الأطر الجاهزة

سهاد قنبر

New member
إنضم
01/06/2011
المشاركات
388
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
الأطر الجاهزة
في عالمنا يحتفظ المرء في جعبته بأطر جاهزة في متناول يده يخرجها كلما أراد أن يشرع في التواصل مع إنسان ما ،إذ أن التواصل مع أي شخص مشروط بحشره في إحدى هذه الأطر .
وتتعدد أنواع الأطر التي نحشر الناس فيها ؛فهي أحياناً أطراً مذهبية وعقدية،وأحياناً أطراً لجماعات دينية وحركات سياسية ،ولا يخلو الأمر من أطر اجتماعية وفكرية ودرجات علمية،وقد يضيف آخرون أطراً لجمال المظهر وأناقته ،ثم يأتي التواصل والحوار من خلال الإطار،ولعل سؤالاً خطر على بالك أيها القارئ الكريم ما معنى التواصل من خلال الإطار ؟
التواصل من خلال الإطار يعني أنك لا تسمع كلمات الشخص مباشرة فالكلام يمر في نفق ويتعرض لعملية معقدة من المعالجة الذهنية مما يجعله يمتزج مع خلفيتك المعرفية عن الإطار الذي حشرت المتحدث فيه وهذه الأطر تفوت الاستماع المحايد والحر.إن سياسة التأطير تجعلنا نشعر بالارتباك عند الاضطرار للتواصل مع شخص عصي على الأطر التي نملكها،لسان حاله يقول أنا أوسع من أطركم الجاهزة ،ولأننا لا نتقن التواصل بلا إطار نبحث له عن أطر جديدة نحشره فيها.ما لم نتخلى عن الاستماع والتواصل من خلال الإطار فلن نستطيع الحوار ولن نستطيع اقتناص الحكمة التي قال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم:الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها.
على أية حال لا تعد سياسة التأطير الابتلاء الوحيد الذي منيت به عملية التواصل عندنا ،فنحن نعاني في حواراتنا من القولبة والتنميط ممايعيق الفكر الحر عن الانطلاق والإبداع في فضاءات الكون.

 
هل كان عمر - رضي الله عنه - مؤطرا حين تعامل مع صبيغ ؟
وهل كان ابن عمر - رضي الله عنه - مؤطرا حين تعامل مع القدرية ؟
وهل كان السلف - رضي الله عنهم - من الصحابة إلى غبرات عصرنا مؤطرين حين تعاملوا مع المبتدعة بكافة فرقهم ؟
وما صح في جانب العقيدة يصح في الجوانب الأخرى نفسية أو فكرية أو اجتماعية لأن المصدر واحد عند المسلمين ؟
وفقك الله ؟
 
الدكتور الفاضل عبد الرحمن هذه الأطر يمكن التخلص منها لكني أجانب الحقيقة إن قلت أن الأمر سهل على المستوى الفردي أو على المستوى الجماعي وسأقترح بعض الوسائل لهذا:
-الاعتراف بوجود هذه الأطر هو اول الطريق للتخلص منها
-وقوف الإنسان على أرض صلبة تجعله أكثر انفتاحاً على الآخرين، ويعد كتاب الله وسنة نبيه من أصلب ما يرجع إليه المرء في حواراته ولو كانت هذه المرجعية حاضرة في أذهاننا بشكل دائم ما احتجنا لأطر جاهزة نستمع من خلالها
-الإخلاص لله ،والتجرد له،وتوحيده، وترك الهوى يفتح قنوات التواصل بين الناس .
-يحتاج الأمر للدربة الطويلة والإرادة القوية لمقاومة عقل جمعي أسهم في خلق هذه الأطر.
الأخ الفاضل سلمان العنزي بشأن تساؤلاتك نعم كان للصحابة أطرهم وسعوا جاهدين للتخلص منها، ومن أمثلة هذا سؤال الرسول صلى الله عليه وسلم للصحابة عن رأيهم بأحد المارة من الرجال فامتدحه الصحابة ،ثم مر آخر فذمه الصحابة فصحح الرسول لهم مقولتهم بقوله "..هذا خير من ملء الأرض من مثل هذا "وتعامل الصحابة والسلف مع اهل البدع جاء بعد الاستماع لهم ولم يكن استماعاً مؤطراً ،اما بالنسبة لوقتنا الحالي فنحن نظرياً ندعي الاستماع ونحن لا نستمع إلا لأنفسنا،وندعي الحوار بينما نحن في الحقيقة نحاور عقلنا الباطن ،هذا ما عنيته بالأطر الجاهزة ،أرجو ان اكون زدت الفكرة وضوحاً لا تعقيداً.
 
