اشارة ابن الجزري رحمه الله الى علم التغني بالقرءان الكريم

إنضم
17/11/2012
المشاركات
140
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
المغرب
قال الامام ابن الجزري في النشر ما نصه : " فإن كلام الله تعالى يقرأ بالتحقيق وبالحدر وبالتدوير الذي هو التوسط بين الحالتين مرتلاً مجوداً بلحون العرب وأصواتها وتحسين اللفظ والصوت..
وقال رحمه الله تعالى في طيبة النشر
ويقرأ القران بالتحقيق معْ حدرٍ وتدويرٍ وكلٌّ متّبع
معْ حسن صوتٍ بلحونِ العربِ مرتّلا مجودا بالعربي
وقال رحمه في موضع اخر حكاية عن الشيخ إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود أبو عمران النخعي الكوفي الإمام المشهور الصالح الزاهد العالم: قرأ على الأسود بن يزيد و علقمة بن قيس، قرأ عليه سليمان الأعمش و طلحة بن مصرف، قال الأعمش كنت أقرأ على إبراهيم فإذا مر بالحرف ينكره لم يقل ليس كذا ولكن يقول كان علقمة يقرأ كذا وكذا، قلت-القائل ابن الجزري- وهو القائل ينبغي للقارىء إذا قرأ نحو قوله تعالى وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ونحو ذلك من الآيات أن يخفض بها صوته وهذا من أحسن آداب القراءة، توفي سنة ست وتسعين وقيل سنة خمس وتسعين.
من كتاب غاية النهاية في طبقات القراء.ص33-ج1

وفي هذا الكلام اشارة الى ان علم التغني بالقرءان الكريم كان حاضرا في فكر علمائنا القدامى لكنه لم يرقى الى درجة التفرد بالتصنيف بحيث يصبح علما مستقلا كباقي العلوم لعدة اسباب سنذكرها في مابعد
والتغني بالقرءان الكريم -كما عرفته - معناه :قراءة القرءان الكريم جهرا وبالحان ناتجة
فكريا -عقليا -عن فهم وتصور لمعاني الايات التي يقراها القاريء
وايمانيا -قلبيا-عن احساس نفسي عاطفي بهذه المعاني
وعضويا عن تفاعل بين مختلف مكونات الجهاز الصوتي للقاريء
هناك حضور قلبي ،حضور عقلي وتفاعل بين مكونات الجهاز الصوتي ينتج عنه صوت بالطبع ينبغي ان يكون حسنا ولحن ايضا ينبغي ان يكون جميلا ومؤثرا ...
واذا كانت قراءة القرءان الكريم بمراتبه الثلاث الحدر والتدوير والتحقيق وايضا قراءته مجودا بالترتيل هي من موضوعات علم التجويد
فان قراءته بحسن صوت وبالحان عربية هي من موضوعات علم التغني بالقرءان الكريم


 
ايضا من العلماء الذين اشاروا الى هذا العلم في كتاباتهم الامام الزركشي :

من كتاب :البرهان في علوم القرآن

في آداب تلاوته وتاليه وكيفية تلاوته ورعاية حق المصحف الكريم

اعلم أنه ينبغي لمح موقع النعم على من علمه الله تعالى القرآن العظيم أو بعضه ،بكونه أعظم المعجزات ، لبقائه ببقاء دعوة الإسلام ، ولكونه صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين ، فالحجة بالقرآن العظيم قائمة على كل عصر وزمان لأنه كلام رب العالمين ، وأشرف كتبه جل وعلا ، فلير من عنده القرآن أن الله تعالى أنعم عليه نعمة عظيمة ، وليستحضر من أفعاله أن يكون القرآن حجة له لا عليه ; لأن القرآن مشتمل على طلب أمور ، والكف عن أمور ، وذكر أخبار قوم قامت عليهم الحجة فصاروا عبرة للمعتبرين حين زاغوا فأزاغ الله قلوبهم ، وأهلكوا لما عصوا ، وليحذر من علم حالهم أن يعصي ، فيصير مآله مآلهم ; فإذا استحضر صاحب القرآن علو شأنه بكونه ظرفا لكتاب الله تعالى ، وصدره مصحفا له انكفتت نفسه عند التوفيق عن الرذائل ، وأقبلت على العمل الصالح الهائل .

