حينما كنت أُحَضِّر رسالة الدكتوراه في دراسة وتحقيق جزء من شرح عقيلة أتراب القصائد في علم الرسم, شاركت في
الملتقى العلمي الثاني لطلاب الدرسات العليا بعنوان: (أفكار في عناوين الأبحاث العلمية) الذي نظمه قسم القراءات بكلية القرآن بالجامعة الإسلامية.
وكان عنوان الورقة التي قدمتها: (نثار الأفكارالمقترحة في فنون علوم القراءات المختلفة), تحدثت في محور الرسم والضبط عن الأفكار التالية:
من خلال تخصصي الدقيق في هذا الفن فقد اشتغلت به بفضل الله في الماجستير والدكتوراه, أطرح على زملائي الطلاب ما يلي:
1. ما زال الكثير من مخطوطات هذا العلم الشريف لم تحقق, وسأضرب مثالاً على هذا ويقاس عليه غيره:
أقوم حالياً بتحقيق شرح من شروح عقيلة أتراب القصائد للإمام الشاطبي رحمه الله تعالى, ومن خلال تتبعي لشروح هذه المنظومة أحصيت 17 شرحاً لها, ولم يحقق منها حسب علمي إلا سبعة شروح, وبقي عشرة لم تحقق وهي موجودة في المكتبات, ويمكن الحصول عليها بسهولة فأقترح أن يعتني طلاب العلم بتحقيق ما تبقى من شروح هذه المنظومة كخطوة أولى تتبعها خطوات أخرى من المقارنة بين هذه الشروح ودراستها وغير ذلك مما يفيد المتخصصين في هذا العلم الشريف, الذي قلّ علماؤه والمهتمين به.
2. من خلال تحقيقي لشرح ابن جبارة, لاحظت كثرة استدراكاته على السخاوي في شرح العقيلة, فيمكن أن تجمع هذه الاستدراكات وتدرس في بحث مستقل, على غرار بحث فضيلة د. أحمد بن علي السديس: (إستدراكات أبي شامة في إبراز المعاني على الإمام الشاطبي في أبواب الأصول) والذي نشر في مجلة أم القرى العدد 45 ذو القعدة 1429ﻫ, وكذلك بحث الماجستير الذي يعمل عليه حالياً الشيخ محمد ايت عمران بعنوان: (استدراكات ملا علي القاري في المنح الفكرية على شراح المقدمة الجزرية – جمعاً ودراسة).
3. بعض كتب الرسم والضبط المهمة التي طبعت تحتاج إلى إعادة تحقيق مرة أخرى, ومنها على سبيل المثال: كتاب المحكم في نقط المصاحف للداني, فقد بذل د.عزة حسن جهدا مشكورا في تحقيق هذا الكتاب, إلا أنه اعتمد على نسخة مخطوطة واحدة, وهي التي استطاع الوصول لها, وقد لاحظت أن ابن جبارة الحنبلي الذي أقوم بتحقيق شرحه للعقيلة ينقل كثيراً من كتابي أبي عمرو الداني, المقنع والمحكم, ووجدت كثيرا مما نقله عن الإمام الداني في المحكم غير موجود في النسخة التي حققها د. عزة حسن, وبعد البحث تبين لي أن د. غانم قدوري الحمد اطلع على نسخة أخرى من كتاب المحكم محفوظة في المكتبة المحمودية بالمدينة المنورة, ووجد فيها السقط الذي أشار إليه د. عزة في تحقيقه, فقام بنشره في مجلة كلية الإمام الأعظم بالعراق العدد الرابع لسنة 1398ﻫ - 1978م, بعنوان: (أوراق غير منشورة من كتاب المحكم) , ومن خلال ما سبق أرى ضرورة تحقيق الكتاب مرة أخرى كاملا تحقيقاً علمياً وإعطائه حقه من الدراسة, فمما يؤخذ على تحقيق د. عزة حسن إضافة إلى السقط الذي وقع في الكتاب أنه لم يترجم لأحد ممن ورد ذكرهم في الكتاب, وغير ذلك من الملاحظات العلمية التي يدركها المتأمل في هذا الكتاب.
4. انتشرت في عصر الطباعة عدد من المصاحف التي طبعت في عدد من البلدان بروايات مختلفة, وأرى أن يبحث موضوع بعنوان: (المصاحف المطبوعة في العصر الحديث -دراسة مقارنة) وتكون هذه الدراسة بين المصاحف المطبوعة في رواية معينة, فعلى سبيل المثال طبع في ليبيا مصحف برواية قالون بالرسم العثماني على ما اختاره الإمام الداني, فيمكن أن يتم دراسته ومقارنته بالمصاحف الأخرى المطبوعة على هذه الرواية مثل مصحف مجمع الملك فهد الذي طبع برواية قالون.
5. أقترح أن يكتب موضوع حول توجيه الرسم العثماني, أو علاقة الرسم العثماني بالمعنى, بحيث يدرس هذا الموضوع, ويحقق القول فيه, وتجمع مادته مما ورد في كتب التفسير والقراءات والرسم وغيرها, ويمكن الاستفادة في هذا الموضوع من الكتب والبحوث التالية:
· عنوان الدليل في مرسوم خط التنزيل, لابن البنا المراكشي.
· الإعجاز البياني في الرسم العثماني, للدكتور حمدي الشيخ.
· إعجاز رسم القرآن وإعجاز التلاوة, تأليف/ محمد شملول.
· توجيهات الداني لظواهر الرسم العثماني, بحث للدكتور حسن عبد الجليل العبادلة.
· التوجيه السديد في رسم وضبط بلاغة القرآن المجيد, بحث للأستاذ الدكتور: أحمد شرشال.
ومن الأمثلة التي توضح هذا الموضوع كلمة (أيد) وردت في القرآن في أكثر من موضع ورسمت بياء واحدة إلا في موضع سورة الذاريات آية (47) فما توجيه رسمها بياءين في هذا الموضع دون غيره, قال بعض العلماء: إن زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى, وإن زيادة حرف الياء في هذه الكلمة يوضح قوة وشدة السماء ومتانة سمكها وبنائها.
ومثل ذلك كلمة (إبراهيم) لماذا رسمت في كل القرآن بالياء بعد الهاء إلا في سورة البقرة فإنها رسمت بحذف الياء؟. وغير ذلك من الأمثلة وهو موضوع طريف ومفيد.
6. أؤكد على ما ذكره أخي عمرو عبد العظيم من أهمية شرح المنظومات التي لم تشرح خاصة في رسم المصحف, وأقترح أن تشرح منظومة الدرة الجلية في رسم وضبط المصاحف العثمانية, للأستاذ ميمون التونسي ت816ﻫ, وقد حققها د. ياسر المزروعي, وطبعتها وزارة الأوقاف بالكويت الطبعة الأولى عام 1431ﻫ, وعدد أبياتها 1578 بيتاً.
هذه بعض الأفكار التي طرحتها في الجامعة الإسلامية بتاريخ 28 / 4 / 1432هـ, وقد استفاد منها عدد من الزملاء وسجلوا رسائل في رسم المصحف وضبطه في أقسام القراءات المختلفة, والحمد لله.