سالم سرور عالي
New member
- إنضم
- 15/04/2006
- المشاركات
- 161
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 16
الأحكام الفقهية للتصويت في الإنترنت
[FONT="]الثورة المعلوماتية الحديثة أفرزت كثيراً من المستجدات الفقهية والشرعية التي لا مناص من استخراج مناط الأحكام من أدلتها وقواعدها الحاصرة .[/FONT]
[FONT="]وبعض تلك المستجدات تتفاوت أحكامها بحسب النظائر العلمية المتعلِّقة بمعانيها ومآلاتها .[/FONT]
[FONT="]ويعدُّ التصويت عبر شبكات الحاسوب ( الإنترنت ) من المسائل المهمة التي لم تُنقَّح أحكامها وأدلتها إلا بصور مقتضبة ومختصرة لا تفي بالحاجة لمن رام فهم جُزئياتها والإحاطة بفروعها .[/FONT]
[FONT="]والتصويت يأتي بعدة أشكال وصور مثل : استطلاع الرأي ، الاقتراع ، المساهمة ، الانتخاب ، الاستفتاء ، الترشيح ، التزكية . [/FONT]
[FONT="]وقد يظهر التصويت في شبكات الحاسوب برسومات بيانية أو أعمدة إحصائية أو تسلسل أُفقي قابل للتجزئة أو غير ذلك من الهيئات .[/FONT]
[FONT="]والمسلمون اليوم لا يمكنهم مزاحمة الأمم بدون الدخول إلى التقنية الحديثة والمشاركة في عالمها بحدود الشرع وضوابطه وترجيحاته المناسبة لفقه العصر.[/FONT]
[FONT="]لكن مما يجب التنبيه عليه هنا أن الأحكام الشرعية لا تُبنى على الصور النادرة بل العبرة بالكثير الغالب كما هو مقرر عند الأصوليين .[/FONT]
[FONT="]فمثل هذه المسألة المعاصرة تُقدَّم مصلحة الشرع فيها على رضا الناس ، ولا عبرة بكثرة القياس . وقد قال الإمام أحمد ( ت: 204هـ ) رحمه الله تعالى : " سألتُ الشافعي عن القياس فقال لي : " عند الضرورة " .[/FONT]
[FONT="]وقد أعجبتني قاعدة ُأصولية قرَّرها الامام ابن تيمية (ت: 728هـ )رحمه الله تعالى وهي أن المسلم إذا طرأ عليه شك وجب إزالته بترجيح أحد طرفيه ولا يستحب له ولا يشرع الإعراض عن هذا الترجيح للعمل بالأحوط من وجوهه . [/FONT]
[FONT="]وطرق الترجيح قد تكون بغلبة الظن أو استصحاب حكم الأصل أو العمل بما جرت عليه العادة غير المنهيِّ عنها ، أو دلالة الاختبار الحسي أو العقلي .[/FONT]
[FONT="]ولا يخفى أن العمل بالاحتياط قبل العمل على ترجيح أحد جانبي الشك غير مشروع . [/FONT]
[FONT="]وهذه القاعدة الأصولية لا يمكن الاستغناء عن العمل بها اليوم لا في النوازل ولا في الوقائع المتجدِّدة .[/FONT]
[FONT="]*وهذه خلاصة نافعة لتأصيل أحكام التصويت وتقعيد مسائلها :[/FONT]
[FONT="]1- التكيِّيف الفقهي للتصويت :[/FONT]
[FONT="]التكيِّيف الفقهي بمفهومه العام للتصويت لا يتجاوز المعنى العام للشهادة والإقرار . وفي بعض مفرداته تعلُّق بالقياس الخفي والاستحسان وعقد الضمان وخيار المجلس وحجية مفهوم الشورى .[/FONT]
[FONT="]وتعلق التصويت بالشهادة لأنها إخبارٌ بحقٍ لشخص على غيره بناء على دليل حِسي . فإن كانت الشهادة بمجرد الاجتهاد والظن فإنه لا يعتد بها . والمقصود بالشهادة هنا المعنى العام للفظها، ويلحق بها التزكية .[/FONT]
