الأساليب التبشيرية في العصر الحديث

إنضم
12/08/2005
المشاركات
84
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
[align=center][align=center]الأساليب التبشيرية في العصر الحديث

أهدافها إتجهاتها وعلاقتها بالسياسة والتعاون القائم بينهما

وأهدافه وأثر هذا التعاون على الدعوة الإسلامية والأمة الإسلامية

للدكتور علي محمد جريشة

عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
[/align][/align]
تمهيد

[align=justify]1ـ التبشير الحديث.. صورة العصر للغزو الفكري..

الذي صار بديلا عن الغزو العسكري، بعد أن فشل الأخير في تحقيق أهدافه خلال الحروب الصليبية.

2ـ بيد أن الغزو الفكري أخطر من الغزو العسكري..!

ـ فلئن كان الأخير يحتل منا الأرض والتراب..

فإن الأول يحتل منا العقل والقلب والروح. وهي لعمري أعز على الله من الأرض والتراب.!

ـ كذلك فإن الأخير ينتبه له الغافلون والنوم ويستيقظون، أما الأول فيتدسس ويتدلس فما يحسه النوم والغافلون.. حتى يحتل منهم أعز ما خلق فيهم الله وأكرم!

ـ وأخيرا فإن المتعاونين مع الغزو العسكري.. يوصمون بالغدر والخيانة ويلفظهم بنو أوطانهم أما المتعاونون مع الغزو الفكري.. بل الفاعلون الأصليون فيه ـ فإنهم يوصفون بأوصاف أقلها.. الوطنية، والتقدمية والإصلاح وقد يرتفعون في أوطانهم إلى مقام الزعامة.. الفكرية.. أو السياسة وحقيقتهم.. أنهم.. أشد خيانة من الأولين!

3ـ والتبشير الحديث.. يرتبط بالعمل السياسي ارتباطا لا يقبل التجزئة فالأخير هو الذي يخطط له، ثم هو الذي يتولى الإشراف على تنفيذه، ويحميه بالقوة السياسية والقوة العسكرية إن لزم الأمر.. ثم هو في النهاية الذي يجني ثماره، ويستثمر قطافه.. بما يحقق الغاية المرجوة والهدف المنشود!

4ـ وأخيرا.. فلم يعد التبشير الحديث قاصرا على ما يصدره الغرب.. لقد أتقن الشرق كذلك الصناعة وصدر كذلك البضاعة.. واختلف مع الغرب أو اتفق. لكنه شاركه الوسيلة والهدف.. وإن غايره في شيء من التخطيط!

5ـ وهذا البحث جديد بإذن الله.. فيما يحاول أن يكشف من وسائل التبشير الحديثة، وما يكشف عن الغاية منها والباعث من ورائها.. ليعرف المسلمون كيف يحاربون، ومن أين يحاربون.. وليعرفوا بعد ذلك..

إلى أين المفر.. وكيف يكون المستقر..!

ليعرف المسلمون.. موقفهم دعوة، وأمة، ودولة..مما يراد لهم، ومما يراد بهم ليحددوا لأنفسهم.. الطريق.. والهدف

والوسيلة والغاية

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون!

وفي فصل أول نتحدث بمشيئة الله عن:

التبشير في الغرب.. وسائله، وأهدافه، وتعاونه مع السياسة.

وفي فصل ثان نتحدث بمشيئة الله عن:

التبشير في الشرق.. وسائله، وأهدافه، وتعاونه مع السياسة.

وفي فصل ثالث نتحدث عن:

موقف الإسلام.. دعوة وأمة

والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..

الفصل الأول

التبشير الحديث.. من الغرب

مقدمة:

6ـ لم يعد سرا.. أن التبشير بدأ حيث انتهت الحروب الصليبية [1] بديلا عنها.. فلقد أنفق الغرب من دمه وماله الكثير.. فما أورثه ذلك إلا صحوة المسلمين.

من هنا أدرك أن الضربة لا ينبغي أن توجه إلى الجسد.. بل ينبغي أن توجه إلى القلب.. إلى عقيدة المسلمين.. علهم يرتدوا عن دينهم.. ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم: {وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا.. }

7ـ بيد أن التبشير بدأ في البداية.. إخراجا للمسلمين من دينهم، وإدخالا لهم في دين آخر.. وقد فشلت تلك الوسيلة.. فقد كان عدد المرتدين من يعدون على الأصابع.

من هنا كان تفكيرهم.. في أسلوب آخر.. اكتفوا فيه بالشطر الأول دون الشطر الثاني.. اكتفوا فيه بإخراج المسلمين من دينهم.. دون إدخالهم في دين آخر.. وهو ما استجابوا فيه لنصيحة كبير من كبرائهم:

ولكن مهمة التبشير التي ندبتكم دول المسيحية للقيام بها ليس في إدخال المسلمين في المسيحية فإن في هذا هداية لهم وتكريما.

وإنما مهمتكن أن تخرجوا المسلم من الإسلام ليصبح مخلوقا لا صلة له بالله وبالتالي لا صلة تربطه بالأخلاق التي تعتمد عليها الأمم في حياتها[2].

8ـ وحين انتقلت مدارس التبشير إلى الولايات المتحدة الأمريكية.. أخذ شيئا من العصرية تغطى إخراج المسلمين من دينهم وهو ما عالجه الكتاب الأمريكيون تحت عنوان التغيير الاجتماعي[3].

وصاحبه ثقل الولايات المتحدة الأمريكية العصر.. فلم تلجأ للقوة العسكرية الأجنبية إلا في حالات الضرورة القصوى.. وجعلت بديلا عنها.. القوة العسكرية المحلية.. أو القوة العسكرية المحلية ولعبت في هذا المجال لعبة الأمم أو لعبة الشعوب.. متمثلة جلها في الانقلابات العسكرية [4].

وأصبح البحث في التبشير فيما كان يحدث في القرن الثامن عشر أو التاسع عشر.. ضربا من التخلف لا ينبغي لباحث إسلامي أن يقع فه واقتضت المعاصرة أن تبحث فيما يجري الآن بيننا.

تحت اسم التغيير الاجتماعي..

وتحت اسم التغيير السياسي..

لنكشف عن لعبة الجديدة..

لنكشف عن اللعب بمصائر الشعوب.. وبعقائد الشعوب!!!

المطلب الأول

أساليب التبشير الحديث

( التغيير الاجتماعي )

( أو التغريب )

مقدمة:

9ـ إن جزيرة العرب التي هي مهد الإسلام لم تزل نذير خطر للمسيحية [5] متى توارى القرآن، ومدينة مكة عن بلاد العرب، يمكننا حينئذ أن نرى العربي يتدرج في سبيل الحضارة التي لم يبعده عنها إلا محمد وكتابه [6].

يجب تبشير المسلمين بواسطة رسول من أنفسهم ومن بين صفوفهم لأن الشجرة يجب أن يقطعها أحد أغصانها[7].

…. هكذا كان الأمر صريحاً في البداية.

ثم توارى تحت الاصطلاحات الجديدة ..

إن النخبة العسكرية في الشرق الأدنى .. في مصر والسودان والعراق وتركيا وإيران وباكستان كانت عوامل هامة في جلب التغيير الاجتماعي[8].

تشترك النخبات العسكرية عميقاً في الاعتقاد بضرورة التغيير الاجتماعي السريع.

أما الآن فقد قبلت التأثيرات الغربية في الشرق الأدنى إلى درجة تجعل من الصعب التحقق من أن امرأ ما قد ذهب أو لم يذهب إلى أوربا أصلا فقد أصبح العرب متغربين بدون أن يتكلفوا عبء الذهاب إلى أوربا

فبينما ترك الحكام الغربيون منطقة الشرق الأدنى، تتحول هذه المنطقة فتصبح أكثر غربية، ويواجه الزعماء العرب طريقين:

فهم يطردون الغرب سياسياً، ويسحبون الكتل الشعبية إلى الغرب ثقافياً

10ـ إذن فالاستراتيجية الجديدة التي رسمت .. لهذه المنطقة هو تغريبها أو إحداث التغيير الاجتماعي فيها .. والتي تتغير معه القيم والمثل والتقاليد .. من قيم ومثل وتقاليد إسلامية .. إلى قيم ومثل وتقاليد غربية أي غير إسلامية ..

وبذا يتم إبعاد المسملين عن دينهم

وهو بديل عن إخراج المسلمين عن دينهم

وبديل .. أكثر نجاحاً!

11ـ واستراتجيتهم أو خطتهم في إبعاد المسلمين عن دينهم تقوم على

1ـ التدرج ـ وإن كانوا يتعجلون الأمر أحياناً .. فيطلبونه: سريعاً.

2ـ مخاطبة العقل والقلب ..

بوسائل الإقناع المختلفة.

3ـ أن يقوم على ذلك رجال وطنيون أو كما قال المبشرون في مؤتمراتهم يجب تبشير المسلمين بواسطة رسول من أنفسهم لأن الشجرة يجب أن يقطعها أحد أغصانها.

أما تكتيكهم لهذا أو وسيلتهم فهي:

أولاً: العلمانية في التعليم

والإعلام

والقانون

ثانياً: القومية: في الجانب السياسي

ثالثاً: تحرير المرأة في الجانب الاجتماعي

ونشير إلى هذه الوسائل بالتفصيل ..



أولاً: العلمانية

12ـ ليست العلمانية اشتقاقا من العلم.. كما قد يوهم اللفظ.. لأنه لو كان كذلك لكانت العلمانية اشتقاقا من كلمة SCIENCE وهي التي تعني بالإنجليزية العلم لكنها بكل أسف اشتقاق من SECNIOR وهي في الإنجليزية مرادف لـ:

UNRELIGEMS وهي تعني لا ديني..

ومن هنا ندرك.. خبث الترجمة.. إنها قصد إلى تظليل أبناء العربية ليظنوا العلمانية اشتقاقا من العلم! ومن هنا ندرك كثيرا من التصريحات حول إنشاء دولة علمانية.. فإنها تعني دولة لا دينية.. أي لا دين لها من الناحية الرسمية![9].

13ـ ولئن حققت العلمانية للغرب كسبا في إبعاد الكنيسة عن التدخل في شؤون الدولة بما وقعت فيه الكنيسة من حجر على العقول ومن قبلها حدر على القلوب فإنها في الشرق الإسلامي تحقق للغرب كسبا أكبر في ابعاد المسلمين عن مصدر عزتهم ومجدهم ونهضتهم في إبعادهم عن الإسلام! والغرب كما سنشير عند حديثنا عن التغيير السياسي إن شاء الله ـ يهمه كثيرا أمر الإسلام.. بعد تجربته المريرة خلال الحروب الصليبية.. وقبلها حين طرق أبواب فيينا في وسط أوربا!

وفي مؤتمر للدعوة والدعاة لا نحسبنا بحاجة إلى بيان كيف نشأ فصل الدين عن الدولة في أوربا، وكيف كان ذلك كسبا لها.. وكيف انتقل الداء إلى الشرق الإسلامي وكيف كان ذلك.. لصالح الغرب المسيحي.. لا الشرق الإسلامي ـ فنحسب أن ذلك من بدهيات علم الدعاة!

وهذه العلمانية حرص عليها أعداء الإسلام في مجالات ثلاثة:

التعليم.. الإعلام.. القانون..

ونشير إلى كل بكلمة



1ـ علمانية التعليم

14ـ كان التعليم أقدم الوسائل للتبشير، ولا يزال أهمها.. ومن هنا كان الحرص على علمنة التعليم.. أي إبعاده عن الدين.. وهو أمر سار في شعبتين:

الشعبة الأولى: تضييق مجال التعليم الديني، وتميعه

والشعبة الثانية: توسع مجال التعليم عير الديني وتعضده

وأعقب ذلك… الاختلاط بين الجنسين في مرحل التعليم.



15ـ أما الشعبة الأولى

فقد كان الحرص عليها شديدا.. لما كان سائدا في الشرق الإسلامي من انتشار التعليم الديني حتى أعداء الإسلام بخطورته على مخططاتهم فصرح بذلك كرومر المندوب السامي لإنجليزي ابان الاحتلال البريطاني لمصر:

إن التعليم الوطني عندما قدم الإنجليز إلى مصر كان في قبضة الجامعة الأزهرية الشديدة التمسك بالدين، والتي كانت أساليبها الجافة القديمة!! تقف حاجزا في طريق أي إصلاح تعليمي (!!) وكان الطلبة الذين يتخرجون من هذه الجامعة يحملون معهم قدرا عظيما من غرور التعصب الديني (!!) ولا يصيبون إلا قدرا ضئيلا من مرونة التفكير والتقدير (!!) فلو أمكن تطوير الأزهر عن طريق حركة تنبعث من داخله لكانت هذه خطورة جليلة الخطر ….[10]

كذلك فلقد كان أهم ما بحث المؤتمر التبشير المنعقد في القاهرة سنة 1906 أمر التعليم في الأزهر فنعى أن باب التعليم فيه مفتوح للجميع، وأن أوقاف الأزهر الكثيرة تساعد على التعليم فيه مجاناً، ودعا في مواجهته إلى إنشاء معهد مسيحي لتنصير الممالك الإسلامية [11].

