويه صورة الغرب في نظر العالم ذلك أننا ننطلق من قوله تعالى (ولا يجرمنّكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله) وقد جاء في الأمر بالعدل ولو كان أولى قربى أو الوالدين …ولنا أسوة في ذلك ما ورد عن عمرو بن العاص رضي الله عنه في وصف الروم بقوله :" إنّ فيهم لخصالاً أربعاً: إنهم لأحلم الناس عند فتنة وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة ، وأوشكهم كرة بعد فرّة وخيرهم لمسكين ويتيم وخامسة حسنة جميلة وأمنعهم من ظلم الملوك".
فمتى ينشأ علم الاستغراب؟
 
وهذه مقالة أخرى لم أقرأها كلها حول الموضوع :

الإسلام والآخر....رؤية في علم الاستغراب
محمد فتحي النادي

بعد انكسار الآخر (الغرب) إثر الحروب الصليبية -التي امتدت على فترة من الزمان قاربت مائتي عام؛ حيث ابتدأت الحملة الأولى عام 1096م، والأخيرة انتهت عام 1270، وتم جلاء الصليبيين النهائي عام 1291م، وقف مع نفسه وقفة متأنية حاول من خلالها تقويم أعماله الحربية وجدواها في محاولته سحق الإسلام أو حتى إضعاف شكوته، فوجد الحقيقة التي تجلت أمامه أن الفارق كبير بينه وبين الشرق من ناحية الرقي الحضاري والتقدم العلمي، فشعر بضرورة الاستفادة من التقدم الشرقي في كافة المناحي والمجالات.


ولم يمض وقت طويل حتى عقد مؤتمر فيينا الكنسي بين عامي 1311-1312م، وكان "من أهم قراراته: إنشاء كرسي للغة العبرية والعربية في معظم جامعات أوروبا، فتأسس كرسي اللغة العربية في روما على نفقة الفاتيكان، وفي باريس على نفقة ملك فرنسا، وفي أكسفورد على نفقة ملك إنجلترا، ويعتبر كثير من المؤرخين لحركة الاستشراق أن هذا المؤتمر هو البداية المنظمة وشبه الرسمية للاستشراق، وما كان قبل ذلك إنما كان بمثابة الإرهاص لميلاد هذه الحركة، وتبع ذلك انتشار المدارس والمعاهد الاستشراقية المعنية بدراسة الشرق وعلومه الإسلامية بصفة خاصة".
وهذا معناه أن الآخر (الغرب) ازداد عنده الوعي ونما، واستشعر ذاته، فعمل على تغذيتها بآخِر ما توصل إليه العلم، والذي كان العرب والمسلمون أربابه.

ثم جاء السقوط الكبير المدوي للقسطنطينية عاصمة الإمبراطورية الرومانية الشرقية في يوم الثلاثاء 20 جمادى الأولى 857هـ / 29مايو 1453م فزاد من فزع الآخر (الغرب)، مما جعله يُعجِّل من خطاه ليواجه الإسلام الذي بات يسكن معه في عقر داره بعد أن كانت المناوشات بينهما تدور في أراضٍ بعيدة عن موطنه، ورأى أن القوة العسكرية في هذه الظروف لا تنفع فلجأ إلى دراسة الإسلام من كل جوانبه متلمسًا جوانب القوة وكاشفًا عن مواطن الضعف.

وشاءت إرادة الله أن تدب في العالم الإسلامي إبان النهضة في الغرب أمراض الأمم والشعوب، فتخلى عن قيادته للعالم، وحدث تبادل لمواقع القيادة بين العالم الإسلامي والآخر (الغرب)، فلقد كان العالم الإسلامي هو الهادي للبشرية في حيرتها الروحية، وكان آخذًا بزمام العقل، وإمامًا للتفكير العلمي السليم، وهذا يعني أن حضارته كانت حضارة متوازنة شاملة، معنية بالروح والمادة معًا، لا تضخم جانبًا وتهمل الآخر، ولكن حدث قصور في فهم المسلمين ونظرتهم للحياة أدى بهم إلى اعتزال قيادة البشرية.
وفي هذه الأثناء هب (الآخر) الغرب من رقدته التي تطاولت على مدى قرون، نافضًا عنه غبار الجهل والتخلف حتى تحولت عجلة الحضارة من الشرق مولية وجهها نحو الغرب، وترك العالم الإسلامي عرشه الذي كان متوجًا عليه ليحل محله (الآخر) الغرب.

وقد ساعده على ذلك الدراسة العميقة للإسلام من خلال المستشرقين الذين وضعوا الإسلام وشعوبه تحت المبضع، فما تركوا حاجة أو داجة من شئونهم إلا أحصوها وحللوها؛ فدرسوا العقائد واللغات والآداب والفنون، حتى العادات والتقاليد.
لقد رسموا صورة واضحة في أذهانهم عن كيفية التعامل مع الإسلام وشعوبه، وعندئذٍ هجم الغرب علينا متسلحًا بأسلحة كثيرة ومتنوعة من علمية وعسكرية وثقافية... إلخ، فتمكن منا واحتل أراضينا وكذلك عقولنا، وعمل على مسخ هويتنا وذاتيتنا وثقافتنا وحضارتنا، وإحلال ثقافته وحضارته محلها، وذلك من خلال أشياعه من بني جلدتنا الذين انبهروا بحضارته إجمالاً، فاستمرءوا تبعيته، وأصبحوا أبواقًا له، لا يصدرون إلا عن أوامره، ولا يفكرون إلا من خلال رؤيته، فيما سمي بعملية التغريب.
تلك العملية التي حاول الآخر (الغرب) من خلالها أن نكون ذيولاً له، فاقدين لخصائصنا الحضارية، وأن ندور في فلكه، وأن تكون له المركزية الحضارية.
ولكن الأمة الإسلامية قاومت هذا التذويب المتعمد للشخصية، وعملت على التمسك بقيمها وثوابتها.