[FONT="]فالتصويت الإجتهادي المتعلِّق بالمسائل الشرعية لا يصح قبوله ولا التوصية به ولا العمل بموجبه لأنه لا يستند على أصل قام به الدليل ، ولأن فيه إفتئات على مائدة العلم من غير أهلها .[/FONT]
[FONT="]وعند الفقهاء يجوز الإخبار بالشهادة في حال الاستخفاء والاستتار ، وهو مرويُّ عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى ، وهذا المعنى مطابق للتصويت في شبكات الحاسوب .[/FONT]
[FONT="]ولا يصح تكيِّيف التصويت على أحكام الوكالة، لأنه يفتقر لدليل حِسي لذلك ، وهو بعيد شرعاً وعقلاً .[/FONT]
[FONT="]والنصوص الشرعية لما تقدَّم من تكيِّيف هي أدلة مشروعية أحكام الشهادة والإقرار وما يلحق بها من قياس واستحسان ، كلُّ حسب مورد مسألته . [/FONT]
[FONT="]2- التصويت على الأمور الشرعية :[/FONT]
[FONT="]يُقيَّد جواز التصويت على الأمور الشرعية بكل مسلم جامع لحال النازلة أو المسألة المراد البحث فيها ، كأهل العلم والفقه وأهل الدِّراية . وما سواهم ممن ينقصهم العلم والدِّراية فلا حجة في تصويتهم .[/FONT]
[FONT="]والأمور الشرعية مثل : قضايا الحجاب والضرائب والمعاملات المالية المختلف فيها ومستجدات العصر الفقهية .[/FONT]
[FONT="]والدليل قول الرسول صلى الله عليه وسلم للأنصار : " أخرجوا إليَّ من قومكم اثني عشر نقيبًا ، يكونون على قومهم بما فيهم " أخرجه الإمام أحمد بإسناد صحيح .[/FONT]
[FONT="]وفي قصة سبي هوازن : " إِنِّي لَا أَدرِي مَنْ أذنَ مِنْكُمْ مِمنْ لَمْ يَأْذَن ، فَارْجِعُوا حَتَّى يرفَعَ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكم أَمرَكُم ، فَرَجَعَ النَّاس ، فَكَلَّمَهُم عُرَفَاؤُهُم، فَرَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَخْبَروه أَنَّ النَّاس قَدْ طَيَّبُوا وَأَذِنُوا " أخرجه البخاري .[/FONT]
[FONT="]فيفهم من هذين النصين تعليق الرسول صلى الله عليه وسلم قبول الحق الفاصل للحجج من أهلها العارفين بظواهرها وبواطنها .[/FONT]
[FONT="]3- التصويت على أمور لا تُعرف مآلاتها :[/FONT]
[FONT="]مثل التصويت على مشاريع يُخطَّط لها في المستقبل ، أو زيادة أُجور العاملين ، أو الاستقدام من الخارج ، أو نزع ملكية العقارات . فهذه الأمور الحكم فيها على الإباحة ، لأن القصد منها النصح والشفقة ورعاية مصالح المسلمين . والتصويت فيها شهادة وأمانة على من تحمَّلها .[/FONT]
[FONT="]4- التصويت على حقوق العباد :[/FONT]
[FONT="]لا يجوز التصويت على حقوق العباد إلا من عارف بحدودها لأنها مبنية على المشاحَّة . مثل التصويت على استحقاق جهة معلومة بواجبات معينة أو بمطالبات مالية أو اجتماعية، أو الحكم بالسجن على زعيم أو رئيس ينتمي لطائفة معينة ، أو تجريد صلاحيات محكوم عليه في قضايا شرعية .[/FONT]
[FONT="]فهذه يجب التوقِّي من التصويت فيها لأنها حقوق آدمية تفتقر إلى العدل والبيِّنة وإقامة الدعاوى . وفي المرفوع " أن الرسول صلى الله عليه وسلم أشار إلى الشمس وقال يا ابن عباس على مثل هذه فاشهد " أخرجه الحاكم بإسنادٍ حسن .[/FONT]
