محمد يزيد
Active member
بفرز المتعلقات بعلم عَدَد السِّنِينَ وَالْحِسَاب من كلمات وجمل ومعانٍ في أول ما نزل من الآيات والسور: آيات العلق الأولى، آيات القلم الأولى، آيات المزَّمِّل الأولى، آيات المدثر الأولى، الفاتحة، المسد، الكافرون، التكوير، الأعلى، الليل، الفجر، الضحى... نخلص إلى أن هنالك تلازمًا يتسم بالإعجاز بين الظواهر الكونية العظيمة وهي الآيات العلوية التي خلقها الله وبين عدد السنين والحساب، في تدرج منهجي تعليمي بديع، إذ أن في الليل والنهار واختلافهما، والشمس والقمر وحركتهما، والنجوم والكواكب ومواقعها، دلائل حسية تسبق التجريد في ذهن البشر، ليدركوا من تعاقبها وعدتها ما به يتعلمون الحساب، وهاهنا تزول كل المبهمات المتعلقة بالزمكانية وطبيعة كل من الزمن والمكان وفق النظرة الشاملة والعلم الدقيق الكامل الذي جاء من العليم الخبير سبحانه.
وقبل المضيِّ، علينا أن نعرف ترتيب نزول القرآن الكريم، وهو مبحثٌ قديمٌ تناوله العلماء، ولعلَّ أقربَ ترتيب بين السور إلى الصواب هو ما عليه أكثرُ أهلُ العلمِ الباحثين في هذا الموضوع، وقدْ ضمنتُهُ هذه القصيدةَ التي نظمتها منذ زمنٍ، وأضعها هنا لتكونَ أخي القارئ على بينةٍ من مُسْتَنَدي في البحثِ في موضوع ترتيب نزول السور، وأسميْتُها "نظم الدرر في ترتيب نزول السور":
إن المنهج التعليمي الذي سأسرد استنباطه هو جواب ادعاءِ المسلمين أنَّ القرآن هو الذي أعاد تهيئة العقل البشري للتفكير السويِّ خطوة خطوة، طورا فطورًا، وسيتبين لك هذه الأطوار فاصطبر في تدبرها.
إن تقسيم الزمن في الظلمة الحالكة والسواد المطبق لليل الطويل قبل خلق الشمس والقمر أمرٌ لا معقولٌ بالنسبة إلينا نحن البشرَ، ولا حيلة لنا في معرفة العدد لِمَعْدُودٍ لا يُرَى إلا بالنور، ولا سبيل لإدراك معنى الزمن إن لم يسخر الله لنا الشمس والقمر، ولقد عشنا نحن البشر تجربة تحسّسنا قليلاً بتلك الحال، هي جهل ضبط المواقيت بتقسيم ساعات النهار أو الليلِ- والساعة فرع من أصل-، ومع ابتكار آلات ضابطة مقسمة للوقت، فإنها سرعان ما كانت تتعطل أو تتقدم أو تتأخرُ، حتى الوصول إلى أدق ساعة هي الساعة الذرية التي تخطئ ثانية كل ثلاثمائة مليون سنة[2]. لنبدأ من نقطة أساسية هي أن ما نتعلمه من الدلائل الحسية يدرك في تكراره بالبصر حينًا وبالحس للحَرّ والقَر ّحينا آخر[3]، وأما ما تبقى من حواس فدورها التحليل والتثبيت والتثبت والتراكمية وتخزين واستحضار المعارف. ولنتتبع الشواهد مرتبةً حسب النزول:
2.مرحلة التعليم بالقلم.
[4][5]
[اللون الفاتح يدلُّ على تأخر النزول فيرجى تجاوز هذه الآيات]
"كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (7) إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (8) أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10) أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (12) أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرَى (14) كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16) فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18) كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)" (العلق 6 - 19).
3.ن: أول الحروف النورانية نزولا، حرفٌ مشترك في نطقه وكتابته بين أغلب اللغات، وأوَّل ما خلق بكنْ القلم[6]، والنون الحوت.
4.مرحلة الكتابة بالقلم، والكتابة هي فرع الهندسة الرياضية الأول، وأفضل كلمة للتعبير عنه على الإطلاق هي يَسْطُرُونَ[7].
" فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (5) بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ (6) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (7) فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (8) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (9) وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (13) أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ (14) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (15) سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (16) إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (17) وَلَا يَسْتَثْنُونَ (18) فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (19) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (20) فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ (21) أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ (22) فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ (23) أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ (24) وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ (25) فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (26) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (27) قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ (28) قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (29) فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ (30) قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ (31) عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ (32) كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (33) إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (34) أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36) أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (37) إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ (38) أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ (39) سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ (40) أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (41) يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (42) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ (43) فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (44) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (45) أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (46) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (47) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (48) لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ (49) فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (50) وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (51) وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (52)" (سورة القلم 5 - 52).
"إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (15)" (القلم 15).[8]
5.ترتيب المجموعات (الْأَوَّلِينَ) أول عدد ترتيبِيٍّ لمجموعة.
"قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ"(ن-28)، لم أتيقَّن متى نزلت نجوم سورة القلم.
6.أَوْسَطُهُمْ: إن كان الأوسط للأعدل والأعقل كما هو عند ابن عباس وأغلبية المفسرين، فإنَّ الدلالة المتعلقة بعلم عدد السنين والحساب موجهة إلى إعمال العقل، وإن كان الأوسط للعُمُرِ، فإنَّ معرفة الأوْسَط تستوجب معرفة الأعمار لدى أصحاب الجنة، وهذا من أعظم فوائد معرفة عدد السنين والحساب.
7.اللَّيْل باعتباره وحدة أو كلاًّ، في قوله تعالى: {قُمِ اللَّيْلَ}، وذكر تجزئته {إِلَّا قَلِيلًا}، {نِصْفَهُ}، {أَوِ انْقُصْ مِنْهُُ قَلِيلًا}، {أَوْ زِدْ عَلَيْهِ}، والعمليات الحسابية:
8.القسمة (:) في أبسط وأوضح مثال وهو النصف[SUP][SUP][9][/SUP][/SUP] {نِصْفَهُ}. والمضاعفة[10] (×) متضمنة في القسمة، وكذلك في تقسيم الليل كما سيأتي.
9.والنقص (الطرح (-)) {أو انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا}.[11]
10.والزيادة (الجمع (+))، {أَوْ زِدْ عَلَيْهِ}.[12] [13] [14]
11.وعمليتا المنطق الأساسيتان الفصل (أَوْ)، والوصل (وَ)، وتوزيع الوصل ⋀ على الفصل ⋁ ، إذ اللازم أن يُفْهم من قوله: {نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} ترتيل القرآن في أيٍّ من الخيارات الثلاث، وبالتالي فالمراد:
(نِصْفَهُ ⋀ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا) ⋁ (انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا ⋀ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا) ⋁ (زِدْ عَلَيْهِ ⋀رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا).
مشاهدة المرفق 11561
12.الليل ليس زمنًا لكنه مخلوقٌ مظلمٌ[15] [16]هو دليل الزمن بسكونه، كما أن الشمس والقمر والأرض والبروج دلائل الزمن بحركتها، والراجح أنه خلق قبل النهار[17] الناشئ عن حركة الشمس بزمن، روى عكرمة عن ابن عباس أَنهُ سئل عن اللـيل: هل كان قبل النهار؟ فتلا {أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا}، قال: والرَّتْق الظُّلمة. وروى أيضاً عن ابنِ عباس، قال: "خَـلَقَ اللهُ الليلَ قبْلَ النَّهَار، وقرأَ:{كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا}، قال: هل كان إلاَّ ظُلَّة أَو ظُلْمة؟"[18].
ولفهم ذلك نعود إلى مثل ذكرته، إذ يمكن النظر إلى تاريخ البشرية في صناعة آلات قياس الساعات لضبط مواقيت النهار والليل. إنَّ مَثَل منظومة السكون والحركة بالليل والنهار والشمس والقمر في تحديد اليوم والشهر والسنة (أصول المواقيت)كمثل تلك الآلات في تحديد الثواني والدقائق والساعات (فروع المواقيت)، مع فارق الدقة المكتملة في صنع الله، على أن صانعَ صانعِ الساعات -الإنسان- هو الله، واختصاص الإنسان بالوضع في قياس فروع المواقيت دون أصولها من تمام حكمة الله، وقيوميته سبحانه، بسبب الضعف والجهالة والعبث لدى البشر.
وقد اهتدى الإنسان من ربه إلى الساعة الذرية -ولها عيب خطأ ثانية كل ثلاثمائة سنة ثم أدق من ذلك خطأ ثانية كل ثلاثة ملايين سنة - فهل سيكون له في المستقبل نظام محاكٍ لمنظومة المواقيت الأساسية باستخدام الذرات[19] لتفادي خطأ الثانية كل ثلاثة ملايين سنة أيضا. وظني أنَّ هذا التقسيم جيدٌ: أصول المواقيت وفروع المواقيت وهو يمَكِّنُ الإنسَانَ من المحاكاة كمثل ما يصنع مع سائر مصنوعاته طبقًا لما سأذكره في حينه وهو قاعدة الاستنباط الثالثة "تعليم الذكي"[20]. إن التحدي القائم لدى الإنسان المسلم الذي افترض عليه قيام الليل بنسب معلومة هو إحصاء ساعات الليل -ومن ثَمَّ النهار- فهل يتأتى له ذلك؟.
{إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6) إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا (7)} (المزمل 5-7).
13.فرضية: بسْط العلوم في القرآن الكريم تتم بطريقة لولبية منْ أسفلَ إلى أعلى على التدرج حسب ترتيب النزول، فمن العلوم الأولى التي ينبغي أن يبدأ بها فتستعرضها المنطق والمنهجية وعلم عدد السنين والحساب.[21] ثم تعاود الرجوع من أول فتتدبر فتجد العلم التالي الذي ينبني على ما سبق وهكذا.
14.النَّهار وهو مولد حاسَّة البصر[22] والنهار هو الذي يقسم الليل إلى أقسام متساوية معدودة، في قوله تعالى: {إِنَّ لَكََ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا}.
15.المفاهيمُ الأساسيةُ للقياسِ الثقل وشدة التأثير والاستقامة والطول، جاءت هنا، وكعادة المنهج القرآني الفريد الكامل فإنها مفاهيم تعنى بالقضية الأساسية العظمى وهي الدين الحق وتجعل ما درج عليه الناس بالاستخدام للقياس اليومي للأطوال والأوزان في معايشهم، نعمةً من الله وفضلا، مما يعزز تلك القضية لا أنها الأصل.
16.وعلى القول بتعريف الرياضيات على أنها دراسة الحساب والهندسة والقياس[23]، فإنَّ الفروع الثلاثة جاءت في أول ما نزل كما رأينا في أوائل سور العلق والقلم والمزمل. والواضح أن الهندسة تصنع للحساب قوالب تجريده لتيسيره، بدءا من كتابة الحروف إلى الأعداد والرموز الدالة على عمليات ودوال متقدمة، وانتهاء بإيجاد الحلول الهندسية لكثير من مسائل الحساب، يقول جون مكليش:"الترميز الجيد-بالكتابة- يختزل كمية التفكير اللازمة لحل مسائل الأعداد، إذ هي تسمح لنا أولا بتمثيل واضح مجرد، في شكل كلمات وصور، لكل مسألة، وثانيا بابتكار روتين آلي بسيط (خوارزم) لمعالجتها"[SUP][SUP][24][/SUP][/SUP].
{رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا (9) وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا (10) وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا (11) إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا (12) وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا (13) يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا} (المزمل 9 - 14).
17.المشرق والمغرب في قوله تعالى: {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} (المزمل 9)، وهما الظاهرتان المحددتان لبداية النهار وانتهائه.[25]
18.لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ: أول ذكر لكلمة التوحيد، باستخدام الضمير "هو" الدال على الله دون ذكر اسم "الله" جل شأنه زيادة في التشويق، والذي سيأتي أول نزول له في بسملة فاتحة الكتاب. وهناك حكمة في تسلسل إيراد: الليل ثم النهار، ثم المشرق والمغرب ثم "لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ" ثم اليوم بهذا الترتيب المنهجي القيم في النزول في سورة واحدة. وأما وجه الاستدلال بهذا التسلسلل على التوحيد فإن الليل والنهار زوجان، والمشرق والمغرب زوجان وما ينبغي أن يكون لهذه الأزواج إلا رب واحد لئلا يفسد نظامهما بالتنازع، ومن سلم بربوبية هذا الواحد وانفراده فيها وجب أن يسلم بألوهيته وانفراده فيها. وأيضا فإن الله يعرف بصنعته والصنعة لا ترى إلا باختلاف الليل والنهار، ولا يكون ذلك إلا بالمشرق والمغرب، ولذا جاء السياق قوله: {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}، ومن جهة إيراد اليوم بعد ذلك، فإن من أبدع الكون بالليل والنهار وافتراقهما بالمشرق والمغرب فنتجت الأيام ثم السنون لقادر على أن يجعل يومًا فيه تختل موازين الحياة كلها فيه هو يوم القيامة، فتَبَصَّرْ.
19.اليوم [26]: {يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ}.
"إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (15) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا (16) فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا (17) السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا (18) إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (19) إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (20)" (المزمل 15 - 20).
20. وَحِيدًا: بداية الأعداد في القرآن الكريم، وهي إشارة إلى الواحد (1) أول الأرقام والأعداد بصيغة تفيد الانفراد. بمعنى مُنْفَرِدًا، لا أَحَدَ معه[27]، وقد "خرج من بطن أمه وحده لا مال له ولا ولد، ثم رزقه الله"[28]، وأفادت صفة النقص في حق العبد المخلوق لذا اقترنت بلفظ "خَلَقْتُ"، ولذا كان الامتنان عليه بالاستكثار من المال والبنين والتمهيد، وطمعه في المزيد. وأفادت صفة كمال في حق الخالقِ إذا كان تأويلها ما جاء عند القرطبي: "أني انفردت بخلقه ولم يشركني فيه أحد".
21. المراد والله أعلم [29] من {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا} الإخبار عن الإنسان عمومًا بإرهاقه بالصعود عبر طبقات السماء لمعرفة حقيقة الكون المخلوق مع إنكاره الخالق[30]، ولا يتعارض هذا التأويل مع من قال إن الصّعُود جبل في جهنم لأنَّ جهنم مما هو قريب من الناس وهم لا يرونه في الحياة الدنيا كما نصَّت على ذلك نصوص في الكتاب والسنة[31]. وانظر كيف وصف الله مسيرة الإنسان التاريخية في الحياة كلها في آيات موجزة، إذ أردف الله الآية التي ذكر فيها أن الإنسان كان وحيدًا بآيتين جبرتا وحدته، تضمنتا نعمتي المال والولد، وآيتين فيهما صفتا الطمع والعناد فيه، وبينهما آية التمهيد، ثم ختم بالآية التي تصفه وهو يستخدم ماله وبنيه بطمعه وعناده وتمهيد الله له فيتجشم الرهق بصعوده في الآفاق، وأما مسيرته العلمية فهي على النحو ذاته إذ العلم:
يبدأ من علم عدد السنين والحساب، والعلم يبنى على اليقينيات ونواة كل يقين من البديهيات بأصنافها الستة، ومنها:
الأوليات: كالأسماء.
- وأولها الفطريات التي منطلقها إدراك الكل وأجزائه {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ} (المزمل 2 - 4) ودلالة الواحد على معدوده (وَحِيدًا}.
- وثانيها المجَرَّبَاتُ كمفاهيم القياس الأربعة: الثقل والتأثير والاستقامة والطول { ثَقِيلًا ... أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ .. طَوِيلًا} (المزمل 5 - 7).
· وثالثها الحسِّيات مما يدرك بالإحساس بالحر والبرد {الْمُزَّمِّلُ}، {الْمُدَّثِّرُ} أو بالبصر أو بهما كليهما فيما سبق من تسلسلٍ لليل والنهار والمشرق والمغرب ثم اليوم على هذا الترتيب في سورة المزمل وذلك تهيئةً لوحدة المواقيت التي لزم لها في العلم العددُ والعدد يبدأ من الواحد، ونلاحظ تقابل المعدودات في أول نشأتها تعليمًا لابن آدم في الآيات من كتاب ربنا المسطور والمنظور.
وينتهي إلى استكشاف خلق السموات والأرض والتطلع لمعرفة بدء الخليقة، وهما من مطالب الشرع وغايات الإنسانية من العلم، وهاهو الإنسان بعد قرون من نزول القرآن يترقى بالصُّعود في الآفاق وغزو الفضاء.
وجملة {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا} "تمثيل لضد الحالة المجملة في قوله : {وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا}"[32]، والكلمة صَعُودٌ من الفعل تَصَعَّدَ، أي الوسيلة والطريق التي تستعمل للصعود إلى السَّماء، مثل طَهُور ووَضوء من تَطَهَّر وتَوَضَّأَ، ويراد بهما وسيلتا الوضوء والطهور.[33]
{إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ}(المدثر 1-25).
22.منهجية البحث العلمي: التفكير والتقدير وكيفية التقدير ثم التثبت من كيفية التقدير ثم النظر (الخلوص إلى نتيجة) ثم أثر النتيجة على الباحث ثم تقبل النتيجة والإقبال على الله والتواضع لله، وتبليغ النتيجة بصدق.