الأخ الفاضل سلمان العنزي بشأن تساؤلاتك نعم كان للصحابة أطرهم وسعوا جاهدين للتخلص منها، ومن أمثلة هذا سؤال الرسول صلى الله عليه وسلم للصحابة عن رأيهم بأحد المارة من الرجال فامتدحه الصحابة ،ثم مر آخر فذمه الصحابة فصحح الرسول لهم مقولتهم بقوله "..هذا خير من ملء الأرض من مثل هذا "وتعامل الصحابة والسلف مع اهل البدع جاء بعد الاستماع لهم ولم يكن استماعاً مؤطراً ،اما بالنسبة لوقتنا الحالي فنحن نظرياً ندعي الاستماع ونحن لا نستمع إلا لأنفسنا،وندعي الحوار بينما نحن في الحقيقة نحاور عقلنا الباطن ،هذا ما عنيته بالأطر الجاهزة ،أرجو ان اكون زدت الفكرة وضوحاً لا تعقيداً.

شكر الله لك
أنا لا أريد أن أدخل في نقاش مفصل ، ولكني أطلب منك مراجعة ما حمرته لك من خلال قراءة كتب العقائد المسندة لتري هل وفقت في هذه الإجابة أو لا ...
أسأل الله أن يفتح على قلبي وقلبك وأن يجعلهما بلا أطر دنيوية .
 
وهناك أنواع أخرى من الأطر الجاهزة كلاعبي كرة القدم و"الفنانين" من المغنيين والممثلين والمسرحيين والمشاهير من الإعلاميين....إلخ. فالأطر أنواع وأشكال وألوان تتعدد وتتنوع حسب الفئات العمرية وحسب المستوى المعرفي والوعي لدى مختلف هاته الفئات وخاصة الشباب منهم. فكم من الشابات والشباب عندما يتحدثون معك أو إليك يتحينون الفرصة ليذكروك أو يخبروك بـ"مثلهم الأعلى" في هذا الجانب أو ذاك، المحبوب والمعشوق لديهم، المفضل عندهم إلى درجة الهوس أو الجنون، المتحَكِّم في كثير من ممارساتهم وآرائهم.
فهذا المرض (مرض الحديث من خلال الإطار) أو الابتلاء الذي أصاب فئات عريضة من أبناء الأمة يمكن علاجه إذا ما قمنا بتشخيصه التشخيص الدقيق وحددنا مواطن وجوانب وجوده، إذ ذاك يمكن التخلص من هذه الأطر أو من هذه الشخصانية (إذا صحت هذه التسمية) المسيطرة على نفسية وعقول الصابين بها. وذلك باللجوء إلى الوصفات الجاهزة التي لاتحتاج الذهاب إلى طبيب ولا إلى صيدلي، إنها بكل بساطة صيدلية القرآن والسنة. والذي لايستطيع الرجوع إليها؛ يمكنه اللجوء إلى وصفات أخرى مستخرجة منها.
وفي نظري فإن التخلص من هذه الأطر يكون بتربية الناشئة على أخلاق القرآن وآدابه وعلى استلهام روح النقاش والحوار الذي يدعونا إليه، والتربية كذلك على التحلي بأخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم باعتباره قدوة للعالمين كافة، فتوجيهاته صلى الله عليه وسلم كانت دائما تُقَوِّم ما يظهر في صحابته من أخطاء وتوجههم لما يفيدهم في دنياهم وينفعهم في أخراهم. والاقتداء كذلك بالعظماء في نهجهم وسِيَّرِهم من أمثال: الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم؛ والقادة: كخالد بن الوليد وسعد بن أبي وقاص وربعي بن عامر وعمرو بن العاص و طارق بن زياد؛ وغير هؤلاء من الأكابر الذين ملؤوا الدنيا أخلاقا وآدابا وعدلا وشجاعة وجرأة في قول الحق واتباعه والدعوة إلى الاقتداء به.
لكن ياتُرى ما المقصود أو المراد بـ"العقل الجمعي"؟ وما معنى"لم يكن استماعا مؤطرا"؟ وهل كل ما قيل وراج في هذا لنقاش لم يكن بسب التأطير وخارجا عنه؟ هذه الأسئلة وغيرها مما يمكن أن يطرح في هذا الباب بحاجة إلى نقاش.
 