[FONT="]5- التصويت على الأحكام الوضعية :[/FONT]
[FONT="]في كثير من دول الغرب يتم التصويت من المسلمين المقيمين في بلاد الكفر على قوانين غربية مُلزمة . والواجب على المسلمين فيها الاحتيال بحيلة شرعية تصرف عن الإثم ، أو الهجرة من البلد لإبراء الذمة . وقد قال الله تعالى : " ما كان ليأخذ أخاهُ في دِّين المَلِك " (يوسف :76) . وهذه الآية نزلت في يوسف عليه السلام حينما خلَّص أخاه بحيلة لا تُخالف قانون الملك الكافر في وقته .[/FONT]
[FONT="]6- التصويت على الانتخابات :[/FONT]
[FONT="]يجوز التصويت في الانتخابات إذا كان المقصد حماية البلد الإسلامي وحفظ حقوق أهله وتوطيد الحكم فيه للأكفاء . ويكون التصويت لاختيار الأعدل والأصلح للبلد . وقد استدل بعض العلماء بمشروعية التصويت للإنتخابات بقول الله تعالى: " قالوا يا شعيبُ ما نفقهُ كثيراً مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفاً ولولا رهطك لرجمناك وما أنتَ علينا بعزيز" (هود :91) .[/FONT]
[FONT="]والتصويت للكافر في الانتخابات محلَّ خِلاف بين أهل العلم ،لأن فيه تعلقاً بعقيدة الولاء والبراء . ومن العلماء من أجازه لقول الله تعالى : " قال اجعلني على خزائن الأرض إنِّي حفيظ عليم " ( يوسف : 55 ) . فقد طلب يوسف عليه السلام الولاية من ملك كافر لتحقيق مصلحة راجحة . وهذه مسألة اجتهادية تُطلب في مظانِّها .[/FONT]
[FONT="]7- التصويت لتزكية فرد معين أو شخصية معتبرة :[/FONT]
[FONT="]لا يجوز التصويت لتزكية أحد بدون علم وإحاطة بحال المزكَّى . والجرح والتعديل لشخص معين أو جهة معينة يجب فيه الوقوف على حال المزكَّى وعمله ومقاصده . والتزكية بقرائن الحال لازمة لمعرفة المآل . وفي كتب الطبقات والتراجم ما يدلُّ على الاحتياط في هذا الباب والبصيرة بحال أهله. وقد صح عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى أنه قال : " بلغ ابن أبي ذئب أن مالكاً لم يأخذ بحديث : " البيِّعان بالخيار" فقال : " يُستتاب ، فإن تاب وإلا ضُربت عنقه " ! .[/FONT]
[FONT="]8- التصويت للترف العلمي بلا هدف معين :[/FONT]
[FONT="]يكون القصد من هذا القسم – في الغالب – الإثارة، أو تسويد الصفحات الإلكترونية ، أو جذب القراء ، ونحوها من الغايات القاصرة . مثل التصويت لشعبية علم من أعلام الأمة ، أو ترشيح كتاب من المصنفات المعاصرة في معارض الكتاب ، ونحوها من فنون الجذب . وحكمه الإباحة والتورع فيه لازم . وقد صح عن الإمام أبي حنيفة ( ت: 150هـ )رحمه الله تعالى أنه قال في ترك الاستحسان : " لا تأخذوا بمقاييس زُفر، فإنكم إن أخذتم بمقاييِّسه حرَّمتم الحلال وحللتم الحرام " .[/FONT]
[FONT="]9- التصويت على الأمور العرفية العامة :[/FONT]