23.مثال في منهج البحث العلمي التجريبي: يتحدث ابن الهيثم عن ظاهرة الإبصار في كتابه "المناظر" سنة 1020م، فيقول: "ولما كان ذلك كذلك وكانت حقيقة هذا المعنى مع اطراد الخلاف بين أهل النظر المتحققين بالبحث عنه على طول الدهر ملتبسة وكيفية الإبصار غير متيقنة رأينا أن نصرف الاهتمام إلى هذا المعنى بغاية الإمكان ونخلص العناية به ونتأمله ونوقع الجد في البحث عن حقيقته ونستأنف النظر في مبادئه ومقدماته"، ثم يتابع ابن الهيثم واصفًا جملة ما اتبعه في عمله، ويصف فيها المنهج المعتمد لمعرفة حقيقتها قائلاً:
· ونبتدئ في البحث باستقراء الموجودات وتصفح أحوال المبصرات ونميز خواص الجزئيات.
· ونلتقط بالاستقراء ما يخص البصر في حال الإبصار وما هو مطَّردٌ لا يتغير وظاهرٌ لا يشتبه من كيفية الإحساس.
· ثم نرقى في البحث والمقاييس على التدريج والترتيب مع انتقاد المقدمات والتحفظ في النتائج ونجعل غرضنا في جميع ما نستقرئه ونتصفحه استعمال العدل لا اتباع الهوى ونتحرى في سائر ما نميزه وننتقده طلب الحق لا الميل مع الآراء فلعلنا ننتهي بهذا الطريق إلى الحق الذي به يثلج الصدر ونصل بالتدريج والتلطف إلى الغاية التي عندها يقع اليقين.
· ونظفر مع النقد والتحفظ بالحقيقة التي يزول معها الخلاف وتنحسم بها مواد الشبهات.
· وما نحن مع جميع ذلك برآء مما هو في طبيعة الإنسان من كدر البشرية ولكنا نجتهد بقدر ما هو لنا من القوة الإنسانية ومن الله نستمد المعونة في جميع الأمور."[34]
[TABLE="width: 702, align: center"]
[TR]
[TD]الآيات[/TD]
[TD]ما يمكن استنباطه[/TD]
[TD]إسقاط خطوات ابن الهيثم في منهجه العلمي التجريبي مع مثال ظاهرة الرؤية[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]إِنَّهُ فَكَّرَ [/TD]
[TD]التفكير[/TD]
[TD]استقراء الموجودات وتصفح أحوال المبصرات ونميز خواص الجزئيات،[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ [/TD]
[TD]التقدير وكيفية التقدير[/TD]
[TD]ونلتقط بالاستقراء ما يخص البصر في حال الإبصار وما هو مطرد لا يتغير وظاهر لا يشتبه من كيفية الإحساس،[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ[/TD]
[TD]ثم التثبت من كيفية التقدير[/TD]
[TD]ثم نرقى في البحث والمقاييس على التدريج والترتيب، مع انتقاد المقدمات والتحفظ في النتائج، ونجعل غرضنا ...عندما يقع اليقين،[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]ثُمَّ نَظَرَ [/TD]
[TD]ثمّ النظر(الخلوص إلى نتيجة)[/TD]
[TD]ونظفر مع النقد والتحفظ بالحقيقة التي يزول معها الخلاف وتنحسم بها مواد الشبهات،[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ [/TD]
[TD]ثمَّ أثر النتيجة على الباحث[/TD]
[TD]وما نحن مع جميع ذلك برآء مما هو في طبيعة الإنسان من كدر البشرية،[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ [/TD]
[TD]ثمَّ تقبل النتيجة والإقبال على الله والتواضع لله[/TD]
[TD]ولكنا نجتهد بقدر ما هو لنا من القوة الإنسانية، ومن الله نستمد المعونة في جميع الأمور.[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ.[/TD]
[TD]وتبليغُ النتيجةِ بصدق.[/TD]
[TD](والنتيجة العظيمة في بحث ابن الهيثم التي كان من ورائها غزو الفضاء ورؤية الذرة أن النور يسقط على المرئيات فينعكس إلى عين المبصِر وتحدث الرؤية).[/TD]
[/TR]
[/TABLE]
24.وفي الآيات معانٍ دقيقة للكلمات في اللغة العربية، فتدبَّرْها في سياقها:
- ثم للترتيب والتدريج.
- كيف للتساؤل والنقد والتحفظ.
- ونظر ليست بمعنى أبصر[35]، بل بمعنى روّى في ذلك[36]، لذلك كانت { أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ } (الغاشية 17) وليست أفلا يبصرون.
- وقدَّر[37] تفيد معاني كثيرة منها القياس في مقادير الأشياء، وهو عين ما يقصد به في العلومم التجريبية.
25.من يقرأ نص ابن الهيثم يكاد يجزم أنه استلهم منهجه العلمي من تفسير الآيات السابقة كلمةً كلمة، أو أن تفكيره انتهى إلى حيث ينتهي بأولي الحجى كالوليد بن المغيرة مع فارق الدين وفارق الممارسة والتنظير، ثم إن ما وصل إليه هو نتيجة تراكمية الأجيال المسلمة وسني قراءة القرآن وتدبره صنعت منهجه فدونه بإلهام من ربه وتوفيق.
26.واستخدام القرآن الكريم المثال بما فعل الوليد بن المغيرة من خطوات المنهج الدقيق في البحث الذي يصدر من الأذكياء إنما هو لبيان حال ابن آدم عمومًا في كفر الحق بعد تبينه بالاستدلال وإنعام النظر. وذكر الله تعالى دعاءه جل ذكره عليه مرتين في معرض التنويه إلى أن طريقة تقديره تلك إثر التفكير داع له إلى الإيمان والتواضع لجناب الله لو كان يعي، لكنّه أبى إلا الكفر تقديرًا مفلسًا.
{سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (27) لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (28) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (29) عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ} (المدثر 26-30).
27. "{سَأُصْلِيهِ سَقَرَ} يجوز أن تكون بدلاً من جملة {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا}"[38]، ويكون مآل الكافر بعد تيقنه من الحق أن يلقى عقابًا له مقابلا لمطلبه، مطلبه هو السموات العلا، ويلقى في سقر، التي هي "الطبَقُ السّادِسُ مِنْ جَهَنَّم"[39]. وكحال تلكم النيران اللواحةِ للبشر إلى رحابِ الآفاقِ العلْيَا[40]، فإن سقر لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ، وتكرار لفظ البشر ذكرى لهم وهم الذين كانوا رجلًا وحيدًا.
مشاهدة المرفق 11563
28.العدد 19 وهو أهم عدد للتعريف بنظام التعداد العشري، {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ} (المدثر 30) [41]، وهو أفضل ما يعرِّف نظام التعداد لأنه عدد يجمع في مسمّاه بين الآحاد والعشرات، بين التسعة آخر أرقام النظام العشري والعشرة أول الأعداد[42] وأساس النظام العشري[43] أي أنه -اصطلاحا- ختام الدورة العددية الأولى. والتسعة والعشرة متتاليان، وقد ورد العدد من غير معدود لتوجيه النظر إلى العدد نفسه 19، ولفت الانتباه إلى أن هناك كثيرًا من المعدودات الممكنة، وأنَّ المعدود مذكر لكون "تِسْعَة" مؤنثة، ثم للتساؤل عنها ماهو المعدود المقصود هنا بالضبط، لأن تحصيل القيمة يتأتَّى بالعدد والمعدود معًا.
{وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللهُ بِهَذَا مَثَلًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ} (المدثر 31).
29.يمكن أن تكون قد نزلت هذه الآياتُ متأخرة عن النصف الأول من السورة، وأُرَجِّحُ أن تكون بعد الفاتحة، وإذا تأملت الآيات التي قبلها من بداية السورة وجدتها في ثلاث مجموعات تختلف حسب الموضوع، وطول الآية، ووزن الكلام فيها. وهي سبع ثم عشر ثم ثلاث عشرة آية[44]. فعلى الأغلب أنها نزلت نجوما هكذا، وهذه الآية تختلف عن النجوم الثلاثة السابقة اختلافا بيِّنًا في الطول ووزن الكلام.
30.فوائد العدد 19 عِدة الملائكة أصحاب النار في القرآن: يقين أهل الكتاب، وزيادة إيمان المؤمنين، وعدم ارتياب كليهما، وكشف المنافقين والكافرين. ويدخل تحت فائدة اليقين ما يمكن أن يظهر من إعجاز بخصوص العدد، وقد ذكر غير واحد من العلماء والمفسرين أن قوله من بعد {إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ} تخص العدد تسعة عشر (19).[45]
31.الاستيقان أول خطوات اليقين[46].
32.عدد جنود الله لا يعلمه إلا الله وحده.[47] وبما أن المخلوقات جميعا تمتثل لأمره طوعًا أو كرهًا أي أنها من جنوده، فإن فيها بياناً أن الله وحده الذي يعلم عددها الذي هو أكبر عدد، وعليه: لا يستطيع الإنسان معرفة أكبر عدد، وتلك مسألة رياضية قديمة حديثة لم تَرْس مع مسألة أصغر عدد على حل (مسألة المالانهاية ∞ ).
{كَلَّا وَالْقَمَرِ (32) وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ (33) وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ (34) إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ (35) نَذِيرًا لِلْبَشَرِ (36) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ (37) كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (47) فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (48) فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (49) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (50) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (51) بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً (52) كَلَّا بَلْ لَا يَخَافُونَ الْآخِرَةَ (53) كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ (54) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (55) وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ (56)} (المدثر 32 - 56).
33.الْقَمَر الذي يعلمنا الله به العدَّ على الزمن باكتمال دورته بالمشاهدة العينية دون علمٍ بحقيقةِ حركته.
34.صورة القمر مكتملا بدرًا، ثم أهلة بأحجام شتى تزيد وتنقص، تعلِّم بالحدس[48] أي بغيرِ فعلٍ، اختلاف أشكال القمر عند مقابلته حال كونه بدرًا، وفيها الجزء النظري لأشكال الهندسة بعد المستقيم: الدائرة ثم الهلال[49]. وهناك ما يدفع ويحث النفس لتطبيق رسم تلك الأشكال، وذلك داخلٌ ضمن الهندسة والكتابة، يعلمناها الله إلهامًا من الآيات العلوية الجلية ومنها القمر.
35.خاصيتان في الليل والصبح: الإدبار والإسفار[50].
36.ذكر الليل والصبح معًا مرَّة أولى في سياقٍ يجمع فيه عناصر الأسرة الصغيرة للأرض مع قمرها. وفيه تحفيز لفهمِ العلاقة القائمة بين القمر وتتالي الأيام بالليل والصبح.
37.ذكر الليل والصبح معا لأنه إذا أدبر الليل بأرض فإنما يسفر الصبح بها.
38.الصبح ثالث وقتٍ فيما يلي الليل بعد الفجر.(هل يمكن أن نستقرئ -مع البحث في الأسانيد- نزول نجم كَلَّا وَالْقَمَرِ بعْدََ سورة الفجر؟).
39.إِحْدَى، العدد 1 الترتيبي لأول مرة: { إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ(35)}.
40.الْآخِرَة، المرتبة المقابلة للأولى: {كَلَّا بَلْ لَا يَخَافُونَ الْآخِرَةَ (53)}.
41. ملخص: هذه الظواهر المتعاقبة من الحسيات مشاهدة بالبصر[51]، وبتأمل تكرارها بالتعاقب نخلص إلى العدّ على الزمن[52].
يمكن للقارئ تصوّر محاكاةٍ لعملية الخلق والتعليم، بالتخيل أنَّ ظلمة الليل كانت تخيِّم على الكون كله، فقد جاء في الحديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص قوله: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ خَلْقَهُ فِي ظُلْمَةٍ، ثُمَّ أَلْقَى عَلَيْهِمْ مِنْ نُورِهِ يَوْمَئِذٍ، فَمَنْ أَصَابَهُ مِنْ نُورِهِ يَوْمَئِذٍ اهْتَدَى، وَمَنْ أَخْطَأَهُ ضَلَّ" [53]. ثم تبدأ مسيرة الخلق والتعليم بالتوازي والتدرج حتى تنتهي إلى الوضع الحالي من معارفنا ومداركنا وعلومنا. وظلمة الجهل التي خيمت على أممٍ سكنت بعيدا عن مواطن النبوة والعلم والحضارة تأخذ نفس الصورة حالاً ومآلا.
ويمكن تصور تعليم الإنسان هذا النحو في مراحل تكونه وخلقه منذ كان جنينا في ظلمة بطن أمه وظلمة انعدام البصر قبل خلق عينين له، فإن ميزان العقل يملي علينا أن منهاج رب العالمين وفق تنزيله لكتابه هو أكمل منهاجٍ، ولربما كان هو المعتمد في تعليم آدم عليه السلام. ولتدبر القرآن زاويتا نظر مختلفتان حسب مستوى القارئ:
- قارئ لا يفهم معنى الكلمات فيما يقرأ، وهذا حال الملائكة[54] وغيرهم قبل خلق الأشياء المذكورة في القرآن، وحال الأعاجم والأطفال.
- قارئ يفهم الكلمات (الدرجة الأولى) والجمل (الدرجة الثانية) وبعضًا من معاني التأويل (الدرجة الثالثة).
الكلمات (الدرجة الأولى): {اقْرَأْ}، {بِاسْمِ}، {رَبِّكَ}، {الَّذِي}، {خَلَق} (العلق 1).
الجمل (الدرجة الثانية): {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} (العلق 5).
التأويل (الدرجة الثالثة): ويعني مراد القائل الذي لا يفهم إلا بالبحث والتدبر، وقد يكون حقيقة كقول الله: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ} (العلق2). أو مجازًا [55]كقوله تعالى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} (الإسراء 24).
42.هي السبع المثاني، تحوي سبع آيات[56].
43.احتواء الفاتحة أسس كل العلوم[57] وتصنيفها[58].
44.{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، فهذا أساس العلم الإلهي.
45.{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}.
46.اليوم والفلك، وهذا أساس العلم الطبيعي.[59]
47.الدِّين[60] والحساب، وهذا أساس العلم الرياضي.
48.{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}.
49.الْمُسْتَقِيم والهندسة[61]، وهذا أساس العلم الهندسي.
50.{صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}، وهذا أساس العلوم الشرعية.
51.ارتباط المستقيم بالهداية، كما أن ارتباط الدائرة بالسوء والضلالة من كُفَّار المشركين وأهل الكتاب والمنافقين كما سيأتي في آخر ما ينزل في الفتح[62] والمائدة[63] والتوبة[64]، وليس في هذا معنى الطيرة من شكل الدائرة في شيء، ونظير هذا أن النار جعلها الله {تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا} في الوقت نفسه[65] [66].
53.إشارة ضمنية إلى العدد 2 في اليدين مثنى اليد، وفي السورة مثال عن زوجين أبي لهب وامرأته.
54.العددان الواحد والاثنان يفهم عدد معدودهما من اسمهما دون سائر الأعداد، فتأمل سبب إيراد تعليمنا العدد اثنين بهذه الميزة التي هي في أصل خلق الأشياء لكون الزوج من النفس، فتقول يدٌ، ويدانِ، وكل ما سواهما فعددٌ ومعدودٌ فتقول ثلاثُ أيدٍٍ وأربع أيدٍ، وهي مع التثنية في الصرف من أسرار اللغة العربيةِ أصلِ اللغاتِ كلِّها. وتأمل إضافة اليدين لموصوف بأنه "أب" وذكر هذا الأب "وامرأته" مؤنث امرئ، وهما اثنان فجاز بالمنطق أن يكون لهما ذرية، ويصير العدد أكثر. وفي المدثر ذكر "وحيدًا" جعل له "بنين"، وهنا ذكر اليدين و"أبًا" له "امرأة"، فيفهم من الأولى التركيز على الواحد ثم ما بعده من العدد، وفي الثانية الاثنان ثم ما بعدهما من العدد. فترتيب النزول على هذه الهيئة ليس من قبيل الصدفة غير المقصودة، بل لتعليم غير مباشر للتعداد مندرجًا في معرض الامتنان بالذرية والزوج، وتعزيزًا للتعريف بالله الذي ليس له ذرية ولا زوج.
55.تأمل التركيبة العددية لليدين: يدان اثنتان (2) وخمسة أصابع لكل يد (5)، وعشر في كلتيهما (10) وثلاث سلاميات لكل إصبع (3)، والإبهامان بسلاميتين لكل منهما (2) وبأربع مجموع كليهما (4)، وأربعة أصابع متشابهة في كل يد (4)، وفي كلتيهما ثمان (8)، وسلاميات اليد الواحدة بعدد منازل القمر حتى البدر (14)، وسلاميات اليدين كلتيهما بعدد منازل القمر (28). وسلاميات الأصابع الأربع المتشابهة في كل يد بعدد شهور السنة (12) وفي كلتيهما بعدد ساعات اليوم (24)، والشفع والوتر في كلتيهما عجب.
56.في هذه السور الستة السابقة النزول كلها لم ترد كلمة الشمس، وإنما وردت (سقر) ثلاث مرات وأوصافها التي هي أوصاف الشمس في شدة حرها وإحراقها وتلويحها، و(لهب)، و(نارًا).
58.التكوير في الشمس يفهمنا بالاستقراء التكوير في الأجرام الأخرى كالقمر والأرض والنجوم.