وقد تم التضييق من التعليم الديني بأكثر من وسيلة

أولا: بالتفرقة الظالمة بين المناصب والمرتبات بالنسبة لخريجي الأزهر وخريجي الجامعات وذلك حتى عهد قريب بالنسبة للمرتبات وحتى الآن بالنسبة للمناصب[12].

ثانيا: بالسخرية المرة اللاذعة بالنسبة للمنتسبين للتعليم الديني في الرسوم وفي النكات وفي التمثيليات والمسرحيات والأفلام السينمائية.. والقصص المكتوبة وذلك بتصوير العالم الديني أو الطالب الديني تصويرا منفرا والإزراء به والازدراء من شأنه وشكله!

ثالثا: امتد التضييق إلى برامج الدين في المدارس العامة أو التعليم العام.. وذلك بالوسيلة السابقة وهي الإزراء بمدرس الدين والازدراء من شأنه وشكله ثم بإقلال أهمية حصة الدين وجعله من المواد التي لا يمتحن فيها الطالب أو يمتحن فيها ولا يرسب!

16- الشعبة الثانية بالنسبة للتعليم غير الديني

فقد رسمت برمجه خارج الوطن الإسلامي ثم نفذت فيه وهو ما يصرح به أكثر من واحد:

يقول جب وفي أثناء الجزء الأخير من القرن التاسع عشر نفذت هذه الخطة لأبعد من ذلك بانماء التعليم العلماني ( غير الديني ) تحت الإشراف الإنجليزي في مصر والهند [13].

ويقول الزعيم المبشر زويمر مخاطبا زملائه في مؤتمر التبشير المنعقد بالقدس الإسلامية لقد قبضنا أيها الإخوان في هذه الحقبة من الدهر من ثلث القرن التاسع عشر إلى يومنا هذا على جميع برامج التعليم في الممالك الإسلامية..

والفضل إليكم أيها الزملاء..

أنكم أعددتم نشأًً لا يعرف الصلة بالله ولا يريد أن يعرفها وأخرجتم المسلم من الإسلام وفي مؤتمر أدنبرج التبشيري الذي عقد عام 1910 قالت اللجنة الثالثة التي كانت تبحث في الأعمال المدرسية التي يقوم بها المبشرون: اتفقت آراء سفراء الدول الكبرى في عاصمة السلطنة العثمانية على أن معاهد التعليم الثانوي التي أسسها الأوربيون كان لها تأثير على حل المسألة الشرقية، يرجح على تاثير العمل المشترك الذي قامت به دول أوربا كلها..(!!) [14] .

17ـ وساعد على إنماء التعليم العلماني وعضد قواه.. تلك البعثات التي كانت ولا تزال ترسل إلى الدول المسيحية الأوربية.. التي تصنع هذه البرامج الكفيلة بزحزحة عقيدة الطالب المسلم وإفساده ليعود إلى بلاده بغير دين.. ويحمل علم العلمانية الداعية إلى نبذ الدين! [15].

ونظرة من القديم إلى ما حدث لرفاعة رافع الطهطاوي بعد أن قضى في باريس خمس سنوات.. ونظرة من الحديث إلى شبابنا الذين نبتعثهم إلى دول الكفر في سن المراهقة أو قريبا منها.. فيصيبهم الانحلال في أخلاقهم والتشويش في عقائدهم وأفكارهم، والتعالي والاستكبار في سلوكهم ومعاملاتهم وتقديس كل ما هو غربي، والاستهزاء بكل ما هو شرقي أو عربي.. [16] .

ومع البعثات .. كانت مدارس .. وكليات .. وجامعات .. تفتح في بلاد الإسلام لتنفيذ نفس ما تنفذه البعثات .. داخل الأوطان نفسها [17] وشملت تلك المدارس والكليات والجامعات .. البنين والبنات.

الخطو الثالثة: الاختلاط بين الجنسين

18ـ أدرك أعداء الإسلام ما يؤدي إليه اختلاط الجنسين في سن الشباب وما قبلها في سن المراهقة .. من انحلال الجنسين .. وانشغالهما بأمور العشق والجنس عن أمور العلم والجد والدراسة .. ورسموا لذلك في الشرق الإسلامي وزينوه.

ورفعوا عنه اسم الفسق أو العشق أو الغرام[18].

2ـ علمانية الإعلام

عندما تكون الدولة دولة فكر Etat d’idee تزداد فيها أهمية الإعلام وإذا كانت الدولة الإسلامية هي الصورة المثلى لدولة الفكر والعقيدة .. فقد كان للإعلام فيها شأن كبير .. وكانت معجزة الإسلام ـ القرآن ـ هي قمة الإعلام الإسلامي { هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِد.. }[19]. { هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ.. }[20].

{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً.. }[21].

من هنا كان خلو الإعلام من الجانب الإسلامي .. أمر خطير في ذاته فإذا انصرف الإعلام عن الإسلام .. ليغرس في نفوس الناس قيماً غير إسلامية ومثلاً إلحادية أو إباحية أو لا أخلاقية .. فإن الأمر يغدو جد خطير.

19ـ والذين يتولون كبر هذا الأمر .. متخرجون من مدارس غير إسلامية يعرفها الناس ولم يعد سراً أن أكثر المؤسسات الصحفية ـ أقدم وسائل الإعلام ـ أسسها غير المسلمين اسماً وجوهراً .. أو المسلمون اسماً لا وضوعاً.

والقائمون على أحدث وسائل الإعلام .. من سينما وتلفزيون وإذاعة هم أحد الصنفين السابقين .. والأمر لا يحتاج غير مراجعة القوائم!

20ـ ولئن تفاوتت درجات الإفساد بين الوسائل المختلفة السابقة فإنها جميعاً تشترك في قدر من الإفساد ..

إنها أولاً لا تنشر قيماً إسلامية .. مع أنها أغنى القيم وأسماها. وإنها ثانياً تنشر جميعاً قيماً غير إسلامية .. وتبلغ بها التفاهة منتهاها عندما تستطرد في تقديم نجم سينما أو نجم كرة .. وتضفي عليه من الأوصاف ما لا تضفيه على سيد الخلق محمد عليه الصلاة والسلام .. ثم إنها بعد ذلك تتفاوت في إشاعة الفاحشة، والإغراء بالجريمة وفي تزيين الخيانة والانحلال للناس!.. فأشدها في ذلك السينما يليه التلفزيون و الإذاعة يليها القصص والصحافة.

والأمثلة .. معروضة .. كل يوم .. وفي كل شارع .. وفي كل بيت بغير حاجة إلى سرد أو ضرب!

21ـ كذلك تشترك الأوطان الإسلامية جميعاً .. في وجود وسائل الفساد والإفساد هذه في بلادنا .. لكنها تتفاوت على درجات!

يقول البعض .. لربما كان الفساد في بلاد لا تجاهر به أشد من بلاد تجاهر به ولقد يضربون على ذلك الأمثلة بانتشار الشذوذ الجنسي بين الرجال والنساء، وبشيوع الربا وشرب الخمر والزنا وراء جدران البيوت.

ولقد تكون القضية في موضوعها صحيحة .. لكن النتيجة التي تبنى عليها غير صحيحة إنهم يريدون أن يقولوا أن الحدود لم تمنع تلك المنكرات من وراء الجدران وأن .. منعتها من الشوارع .. أي أنها تخفت ولم تختف!

ونحن لا نقر ذلك الوضع .. ومن هنا نادينا وننادي .. شريعة حاكمة ليس بالحدود وحدها..

بل قبلها بالتربية الصحيحة، وبالعلاج الاجتماعي، وبضرب القدوة .. ثم بإقامة الحدود على الشريف قبل الضعيف .. فبهذا .. وبهذا كله ينتهي الفساد .. في الشوراع .. ووراء الجدارن!!

لكننا مع ذلك لا نقر الجهر بالفاحشة .. فإن في ذلك إشاعة لها أيما إشاعة ولا نقر التعالن بالمعصية فإن في ذلك إغراء بها أيما إغراء .. وهو ما يساعد على سرعة الانتشار ويهون على المتردد في الجريمة اقترافها ..

ولذا كان لا بد من الحدود ـ يا دعاة الإباحية ـ لا بد منها حتى يرتدع أمثالكم فإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن![22].

3ـ علمانية القانون

22ـ الإسلام .. مصحف وسيف ..

والسيف ينبغي أن يكون في خدمة المصحف ..

وبعبارة أخرى .. إنه إذا زعمنا حكم الإسلام .. فلا بد من قانون إسلامي يقوم عليه حكام مسلمون

إن ذلك يولد الرغبة والرهبة

والرغبة تولدها القدوة .. في الحكام المسلمين

والرهبة تولدها السلطة .. التي تحكم بالإسلام ..ولم يكن الإسلام عبادة مجردة .. ولا رهبنة تفرض على الناس .. إنه يقام بالشرائع والشعائر معا.

وكما يكون إشراك بالله في الشعائر .. يكون كذلك إشراك بالله في الشرائع !!

{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ..}[23].

وإذا كان الجانب التشريعي يمثل مساحة في الإسلام أوسع مما تمثله فروع القانون المختلفة.

فلقد اهتم أعداء الإسلام بزحزحة الإسلام عن هذا المجال .. ليكون الحكم بغير ما أنزل الله .. من الظالمين والفاسقين والكافرين!

23ـ والأمثلة كذلك كثيرة ..

من تركيا ومن مصر [24].

ولم يبق في المجال القانوني بلد لم يطرح الإسلام إلا المملكة العربية السعودية وأفغانستان ..

بيد أن الأمانة تقتضي أن نقرر أنه ولئن كان إبعاد الإسلام عن مجال الحكم هو أول خطوة يخطوها أعداء الإسلام في كل بلد يسيطرون عليه .. فقد بدا لهم في الآونة الأخيرة مخطط خطير هو الزحف من المؤخرة إلى المقدمة .. بدلاً من العكس الذي فعلوه من قبل في تركيا ومصر وغيرها ليطبقوا الأثر تنقض عرى الإسلام عروة عروة أولها الحكم وآخرها الصلاة .. .

إن الأمر في البلاد التي لم تتخل بعد عن إسلامها في المجال القانوني يمضي وفقاً لخطة خطيرة تعمد إلى علمانية التعليم لإعداد جيل يؤمن بالعلمانية ومن بينها علمانية القانون.

ثم تعمد إلى علمانية الإعلام لإعداد رأي عام مهيأ لتقبل علمنة القانون بعد ذلك.

ثم يمضي الأمر حثيثاً نحو إحلال النظام محل الشريعة وتضييق دائرة القضاء الشرعي والإفساح للجان التي تطبق النظام الذي يضعه قانونيون يحتلون في أكثر المصالح والوزارات مكان الاستشارة والنصح بما يعملون طبعاً .. من قانون علماني!

وهكذا يمضي التخطيط .. علمنة التعليم .. علمنة الإعلام .. ثم علمنة القانون. لتنقض عرى الإسلام عروة عروة .. أوله الصلاة .. وآخرها الحكم !!

هذه .. عجالة عن العلمانية .. التي تعمل اليوم كمخطط تبشيري لئيم في وطننا الإسلامي!

وننتقل إلى القومية وما تفعل هي الأخرى في مجال التبشير ..

ثانيا: القومية

24ـ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم .. آخى بين المهاجرين والأنصار على أساس من آصرة الإسلام .. وليس على أساس أي آصرة أخرى .. آخى بين بلال بن رباح وخالد بن رويحة الخثعمي، وبين مولاه زيد وعمه الحمزه بن عبد المطلب، وبين خارجة بن زيد وأبي بكر الصديق، وبين عمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان ..

ولما أراد أحد المسلمين أن يثيرها عصبية ونادى .. يا للأنصار .. فنادى الآخر يا للمهاجرين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم غاضباً: "أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم ..!" وفي حديثه صلى الله عليه وسلم أكد المعنى فقال: " ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبية أو يدعو إلى عصبية أو ينصر عصبية فقتل فقتلة جاهلية ..".

وكان من آخر وصاياه يوم حجة الوداع .. "كلكم لآدم وآدم من تراب لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأبيض على أسود، ولا لأسود على أبيض .. إلا بالتقوى !!".

25ـ وعلى عهد الراشدين رضوان الله عليهم ضمت أرض الإسلام أكبر إمبراطوريتين على وجه الأرض .. الروم والفرس .. فما فضل عربي .. على عجمي لعروبته أو جنسه أو لونه .. إنما كان الفضل بعد التقوى للعمل الصالح .. والعمل الصالح وحده، وعرفت علوم الإسلام في فروعها المختلفة .. فقهاء وعلماء من الأمصار ليس فيهم من العرب إلا النزر اليسير[25].