يبدو أن عصر الثورات في كافة الأصعدة

قد نزع وسينزع بنا وبمن حولنا منازع شتى

حتى دعا البعض إلى الثورة على كل شيء

ولا إخال الإنسان كائنا من كان قادراً على ذلك

فلا بد له من أطر تأطره شاء أو لم يشأ .. علم أو لم يعلم

لنرجع أمام ذلك كله مخبتين لمن له المشيئة المطلقة والإحاطة المطبقة

لكن .. من لي بمن يميز الأطر التي يحبها وترضيه سبحانه

عن الأطر التي هي في الحقيقة ليست من دينه في شيء !

{ لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ ، وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ
وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (42) }

..
 
شكراً على طرح موضوع كهذا لأهميته، وسوف أسلط بعض الضوء على هذه الأطر على المستوى الاجتماعي والنفسي واللغوي والعلمي الطبيعي ، ونتعرض لشيء من تراثنا النفيس، فنمثل لكيف يؤثر التأطير حتى على تفسير النصوص كالقرآن العظيم وغيره، فإن عنوان الموضوع مناسب.
جزاكم الله خيرا.
 
وفقكم الله وسدد خطاكم

مسألة التأطير والأطر هذه مسألة كبيرة جدا، ومناقشتها ينبغي أن تكون على مقدار حجمها؛ لأن مسألةً بهذا الحجم إذا نوقشت مثل هذه المناقشة المختصرة المقتصرة تكون قد وقعت أيضا ضحية التأطير والأطر التي يفترضها صاحب الموضوع.

فمثلا: لماذا افترض صاحب الموضوع أن التأطير مذموم؟
وإذا كان مذموما في بعض الأحيان، فهل هو مذموم دائما؟ ألا توجد بعض الأحوال يكون فيها التأطير محمودا؟
وقد أثبت صاحب الموضوع أن الكتاب والسنة من أهم الأمور التي يرجع إليها الإنسان، طيب .. أليست هذه من الأطر المحمودة؟
والكتاب والسنة ليسا مشاعا لكل أحد ينظر فيهما بما شاء من غير أن يهتدي بالأطر العلمية المعروفة من أصول الفقه وأصول التفسير وأصول الحديث وأصول اللغة.
فمن أراد أن يستند إلى الكتاب والسنة فلا بد أن يستند إليهما في تأطير معين، وإلا كان الباب مفتوحا لكل من شاء أن يفهم ما يشاء مما يشاء، وحينئذ فلا يكون هناك معنى للاستناد إليهما؛ لأنه لو ساغ لكل إنسان أن يفهم ما يشاء مما يشاء، فكيف حينئذ يمكنني إقناع غيري بمثل هذا الاستناد؟

الموضوع كبير جدا؛ لأنه يتعلق بنظرية المعرفة ككل، وبأسس التفكير إجمالا، وبأصول العقل والمنطق.
ومع هذا فلا ينكر أحد أن بعض الأطر تكون باطلة ويكون البناء عليها سببا في الخطأ في التعامل مع المخالف، أو في الخطأ في الفهم والتطبيق.

