الآية 29 من سورة التوبة

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع أبو علي
  • تاريخ البدء تاريخ البدء

أبو علي

Member
إنضم
04/09/2003
المشاركات
382
مستوى التفاعل
5
النقاط
18
الحق هو الشيء الثابت الذي لا يتغير ، ولا يكون كذلك إلا لأنه صواب، فالخطأ غير ثابت لأنه يصحح. أما الحق فهو ثابت أبدا لأنه صادر من حكيم، فالحكمة تقاس بالحق .
والقرآن كلام الله العزيز الحكيم، فكل أحكامه وأوامره حق صالحة لكل زمان، فإذا جئنا عند آية فيها أمر من الله للمؤمنين فهي أمر لأي مؤمنين إلى أن تقوم الساعة. لنأخذ مثلا الآية 29 من سورة التوبة:
"‏قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ." ‏ سورة التوبة: رقم 9 آية رقم 29

هذا أمر من الله للمؤمنين لا يغيره الزمان.
فهل تفسير الآية هو كما يلي ؟ :
يأمر الله هنا المسلمين بقتـال اليهود والمسيحيين إلى أن يؤمنوا بدين الإسلام الذي ألغى بظهوره كل الأديان الأخرى، ولا يخلّصهم من ذلك إلا أن يدفعوا ضريبة الذل. ونسميها "ضريبة الذل" لأن الله يريد من المسيحيين واليهود أن يدفعوها للمسلمين وهم يشعرون بالذل.

هل هذا التفسير صالح لكل زمان؟ إن كان صوابا فإن المؤمنين بوسعهم أن يطبقوا هذا الأمر الإلهي في أي زمان.
لنبقى في زمننا هذا وننظر هل بإمكاننا تطبيق ما قاله المفسرون.
الدول الإسلامية ليس بوسعا ومقدورها أن تحارب دولة واحدة من دول الكفر ، مثلا : كيان صغير كإسرائيل تملك ترسانة نووية من 200 رأس نووي ، كل رأس نووي باستطاعته تدمير مدينة في حجم مدينة بغداد، إذن فليس في وسعنا أن نقاتل دولة واحدة فما بالنا إذا كان الأمر كما فسره المفسرون يأمرنا أن نشن حربا على كل من لايدين بالإسلام ولا يؤمن باليوم الآخر!!
ليس بوسعنا والله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها.
إذن فكلام الله حق ونحن الذين لم نفهم معنى الآية.
لكي نفهم تفسير الآية علينا أن نستعرض كل الآيات التي تتعلق بهذا الأمر . مثلا :
لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين) آية 8 الممتحنة.
هذا أيضا كلام الله فكيف نناقضه ونقاتل من لم يقاتلنا ونفرض عليهم الجزية؟!!
قتال أهل الكتاب وكل من لم يؤمن بالله واليوم الآخر بدون سبب يعتبر
إكراها في الدين، والله تعالى لم يرسل رسوله صلى الله عليه وسلم حفيظا على الناس ولا وكيلا عليهم، فمن شاء فليكفر ومن شاء فليؤمن.
إذن فتفسير الآية 29 من سورة التوبة يجب أن يحمل على سبب يتبين منه شرعية القتال. والسبب في هذه الآية :
وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) 190 البقرة.
إذن نقاتلهم إذا قاتلونا ولا نبتدي العدوان.
فالآية 29 من سورة التوبة تعتبر تحريضا على قتال من قاتلنا من الكفار الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر ومن أهل الكتاب.
والتحريض على القتال يوجب ذكر الخطر المحدق لشحذ الهمم ولكي لا يتقاعس أحد على القتال.
فخطر هؤلاء هو أنهم لا يؤمنون بالله واليوم الآخر إن نحن تقاعسنا عن قتالهم احتلوا أرضنا ونشروا أفكارهم الإلحادية، والخطر الثاني
لو انتصروا فسيفتنونا في ديننا لأنهم لا يحرمون ما حرم الله : سينشروا الرذيلة في بلادكم وينشئوا كازينوهات للقمار وبارات للخمور
، وذلك لأنهم لا يدينون دين الحق، وبما أنهم لا يدينون دين الحق فسيعملون على نشر معتقداتهم بتنصيركم أو تهويدكم، والخطر الرابع
أنهم إن انتصروا عليكم فإنهم سيذلوكم وينهبوا ثرواتكم، فلتكن كل هذه الأخطار نصب أعينكم وقاتلوهم بهمة وعزم فإذا تم لكم النصر فأذلوهم كما أرادوا أن يذلوكم واجعلوهم يدفعوا الثمن غاليا بسلبهم أموالهم وعتادهم كما أرادوا أن يسلبو نكم (جزية) جزاء عدوانهم عليكم.
أليس هذا التفسير صالحا لكل زمان، وكلما حل بالأمة عدوان فعليها أن
تطبق الآية 29 من سورة التوبة.
 