26ـ وفي الحديث .. عرفت أوربا فكرة القومية .. ثم صارت متخلفة عن العصر .. تشير إلى القرن الثامن عشر أو التاسع عشر .. وصارت دعواها بذلك دعوى رجعية لكن الأمة العربية ابتليت بها..

عرفت: مشيل عفلق زعيما لحزب البعث العربي الاشتراكي

وأنطوان سعادة زعيما للقوميين السوريين

وجورج حبش زعيما للقوميين العرب

وقسطنطين زريق أحد الزعماء الآخرين .. ![26].

وهكذا لم تعرف القومية العربية زعيما ممن يحمل أسماء المسلمين إلا .. واحداً لا يزال عمله في ذمة التاريخ ..[27]

27ـ وعرض الكاتبون في القوميات لما تقوم عليه القوميات من أسس ليكشفوا عن عدم صلاحيتها .. فعرضوا لنظرية العرق التي قامت عليها القومية الألمانية وما يزعمون عن العرق الآري الممتاز .. ليكشفوا عن أن الألمان ليسوا شعباً خالصاً .. بل خالط غيره .

وكذلك الشعب العربي .. خالط الروم والفرس والأتراك .. وفي كتاب كفاحي لهتلر جعل الأمة العربية في الدرجة 13!

وعلى نفس المنوال عنصر اللغة فسويسرا تضم 3 لغات .. والقارة الهندية تضم 300 لغة ..

وكذا سائر عناصر القومية من تاريخ وأرض ومصالح مشتركة ليس فيها عنصر خالص تقوم عليه القومية ..

هذا كله بالبحث العلمي الهادئ.

28ـ فإذا أضفنا إلى ذلك ما لابس إثارة القوميات من أحداث تاريخية لبان .. ما قدمنا له من أن القومية أحد العناصر التي استخدمها أعداء الإسلام لإبعاد الأمة عن دينها.

إثارة القومية الطورانية في تركيا اقترن بتمزيق تركيا وإبعادها عن الإسلام وإثارة القومية العربية في البلاد العربية .. اقترن بتمزيق دولة الخلافة …

ومؤامرات لورانس مكماهون .. قصداً إلى القضاء على الجسد الإسلامي الذي أسموه يومئذ بالرجل المريض!!

حتى الجامعة العربية .. كانت كما يعرف كل من عاصر أحداث العصر من صناعة وزير خارجية الإنجليز! لتكون بديلاً عن الجامعة الإسلامية .. وفي كتابات حديثة .. لكتاب غربيين .. أشاروا إلى أن القومية العربية التي رفع رايتها في مصر زعيم كبير .. كانت بديلا هاماً عن الشعار الإسلامي الذي كان يهدد بثورة في المنطقة فكان الانقلاب العسكري امتصاصاً لمشاعر الأمة المتوثبة للإسلام[28]!

ثالثاً: تحرير المرأة

مقدمة

29 ـ كما كانت العلمانية شعاراً خادعاً .. يخفي وراءه الحرب على الدين .. وكانت لقومية شعاراً خادعاً كذلك .. يستعمل في مواجهة الدين .. فلقد رفع هذا الشعار تحرير المرأة قصداً إلى اجتذاب المرأة المسلمة لاستخدامها حرباً على دينها.

وأول من أوصى به مؤتمر من مؤتمرات التبشير[29].

وكان الهدف .. أولا تنصير المرأة المسلمة ..

ثم انتقل الهدف إلى ..

إبعاد المرأة المسلمة عن دينها ..

ماذا يقصدون بالتحرير:

30ـ إن التحرير لا يكون إلا من عبودية ..؟

فهل كانت المرأة المسلمة مستعبدة .. حتى تحتاج إلى تحريرهم .. أن العبودية لا يعطيها المسلم إلا للخالق ولا يعطيها لمخلوق

وإذا أعطى العبودية للخالق تحققت له الحرية الكاملة .. فلا يحني رأسه لمخلوق! وإذا أعطيت المرأة عبوديتها للخالق تحققت حريتها الكاملة فلا تحني رأسها لمخلوق .. ومن ثم فلا تكون بحاجة إلى تحرير أحد!

وفي مجال الحقوق العملية .. وبعيداً عن الكلام النظري

فقد أعطى الإسلام المرأة المسلمة من الحقوق ما لم تعطها أختها الأوربية!

وإلا فليسألوا المرأة الفرنسية (نموذج التحرر الأوربي) متى استطاعت أن تتصرف باسمها وحدها دون اعتماد التصرف من زوجها؟!

فماذا يعني التحرر ..؟

قالوا إنه يعني التحرر من بيتها

والتحرر من زيها ..

فماذا يخدمهم تحرير امرأة من بيتها ومن زيها في مجال إبعاد المسلمين عن الإسلام؟

31ـ أما تحررها من بيتها ..

فإنه يعني حرمان البيت .. من جامعة تخرج جيلاً .. فتح من قبل .. أوربا وآسيا .. وإفريقيا ..!

إنه يعني .. أن هذا الجيل لن يتكرر!

إنه يعني .. أن جيلاً .. آخر .. سوف يتخرج ..

ليمسك بزمام الأمة وزمام الأمور

جيل .. ربما لا يعرف أمه .. أو لا يعرف أباه

جيل يتصدره في مجال الفكر أو في مجال السلطة

من كانت أمه راقصة في ناد ليلي

أو كانت أمه تعمل في البغاء

وليس بين الاثنين كبير اختلاف

32ـ أما تحريرها من زيها ..

فإنه يعني بصراحة كشف ما أمر الله أن يستر ..!

يعني إثارة اللحم والدم .. ونتائجه .. معروفة ..!

لكن المتحررين .. قد يعنيان فوق النتائج السابقة .. نتائج أخرى

.. أقلها الانحلال .. الذي قال عنه رئيس وزراء فرنسا وهي يومئذ دولة عظمى .. عن فرنسا هزمها الانحلال قبل أن يهزمها الاحتلال!

إن أمة إسلامية .. هي اليوم أمة تبغي بناء نفسها .. ماذا يحدث بها الانحلال .. وقد فعل ما فعل في دولة كانت يومئذ إحدى دولتين كبيرتين ..!

33ـ أما المرأة الريفية ..

.. فلم يشأ المخططون لتغريب المسلمين أن يتركوها في حالها .. وحيائها .. أصروا على أن يغزوها في عقر دارها .. ليذهبوا بما بقي من حيائها.

فتحت شعار الأمم المتحدة .. يباشر التبشير .. الانحراف بالمرأة الريفية تحت اسم التربية الأساسية التي تعترف أحد سدنتها أنها تعني تغيير الأفكار والنزعات [30] والأمر يجري في قرية سرس الليان .. في محافظة المنوفية ويجري في قرية بياض العرب .. في محافظة بني سويف

تحت اسم .. التنمية الاجتماعية [31]

ويجري في أماكن أخرى في الوطن العربي

34ـ أما قضايا المرأة ..

فإثارات متعددة ـ لأمر لا يرتفع إلى مستوى المشكلة لينشغل بها الناس عما يتهدد الإسلام!

فنسبة تعدد الزوجات .. التي يثيرونها .. لا تعدو واحداً في الألف ونسبة الطلاق كذلك ضئيلة!

وحل هذه المشاكل على فرض وجودها ليس بالتشريعات .. ولكن بالعودة: .. إلى أخلاق الإسلام

ثم التزام كل طرف .. بأحكام الإسلام ..

{ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ }

وبعد

35ـ فتلك كانت وسائل التبشير الحديثة

علمانية: في التعليم

والإعلام

والقانون

قوميات: تمزق الأمة الواحدة

وتمزق الدولة الواحدة..

تحرير المرأة: ليسقط المجتمع في حماة الرذيلة

ويقضي بنفسه على نفسه

وآثار ذلك كله بادية في مجتمعاتنا

انحراف عن الإسلام

وابتعاد عنه .. تختلف درجته بين بلد .. وآخر..!

ويستجيب لهذا الانحراف:

الطامعون في السلطة .. يدفعون الثمن من مصائر شعوبهم الراغبون في السقوط .. لأنهم لا يقدرون على الارتفاع وأخيراً السذج الجاهلون الذين يحسبون ذلك الانحراف وذلك السقوط تقدماً ومدنية!

لكن .. ما علاقة ذلك كله ..

بالتخطيط السياسي .. الذي يجربه أعداء الإسلام هذا ما نحاول الإجابة عنه تحت عنوان: التغيير السياسي

المطلب الثاني

التغيير السياسي

أو علاقة التبشير بالسياسة

تقدمة:

36ـ في البداية كان الأمر واضحاً

السياسة التي حركت الحروب الصليبية .. هي التي تحرك التبشير والمبشرين قصدا إلى تنصير المسلمين وردتهم عن دينهم!

ولم تكن السياسة وقتها غير فرع .. من فروع التعصب الديني المقيت ولا تزال! لكن الأمر ليس بالوضوح السابق .. فقد كثرت ألاعيب السياسة، واكتست بوجه ديبلوماسي رقيق!

وأصبح الأمر بحاجة إلى كثير من البحث والتدقيق ..

ونظرة سريعة إلى الماضي القريب .. تكشف الحاضر الأليم!

أولاً: نظرة سريعة إلى الماضي

37ـ حين قرر الغرب العدول عن الحروب الصليبية.. ليحل محلها التبشير لم يعدل عن منطق القوة تماما.. بل رآها لازمة لمساندة الباطل.. فإن الباطل بغير قوة لا يقف على قدمين!

وكان احتلال فرنسا.. للجزائر 1830

وتونس 1881

ولمراكش 1912

وللشام 1920

وكان احتلال بريطانيا.. للهند 1857

ولمصر 1882

وللعراق 1914

ولفلسطين 1920

وغير هذه من أوطان الإسلام. احتلها أعداء الإسلام حتى لم ينج منها إلا السعودية والأفغانستان..

38ـ وفي ظل ذلك الاحتلال.. عمل التبشير لقديم في هذه الجهات وفي غيرها من الجهات الأخرى.. التي منيت كذلك بالاحتلال أو بالسيطرة السياسية الأجنبية على أي لون من الألوان!

وطور التبشير أساليبه..

من الدعوة إلى النصرانية.. صراحة إلى ما لازمها وما لحقها من تشويش الإسلام وتشويهه إلى ما تبعها.

من محاولة جر المسلمين إلى قيم جديدة بعدما يتجردون من قيمهم.. الإسلامية طبعا! وهو ما عرف تحت اسم التغير الاجتماعي أو التغريب

وكان تطور آخر.. في مجال.. السياسة.. والقوة! إن الاستعمار.. قد افتضح أمره.. وفل سلاحه.. تماما كما فشلت من قبله الحروب الصليبية في مهمتها! وكان لابد من أسلوب جديد!

ثانيا: الأسلوب الجديد

39ـ لم تعد الشعوب تحتمل.. أن ترى السترة الصفراء الأجنبية تحكمها مهما حاولت أن تدعي الصداقة.. أو حتى أن ترفع راية الإسلام [32]

وكان لابد من أن ترحل السترة الصفراء الأجنبية

لكن الباطل لا يستغني عن القوة.. وإلا تهاوى.. وسقط!

ومن ثم كان لابد أن يبحث عن مصدر للقوة آخر.. حتى يمضي في تنفيذ مخططه الأثيم لإبعاد شعوب الإسلام.. عن الإسلام وهداه شيطانه.. إلى ما نجح فيه إلى حد ما..

40ـ استبدل السترة الصفراء الأجنبية

بالسترة الصفراء المحلية..

وصرح بعض كتابه.. أن هؤلاء اقدر على التغير الاجتماعي المطلوب [33] وعرفت المنطقة الانقلابات العسكرية.. بديلا عن جيوش الاحتلال الأجنبية ومن أمثلة ذلك كما صرح أحد الكتاب الأمريكيين:

سوريا سنة 1949

مصر سنة 1952

السودان سنة 1957

العراق سنة 1958

باكستان سنة 1959

.. ومن قبل هؤلاء:

إيران عام 1920

تركيا عام 1908[34]

41ـ وفي كل مرة يستفيدون من تجارب المرة السابقة.. فمثلا.. الخطأ الذي وقع فيه كمال أتاتورك في محاولة فرض التغيير الاجتماعي بالقوة..

مع وسائل الإعلام المختلفة.. وما يصحبها من وسائل أخرى للتبشير أشرنا إليها.

فقد كان أتاتورك غبيا حين فرض خلع الطربوش بالقوة

فقد خلعه الناس في مصر لما رأوا رجال الانقلاب الجديد الأبطال لا يلبسونه بدون حاجة إلى قانون! وهكذا!