[FONT="]حكم التصويت في هذا القسم يكون بإعادة فرعها إلى أصل من الأصول المتقدِّمة من نظيراتها ، إما الإباحة أو الوجوب أو الكفِّ والاحتياط لإبراء الذمَّة. ومن أمثلة هذا القسم التصويت لأفضل قبيلة ، أو أفضل فصيل من سوائم الأنعام ، أو أنظف مدينة في البلد . وقد تقرَّر عند الفقهاء جواز الشهادة على الموت والنسب والنِّكاح مما يتم العلم بحالها بالتسامع . فتكون هذه القاعدة مُقرِّرة لهذا القسم ودليلًا عليه .[/FONT]
[FONT="]10- نتائج التصويت :[/FONT]
[FONT="]تختلف نتائج التصويت بحسب المواد المدرجة للإقتراع ، وفي بلاد المسلمين يجب على القائمين على التصويت تحرِّي العدل والأمانة للتميِّيز بين التصويت الإيجابي والتصويت السلبي . وقد رجَّح الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى العمل بشهادة الاستفاضة في الأخبار ولم يُحدِّد لها عدداً معيناً لقبولها .[/FONT]
[FONT="]وتخضع نتائج التصويت في البلاد الغربية الكافرة لمقاييس دقيقة لا يمكن تزويرها أو العبث بها ، مثل الرقابة والمحاسبة ومنع شهادة الزور . وهي مقاييس أُخذت من شرعنا ونُقِّحت في بلادهم فالتزموا بها وغلَّفوها بغلاف الديمقراطية . [/FONT]
[FONT="]والمقصود أن التصويت على الرغم من أهميته وفضله ، إلا أن الإعتماد عليه لا يُعين على حسم المشكلات في جميع النوازل . والسبب الرئيس هو عوارض الأهلية للِمصوِّتين التي قد تنُقص من قيمته أو تُقلِّل من الإعتماد عليه . وقد تقرر عند الأصوليين أن المصالح الحاجية لا يلزم العمل بها إلا عند خشية فوت المنافع .[/FONT]
[FONT="]هذا ما تيسر تحريره ، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .[/FONT]
أ/ أحمد بن مسفر بن معجب العتيبي
[FONT="]عضو هيئة التدريس بقوات الأمن الخاصة[/FONT]
( منقول )
[FONT="]الثورة المعلوماتية الحديثة أفرزت كثيراً من المستجدات الفقهية والشرعية التي لا مناص من استخراج مناط الأحكام من أدلتها وقواعدها الحاصرة .[/FONT]
[FONT="]وبعض تلك المستجدات تتفاوت أحكامها بحسب النظائر العلمية المتعلِّقة بمعانيها ومآلاتها .[/FONT]
[FONT="]ويعدُّ التصويت عبر شبكات الحاسوب ( الإنترنت ) من المسائل المهمة التي لم تُنقَّح أحكامها وأدلتها إلا بصور مقتضبة ومختصرة لا تفي بالحاجة لمن رام فهم جُزئياتها والإحاطة بفروعها .[/FONT]
[FONT="]والتصويت يأتي بعدة أشكال وصور مثل : استطلاع الرأي ، الاقتراع ، المساهمة ، الانتخاب ، الاستفتاء ، الترشيح ، التزكية . [/FONT]
[FONT="]وقد يظهر التصويت في شبكات الحاسوب برسومات بيانية أو أعمدة إحصائية أو تسلسل أُفقي قابل للتجزئة أو غير ذلك من الهيئات .[/FONT]
[FONT="]والمسلمون اليوم لا يمكنهم مزاحمة الأمم بدون الدخول إلى التقنية الحديثة والمشاركة في عالمها بحدود الشرع وضوابطه وترجيحاته المناسبة لفقه العصر.[/FONT]
[FONT="]لكن مما يجب التنبيه عليه هنا أن الأحكام الشرعية لا تُبنى على الصور النادرة بل العبرة بالكثير الغالب كما هو مقرر عند الأصوليين .[/FONT]
[FONT="]فمثل هذه المسألة المعاصرة تُقدَّم مصلحة الشرع فيها على رضا الناس ، ولا عبرة بكثرة القياس . وقد قال الإمام أحمد ( ت: 204هـ ) رحمه الله تعالى : " سألتُ الشافعي عن القياس فقال لي : " عند الضرورة " .[/FONT]
