عبدالله بن بلقاسم
New member
- إنضم
- 26/04/2003
- المشاركات
- 112
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 16
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم لك الحمد على النعم الجزيلة، والمنن الجليلة،
لك الحمد ما اقشعرت الأبدان لعظمتك ، ولانت الجلود من خشيتك،
لك الحمد أنت تعطى الأخلاص من تشاء، فأعطنا إخلاصا يذهب عنا حب الرياء ، ويجعلنا في الآخرة مع النبيين والصديقين والشهداء
اللهم طهر حروفنا من حب التكاثر، وطيب منا البواطن والمظاهر،
اللهم إن لم نبلغ مراتب المخلصين فأنت تعلم أنا نحب أن نكون منهم
اللهم بحبنا ذاك إلا أعطيتنا منه أوفر الحظ والنصيب،
اللهم أصلح السرائر، وطهر الضمائر،
اللهم صل وسلم على الرسول، واجعلنا من أتباعه في الغدو والقفول،
اللهم أجب الدعوة، واغفر الهفوة، وأنزع من قلوبنا إلى الحرام كل شهوة، يارب:
أما بعد
فلما كان الطريقا طويلا، والصبر على لأوائه عسير ثقيلا، والعمر وحي التقضي، سريع التمضي، والمشاركات المبددة، والمطارحات المشردة، تذهب هباء منثورا، كأن لم تكن شيئا مذكورا، أحببت أن إشارك في هذا الملتقى المبارك ،بكتابات متسلسلة، وحلقات مرتبة، توفر تراكما علميا مفيدا،
فأخترت المشاركة بالوقوف عند كل آية والنظر هل كانت مما استدل به الفقهاء في أي مبحث من المباحث، أخذا بقول من قال وهو الراجح، أن آيات الاحكام كثيرة جدا، غير محصورة بعد،
وقد كان منهجي البحث بنفسي في كتب الفقه دون الرجوع لتفاسير آيات الأحكام،
بل آخذ ذلك مباشرة من كتب الفقه، وقد بدأت من الآية 134 من سورة آل عمران،
حيث هي الآية التي وقفنا عندها في درس التفسير، وحتى أوفر على نفسي التحضير مرتين، فلم أبدأ من أول القرآن ، وعسى أن ييسر الله التمام،
ولعلي أعود لمزيد بيان المنهج في البحث في حلقة قادمة إن شاء الله ، وبعد النظر لعل إخواننا يسهمون معنا بالنصحية، والتقويم
اللهم اجعل هذا العمل مباركا،ووفقنا فيه للقبول ، واجعله من العمل المدخر يوم القيامة، يا رب العالمين،
قال تعالى:
والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم من يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على مافعلوا وهم يعلمون،
1-أخذ الفقهاء الحنفية منها جواز البناء على الصلاة التي أحدث فيها العبد بعد الوضوء:
من الآية
ففي (الحجة ج: 1 ص: 70) لمحمد بن الحسن الشيباني رحمه الله تعالى:
وقال ابو حنيفة اذا احدث في متعمد من ريح سبقه او بول او غائط فلينصرف وليغسل ما اصابه من ذلك ثم يتوضأ ثم يبنى على صلاته ان احب وقال ابو حنيفة رحمه الله واحب ان يتكلم ويعيد الصلاة ولا يبنى وان بنى اجزأه اخبرنا ابو حنيفة رضي الله عنه قال حدثنا عبد الملك بن عمير عن معبد بن صبيح ان رجلا من اصحاب محمد عليه وعلى آله الصلاة والسلام صلى خلف عثمان بن عفان رضي الله عنه فأحدث الرجل فانصرف ولم يتكلم حتى توضأ ثم اقبل وهو يقول ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون فاحتسب بما مضى وصلى ما بقي ما فعلوا وهم يعلمون فاحتسب بما مضى وصلى ما بقي
2- ومنها اخذ الحنابلة رحمهم الله مشروعية صلاة التوبة:
ففي كشاف القناع ج: 1 ص: 443
و تسن صلاة التوبة إذا أذنب ذنبا يتطهر ثم يصلي ركعتين ثم يستغفر الله تعالى لحديث علي عن أبي بكر قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ما من رجل يذنب ذنبا ثم يقوم فيتطهر ثم يصلي ركعتين ثم يستغفر الله إلا غفر له ثم قرأ والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله الآية رواه أبو داود
