محمد محمود إبراهيم عطية
Member
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : الْإِيمَانُ بِالْقَدَرِ حَسَنَةٌ مِنْ الْحَسَنَاتِ ؛ وَهَذِهِ لَا تَنْهَضُ بِدَفْعِ جَمِيعِ السَّيِّئَاتِ ، فَلَوْ أَشْرَكَ مُشْرِكٌ بِاَللَّهِ ، وَكَذَّبَ رَسُولَهُ ، نَاظِرًا إلَى أَنَّ ذَلِكَ مُقَدَّرٌ عَلَيْهِ : لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ غَافِرًا لِتَكْذِيبِهِ ، وَلَا مَانِعًا مِنْ تَعْذِيبِهِ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ، سَوَاءٌ كَانَ الْمُشْرِكُ مُقِرًّا بِالْقَدَرِ وَنَاظِرًا إلَيْهِ ، أَوْ مُكَذِّبًا بِهِ أَوْ غَافِلًا عَنْهُ ؛ فَقَدْ قَالَ إبْلِيسُ : { بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } فَأَصَرَّ وَاحْتَجَّ بِالْقَدَرِ ، فَكَانَ ذَلِكَ زِيَادَةً فِي كُفْرِهِ ، وَسَبَبًا لِمَزِيدِ عَذَابِهِ ؛ وَأَمَّا آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِنَّهُ قَالَ : { رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } ، قَالَ تَعَالَى : { فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } ؛ فَمَنْ اسْتَغْفَرَ وَتَابَ كَانَ آدَمِيًّا سَعِيدًا ، وَمَنْ أَصَرَّ وَاحْتَجَّ بِالْقَدَرِ كَانَ إبليسيا شَقِيًّا ؛ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى لإبليس { لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ } .... ( مجموع الفتاوى : 2 / 302 ، 303 ) .