[FONT="]وقد أعجبتني قاعدة ُأصولية قرَّرها الامام ابن تيمية (ت: 728هـ )رحمه الله تعالى وهي أن المسلم إذا طرأ عليه شك وجب إزالته بترجيح أحد طرفيه ولا يستحب له ولا يشرع الإعراض عن هذا الترجيح للعمل بالأحوط من وجوهه . [/FONT]
[FONT="]وطرق الترجيح قد تكون بغلبة الظن أو استصحاب حكم الأصل أو العمل بما جرت عليه العادة غير المنهيِّ عنها ، أو دلالة الاختبار الحسي أو العقلي .[/FONT]
[FONT="]ولا يخفى أن العمل بالاحتياط قبل العمل على ترجيح أحد جانبي الشك غير مشروع . [/FONT]
[FONT="]وهذه القاعدة الأصولية لا يمكن الاستغناء عن العمل بها اليوم لا في النوازل ولا في الوقائع المتجدِّدة .[/FONT]
[FONT="]*وهذه خلاصة نافعة لتأصيل أحكام التصويت وتقعيد مسائلها :[/FONT]
[FONT="]1- التكيِّيف الفقهي للتصويت :[/FONT]
[FONT="]التكيِّيف الفقهي بمفهومه العام للتصويت لا يتجاوز المعنى العام للشهادة والإقرار . وفي بعض مفرداته تعلُّق بالقياس الخفي والاستحسان وعقد الضمان وخيار المجلس وحجية مفهوم الشورى .[/FONT]
[FONT="]وتعلق التصويت بالشهادة لأنها إخبارٌ بحقٍ لشخص على غيره بناء على دليل حِسي . فإن كانت الشهادة بمجرد الاجتهاد والظن فإنه لا يعتد بها . والمقصود بالشهادة هنا المعنى العام للفظها، ويلحق بها التزكية .[/FONT]
[FONT="]فالتصويت الإجتهادي المتعلِّق بالمسائل الشرعية لا يصح قبوله ولا التوصية به ولا العمل بموجبه لأنه لا يستند على أصل قام به الدليل ، ولأن فيه إفتئات على مائدة العلم من غير أهلها .[/FONT]
[FONT="]وعند الفقهاء يجوز الإخبار بالشهادة في حال الاستخفاء والاستتار ، وهو مرويُّ عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى ، وهذا المعنى مطابق للتصويت في شبكات الحاسوب .[/FONT]
[FONT="]ولا يصح تكيِّيف التصويت على أحكام الوكالة، لأنه يفتقر لدليل حِسي لذلك ، وهو بعيد شرعاً وعقلاً .[/FONT]
[FONT="]والنصوص الشرعية لما تقدَّم من تكيِّيف هي أدلة مشروعية أحكام الشهادة والإقرار وما يلحق بها من قياس واستحسان ، كلُّ حسب مورد مسألته . [/FONT]
[FONT="]2- التصويت على الأمور الشرعية :[/FONT]
[FONT="]يُقيَّد جواز التصويت على الأمور الشرعية بكل مسلم جامع لحال النازلة أو المسألة المراد البحث فيها ، كأهل العلم والفقه وأهل الدِّراية . وما سواهم ممن ينقصهم العلم والدِّراية فلا حجة في تصويتهم .[/FONT]
[FONT="]والأمور الشرعية مثل : قضايا الحجاب والضرائب والمعاملات المالية المختلف فيها ومستجدات العصر الفقهية .[/FONT]
[FONT="]والدليل قول الرسول صلى الله عليه وسلم للأنصار : " أخرجوا إليَّ من قومكم اثني عشر نقيبًا ، يكونون على قومهم بما فيهم " أخرجه الإمام أحمد بإسناد صحيح .[/FONT]