3-واستشهد بها الشافعية على قبول توبة القاذف ومن ثم شهادته
المهذب ج: 2 ص: 330
فصل
ومن ردت شهادته بمعصية فتاب قبلت شهادته لقوله تعالى والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا والتوبة نوبتان توبة في الباطن وتوبة في الظاهر فأما التوبة في الباطن فهي ما بينه وبين الله عز وجل فينظر في المعصية فإن لم يتعلق الفرج فالتوبة منها أن يقلع عنها ويندم على ما فعل ويعزم على ألا يعود إلى مثلها والدليل عليه قوله تعالى والذين إذا فعلوا فاحشة بها مظلمة لآدمي ولا حد لله تعالى كالاستمتاع بالأجنبية فيما دون أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين وإن تعلق بها حق آدمي فالتوبة منها أن يقلع عنها ويندم على ما فعل ويعزم على ألا يعود إلى مثلها وأن يبرأ من حق الآدمي إما أن يؤديه أو يسأله حتى يبرئه منه لما روى إبراهيم النخعى أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه رأى رجلا يصلى مع النساء فضربه بالدرة فقال الرجل والله لئن كنت أحسنت فقد ظلمتني وإن كنت أسأت فما علمتني فقال عمر اقتص قال لا أقتص قال فاعف قال لا أعفو فافترقا على ذلك ثم لقيه عمر من الغد فتغير لون عمر فقال له الرجل يا أمير المؤمنين أرى ما كان مني قد أسرع فيك قال أجل قال فاشهد أنى قد عفوت عنك وإن لم يقدر على صاحب الحق نوى أنه إن قدر أوفاه حقه وإن تعلق بالمعصية حد لله تعالى كحد الزنا والشرب فإن لم يظهر ذلك فالأولى أن يستره على نفسه لقوله عليه الصلاة السلام من أتى من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله تعالى فإن من أبدى لنا صفحته أقمنا عليه حد الله وإن أظهره لم ينكر لان ماعزا والغا مدية اعترفا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بالزنا فرجمهما ولم ينكر عليهما وأما التوبة في الظاهر وهى التي فإذا بها العدالة والولاية وقبول الشهادة فينظر في المعصية فإن كانت فعلا كالزنا والسرقة لم يحكم بصحة التوبة حتى يصلح عمله مدة لقوله تعالى إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا وقدر أصحابنا المدة وعشرون لأنه لا تظهر صحة التوبة في مدة المساجد فكانت أولى المدد بالتقدير سنة لأنه تمر فيها الفصول الأربعة التي تهيج فيها الطبائع وتغير فيها الأحوال وإن كانت المعصية بالقول فإن كانت ردة فالتوبة منها أن يظهر الشهادتين وإن كانت قذفا فقد قال الشافعي رحمه الله التوبة منه إكذابه نفسه
4-واستشهدوا بقوله تعالى ولم يصروا على مافعلوا بأن الإصرار على الصغائر موجب لانتفاء العدالة:
قال في (إعانة الطالبين ج: 4 ص: 280)
قوله واجتناب إصرار على صغيرة معطوف على اجتناب كل كبيرة والإصرار هو أن يمضي زمن تمكنه فيه التوبة ولم يتب وقيل بأن يرتكبها ثلاث مرات توبة وقال عميرة الإصرار قيل هو الدوام على نوع واحد منها والأرجح أنه الإكثار من نوع أو أنواع قاله الرافعي لكنه في باب العضل قال إن المداومة على النوع الواحد كبيرة وبه صرح الغزالي في الإحياء قال الزركشي والحق أن الإصرار الذي تصير به الصغيرة كبيرة إما تكرارها بالفعل وهو الذي تكلم عليه الرافعي وإما تكرارها في الحكم وهو العزم عليها قبل تكفيرها وهو الذي تكلم فيه ابن الرفعة وتفسيره به الماوردي قوله تعالى ولم يصروا على ما فعلوا وإنما يكون العزم إصرارا بعد الفعل وقبل التوبة اه وفي الأحياء أن الصغيرة قد تكبر بغير الإصرار كاستصغار الذنب والسرور به وعدم