وأكبر معين على ذلك حسن ترتيله وتلاوته ، وقال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : ورتل القرآن ترتيلا ( المزمل : 4 ) وقال تعالى : وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا ( الإسراء : 106 ) فحق على كل امرئ مسلم قرأ القرآن أن يرتله ، وكمال ترتيله تفخيم ألفاظه والإبانة عن حروفه ، والإفصاح لجميعه بالتمديد له حتى يصل بكل ما بعده ، وأن يسكت بين النفس والنفس حتى يرجع إليه نفسه ، وألا يدغم حرفا في حرف ، لأن أقل ما في ذلك أن يسقط من حسناته بعضها ، وينبغي للناس أن يرغبوا في تكثير حسناتهم ; فهذا الذي وصفت أقل ما يجب من الترتيل .

وقيل : أقل الترتيل أن يأتي بما يبين ما يقرأ به ، وإن كان مستعجلا في قراءته ، وأكمله أن يتوقف فيها ما لم يخرجه إلى التمديد والتمطيط ; فمن أراد أن يقرأ القرآن بكمال الترتيل ، فليقرأه على منازله ، فإن كان يقرأ تهديدا لفظ به لفظ المتهدد ، وإن كان يقرأ لفظ تعظيم لفظ به على التعظيم .

وينبغي أن يشتغل قلبه في التفكر في معنى ما يلفظ بلسانه ، فيعرف من كل آية معناها ولا يجاوزها إلى غيرها حتى يعرف معناها ، فإذا مر به آية رحمة وقف عندها وفرح بما وعده الله تعالى منها ، واستبشر إلى ذلك ، وسأل الله برحمته الجنة ، وإن قرأ آية عذاب وقف عندها وتأمل معناها ، فإن كانت في الكافرين اعترف بالإيمان ، فقال : آمنا بالله وحده وعرف موضع التخويف ، ثم سأل الله تعالى أن يعيذه من النار.....
 
بسم1
و من الأئمة الذين أشاروا كذلك إلى ما يتعلق بمسألة التغني بالقرآن الإمام جلال الدين السيوطي حيث عقد بابا في الإتقان " في آداب تلاوته" و هو الباب الخامس و الثلاثون، مما جاء فيه:
1401 - يسن تحسين الصوت بالقراءة وتزيينها لحديث ابن حبان وغيره زينوا القرآن بأصواتكم
1402 - وفي لفظ عند الدارمي حسنوا القرآن بأصواتكم فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنا
1403 - وأخرج البزار وغيره حديث حسن الصوت زينة القرآن
وفي أحاديث صحيحة كثيرة فإن لم يكن حسن الصوت حسنه ما استطاع بحيث لا يخرج إلى حد التمطيط
1404 - وأما القراءة بالألحان فنص الشافعي في المختصر أنه لا بأس بها وعن رواية الربيع الجيزي أنها مكروهة
1405 - قال الرافعي قال الجمهور ليست على قولين بل المكروه أن يفرط في المد وفي إشباع الحركات حتى يتولد من الفتحة ألف ومن الضمة واو ومن الكسرة ياء أو يدغم في غير موضع الإدغام فإن لم ينته إلى هذا الحد فلا كراهة
1406 - قال في زوائد الروضة والصحيح أن الإفراط على الوجه المذكور حرام يفسق به القارئ ويأثم المستمع لأنه عدل به عن نهجه القويم قال وهذا مراد الشافعي بالكراهة
1407 - قلت وفيه حديث اقرؤوا القرآن بلحون العرب وأصواتها وإياكم ولحون أهل الكتابين وأهل الفسق فإنه سيجيء أقوام يرجعون بالقرآن ترجيع الغناء والرهبانية لا يجاوز حناجرهم مفتونة قلوبهم وقلوب من يعجبهم شأنهم أخرجه الطبراني والبيهقي
1408 - قال النووي ويستحب طلب القراءة من حسن الصوت والأصغاء إليها للحديث الصحيح ...اهــــ
أما حديث:" اقرؤوا القرآن بلحون العرب..." فقد ذكر الإمام الهيثمي رحمه الله تعالى في مجمع الزوائد أن فيه راو لم يسم.
و قد بحثت في كتب العلامة الألباني رحمه الله تعالى لأتأكد من هذا الحكم فوجدته يقول :" لم تتم دراسته "، و ذلك في مشكاة المصابيح.
لكن كما يقال: في الصحيح غنية عن الضعيف، و قد صح عن النبي صلى الله عليه و سلم عدة أحاديث تشير إلى استحباب تحسين الصوت بالقرآن و التغني به، و قد أسردها لاحقا إن شاء الله تعالى، لكن الملاحظ أن الكثيرين توسعوا في هذا الباب حتى وقعوا فيما لم يكن معهودا عن السلف: و صرنا نسمع بالمقامات الموسيقية و ألحان ما أنزل الله بها من سلطان و الله المستعان، و لعل للحديث بقية إن شاء الله تعالى.
 
عودة
أعلى