الأثر النحوي لاختلاف القراءات في سورة البقرة

الأثر النحوي لاختلاف القراءات في سورة البقرة

  • غير مفيد وليس له ثمرة وفيه أخطاء منهجية وعلمية ومستواه العلمي متدني جدا

    الأصوات: 0 0.0%
  • مفيد وله ثمرة ولكنه يحتوي على أخطاء كثيرة

    الأصوات: 0 0.0%

  • مجموع المصوتين
    2
إنضم
16/01/2011
المشاركات
15
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمـــــــــة

الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على المبعوث رحمة للعالمين ، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ، ومن سار على هديه واستن بسنته إلى يوم الدين .
أما بعد :
فمن شرفه الله تعالى بخدمة القرآن فهو صاحب الشرف ، ومن حرم من ذلك فهو المحروم بحق . ومن فضل الله علينا ـ سبحانه ـ أن يسر لنا العمل مع كتابه المحفوظ من التحريف ، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .
هذا بحث كنت قد كتبته في مرحلة الماجستير في مادة القراءات يتناول الآيات التي تختلف فيها القراءات اختلافا يترتب عليه أثر نحوي ،قصرت دراستي على سورة البقرة ، درستها وجمعت أقوال المفسرين فيها وفق الاستطاعة والمتيسر من المراجع وبينت أثر ذلك من حيث الأثر النحوي .
رأيت أن أقدم هذا العمل في هذا الملتقى المبارك للفائدة لي أولا من خلال الملاحظات والتغذية الراجعة من الإخوة الفضلاء ، ثم إن كان في هذا العمل فائدة لهم عسى أن يكتب الله تعالى لي ولهم به الأجر .
لست أدعي العلم ولكني طالب علم أبتغي الفائدة والأجر والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل .
هذه الحلقة الأولى من البحث سيتبعها الباقي لاحقا بإذن الله تعالى وتوفيقه .
منهجي في هذا البحث :
اعتمدت في بحثي هذا المنهجية التالية :
1 ـ اكتفيت بسورة البقرة ، ولم أتجاوزها إلى غيرها ، واقتصرت على النماذج التي يترتب عليها أثر نحوي .
2 ـ جعلت جل اهتمامي للقراءات المتواترة ، ولكني كنت أشير أحيانا إلى غيرها إذا اقتضى الأمر.
3 ـ في حالة الحاجة إلى ذكر سبب نزول ، أو بيان معنى ، أو إيراد رواية ، أو شيء من ذلك فإني أورده ليخدم الأثر النحوي .
4 ـ حاولت قدر استطاعتي استخدام المصطلحات النحوية المعاصرة بدلا من المصطلحات القديمة .
إذا كنت قد أحسنت فمن الله ـ تعالى ـ وإذا كانت الأخرى فمن نفسي ، أدعو الله تعالى المغفرة .

والحمد لله رب العالمين
الأثر النحوي لاختلاف القراءات في سورة البقرة​
أولا : الآية ( 9) :
قوله تعالى : " يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) "

القراءات فيها :
1 ـ قرأ الجمهور : ( يُخادِعون اللهَ ) .
2 ـ وقرأ عبد الله بن مسعود وأبو حيان : ( يَخْدَعُونَ اللهَ ) مضارع خدع (1).
أما قوله تعالى : ( وما يخدعون ) فقد ورد فيها ست قراءات :
1 ـ قرأها (عاصم وحمزة والكسائي وابن عامر) : ( وما يَخْدَعُونَ إلا أنفسَهم ) .
2 ـ وقرأها نافع وابن كثير وأبو عمرو : ( وما يُخادِعون ) (2) .
3 ـ وقرأ مورق العجلي: " يُخَدعُون الله " (بضم الياء وفتح الخاء وتشديد الدال) على التكثير(3).
4 ـ وقرأ أبو طالوت عبد السلام بن شداد والجارود بضم الياء وإسكان الخاء وفتح الدال، على معنى وما يخدعون إلا عن أنفسهم، فحذف حرف الجر، كما قال تعالى: " واختار موسى قومه "(4) أي من قومه (5).
5 ـ وقرأ بعضهم :( وما يخادَعون ) بفتح الدال مبنياً للمفعول(6) .
6 ـ وبعضهم يفتح الياء والخاء وتشديد الدال المكسورة (7)