المبالاة والغفلة عن كونه يسبب الشقاوة والتهاون بحكم الله والإغترار بستر الله تعالى وحلمه وأن يكون عالما يقتدى به ونحو ذلك اه بجيرمي قوله أو صغائر أي من نوع واحد أو أنواع قوله بأن لا تغلب طاعاته صغائره الذي يظهر أن الباء بمعنى مع وهي متعلقة بإصرار المنفي والمعنى أن العدالة تتحقق بإجتناب الإصرار المصاحب لعدم غلبة طاعاته معاصيه بأن استويا أو غلبت المعاصي أما الإصرار المصاحب لغلبة الطاعات فتحقق العدالة بدون إجتنابه كما سيصرح به ورأيت لسيد عمر البصري كتب على قول التحفة بأن لا تغلب الخ ما نصه كذا في النهاية وفي هامش أصله بخط تلميذه عبد الرؤوف ما نصه الظاهر أن لا زائدة وفيه نظر لأن الظاهر أن مراد الشارح تفسير الإصرار المراد للمصنف
قال الحافظ رحمه الله:
فتح الباري ج: 11 ص: 99
فيه إشارة الى ان من شرط قبول الاستغفار ان يقلع المستغفر عن الذنب والا فالاستغفار باللسان مع التلبس بالذنب كالتلاعب
5-واستدل ابن حزم رحمه الله بالآية على أن المحارب مادام مصرا يجب مواصلة نفيه مرة بعد مرة لأنه مصر على المحاربة ولا يجوز إقراره في سجن :ق
قال في (المحلى ج: 11 ص: 182)
قال أبو محمد رحمه الله ثم نظرنا في حجة من قال ينفي أبدا من بلد إلى بلد أن قال إننا إذا سجناه في بلد أو أقررناه مسجون فلم ننفه من الأرض كما أمر الله تعالى بل عملنا به ضد النفي والإبعاد وهو الإقرار والإثبات في الأرض في مكان واحد منها وهذا خلاف القرآن فوجب علينا بنص القرآن أن نستعمل إبعاده ونفيه عن جميع الأرض أبدا حسب طاقتنا أو غاية ذلك ألا نقره في شيء منها ما دمنا قادرين على نفيه من ذلك الموضع ثم هكذا أبدا ولو قدرنا على أن لا ندعه يقر ساعة في شيء من الأرض لفعلنا ذلك ولكان واجبا علينا فعله ما دام مصرا على المحاربة
قال أبو محمد رحمه الله فكان هذا القول أصح وأولى بظاهر القرآن لما ذكر المحتج له من أن السجن إثبات وإقرار لا نفي وما قال قط أهل اللغة التي نزل بها القرآن وخاطبنا بها الله تعالى أن السجن يسمى نفيا ولا أن النفي يسمى سجنا بل هما اسمان مختلفان متغايران قال الله تعالى فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن 4 الموت أو يجعل الله لهن سبيلا النساء 15 الآية وقال تعالى ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين ثم ودخل معه السجن فتيان قال أحدهمآ إني أراني أعصر خمرا وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين يوسف 35 36 فما قال أحد لا قديم ولا حديث أن حكم الروائي كان النفي إذ أمر الله تعالى بحبسهن في البيوت ولا قال قط أحد أن يوسف عليه السلام نفى إذ حبس في السجن فقد بطل قول من قال بالسجن جملة وعلى كل حال فالواجب أن ننظر في القولين اللذين هما إما نفيه إلى مكانه وإقراره هنالك أو نفيه أبدا فوجدنا من حجة من قال ينفي من بلد إلى بلد ويقر هنالك أن قالوا أنتم لا تقولون بتكرار فعل الأمر بل يجزى عندكم إيقاعه مرة واحدة وإذا كررتم النفي أبدا فقد نقضتم أصلكم قال علي وهذا الذي أنكروه داخل عليهم يمنعهم المنفي من الرجوع إلى منزله فهم يقرون عليه استدامة فقد وقعوا فيما أنكروا بعينه نعم والتكرار أيضا لازم لمن قال بنفيه أو سجنه سواء سواء قال أبو محمد رحمه الله فنقول إن المحارب الذي افترض الله تعالى علينا نفيه حربا على محاربته فإنه ما دام مصرا فهو محارب وما دام محاربا فالنفي حد من حدود الله تعالى ولم يصروا على ما فعلوا آل عمران 35