هذه هي "عملية الوعي بالذات"، ولكن تبقى "عملية الدفع"، أي: الدفع بعجلة التقدم للنهوض الحضاري من جديد. هذا الدفع الحضاري يحتاج إلى عاملين أساسيين:
الأول: التمسك بالقيم والمبادئ والثوابت والتصورات والأطر الإسلامية العامة.
الثاني: الانفتاح على الآخر للاستفادة بمنجزاته الحضارية التي لا تخالف تصوراتنا العقدية ولا تصطدم معها، وليس معنى ذلك النقل فقط عنه، ولكن تجاوز ذلك بالبناء عليه والإبداع الخلاق.

وهذا يتم -من وجهة نظري، وقد سبقني إلى ذلك أعلام كبار- من خلال ما اصطلح عليه "علم الاستغراب"؛ فهذا العلم "هو الوجه الآخر المقابل بل والنقيض من "الاستشراق"؛ فإذا كان الاستشراق هو رؤية الأنا (الشرق) من خلال الآخر (الغرب)، يهدف "علم الاستغراب" إذن إلى فك العقدة التاريخية المزدوجة بين الأنا والآخر، والجدل بين مركب النقص عند الأنا ومركب العظمة عند الآخر".

وقد "نشأ علم الاستغراب occidentalism في مواجهة التغريب westernization الذي امتد أثره ليس فقط إلى الحياة الثقافية وتصوراتنا للعالم، وهدد استقلالنا الحضاري".
وقد ظهرت إرهاصاتٌ لهذا العلم، ولكن "لم تقم حتى الآن حركة نقد له إلا في أقل الحدود بمنهج الخطابة أو الجدل، دون منهج النقد ومنطق البرهان".

فنحن في حاجة ماسة لتعميق هذا العلم، وإيجاد الكوادر العلمية المتخصصة فيه في كافة التخصصات، والتي تجعل من الآخر ذاتًا مدروسة بعد أن ظلت لفترة طويلة ذاتًا دارسة لنا، فخير وسيلة للدفاع هي الهجوم، بحيث نجعل علومهم في ميزان النقد والتمحيص، ولا قدسية لفكرة بشرية.

وللقيام بذلك على الوجه الأكمل ندعو لتضافر الجهود؛ حيث تضيع الجهود ويتأخر الإثمار إذا كان القائمون على ذلك فرادى، فنحن نريد مؤسسات ترعاها الدول العربية والإسلامية، وكذلك المنظمات الكبرى كمنظمة المؤتمر الإسلامي، أو جامعة الدول العربية؛ فالعمل المؤسسي يكون أجدى وأفضل، وحتى يصب العلم وتوصياته مباشرة في دائرة صنع القرار، وبذلك يتضافر العلم مع السلطة من أجل إنهاض هذه الأمة من جديد، ودفعها لقيادة ركب الأمم.

ونؤكد على أن هذا لا يتم بين عشية وضحاها، ولكنه يحتاج إلى حسن تخطيط، وطول نفس فما انهار في قرون لا يُقام في عقود، ويحتاج كذلك إلى دراسة واعية من دارسين على أعلى المستويات من التحكم في الأدوات العلمية من معرفة بلغات الآخر، وطرق تفكيره، إلى جانب إخراج هذا العلم وهذه المعطيات من بين جدران الجامعات ودور البحث العلمي ومعاهده إلى الفضاء الثقافي العام حتى يعم نفعه الجميع.
 
ذاك اجتهادي

ذاك اجتهادي

الأخ الكريم الدكتور عبد الرحمن الشهري
لقد أصبتَ تصوُّر السؤال فأحسنت الجواب
وكنتُ توقعتُ عدة أمور مما يعنيه صاحب السؤال ، فاخترتُ ما يناسب المفسرين من المعنى المتداول بينهم ، وقلتُ : إن يكنه فالحمد لله إذ هداني لبعض البيان . وإلا فالحمد لله الذي جعل في هذه الأمة مَنْ يوجه إلى الصواب .
وبالله التوفيق .
 
جزاك الله خيرا أخ منصور لكن فعلا لم أقصد ماذكرت

إنما أقصد ماذكره الأخ عبد الرحمن الشهري

وإن كان بالإمكان أخ عبد الرحمن تزويدي ببيانات المقالات التي أوردتها لان الموضوع موضوعاً بحثياً

وإحالتي على مصادر وكتب أخرى تتكلم عن الإستغراب والإستشراق وإن كان بالإمكان وضعها هنا وأتمنى أن تكون من الكتب القديمة نسبياً والتي لاتحيل على كتب أخرى

وأردت السؤال عن كتاب مازن مطبقاتي (الإستشراق ) هل يباع في الأسواق لاني لم أجده على الشبكة العنكبوتية

وجزاكم الله خيرا وبارك فيكم
 
عودة
أعلى