42ـ لكن القوة بقيت لازمة تؤدي أمرين

أولهما قمع.. المعارضة والمعارضين.. خاصة إن كانوا من أصحاب العقائد

ثانيهما: مساندة الباطل والمبطلين.. فيما يمضون فيه من تخطيط أثيم لإبعاد الناس عن الإسلام.

43ـ ولبيان هذين الخطين.. نقدم وثيقة جاءت في حثيثات حكم صدر في بلد إسلامي.. نسقط منها.. أسماء.. الضحايا.. وأسماء المجرمين.. لنصل بها إلى الموضوعية الكاملة.. [35]

تبدأ الوثيقة بالإشارة إلى أسماء أعضاء اللجنة التي قدمت معلوماتها واقتراحاتها.. وأكثرهم من رجال المخابرات والمباحث والأمن..

ثم تلخص معلوماتها بالإشارة إلى أن تدريس التاريخ الإسلامي في المدارس للنشء بحالته القديمة يربط الدين بالسياسة في لا شعور كثير من التلاميذ منذ الصغر .. ثم الإشارة إلى صعوبة التمييز بين معتنقي الأفكار (..) وبين غيرهم من المتدينين .. إلخ

ليصل إلى المطالبة:

1) بمحو فكرة ارتباط السياسة بالدين

2) إبادة تدريجية بطيئة مادية ومعنوية وفكرية للجيل القائم من (0 ـ ) ولا يقتصر الأمر على هذه الفئة!

بل يمتد إلى كل المتدينين باعتبارهم يمثلون الاحتياطي الذي يصب في هذه الفئة!

ومن وسائل الإبادة: الإعدام .. والسجن .. والاعتقال ويبلغ الأمر غاية خسته حين تصرح بالنسبة لنسائهم سواء كن زوجات أو بنات فسوف يتحررن ويتعرضن مع غياب عائلهن وحاجتهن المادية .. إلى انزلاقهن .. وهكذا تفقد الأنظمة العسكرية .. حتى الشرف والكرامة !!

44ـ بقي السؤال ـ لماذا يفضلونها .. وطنية؟

نسمع إجابيتين:

إجابة من الكاتب الأمريكي مايلز كوبلاند

.. فكان الحكام من طراز ناصر يعطون الأولوية على غيرهم لأن استيلائهم على السلطة يوفر أفضل الفرص ـ أو أقلها سواء ـ لنجاح لعبتنا [36]

وفي مكان آخر أن نمودجا ك ( …. ) كان من الأهمية بمكان بخصوص اللعبة وأنا كنا ملزمين بالبحث عن مثيل له فيما لو لم يكن على قيد الحياة.. [37]

وإجابة من الكاتب الأمريكي مورو بيرجر

.. وكان الجيش من بين كل الجماعات النخبة الوطنية أكثرها دنوا من المشاكل التي تواجهها مصر، دنوا بالمعنى الحسابي، والعلماني، والواقعي، وبهذه الصورة كان الجيش أكثر النخبات تغربا [38]

والواضح من تقرير (…) الموجز أن الضباط كانوا علمانيين يتوقون إلى بث التعاصر في مصر متماشين مع الخط الغربي التكنولوجي.. ولم يكن الضباط على ثبات أيدلوجي، بل كانوا جماعة علمانية في البناء السياسي والاجتماعي للحياة المصرية.. إلا أن قادتهم كانت تضع نصب عينيها صورة من مصر العلمانية كما يتصورونها، ويتحركون صوب هذا الهدف على خط مستقيم.. [39]

ويعمم الكاتب.. وعلى ذلك فبينما يترك الحكام الغربيون منطقة الشرق الأدنى تتحول هذه المنطقة فتصبح أكثر غربية، ويواجه الزعماء العرب طريقين فهم يطردون.. الغرب سياسيا ويسحبون الكتل الشعبية إلى الغرب ثقافيا [40]

فنجيب بعد هؤلاء فنقول بعون الله:

1ـ إن النخبة الوطنية التي حلت محل النخبة الأجنبية وفرت على الأخيرة أولا.

الدم والمال التي كانت تبذل في الحروب الصليبية أو في محاولات الاستعمار.

2ـ وأنها كذلك منعت إثارة المشاعر.. الدينية أو الوطنية.. التي كانت تتحرك حين يرى الشعب الجيوش الأجنبية قادمة.. تتحدى قيمه الدينية.. أو قيمه الوطنية.. ومن ثم فقد ميعت المقاومة أو منعتها!

3ـ أنها بلباس الوطنية.. نفذت المطلوب.. ليس فقط دون مقاومة بل أحيانا مع استحسان الجماهير وحماستها!! [41]

4ـ أنها استطاعت أن تقضي على كل معارضة.. من أي فئة.. دون أن يتحرك أحد لنصرة هذه الفئة.. بل مع اعتقادهم بما تذيعه النخبة الوطنية من أن المعارضين.. خوارج ـ أو خونة!!!

45ـ وأخيرا سؤال لا ينفك عن السؤال الأخير

لماذا يفضلونها.. عسكرية ((؟

نقول بعون الله:

1ـ لأنها أسرع في الوصول إلى الحكم ، وأكثر شغفا بالسلطة [42]

2ـ لأنها أسرع في تلبية الأوامر الخارجية، والالتزام حرفيا بها فهكذا تعلمهم الحياة العسكرية.

3ـ لأن قبضتها أقوى بالنسبة.. لأية معارضة أو أية مقاومة..

4ـ أن الطبقة العسكرية في أغلبها أعدت إعدادا خاصا.. يجعلها علمانية و غربية .. لا تستنكف الانحلال.. لنفسها ولا لغيرها ومن ثم فهي أنسب الفئات لتنفيذ مخطط الإبعاد من الإسلام

5ـ أنها تزيح بذلك احتمال تقدم عناصر دينية.. إلى الحكم عن الطريق الشعبي العادي[43]

46ـ وليس معنى اللجوء إلى الانقلابات العسكرية.. انتهاء الوسائل الأخرى إن.. القوى الأجنبية المعادية للإسلام لاتزال محتفظة لبعض أنظمة الرجعية بالبقاء.

أولا لأنها تنفذ ما يطلب منها، وثانيا لأنها أضعف من أن تقف يوما في وجهها

وثالثا لأنه داخل هذه الأنظمة نفسها يجري التغيير.. باستعداء الابن على أبيه والأخ على أخيه بعدما يجرى الاتفاق على الصفقة، ماذا يبيع لكي يجلس على العرش..؟! ورابعا لأنها حين يبدو العصيان.. يكون الردع سريعا وعنيفا وحوادث الاغتيال السياسي في الماضي القريب شاهدة على ذلك، وقد كانت موضع تحقيق الكونجرس في فضائح المخابرات المركزية الأمريكية.

وأخيرا.. فإن بقاء هذه الأنظمة ـ في نظر أعداء الإسلام ـ رهين بانتهاء العصبيات التي تستند إليها، وفي المواجهة بزيادة قوة وقدرة القوات المسلحة لتولي الأمر..حينئذ.. سوف تخلعها بيسر وبغير حياء.. ولا احترام للود البادي والوفاء الظاهر!!!

وهكذا نرى اتفاقا غريبا.. على علمنة التعليم، وعلمنة الإعلام، وعلمنة المجتمع كله عن طريق المرأة وعن طريق الشباب.. ليبتعد بذلك عن الإسلام.. نجدها في الدول الإسلامية رغم اختلاف نظم الحكم الحاكمة.. لأن التغيير السياسي وإن.. اختلف أسلوبه..فالهدف لا يختلف وهو التغيير الاجتماعي أو التغريب أو بالعبارة الواضحة: الإبعاد عن الإسلام!

47ـ لكن هل انتهت تماما وسيلة الحروب والاستعمار التي كانت سبيل الغرب من قبل لغرض أهدافه وغاياته؟

لا نستطيع أن نجيب بالنفي.. لأن الحروب انتهت في أغلب البلاد في صورتها العسكرية، واستبدلت بها الحرب الفكرية والنفسية لتحطيم عقيدة الأمة ومبادئها.

ولا نستطيع أن نجيب بالإثبات.. لأنها لا تزال تستعمل في نطاق محدود وهو ما اصطلح الغرب على تسميته بالحرب المحدودة.. واحتلال الجيوش الأمريكية لشواطئ لبنان سنة 1958 مثل قريب وتحركات الأسطول السادس كذلك.

لكن في رأيي أن الحرب المحدودة ارتدت كذلك ثوبا محليا فأصبحت الجيوش العربية أو الإسلامية تسلط لهذا الغرض وتدخل سوريا في لبنان مثل قريب وانفصال بنجلاديش عن باكستان من قبلها مثل قريب كذلك!

الفصل الثاني

الغزو الفكري

من الشرق…!

توطئة

48ـ الغزو الفكري.. من الغرب.. قديم وخطير

لأن تاريخه يمتد إلى تاريخ الحروب الصليبية.. ويمتد بعدها..

وهو خطير.. بما يحويه من هدف فتنة المسلمين عن دينهم.. التي بالردة والتنصير، وانتهت إلى الاكتفاء بالإبعاد والتغيير..

والغزو الفكري.. من الشرق.. حديث.. لكنه خطير!

فقد بدأ.. منذ انتصار الثورة البلشفية الشيوعية في روسيا في الربع الأول من هذا القرن لكنه أخطر.. لأنه أشبه بالنار تأكل الهشيم..؟!

فهو في وسيلته أشد تدميرا

وفي غايته أشد كفرا ونفاقا..!

والظروف التي خدمت انتشار الماركسية في بداية الأمر..

تساعد كذلك على انتشارها في شرقنا الإسلامي

ما لم ينتبه المسلمون.. حكاما ومحكومين!

49ـ والحديث عن الماركسية ((.. ربما يكون أكثر تعقيدا

لأن أكثر الناس لم يفهموه.. بعد كمبدأ!

ولم يفهم أكثرهم كذلك وسائلها الحديثة للتبشير بها!

ومن ثم وجب علينا.. أن نفضحها

كمبدأ.. ثم كوسيلة!

ونشير إلى كل في مطلب!

المطلب الأول

الماركسية.. مبدأ

كيف نشأت الماركسية..؟!

50ـ هذا السؤال وارد عقلا ومنطقا.. قبل أن نعرض المبدأ في ذاته.. ذلك أن الإلمام بالظروف التي نشأت فيها الماركسية.. سواء الظروف المحيطة فكريا واقتصاديا.. أو الظروف الخاصة بصاحب المبدأ نفسه كل ذلك يعطي مزيدا من الضوء على السؤال كيف نشأت؟ أو لماذا نشأت..؟ ومن ثم وجب أن نعرض لهذه الظروف لنعرف إجابة السؤال.

أولا: ظروف أوربا وقت ظهور الماركسية

51ـ الماركسية نشأت كفكرة أول ما نشأت في أوربا [44]

وأوربا تعاني محن القرن التاسع عشر

تعاني أولا محنة الدين

فالمسيحية كما نادى بها المسيح لم تعد موجودة أصلا..!

التوحيد فيها ـ وهو أصل كل دين سماوي نزل من عند الله ـ قد انتهى بما زعمه البعض من أن المسيح هو الله!

أو ما زعمه البعض الآخر من أن المسيح إبن الله

أو ما زعمه البعض الثالث من أنه ثالث ثلاثة ( الأب والابن والروح القدس )!

والمحبة فيها ـ كأصل كبير جاءت به

قد انتهت..

فباسم المسيحية تزحف الجيوش الصليبية تحمل الصليب لتقتل وتدمر شعوبا بغير حق إلا أن تقول ربي الله

وباسم المسيحية كذلك.. تذيق بعض الشعوب ويلاتها..

وباسم المسيحية كذلك تفترق المذاهب.. الكاثولكية، والأرثوذكسية والبروتستنتينية.. وتمضي ليكفر بعضها بعضا، وليحارب بعضها بعضا! وأخيرا.. تنتهي المسيحية إلى مجموعة خرافات

.. صكوك غفران، وقرارت حرمان، وكراسي اعتراف

وحرب على العلم والعلماء لا تفتر ولا تهدأ، ومهادنة بل محالفة للظلمة من الملوك والحكام!

.. فلم يكن غريبا بعد ذلك أن ترتفع الصيحة:

اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس

ولم يكن غريبا أن تجد الصيحة من يسمع لها.. بل من يسارع إلى تنفيذها!!

52ـ وتعاني أوربا بعد محنة الدين محنة الفكر

محنة الفلسفة المغرقة في الخيال، تدعو إلى المثالية البعيدة عن الواقع وتهتف بها..

فكان ذلك التطرف إلى الخيال حربا بتطرف آخر إلى الحس والمادة تمثل فيما اعتنقت الماركسية من فلسفة مادية

53ـ وبعد المحنتين محنة الواقع الاقتصادي والاجتماعي

.. فالإقطاع بكل مظالمه يحكم أوربا.. تحميه الكنيسة ويحميه الحكام!