6-واستدل بها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله انه لا يجب على من زنا أن يقدم نفسه للحاكم لإقامة الحد
قال في الفتاوى ج: 34 ص: 180
رحمه الله عن رجل أذنب ذنبا يجب عليه حد من الحدود مثل جلد أو حصب ثم تاب من ذلك الذنب وأقلع واستغفر ونوى أن لا يعود فهل يجزئه ذلك أو يحتاج مع ذلك إلى أن يأتى إلى ولى الأمر ويعرفه بذنبه ليقيم عليه الحد أم لا وهل ستره على نفسه وتوبته أفضل أم لا فأجاب إذا تاب توبة صحيحة تاب الله عليه من غيرحاجة إلى أن يقر بذنبه حتى يقام عليه الحد وفى الحديث من ابتلى بشىء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله فانه من يبد لنا صفحته تقم عليه كتاب الله وفى الآثر أيضا من أذنب سرا فليتب سرا ومن أذنب علانية فليتب علانية وقد قال تعالى والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم الآية
7- واستدل بها بعض الحنفية على عدم إقامة حد الزنا بمن زنا بالميتة
قال إبراهيم بن أبي اليمن الحنفي : في لسان الحكام ج: 1 ص: 398
فصل في المسألة المتعلقة بالحدود رجل زنى بامرأة ميتة لا حد عليه وعليه التعزير لما روى أن بهلول النباش فعل ذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه السلام فلم يقم عليه الحد ونزل فيه قوله تعالى والذين إذا فعلوا فاحشة الآية وقبلت توبته
8-واستدل بها ابن حزم على أن من ترك الصلاة يتوب ويكثر من التطوع:
قال في المحلى ج: 2 ص: 244
280 مسألة وأما قولنا أن يتوب من تعمد ترك الصلاة حتى خرج وقتها الله تعالى ويكثر من التطوع فلقول الله تعالى فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا ثم إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا ولقول الله تعالى والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم
يتبع إن شاء الله في حلقة قادمة وصلى الله وسلم على محمد
اللهم لك الحمد على النعم الجزيلة، والمنن الجليلة،
لك الحمد ما اقشعرت الأبدان لعظمتك ، ولانت الجلود من خشيتك،
لك الحمد أنت تعطى الأخلاص من تشاء، فأعطنا إخلاصا يذهب عنا حب الرياء ، ويجعلنا في الآخرة مع النبيين والصديقين والشهداء
اللهم طهر حروفنا من حب التكاثر، وطيب منا البواطن والمظاهر،
اللهم إن لم نبلغ مراتب المخلصين فأنت تعلم أنا نحب أن نكون منهم
اللهم بحبنا ذاك إلا أعطيتنا منه أوفر الحظ والنصيب،
اللهم أصلح السرائر، وطهر الضمائر،
اللهم صل وسلم على الرسول، واجعلنا من أتباعه في الغدو والقفول،
اللهم أجب الدعوة، واغفر الهفوة، وأنزع من قلوبنا إلى الحرام كل شهوة، يارب:
أما بعد
فلما كان الطريقا طويلا، والصبر على لأوائه عسير ثقيلا، والعمر وحي التقضي، سريع التمضي، والمشاركات المبددة، والمطارحات المشردة، تذهب هباء منثورا، كأن لم تكن شيئا مذكورا، أحببت أن إشارك في هذا الملتقى المبارك ،بكتابات متسلسلة، وحلقات مرتبة، توفر تراكما علميا مفيدا،
فأخترت المشاركة بالوقوف عند كل آية والنظر هل كانت مما استدل به الفقهاء في أي مبحث من المباحث، أخذا بقول من قال وهو الراجح، أن آيات الاحكام كثيرة جدا، غير محصورة بعد،
وقد كان منهجي البحث بنفسي في كتب الفقه دون الرجوع لتفاسير آيات الأحكام،
بل آخذ ذلك مباشرة من كتب الفقه، وقد بدأت من الآية 134 من سورة آل عمران،
حيث هي الآية التي وقفنا عندها في درس التفسير، وحتى أوفر على نفسي التحضير مرتين، فلم أبدأ من أول القرآن ، وعسى أن ييسر الله التمام،
ولعلي أعود لمزيد بيان المنهج في البحث في حلقة قادمة إن شاء الله ، وبعد النظر لعل إخواننا يسهمون معنا بالنصحية، والتقويم