59.التكوير يتفق في وجه قوي من أوجه تأويله مع نظرية تخليق العناصر في النجوم[69]، والتي تنادي بأن جميع العناصر الكيميائية قد تكونت من الهيدروجين، وأن الهيدروجين هو العنصر الأصلي في الكون. وتقضي بأن يكون للشمس وسائر النجوم حياة متطورة من الميلاد إلى الشباب ثم الشيخوخة والممات، حسب تفاعلٍ يسمى "تفاعل الفا الثلاثي" الذي تتحول فيه ذرات هيدروجين الشمس إلى هيليوم وتنجذب نحو مركزها ويصغر حجمها عبر آلاف السنين إلى الكرة المقصودة، والسؤال بعدئذ هل مآل الشمس أن تصبح كوكبا بتحول غازاتها إلى معادن؟، وهل كانت الكواكب نجوما؟، لأن ذلك يقودنا إلى التساؤل عن القمر الذي ذكر ابن عباس كما سيأتي في تفسير آية الإسراء: {فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً} (الإسراء 12)، أنه كان مثل الشمس ثم انطفأ.[70]
60.السورة افتتحت بالتكوير واختتمت بالاستقامة، وهما أساسا علم المثلثات الكرويّ، الذي أرسى قواعده مجموعة من العلماء المسلمين وكان أشهرهم البتاني الذي طوّره هو وابن الهيثم وغيرهم وطبقوه في حل المسائل الفلكية.
61.معنى إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ يعني: أظلمت[71]، وذهبت[72]، وذهب ضوءها[73]، وغُوِّرت[74]. قال ابن جرير: والصواب من القول عندنا في ذلك أن التكوير جمع الشيء بعضه على بعض، ومنه تكوير العمامة وجمع الثياب بعضها إلى بعض. وهو نفس المعنى الذي ذكره ابن كثير. عن أبِي هُريرةَ عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "الشَّمْسُ وَالقَمَرُ يكوَّران يَوْمَ القِيَامَةِ"[75]. قلت: والظاهر من كلام العرب أن لفظ الكرة كان يغلب إطلاقه على الأشياء ذات الأشكال المكورة كالعمامة وغيرها مما ليس منتظما بل مجموعًا بعضه إلى بعض، لأن البيئة لم تكن علميةً بما يكفي لضبطِ مصطلحِ التكويرِ مع الانتظام، مع وقوفهم على الشكل المنتظم المعروف بذاته في بعض مخلوقات الله المشهودة والمتداولة كالعين والفاكهة.
62.حين قال الله {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} لم تكن الشمس قد خلقت بعْد، فالخطاب يجعل المخاطَبَ آنذاكَ (الملائكةَ التالياتِ للذِّكرِ مثلًا) ينتظر خلق الشمس وتكويرها (ومعنييهما كليهما طبعا)، وهنا الاحتمالات التالية:
- ربما يقصد بالتكوير جمع تلك الحمم والمكونات الملتهبة إلى بعضها لضغطها في أصغر حجم بعد أن كانت موزعة في الشكل الكروي المنقوص (يتسم بالفراغية وعدم الانتظام التام بمركز ونصف قطر) إلى الشكل الكروي المكتمل.
- ربما كان للشمس شكل آخر الآن لكننا نرى المستقبل[76]، وهذا الرأي وإن كان يعضده تركيبُ الجملةِ اللغويُّ الدالُّ على شرطٍ لحدوثِ التكويرِ في المستقبل، وحديثُ عبدِ الله بن عمر قَالَ قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَلْيَقْرَأْ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ"[77].فإنه يترتب عليه متناقضات، إذ أننا إذا افترضنا صحة هذا الرأي فيلزم أن القمر كذلك الآن نراه في المستقبل، بدليل الحديث السابق الذي يتكلم عن تكوُّر الشمس والقمر كليهما يوم القيامة عند البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "الشَّمْسُ وَالقَمَرُ يكوَّران يَوْمَ القِيَامَةِ"، وكذلك الأرض والكواكب قد لا تكون كروية إلَّا إذا اعتبرنا للقرب منها أثرا على الزمن بخلاف الشمسِ[78]. فإن لم تكن الأرض كروية الآن فصحيح تفسير القائلين بانبساطها، وهذا ما هو بعيد جدًّا.
63.مقارنة يوم القيامة مع يوم من أيام الدنيا.
64.تناول بداية هذا اليوم العظيم. الذي ذكر في الفاتحة -مباشرة قبلها - بالتفصيل، عن أُبيّ بن كعب[79] قال: ست آيات قبل يوم القيامة، بينا الناس في أسواقهم إذ ذهب ضوء الشمس، فبينما هم كذلك إذ تناثرت النجوم، فبينما هم كذلك إذ وقعت الجبالل على وجه الأرض فتحركت واضطربت واختلطت، ففزعت الجن إلى الإنس والإنس إلى الجن، واختلطت الدواب والطير والوحوش، فماجوا بعضهم في بعض: {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ} قال: اختلطت، {وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ} قال: أهملها أهلها، {وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ} قال: قالت الجن: نحن نأتيكم بالخبر، قال: فانطلقوا إلى البحر فإذا هو نار تأجج، قال: فبينما هم كذلك إذ تصدعت الأرض صدعة واحدة إلى الأرض السابعة السفلى وإلى السماء السابعة العليا، قال: فبينما هم كذلك إذ جاءتهم الريح فأماتتهم".
{وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ}( التكوير 4).
65.العِشار هي النوق التي مضى على حملها عشرة (10) أشهر، فالناس ينتظرون حملها بعد تتالي الشهور. ولم يرد ذكر الشهر بعد، فظاهرة حمل الناقة متكررة ومحفزة للإنسان للبحث عن مدتها، فكأنها تمهيد بالتساؤل عن الشَّهر. وكلمة العشار بمدلولها إذن استخدمها القرآن الكريم دون الإبل لصلتها باليدين التي ذكرت من قَبْلُ ونظامِ العَدّ، وصلتِها بالحَمْلِ والسِّنين والحساب.
{وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ} (التكوير 7).
66.التزويج: يُقَالُ لِكلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْقَرِينَيْنِ مِنَ الذّكَرِ وَالْأُنْثَى في الحَيَوَانَاتِ المُتَزَاوِجَةِ زَوْجٌ وَلِكُلِّ قَرِينَيْنِ فِيهَا وفي غَيْرِهَا زَوْجٌ، كالخُفِّ وَالنّعْلِ، وَلِكُلِّ مَا يَقْتَرِنُ بِآخَرَ مُمَاثِلاً لهُ أَوْ مُضَادٌّ[80].
67.إشارة إلى العدد 2، وإلى اقترانٍ مثنى مثنى يوم القيامة.
68.التزويج بين النفوس لم يتم بعد، أما الحادث الآن فهو تزويج بين الأجساد مع احتمال كون النفوس هي ذاتها التي تكون مزوجة في الآخرة، لذا فالنتيجة النهائية لن تكون إلا بالقيامة. وهكذا يفهم اشتراك الأفعال كورت وزوجت وغيرها في الآية في معنى الحدوث في المستقبل.
69.عن ابن عباس قال: يَسِيلُ وَادٍ مَنْ أَصْلِ الْعَرْشِ مِنْ مَاءٍ فِيمَا بَيْنَ الصَّيْحَتَيْنِ وَمِقْدَارُ مَا بَيْنَهُمَا أَرْبَعُونَ عَامًا فَيَنْبُتُ مِنْهُ كُلُّ خَلْقٍ بَلِيَ مِنَ الْإِنْسَانِ أَوْ طَيْرٍ أَوْ دَابَّةٍ وَلَوْ مَرَّ عَلَيْهِمْ مَارٌّ قَدْ عَرَفَهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ لَعَرَفَهُمْ عَلَى الْأَرْضِ قَدْ نَبَتُوا ثُمَّ تُرْسَلُ الْأَرْوَاحُ فَتَزَوَّجُ الْأَجْسَادُ فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ}[81].
{فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (16) وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ} (التكوير 15 - 18).
70.كل ما يخنس ويجري ويكنس من الكواكب التي نرصدها بالليل تتغير مواضعها، وذلك يثير التساؤل عن طبيعة حركة الأرض والأجرام.
71.خاصيتان في الليل والصبح: العسعسة والتنفس.
72.ذكر الليل والصبح معا مرة ثانية لكن في سياقٍ مختلفٍ يجمع فيه عناصر العائلة الكبيرة للأرض من الشمس والنجوم. وفيه تحفيز لفهمِ العلاقة القائمة بين الشمس والنجوم وتتالي الأيام بالليل والصبح.
73.ولأنه إذا عسعس الليل بأرض فإنما يتنفس الصبح في أرض أخرى والأفق المبين المظهر لذلك، أو يتنفس الصبح في نفس الأرض في زمن آخر. وجاء ذلك بعد النجوم والكواكب (الْخُنَّسِ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ)، بخلاف آيات المدثر فجاءت بعد القمر.
74.الصبح ثالث وقتٍ فيما يلي الليل بعد الفجر. (هل يمكن أن نستقرئ نزول نجم فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ بعد سورة الفجر؟).
{ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ} (التكوير 20).
75.أول ما جاء من ذكر الْعَرْشِ [82]، والتساؤل أين هو؟.
{وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22) وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (23) وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ} (التكوير 22 - 24).
76.توجيه النظر إلى الْأُفُق الْمُبِينِ الموضحِ لحقيقة كروية الأرض، وهي في اليابسة ظاهرة وفي البحر مع السفن القادمة أظهر، ويعزز ذلك أن السورة اسمها التكوير، وتتناول كروية الشمس. وحينئذ يمكن تعميم النتيجة لتشمل أشكال الكواكب والنجومم جميعها، واستكشاف طبيعة حركة الأجرام في الفلك والكون.
77.وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ[83]: بلغ النبي صلى الله عليه وسلم ما رأى وسمع من الغيب ومن وحي ربه، ومن جهة المنهج العلمي الذي جاء في سورة المدثر، فإن التبليغ الصادق أحد الأركانِ، فهذا رسول الله بُلِّغَ علمًا من الله من طريق الرسولِ جبريل عليه السلام، وأُلهمَ التَّثَبُّتَ من صدقه فبلَّغَهُ، وذاكَ ابن المغيرةِ وكلُّ كافرٍ بُلِّغَ من طريق الرسول صلى الله عليه وسلم عِلمًا وأُلهمَ التثبتَ من صدقه فكَتَمَهُ وبدَّلهُ.
{وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (25) فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (26) إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (27) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (التكوير 25 - 29).
78.الكرة وعلم الأُكَرِ والهندسة الفضائية {كُوِّرَتْ}، والمستقيم في المستوية: {يَسْتَقِيمَ}[84].
79.هنا تتمة نزول السور السبع الأول، ولعل بعضها نزل منها فواتحها فقط.
[1] أرسى الإسلام قواعد علم عدد السنين والحساب من طريق غير مباشر، وليس الحال فيها كالأوامر الشرعية، ولو أراد الناس تغيير ترتيب الأرقام، أو اعتماد نظام غير العشري في الاستخدام العام في الأرض كلها مثلاً لما وسعهم ذلك، بلْ أثبته الله تعليما جبريًّا وأمرا كونيا كصورة ابن آدم والشمس والقمر والمشرق والمغرب والليل والنهار. وضرب الله لنا مثلاً أرفقه بأوامر الشرع مما هو كونيٌّ استحدث العرب بدعةً شوهته وهو عدة الشهور(النسيء).
[2] في سويسرا، بدأت الساعة الذرية FOCS 1 والمصنوعة من السيزميوم المبرد باستمرار عملها رسميا عام 2004 ويقدر مقدار الخطأ بحدود ثانية واحدة كل 30 مليون سنة https://ar.wikipedia.org/wiki/ساعة_ذرية
[3] أما السمع فبتلقي العلم بالوحي من الله، وإعمال العقل في المحسوسات بالسمع والبصر والملامسة. والشم به استنشاق الهواء وقوام الروح والنفس في الحياة لدرك ما سبق.
[4] في التفسير الكبير المسمى البحر المحيط: ومفعولا علم محذوفان، إذ المقصود إسناد التعليم إلى الله تعالى، وقدر بعضهم {الذِي عَلَّمَ} الخط {بِالْقَلَمِ} وهي قراءة تعزى لابن الزبير، وهي عندي على سبيل التفسير، لا على أنها قرآن لمخالفتها سواد المصحف، والظاهر أن المعلم كل من كتب بالقلم، وقال الضحاك : إدريس، وقيل: آدم لأنه أول من كتب، والإنسان في قوله: {عَلَّمَ الإِنسَانَ} الظاهر أنه اسم الجنس، عدد عليه اكتساب العلوم بعد الجهل بها، وقيل: الرسول صلى الله عليه وسلم.
[5] والجمل الخمسُ المذكورة أنسبُ وأشملُ وأكمل وأعدل ما يجب على الداعية لله أن يثبته للمدعو على الترتيب، وهي المقدمة لعلومٍ جمة: الوجود، والجدل والبراهين، والدعوة، ومقرنة الأديان والشرائع وغيرها.
6] عند ابن جرير الطبري: عن ابن عباس قال: إنَّ أول شيءٍ خلقَ ربِّي عز وجل القلم، ثم قال له: اكتبْ، فكتبَ ما هو كائن إلى أن تقوم السَّاعة، ثم خَلق"النون" فوق الماء، ثم كبس الأرض عليه.
[7] في المقاييس في اللغة: "السين والطاء والراء أصلٌ مطّرد يدلُّ على اصطفافِ الشىء، كالكتاب والشجر، وكلّ شىء اصطَفَّ". وفي مفردات القرآن الكريم: "والسَّطَرُ الصَّفُّ مِنَ الكِتَابةِ وَمِنَ الشَّجَرِ المَغْرُوس ومِنَ القومِ الوقُوفِ، وَسَطّرَ فُلانٌ كذا كَتَبَ سَطْراً سَطْراً."
[8] اجتهدت في مكان هذا النجم، لكون القلم لم تنزل دفعة واحدة.
[9] في الآيات أواخر السورة التي نزلت من بعد جاء تفصيل أدق للأجزاء (الكسور): الثلثين 2/3، والنصف ½ ، والثلث 1/3 والمتراجحة بها (أدنى من ) والمساواةِ على قراءة النصب في "ونصفَه وثلثَه". في قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَىٰ مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ}.
[10] مصطلح المضاعفة في قوله تعالى: {كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} (البقرة 261).
[11] يقول د. عباس علي عبد الرضا رئيس مركز البحوث والدراسات التربوية عميد الكلية التربوية المفتوحة في الآيات القرآنية ومفاهيم الرياضيات: وقد استعمل العالم الرياضي المسلم الخوارزمي، مخترع الجبر، أداة الاستثاء ( (إلا) في عملية الطرح الحسابية. الخوارزمي، الجبر والمقابلة، ص 12.
[12] قد يكون الميزان المنزل هو التعليم المعنوي للإضافة والنقص حتى موافقة الوزن بالقسط، فإن كان الأمر كذلك فهذه الآية دعامة الأساس لتعليم الوزن، وبنزولها بدأ نزول الميزان، وحينئذ لا انفكاك للميزان عن الكتاب.
[13] تطبيق ما سبق من المعارف يكون بالتدبر، الذي لا يحصل إلا بالقراءة المتأنية المضمونة بالترتيل، وسبحان من قال: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} ( المزمل 4).
[14] رسول الله يخاطبنا بما نعقل لئلا يكذب الله ورسوله، ولو أنه خاطبنا بما لا نعقل من استنتاجاته وفقهه بالتفصيل، كمثل مرئياته في دعوته جن نصيبين والملائكة التي أبهرت ابن مسعود، أو مشاهداته في الإسراء والمعراج لما وعينا ولما فقهنا، وحسبك أن أولي العلم الجهابذة يتتبعون السنَّة بنصب، وهي لم تخاطبنا بالفيزياء والحساب وعلوم العصر. والسؤال: هل يخفى على رسول الله بعض العلوم المتضمنة في القرآن، وجوابه لا، لأنه أعلم الناس أن الله ما فرط في الكتاب من شيء.
[15] قال ابن تيمية: "وأما الظلمة في الليل فقد قيل: هي كذلك، وقيل: هي أمر وجودي، فهذا الليل وهذا النهار اللذان يختلفان علينا، اللذان يولج الله أحدهما في الآخر، فيولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل، ويخلف أحدهما الآخر" ، وجاء في الكامل في التاريخ: " فإن بعضهم يقول: إنّ الليل خُلق قبل النهار؛ ويستدلّ على ذلك بأن النهار من نور الشمس فإذا غابت الشمس جاء الليل فبان بذلك أن النهار، وهو النور، وارد على الظلمة التي هي الليل، وإذا لم يرد نور الشمس كان الليل ثابتاً، فدّلّ ذلك على أنّ الليل هو الأوّل؛ وهذا قول ابن عباس. وقال آخرون: كان النهار قبل الليل، واستدلّوا بأن الله تعالى كان ولا شيء معه، ولا ليل ولا نهار، وأن نوره كان يضيءُ به كل شيء خلقه حتى خلق الليل. قال ابن مسعود: إن ربكم ليس عنده ليلٌ ولا نهار، نور السموات من نور وجهه."