وينظر هنا للفائدة:
 
الموضوع كبير جدا؛ لأنه يتعلق بنظرية المعرفة ككل، وبأسس التفكير إجمالا، وبأصول العقل والمنطق.
صحيح بارك الله فيكم، وهذا نظر إلى صفة المُلاحِظ فقط وإلا فهناك طبيعة المُلاَحظ - بفتح اللام - ودوره في المسألة، لذا يقسمون هذه القضية الكبيرة إلى قسمين - كما سأتعرض لها إن أذن الله - الأول هو: الإبستمولوجي (طبيعة المعرفة)، وهو الشق الذي ذكرتَه مشكوراً، والثاني هو: الأُنتولوجي، وهو الوجود استقلالاً عن طبيعة العلم والمعرفة البشرية ، كيف هو وما دوره في تشكيل معرفتنا.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ،،،،، أما بعد

موضوع الأطر موضوع مطروق في كثير من المدراس النفسية المتأخرة ويكثر إيراده وتبسيطه - لدرجة الإخلال أحياناً - في الدورات التدريبية التي انتشرت مؤخراً، سواء تلك المتعلقة بتنمية الذات أو الشخصية أو المتعلقة بتطوير المنظمات وأفراد الشركات، وإلا فحقيقة الأمر أن فكرة الأطر - وهي أنواع كما سنبين - له جذور في فلسفات كبرى حيّرت البشرية بلا استثناء ولكن بمراتب متفاوتة.
عندما نقول "إطار" - أو frame أو paradigm - فنحن نتحدث عن انطلاق الفرد من مجموعة مُحدَّدة ومُحدِّدة من الأفكار والمشاعر والسلوكيات، فلا يمكن لفرد في الوجود إلا أن يتسم بمحددات تحدد كيف تعمل أفكاره ومشاعره وبالتالي سلوكياته - أو سلوكاته عند من يصحح لغوياً - حتى الفقيه والمفسر والمحدث وأنا وأنتم نعيش هذه المحدودية التي تقيّد نظرتنا للأشياء وتعاملنا معها وتفسيرنا لها بنسب متفاوتة، وهذا من لوزام كون الإنسان، كما يقول ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، "افتقاره ذاتي"، بمعنى أنه لازم له لا ينفك عنه، وبعض فلاسفة الأخلاق اللاهوتيين يُعبر بتعبير آخر فيقول هذا من شروط كوننا بشر في مقابل المُطلق وإن اختلف البشر في تعيين هذا المطلق. هذه الأطر - حتى أدلف إلى الموضوع مباشرة - منها ما هو لغوي ومنها النفسي ومنها الاجتماعي الثقافي ولا تكاد تخرج عن هذه الثلاثة.
الأطر اللغوية بدورها أيضاً تنقسم إلى قسمين: منها ما هو ذاتي في اللغة ومنها ما هو متعلق باللغة كسلوك. مثال الأول، أي ما هو ذاتي للغة، اشتمال بعض اللغات على تتابع عدة أصوات ساكنة قد تصل إلى خمسة أو أكثر وافتقارها إلى الإتساع في الأصوات المتحركة، فهذا إطار يحجز متكلمي تلك اللغة عن إتقان اللغة التي تتوقف على صفات عكس تلك، أي غنية بالمتحركات، كما في العربية حيث بلغ التشبع بالمتحرك أن فطنوا لمشكلة تجاور ساكنين والحاجة إلى الفصل بينهما عند كل فرصة تُمكّن من ذلك. كذلك نوع آخر من الأطر الذاتية للغة افتقار بعض اللغات لصيغ التثنية كاللغة الإنجليزية، فهذه الأنواع من الأطر، حتمية أو كالحتمية، بمعنى أن صاحبها يعسر عليه جداً أو قد يستحيل أن يتحرر منها أو يقاومها بالكلية
[1]. أما النوع الثاني من الأطر اللغوية - وهو الأهم ربما والأكثر صلة بالموضوع الحالي - فهو إطار السلوك اللغوي، وله جذور اجتماعية وثقافية بالدرجة الأولى، وأحياناً له أبعاد خطيرة جداً حتى على مستوى اللاشعور، أو الوعي الباطن [2] ....