اللهم اجعل هذا العمل مباركا،ووفقنا فيه للقبول ، واجعله من العمل المدخر يوم القيامة، يا رب العالمين،
قال تعالى:
والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم من يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على مافعلوا وهم يعلمون،
1-أخذ الفقهاء الحنفية منها جواز البناء على الصلاة التي أحدث فيها العبد بعد الوضوء:
من الآية
ففي (الحجة ج: 1 ص: 70) لمحمد بن الحسن الشيباني رحمه الله تعالى:
وقال ابو حنيفة اذا احدث في متعمد من ريح سبقه او بول او غائط فلينصرف وليغسل ما اصابه من ذلك ثم يتوضأ ثم يبنى على صلاته ان احب وقال ابو حنيفة رحمه الله واحب ان يتكلم ويعيد الصلاة ولا يبنى وان بنى اجزأه اخبرنا ابو حنيفة رضي الله عنه قال حدثنا عبد الملك بن عمير عن معبد بن صبيح ان رجلا من اصحاب محمد عليه وعلى آله الصلاة والسلام صلى خلف عثمان بن عفان رضي الله عنه فأحدث الرجل فانصرف ولم يتكلم حتى توضأ ثم اقبل وهو يقول ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون فاحتسب بما مضى وصلى ما بقي ما فعلوا وهم يعلمون فاحتسب بما مضى وصلى ما بقي
2- ومنها اخذ الحنابلة رحمهم الله مشروعية صلاة التوبة:
ففي كشاف القناع ج: 1 ص: 443
و تسن صلاة التوبة إذا أذنب ذنبا يتطهر ثم يصلي ركعتين ثم يستغفر الله تعالى لحديث علي عن أبي بكر قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ما من رجل يذنب ذنبا ثم يقوم فيتطهر ثم يصلي ركعتين ثم يستغفر الله إلا غفر له ثم قرأ والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله الآية رواه أبو داود
3-واستشهد بها الشافعية على قبول توبة القاذف ومن ثم شهادته
المهذب ج: 2 ص: 330
فصل
ومن ردت شهادته بمعصية فتاب قبلت شهادته لقوله تعالى والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا والتوبة نوبتان توبة في الباطن وتوبة في الظاهر فأما التوبة في الباطن فهي ما بينه وبين الله عز وجل فينظر في المعصية فإن لم يتعلق الفرج فالتوبة منها أن يقلع عنها ويندم على ما فعل ويعزم على ألا يعود إلى مثلها والدليل عليه قوله تعالى والذين إذا فعلوا فاحشة بها مظلمة لآدمي ولا حد لله تعالى كالاستمتاع بالأجنبية فيما دون أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين وإن تعلق بها حق آدمي فالتوبة منها أن يقلع عنها ويندم على ما فعل ويعزم على ألا يعود إلى مثلها وأن يبرأ من حق الآدمي إما أن يؤديه أو يسأله حتى يبرئه منه لما روى إبراهيم النخعى أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه رأى رجلا يصلى مع النساء فضربه بالدرة فقال الرجل والله لئن كنت أحسنت فقد ظلمتني وإن كنت أسأت فما علمتني فقال عمر اقتص قال لا أقتص قال فاعف قال لا أعفو فافترقا على ذلك ثم لقيه عمر من الغد فتغير لون عمر فقال له الرجل يا أمير المؤمنين أرى ما كان مني قد أسرع فيك قال أجل قال فاشهد أنى قد عفوت عنك وإن لم يقدر على صاحب الحق نوى أنه إن قدر أوفاه حقه وإن تعلق بالمعصية حد لله تعالى كحد الزنا والشرب فإن لم يظهر ذلك فالأولى أن يستره على نفسه لقوله عليه الصلاة السلام من أتى من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله تعالى فإن من أبدى لنا صفحته أقمنا عليه حد الله وإن أظهره لم ينكر لان ماعزا والغا مدية اعترفا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بالزنا