أصحاب المزارع يملكون الإقطاعيات الكبيرة.. وأكثر الناس يعملون فيها عبيدا أو قريبا من العبيد!

وأصحاب المصانع يملكون المصانع الكبرى.. ويستغلون جهد العمال بغير مقابل عادل

وهكذا ينقسم المجتمع إلى طبقتين..

طبقة صغيرة العدد.. تملك كل شيء وتعيش حياة الترف العامر

وطبقة كبيرة العدد.. لا تملك شيئا ولا تكاد تملك شيئا وتعيش حياة البؤس والشقاء

54ـ فلا غرو بعد ذلك.. أن تجد الصيحة الخبيثة يا صعاليك العالم اتحدوا فأمامكم عالم تغنمونه، وليس عندكم من شيء تفقدونه غير القيود والأغلال [45]

لا غرو.. أن تجد لها آذانا تستمع لها.. وقلوبا بعد ذلك تهواها وتهفو إليها! ولا غرو.. بعد كل هذه الظروف..

أن تكون الماركسية هي الوريث الشرعي.. أو غير الشرعي.. لحضارة الغرب المتهالكة.. خاصة وأن أساس الحضارتين ( إن صحت التسمية ) أساسهما أساس مادي واحد!

أساس المبدأ الماركسي

55ـ من مادية فيورباخ، وجدلية هيجل أقام ماركس فلسفته على أساس من المادية الجدلية، وربطها بأربعة قوانين، وفسر تفسيرا ماديا، كما أرجع كل شيء في الاقتصاد إلى هذا الأساس المادي.

وصارت الماركسية في بصر أتباعها أشبه بالدين تفسر الكون والإنسان والحياة! وتعرض مذهبها في مجال الاجتماع والسياسة والاقتصاد .. وتنطلق من هذا المنطلق المادي محطمة كل أساس روحي!

والتقت مع الغرب على تقديس المادة وعبادتها .. لأنها أخذت عنه ذلك الأساس المادي الجدلي!

وحين واجهت العمل والتطبيق .. أفلست .. واضطرت إلى الخروج على أساسسها المادي الجدلي.

56ـ وفي المادة

اعتدت الماركسية بما تقع عليه الحواس، وأنكرت ما وراء ذلك، لأن ذلك كان المعنى السائد للمادة في القرن التاسع عشر!

واعتبر ماركس الفكر لاحقاً على المادة وتابعاً لها!

وحور لينين التعريف إلى أنها الوجود الموضوعي خارج الذهن..

وتتابعت الاكتشافات العلمية تكشف الماركسية وتعريها من الثوب العلمي وصارت الماركسية في حرج من أمرها.

وفي سنة 1963 اجتمع أكثر من عشرين عالماً بالاتحاد السوفيتي ليضعوا أسس الماركسية اللينينية فقرروا أن النشاط الذهني أو الفكري خاصة مميزة للمادة وليس شكلاً من أشكال المادة

وقرروا أن التوحيد بين الفكر والمادة في الوقت الحالي يعد من المفاهيم المادة المنحطة ـ ولم يوحد بينهما سوى ماركس ـ !

وفي الأعوام الأخيرة .. خرج رجيه جارودي على الناس بكتابه التحول الكبير في الاشتراكية

فأجرى تحريكاً جديداً في الأساس المادي للماركسية.

فقرر الحزب الشيوعي الفرنسي فصله بعد أن كان يحتل مركز عضو المكتب الساسي وفيلسوف الحزب ..LE GRAND TOURNANT DE SOCIALISME وأعقب ذلك .. رفض الحزب الشيوعي الفرنسي للدكتاتورية البروليتاريا.

وأعقبه في ذلك الحزب الشيوعي الإيطالي!

57ـ وفي الجدل: أخذ ماركس من هيجل مبدأ التناقض ..

أي قيام كل عنصر مادي على نقيضين .. وما استتبع ذلك من تفسير .. للحياة أو للتاريخ ..

وربما كان ماركس مغروراً بعمله المحدود يومئذ بالقرن التاسع عشر الذي كان يقوم على اعتبار الطبيعة قائمة على عنصرين: الطاقة والمادة

58ـ المبدأ في الميزان

في ميزان العلم .. لم تعد الماركسية علما بل أنقض أساسها من العلم فالمادة التي عرفها ماركس وبنى عليها ماديته .. لم تعد هي المادة في القرن العشرين لقد عرف القرن العشرين .. مواداً لا تقع عليها الحواس .. بل أن ما تدركه الحواس من مواد يمثل في العلم الحديث 7% من المواد، ويبقى 93% من المواد لا تدركه الحواس[46]

وبالنسبة لما قال به عن الجدلية من احتواء كل مادة على الشيء ونقيضه فإنها قامت أولا على أساس نظر خاطئ.. باعتبار أن الطبيعة تقوم على عنصري المادة والطاقة ولقد أثبت العلم أن المادة والطاقة شيء واحد

وأن المادة ليست إلا طاقة مركزة

والطاقة ليست إلا مادة ـ.. لكنها تسير بسرعة الضوء!

كذلك ثبت خطؤها من القول باضطراد وجود النقيضين..

والحق أن الموجود في كل مادة.. هو التكامل والتزاوج وليس التناقض والتنافر وهذا خطأ آخر في النظرة الماركسية.

إن السالب والموجب.. في الذرة والكهرباء والمغناطيس

والأنثى والذكر.. في النبات والحيوان والإنسان

هذا تكامل وتزاوج.. تتم به الحياة.. وتبقى

وليس تنافرا ولا اختلافا ولا تناقضا

وصدق الله العضيم { وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }

المطلب الثاني

الماركسية.. وسيلة

الماركسية والإسلام

59ـ انتصرت الماركسية في واقعها.. فأقامت دولة في روسيا سنة 1917

وكان لها مع الإسلام والمسلمين تكتيكا متغيرا

خطبت ودهم..

ثم حاربتهم بالسلاح..

ثم تطورت إلى التبشير..

وكان لها خارج الاتحاد السوفيتي وسائلها الأخرى. ونشير لها داخل الاتحاد السوفيتي ثم خارجه.

أولا: داخل روسيا

الشيوعية تخطب ود المسلمين.

60ـ بعد الثورة البلشفية أصدر مجلس قوميسيري الشعب البلشفي نداء مواجها إلى الشعوب الروسية من المسلمين كان من بين من واقعه لينين وستالين ( في يوم 7 ديسمبر سنة 1917 ) وقد جاء فيه .. وفي وجه هذه الأحداث الجسام نتجه بأنظارنا إليكم أنتم يا مسلمي روسيا من الشرق..

أنتم يا من تشقون وتكدحون وعلى الرغم من ذلك تحرمون من كل حق أنتم له أهل

أيها لامسلمون في روسيا

أيها التتر على شواطئ الفولجا وفي القرم

أيها الكرفيز والسارتيون في سبيريا والتركستان

أيها التتر والأتراك في القوقاز

أيها الجبليون في اتحاد القوقاز

أنتم يا من انتهكت حرمات مساجدكم وقبوركم، واعتدى على عقائدكم وعبادتكم وداس القياصرة والطغاة الروس على مقدساتكم..

ستكون حرية عقائدكم وعاداتكم، وحرية نظمكم القومية.. ومنظماتكم الثقافية مكفولة لكم منذ اليوم.. لا يطغى عليها طاغ ولا يعتدي عليها معتد!

إلى أن قال في البيان،:

أيها المسلمون في روسيا..

أيها المسلمون في الشرق.. إننا ونحن نسير في الطريق الذي يؤدي بالعالم إلى بعث جديد نتطلع إليكم لنلتمس عندكم العطف والعون

61ـ الشيوعية تعلن الحرب على الإسلام والمسلمين:

لم يمض على بيان استعطاف روسيا عام 1917 [47]

وفي أبريل سنة 1918 أصدر لينين الأمر بالزحف على البلاد الإسلامية وهي تمثل تسعة أعشار مساحة الاتحاد السوفيتي وتشمل:

(1) الأورال

(2) استرخان

(3) سيبيريا

(4) القرم ( وهي أغنى المناطق بالخيرات الزراعية )

(5) القوقاز ( وهي أغنى المناطق بالبترول وبعض المعادن )

(6) التركستان. ومنها من الثروات البشرية:

إمام السنة البخاري رضي الله عنه، المفسر الزمخسري، النسفي

ومن أئمة البلاغة وإعجاز القرآن: عبد القاهر الجرجاني، سعد الدين التفتازاني

يوسف السكاكي

ومنها الفارابي وابن سينا

ومن علماء الرياضة والفلك خالد والباخي

ومن علماء الهندسة بنو موسى

ومنها البيروني، والماتريدي، والخوارزمي والسرخسي، والجوهري وغيرهم.

ومن الثروات المعدنية:

250 منجماً من الذهب، 16 للفضة، 46 للحديد، 32 للرصاص، 34 للبترول، 70 للفحم، 13 للكبريت، 63 للصوديوم .. عدا الأورنيوم، والفرام، والزئبق والنحاس والقصدير والبلاتين.

وسارت الجيوش الرسمية .. تبيد القرى والمدن، وتهلك الحرث والنسل واستولت عليها الواحدة تلو الأخرى.

واستبسل أحفاد الكرام الصناديد في الدفاع عن ميراث محمد عليه الصلاة والسلام وفي سنة 1921 سقطت جمهورية بخارى بعد قتال مرير، لكنها ظلت بعد ذلك تحارب حرب عصابات مدة عشرين سنة .. لا تمتد لهم يد من أبناء الإسلام .. تبذل دماً أو تبذل مالاً!!

ومثلان مما فعلوا في القرم والتركستان:

في القرم:

مات مائة ألف .. جوعاً

وفي تقرير كالينين يشير إلى

أن من أصابتهم محنة الجوع في شهر يناير 302000 مات منهم 14413

وفي شهر مارس379000

مات منهم 19902

وفي شهر أبريل 377000

مات منهم 12754

وكان سكان القرم في سنة 1917 5ملايين .. وكان مفروضاً (طبقاً لتزايد السكان والمسلمين خاصة في كل مكان)

أن يبلغوا في سنة 1940 عشرة ملايين أو خمسة عشر لكنهم صاروا في سنة 4001940 ألف فقط.

(أي أنهم نقصوا إلى أقل من العشر)

وكانت مساجدهم 1558 مسجداً

لم يبق منها إلا عشرات!!

وفي التركستان:

قتلت روسيا سنة 1934 .. مائة ألف مسلم ومات ثلاثة ملايين جوعاً!!

62ـ التبشير بالإلحاد

أما الوسائل الحالية .. وبعد أن خضعت كل البلاد الإسلامية داخل الاتحاد السوفيتي ولم تعد تسمع فيها إلا همساً .. بل ربما خاف الكثيرون عاقبة الهمس .. فاحتبست الكلمات في صدورهم .. او في حلوقهم .. ولمعت بها عيونهم دمعاً أو دما!!

تقيم روسيا الآن معاهد علمية لتخريج دعاة الإلحاد

وعن معهد الإلحاد العلمي بأكاديمة العلوم الاجتماعية التابعة للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي صدر كتاب به وسائل التبشير الحديثة للإلحاد..

1ـ ينصح أولا بدراسة منطقة الدعوة والإلمام بالدين والعادات والتقاليد.

2ـ يشير إلى أن المطلوب إيجاد رأي عام إلحادي.

3ـ ينصح باستخدام الشيوخ المسلمين في نشر الإلحاد بعد استمالتهم وتحويلهم إلى ملاحدة، ويؤكد على من كان له منهم منزلة دينية بين قومه!

4ـ ويلجأ إلى المعلمين .. لنشر الإلحاد بين التلاميذ.

5ـ وإلى الأطباء للتبشر بالإلحاد.

6ـ وإلى النساء لنشر الإلحاد بين بني جنسهن ولتكوين رأي عام ضد الحجاب! وضد تزويج صغار السن من البنات!!

وضد الختان!!

7ـ استخدام إنجازات العلم ضد الإسلام

مثل التحدث بالوصول إلى القمر .. إلخ

وأكثر هذه الوسائل استخدمها الغرب من قبل حين كان يلجأ إلى تنصير المسلمين ..

ثانياً: خارج روسيا

63ـ الإبادة في البلاد التي دخلتها الشيوعية

1ـ ومثل من بلغاريا [48]

في معركة خسيسة لتغيير أسماء المسلمين إلى أسماء غير إسلامية

طردوا من الأعمال وحرموا من الرزق من رفض التغيير

ألقي الآلاف في السجن وتعرض الكثير من النساء والأطفال لنهش الكلاب البوليسية وصدرت أحكام بالإعدام ونفذت.

وأخرى بالسجن ونفذت..