يتبع إن شاء الله


= = = = = = = =
[1] لطيفة يُمكن أن تورد هنا هو تكلّم زكريا بلغة الرمز، فهذا نوع يمكن أن يُطلق عليه - عندنا كمسلمين نؤمن بالله والوحي - حتمي (أي قسري أو كالقسري)، لأن الله قال (آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا) ، قال البغوي رحمه الله:"قال أكثر المفسرين : عقل لسانه عن الكلام مع الناس ثلاثة أيام".
[2] ابتكرت هذا الاصطلاح أثناء نقدي للمصطلح الشائع في الدورات التدريبية أو كتب علم النفس، ألا وهو مصطلح "اللاوعي". وعندي لا يوجد شيء اسمه "لاوعي" - أي أن الإنسان يتصرف في الأحوال الطبيعية بطريقة لا حضور للوعي فيها البتة - فهذا لا يكون إلا في حالة الإغماء أو الهذيان والجنون، والصواب أو الأقرب أن يُطلق على هذه الحالة: "الوعي الباطن" في مقابل "الوعي الظاهر" ولكل منهما سمات لها اتصال بالسلوك اللغوي وكذا الاجتماعي لبني آدم، وسوف أتعرض لها بشيء من التفصيل إن شاء الله.
 
أظن أن منشأ الخلاف الحاصل بين الإخوة ليس في كون أصل التأطير مذموما أو غير مذموم، وإنما في تحديد:"متى يكون التأطير مذموما؟ ومتى يكون غير مذموم؟،لأن التأطير شيئ لا يمن تلافيه في الحياة، وإلا كيف يمكن أن نفسر أحكام الجهاد والتعزير وعموم العقوبات لولا أن هذه الجماعة أطرت في إطار من يجب مقاتلته،والأخرى في إطار من يجب تعزيره,,,وهكذا.
الذي ذكرته الأخت"سهاد" هو الـتأطير الذي يكون نتيجة خلفية مسبقة قبل أن يدلي الطرف الآخر بما يبرر هذا التأطير أو يدل عليه دلالة واضحة، وهذا السلوك له عواقبه في الدعوة ، ويبقى الميزان الحق هو القرآن والسنة الصحيحة كما ذكرت الأخت سهاد.
ومما يمثل لما ذكرته : "حوار إبراهيم عليه السلام مع أبيه"، أبلغه حجته واستمع لرده،فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه، وعلى هذا تقاس الأمور الأخرى...إبلاغ الحجة وبيان وجه الحق ، الإستماع لوجهة نظر الطرف الآخر ،مع محاولة دفع الشبه التي تحول بينه وبين فهم الحجة، فإن ركب رأسه فماالذي يمنع من تأطيره؟
أما أثر النبي صلى الله عليه وسلم مع صحابته الكرام فليس فيه إبطال للتأطير، بل فيه تصحيح للأساس الذي ينبغي أن بني عليه .
 
شكر الله للأخوة الأفاضل مشاركاتهم في هذا الموضوع ،والمشاركة الأصلية هي في حقيقتها خاطرة جالت في النفس من مواقف في هذه الحياة فارتأيت تسجيل هذه الخاطرة في الملتقى المفتوح ،وأنا أحب الكتابة في الملتقى المفتوح لأنجو من المساءلة العلمية ،وفي البداية استغربت الردود على هذه الخاطرة فالبعض وجه لي الأسئلة وآخر سائلني في قضايا العقيدة وغيره تحدث عن الثورات ،ثم يأتي من يعتبر الخاطرة تبسيط مفرط لقضايا مرتبطة بعلم النفس السلوكي ونظرية المعرفة ،وأصبحت أبتسم كلما تذكرت هذه الخاطرة التي سجلتها في دقيقة واحدة وكان دماغي منصرفاً عن أي تفكير عميق ،شكراً لكل من شارك في الرد على المشاركة الأصلية فالكل شارك من إطاره ،وقاني الله وإياكم الأطر الجاهزة وما يستتبعها من سوء الفهم في الحوارات بين الناس.
 
شكر الله للأخوة الأفاضل مشاركاتهم في هذا الموضوع ،والمشاركة الأصلية هي في حقيقتها خاطرة جالت في النفس من مواقف في هذه الحياة فارتأيت تسجيل هذه الخاطرة في الملتقى المفتوح ،وأنا أحب الكتابة في الملتقى المفتوح لأنجو من المساءلة العلمية
لعل هذا من الأطر الجاهزة أيضا؛ لأن الكلام ليس فيه ما يوحي بتاتا بأنه خاطرة سريعة.
وإذا كان في ذهن الكاتب شيء لم يكتبه ولا تدل عليه كلماته، فكيف يعرفه القارئ؟
كما أن مفهومكم للملتقى المفتوح غير صحيح، فالمساءلة العلمية فيه وفي غيره سواء؛ لأن هذا ملتقى علمي لا يسمح فيه بعرض الأفكار المبتسرة والخواطر المجهولة.