فرجمهما ولم ينكر عليهما وأما التوبة في الظاهر وهى التي فإذا بها العدالة والولاية وقبول الشهادة فينظر في المعصية فإن كانت فعلا كالزنا والسرقة لم يحكم بصحة التوبة حتى يصلح عمله مدة لقوله تعالى إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا وقدر أصحابنا المدة وعشرون لأنه لا تظهر صحة التوبة في مدة المساجد فكانت أولى المدد بالتقدير سنة لأنه تمر فيها الفصول الأربعة التي تهيج فيها الطبائع وتغير فيها الأحوال وإن كانت المعصية بالقول فإن كانت ردة فالتوبة منها أن يظهر الشهادتين وإن كانت قذفا فقد قال الشافعي رحمه الله التوبة منه إكذابه نفسه
4-واستشهدوا بقوله تعالى ولم يصروا على مافعلوا بأن الإصرار على الصغائر موجب لانتفاء العدالة:
قال في (إعانة الطالبين ج: 4 ص: 280)
قوله واجتناب إصرار على صغيرة معطوف على اجتناب كل كبيرة والإصرار هو أن يمضي زمن تمكنه فيه التوبة ولم يتب وقيل بأن يرتكبها ثلاث مرات توبة وقال عميرة الإصرار قيل هو الدوام على نوع واحد منها والأرجح أنه الإكثار من نوع أو أنواع قاله الرافعي لكنه في باب العضل قال إن المداومة على النوع الواحد كبيرة وبه صرح الغزالي في الإحياء قال الزركشي والحق أن الإصرار الذي تصير به الصغيرة كبيرة إما تكرارها بالفعل وهو الذي تكلم عليه الرافعي وإما تكرارها في الحكم وهو العزم عليها قبل تكفيرها وهو الذي تكلم فيه ابن الرفعة وتفسيره به الماوردي قوله تعالى ولم يصروا على ما فعلوا وإنما يكون العزم إصرارا بعد الفعل وقبل التوبة اه وفي الأحياء أن الصغيرة قد تكبر بغير الإصرار كاستصغار الذنب والسرور به وعدم المبالاة والغفلة عن كونه يسبب الشقاوة والتهاون بحكم الله والإغترار بستر الله تعالى وحلمه وأن يكون عالما يقتدى به ونحو ذلك اه بجيرمي قوله أو صغائر أي من نوع واحد أو أنواع قوله بأن لا تغلب طاعاته صغائره الذي يظهر أن الباء بمعنى مع وهي متعلقة بإصرار المنفي والمعنى أن العدالة تتحقق بإجتناب الإصرار المصاحب لعدم غلبة طاعاته معاصيه بأن استويا أو غلبت المعاصي أما الإصرار المصاحب لغلبة الطاعات فتحقق العدالة بدون إجتنابه كما سيصرح به ورأيت لسيد عمر البصري كتب على قول التحفة بأن لا تغلب الخ ما نصه كذا في النهاية وفي هامش أصله بخط تلميذه عبد الرؤوف ما نصه الظاهر أن لا زائدة وفيه نظر لأن الظاهر أن مراد الشارح تفسير الإصرار المراد للمصنف
قال الحافظ رحمه الله:
فتح الباري ج: 11 ص: 99
فيه إشارة الى ان من شرط قبول الاستغفار ان يقلع المستغفر عن الذنب والا فالاستغفار باللسان مع التلبس بالذنب كالتلاعب
5-واستدل ابن حزم رحمه الله بالآية على أن المحارب مادام مصرا يجب مواصلة نفيه مرة بعد مرة لأنه مصر على المحاربة ولا يجوز إقراره في سجن :ق
قال في (المحلى ج: 11 ص: 182)
قال أبو محمد رحمه الله ثم نظرنا في حجة من قال ينفي أبدا من بلد إلى بلد أن قال إننا إذا سجناه في بلد أو أقررناه مسجون فلم ننفه من الأرض كما أمر الله تعالى بل عملنا به ضد النفي والإبعاد وهو الإقرار والإثبات في الأرض في مكان واحد منها وهذا خلاف القرآن فوجب علينا بنص القرآن أن نستعمل إبعاده ونفيه عن جميع الأرض أبدا حسب طاقتنا أو غاية ذلك ألا نقره في شيء منها ما دمنا قادرين على نفيه من ذلك الموضع ثم هكذا أبدا ولو قدرنا على أن لا ندعه يقر ساعة في شيء من الأرض لفعلنا ذلك ولكان واجبا علينا فعله ما دام مصرا على المحاربة
