د.أبو بكر خليل
Member
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، و الصلاة و السلام على سيدنا محمّد ؛ المبعوث رحمة و هداية للعالمين
و بعد
فقد طرح سؤال في بعض المنتديات عن عدّة المطلّقة في وقت النفاس
و قد ذكر أنها من ذوات الحيض ( الجاريات عادتهن على الحيض من قبل ) ؛ فتدخل في عموم قول الله تعالى : { و المطلّقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } . [ البقرة : 228 ] .
و عليه : تكون عدتها : ثلاثة قروء ( حيضات أو الطهر منها ) ؛ بنصّ الآية .
و قد طرح إشكال : أن النفساء تكون في الغالب مرضعة ، و المرضعات لا يحضن غالبا ؛ لأن الرضاع يمنع الحيض في الغالب الأعمّ .
و وجه الإشكال : العسر و الضيق في انتظار حدوث الثلاث حيضات - بعد انتهاء الرضاع الذي يستغرق مدة سنتين غالبا .
- و هو إشكال معتبر لولا وجود الدليل ، و هو النصّ المتقدم ،
و قد ينازع البعض في دخول المطلّقة النفساء في عمومه ، و لكن الإجماع على ذلك الحكم يمنع اعتبار النزاع ؛ و هو ما حكاه الإمام ابن المنذر - ( ت 319هـ ) - في كتابه " الإشراف " ( " الإشراف على مذاهب أهل العلم " – و له تسمية أخرى : " الإشراف في مسائل الخلاف " ) ، و سيأتي ذكره بعد إن شاء الله .
و ابن المنذر إمام جليل ترجم له الذهبي في كتابه " سير أعلام النبلاء " ؛ قال : ( الإمام الحافظ العلامة، شيخ الاسلام، أبو بكر، محمد بن إبراهيم ابن المنذر النيسابوري الفقيه، نزيل مكة، وصاحب التصانيف ك " الاشراف في اختلاف العلماء "، وكتاب: " الاجماع "، وكتاب : " المبسوط "، وغير ذلك ) .
* و لمّا كان ذلك الكتاب - " الإشراف " - غير منشورعلى شبكة المعلومات الدولية " الإنترنت " الآن - على ما أظن – بل و المطبوع منه غير مشهور ؛ فأحببت نقل المتعلّق منه بمسألة النفساء هنا :
باب المطلّقة النفساء
(( أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم – ممن يقول : إن الأقراء الأطهار ، و من يقول : إن الأقراء الحيض - : إن المطلّقة و هي نفساء لا تعتدّ بدم النفاس حتى تستأنف ثلاثة قروء .
روي هذا القول عن زيد بن ثابت ، و الحسن ، و عطاء ، و سليمان بن يسار ، و الزهري .
و به قال أبو عبيد ، و ذكر أنه قول أهل الحجاز ، و العراق جميعا .
قال : لأن دم النفاس ليس من القروء ، و لا يلزمه اسمها )) . ( 1 ) أهـ
*** و المطلّقة النفساء ممن تكون مرضعة ، و يشّق عليها انتظار وقوع ذلك الحيض بعد انتهاء مدّة الرضاع السنتين غالبا – لأن الحيض قليل بل نادر الحدوث مع الرضاع – يمكنها تعاطي الأسباب المؤدية إلى حدوث الحيض و نزول دمه ؛ بالأدوية أو بعدم الإرضاع منها بل من غيرها ، و الأول أولى و أهون و أيسر ؛ و عندئذ تعتدّ بالثلاثة قروء ( حيضات أو الطهر منها ) .