[FONT="]وفي قصة سبي هوازن : " إِنِّي لَا أَدرِي مَنْ أذنَ مِنْكُمْ مِمنْ لَمْ يَأْذَن ، فَارْجِعُوا حَتَّى يرفَعَ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكم أَمرَكُم ، فَرَجَعَ النَّاس ، فَكَلَّمَهُم عُرَفَاؤُهُم، فَرَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَخْبَروه أَنَّ النَّاس قَدْ طَيَّبُوا وَأَذِنُوا " أخرجه البخاري .[/FONT]
[FONT="]فيفهم من هذين النصين تعليق الرسول صلى الله عليه وسلم قبول الحق الفاصل للحجج من أهلها العارفين بظواهرها وبواطنها .[/FONT]
[FONT="]3- التصويت على أمور لا تُعرف مآلاتها :[/FONT]
[FONT="]مثل التصويت على مشاريع يُخطَّط لها في المستقبل ، أو زيادة أُجور العاملين ، أو الاستقدام من الخارج ، أو نزع ملكية العقارات . فهذه الأمور الحكم فيها على الإباحة ، لأن القصد منها النصح والشفقة ورعاية مصالح المسلمين . والتصويت فيها شهادة وأمانة على من تحمَّلها .[/FONT]
[FONT="]4- التصويت على حقوق العباد :[/FONT]
[FONT="]لا يجوز التصويت على حقوق العباد إلا من عارف بحدودها لأنها مبنية على المشاحَّة . مثل التصويت على استحقاق جهة معلومة بواجبات معينة أو بمطالبات مالية أو اجتماعية، أو الحكم بالسجن على زعيم أو رئيس ينتمي لطائفة معينة ، أو تجريد صلاحيات محكوم عليه في قضايا شرعية .[/FONT]
[FONT="]فهذه يجب التوقِّي من التصويت فيها لأنها حقوق آدمية تفتقر إلى العدل والبيِّنة وإقامة الدعاوى . وفي المرفوع " أن الرسول صلى الله عليه وسلم أشار إلى الشمس وقال يا ابن عباس على مثل هذه فاشهد " أخرجه الحاكم بإسنادٍ حسن .[/FONT]
[FONT="]5- التصويت على الأحكام الوضعية :[/FONT]
[FONT="]في كثير من دول الغرب يتم التصويت من المسلمين المقيمين في بلاد الكفر على قوانين غربية مُلزمة . والواجب على المسلمين فيها الاحتيال بحيلة شرعية تصرف عن الإثم ، أو الهجرة من البلد لإبراء الذمة . وقد قال الله تعالى : " ما كان ليأخذ أخاهُ في دِّين المَلِك " (يوسف :76) . وهذه الآية نزلت في يوسف عليه السلام حينما خلَّص أخاه بحيلة لا تُخالف قانون الملك الكافر في وقته .[/FONT]
[FONT="]6- التصويت على الانتخابات :[/FONT]
[FONT="]يجوز التصويت في الانتخابات إذا كان المقصد حماية البلد الإسلامي وحفظ حقوق أهله وتوطيد الحكم فيه للأكفاء . ويكون التصويت لاختيار الأعدل والأصلح للبلد . وقد استدل بعض العلماء بمشروعية التصويت للإنتخابات بقول الله تعالى: " قالوا يا شعيبُ ما نفقهُ كثيراً مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفاً ولولا رهطك لرجمناك وما أنتَ علينا بعزيز" (هود :91) .[/FONT]
[FONT="]والتصويت للكافر في الانتخابات محلَّ خِلاف بين أهل العلم ،لأن فيه تعلقاً بعقيدة الولاء والبراء . ومن العلماء من أجازه لقول الله تعالى : " قال اجعلني على خزائن الأرض إنِّي حفيظ عليم " ( يوسف : 55 ) . فقد طلب يوسف عليه السلام الولاية من ملك كافر لتحقيق مصلحة راجحة . وهذه مسألة اجتهادية تُطلب في مظانِّها .[/FONT]
[FONT="]7- التصويت لتزكية فرد معين أو شخصية معتبرة :[/FONT]