وفي البداية استغربت الردود على هذه الخاطرة فالبعض وجه لي الأسئلة وآخر سائلني في قضايا العقيدة وغيره تحدث عن الثورات ،ثم يأتي من يعتبر الخاطرة تبسيط مفرط لقضايا مرتبطة بعلم النفس السلوكي ونظرية المعرفة
استغرابكم هذا أيضا لعله بسبب الأطر الجاهزة؛ لأن كل كلام له لوازم ولا يخالف في هذا أحد من العقلاء، فإطلاق الكلام من غير اعتبار لوازمه يوحي بعجلة غير محمودة؛ والعجلة قرينة الزلل والخطأ، فالاستغراب يكون من هذا لا ممن رأى هذا.

وأصبحت أبتسم كلما تذكرت هذه الخاطرة التي سجلتها في دقيقة واحدة وكان دماغي منصرفاً عن أي تفكير عميق
إن كان الابتسام بسبب ما فجرته هذه الخاطرة من أفكار نقدية إيجابية لدى الأعضاء فهذا رائع.
أما إن كان الابتسام بسبب اعتقاد أن القراء حملوا الكلام ما لا يحتمل فهذا غير جيد.

شكراً لكل من شارك في الرد على المشاركة الأصلية فالكل شارك من إطاره ،وقاني الله وإياكم الأطر الجاهزة وما يستتبعها من سوء الفهم في الحوارات بين الناس.
الصواب أن يقال: وقاني الله وإياكم (شر) الأطر الجاهزة؛ لأن كثيرا من الأطر الجاهزة هي من المنهج العلمي السديد في الفهم والتفكير، بل كثير منها هو من أصول الشرع التي لا يصح الدين إلا بها.
وقولكم (فالكل شارك في إطاره) إن كان المقصود منه المدح فهذا يناقض فكرة الخاطرة، وإن كان المقصود منه النقد فهو ينطبق عليكم أيضا؛ ففي كلامكم بعض الأطر الجاهزة كما سبقت الإشارة.
وهو تعميم غير صحيح أيضا؛ لأن بعض من شارك تكلم بتجريد منطقي لا يختلف فيه عاقلان، فأين الإطار الجاهز في هذا؟
 
وهنا مسألة مهمة تتعلق بالموضوع:
وهي أنه ما دام معظم الناس يتكلمون ويتعاملون ويفهمون من خلال مجموعة من الأطر الجاهزة.
فهذا معناه أن على المتكلم مراعاة ذلك عند التواصل مع الناس، لا سيما إن كان صاحب دعوة يريد نشرها، أو صاحب فكر يريد إيصاله للناس.
ومراعاة ذلك تكون بالمبالغة في إيضاح الكلام وبسطه، والاحتراز من سوء الفهم الذي يمكن حصوله بسبب الأطر الجاهزة.
وتفصيل ذلك نراه مبسوطا في علم البلاغة وفي علم أصول الفقه، هذا فضلا عن النظرية التداولية في اللغويات الحديثة.
 
إن كان الابتسام بسبب ما فجرته هذه الخاطرة من أفكار نقدية إيجابية لدى الأعضاء فهذا رائع.
نعم ابتسامي بسبب ما فجرته الخاطرة من أفكار نقدية لدى الأعضاء لا سيما عندما تم اعتبار الموضوع تبسيطاً لقضية مبسوطة في علم النفس السلوكي ،واعتبار علاقتها بنظرية المعرفة والأبستمولوجيا والأنطولوجيا ،وأنا لانا قة لي ولا جمل بهذا العلم ولا أعلم عنه سوى اسمه .
 