[16] المادة المظلمة أو المادة المعتمة أو المادة السوداء (بالإنجليزية: Dark matter) هي مادة افترضت لتفسير جزء كبير من مجموع كتلة الكون. لايمكن رؤية المادة المظلمة بشكل مباشر باستخدام التلسكوبات، حيث من الواضح أنها لا تبعث ولاتمتص الضوء أو أي إشعاع كهرومغناطيسي آخر على أي مستوى هام[1]. عوضاً عن ذلك، يستدل على وجود المادة المظلمة وعلى خصائصها من آثار الجاذبية التي تمارسها على المادة المرئية، والإشعاع، والبنية الكبيرة للكون. وفقا لفريق بعثة بلانك، واستنادا إلى النموذج القياسي لعلم الكونيات، فإن مجموع الطاقة-الكتلة في الكون المعروف يحتوي على المادة العادية بنسبة 4.9٪، و المادة المظلمة بنسبة 26.8٪ والطاقة المظلمة بنسبة 68.3٪.[2][3] وهكذا، فأن المادة المظلمة تشكل 84.5٪ من مجمل المادة في الكون، بينما الطاقة المظلمة بالإضافة إلى المادة المظلمة تشكل 95.1٪ من المحتوى الكلي للكون.[4][5] https://ar.wikipedia.org/wiki/مادة_مظلمة
[17] ونور النهار في الدنيا جزء يسير جدا من نور الله في الآخرة، كمثل النار في الدارين.
[18] لسان العرب. ويسند هذا المعنى ما جاء في الحديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص فيقول : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول :"إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ خَلْقَهُ فِي ظُلْمَةٍ، ثُمَّ أَلْقَى عَلَيْهِمْ مِنْ نُورِهِ يَوْمَئِذٍ، فَمَنْ أَصَابَهُ مِنْ نُورِهِ يَوْمَئِذٍ اهْتَدَى، وَمَنْ أَخْطَأَهُ ضَلَّ" السلسلة الصحيحة " (رقم/1076).
[19] الحواسيب الكمية قد تكون وسيلة لذلك في المستقبل القريب.
[20] وستجد القواعد في فصل منفرد.
[21] كان للإنسان الأول علم أوسع بالتوحيد والوجود والتاريخ والأحياء ونشوء الكون لقرب عهده به، أما عدد السنين الحساب الذي يحتاج إلى وقت طويل لإتقانه فلا. وإنسان اليوم قلب الأمر له.
[22] وفي القرآن قوله تبارك وتعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} (يونس 67)، وقوله: {أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (النمل 86) وقوله: { اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ} (غافر 61).
[23] https://ar.wikipedia.org/wiki/رياضيات
[24] John McLeish, Ph. D The story of numbers how mathematics has shaped civilization, P2
[25] هل هذا درس في الفيزياء والفلك والرياضيات بعد تيه البشرية الطويل. تصور الطفل الذي يشاهد الظواهر المتكررة ولا يجمع بينها -لمحو فرضياته- لفهم ما يحدث إلا بمعلم.
[26] مواضع ذكر اليوم كثيرة وكلها قبل سورة الفاتحة تتكلم عن يوم القيامة وليس عن أيام الدنيا.
[27] في الآية تنبيه إلى كل إنسان، بدءا من آدم عليه السلام الذي كان وحيدا وحدة تامة لا يوجد فيها معه من يؤنسه من بني جنسه، ثم أنعم الله عليه بالمال والبنين والتمهيد، ويدخل هذا المعنى في استنباط "علم الوجود" و"علم الأحياء" و"علم النفس". وعند البيضاوي: قَوْلُهُ: وَحِيدًا فِيهِ أَوْجُهٌ، أَحَدُهَا: أَنَّهُ حَالٌ مِنَ الْيَاءِ فِي "ذَرْنِي" أَيْ: ذَرْنِي وَحْدِي مَعَهُ فَأَنَا أَكْفِيكَ فِي الِانْتِقَامِ مِنْهُ. الثَّانِي: أَنَّهُ حَالٌ مِنَ التَّاءِ فِي "خَلَقْتُ" أَيْ: خَلَقْتُهُ وَحْدِي لَمْ يُشْرِكْنِي فِي خَلْقِهِ أَحَدٌ، فَأَنَا أَمْلِكُهُ. الثَّالِثُ: أَنَّهُ حَالٌ مِنْ "مَنْ". الرَّابِعُ: أَنَّهُ حَالٌ مِنْ عَائِدِ الْمَحْذُوفِ أَيْ: خَلَقْتُهُ وَحِيدًا. الْخَامِسُ: أَنْ يَنْتَصِبَ عَلَى الذَّمِّ. وَ"وَحِيدٌ" كَانَ لَقَبًا لِلْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ. وَمَعْنَى "وَحِيدًا": ذَلِيلًا قَلِيلًا. وَقِيلَ: كَانَ يَزْعُمُ أَنَّهُ وَحِيدٌ فِي فَضْلِهِ وَمَالِهِ. وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا يَقْتَضِي صِدْقَ مَقَالَتِهِ، لِأَنَّ هَذَا لَقَبٌ لَهُ شُهِرَ بِهِ، وَقَدْ يُلَقَّبُ الْإِنْسَانُ بِمَا لَا يَتَّصِفُ بِهِ، وَإِذَا كَانَ لَقَبًا تَعَيَّنَ نَصْبُهُ عَلَى الذَّمِّ.
[28] تفسير ابن كثير.
[29] وذُكر أنه عُنِي بذلك: الوليد بن المغيرة المخزومي، وقد يراد الاثنان بخصوصية النزول وعمومية المنزل لأجله.
[30] الحاديث الواردة أن صعودا جبل أو عقبة في النار ضعيفة، عن أبي سعيدٍ، عنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: الصَّعودُ: جبلٌ مِن نارٍ يَتصعَّدُ فيهِ الكافرُ سبعينَ خَريفًا، ويَهوِي فيه كذلكَ أبدًا. الترمذي (3326)، وقال: حديث غريب إنما نعرفه مرفوعًا من حديث ابن لهيعة. وضعفه الألباني في ضعيف الترمذي (657).
[31] قول الله عز وجل: {كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ} (التكاثر 5 - 7)، وفي البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ـ رضى الله عنه قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "الْجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ، وَالنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ".
[32] تفسير ابن عاشور.
[33] ودليل معنى الصعود عبر الفضاء ما جاء في قوله تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} (الأَنعام 125). وكذلك قوله: {وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا (16) لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا} (الجن 16 - 17)، فإنه عذاب من جنس ما ذكرته سورة الجن من حال الجن في صعودهم لاستراق السمع، وعذابهم في تلك الطرائق بالشهب المرسلة عليهم، وذلك أيضا ما جاء بخطاب كلا الثقلين في قوله: { يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (33) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (34) يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ} (الرحمن 33 - 35)، والله أعلم.
[34] ثم قال: " ونحن نقسم هذا الكتاب سبع مقالات: ونبين في المقالة الأولى كيفية الإبصار بالجملة ونبين في المقالة الثانية تفصيل المعاني التي يدركها البصر وعللها وكيفية إدراكها ونبين في المقالة الثالثة أغلاط البصر فيما يدركه على استقامة وعللها ونبين في المقالة الرابعة كيفية أدراك البصر بالانعكاس عن الأجسام الصقيلة ونبين بالمقالة الخامسة مواضع الخيالات وهي الصور التي ترى في الأجسام الصقيلة ونبين في المقالة السادسة أغلاط البصر فيما يدركه بالانعكاس وعللها ونبين في المقالة السابعة كيفية إدراك البصر بالانعطاف من وراء الأجسام المشفة المخالفة الشفيف لشفيف الهواء ونختم الكتاب عند آخر هذه المقالة.
وقد كنا ألفنا مقالة في علم المناظر سلكنا في كثير من مقاييسها طرقاً إقناعية فلما توجهت لنا البراهين المحققة على جميع المعاني المبصرة استأنفنا تأليف هذا الكتاب. فمن وقع إليه المقالة التي ذكرناها فليعلم أنها مستغنى عنها بحصول المعاني التي فيها في مضمون هذا الكتاب." انتهى كلام ابن الهيثم.
[35] إن كنت لابد شارحا فقل بصُرَ، على ما بينهما من اختلاف في النتيجة لاختلاف الحواس المستخدمة في كلا الفعلين.
[36] تفسير الطبري.
[37] انظر موضع التقدير من الوليد لمسألة الحكم إجمالا بالنظر في القرآن أجنون هو أم كهانة أم شعر، ولما اعتمد عليه من قدر ماله الذي لأجله استحق دعاء الله عليه مرتين بقوله {فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ} (المدثر 19 - 20) ، جاء في الحديث "لما نزل : حم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ إلى قوله: إِلَيْهِ الْمَصِيرُ سمعه الوليد يقرؤها فقال: والله لقد سمعت منه كلاما ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن، وإن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه ليعلو ولا يعلى عليه، وما يقول هذا بشر. فقالت قريش: صبا الوليد لتصبون قريش كلها. وكان يقال للوليد ريحانة قريش، فقال أبو جهل: أنا أكفيكموه. فمضى إليه حزينا؟ فقال له: ما لي أراك حزينا. فقال له: وما لي لا أحزن وهذه قريش يجمعون لك نفقة يعينونك بها على كبر سنك ويزعمون أنك زينت كلام محمد، وتدخل على ابن أبي كبشة وابن أبي قحافة لتنال من فضل طعامهما، فغضب الوليد وتكبر، وقال: أنا أحتاج إلى كسر محمد وصاحبه، فأنتم تعرفون قدر مالي، واللات والعزى ما بي حاجة إلى ذلك، وإنما أنتم تزعمون أن محمدا مجنون، فهل رأيتموه قط يخنق؟ قالوا: لا والله، قال: وتزعمون أنه شاعر، فهل رأيتموه نطق بشعر قط؟ قالوا: لا والله. قال: فتزعمون أنه كذاب فهل جربتم عليه كذبا قط؟ قالوا: لا والله. قال: فتزعمون أنه كاهن فهل رأيتموه تكهن قط، ولقد رأينا للكهنة أسجاعًا وتخالجًا فهل رأيتموه كذلك؟ قالوا: لا والله. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يسمى الصادق الأمين من كثرة صدقه. فقالت قريش للوليد: فما هو؟ ففكر في نفسه، ثم نظر، ثم عبس، فقال ما هو إلا ساحر! أما رأيتموه يفرق بين الرجل وأهله وولده ومواليه؟ فذلك قوله تعالى: إنه فكر أي في أمر محمد والقرآن وقدر في نفسه ماذا يمكنه أن يقول فيهما.
[38] قاله ابن عاشور في التحرير والتنوير.
[39] مروي عن ابن عباس، سقر علَم لطبقة من جهنم، قال ابن عطية: سقر هو الدرك السادس من جهنم على ما روي اه. واقتصر عليه ابنُ عطية." تفسير بن عاشور.
[40] ربما كان هناك علاقة بين الأشكال السداسية للتلسكوبات وشكل سحب زحل التي تأخذ شكلا سداسيا أيضا في قطبها الشمالي بحجم أكبر من الأرض بست مرات، لوحظ ثباتها لمدة تزيد على عشرين سنة.
[41] نزول هذا الجزء من سورة المدثر ليس ثابتًا، ولا أعلم بعد ماذا كان؟
[42] كأنما هي صورة نظرية التطور المحمدية في صبغة عددية.
[43] ويمكن تعريف النظام الثماني مثلاً محاكاةً لما سبق بذكر: العدد 17[SUB]8[/SUB] (سبعة واحد ثماني) الذي هو 15[SUB]10[/SUB](خمسة عشر).
[44] قال السيوطي في الإتقان في علوم القرآن: الَّذِي اسْتُقْرِئَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَغَيْرِهَا: أَنَّ الْقُرْآنَ كَانَ يَنْزِلُ بِحَسْبِ الْحَاجَةِ: خَمْسُ آيَاتٍ وَعَشْرُ آيَاتٍ وَأَكْثَرُ وَأَقَلُّ، وَقَدْ صَحَّ نُزُولُ الْعَشْرِ آيَاتٍ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ جُمْلَةً، وَصَحَّ نُزُولُ عَشْرِ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ ( الْمُؤْمِنُونَ ) جُمْلَةً، وَصَحَّ نُزُولُ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ [النِّسَاءِ : 95] وَحْدَهَا، وَهِيَ بَعْضُ آيَةٍ. وَكَذَا قَوْلُهُ وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً [التَّوْبَةِ : 28] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، نَزَلَتْ بَعْدَ نُزُولِ أَوَّلِ الْآيَةِ كَمَا حَرَّرْنَاهُ فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ، وَذَلِكَ بَعْضُ آيَةٍ . [ ص: 164 ] وَأَخْرَجَ ابْنُ أَشْتَةَ فِي كِتَابِ "الْمَصَاحِفِ"، عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ بِمَوَاقِعِ [ الْوَاقِعَةِ : 75 ] قَالَ: أَنْزَلَ اللَّهُ الْقُرْآنَ نُجُومًا ثَلَاثَ آيَاتٍ، وَأَرْبَعَ آيَاتٍ، وَخَمْسَ آيَاتٍ . وَقَالَ النِّكْزَاوِيُّ فِي كِتَابِ " الْوَقْفِ " : كَانَ الْقُرْآنُ يَنْزِلُ مُفَرَّقًا، الْآيَةَ وَالْآيَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ وَالْأَرْبَعَ، وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. وَأَخْرَجَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ، مِنْ طَرِيقِ أَبِي نَضْرَةَ ، قَالَ : كَانَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ يُعَلِّمُنَا الْقُرْآنَ خَمْسَ آيَاتٍ بِالْغَدَاةِ وَخَمْسَ آيَاتٍ بِالْعَشِيِّ، وَيُخْبِرُ أَنَّ جِبْرِيلَ نَزَلَ بِالْقُرْآنِ خَمْسَ آيَاتٍ، خَمْسَ آيَاتٍ. وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي خَلْدَةَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ عُمَرَ قَالَ : تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ خَمْسَ آيَاتٍ خَمْسَ آيَاتٍ ; فَإِنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يَنْزِلُ بِالْقُرْآنِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَمْسًا خَمْسًا. وَمِنْ طَرِيقٍ ضَعِيفٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: أُنْزِلَ الْقُرْآنُ خَمْسًا خَمْسًا إِلَّا سُورَةَ الْأَنْعَامِ، وَمَنْ حَفِظَ خَمْسًا خَمْسًا لَمْ يَنْسَهُ. فَالْجَوَابُ: أَنَّ مَعْنَاهُ - إِنْ صَحَّ - إِلْقَاؤُهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم هَذَا الَقَدْرَ حَتَّى يَحْفَظَهُ، ثُمَّ يُلْقِي إِلَيْهِ الْبَاقِي، لَا إِنْزَالُهُ بِهَذَا الَقَدْرِ خَاصَّةً. وَيُوَضِّحُ ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ - أَيْضًا - عَنْ خَالِدِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: قَالَ لَنَا أَبُو الْعَالِيَةِ : تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ خَمْسَ آيَاتٍ، خَمْسَ آيَاتٍ فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ [ ص: 165 ] يَأْخُذُهُ مِنْ جِبْرِيلَ خَمْسًا خَمْسًا."
[45] يقول محمد الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: "فالله جعل عدة خزنة النار تسعة عشر لحكمة أخرى غير ما ذكر هنا، اقتضت ذلك الجعل، يعلمها الله".
[46] كتاب مفيد جدا في باب اليقين: "أسس اليقين بين الفكر الديني والفلسفي لمؤلفه الدكتور يوسف محمود محمد".
[47] قال القرطبي: قال الأوزاعي: قال موسى: "يا رب من في السماء؟ قال ملائكتي. قال كم عدتهم يا رب؟ قال : اثني عشر سبطا. قال: كم عدة كل سبط؟ قال: عدد التراب" ذكرهما الثعلبي . وفي الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم: أطت السماء وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته لله ساجدا.
[48] جاء في الفتاوى الكبرى في المنطق: " ثم قالوا: إن مبادئ القياس البرهاني هي العلوم اليقينية التي هي الحسيات الباطنة والظاهرة والعقليات والبديهيات والمتواترات والمجربات وزاد بعضهم : الحدسيات. وليس في شيء من الحسيات الباطنة والظاهرة قضايا كلية، إذ الحس الباطن والظاهر لا يدرك إلا أمورا معينة لا تكون إلا إذا كان المخبر أدرك ما أخبر به بالحس فهي تبع للحسيات. وكذلك التجربة إنما تقع على أمور معينة محسوسة . وإنما يحكم العقل على النظائر بالتشبيه وهو قياس التمثيل والحدسيات - عند من يثبتها منهم - من جنس التجريبيات. لكن الفرق: أن التجربة تتعلق بفعل المجرب كالأطعمة والأشربة والأدوية [ص: 71] والحدس يتعلق بغير فعل كاختلاف أشكال القمر عند اختلاف مقابلته للشمس. وهو في الحقيقة تجربة علمية بلا عمل فالمستفاد به أيضا أمور معينة جزئية لا تصير عامة إلا بواسطة قياس التمثيل."
[49] هل الهلال أساس تأصيلي بديل لمعرفة محيط الدائرة ومساحة قرصها، بإمكانه فك لغز العدد "بي"؟ ربما يجدر ربط ذلك بالأعداد 29 و30 عدد أيام الشهر، وكذا 14 ليلة البدر.
[50] تدبر التعبير القرآني الجميل، الذي يصف الليل والصبح كأنما الليل المظلم هارب مولٍّ مدبر، والصبح المنير ضاحك مستبشر مسفر.
[51] وقد أشار القرآن إلى هذه الفائدة في آية الإسراء {وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً} (الإسراء 12).
[52] هذا ما يحدث بقدرة الله عز وجل مع الأطفال الصغار في تعلم العد بتكرر الظواهر، وربما كانت طريقة تعليم آدم عليه السلام على مر السنين الطويلة التي عاشها، إذ أنه عمر أكثر من ألف سنة على الأرجح.