أخي الفاضل سلَّمه الله
لماذا نحاول تطويع آيات القرآن وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلَّم دائما لتكون موافقه للذلة التي نعيشها والمعانة التي تمر بها الأمة الإسلامية .
إن السبب الرئيس في هذه الأزمة والمحنة هو البعد عن تطبيق شرع الله تعالى على مستوى الأفراد والشعوب الإسلامية ، فلو أن كل فرد طبق أحكام الشرع على نفسه وأهل بيته لما وجدنا هذه الذلة والنكسة التي تمر بها الأمة ، ولو أن الحكومات طبقت شرع الله لما رأينا الذلة والعمالة لدول الكفر التي لم ولن تستطيع أن تذِّل الشعوب المسلمة إلا بواسطة هؤلاء المرتزقة .

إن البعد عن الكتاب والسنة وتطبيقهما على الأمة هو سبب دفعنا نحن للجزية للكفار قاتلهم الله بدل أن نأخذها منهم ، وهناك مصيبة تجدها بين المسلمين الذين ينتمون لبلدان مختلفة ، حيث إن مصلحة البلد مقدمة على مصلحة الدين عندهم وقد تجد لدى البعض منهم حب البلد مقدم على حبِّ الدين .

إن الدول التي سميت أو لم تسم ممن تملك أعتى المعدات والذخائر لم تكن قادرة على دخول أصغر دولة إسلامية بالسلاح المجرَّد لأن هذه الأمة قادرة على الصمود ، وهي وإن ضعفت فإنها لا تموت لأنها حاملة دين الله الباقي إلى يوم القيامة ، ولن تستطيع هذه الدول المستعمرة أن تثبت أركان تسلطها إلا بحبل من الناس أمَّا حبل الله فقد أصبحنا متساوين معهم فيه حيث إت الكثير من المسلمين ليس له من الاسلام إلا اسمه فكيف يريد نصر الله من هذا حاله .
وهاهي الأمثلة العملية تطبق أمام أعيننا لتدلنا على أن دول الكفر مهما بلغت من العتو والعناد فإنها لا تحقق غاياتها وتثبت أركانها في بلاد الإسلام إلا بالمنافقين والعملاء من الذين يعيشون بين المسلمين كما هو في الأفغان والعراق وغيرها من بلاد المسلمين المحتلة نسأل الله أن يفك أسرها .

وأنا لن أتحدث معك في تفسيرك للآية ومحاولة جمعك بين الآيات لأن هناك متقدم ومتأخر وناسخ ومنسوخ وهناك سيرة نبوية طويلة عاشها وطبق فيها هذه الآيات ، أرى أن الواجب على من يريد التصدي لمثل هذه الأمور أن ينظر في جمع العلماء بين هذه الآيات ثم يوجهه إن كان فيه اختلاف أو إشكال .