هذا و الله أعلم
--------------------------------------------------------------------------------------------------------
الهوامش
1- من كتاب " الإشراف على مذاهب أهل العلم " – لأبي بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري ، الشافعي ، طبعة دار الفكر العربي ، بيروت ، لبنان ، 1993م / 1414هـ ، مجلد1 ، صفحة 261 ، 262
الحمد لله رب العالمين ، و الصلاة و السلام على سيدنا محمّد ؛ المبعوث رحمة و هداية للعالمين
و بعد
فقد طرح سؤال في بعض المنتديات عن عدّة المطلّقة في وقت النفاس
و قد ذكر أنها من ذوات الحيض ( الجاريات عادتهن على الحيض من قبل ) ؛ فتدخل في عموم قول الله تعالى : { و المطلّقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } . [ البقرة : 228 ] .
و عليه : تكون عدتها : ثلاثة قروء ( حيضات أو الطهر منها ) ؛ بنصّ الآية .
و قد طرح إشكال : أن النفساء تكون في الغالب مرضعة ، و المرضعات لا يحضن غالبا ؛ لأن الرضاع يمنع الحيض في الغالب الأعمّ .
و وجه الإشكال : العسر و الضيق في انتظار حدوث الثلاث حيضات - بعد انتهاء الرضاع الذي يستغرق مدة سنتين غالبا .
- و هو إشكال معتبر لولا وجود الدليل ، و هو النصّ المتقدم ،
و قد ينازع البعض في دخول المطلّقة النفساء في عمومه ، و لكن الإجماع على ذلك الحكم يمنع اعتبار النزاع ؛ و هو ما حكاه الإمام ابن المنذر - ( ت 319هـ ) - في كتابه " الإشراف " ( " الإشراف على مذاهب أهل العلم " – و له تسمية أخرى : " الإشراف في مسائل الخلاف " ) ، و سيأتي ذكره بعد إن شاء الله .
و ابن المنذر إمام جليل ترجم له الذهبي في كتابه " سير أعلام النبلاء " ؛ قال : ( الإمام الحافظ العلامة، شيخ الاسلام، أبو بكر، محمد بن إبراهيم ابن المنذر النيسابوري الفقيه، نزيل مكة، وصاحب التصانيف ك " الاشراف في اختلاف العلماء "، وكتاب: " الاجماع "، وكتاب : " المبسوط "، وغير ذلك ) .
* و لمّا كان ذلك الكتاب - " الإشراف " - غير منشورعلى شبكة المعلومات الدولية " الإنترنت " الآن - على ما أظن – بل و المطبوع منه غير مشهور ؛ فأحببت نقل المتعلّق منه بمسألة النفساء هنا :
باب المطلّقة النفساء
(( أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم – ممن يقول : إن الأقراء الأطهار ، و من يقول : إن الأقراء الحيض - : إن المطلّقة و هي نفساء لا تعتدّ بدم النفاس حتى تستأنف ثلاثة قروء .
روي هذا القول عن زيد بن ثابت ، و الحسن ، و عطاء ، و سليمان بن يسار ، و الزهري .
و به قال أبو عبيد ، و ذكر أنه قول أهل الحجاز ، و العراق جميعا .
قال : لأن دم النفاس ليس من القروء ، و لا يلزمه اسمها )) . ( 1 ) أهـ
*** و المطلّقة النفساء ممن تكون مرضعة ، و يشّق عليها انتظار وقوع ذلك الحيض بعد انتهاء مدّة الرضاع السنتين غالبا – لأن الحيض قليل بل نادر الحدوث مع الرضاع – يمكنها تعاطي الأسباب المؤدية إلى حدوث الحيض و نزول دمه ؛ بالأدوية أو بعدم الإرضاع منها بل من غيرها ، و الأول أولى و أهون و أيسر ؛ و عندئذ تعتدّ بالثلاثة قروء ( حيضات أو الطهر منها ) .
هذا و الله أعلم
--------------------------------------------------------------------------------------------------------
الهوامش
1- من كتاب " الإشراف على مذاهب أهل العلم " – لأبي بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري ، الشافعي ، طبعة دار الفكر العربي ، بيروت ، لبنان ، 1993م / 1414هـ ، مجلد1 ، صفحة 261 ، 262