[53] وتمامه: " فَلِذَلِكَ أَقُولُ – في رواية أن القائل هو عبد الله بن عمرو-: جَفَّ الْقَلَمُ عَلَى عِلْمِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ."، قال الشيخ الألباني رحمه الله :" إسناده صحيح رجاله كلهم ثقات " انتهى من " السلسلة الصحيحة " (رقم/1076)
[54] لعل معرفة الملائكة المسميات دون الأسماء ومعرفتها حق الله بالعبادة إلهام يقيها كدر الريبة التي تعتري عقل ابن آدم مع تقدم عمره بسبب معاصيه وغفلته ونزغات الشيطان.
[55] ما تفهم كل لفظة من تراكيبه، ومعنى التركيب أو الجملة لا يفهم إلا بالبحث والتقصي، فإن العرب مثلا أطلقوا على المصائب نعت "بنات الدهر"، قال المتنبي: أبَنت الدَّهْر عندي كلُّ بنتٍ فكيف وصلتِ أنتِ من الزحام؟
[56] السبع المثاني والأعداد الأولية: في الفاتحة إعجاز عددي مبني على الأعداد الأولية: عدد آياتها 7 أولي، وعدد كلماتها 29 أولي(مجموع أرقامه 11 أولي)، وعدد حروفها 139 أولي(مجموع أرقامه 13 أولي)، وبضمها في الاتجاهين تنتج عددين أوليّين 729139 و 139297 (مجموع أرقامهما 31 أولي)،. وهي إلى سور القرآن 1 إلى 113 (أوليان) (ومجموع أرقام الأخير 5 أولي)، وآياتها إلى آيات القرآن 7 إلى 6229 (أوليان) (ومجموع أرقام الأخير 19 أولي). ومعلوم ما للأعداد الأولية من أهمية تشغل لأجلها جهود علماء كثيرين لكونها تقف على أسرار غامضة خفية بحلها تفتح مجالات رحبة للعلم.
[57] عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ:"أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، مِائَةً وَأَرْبَعَةَ كُتُبٍ مِنَ السَّمَاءِ ، أَوْدَعَ عُلُومَهَا أَرْبَعَةً مِنْهَا: التَّوْرَاةَ، وَالإِنْجِيلَ، وَالزَّبُورَ، وَالْفُرْقَانَ، ثُمَّ أَوْدَعَ عُلُومَ التَّوْرَاةِ، وَالإِنْجِيلِ، وَالزَّبُورِ، وَالْفُرْقَانِ، ثُمَّ أَوْدَعَ عُلُومَ الْقُرْآنِ الْمُفَصَّلَ، ثُمَّ أَوْدَعَ عُلُومَ الْمُفَصَّلِ، فَاتِحَةَ الْكِتَابِ، فَمَنْ عَلِمَ تَفْسِيرَهَا، كَانَ كَمَنْ عَلِمَ تَفْسِيرَ جَمِيعِ كُتُبِ اللَّهِ الْمُنَزَّلَةِ".
[58] قال بهذا التصنيف جمهور من العلماء المسلمين منهم الشوكاني ومن قبلهم اليونان، وهو أصوب التصانيف وأشملها، وكنت درست موضوع اشتمال الفاتحة العلوم كلها فدهشت للتقارب الشديد لما انتهيت إليه مع ذلك التصنيف، وهو تصنيف قائم على تقسيمها إلى علوم شرعية وعلوم فلسفية، والفلسفية تنقسم إلى: علم إلهي، وعلم طبيعي، وعلم رياضي، وعلم هندسي.
[59] ذلك أن الحياة لابد لها من وحدة أساسية هي اليوم الذي لتكوينه خلق الشيء وزوجه ب"كن" وتطور إلى الذرات ثم بطول الزمن إلى جماد كالأرض والشمس والقمر المنشئة بحركتها لليوم الدال على التعداد والزمن، وكل ذلك يسهم في نشأة الحياة بتهيئة ظروف خلق الخلايا الحية النباتية والحيوانية. وإذا أمعنت النظر ألفيت أن العلم الطبيعي يتأتى بملاحظة هذه الموجودات من جماد ونبات وحيوان والتجربة وكل من (الملاحظة والتجربة والاستقراء والاستنباط) لا تتم بغير أساسياتٍ مفتاحها الجامع هو اليوم، الحاوي للرؤية والضياء والزمن والعدد. وأما عن ذكر يوم الدين دون أيام الدنيا فلكون الدنيا كلها بأيامها لا تكاد تكون بمدتها شيئا يذكر مع يوم الخلود الأيدي. فكذلك العلم الطبيعي كله إذا لم يرتفق بغاية علم الآخرة فهو مهينٌ وأولى أن يذكر مضمنا بالتعريض لاجتماع أساسه الذي ذكرتُ وهو اليوم في الاسم مع يوم الدين وبينهما ما لا يوصف من البون. ولا غرابة أن تكون الفاتحة أم الكتاب.
[60] معنى الدين الحساب والجزاء، كما في القاموس المحيط، ومنه قوله تعالى: {أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ} (الصافات 53) أي لمحاسبون مجزيون، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الكَيِّسُ من دَانَ نفسَهَ وعَمِل لِـما بعد الـموت»، أي حاسب نفسه. وعند ابن كثير والطبري: "{يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ} قال ابن عباس: ( دينهم ) أي: حسابهم ".
[61] كلمة «geometry» تعنى حرفيا «قياس الأرض » أي عملية المسح. المعرفة، العدد ص 22.
[62] {وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (الفتح 6).
[63] {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} (المائدة 52).
[64] {وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (التوبة 98).
[65] في قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (71) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ (72) نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ} (الواقعة 71 - 73).
[66] ولعل محدودية شكل الدائرة وضيق ما تحصر من المساحة هي شكل جهنم المحيطة بالكافرين أعاذنا الله منها، بخلاف الجنة الممتدة التي عرضها كعرض السماء والأرض.
[67] ومعلوم ما لليدين من أهمية في تعلم الإنسان العدّ بهما منذ أيام عمره الأولى. جعلهما الله زوجاً وكل يدٍ تحوي وتراً من الأصابع، ومجموعهما هو العشرة أساس نظام التعداد لدى البشر. والملفت للنظر أن نسبة التباب هاهنا كانت لليدين لا لسواهما من الجوارح كالعقل أو القلب أو الناصية. وهناك نوع خاص من الحساب يعرف بحساب اليد أو حساب العقود.
[68] تأمل البنان الذي سيذكر قريبا في سورة القيامة، ومنه السبابة التي هي الوسيلة المهمة المستعملة للإشارة في مبادئ العلم الأولى بتعليم الأسماء: هذا أبي، هذه أمي، هذا هر، هذه سماء...
[69] http://www.wikiwand.com/ar/تخليق_العناصر
[70] أم أن انفجارا عظيما كان وراء نشأة الكون والحياة؟.
[71] قاله علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.
[72] وقال العوفي عن ابن عباس.
[73] قول قتادة.
[74] قاله سعيد بن جبير.
[75] انفرد به البخاري وهذا لفظه.
[76] يقولون أن كثيرا من النجوم اندثرت منذ زمن، والذي نراه صورها منذ سنين لأن ضوءها يصل إلينا بعد سنوات من السير في الفضاء بتلك السرعة الهائلة لفرط البعد عنا.
[77] رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين، وروى الترمذي وأحمد من حديث عَنْ ابْن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُ رَأْيُ الْعَيْنِ ، فَلْيَقْرَأْ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ، وَ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ، وَ إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ ". قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، وصححه الألباني في السلسلة وصحيح الجامع.
[78] التي تبعد عنا مئة وخمسين مليون كم بحسابات علماء الفلك.
[79] رواه ابن جرير وهذا لفظه عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب.
[SUP][SUP][80][/SUP][/SUP] مفردات القرآن الكريم.
[81] وكذا قال أبو العالية وعكرمة وسعيد بن جبير والشعبي والحسن البصري: زوجت بالأبدان. وقيل زوج المؤمنون بالحور العين وزوج الكافرون بالشياطين حكاه القرطبي في " التذكرة"
[82] وليس فيه أنه مخلوق، بل جاء وصف ذِي الْعَرْشِ سبحانه به. فهل سيأتي وحي يجيب عن تساؤل هل هو مخلوق مربوب.
[83] يعد "عَالِمًا" عند البشر من استطاع أن يصل إلى أسرارٍ في الكون والحياة، ويفسرها تفسيرًا علميًّا منطقيًّا، ويبلغ الناس أنه أول من اطلع عليها، وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم أطلعه الله على أعظم الأسرار في غيبه سبحانه وأمره أن يبلغ.
[84] إن الأشياء (جمع شيء أصغر مكون للمادة) تنحو نحو الاستقامة إلى أعلى، لكن هنالك ما يدفعها إلى التكور حول نفسها أولا وحول أجسام أخرى بالحركة حولها.
وقبل المضيِّ، علينا أن نعرف ترتيب نزول القرآن الكريم، وهو مبحثٌ قديمٌ تناوله العلماء، ولعلَّ أقربَ ترتيب بين السور إلى الصواب هو ما عليه أكثرُ أهلُ العلمِ الباحثين في هذا الموضوع، وقدْ ضمنتُهُ هذه القصيدةَ التي نظمتها منذ زمنٍ، وأضعها هنا لتكونَ أخي القارئ على بينةٍ من مُسْتَنَدي في البحثِ في موضوع ترتيب نزول السور، وأسميْتُها "نظم الدرر في ترتيب نزول السور":
(1) نظمتُ ترتيبَ تنزيلِ القُرَانِ كما***عند الحَبَنَّكةِ الميدانِ قدْ سُطرا
(2) اقرأ بنونٍ ولا تزَّمل الدُّثُرا ***والحمد لله تبَّ الشرْك وانكَدرا
(3) سبِّحْه بالليل ثم الفجرِ ثم ضحًى ***ولْتنشَرح إنَّ عصرَ العادياتِ شرى
(4) أعطاك كوثَره لا ما تكاثَر أو***ماعونَ مَن كفروا والفيلَ معتبرا
(5) يا فالق الناسِ أخلصْتَ النجوم عُبُو ***سًا قدْرُ شمسِ بُروجِ التينِ ما ذُكرا
(6) قريش قارعةُ القيامةَ الهمزِ مرْ***سَلاتِ قافٍ حرامًا طارق قمرا
(7) صادٍ للاعراف قل ياسينُ يَفرِق فا***طر البتول وطه موقع الشُّعَرا
(8) كالنَّمل قَصَّ لذي الإسراءِ يونسَ، هو***دًا، يوسفَ، الحجرَ، والأنعامَ مدَّكرا
(9) صُفَّتْ ولقمانَ ذا الحُكم سَبَا زُمرًا***وغافر الذنب منه فصِّلت شورى
(10) زُخرِفْتِ دخْنًا جثت أحقافُ ذاريةٍ***يا غاشيًا كهفَ نحلٍ نُوحُها نَذِرَا
(11) ووالد الأنبيا والمومنون سجو***دٌ دون طورٍ بمُلكٍ حُقَّ سال فرا
(12) أُنبئْتُ عن نازعاتٍ فانفطرتُ لها ***وانشقَّت الروم ما للعنكبوت عُرى
(13) هم طفَّفوا ولنا الزهراءُ نافلة ***وآلُ عمران والأحزابُ مزدَهرا
(14) بعد امتحان النِّسا زلزِل حديدَهُمُ ***قاتل كرعدٍ وبالرَّحمن ِذا البشرا
(15) طلِّق لبيِّنةٍ فالحشر نورُك حجْ ***جٌ لا النفاقُ ولا تجادل الحَجَرَا
(16) يحرَّم الغبنُ في صفٍّ لجمعتِنا ***فتحٌ ومائدةُ التوبِ إذا نُصِرَا
(17) سبحان من عَظُمت في الخَلْق قُدْرتُه***أستغفر الله جلَّ الذنب أو صَغُرا
(18) حمدًا له عظُمت في الخَلْق صنْعتُه ***محمدٌ كمُلت أوصافه طُهُرا
(19) ثم الصلاة عليه والسلام به السْــ***ـسَماءُ والأرض بل ما فيهما بُشَرَا
(2) اقرأ بنونٍ ولا تزَّمل الدُّثُرا ***والحمد لله تبَّ الشرْك وانكَدرا
(3) سبِّحْه بالليل ثم الفجرِ ثم ضحًى ***ولْتنشَرح إنَّ عصرَ العادياتِ شرى
(4) أعطاك كوثَره لا ما تكاثَر أو***ماعونَ مَن كفروا والفيلَ معتبرا
(5) يا فالق الناسِ أخلصْتَ النجوم عُبُو ***سًا قدْرُ شمسِ بُروجِ التينِ ما ذُكرا
(6) قريش قارعةُ القيامةَ الهمزِ مرْ***سَلاتِ قافٍ حرامًا طارق قمرا
(7) صادٍ للاعراف قل ياسينُ يَفرِق فا***طر البتول وطه موقع الشُّعَرا
(8) كالنَّمل قَصَّ لذي الإسراءِ يونسَ، هو***دًا، يوسفَ، الحجرَ، والأنعامَ مدَّكرا
(9) صُفَّتْ ولقمانَ ذا الحُكم سَبَا زُمرًا***وغافر الذنب منه فصِّلت شورى
(10) زُخرِفْتِ دخْنًا جثت أحقافُ ذاريةٍ***يا غاشيًا كهفَ نحلٍ نُوحُها نَذِرَا
(11) ووالد الأنبيا والمومنون سجو***دٌ دون طورٍ بمُلكٍ حُقَّ سال فرا
(12) أُنبئْتُ عن نازعاتٍ فانفطرتُ لها ***وانشقَّت الروم ما للعنكبوت عُرى
(13) هم طفَّفوا ولنا الزهراءُ نافلة ***وآلُ عمران والأحزابُ مزدَهرا
(14) بعد امتحان النِّسا زلزِل حديدَهُمُ ***قاتل كرعدٍ وبالرَّحمن ِذا البشرا
(15) طلِّق لبيِّنةٍ فالحشر نورُك حجْ ***جٌ لا النفاقُ ولا تجادل الحَجَرَا
(16) يحرَّم الغبنُ في صفٍّ لجمعتِنا ***فتحٌ ومائدةُ التوبِ إذا نُصِرَا
(17) سبحان من عَظُمت في الخَلْق قُدْرتُه***أستغفر الله جلَّ الذنب أو صَغُرا
(18) حمدًا له عظُمت في الخَلْق صنْعتُه ***محمدٌ كمُلت أوصافه طُهُرا
(19) ثم الصلاة عليه والسلام به السْــ***ـسَماءُ والأرض بل ما فيهما بُشَرَا
إن المنهج التعليمي الذي سأسرد استنباطه هو جواب ادعاءِ المسلمين أنَّ القرآن هو الذي أعاد تهيئة العقل البشري للتفكير السويِّ خطوة خطوة، طورا فطورًا، وسيتبين لك هذه الأطوار فاصطبر في تدبرها.
إن تقسيم الزمن في الظلمة الحالكة والسواد المطبق لليل الطويل قبل خلق الشمس والقمر أمرٌ لا معقولٌ بالنسبة إلينا نحن البشرَ، ولا حيلة لنا في معرفة العدد لِمَعْدُودٍ لا يُرَى إلا بالنور، ولا سبيل لإدراك معنى الزمن إن لم يسخر الله لنا الشمس والقمر، ولقد عشنا نحن البشر تجربة تحسّسنا قليلاً بتلك الحال، هي جهل ضبط المواقيت بتقسيم ساعات النهار أو الليلِ- والساعة فرع من أصل-، ومع ابتكار آلات ضابطة مقسمة للوقت، فإنها سرعان ما كانت تتعطل أو تتقدم أو تتأخرُ، حتى الوصول إلى أدق ساعة هي الساعة الذرية التي تخطئ ثانية كل ثلاثمائة مليون سنة[2]. لنبدأ من نقطة أساسية هي أن ما نتعلمه من الدلائل الحسية يدرك في تكراره بالبصر حينًا وبالحس للحَرّ والقَر ّحينا آخر[3]، وأما ما تبقى من حواس فدورها التحليل والتثبيت والتثبت والتراكمية وتخزين واستحضار المعارف. ولنتتبع الشواهد مرتبةً حسب النزول:
___
1- سورة العــلق
___
1- سورة العــلق
___
{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}
( العلق 1-5).
1.مرحلة القراءة، بالتلقين.2.مرحلة التعليم بالقلم.
[4][5]
[اللون الفاتح يدلُّ على تأخر النزول فيرجى تجاوز هذه الآيات]
"كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (7) إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (8) أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10) أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (12) أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرَى (14) كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16) فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18) كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)" (العلق 6 - 19).
___
2- سورة القلم
___
{ ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (3) وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم 1 - 4).2- سورة القلم
___
3.ن: أول الحروف النورانية نزولا، حرفٌ مشترك في نطقه وكتابته بين أغلب اللغات، وأوَّل ما خلق بكنْ القلم[6]، والنون الحوت.
4.مرحلة الكتابة بالقلم، والكتابة هي فرع الهندسة الرياضية الأول، وأفضل كلمة للتعبير عنه على الإطلاق هي يَسْطُرُونَ[7].
" فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (5) بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ (6) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (7) فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (8) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (9) وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (13) أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ (14) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (15) سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (16) إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (17) وَلَا يَسْتَثْنُونَ (18) فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (19) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (20) فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ (21) أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ (22) فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ (23) أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ (24) وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ (25) فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (26) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (27) قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ (28) قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (29) فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ (30) قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ (31) عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ (32) كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (33) إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (34) أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36) أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (37) إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ (38) أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ (39) سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ (40) أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (41) يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (42) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ (43) فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (44) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (45) أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (46) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (47) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (48) لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ (49) فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (50) وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (51) وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (52)" (سورة القلم 5 - 52).
"إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (15)" (القلم 15).[8]
5.ترتيب المجموعات (الْأَوَّلِينَ) أول عدد ترتيبِيٍّ لمجموعة.
"قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ"(ن-28)، لم أتيقَّن متى نزلت نجوم سورة القلم.
6.أَوْسَطُهُمْ: إن كان الأوسط للأعدل والأعقل كما هو عند ابن عباس وأغلبية المفسرين، فإنَّ الدلالة المتعلقة بعلم عدد السنين والحساب موجهة إلى إعمال العقل، وإن كان الأوسط للعُمُرِ، فإنَّ معرفة الأوْسَط تستوجب معرفة الأعمار لدى أصحاب الجنة، وهذا من أعظم فوائد معرفة عدد السنين والحساب.
___
3- سورة المـزمـل
___
{ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} (المزمل 1 - 4).3- سورة المـزمـل
___
7.اللَّيْل باعتباره وحدة أو كلاًّ، في قوله تعالى: {قُمِ اللَّيْلَ}، وذكر تجزئته {إِلَّا قَلِيلًا}، {نِصْفَهُ}، {أَوِ انْقُصْ مِنْهُُ قَلِيلًا}، {أَوْ زِدْ عَلَيْهِ}، والعمليات الحسابية:
8.القسمة (:) في أبسط وأوضح مثال وهو النصف[SUP][SUP][9][/SUP][/SUP] {نِصْفَهُ}. والمضاعفة[10] (×) متضمنة في القسمة، وكذلك في تقسيم الليل كما سيأتي.
9.والنقص (الطرح (-)) {أو انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا}.[11]
10.والزيادة (الجمع (+))، {أَوْ زِدْ عَلَيْهِ}.[12] [13] [14]
11.وعمليتا المنطق الأساسيتان الفصل (أَوْ)، والوصل (وَ)، وتوزيع الوصل ⋀ على الفصل ⋁ ، إذ اللازم أن يُفْهم من قوله: {نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} ترتيل القرآن في أيٍّ من الخيارات الثلاث، وبالتالي فالمراد:
(نِصْفَهُ ⋀ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا) ⋁ (انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا ⋀ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا) ⋁ (زِدْ عَلَيْهِ ⋀رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا).
مشاهدة المرفق 11561
12.الليل ليس زمنًا لكنه مخلوقٌ مظلمٌ[15] [16]هو دليل الزمن بسكونه، كما أن الشمس والقمر والأرض والبروج دلائل الزمن بحركتها، والراجح أنه خلق قبل النهار[17] الناشئ عن حركة الشمس بزمن، روى عكرمة عن ابن عباس أَنهُ سئل عن اللـيل: هل كان قبل النهار؟ فتلا {أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا}، قال: والرَّتْق الظُّلمة. وروى أيضاً عن ابنِ عباس، قال: "خَـلَقَ اللهُ الليلَ قبْلَ النَّهَار، وقرأَ:{كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا}، قال: هل كان إلاَّ ظُلَّة أَو ظُلْمة؟"[18].
ولفهم ذلك نعود إلى مثل ذكرته، إذ يمكن النظر إلى تاريخ البشرية في صناعة آلات قياس الساعات لضبط مواقيت النهار والليل. إنَّ مَثَل منظومة السكون والحركة بالليل والنهار والشمس والقمر في تحديد اليوم والشهر والسنة (أصول المواقيت)كمثل تلك الآلات في تحديد الثواني والدقائق والساعات (فروع المواقيت)، مع فارق الدقة المكتملة في صنع الله، على أن صانعَ صانعِ الساعات -الإنسان- هو الله، واختصاص الإنسان بالوضع في قياس فروع المواقيت دون أصولها من تمام حكمة الله، وقيوميته سبحانه، بسبب الضعف والجهالة والعبث لدى البشر.
وقد اهتدى الإنسان من ربه إلى الساعة الذرية -ولها عيب خطأ ثانية كل ثلاثمائة سنة ثم أدق من ذلك خطأ ثانية كل ثلاثة ملايين سنة - فهل سيكون له في المستقبل نظام محاكٍ لمنظومة المواقيت الأساسية باستخدام الذرات[19] لتفادي خطأ الثانية كل ثلاثة ملايين سنة أيضا. وظني أنَّ هذا التقسيم جيدٌ: أصول المواقيت وفروع المواقيت وهو يمَكِّنُ الإنسَانَ من المحاكاة كمثل ما يصنع مع سائر مصنوعاته طبقًا لما سأذكره في حينه وهو قاعدة الاستنباط الثالثة "تعليم الذكي"[20]. إن التحدي القائم لدى الإنسان المسلم الذي افترض عليه قيام الليل بنسب معلومة هو إحصاء ساعات الليل -ومن ثَمَّ النهار- فهل يتأتى له ذلك؟.
{إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6) إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا (7)} (المزمل 5-7).
13.فرضية: بسْط العلوم في القرآن الكريم تتم بطريقة لولبية منْ أسفلَ إلى أعلى على التدرج حسب ترتيب النزول، فمن العلوم الأولى التي ينبغي أن يبدأ بها فتستعرضها المنطق والمنهجية وعلم عدد السنين والحساب.[21] ثم تعاود الرجوع من أول فتتدبر فتجد العلم التالي الذي ينبني على ما سبق وهكذا.
14.النَّهار وهو مولد حاسَّة البصر[22] والنهار هو الذي يقسم الليل إلى أقسام متساوية معدودة، في قوله تعالى: {إِنَّ لَكََ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا}.
15.المفاهيمُ الأساسيةُ للقياسِ الثقل وشدة التأثير والاستقامة والطول، جاءت هنا، وكعادة المنهج القرآني الفريد الكامل فإنها مفاهيم تعنى بالقضية الأساسية العظمى وهي الدين الحق وتجعل ما درج عليه الناس بالاستخدام للقياس اليومي للأطوال والأوزان في معايشهم، نعمةً من الله وفضلا، مما يعزز تلك القضية لا أنها الأصل.
16.وعلى القول بتعريف الرياضيات على أنها دراسة الحساب والهندسة والقياس[23]، فإنَّ الفروع الثلاثة جاءت في أول ما نزل كما رأينا في أوائل سور العلق والقلم والمزمل. والواضح أن الهندسة تصنع للحساب قوالب تجريده لتيسيره، بدءا من كتابة الحروف إلى الأعداد والرموز الدالة على عمليات ودوال متقدمة، وانتهاء بإيجاد الحلول الهندسية لكثير من مسائل الحساب، يقول جون مكليش:"الترميز الجيد-بالكتابة- يختزل كمية التفكير اللازمة لحل مسائل الأعداد، إذ هي تسمح لنا أولا بتمثيل واضح مجرد، في شكل كلمات وصور، لكل مسألة، وثانيا بابتكار روتين آلي بسيط (خوارزم) لمعالجتها"[SUP][SUP][24][/SUP][/SUP].
{رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا (9) وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا (10) وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا (11) إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا (12) وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا (13) يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا} (المزمل 9 - 14).
17.المشرق والمغرب في قوله تعالى: {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} (المزمل 9)، وهما الظاهرتان المحددتان لبداية النهار وانتهائه.[25]
18.لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ: أول ذكر لكلمة التوحيد، باستخدام الضمير "هو" الدال على الله دون ذكر اسم "الله" جل شأنه زيادة في التشويق، والذي سيأتي أول نزول له في بسملة فاتحة الكتاب. وهناك حكمة في تسلسل إيراد: الليل ثم النهار، ثم المشرق والمغرب ثم "لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ" ثم اليوم بهذا الترتيب المنهجي القيم في النزول في سورة واحدة. وأما وجه الاستدلال بهذا التسلسلل على التوحيد فإن الليل والنهار زوجان، والمشرق والمغرب زوجان وما ينبغي أن يكون لهذه الأزواج إلا رب واحد لئلا يفسد نظامهما بالتنازع، ومن سلم بربوبية هذا الواحد وانفراده فيها وجب أن يسلم بألوهيته وانفراده فيها. وأيضا فإن الله يعرف بصنعته والصنعة لا ترى إلا باختلاف الليل والنهار، ولا يكون ذلك إلا بالمشرق والمغرب، ولذا جاء السياق قوله: {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}، ومن جهة إيراد اليوم بعد ذلك، فإن من أبدع الكون بالليل والنهار وافتراقهما بالمشرق والمغرب فنتجت الأيام ثم السنون لقادر على أن يجعل يومًا فيه تختل موازين الحياة كلها فيه هو يوم القيامة، فتَبَصَّرْ.
19.اليوم [26]: {يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ}.
"إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (15) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا (16) فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا (17) السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا (18) إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (19) إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (20)" (المزمل 15 - 20).
___
4- سورة المـدثـر
___
{ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (7) فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (8) فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (9) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (10) ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا (12) وَبَنِينَ شُهُودًا (13) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا (14) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (15) كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا (16) سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (17)}(المدثر 1 - 17).4- سورة المـدثـر
___
20. وَحِيدًا: بداية الأعداد في القرآن الكريم، وهي إشارة إلى الواحد (1) أول الأرقام والأعداد بصيغة تفيد الانفراد. بمعنى مُنْفَرِدًا، لا أَحَدَ معه[27]، وقد "خرج من بطن أمه وحده لا مال له ولا ولد، ثم رزقه الله"[28]، وأفادت صفة النقص في حق العبد المخلوق لذا اقترنت بلفظ "خَلَقْتُ"، ولذا كان الامتنان عليه بالاستكثار من المال والبنين والتمهيد، وطمعه في المزيد. وأفادت صفة كمال في حق الخالقِ إذا كان تأويلها ما جاء عند القرطبي: "أني انفردت بخلقه ولم يشركني فيه أحد".
21. المراد والله أعلم [29] من {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا} الإخبار عن الإنسان عمومًا بإرهاقه بالصعود عبر طبقات السماء لمعرفة حقيقة الكون المخلوق مع إنكاره الخالق[30]، ولا يتعارض هذا التأويل مع من قال إن الصّعُود جبل في جهنم لأنَّ جهنم مما هو قريب من الناس وهم لا يرونه في الحياة الدنيا كما نصَّت على ذلك نصوص في الكتاب والسنة[31]. وانظر كيف وصف الله مسيرة الإنسان التاريخية في الحياة كلها في آيات موجزة، إذ أردف الله الآية التي ذكر فيها أن الإنسان كان وحيدًا بآيتين جبرتا وحدته، تضمنتا نعمتي المال والولد، وآيتين فيهما صفتا الطمع والعناد فيه، وبينهما آية التمهيد، ثم ختم بالآية التي تصفه وهو يستخدم ماله وبنيه بطمعه وعناده وتمهيد الله له فيتجشم الرهق بصعوده في الآفاق، وأما مسيرته العلمية فهي على النحو ذاته إذ العلم:
يبدأ من علم عدد السنين والحساب، والعلم يبنى على اليقينيات ونواة كل يقين من البديهيات بأصنافها الستة، ومنها:
الأوليات: كالأسماء.
- وأولها الفطريات التي منطلقها إدراك الكل وأجزائه {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ} (المزمل 2 - 4) ودلالة الواحد على معدوده (وَحِيدًا}.
- وثانيها المجَرَّبَاتُ كمفاهيم القياس الأربعة: الثقل والتأثير والاستقامة والطول { ثَقِيلًا ... أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ .. طَوِيلًا} (المزمل 5 - 7).
· وثالثها الحسِّيات مما يدرك بالإحساس بالحر والبرد {الْمُزَّمِّلُ}، {الْمُدَّثِّرُ} أو بالبصر أو بهما كليهما فيما سبق من تسلسلٍ لليل والنهار والمشرق والمغرب ثم اليوم على هذا الترتيب في سورة المزمل وذلك تهيئةً لوحدة المواقيت التي لزم لها في العلم العددُ والعدد يبدأ من الواحد، ونلاحظ تقابل المعدودات في أول نشأتها تعليمًا لابن آدم في الآيات من كتاب ربنا المسطور والمنظور.
وينتهي إلى استكشاف خلق السموات والأرض والتطلع لمعرفة بدء الخليقة، وهما من مطالب الشرع وغايات الإنسانية من العلم، وهاهو الإنسان بعد قرون من نزول القرآن يترقى بالصُّعود في الآفاق وغزو الفضاء.
وجملة {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا} "تمثيل لضد الحالة المجملة في قوله : {وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا}"[32]، والكلمة صَعُودٌ من الفعل تَصَعَّدَ، أي الوسيلة والطريق التي تستعمل للصعود إلى السَّماء، مثل طَهُور ووَضوء من تَطَهَّر وتَوَضَّأَ، ويراد بهما وسيلتا الوضوء والطهور.[33]
{إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ}(المدثر 1-25).
22.منهجية البحث العلمي: التفكير والتقدير وكيفية التقدير ثم التثبت من كيفية التقدير ثم النظر (الخلوص إلى نتيجة) ثم أثر النتيجة على الباحث ثم تقبل النتيجة والإقبال على الله والتواضع لله، وتبليغ النتيجة بصدق.
23.مثال في منهج البحث العلمي التجريبي: يتحدث ابن الهيثم عن ظاهرة الإبصار في كتابه "المناظر" سنة 1020م، فيقول: "ولما كان ذلك كذلك وكانت حقيقة هذا المعنى مع اطراد الخلاف بين أهل النظر المتحققين بالبحث عنه على طول الدهر ملتبسة وكيفية الإبصار غير متيقنة رأينا أن نصرف الاهتمام إلى هذا المعنى بغاية الإمكان ونخلص العناية به ونتأمله ونوقع الجد في البحث عن حقيقته ونستأنف النظر في مبادئه ومقدماته"، ثم يتابع ابن الهيثم واصفًا جملة ما اتبعه في عمله، ويصف فيها المنهج المعتمد لمعرفة حقيقتها قائلاً:
· ونبتدئ في البحث باستقراء الموجودات وتصفح أحوال المبصرات ونميز خواص الجزئيات.
· ونلتقط بالاستقراء ما يخص البصر في حال الإبصار وما هو مطَّردٌ لا يتغير وظاهرٌ لا يشتبه من كيفية الإحساس.
· ثم نرقى في البحث والمقاييس على التدريج والترتيب مع انتقاد المقدمات والتحفظ في النتائج ونجعل غرضنا في جميع ما نستقرئه ونتصفحه استعمال العدل لا اتباع الهوى ونتحرى في سائر ما نميزه وننتقده طلب الحق لا الميل مع الآراء فلعلنا ننتهي بهذا الطريق إلى الحق الذي به يثلج الصدر ونصل بالتدريج والتلطف إلى الغاية التي عندها يقع اليقين.
· ونظفر مع النقد والتحفظ بالحقيقة التي يزول معها الخلاف وتنحسم بها مواد الشبهات.
· وما نحن مع جميع ذلك برآء مما هو في طبيعة الإنسان من كدر البشرية ولكنا نجتهد بقدر ما هو لنا من القوة الإنسانية ومن الله نستمد المعونة في جميع الأمور."[34]
[TABLE="width: 702, align: center"]
[TR]
[TD]الآيات[/TD]
[TD]ما يمكن استنباطه[/TD]
[TD]إسقاط خطوات ابن الهيثم في منهجه العلمي التجريبي مع مثال ظاهرة الرؤية[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]إِنَّهُ فَكَّرَ [/TD]
[TD]التفكير[/TD]
[TD]استقراء الموجودات وتصفح أحوال المبصرات ونميز خواص الجزئيات،[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ [/TD]
[TD]التقدير وكيفية التقدير[/TD]
[TD]ونلتقط بالاستقراء ما يخص البصر في حال الإبصار وما هو مطرد لا يتغير وظاهر لا يشتبه من كيفية الإحساس،[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ[/TD]
[TD]ثم التثبت من كيفية التقدير[/TD]
[TD]ثم نرقى في البحث والمقاييس على التدريج والترتيب، مع انتقاد المقدمات والتحفظ في النتائج، ونجعل غرضنا ...عندما يقع اليقين،[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]ثُمَّ نَظَرَ [/TD]
[TD]ثمّ النظر(الخلوص إلى نتيجة)[/TD]
[TD]ونظفر مع النقد والتحفظ بالحقيقة التي يزول معها الخلاف وتنحسم بها مواد الشبهات،[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ [/TD]
[TD]ثمَّ أثر النتيجة على الباحث[/TD]
[TD]وما نحن مع جميع ذلك برآء مما هو في طبيعة الإنسان من كدر البشرية،[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ [/TD]
[TD]ثمَّ تقبل النتيجة والإقبال على الله والتواضع لله[/TD]
[TD]ولكنا نجتهد بقدر ما هو لنا من القوة الإنسانية، ومن الله نستمد المعونة في جميع الأمور.[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ.[/TD]
[TD]وتبليغُ النتيجةِ بصدق.[/TD]
[TD](والنتيجة العظيمة في بحث ابن الهيثم التي كان من ورائها غزو الفضاء ورؤية الذرة أن النور يسقط على المرئيات فينعكس إلى عين المبصِر وتحدث الرؤية).[/TD]
[/TR]
[/TABLE]
24.وفي الآيات معانٍ دقيقة للكلمات في اللغة العربية، فتدبَّرْها في سياقها:
- ثم للترتيب والتدريج.