64ـ 2ـ من ألبانيا

نسبة المسلمين بها بين 80 % إلى 90 %

انضمت أثناء الحرب العالمية مع يوغوسلافيا ضد ايطاليا ثم الائتلاف بينهما ثم انفصلت سنة 1948 ليتولى حكمها اثنان من الشيوعيين

أنور خوجه ـ ويدعى أنه الله

ومحمد شيخو ـ ويدعى أنه رسول الله!

هدموا المساجد

حولوا المناهج الدراسية إلى الإلحاد

ويسومون المسلمين صنوف الإرهاب[49]

3ـ من الصومال

65ـ بعد الانقلاب العسكري الذي أعلن به زياد بري حكم الاشتراكية ( العلمية ) أو الماركسية أصدر بعض القوانين يعدل بها أحكام الإسلام في الميراث

فعارضه بعض العلماء فقتلهم حرقا بالنار!!!

66ـ الدعوة إلى الشيوعية في البلاد التي لم تحكمها

1ـ في البداية كانت الشيوعية تعلن رأيها في الدين صراحة أنه أفيون الشعوب و مخدر الفقراء وأنه انعكاس لشقاء فعلي، واحتجاج على هذا الشقاء. وربما قال قائلهم.. أنهم يقصدون الدين المسيحي

ولكنهم بشروا بذلك ـ فيما أعلم ـ في بلاد المسلمين كذلك

وقد كان دعاة الشيوعية ـ ولا يزال بعضهم ـ يفتخر بمحادته لله سبحانه وبتركه لشعائر الإسلام، وبممارسته لصنوف الانحلال

وكان لايزال من وسائلهم للتبشير إغراق الشخص بالمال والجنس..

حتى يغرق في الطين إلى أذنيه!

2ـ وبدا لهم أن الشيوعية تلقى مقاومة عنيفة من العقيدة لمجاهرتها بالإلحاد..

فبدا لهم أن يعدلوا من التكتيك فبدأ روجيه جارودي فيلسوف الحزب الشيوعي الفرنسي ـ السابق ـ يعلن عن الأمل في تعاون بين المسيحين والشيوعين لبناء المستقبل دون أن نضيع شيئا من ميراث القيم الإنسانية

( غمزة إلى أنها ليست من عند الله ) التي جاءت بها المسيحية منذ ألف عام [50]

ـ وفي البلاد الإسلامية بوجه خاص

فقد صدرت الأوامر إلى دعاة الشيوعية بأن لا تمس الدين وبأن تنادي بالماركسية مذهبا اقتصاديا مع الإبقاء على العقيدة الإسلامية بل صدرت الأوامر إلى دعاتها.. بأداء الشعائر الإسلامية كالصلاة والحج.. إلخ[51]

ومن هنا شاهد الناس أمثال خالد محي الدين .. وزياد برى الأول يؤدي مناسك الحج والثاني يؤدي مناسك العمرة مع أنهما يعلنان أنهما ماركسيان[52]

وهكذا عمدت الشيوعية أخيرا إلى تلبيس الحق بالباطل، وإلى محاولة تجزئة الإسلام ـ كتكتيك مرحلي ـ والإعلان بقبول عقيدته وشعائره والاقتباس من الماركسية في مذهبها الاقتصادي.. وذلك حتى تتمكن فتقضي على الدين عقيدة كما قضت عليه شريعة

ثالثا: الشيوعية ـ والسياسة.. والإعلام

67ـ مخاطبة القاعدة

كانت الشيوعية بادئ الأمر تغزو البلاد الإسلامية من القاعدة فتنشر مذهبها بين الجموع.. مستغلة ما تعرضت وما تتعرض له البلاد الإسلامية من قحط وتجويع بذنوبها أو بفعل أعداء الله فيها.. لتنشغل بلقمة العيش عن التفكير في واقعها الأليم وأمتها الممزقة.

ومستغلة كذلك ما تقع فيه بعض الأنظمة الحاكمة من بعد عن العدالة الاجتماعية الإسلامية، ومن ترف داعر ترفل فيه الطبقة الحاكمة، وبؤس بائس تعيشه الطبقات الكادحة.

ومستغلة كذلك غيبة الحكم الإسلامي الراشد.. الذي أقامت دعائمه من قبل النبوة الحكيمة والخلافة الرشيدة.

ومستغلة فشل الشعارات الوطنية الكاذبة ومعها شعارات الغرب الجوفاء.

وهكذا عملت الشيوعية لغزو القاعدة.

68ـ وبدأت معها صريحة.. تعلن كفرها إلحادها.

فلما اصطدمت بالعقيدة الإسلامية القوية.. تلوت وتلونت.. وادعت مصالحتها للإسلام ومعايشتها لعقيدته، وغذت ذلك روسيا ببضعة أفراد تعلن عن إرسالهم إلى الحج.. وبضعة أفراد آخرين من البلاد الإسلامية تدعوهم إلى روسيا وتطوف بهم بعض المساجد.

وقد حكى بعض هؤلاء.. أنه لوحظ أن المصلين في هذه المساجد.. لا يكادون يتغيرون.. فهم في موسكو الذين يصلون وهو في جمهورية أخرى كالقرم أو القوقاز هم الذين يصلون بل لاحظ أكثر من ذلك أن ملابسهم من نوع واحد وأحذيتهم كذلك من نوع واحد.

وأستدل من ذلك إلى أنهم أشبه بالفرقة المأجورة لتؤدي دورا فهي تنتقل حيثما يقضي الأمر أن تنتقل كما تنتقل الفرقة المسرحية بين مسرح وآخر!!

وإلى جوار ذلك نصحوا عملاءهم في البلاد الإسلامية بآداء الشعائر وإعلان الإسلام ( كتكتيك مرحلي ).[53]

69ـ التغيير من القمة

إلى جوار مخاطبة القاعدة.. وهي مستمرة

فقد لجأوا أخيرا إلى لعبة الشعوب التي تلعبها الولايات المتحدة الأمريكية جربوا التغيير من القمة..ونجحوا فيه.. ووجدوه سهلا لا يبذلون الكثير فيه بينما تتولى تلك القمة ـ مقابل تعضيدهم لبقائهم في الحكم ـ تتولى عنهم كل شيء..

سلخ الأمة من دينها

إشاعة الإباحية والانحلال فيها عن طريق وسائل الإعلام وغيرها من الوسائل وأخيرا إشاعة الإلحاد.. شيئا فشيئا

ومثل في مصر في الستينات قريب

ومثل في الصومال في السبعينات أقرب!!

وهم الآن لا يشترطون في القمة التي تتعامل معهم أن تكون معتنقة مبادئهم.

بل يكفي أن تلتزم بنشر.. هذه المبادئ. وإن صلت وصامت وزعمت أنها مسلمة!!

الفصل الثالث

الدعوة الإسلامية

في وجه الغزو الفاجر

((توطئة

70ـ تقف الدعوة الإسلامية، ويقف دعاتها.. صامدة في وجه الغزو الفاجر من غرب.. ومن شرق..

تقف موقف الدفاع..

الدفاع ضد ما يوجه إلى الإسلام من انتقاد..

أو ما يوجه إليه من تحطيم..

وفي الكثير يقف الدعاة موقف التبرير .. حين يهاجم الإسلام

لكن الإسلام كوسيلة لا يكتفي بالدفاع .. وأدناه التبرير

وهو كهدف و مبدأ لا يقبل التجزئة ولا التقطيع ولا الترقيع الذي يريده له أعداء الإسلام لتحطيمه خطوة.. خطوة

أو نقضه عروة.. عروة.!

ونشير إلى كل في مطلب

المطلب الأول

وسيلة الإسلام

71ـ قد يقبل الإسلام المهادنة لكنه لا يقبل المداهنة

وقد يقبل الدفاع.. لكنه لا يرفض الهجوم ولا يتركه كوسيلة للدفاع!

وهو بكل تأكيد لا يقبل التخاذل.. ولا التبرير الذي يكشف عن ذلك التخاذل!

ذاك ما أعنيه في حديثي عن وسيلة الإسلام.. في مواجهة الزحف الفاجر للشرق الكافر والغرب الحاقد.. على الإسلام ونفصل الكلمات!

لا يقبل الإسلام المداهنة

72ـ المداهنة لون من النفاق.. لا يرضاه الله للدعوة ولا للدعاة قد يقبل منهم.

إذا ابتلوا أن يهادنوا، لكن لا يقبل منهم أبدا أن يداهنوا! وفرق بين الأمرين عظيم...!

لقد قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية أن يهادن..

وكان ذلك بداية الفتح العظيم الذي نزل فيه قول الله سبحانه { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً.. }

وكانت نهايته.. فتح مكة التي نزل بعدها قول الله {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً.. }

73ـ ولقد حاول الكفار مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يداهن

حتى قالوا له.. نعبد إلهك يوما، وتعبد إلهنا يوما

ورفض رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزل الوحي يؤيد رفض رسول الله صلى الله عليه وسلم.

{ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ

لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ

وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ

وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ ، وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ.. لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ }

ونزل قوله تعالى { وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ }

وفي الإسلام دفاع وهجوم

74ـ دفاع قد يقتضيه التكتيك

وهجوم كذلك قد يقتضيه التكتيك

وقد من وسائل رسول الله صلى الله عليه وسلم الدفاع، وكان من وسائله الهجوم.. والهجوم والدفاع يومئذ دفاع عن الإسلام!

وسواء الدفاع والهجوم في المجال الحربي، أو في المجال السياسي و الديبلوماسي .. فكلاهما مشروع

وكما نزل قوله سبحانه وتعالى

{ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ }

فقد كان في نهاية آيات القتال قوله

{ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً..}

{وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ.. }

.. وهو في دفاعه وهجومه لا يعرف التخاذل.. ولا التبرير الذي يكشف عن ذلك التخاذل

{وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلا مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}

75ـ وفي مواجهة أهل الكتاب

فإن الله لا ينهانا عن الذين لم يقاتلونا في دينناولم يخوجونا من ديارنا أن نبرهم ونقسط إليهم..

لكنه سبحانه وتعالى ينهانا عن الذين قاتلونا في الدين وأخرجونا من ديارنا أن نتولاهم.. أن نعطيهم شيئا من محبة القلب أو نعطيهم شيئا من مساعدة اليمين ومن ثم فإننا أمام أهل الكتاب..من أهل الغرب أو من غير أهل الغرب

لا نبدؤهم بقتال.. متى كفوا هم عن قتالنا وإخراجنا من ديارنا فإن قاتلونا أو أخرجونا.. فقد أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير!

76ـ وعلى الغرب أن يختار لنفسه..

إما أن يكف عن قتالنا في ديننا.. بحرب عسكرية، أو بحرب فكرية.. وأن يكف عن إخراجنا.. على يده أو على أيدي صنائعه.. فإن فعل فليس في الإسلام ما ينهانا عن بره والإقساط إليه.. وإلا.. فإنه يعرف الأخرى!

أما الشرق الكافر..

فإننا نبشره من الآن..

ليس بيننا وبينه غير القتال..

القتال دفاعا لإخراجه من تسعة أعشار أرضه التي احتلها واغتصبها من أيدي المسلمين..

والقتال هجوما.. باعتباره عقبة في طريق الدعوة الإسلامية

وليس لنا معه طريق ثان..

هكذا..

وبصراحة..!

وعلى الذين يتولونه.. أن يعلموا أنهم منه..

وأن قتالهم.. كقتاله فرض..!

والله متم نوره ولو كره الكافرون

المطلب الثاني

هدف الإسلام

77ـ حديثنا في المطلب الأول كان عن وسيلة الإسلام.. إنه لا يقبل المداهنة وإن قبل المهادنة، ولا يقبل التخاذل وإن وقف موقف الدفاع حينا وموقف الهجوم حينا آخر!

وحديثنا في هذا المطلب عن هدف الإسلام.. إنه لا يقبل التجزئة ولا الترقيع بل لابد أن يكون الدين كله لله.. فذاك هدفه!

أولا: الدين كله لله

78ـ الله خلق الخلق كله..

فأخضع بعضه جبرا وقسرا.. يسبح بحمده، ويسير وفق ناموسه

وجعل للبعض الآخر الاختيار.. فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر

وأنزل لمن جعل له الاختيار نظاما كاملا لحياته..

وأنزل مع آخر آيات القرآن {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلامَ دِيناً}

فصار الإسلام الذي رضيه لنا هو هذا الدين الكامل..

نتعبد الله به.. أفرادا

نتعبد الله به.. أسرا

نتعبد الله به.. مجتمعات ـ ويتقرر بناء على ذلك الثواب والعقاب في الآخرة والآخرة خير وأبقى.

79ـ وهو بالنسبة للجميع منهج كامل.. يشمل الحياة كلها..

حتى ليتناول الانسان في حياته وفي موته..

في يقظته وفي نومه..

في عسره وفي يسره..