بارك الله فيكم جميعاً ، والأخت سهاد مباركة حتى في خواطرها السريعة فضلاً عن الموضوعات التي تكتبها بعناية .
وقد استفدت من هذه الأفكار التي تفضل بها الزملاء ، ولا سيما أخي المتفنن المبدع أبو مالك العوضي وفقه الله ، وطالما استفدنا من علومه وفوائده ، وأخي الذي يصمت كثيراً ثم يأتي بالجميل الرائق عبدالله الشهري وهو متخصص في هذه العلوم ، ولغته الإنجليزية في الذروة وقد نشأ في بريطانيا حتى كادت تفقده لهجة بني شهر ولكن الله سلَّم، ويعجبني التفاته لكتب التفسير الأولى، واهتمامه بها وبما فيها من دقائق المسائل ، وأرجو أن يبسط لنا الكلام في مثل هذه المسائل التي ننتفع بها في حياتنا العلمية وغيرها، فإن الملتقى المفتوح لمثل هذه الفوائد ، وقد آن الأوان للعودة لإكمال بعض السلاسل التي كنتُ بدأتها فيه مثل خزانة الأدب ، ويعود أخي فهد الجريوي لفوائده وفرائده ، وأخي أبو مالك العوضي لمختاراته الفريدة من كتب التراث .
وفقكم الله لكل خير .
 
شكر الله لكم أخي الأكبر وشيخنا الموقر عبدالرحمن، فأنتم القادة وأهل المبادرة، والله يكتب ما قدمتم وآثاركم الحسنة.
 
أخي العزيز أبا مالك أختي الكريمة سهاد، تتمة لحواركما: لا ولن ينفك أحد عن إطار، شاء أم أبى، فهو من قدر الله الكوني الذي لا محيد عنه، لم يشذ في ذلك من الفرق المعاصرة إلا فرقة واحدة اشتهرت في أدبيات الفلسفة الغربية وهي المدرسة المسماة بــ Libertarianism ولم أقف أو أصل إلى الآن إلى ترجمة دقيقة ولكن فكرتها أن الحرية الكاملة حقيقية لدرجة أن هذه الأُطر التي نتحدث عنها لا وجود لها أو لا قوة لها تؤثر بها في سلوكنا.
وأضيف أن كوننا نعيش في أطر، لا مناص من ذلك، ليس عيباً أو خطأ أو مشكلة إلا في سياقات معينة واعتبارات خاصة. لنأخذ على سبيل المثال "إطار الفطرة" ، فكل مولود يولد على الفطرة، وهذه نعمة من الله وخير للبشر، والأمثلة لا تحصى، ولا أنس أن اختم بأن وجود الخالق وفق تصور معين - التصور الإسلامي مثلاً - يجعل الناس يتحركون في أطر لا يتحركون فيها لو كان تصورهم للخالق كتصور مشركي قريش أو اتحادية الهندوس أو لو كان تصورهم للوجود إلحادي، فعندئذ تتولد من هذا التصور أطر سلوكية تستبيح ما أحظره وتحظر ما أبيحه....هذا وقد أشار القرآن إلى طرف من تأثير الأطر ممثلٌ - على سبيل االمثال - في قضية الظن، فإن الكفار لما ظنوا - وبالتالي اصطنعوا إطاراً بهذا الظن - أن الله لا يعلم كثيراً مما يعملون، أرداهم ظنهم ، أي هذا الإطار الذهني الفاسد، قال تعالى {
فذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم}، ومن هنا جاء الأمر بمراقبة "تأطيرات الظنون" هذه باستمرار والانتباه لها، ففي الحديث :"أنا عند ظن عبدي بي..." الحديث. واللطيف أن القرآن يوميء إلى معنى يتصل بدلالة الإطار - ولو بشكل غير مباشر - بتصوير الظن على أن له دائرة تختص به وتحيط بصاحبها {الظانينَ بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء} ، وكأن الظن مولّد تلقائي - بحكمة الله - لما يشاكله ويناسبه من الإطارات، فمن كان ظنه سيئاً - سلبياً بالتعبير المعاصر - أحاطت به "دائرة" (وهذا إطار) سيئة من جنس اختياره، والموضوع له قصة وتفاريع وتباريح، وفي البقية أكثر إن شاء الله تعالى.
أخوكم.
 
عودة
أعلى