[FONT="]لا يجوز التصويت لتزكية أحد بدون علم وإحاطة بحال المزكَّى . والجرح والتعديل لشخص معين أو جهة معينة يجب فيه الوقوف على حال المزكَّى وعمله ومقاصده . والتزكية بقرائن الحال لازمة لمعرفة المآل . وفي كتب الطبقات والتراجم ما يدلُّ على الاحتياط في هذا الباب والبصيرة بحال أهله. وقد صح عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى أنه قال : " بلغ ابن أبي ذئب أن مالكاً لم يأخذ بحديث : " البيِّعان بالخيار" فقال : " يُستتاب ، فإن تاب وإلا ضُربت عنقه " ! .[/FONT]
[FONT="]8- التصويت للترف العلمي بلا هدف معين :[/FONT]
[FONT="]يكون القصد من هذا القسم – في الغالب – الإثارة، أو تسويد الصفحات الإلكترونية ، أو جذب القراء ، ونحوها من الغايات القاصرة . مثل التصويت لشعبية علم من أعلام الأمة ، أو ترشيح كتاب من المصنفات المعاصرة في معارض الكتاب ، ونحوها من فنون الجذب . وحكمه الإباحة والتورع فيه لازم . وقد صح عن الإمام أبي حنيفة ( ت: 150هـ )رحمه الله تعالى أنه قال في ترك الاستحسان : " لا تأخذوا بمقاييس زُفر، فإنكم إن أخذتم بمقاييِّسه حرَّمتم الحلال وحللتم الحرام " .[/FONT]
[FONT="]9- التصويت على الأمور العرفية العامة :[/FONT]
[FONT="]حكم التصويت في هذا القسم يكون بإعادة فرعها إلى أصل من الأصول المتقدِّمة من نظيراتها ، إما الإباحة أو الوجوب أو الكفِّ والاحتياط لإبراء الذمَّة. ومن أمثلة هذا القسم التصويت لأفضل قبيلة ، أو أفضل فصيل من سوائم الأنعام ، أو أنظف مدينة في البلد . وقد تقرَّر عند الفقهاء جواز الشهادة على الموت والنسب والنِّكاح مما يتم العلم بحالها بالتسامع . فتكون هذه القاعدة مُقرِّرة لهذا القسم ودليلًا عليه .[/FONT]
[FONT="]10- نتائج التصويت :[/FONT]
[FONT="]تختلف نتائج التصويت بحسب المواد المدرجة للإقتراع ، وفي بلاد المسلمين يجب على القائمين على التصويت تحرِّي العدل والأمانة للتميِّيز بين التصويت الإيجابي والتصويت السلبي . وقد رجَّح الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى العمل بشهادة الاستفاضة في الأخبار ولم يُحدِّد لها عدداً معيناً لقبولها .[/FONT]
[FONT="]وتخضع نتائج التصويت في البلاد الغربية الكافرة لمقاييس دقيقة لا يمكن تزويرها أو العبث بها ، مثل الرقابة والمحاسبة ومنع شهادة الزور . وهي مقاييس أُخذت من شرعنا ونُقِّحت في بلادهم فالتزموا بها وغلَّفوها بغلاف الديمقراطية . [/FONT]
[FONT="]والمقصود أن التصويت على الرغم من أهميته وفضله ، إلا أن الإعتماد عليه لا يُعين على حسم المشكلات في جميع النوازل . والسبب الرئيس هو عوارض الأهلية للِمصوِّتين التي قد تنُقص من قيمته أو تُقلِّل من الإعتماد عليه . وقد تقرر عند الأصوليين أن المصالح الحاجية لا يلزم العمل بها إلا عند خشية فوت المنافع .[/FONT]
[FONT="]هذا ما تيسر تحريره ، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .[/FONT]
أ/ أحمد بن مسفر بن معجب العتيبي
[FONT="]عضو هيئة التدريس بقوات الأمن الخاصة[/FONT]
( منقول )