مادة ( خدع ) :
مادة خدع في كتب اللغة تعني : إنزال الغير عما هو بصدده بأمر يبديه على خلاف ما يخفيه (8) .
والمصدر خِدْع (بكسر الخاء) وخديعة، حكى ذلك أبو زيد (9) . والخديعة : الحيلة والمكر(10)
والمراد من مخادعتهم لله : أنهم صنعوا معه صنع المخادعين (11).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ تفسير البحر المحيط - (ج 1 / ص 55)
2 ـ العنوان في القراءات السبع / ابن خلف المقرئ ج 1 ص 8 ( غير موافق للمطبوع ) .
3 ـ تفسير القرطبي - (ج 1 / ص 196) .
4 ـ [ الأعراف: 155 ] .
5 ـ تفسير القرطبي - (ج 1 / ص 196) .
6 ـ تفسير البحر المحيط - (ج 1 / ص 57)
7 ـ المرجع السابق .
8 ـ مفردات ألفاظ القرآن / الراغب الأصفهاني / مادة خدع .
9 ـ انظر تفسير القرطبي - (ج 1 / ص 196)
10ـ زاد المسير - ابن الجوزي ـ (ج 1 / ص 17)
11ـ فتح القدير / الشوكاني / ج1 ص33 .


************************************************************************************************

"والمراد بالمخادعة من الله : أنه لما أجرى عليهم أحكام الإسلام مع أنهم ليسوا منه في شيء ، فكأنه خادعهم بذلك كما خادعوه بإظهار الإسلام وإبطان الكفر مشاكلة لما وقع منهم بما وقع منه . والمراد بمخادعة المؤمنين لهم : هو أنهم أجروا عليهم ما أمرهم الله به من أحكام الإسلام ظاهراً ، وإن كانوا يعلمون فساد بواطنهم ، كما أن المنافقين خادعوهم بإظهار الإسلام وإبطان الكفر"(1) .
أما قوله تعالى : { وَمَا يخادعون إِلاَّ أَنفُسَهُمْ } فيقول الشوكاني في معناها : " الإشعار بأنهم لما خادعوا من لا يخدع كانوا مخادعين لأنفسهم ، لأن الخداع إنما يكون مع من لا يعرف البواطن . وأما من عرف البواطن فمن دخل معه في الخداع فإنما يخدع نفسه وما يشعر بذلك ، ومن هذا قول من قال : من خادعته فانخدع لك فقد خدعك "(2).
والمراد بمخادعتهم أنفسهم : أنهم يمنونها الأمانيّ الباطلة ، وهي كذلك تمنيهم (3).
وقد أورد ابن الجوزي في معنى مخادعتهم لله ـ تعالى ـ خمسة أقوال ليس هذا موضع بسطها (4) .

بين ( يخدعون ) و ( يخادعون ) :
القراءتان وردتا ضمن الروايات المتواترة المشهورة ، ولذلك يجب على المسلم أن يجزم أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قرأ بهما ، وإنني أستغرب قول الطبري ـ رحمه الله ـ في تفسيره : "فالواجب إذًا أن يكون الصحيح من القراءة:( وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ ) دون( وما يخادعون)"(5)؛ لأن هذا القول يقتضي توهين قراءة ( وما يخادعون ) المتواترة . ولكن عذره كونه تقدم زمن تقعيد القراءات ، فلم يتسن له الاستفادة مما استقر عليه أمر القراءات بعده .
أصحاب قراءة ( يخادعون ) يوجهون قراءتهم على أنها من باب مطابقة اللفظ الثاني للأول ؛ ( يخادعون الله ) ( وما يخادعون إلا أنفسهم ) .
وحجة الباقين أن المخادعة إنما تكون بين اثنين ، فلا يكون الإنسان الواحد مخادعاً لنفسه(6).
على أية حال جوهر موضوعنا هو الأثر النحوي ، وهذا ما سأتوقف عنده بشيء من التفصيل ـ إن شاء الله تعالى ـ .

الإعراب :
أوجه إعراب جملة : ( يخادعون ) :
تحتمل أن تكون جوابا لسؤال مقدر : ( ما بالهم قالوا آمنا ؟ )
وتحتمل أن تكون بدل اشتمال من جملة ( يقول آمنا ) وفي كلتا الحالتين لا محل لها من الإعراب .(7)
ويحتمل أن تكون هذه الجملة حالاً من الضَّمير المستكن في « يقول » تقديره : ومن الناس من

[line]-[/line]
1ـ فتح القدير – الشوكاني (ج 1 / ص 33) .
2 ـ المرجع السابق .
3 ـالمرجع السابق .
4 ـ زاد المسير / ابن الجوزي ـ ج1 ص 17 .
5 ـ تفسير الطبري - (ج 1 / ص 277) .
6 ـ تفسير الرازي - (ج 1 / ص 334).
7ـ تفسير اللباب لابن عادل - (ج 1 / ص 94)