- كيف للتساؤل والنقد والتحفظ.
- ونظر ليست بمعنى أبصر[35]، بل بمعنى روّى في ذلك[36]، لذلك كانت { أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ } (الغاشية 17) وليست أفلا يبصرون.
- وقدَّر[37] تفيد معاني كثيرة منها القياس في مقادير الأشياء، وهو عين ما يقصد به في العلومم التجريبية.
25.من يقرأ نص ابن الهيثم يكاد يجزم أنه استلهم منهجه العلمي من تفسير الآيات السابقة كلمةً كلمة، أو أن تفكيره انتهى إلى حيث ينتهي بأولي الحجى كالوليد بن المغيرة مع فارق الدين وفارق الممارسة والتنظير، ثم إن ما وصل إليه هو نتيجة تراكمية الأجيال المسلمة وسني قراءة القرآن وتدبره صنعت منهجه فدونه بإلهام من ربه وتوفيق.
26.واستخدام القرآن الكريم المثال بما فعل الوليد بن المغيرة من خطوات المنهج الدقيق في البحث الذي يصدر من الأذكياء إنما هو لبيان حال ابن آدم عمومًا في كفر الحق بعد تبينه بالاستدلال وإنعام النظر. وذكر الله تعالى دعاءه جل ذكره عليه مرتين في معرض التنويه إلى أن طريقة تقديره تلك إثر التفكير داع له إلى الإيمان والتواضع لجناب الله لو كان يعي، لكنّه أبى إلا الكفر تقديرًا مفلسًا.
{سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (27) لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (28) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (29) عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ} (المدثر 26-30).
27. "{سَأُصْلِيهِ سَقَرَ} يجوز أن تكون بدلاً من جملة {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا}"[38]، ويكون مآل الكافر بعد تيقنه من الحق أن يلقى عقابًا له مقابلا لمطلبه، مطلبه هو السموات العلا، ويلقى في سقر، التي هي "الطبَقُ السّادِسُ مِنْ جَهَنَّم"[39]. وكحال تلكم النيران اللواحةِ للبشر إلى رحابِ الآفاقِ العلْيَا[40]، فإن سقر لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ، وتكرار لفظ البشر ذكرى لهم وهم الذين كانوا رجلًا وحيدًا.
مشاهدة المرفق 11563
28.العدد 19 وهو أهم عدد للتعريف بنظام التعداد العشري، {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ} (المدثر 30) [41]، وهو أفضل ما يعرِّف نظام التعداد لأنه عدد يجمع في مسمّاه بين الآحاد والعشرات، بين التسعة آخر أرقام النظام العشري والعشرة أول الأعداد[42] وأساس النظام العشري[43] أي أنه -اصطلاحا- ختام الدورة العددية الأولى. والتسعة والعشرة متتاليان، وقد ورد العدد من غير معدود لتوجيه النظر إلى العدد نفسه 19، ولفت الانتباه إلى أن هناك كثيرًا من المعدودات الممكنة، وأنَّ المعدود مذكر لكون "تِسْعَة" مؤنثة، ثم للتساؤل عنها ماهو المعدود المقصود هنا بالضبط، لأن تحصيل القيمة يتأتَّى بالعدد والمعدود معًا.
{وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللهُ بِهَذَا مَثَلًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ} (المدثر 31).
29.يمكن أن تكون قد نزلت هذه الآياتُ متأخرة عن النصف الأول من السورة، وأُرَجِّحُ أن تكون بعد الفاتحة، وإذا تأملت الآيات التي قبلها من بداية السورة وجدتها في ثلاث مجموعات تختلف حسب الموضوع، وطول الآية، ووزن الكلام فيها. وهي سبع ثم عشر ثم ثلاث عشرة آية[44]. فعلى الأغلب أنها نزلت نجوما هكذا، وهذه الآية تختلف عن النجوم الثلاثة السابقة اختلافا بيِّنًا في الطول ووزن الكلام.
30.فوائد العدد 19 عِدة الملائكة أصحاب النار في القرآن: يقين أهل الكتاب، وزيادة إيمان المؤمنين، وعدم ارتياب كليهما، وكشف المنافقين والكافرين. ويدخل تحت فائدة اليقين ما يمكن أن يظهر من إعجاز بخصوص العدد، وقد ذكر غير واحد من العلماء والمفسرين أن قوله من بعد {إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ} تخص العدد تسعة عشر (19).[45]
31.الاستيقان أول خطوات اليقين[46].
32.عدد جنود الله لا يعلمه إلا الله وحده.[47] وبما أن المخلوقات جميعا تمتثل لأمره طوعًا أو كرهًا أي أنها من جنوده، فإن فيها بياناً أن الله وحده الذي يعلم عددها الذي هو أكبر عدد، وعليه: لا يستطيع الإنسان معرفة أكبر عدد، وتلك مسألة رياضية قديمة حديثة لم تَرْس مع مسألة أصغر عدد على حل (مسألة المالانهاية ∞ ).
{كَلَّا وَالْقَمَرِ (32) وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ (33) وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ (34) إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ (35) نَذِيرًا لِلْبَشَرِ (36) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ (37) كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (47) فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (48) فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (49) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (50) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (51) بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً (52) كَلَّا بَلْ لَا يَخَافُونَ الْآخِرَةَ (53) كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ (54) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (55) وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ (56)} (المدثر 32 - 56).
33.الْقَمَر الذي يعلمنا الله به العدَّ على الزمن باكتمال دورته بالمشاهدة العينية دون علمٍ بحقيقةِ حركته.
34.صورة القمر مكتملا بدرًا، ثم أهلة بأحجام شتى تزيد وتنقص، تعلِّم بالحدس[48] أي بغيرِ فعلٍ، اختلاف أشكال القمر عند مقابلته حال كونه بدرًا، وفيها الجزء النظري لأشكال الهندسة بعد المستقيم: الدائرة ثم الهلال[49]. وهناك ما يدفع ويحث النفس لتطبيق رسم تلك الأشكال، وذلك داخلٌ ضمن الهندسة والكتابة، يعلمناها الله إلهامًا من الآيات العلوية الجلية ومنها القمر.
35.خاصيتان في الليل والصبح: الإدبار والإسفار[50].
36.ذكر الليل والصبح معًا مرَّة أولى في سياقٍ يجمع فيه عناصر الأسرة الصغيرة للأرض مع قمرها. وفيه تحفيز لفهمِ العلاقة القائمة بين القمر وتتالي الأيام بالليل والصبح.
37.ذكر الليل والصبح معا لأنه إذا أدبر الليل بأرض فإنما يسفر الصبح بها.
38.الصبح ثالث وقتٍ فيما يلي الليل بعد الفجر.(هل يمكن أن نستقرئ -مع البحث في الأسانيد- نزول نجم كَلَّا وَالْقَمَرِ بعْدََ سورة الفجر؟).
39.إِحْدَى، العدد 1 الترتيبي لأول مرة: { إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ(35)}.
40.الْآخِرَة، المرتبة المقابلة للأولى: {كَلَّا بَلْ لَا يَخَافُونَ الْآخِرَةَ (53)}.
41. ملخص: هذه الظواهر المتعاقبة من الحسيات مشاهدة بالبصر[51]، وبتأمل تكرارها بالتعاقب نخلص إلى العدّ على الزمن[52].
يمكن للقارئ تصوّر محاكاةٍ لعملية الخلق والتعليم، بالتخيل أنَّ ظلمة الليل كانت تخيِّم على الكون كله، فقد جاء في الحديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص قوله: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ خَلْقَهُ فِي ظُلْمَةٍ، ثُمَّ أَلْقَى عَلَيْهِمْ مِنْ نُورِهِ يَوْمَئِذٍ، فَمَنْ أَصَابَهُ مِنْ نُورِهِ يَوْمَئِذٍ اهْتَدَى، وَمَنْ أَخْطَأَهُ ضَلَّ" [53]. ثم تبدأ مسيرة الخلق والتعليم بالتوازي والتدرج حتى تنتهي إلى الوضع الحالي من معارفنا ومداركنا وعلومنا. وظلمة الجهل التي خيمت على أممٍ سكنت بعيدا عن مواطن النبوة والعلم والحضارة تأخذ نفس الصورة حالاً ومآلا.
ويمكن تصور تعليم الإنسان هذا النحو في مراحل تكونه وخلقه منذ كان جنينا في ظلمة بطن أمه وظلمة انعدام البصر قبل خلق عينين له، فإن ميزان العقل يملي علينا أن منهاج رب العالمين وفق تنزيله لكتابه هو أكمل منهاجٍ، ولربما كان هو المعتمد في تعليم آدم عليه السلام. ولتدبر القرآن زاويتا نظر مختلفتان حسب مستوى القارئ:
- قارئ لا يفهم معنى الكلمات فيما يقرأ، وهذا حال الملائكة[54] وغيرهم قبل خلق الأشياء المذكورة في القرآن، وحال الأعاجم والأطفال.
- قارئ يفهم الكلمات (الدرجة الأولى) والجمل (الدرجة الثانية) وبعضًا من معاني التأويل (الدرجة الثالثة).
الكلمات (الدرجة الأولى): {اقْرَأْ}، {بِاسْمِ}، {رَبِّكَ}، {الَّذِي}، {خَلَق} (العلق 1).
الجمل (الدرجة الثانية): {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} (العلق 5).
التأويل (الدرجة الثالثة): ويعني مراد القائل الذي لا يفهم إلا بالبحث والتدبر، وقد يكون حقيقة كقول الله: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ} (العلق2). أو مجازًا [55]كقوله تعالى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} (الإسراء 24).
___
6-سورة الفاتحة
___
{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)} (الفاتحة 1 - 7).6-سورة الفاتحة
___
42.هي السبع المثاني، تحوي سبع آيات[56].
43.احتواء الفاتحة أسس كل العلوم[57] وتصنيفها[58].
44.{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، فهذا أساس العلم الإلهي.
45.{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}.
46.اليوم والفلك، وهذا أساس العلم الطبيعي.[59]
47.الدِّين[60] والحساب، وهذا أساس العلم الرياضي.
48.{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}.
49.الْمُسْتَقِيم والهندسة[61]، وهذا أساس العلم الهندسي.
50.{صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}، وهذا أساس العلوم الشرعية.
51.ارتباط المستقيم بالهداية، كما أن ارتباط الدائرة بالسوء والضلالة من كُفَّار المشركين وأهل الكتاب والمنافقين كما سيأتي في آخر ما ينزل في الفتح[62] والمائدة[63] والتوبة[64]، وليس في هذا معنى الطيرة من شكل الدائرة في شيء، ونظير هذا أن النار جعلها الله {تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا} في الوقت نفسه[65] [66].
___
6-سورة المسد
___
{تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5)} (المسد 1 - 5)[67].
52.اليدان هما الأداة الأولى المستخدمة في العدّ والحساب ومعرفة الأطوال (الإصبع والشبر والذراع) والكيل (المد)، والتفكرُ في تركيبتها العددية والوظيفية من موجبات الإيمان من حيث أنها لغة من لا لغة له، أو أوّل لغة[68].6-سورة المسد
___
{تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5)} (المسد 1 - 5)[67].
53.إشارة ضمنية إلى العدد 2 في اليدين مثنى اليد، وفي السورة مثال عن زوجين أبي لهب وامرأته.
54.العددان الواحد والاثنان يفهم عدد معدودهما من اسمهما دون سائر الأعداد، فتأمل سبب إيراد تعليمنا العدد اثنين بهذه الميزة التي هي في أصل خلق الأشياء لكون الزوج من النفس، فتقول يدٌ، ويدانِ، وكل ما سواهما فعددٌ ومعدودٌ فتقول ثلاثُ أيدٍٍ وأربع أيدٍ، وهي مع التثنية في الصرف من أسرار اللغة العربيةِ أصلِ اللغاتِ كلِّها. وتأمل إضافة اليدين لموصوف بأنه "أب" وذكر هذا الأب "وامرأته" مؤنث امرئ، وهما اثنان فجاز بالمنطق أن يكون لهما ذرية، ويصير العدد أكثر. وفي المدثر ذكر "وحيدًا" جعل له "بنين"، وهنا ذكر اليدين و"أبًا" له "امرأة"، فيفهم من الأولى التركيز على الواحد ثم ما بعده من العدد، وفي الثانية الاثنان ثم ما بعدهما من العدد. فترتيب النزول على هذه الهيئة ليس من قبيل الصدفة غير المقصودة، بل لتعليم غير مباشر للتعداد مندرجًا في معرض الامتنان بالذرية والزوج، وتعزيزًا للتعريف بالله الذي ليس له ذرية ولا زوج.
55.تأمل التركيبة العددية لليدين: يدان اثنتان (2) وخمسة أصابع لكل يد (5)، وعشر في كلتيهما (10) وثلاث سلاميات لكل إصبع (3)، والإبهامان بسلاميتين لكل منهما (2) وبأربع مجموع كليهما (4)، وأربعة أصابع متشابهة في كل يد (4)، وفي كلتيهما ثمان (8)، وسلاميات اليد الواحدة بعدد منازل القمر حتى البدر (14)، وسلاميات اليدين كلتيهما بعدد منازل القمر (28). وسلاميات الأصابع الأربع المتشابهة في كل يد بعدد شهور السنة (12) وفي كلتيهما بعدد ساعات اليوم (24)، والشفع والوتر في كلتيهما عجب.
56.في هذه السور الستة السابقة النزول كلها لم ترد كلمة الشمس، وإنما وردت (سقر) ثلاث مرات وأوصافها التي هي أوصاف الشمس في شدة حرها وإحراقها وتلويحها، و(لهب)، و(نارًا).
___
7- سورة التكوير
___
{إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (2) وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (3) وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (4) وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (5) وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ (6) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (7) وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9) وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (10) وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ (11) وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (12) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (13) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ (14) فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (16) وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21) وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22) وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (23) وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (24) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (25) فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (26) إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (27) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29)} (التكوير 1 - 29).
57.ثم الشمس والنجوم هنا لأول مرة.7- سورة التكوير
___
{إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (2) وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (3) وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (4) وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (5) وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ (6) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (7) وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9) وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (10) وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ (11) وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (12) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (13) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ (14) فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (16) وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21) وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22) وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (23) وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (24) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (25) فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (26) إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (27) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29)} (التكوير 1 - 29).
58.التكوير في الشمس يفهمنا بالاستقراء التكوير في الأجرام الأخرى كالقمر والأرض والنجوم.
59.التكوير يتفق في وجه قوي من أوجه تأويله مع نظرية تخليق العناصر في النجوم[69]، والتي تنادي بأن جميع العناصر الكيميائية قد تكونت من الهيدروجين، وأن الهيدروجين هو العنصر الأصلي في الكون. وتقضي بأن يكون للشمس وسائر النجوم حياة متطورة من الميلاد إلى الشباب ثم الشيخوخة والممات، حسب تفاعلٍ يسمى "تفاعل الفا الثلاثي" الذي تتحول فيه ذرات هيدروجين الشمس إلى هيليوم وتنجذب نحو مركزها ويصغر حجمها عبر آلاف السنين إلى الكرة المقصودة، والسؤال بعدئذ هل مآل الشمس أن تصبح كوكبا بتحول غازاتها إلى معادن؟، وهل كانت الكواكب نجوما؟، لأن ذلك يقودنا إلى التساؤل عن القمر الذي ذكر ابن عباس كما سيأتي في تفسير آية الإسراء: {فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً} (الإسراء 12)، أنه كان مثل الشمس ثم انطفأ.[70]
60.السورة افتتحت بالتكوير واختتمت بالاستقامة، وهما أساسا علم المثلثات الكرويّ، الذي أرسى قواعده مجموعة من العلماء المسلمين وكان أشهرهم البتاني الذي طوّره هو وابن الهيثم وغيرهم وطبقوه في حل المسائل الفلكية.
61.معنى إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ يعني: أظلمت[71]، وذهبت[72]، وذهب ضوءها[73]، وغُوِّرت[74]. قال ابن جرير: والصواب من القول عندنا في ذلك أن التكوير جمع الشيء بعضه على بعض، ومنه تكوير العمامة وجمع الثياب بعضها إلى بعض. وهو نفس المعنى الذي ذكره ابن كثير. عن أبِي هُريرةَ عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "الشَّمْسُ وَالقَمَرُ يكوَّران يَوْمَ القِيَامَةِ"[75]. قلت: والظاهر من كلام العرب أن لفظ الكرة كان يغلب إطلاقه على الأشياء ذات الأشكال المكورة كالعمامة وغيرها مما ليس منتظما بل مجموعًا بعضه إلى بعض، لأن البيئة لم تكن علميةً بما يكفي لضبطِ مصطلحِ التكويرِ مع الانتظام، مع وقوفهم على الشكل المنتظم المعروف بذاته في بعض مخلوقات الله المشهودة والمتداولة كالعين والفاكهة.
62.حين قال الله {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} لم تكن الشمس قد خلقت بعْد، فالخطاب يجعل المخاطَبَ آنذاكَ (الملائكةَ التالياتِ للذِّكرِ مثلًا) ينتظر خلق الشمس وتكويرها (ومعنييهما كليهما طبعا)، وهنا الاحتمالات التالية:
- ربما يقصد بالتكوير جمع تلك الحمم والمكونات الملتهبة إلى بعضها لضغطها في أصغر حجم بعد أن كانت موزعة في الشكل الكروي المنقوص (يتسم بالفراغية وعدم الانتظام التام بمركز ونصف قطر) إلى الشكل الكروي المكتمل.
