الأطر الجاهزة
في عالمنا يحتفظ المرء في جعبته بأطر جاهزة في متناول يده يخرجها كلما أراد أن يشرع في التواصل مع إنسان ما ،إذ أن التواصل مع أي شخص مشروط بحشره في إحدى هذه الأطر .وتتعدد أنواع الأطر التي نحشر الناس فيها ؛فهي أحياناً أطراً مذهبية وعقدية،وأحياناً أطراً لجماعات دينية وحركات سياسية ،ولا يخلو الأمر من أطر اجتماعية وفكرية ودرجات علمية،وقد يضيف آخرون أطراً لجمال المظهر وأناقته ،ثم يأتي التواصل والحوار من خلال الإطار،ولعل سؤالاً خطر على بالك أيها القارئ الكريم ما معنى التواصل من خلال الإطار ؟
التواصل من خلال الإطار يعني أنك لا تسمع كلمات الشخص مباشرة فالكلام يمر في نفق ويتعرض لعملية معقدة من المعالجة الذهنية مما يجعله يمتزج مع خلفيتك المعرفية عن الإطار الذي حشرت المتحدث فيه وهذه الأطر تفوت الاستماع المحايد والحر.إن سياسة التأطير تجعلنا نشعر بالارتباك عند الاضطرار للتواصل مع شخص عصي على الأطر التي نملكها،لسان حاله يقول أنا أوسع من أطركم الجاهزة ،ولأننا لا نتقن التواصل بلا إطار نبحث له عن أطر جديدة نحشره فيها.ما لم نتخلى عن الاستماع والتواصل من خلال الإطار فلن نستطيع الحوار ولن نستطيع اقتناص الحكمة التي قال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم:الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها.
على أية حال لا تعد سياسة التأطير الابتلاء الوحيد الذي منيت به عملية التواصل عندنا ،فنحن نعاني في حواراتنا من القولبة والتنميط ممايعيق الفكر الحر عن الانطلاق والإبداع في فضاءات الكون.