قال أبو محمد رحمه الله فكان هذا القول أصح وأولى بظاهر القرآن لما ذكر المحتج له من أن السجن إثبات وإقرار لا نفي وما قال قط أهل اللغة التي نزل بها القرآن وخاطبنا بها الله تعالى أن السجن يسمى نفيا ولا أن النفي يسمى سجنا بل هما اسمان مختلفان متغايران قال الله تعالى فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن 4 الموت أو يجعل الله لهن سبيلا النساء 15 الآية وقال تعالى ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين ثم ودخل معه السجن فتيان قال أحدهمآ إني أراني أعصر خمرا وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين يوسف 35 36 فما قال أحد لا قديم ولا حديث أن حكم الروائي كان النفي إذ أمر الله تعالى بحبسهن في البيوت ولا قال قط أحد أن يوسف عليه السلام نفى إذ حبس في السجن فقد بطل قول من قال بالسجن جملة وعلى كل حال فالواجب أن ننظر في القولين اللذين هما إما نفيه إلى مكانه وإقراره هنالك أو نفيه أبدا فوجدنا من حجة من قال ينفي من بلد إلى بلد ويقر هنالك أن قالوا أنتم لا تقولون بتكرار فعل الأمر بل يجزى عندكم إيقاعه مرة واحدة وإذا كررتم النفي أبدا فقد نقضتم أصلكم قال علي وهذا الذي أنكروه داخل عليهم يمنعهم المنفي من الرجوع إلى منزله فهم يقرون عليه استدامة فقد وقعوا فيما أنكروا بعينه نعم والتكرار أيضا لازم لمن قال بنفيه أو سجنه سواء سواء قال أبو محمد رحمه الله فنقول إن المحارب الذي افترض الله تعالى علينا نفيه حربا على محاربته فإنه ما دام مصرا فهو محارب وما دام محاربا فالنفي حد من حدود الله تعالى ولم يصروا على ما فعلوا آل عمران 35
6-واستدل بها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله انه لا يجب على من زنا أن يقدم نفسه للحاكم لإقامة الحد
قال في الفتاوى ج: 34 ص: 180
رحمه الله عن رجل أذنب ذنبا يجب عليه حد من الحدود مثل جلد أو حصب ثم تاب من ذلك الذنب وأقلع واستغفر ونوى أن لا يعود فهل يجزئه ذلك أو يحتاج مع ذلك إلى أن يأتى إلى ولى الأمر ويعرفه بذنبه ليقيم عليه الحد أم لا وهل ستره على نفسه وتوبته أفضل أم لا فأجاب إذا تاب توبة صحيحة تاب الله عليه من غيرحاجة إلى أن يقر بذنبه حتى يقام عليه الحد وفى الحديث من ابتلى بشىء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله فانه من يبد لنا صفحته تقم عليه كتاب الله وفى الآثر أيضا من أذنب سرا فليتب سرا ومن أذنب علانية فليتب علانية وقد قال تعالى والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم الآية
7- واستدل بها بعض الحنفية على عدم إقامة حد الزنا بمن زنا بالميتة
قال إبراهيم بن أبي اليمن الحنفي : في لسان الحكام ج: 1 ص: 398
فصل في المسألة المتعلقة بالحدود رجل زنى بامرأة ميتة لا حد عليه وعليه التعزير لما روى أن بهلول النباش فعل ذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه السلام فلم يقم عليه الحد ونزل فيه قوله تعالى والذين إذا فعلوا فاحشة الآية وقبلت توبته
8-واستدل بها ابن حزم على أن من ترك الصلاة يتوب ويكثر من التطوع:
قال في المحلى ج: 2 ص: 244
280 مسألة وأما قولنا أن يتوب من تعمد ترك الصلاة حتى خرج وقتها الله تعالى ويكثر من التطوع فلقول الله تعالى فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا ثم إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا ولقول الله تعالى والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم
يتبع إن شاء الله في حلقة قادمة وصلى الله وسلم على محمد