والله أعلم
 
أخي الكريم حفظه الله.
ليس كل حكم يجوز عليه النسخ.
قد يمكن النسخ في الأحكام التي تتعلق بتغير الإنسان من حال إلى حال مراعات لقدرته ووسعه، مثلا حينما يكون قويا عليه ألا يفر من عشرة أعداء في المعركة ولما ضعف علم الله ذلك فجعل النسبة اثنين بدل من عشرة تخفيفا من الله.
ولم يحرم الله الخمر من أول الأمر وإنما حرم على شاربها الاقتراب من الصلاة في حالة السكر لأنه كان هناك ناس مدمنين على الخمر، والمدمن الذي تجري الكحول في دمه يشق عليه أن ينقطع عن الخمر دفعة واحدة ، أما إذا عولج بتقليل الكمية شيئا فشيئا إلى أن يشفى من الإدمان فإنه يسهل عليه عندئذ أن ينتهي من شرب الخمر، فحتى عند البشر يتم علاج مدمني المخدرات بتقليل الكمية.
نأتي الآن إلى هذه الآية : وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) 190 البقرة.
هل يجوز على هذه الآية النسخ؟
لا يمكن أن تنسخ بآية تأمر المؤمنين أن يقاتلوا من لم يقاتلهم لأن ذلك يعتبر عدوانا ، والعدوان ظلم، والله منزه عن الظلم. وسبحان الله وتعالى عن التحول من العدل إلى الظلم.
وبناء على هذا فإن أي أمر من الله للمؤمنين بالقتال يكون في إطار الآية 190 من سورة البقرة.
فالآية 29 من سورة التوبة حكمها هو نفس حكم الآية 190 من سورة البقرة، وآية التوبة فيها تحريض على القتال بذكر أخطار تشحذ الهمم.
آية سورة التوبة خصت بالذكر أهل الكتاب ، والتاريخ والواقع يشهدان أن أكثر من قاتل المسلمين كانوا أهل كتاب، فالحروب الصليبية شنها أهل الكتاب، والاحتلال البريطاني، والاحتلال الفرنسي ، والإسباني والإيطالي، ورأينا عواقب غزوهم لبلاد المسلمين، أفسدوا أخلاق كثير من المسلمين بأن أنشأوا الكازينوهات والكاباريهات والديسكو...
فهذا هو الخطر الذي حذرنا الله منه ( لا يحرمون ما حا حرم الله)،
ونشروا ثقافتهم وأفكارهم وتبناها جمهور من الناس ، وذلك هو الخطرالمحذر منه في الآية (لا يدينون دين الحق) ، فلما تمكنوا نهبوا ثرواتنا وجمدوا أموالنا، فهذه جزية أخذوها منا ، وكان علينا أن نقاتلهم بهمة ونجعلهم يدفعوا الثمن غاليا في الأموال والأولاد مادامت تلك كانت هي نيتهم.
ولسنا ببعيد فها هو التاريخ يعيد نفسه في العراق وكل تلك الأخطار المحذر منها في الآية واردة وربما سيفرض المحتل تطبيق أحدها على دول الجوار، وأخذ منهم وما زال يأخذ جزية لتمويل حربه.
 
كاتب الرسالة الأصلية : أبو علي
هل يجوز على هذه الآية النسخ؟
لا يمكن أن تنسخ بآية تأمر المؤمنين أن يقاتلوا من لم يقاتلهم لأن ذلك يعتبر عدوانا ، والعدوان ظلم، والله منزه عن الظلم. وسبحان الله وتعالى عن التحول من العدل إلى الظلم.

كتبت ردا ثم مسحته ورايت أن الأولى أن أسألك سؤالا مهما بالنسبة لي :

هل تقرّ بأن هناك نوعين من الجهاد ، جهاد دفع ، وجهاد طلب ؟

وفقك الله
 
لا أريد ذكرهما لسبب أمني، فهذه الكلمة عندهم كافية للاتهام بالإرهاب
ودخول السجن،( خاصة وأني متيقن أنني مراقب)
الدفع والطلب قائمان دائما إذا ثبت الاعتداء على المسلمين، وحيث أن عالم اليوم ليس هو عالم الأمس، قديما كان الطلب يتم بالعبور بالخيل والرجال، أما اليوم فالعدو يبعد بآلاف الكيلومترات وبيننا وبينهم دول أخرى لا تسمح لنا بالمرور، فالطلب يكون بالقصف من بعيد أو مهاجمة
أهدافهم وأساطيلهم التي تمر في قناة أو في البحر وغير ذلك.
 
عودة
أعلى