***************************************************************************************************
يقول حال كونهم مخادعين (1).
وأجاز أبو البقاء أن تكون حالاً من الضمير المستكن في « بمؤمنين » ، والعامل فيها اسم الفاعل . وقد رده بعض النحاة . ( 2)
أما عند قوله تعالى : ( وما يخدعون إلا أنفسهم ) ، فقد تعددت القراءات فيها ، وترتب على ذلك الأثر النحوي التالي :
1ـ قراءة : ( يخدعون ) :
ماضي هذا الفعل المضارع هو : ( خدع ) ، والاستثناء في هذه الجملة غير ناصب لسبقه بالنفي ، فهو استثناء مفرغ ، و ( أنفسهم ) : مفعول به ، والفاعل : الضمير المتصل في قوله : (يخدعون)(3).
2 ـ ومثلها قراءة ( وما يخادعون إلا أنفسهم ) .
3 ـ ومثلها ـ أيضا ـ في الإعراب قراءة : ( يخدعون ) بضم الياء، وتشديد الدال المكسورة ، ولكنها من حيث المعنى تفيد التكثير (4).
4 ـ أما قراءة أبي طالوت عبد السلام بن شداد والجارود بضم الياء وإسكان الخاء وفتح الدال، فهي على معنى وما يخدعون إلا عن أنفسهم، فحذف حرف الجر، كما قال تعالى: " واختار موسى قومه"(5) أي : من قومه(6) .
5 ـ ولا تختلف كثيرا قراءة من بنى الفعل لما لم يسم فاعله ( وما يخادعون ) بضم الياء وفتح الدال، فالضمير المتصل صار نائب فاعل ، ولم يترتب على ذلك كبير أثر .
6 ـ أما قراءة ( يخدعون ) بفتح الياء والخاء وتشديد الدال المفتوحة ، فأصلها : يختدعون ثم أدغمت التاء بالدال (7) .
يقول صاحب التحرير والتنوير : " واعلم أن قوله : { وما يخادعون إلا أنفسهم } أجمعت القراءات العشر على قراءته بضم التحتية وفتح الخاء بعدها ألف " (8).

صيغة فاعل :
صيغة فاعل تحتمل خمسة معان :
المشاركة المعنوية نحو : ضارب زيد عمراً .
وموافقة المجرد نحو : « جاوزت زيداً » أي : جُزْتُه .
وموافقة « أفعل » متعدياً نحو : « باعدت زيداً وأبعدته » . والإغناء عن « أفعل » نحو : « واريت الشيء » .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ تفسير اللباب لابن عادل - (ج 1 / ص 94) .
2 ـ المرجع السابق .
3 ـ انظر المرجع السابق .
4 ـ المرجع السابق .
5 ـ [ الأعراف: 155 ] .
6 ـ تفسير القرطبي - (ج 1 / ص 196) .
7 ـ تفسير البحر المحيط - (ج 1 / ص 58)
8 ـ التحرير والتنوير - (ج 1 / ص 114) .

**************************************************************************************************
وعن المجرد نحو : سافرت وقاسيت وعاقبت ، والآية « فَاعَل » فيها يحتمل المعنيين الأوّلَيْن (1) .
وخلاصة الأمر يحتمل أن تكون القراءتان بمعنى واحد ، أي : يكون « فَاعَلَ » بمعنى «فَعَل » ، وهذا ما قال به ابن كثير (2) ويحتمل أن تكون المُفَاعلة على بابها ، أعني صدورها من اثنين ، فهم يُخَادعون أنفسهم ، حيث يُمَنُّونَها الأباطيل ، وأَنْفُسهمْ تخادعهم تمنِّيهم ذلك ، فكأنها مُحَاورة بين اثنين (3) .
*******
ثانيا : الآية ( 10) .
"فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ"
قرأ عاصم وحمزة والكسائي (يَكْذِبُونَ) بفتح الياء وتخفيف الذال ، وقرأها آخرون بضم الياء وتشديد الذال (4).
بالتخفيف من الثلاثي كَذَبَ ، وبالتضعيف من الماضي المضعف : كذب .
التكذيب : مصدر كذب ، والتضعيف فيه للرمي به كقولك : شجعته وجبنته ، أي رميته بالشجاعة والجبن ، وهي أحد المعاني التي جاءت لها فعل بتشديد العين ,وهي أربعة عشر معنى(5) ، يمكن الرجوع إليها في مظانها .
إن الأثر المترتب على اختلاف القراءتين هو أن المنافقين استحقوا العذاب الأليم بسبب كذبهم عند من قرأ بالتخفيف ، وبسبب اتهامهم للأنبياء بالكذب عند من قرأ بالتضعيف (6).
كما أن الفعل المضعف ( يكذبون ) متعدي ؛ فلا بد من تقدير مفعول به ، وهو الأنبياء . ولا يحتاج الفعل ( يكذبون ) لمفعول لأنه لازم .
ومما تجدر الإشارة إليه هنا أن الإمام الطبري ـ رحمه الله ـ يرجح بين القراءات المتواترة ـ كعادته ـ بل يخطئ القراءة بالتضعيف ، مبينا أنها تقتضي عدم استحقاق المنافقين للعذاب الأليم لمجرد كذبهم ، ويدلل على صحة قوله بآيات أخرى جرمت المنافقين لمجرد كذبهم ، منها قوله تعالى : " إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " (7) فهذه الآية الكريمة وصفتهم بالكاذبين ، وهذا بإجماع القراء ، ولو كان الصحيح في البقرة بالتضعيف ، لكانت هنا ( لمكذبون ) بدلا من ( لكاذبون )(8) .
أقول : ما دام أن القراءة بالتضعيف ثبتت بالتواتر فلا سبيل لتوهينها مطلقا ، وإن الإشكال الذي أورده الطبري ـ رحمه الله ـ جاء من جهة الفهم فقط ، وإن اللغة تفسح المجال للفهم ليقبل بالقراءتين معا ؛ فهم استحقوا العذاب الأليم لجرائم عديدة اقترفوها ، منها الكذب ، ومنها التكذيب ، وكل من القراءتين أشارت إلى جرم مما استحقوا العذاب به ، فلا تعارض بينهما , والله أعلم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 ـ تفسير اللباب لابن عادل - (ج 1 / ص 95) .
2 ـ تفسير ابن كثير - (ج 1 / ص 177)
3 ـ فتح القدير - (ج 1 / ص 33) .
4ـ تفسير القرطبي - (ج 1 / ص 198).
5ـ تفسير البحر المحيط - (ج 1 / ص 52).
6 ـ انظر تفسير القرطبي - (ج 1 / ص 198) و تفسير اللباب لابن عادل - (ج 1 / ص 98).
7 ـ سورة المنافقون ( 1 , 2 ) .
8 ـ تفسير الطبري - (ج 1 / ص 285) .