يجمل الحكم أحيانا.. ليدع مجالا للاجتهاد في ظل ذلك الخط الرئيسي ويفصل الحكم أحيانا.. حتى لا يدع مجالا للاجتهاد لأحد.. فما يختلف أحد حول الحكم الذي جاء.. لأن حكمة الله.. أن مثل هذا الحكم لا يتغير بتغير المكان أو الزمان

وهو بهذا..

دواء متكامل.. فيه الشفاء للانسانية من كل أمراضها

وبناء متكامل.. يناسب أجواء البشرية، ويقيها صروف كل تغير قد يرد عليها وهو بهذا..

لا يقبل التجزئة ولا التفرقة..

ثانيا: لا تجزئة ولا تفرقة

80ـ مضت حكمة الله.. أن يكون الدين دواء متكاملا، وبناء متكاملا.. ومنهجا شاملا يلف الحياة كلها..

وهو بهذا لا يقبل التجزئة ولا التفرقة

ووردت النصوص تنهى عن تلك التفرقة..

وتعتبر تجزئة الدين.. كفرا.. وفتنة.. وجاهلية..

ـ فقرأنا قول الله:

{أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ..}

ـ وقرأنا قول الله:

{وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ}

ـ وقرأنا قول الله معقبا على التجزئة

{أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}

81ـ وأدركنا بفضل الله بعض الحكمة

إن تجزئة شريعة الله ودينه.. قد يكون هو الطريق لهدم الدين كله ومن هنا كانت خطورته.. أنه يتم خطوة.. خطوة.. دون أن يحس الناس..

ثم إن الدواء المتكامل.. قد ينجد بإذن الله في شفاء المريض

أما بتر الدواء.. فقد لا ينجح في الشفاء.. بل قد يؤدي إلى تفاقم المرض.

82ـ ولقد كان لنا من التاريخ عبرة

إن التتار حين غزوا أرض الإسلام أرادوا أن يقيموا حكما بعضه من الإسلام وبعضه من عندهم أو من شرائع أخرى..

فقضت يقظة علماء الإسلام ـ بفضل الله ـ على هذه الفتنة.. إذ اجتمعوا فأجمعواعلى رفض ذلك الميثاق الياسق وأفتوا بكفر من قبله.. ومن ثم.. انتهت الفتنة.

ودخل التتار في الإسلام.. بدلا من أن يخرجوا المسلمين من الإسلام!

ومن هنا كان لنا مع كل من الغرب والشرق كلمة..

كلمتنا للغرب..

83ـ وهي ليست للغرب وحده.. إنها كذلك.. لصنائعه هنا ممن هم جلدتنا ويتكلمون بلساننا!

إننا لانقبل النقل الأعمى

لأن ذلك..

أولا ـ ضد طبائع الأشياء.. فإن النبات يأخذ باختيارفيتخير النخيل ما لا يتخيره البرتقال من عناصر التربة.. أفلا يكون ذلك لمن ميزه الله بالارادة والاختيار!

ثانيا ـ ضد الأصالة.. فإن الأمم الأصيلة تستمسك بتراثها.. استمساكها باستقلالها..

وبغير ذلك تذوب شخصيتها..

والتاريخ خير شاهد..

الأمم التي استمسكت بتراثها.. ظلت حية..

والأمم التي ذابت في الغزاة، ماتت وانمحت شخصيتها

ثالثا ـ لأن ما عندنا خير وأبقى..

والذين أحسنوا دراسة التاريخ.. والذين أنصفوا من أنفسهم من أبناء الغرب يعلمون أن ما عندهم من خير.. كان نقلا من الشرق الإسلامي.. إبان الحروب الصليبية ومن خلال الأندلس.. وجزر البحر الأبيض المتوسط الإسلامية! لكن المسلمين.. تركوا.. الجواهر في خزائنهم.. وراحوا يتكففون الناس.. فيأخذون فتات الموائد.. من الغرب ومن .. الشرق!!

84ـ وإن الهجمة الأثيمة على قيم الإسلام تسندها السترات العسكرية المحلية في أكثر بلاد الإسلام..

هذه الهجمة الأثيمة متمثلة في علمانية التعليم والإعلام والقانون

ومتمثلة في إثارة القوميات

ومتمثلة في استخدام المرأة المسلمة مطية لنشر الانحلال ولهدم البيت المسلم من قواعده..

هذه الهجمة الأثيمة بما يساندها من حكم الدكتاتوريات العسكرية

.. قد انكشف أمرها.. وهتك سترها.. وبدا للناس اثمها وسرها ثم أنه لابد لها من رد فعل

مساو لها في القوة.. ومضاد لها في الاتجاه.. وفعلها بشري

ورد الفعل لها.. بشري.. تسنده قوة السماء.. ومن ذا يهزم قوة السماء..؟!

85ـ فليكف الغرب عن حربنا في ديننا

قبل أن يفقد مصالحه الاقتصادية..

بعد أن فقد أماكنه وقواعده العسكرية..

وليعلم أن أبناء الإسلام.. إن كفوا عن حربهم في دينهم أقرب إليهم من أبناء ماركس الذين يسحبون البساط من تحت أقدام الغربيين.. في أماكن كثيرة.. ولن يرحموهم.. يوم يسقطون!

86ـ أما كلمتنا للشرق الكافر

ولمن يدينون له.. ممن يحملون أسماء المسلمين أو أسماء العرب فإنها:

أولا: إننا لانقبل اللعبة الأخيرة الحقيرة.. في الفصل بين العقيدة والنظام فالإسلام عقيدة ونظام..

يعالج الفرد والمجتمع والأسرة

ويعالج شؤون السياسة والاقتصاد والاجتماع

والتخلي عن النظام كالتخلي عن العقيدة سواء بسواء

بل هو تخل عن العقيدة نفسها

لأن من عقيدة الإسلام أن الله هو الحاكم والمشرع كما أنه الخالق والرازق والأخذ بحكم الشرق وشرعه في الاقتصاد أو في غيره..

معناه التخلي عن جزء من العقيدة أن الله هو الحاكم!

فضلا عن النهي الذي قدمنا عند الحديث عن رفض التجزئة والتفرقة.

وثانيا: إن الحرب بيننا وبين الكفر سجال

ليس فقط داخل ديارنا.. لنطهرها من الكفرة الفجرة

بل كذلك خارج ديارنا.. لنكبح جماح الكفر الذي يستبدل أبناء المسلمين ولنحرر أولئك المسلمين من نير الاستعباد الشيوعي الكافر!

والجهاد في هذه الحالة فرض عين

حتى تتطهر أرض البخاري والإمام مسلم.. وغيرهم وغيرها من أراضي الإسلام..!

وإن جندنا لهم الغالبون

والحمد لله رب العالمين..


--------------------------------------------------------------------------------

[1] وهو ماصرح به أدوين بلس صاحب كتاب ملخص اتبشير وأشار إليه أ.ل شاتليه في الغارة على العالم الإسلامي وتحاول بعض الكتب أن تنفي عن الحروب الصليبية صفتها الدينية والعصبية خالعة عليها ثوب الحروب الاستعمارية التي تقصد إلى استغلال الثروات.. وذلك الجهل أو التجاهل قصدا إلى تخفيف رد الفعل لدى المسلمين وتظليلهم عما أريد ويراد بهم!

ونظرة إلى ما كتبه كتاب الغرب أنفسهم عن الدافعين إلى هذه الحروب ( البابا سلفستر الثاني سنة 1002 م ثم البابا خريفوريس سنة 1075م ثم من أذكوها بعد ذلك من كتاب المسيحية وشعرائها من أمثال:HEYTON SASSUTO, MARINO, PIEN DU BOI, GUILLOMME DE NOGARIT, RAYMO ND LULLE, PATRAQUE.

ثم إلى ما فعله قواد هذه الحروب حين قتلوا من المسلمين بعد دخول بيت المقدس في 15 يوليو 1099 أكثر من سبعين ألف حتى غاصت الخيل إلى صدورها في الدماء وفي طريقهم إلى أنطاكيا قتلوا أكثر من مائة ألف مسلم.. نظرة إلى هذا أو ذاك تكفي للرد ( راجع في ذلك كتاب حاضر العالم الإسلامي للمؤلف الأمريكي ستودارد وكتاب تاريخ البابوات تأليف فرنارد هايوارد )

[2] من خطبة كبير المبشرين زويمر في مؤتمر القدس 1935 إبان الإحتلال البريطاني لها.

[3] من أفضل الكتب التي كشفت عن هذا الأمر مؤلف للكاتب الأمريكيMORCE BERGEN تحت عنوان THE ARAB WORlD TO – DAY COPYRIGHT 1962 ترجمه للعربية محي الدين محمد ـ طبع في دار مجلة شعر اب 1963 وكتاب الدبلوماسية والمكيافيلية في العلاقات العربية والأمريكية خلال عشرين عاما ـ دراسة وتحليل حول كتاب لعبة الشعوب تأليف محمد صادق.

ـ كذلك مؤلفات الدكتور محمد حسين ـ الإتجاهات الوطنية في أدبنا المعاصر، الحضارة الغربية حصوننا مهدة من داخلها.

ـ الخطر الصهيوني على العالم الإسلامي.

ـ مجلات المجتمع، والدعوة في الكويت وفي السعودية.

[4] لعبة الأمم ـ مايلزكوبلاند THE GAME OF NATIONS

[5] من كلمة لأحد زعمتء التبشير ـ زويمر ـ في مؤتمر التبشير في لنكو بالهند سنة 1913.

[6] من كلمة للمبشر وليم جيفورد بالكراف في مؤتمر التبشير المنعقد بالقاهرة سنة 1906 وكلاهما يكشف عن بعض نية الغرب تجاه الجزيرة مهد الإسلام.

[7] من نصائح زعيم التبشير زويمر في مؤتمر القاهرة للتبشير سنة 1906 ـ ومن النكاية أن يعقد ذلك المؤتمر في منزل الزعيم المسلم أحمد عرابي بعد هزيمته ونفيه!

[8] الكاتب الأمريكي موروبيرجير في كتابه القيم العالم العربي اليوم صفحات 306، 319، 320، 323، 324، 326، 334، 340، 348 ـ ويشير المؤلف الأمريكي إلى زعيم مصري كان مغموراً وقت تأليف الكتاب ـ يشير إلى معيار ذلك الزعيم في الضابط الكفء هو درجة تعرفه إلى الغرب كما ينقل عنه مدحاً لرئيس هيئة أركان الجيش المصري أثناء الحرب العالمية الثانية كان متقبلاً للأفكار الحديثة لكثرة زياراته لفرنسا وأنجلترا وألمانيا صفحة 313، 314، 310 من المؤلف المذكور.

[9] أعلنها أخيرا محمد زيادبري في الصومال المسلم حين أعلن قيام الدولة على الإشتراكية العلمية ومن قبل أشار إليها زعيم عربي بغيت كسب عطف اليهود والدولة المسيحية.. لقيام دولة فلسطين ( العلمانية! ).

[10] ثم انتهى التقرير إلى أن الأزهر سوف بجد نفسه أمام أمرين فإما أن يتطور وإما أن يموت ويختفي.. والحقيقة أن الأمرين موت أحدهما مقنع والأخر مكشوف وقد تم تطوير الأزهر ومصادرة أوقافه في عهد الرئيس السابق جمال عبد الناصر.

[11] الغارة على العالم الإسلامي ص 32،24.

[12] راجع تقرير كرومر 1906 ( الفقرة 3 ص 8 ) وراجع كذلك MODERN EGYPT 2: 229 حيث يدعو كرومر إلى تمكين الطائفة المثقفة ثقافة غربية من المناصب المسؤولة عن التوجيه السياسي والاجتماعي.

[13] وجهة الإسلام ـ تأليف المستشرق جب وآخرين ترجمة عبد الهادي ابو ريده صفر 1353 ـ مايو 1934 .

[14] وحل المسألة الشرقية كان يعني القضاء على الخلافة الإسلامية في ذلك الحين، ومعنى ذلك أن التعليم العلماني أو غير الديني أدى دورا هاما في التمهيد لالغاء الخلافة الإسلامية.

[15] كتب الأستاذ أنيس منصور في مارس 1976 ـ ربيع الأول 1392 يقول عن أحد المبتعثين إلى الخارج: كان ريفيا متشددا.. عاد أوربيا متفتحا ـ وهذا طبيعي.. كما تغيرت ملابسه وتسريحة شعره، لمعت عيناه وأظافره وجزمته (حذاؤه) ولم تعد تراه متصلب الرأي.. ولا الظهر.. إنما هو مجامل فينحني لهذا أو ذاك وللنساء بصفة خاصة ولا يتمسك بارائه كثيرا، وإنما هذه الاراء يحولها إلى أنواع من العجين تلين وتشكل حسب الظروف وفي كثير من اللباقة والادب.. كان لا يدخن ـ وهو الآن يسرف في ذلك.. كان لا يشرب.. وهو الآن خبير في أنواع الخمور وأنواعها وروائحها وترتيبها قبل وأثناء وبعد الأكل..!!

