الأنعام و النعم

[بهجة الرفاعي]

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الله عز وجل :وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۚ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ (٧٨) وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ(٧٩) سورة المؤمنون

فالله سبحانه تعالى أنعم الانسان بنعم كثيرة منها السمع و الابصار و جعلها تختلف عن باقي المخلوقات و هي نعم تؤدي وظيفتها في تحقيق هدف دنيوي أو أخروي....و لكن حين تتعطل الوظيفة الاخروية فإن النعم حتى لو كانت تؤدي وظيفتها الدنيوية تعتبر نعم معطلة. قوله تعالى في سورة الانفال "وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (٢١) " .فالسامع حتى لو سمع فإنه لا يسمع و حتى لو بصر فإنه لا يبصر .....و في هذه الحالة تكون النعم بمثابة نقم لصاحبها بدون إدراك لان اصلا إذا أدرك حقا ما اصبحت نقم .....و الادراك لا يتوقف وضيفته في العلم فقط و لكن في العلم و العمل


قال الله عز و جل في سورة طه :قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا (١٢٥) قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا ۖ وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىٰ (١٢٦)﴾

 

[بهجة الرفاعي]

قال الله عز وجل:
إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (٢٢) وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأَسْمَعَهُمْ ۖ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا وَّهُم مُّعْرِضُونَ (٢٣)﴾ [الأنفال: [٢٢-٢٣]


تفسير ابن كثير

أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ هَذَا الضَّرْبَ مِنْ بَنِي آدَمَ شَرُّ(١) الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ، فَقَالَ: ﴿ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ﴾
أَيْ: عَنْ سَمَاعِ الْحَقِّ ﴿الْبُكْمُ﴾ عَنْ فَهْمِهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ﴾ فَهَؤُلَاءِ شَرُّ الْبَرِيَّةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ دَابَّةٍ مِمَّا سِوَاهُمْ مُطِيعَةٌ لِلَّهِ [عَزَّ وَجَلَّ](٢) فِيمَا خَلَقَهَا لَهُ، وَهَؤُلَاءِ خُلِقُوا لِلْعِبَادَةِ فَكَفَرُوا؛ وَلِهَذَا شَبَّهَهُمْ بِالْأَنْعَامِ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلا دُعَاءً وَنِدَاءً [صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ] ﴾ [الْبَقَرَةِ: ١٧١] .(٣) وَقَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: ﴿أُولَئِكَ كَالأنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾ [الْأَعْرَافِ: ١٧٩]

(١) في ك، م، أ: "سيئ".
(٢) زيادة من م
(٣) زيادة من ك، م، أ، وفي هـ: "الآية"

 

[بهجة الرفاعي]

نلاحظ أن الله سبحانه تعالى شبه أولئك بالانعام لانهم خلقوا للعبادة فكفروا في حين للاسف بعض الناس تطلق كلمة الانعام لمن له قدرات عقلية ضعيفة أو علم دنيوي ضئيل !