************************************************************************************************
ثالثا : الآية ( 37) .
" فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ "
قرأ ابن كثير ( فتلقى آدمَ من ربه كلماتٌ ) (1) ، وقرأ الآخرون برفع ( آدم ) ونصب (كلمات) .
ولا يخفى الفرق بين القراءتين من حيث النحو ؛ إذ المتلقي في قراءة ابن كثير هي الكلمات ، والمتلقى هو آدم , والعكس صحيح عند بقية القراء .
ولكن الفعل المضارع ( فتلقى ) في كلتا الحالتين جاء بصيغة المذكر ، ولم تتصل به تاء التأنيث عندما كانت الكلمات فاعلا .
أورد القرطبي لذلك سببين (2) :
الأول : بُعد الفاعل المؤنث عن الفعل ، وهو أصل يجري في كل القرآن .
الثاني : كون المؤنث تأنيثا غير حقيقي حمل على تذكير الكلم .
ومن الجدير بالذكر هنا الإشارة إلى رفض الطبري ـ رحمه الله ـ لقراءة ابن كثير في هذا الموضع ، لا من جهة العربية ، ولكن من حيث القراءة (3)، ومعلوم أن قراءة ابن كثير من السبع المتواترة ، وهذا من المآخذ على الإمام الطبري ـ رحمه الله ـ .

*******
رابعا : الآية: (36)
"فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ" .
قرأ حمزة :( فأزالهما ) ، وقرأ الباقون : ( فأزلهما ) (4) .
معنى ( فأزلهما ) : من الزلة وهي الخطيئة ، وقراءة :" فأزالهما " بألف، من التنحية، أي نحاهما(5) ، وقيل غير ذلك . والضمير في كلتا القراءتين يعود على آدم وحواء ، عليهما السلام .
وجوز بعض المفسرين اشتراك القراءتين في الدلالة على معنى واحد (6).
أما من حيث النحو فلا أثر لاختلاف القراءتين ، إذا اعتبرنا المعنى واحدا .
وكعادة الإمام الطبري ـ رحمه الله ـ فإنه يرجح قراءة الجمهور ، ويعتبر قراءة حمزة مرجوحة، ولا شك أنه جانب الصواب في اعتبار قراءة متواترة مرجوحة (7) ، والله أعلم .

*******


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ تفسير القرطبي - (ج 1 / ص 326)
2 ـ تفسير القرطبي - (ج 1 / ص 326).
3 ـ تفسير الطبري - (ج 1 / ص 542).
4ـ تفسير اللباب لابن عادل - (ج 1 / ص 243) .
5ـ تفسير القرطبي - (ج 1 / ص 311) .
6ـ تفسير اللباب لابن عادل - (ج 1 / ص 243).
7ـ تفسير الطبري - (ج 1 / ص 525) .
 
ما هو عنوان رسالتك وهل نستطيع الحصول على نسخة منها
وأين باقي الحلقات
 
عودة
أعلى