[16] الطهطاوي رغم قدمه ( 1826 ـ 1831 ) لا يزال مثلا لا يقل عن المثل الذي ضربه أنيس منصور لقد عاد ـ على الأقل ـ بغير العقل الذي ذهب.. عاد يتحدث عن الرقص بأنه نوع من العياقة والشلبنة ( أي الاناقة والفتوه ) ويتحدث عن المشاعر الوطنية بدلا من المشاعر الدينية ويثير الفرعونية ( وغيرها من العصبيات التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوها فإنها نتنة ) ويترك الحديث عن أخوة الإسلام التي تجمع الجميع تحت لواء لا إله إلا الله محمد رسول الله وعلى طريق الطهطاوي قاسم أمين الذي درس في مدرسة الحقوق المصرية ذات المناهج الفرنسية وتخرج في سنة 1881 ثم ذهب إلى فرنسا يستكمل تعليمه العالي ونفس المثل طه حسين!!!.

[17] في تقرير للقس ترد بريدج في مؤتمر لكنوا للتبشير أشار إلى الكلية الإنجيلية (الجامعة الأمريكية بعد ذلك، وإلى الكلية السورية الإنجيلية وإلى كلية الأستانة وكلية المبشرين في كدك باشا ـ كذلك سبق إلى توصية مؤتمر التبشير بالقاهرة إلى إنشاء معهد مسيحي بالمواجهة لأزهر وهو ما نفذ بعد ذلك في صورة الجامعة الأمريكية ويشير معرب كتاب لعبة الأمم إلى أن تسعين بالمائة من قادة حركة القومية العربية الأقحاح هم من خريجي الجامعة الأمريكية ببيروت. ولا تزال هذه الجامعة ناشطة في تقديم مثل هذه الخدمات لدول منطقة الشرق الأوسط).

[18] وفي سلسلة لمؤسسة فرانكلين الأمريكية رسم لأحسن وسيلة للتربية فبدلا من فصل البنين عن البنات يجب أن نعمل على إشراكهم معاً في الأعمال الممتعة ومواقف اللعب وإذا حدث استلطاف بين بعض البنين والبنات فينبغي النظر إليه على أنه نوع من الصداقة (!) وليس غراما أو عشقاً (!)

وفي مكان آخر: إن خروج الفتيات في صحبة الفتيان من الأمور الطبيعية (!) التي يستطيع معظم الآباء تقبلها في الوقت المناسب على أي حال باعتبارها جانب من جوانب النمو الجسمي للمراهق (!)

وفي كتاب آخر فالشوق إلى القبلة أو بعض الغزل الرقيق أو الإنصات إلى قصة فيها تلميحات جنسية كل هذه ليست أموراً شائنة (!!!)

[19] سورة إبراهيم آية 53.

[20] سورة آل عمران آية 132.

[21] سورة الأحزاب آية 45/46.

[22] (راجع أمثلة عديدة قدمناها في بحثنا لمؤتمر الفقه الإسلامي الغزو الفكري والتيارات المعادية للإسلام _ ذي القعدة سنة 1396هـ).

[23] الشورى 21.

[24] بحثنا إلى مؤتمر الفقه الإسلامي حول تطبيق الشريعة الإسلامية أو رسالتنا للدكتوراه المشروعية الإسلامية العليا ومؤلفنا شريعة الله حاكمة ليس بالحدود وحدها.

[25] قال ابن أبي ليلى: قال لي عيسى بن موسى وكان ديانا شديد العصبية للعرب .. من كان فقيه البصرة؟ قلت: الحسن بن الحسن قال ثم من؟ قلت محمد بن سيرين قال: فما هما؟ قلت: موليان .. قال

فمن كان فقيه مكة؟ قلت عطاء بن رباح ومجاهد وسعيد بن جبير وسليمان بن بسله قال فما هؤلاء ..؟ قلت موالي قال:

فمن كان فقهاء المدينة؟ قلت: زيد بن أسلم ومحمد بن المنكدر ونافع بن أرنجيح قال فما هؤلاء.

قلت موالي ـ فتغير لونه ثم قال:

فمن كان أفقه أهل قباء؟ قلت: ربيعة الرأي وابن أبي الزناد ـ قال فما كانا قلت من الموالي ..

فما زال يسأله عن فقهاء اليمن وخراسان والشام .. وهو يجيبه بأسماء من الموالي حتى بلغ فقهاء الكوفة فقال والله لولا خوفه لقلت الحكم بن عقبة وعمار بن أبي سليمان ولكن رأيت فيه الشر فقلت: إبراهيم النخعي والشعبي قال فما كانا قلت عربيان.

[26] يشير معرب كتاب لعبة الأمم إلى أن: أكثر من تسعين في المائة من قادة حركة القومية العربية الأقحاح هم من خريجي الجامعة الأمريكية ببيروت. ولا تزال هذه الجامعة (وكانت تسمى الكلية الإنجيلية السورية) ناشطة في تقديم مثل هذه الخدمات لدول منطقة الشرق الأوسط .. ويشير نفس المؤلف إلى أسماء زعماء القومية وكلهم من المسيحين!

[27] عرض المؤلف لبعض هذه الأعمال في كتابه في الزنزانة

وعرض للبعض الآخر في كتابه عندما يحكم الطغيان الذي لا يزال منذ أكثر من عام ينتظر موافقة الرقابة على إصداره.

[28] لعبة الأمم لمايلزكوبلاند ص 63 65.

[29] كان من بين قررات مؤتمر لنكو سنة 1913 بالهند دخول النساء في أعمال التبشير لتنصير النساء المسلمات وأولادهن وفي مؤتمر القاهرة 1906 بشرزويمر المبشرين ألا يقنطوا إذ من المحقق أن المسلمين قد نما في قلوبهم الميل الشديد إلى علوم الأوربيين وإلى تحرير النساء الغارة على العالم الإسلامي ص 61 ـ 83 من نفس المرجع.

[30] من بحث الدكتور حامد عمار ألقاه في مؤتمر أمريكي أشار إليه الدكتور محمد محمد حسين في حصوننا مهددة من داخلها ـ الناشر مكتبة المنار الكويت ص 48 وما بعدها ..

[31] هذا أمر اضطرنا لإعلانه في مؤتمر شعبي انعقد في شبراخيت في رمضان 1396 (محافظة البحيرة) بمصر .. بعدما اطلعنا على ما يؤكده رسمياً..

[32] ادعت بريطانيا الصداقة لمصر أثناء احتلالها.. وادعى نابليون من قبل الإسلام وأعلن خليفته في مصر فعلا إسلامه.

وعندما اقتربت جيوش الألمان من مصر كان المنشورات فيها توزع بإسم محمد هتلر!!..

[33] راجع ما كتبه مورو بيرجر ـ الكاتب الأمريكي ـ عن أن النخبات الوطنية أقدر من النخبات الأجنبية في إحداث التغيير الإجتماعي المطلوب.. وتحذيره من الاكتفاء بمجرد فرض التغير بل لابد من تعهده حتى يعمق في نفوس المجتمع

[34] المرجع السابق ص 304 ـ 305 ويذكر صراحة مايلزكوبلاند في لعبة الشعوب كان انقلاب حسني الزعيم يوم 30 آذار ( مارس ) 1949 من اعدادنا وتخطيطنا لعبة الأمم ـ ص 49 ثم يقول في ص 58 وكان قرارنا الأخير ـ أن تكون مصر خطوتنا الجديدة..

[35] هذا الحكم منشور في كتابنا في الزنزانة ـ الناشر دار الشروق ـ 1395هـ

[36] ، 37 لعبة الامم ص27 ، ص 26

[38]، 39، 40 العالم العربي اليوم ص 312، ص 314، 340 وراجع ما قدمنا ـ والمقصود بتغربا الميل إلى الغرب في قيمه ومثله بدلا من قيم الإسلام ومثله..

[41] وفي هذا السبيل لاباس أن تسمح الجهات الأجنبية بمهاجمتها لتكسب مزيدا من الصفات الوطنية ولتكسب استحسان الجماهير وحماستها وفي هذا المعنى يقول مايلزكوبلاند.. فإن مساندتنا لأي زعيم للوصول إلى دست الحكم والبقاء هناك حتى يحقق لنا بعض المصالح التي نريدها لابد أن يرتطم بالحقيقة القاسية وهي أنه لابد من توجيه بعض الاساءات لنا حتى يتمكن من المحافظة على السلطة ويضمن استمرارها ( ص 55 عن كتاب لعبة الأمم..)..

وفي الوقت نفسه يقول السياسي الصهيوني مستر سكوثمان في مقال يرثي فيه زعيما عربيا كان الرجل الوحيد الذي اقتنع بضرورة التعايش السلمي مع اسرائيل وكانت لديه الجرأة والسلطة الكافية لايجاد الظروف اللازمة لهذا التعايش ص ز ـ مقدمة كتاب الدبلوماسية والميكانيكية في العلاقات العربية الأمريكية ـ دكتور محمد صادق..

وفي مكان آخر يقول مايلز كوبلاند

إن الهدف الرئيسي من دعمنا (…) هو رغبتنا في توفر زعيم عربي رئيسي يتمتع بنفوذ قوي على شعبه وعلى بقية العرب له من القوة ما تمكنه أن يتخذ ما شاء من القرارت الخطيرة وغير المقبولة من الغوغاء مثل عقد صلح مع اسرائيل ( ص 89 لعبة الأمم ).

[42] يقول مايلز كوبلاند: وكان مبتغانا أن ندفع إلى الرئاسة حكاما أكثر شغفا بالسلطة ص 59 من لعبة الأمم

[43] ص 63 ـ 65 من كتاب لعبة الأمم.

[44] لاشك أن لها أشكالا قديمة قال بها الفوضويون والهدامون من أصحاب الفلسفات القديمة، ويمكن الرجوع إلى كتب التاريخ وكتب الفلسفة لاستقصاء ذلك ليبين.. أن ما نادى به ماركس لم يكن جديدا.. وإنه في حقيقته لا يحوي شيئا من التقدم أو التقدمية.. بل هو الرجعية شكلا.. بما كرر من صور للفكر قديمة، ثم هو رجعية موضوعاكما سنبين بإذن الله في شرح المبدأ..

[45] راجع أفيون الشعوب للأستاذ عباس محمود العقاد ـ الطبعة الخامسة سنة 1975 الناشر ـ دار الاعتصام ـ القاهرة..

[46] بحثا قيما لوحيد الدين خان في مؤتمر الفقه الإسلامي المنعقد بالرياض في ذي القعدة سنة 1396هـ.

[47] وظهور الماركسية في روسيا يومئذ مجتمع زراعي متخلف كان أول تكذيب عملي لتنبئوات ماركس، الذي تنبأ أن تظهر الشيوعية في مجتمعات متقدمة صناعياً تغلب عليها طبقة العمال مثل ألمانيا وانجلترا ..

[48] نقلا عن خطاب اتحاد الطلبة المسلمين في شرق أوربا إلى كل من وزير الخارجية السعودي وإلى الرئيس العام لإدارة البحوث العلمية والافتاء بالمملكة العربية السعودية الأول رقم 42 في 15 جمادى الأول سنة 1396، الثاني في 5 جمادى الأول 1396 هـ.

[49] نقلا عن بيان لاتحاد الطلبة المسلمين في شرق أوربا.

[50] ويؤكد ذلك تصريحه في مكان آخر ( ص 163 ) إلى أن الدين جهد إنساني ويعود فيكذب نفسه حين يسمي الحاد الشيوعية بالحاد القرن العشرين ويميزه عن الحاد القرن الثامن عشر ( كان علمويا ) يقصد علمي ت ص 143، 144 من ماركسية القرن العشرين وراجع ص 202

[51] تقول مجلة كورومويخست السوفيتية الصادرة في أول يناير 64 وإذا اقتضت مراحل التحويل الاشتراكي تعايشا مع العقيدة الدينية.. كما هو الحال في المناطق الإسلامية فان هذا الاهتمام هو من قبيل التدبير المؤقت وفي مكان آخر وفي بعض النظم الاشتراكية الجديدة تجد جماعات من أصحاب المسؤوليات ـ هم اشتراكيون فكرا واقتناعا ـ يمارسون الفرائض الدينية ويؤدونها..

[52] من رأينا أن يحرم على من أعلن أنه ماركسي أو شيوعي دخول المسجد الحرام لأنه باعلانه هذا يكون قد ارتد عن الإسلام وينطبق عليه قول الله {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ} ( التوبة )..

[53] راجع هامش الصفحة السابقة

نقلا عن

http://www.iu.edu.sa/Magazine/36/11.htm[/align]
 
عودة
أعلى