- ربما كان للشمس شكل آخر الآن لكننا نرى المستقبل[76]، وهذا الرأي وإن كان يعضده تركيبُ الجملةِ اللغويُّ الدالُّ على شرطٍ لحدوثِ التكويرِ في المستقبل، وحديثُ عبدِ الله بن عمر قَالَ قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَلْيَقْرَأْ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ"[77].فإنه يترتب عليه متناقضات، إذ أننا إذا افترضنا صحة هذا الرأي فيلزم أن القمر كذلك الآن نراه في المستقبل، بدليل الحديث السابق الذي يتكلم عن تكوُّر الشمس والقمر كليهما يوم القيامة عند البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "الشَّمْسُ وَالقَمَرُ يكوَّران يَوْمَ القِيَامَةِ"، وكذلك الأرض والكواكب قد لا تكون كروية إلَّا إذا اعتبرنا للقرب منها أثرا على الزمن بخلاف الشمسِ[78]. فإن لم تكن الأرض كروية الآن فصحيح تفسير القائلين بانبساطها، وهذا ما هو بعيد جدًّا.
63.مقارنة يوم القيامة مع يوم من أيام الدنيا.
64.تناول بداية هذا اليوم العظيم. الذي ذكر في الفاتحة -مباشرة قبلها - بالتفصيل، عن أُبيّ بن كعب[79] قال: ست آيات قبل يوم القيامة، بينا الناس في أسواقهم إذ ذهب ضوء الشمس، فبينما هم كذلك إذ تناثرت النجوم، فبينما هم كذلك إذ وقعت الجبالل على وجه الأرض فتحركت واضطربت واختلطت، ففزعت الجن إلى الإنس والإنس إلى الجن، واختلطت الدواب والطير والوحوش، فماجوا بعضهم في بعض: {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ} قال: اختلطت، {وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ} قال: أهملها أهلها، {وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ} قال: قالت الجن: نحن نأتيكم بالخبر، قال: فانطلقوا إلى البحر فإذا هو نار تأجج، قال: فبينما هم كذلك إذ تصدعت الأرض صدعة واحدة إلى الأرض السابعة السفلى وإلى السماء السابعة العليا، قال: فبينما هم كذلك إذ جاءتهم الريح فأماتتهم".
{وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ}( التكوير 4).
65.العِشار هي النوق التي مضى على حملها عشرة (10) أشهر، فالناس ينتظرون حملها بعد تتالي الشهور. ولم يرد ذكر الشهر بعد، فظاهرة حمل الناقة متكررة ومحفزة للإنسان للبحث عن مدتها، فكأنها تمهيد بالتساؤل عن الشَّهر. وكلمة العشار بمدلولها إذن استخدمها القرآن الكريم دون الإبل لصلتها باليدين التي ذكرت من قَبْلُ ونظامِ العَدّ، وصلتِها بالحَمْلِ والسِّنين والحساب.
{وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ} (التكوير 7).
66.التزويج: يُقَالُ لِكلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْقَرِينَيْنِ مِنَ الذّكَرِ وَالْأُنْثَى في الحَيَوَانَاتِ المُتَزَاوِجَةِ زَوْجٌ وَلِكُلِّ قَرِينَيْنِ فِيهَا وفي غَيْرِهَا زَوْجٌ، كالخُفِّ وَالنّعْلِ، وَلِكُلِّ مَا يَقْتَرِنُ بِآخَرَ مُمَاثِلاً لهُ أَوْ مُضَادٌّ[80].
67.إشارة إلى العدد 2، وإلى اقترانٍ مثنى مثنى يوم القيامة.
68.التزويج بين النفوس لم يتم بعد، أما الحادث الآن فهو تزويج بين الأجساد مع احتمال كون النفوس هي ذاتها التي تكون مزوجة في الآخرة، لذا فالنتيجة النهائية لن تكون إلا بالقيامة. وهكذا يفهم اشتراك الأفعال كورت وزوجت وغيرها في الآية في معنى الحدوث في المستقبل.
69.عن ابن عباس قال: يَسِيلُ وَادٍ مَنْ أَصْلِ الْعَرْشِ مِنْ مَاءٍ فِيمَا بَيْنَ الصَّيْحَتَيْنِ وَمِقْدَارُ مَا بَيْنَهُمَا أَرْبَعُونَ عَامًا فَيَنْبُتُ مِنْهُ كُلُّ خَلْقٍ بَلِيَ مِنَ الْإِنْسَانِ أَوْ طَيْرٍ أَوْ دَابَّةٍ وَلَوْ مَرَّ عَلَيْهِمْ مَارٌّ قَدْ عَرَفَهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ لَعَرَفَهُمْ عَلَى الْأَرْضِ قَدْ نَبَتُوا ثُمَّ تُرْسَلُ الْأَرْوَاحُ فَتَزَوَّجُ الْأَجْسَادُ فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ}[81].
{فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (16) وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ} (التكوير 15 - 18).
70.كل ما يخنس ويجري ويكنس من الكواكب التي نرصدها بالليل تتغير مواضعها، وذلك يثير التساؤل عن طبيعة حركة الأرض والأجرام.
71.خاصيتان في الليل والصبح: العسعسة والتنفس.
72.ذكر الليل والصبح معا مرة ثانية لكن في سياقٍ مختلفٍ يجمع فيه عناصر العائلة الكبيرة للأرض من الشمس والنجوم. وفيه تحفيز لفهمِ العلاقة القائمة بين الشمس والنجوم وتتالي الأيام بالليل والصبح.
73.ولأنه إذا عسعس الليل بأرض فإنما يتنفس الصبح في أرض أخرى والأفق المبين المظهر لذلك، أو يتنفس الصبح في نفس الأرض في زمن آخر. وجاء ذلك بعد النجوم والكواكب (الْخُنَّسِ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ)، بخلاف آيات المدثر فجاءت بعد القمر.
74.الصبح ثالث وقتٍ فيما يلي الليل بعد الفجر. (هل يمكن أن نستقرئ نزول نجم فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ بعد سورة الفجر؟).
{ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ} (التكوير 20).
75.أول ما جاء من ذكر الْعَرْشِ [82]، والتساؤل أين هو؟.
{وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22) وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (23) وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ} (التكوير 22 - 24).
76.توجيه النظر إلى الْأُفُق الْمُبِينِ الموضحِ لحقيقة كروية الأرض، وهي في اليابسة ظاهرة وفي البحر مع السفن القادمة أظهر، ويعزز ذلك أن السورة اسمها التكوير، وتتناول كروية الشمس. وحينئذ يمكن تعميم النتيجة لتشمل أشكال الكواكب والنجومم جميعها، واستكشاف طبيعة حركة الأجرام في الفلك والكون.
77.وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ[83]: بلغ النبي صلى الله عليه وسلم ما رأى وسمع من الغيب ومن وحي ربه، ومن جهة المنهج العلمي الذي جاء في سورة المدثر، فإن التبليغ الصادق أحد الأركانِ، فهذا رسول الله بُلِّغَ علمًا من الله من طريق الرسولِ جبريل عليه السلام، وأُلهمَ التَّثَبُّتَ من صدقه فبلَّغَهُ، وذاكَ ابن المغيرةِ وكلُّ كافرٍ بُلِّغَ من طريق الرسول صلى الله عليه وسلم عِلمًا وأُلهمَ التثبتَ من صدقه فكَتَمَهُ وبدَّلهُ.
{وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (25) فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (26) إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (27) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (التكوير 25 - 29).
78.الكرة وعلم الأُكَرِ والهندسة الفضائية {كُوِّرَتْ}، والمستقيم في المستوية: {يَسْتَقِيمَ}[84].
79.هنا تتمة نزول السور السبع الأول، ولعل بعضها نزل منها فواتحها فقط.
[1] أرسى الإسلام قواعد علم عدد السنين والحساب من طريق غير مباشر، وليس الحال فيها كالأوامر الشرعية، ولو أراد الناس تغيير ترتيب الأرقام، أو اعتماد نظام غير العشري في الاستخدام العام في الأرض كلها مثلاً لما وسعهم ذلك، بلْ أثبته الله تعليما جبريًّا وأمرا كونيا كصورة ابن آدم والشمس والقمر والمشرق والمغرب والليل والنهار. وضرب الله لنا مثلاً أرفقه بأوامر الشرع مما هو كونيٌّ استحدث العرب بدعةً شوهته وهو عدة الشهور(النسيء).
[2] في سويسرا، بدأت الساعة الذرية FOCS 1 والمصنوعة من السيزميوم المبرد باستمرار عملها رسميا عام 2004 ويقدر مقدار الخطأ بحدود ثانية واحدة كل 30 مليون سنة https://ar.wikipedia.org/wiki/ساعة_ذرية
[3] أما السمع فبتلقي العلم بالوحي من الله، وإعمال العقل في المحسوسات بالسمع والبصر والملامسة. والشم به استنشاق الهواء وقوام الروح والنفس في الحياة لدرك ما سبق.
[4] في التفسير الكبير المسمى البحر المحيط: ومفعولا علم محذوفان، إذ المقصود إسناد التعليم إلى الله تعالى، وقدر بعضهم {الذِي عَلَّمَ} الخط {بِالْقَلَمِ} وهي قراءة تعزى لابن الزبير، وهي عندي على سبيل التفسير، لا على أنها قرآن لمخالفتها سواد المصحف، والظاهر أن المعلم كل من كتب بالقلم، وقال الضحاك : إدريس، وقيل: آدم لأنه أول من كتب، والإنسان في قوله: {عَلَّمَ الإِنسَانَ} الظاهر أنه اسم الجنس، عدد عليه اكتساب العلوم بعد الجهل بها، وقيل: الرسول صلى الله عليه وسلم.
[5] والجمل الخمسُ المذكورة أنسبُ وأشملُ وأكمل وأعدل ما يجب على الداعية لله أن يثبته للمدعو على الترتيب، وهي المقدمة لعلومٍ جمة: الوجود، والجدل والبراهين، والدعوة، ومقرنة الأديان والشرائع وغيرها.
6] عند ابن جرير الطبري: عن ابن عباس قال: إنَّ أول شيءٍ خلقَ ربِّي عز وجل القلم، ثم قال له: اكتبْ، فكتبَ ما هو كائن إلى أن تقوم السَّاعة، ثم خَلق"النون" فوق الماء، ثم كبس الأرض عليه.
[7] في المقاييس في اللغة: "السين والطاء والراء أصلٌ مطّرد يدلُّ على اصطفافِ الشىء، كالكتاب والشجر، وكلّ شىء اصطَفَّ". وفي مفردات القرآن الكريم: "والسَّطَرُ الصَّفُّ مِنَ الكِتَابةِ وَمِنَ الشَّجَرِ المَغْرُوس ومِنَ القومِ الوقُوفِ، وَسَطّرَ فُلانٌ كذا كَتَبَ سَطْراً سَطْراً."
[8] اجتهدت في مكان هذا النجم، لكون القلم لم تنزل دفعة واحدة.
[9] في الآيات أواخر السورة التي نزلت من بعد جاء تفصيل أدق للأجزاء (الكسور): الثلثين 2/3، والنصف ½ ، والثلث 1/3 والمتراجحة بها (أدنى من ) والمساواةِ على قراءة النصب في "ونصفَه وثلثَه". في قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَىٰ مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ}.
[10] مصطلح المضاعفة في قوله تعالى: {كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} (البقرة 261).
[11] يقول د. عباس علي عبد الرضا رئيس مركز البحوث والدراسات التربوية عميد الكلية التربوية المفتوحة في الآيات القرآنية ومفاهيم الرياضيات: وقد استعمل العالم الرياضي المسلم الخوارزمي، مخترع الجبر، أداة الاستثاء ( (إلا) في عملية الطرح الحسابية. الخوارزمي، الجبر والمقابلة، ص 12.
[12] قد يكون الميزان المنزل هو التعليم المعنوي للإضافة والنقص حتى موافقة الوزن بالقسط، فإن كان الأمر كذلك فهذه الآية دعامة الأساس لتعليم الوزن، وبنزولها بدأ نزول الميزان، وحينئذ لا انفكاك للميزان عن الكتاب.
[13] تطبيق ما سبق من المعارف يكون بالتدبر، الذي لا يحصل إلا بالقراءة المتأنية المضمونة بالترتيل، وسبحان من قال: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} ( المزمل 4).
[14] رسول الله يخاطبنا بما نعقل لئلا يكذب الله ورسوله، ولو أنه خاطبنا بما لا نعقل من استنتاجاته وفقهه بالتفصيل، كمثل مرئياته في دعوته جن نصيبين والملائكة التي أبهرت ابن مسعود، أو مشاهداته في الإسراء والمعراج لما وعينا ولما فقهنا، وحسبك أن أولي العلم الجهابذة يتتبعون السنَّة بنصب، وهي لم تخاطبنا بالفيزياء والحساب وعلوم العصر. والسؤال: هل يخفى على رسول الله بعض العلوم المتضمنة في القرآن، وجوابه لا، لأنه أعلم الناس أن الله ما فرط في الكتاب من شيء.
[15] قال ابن تيمية: "وأما الظلمة في الليل فقد قيل: هي كذلك، وقيل: هي أمر وجودي، فهذا الليل وهذا النهار اللذان يختلفان علينا، اللذان يولج الله أحدهما في الآخر، فيولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل، ويخلف أحدهما الآخر" ، وجاء في الكامل في التاريخ: " فإن بعضهم يقول: إنّ الليل خُلق قبل النهار؛ ويستدلّ على ذلك بأن النهار من نور الشمس فإذا غابت الشمس جاء الليل فبان بذلك أن النهار، وهو النور، وارد على الظلمة التي هي الليل، وإذا لم يرد نور الشمس كان الليل ثابتاً، فدّلّ ذلك على أنّ الليل هو الأوّل؛ وهذا قول ابن عباس. وقال آخرون: كان النهار قبل الليل، واستدلّوا بأن الله تعالى كان ولا شيء معه، ولا ليل ولا نهار، وأن نوره كان يضيءُ به كل شيء خلقه حتى خلق الليل. قال ابن مسعود: إن ربكم ليس عنده ليلٌ ولا نهار، نور السموات من نور وجهه."
[16] المادة المظلمة أو المادة المعتمة أو المادة السوداء (بالإنجليزية: Dark matter) هي مادة افترضت لتفسير جزء كبير من مجموع كتلة الكون. لايمكن رؤية المادة المظلمة بشكل مباشر باستخدام التلسكوبات، حيث من الواضح أنها لا تبعث ولاتمتص الضوء أو أي إشعاع كهرومغناطيسي آخر على أي مستوى هام[1]. عوضاً عن ذلك، يستدل على وجود المادة المظلمة وعلى خصائصها من آثار الجاذبية التي تمارسها على المادة المرئية، والإشعاع، والبنية الكبيرة للكون. وفقا لفريق بعثة بلانك، واستنادا إلى النموذج القياسي لعلم الكونيات، فإن مجموع الطاقة-الكتلة في الكون المعروف يحتوي على المادة العادية بنسبة 4.9٪، و المادة المظلمة بنسبة 26.8٪ والطاقة المظلمة بنسبة 68.3٪.[2][3] وهكذا، فأن المادة المظلمة تشكل 84.5٪ من مجمل المادة في الكون، بينما الطاقة المظلمة بالإضافة إلى المادة المظلمة تشكل 95.1٪ من المحتوى الكلي للكون.[4][5] https://ar.wikipedia.org/wiki/مادة_مظلمة
[17] ونور النهار في الدنيا جزء يسير جدا من نور الله في الآخرة، كمثل النار في الدارين.
[18] لسان العرب. ويسند هذا المعنى ما جاء في الحديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص فيقول : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول :"إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ خَلْقَهُ فِي ظُلْمَةٍ، ثُمَّ أَلْقَى عَلَيْهِمْ مِنْ نُورِهِ يَوْمَئِذٍ، فَمَنْ أَصَابَهُ مِنْ نُورِهِ يَوْمَئِذٍ اهْتَدَى، وَمَنْ أَخْطَأَهُ ضَلَّ" السلسلة الصحيحة " (رقم/1076).
[19] الحواسيب الكمية قد تكون وسيلة لذلك في المستقبل القريب.
[20] وستجد القواعد في فصل منفرد.
[21] كان للإنسان الأول علم أوسع بالتوحيد والوجود والتاريخ والأحياء ونشوء الكون لقرب عهده به، أما عدد السنين الحساب الذي يحتاج إلى وقت طويل لإتقانه فلا. وإنسان اليوم قلب الأمر له.
[22] وفي القرآن قوله تبارك وتعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} (يونس 67)، وقوله: {أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (النمل 86) وقوله: { اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ} (غافر 61).
[23] https://ar.wikipedia.org/wiki/رياضيات
[24] John McLeish, Ph. D The story of numbers how mathematics has shaped civilization, P2
[25] هل هذا درس في الفيزياء والفلك والرياضيات بعد تيه البشرية الطويل. تصور الطفل الذي يشاهد الظواهر المتكررة ولا يجمع بينها -لمحو فرضياته- لفهم ما يحدث إلا بمعلم.
[26] مواضع ذكر اليوم كثيرة وكلها قبل سورة الفاتحة تتكلم عن يوم القيامة وليس عن أيام الدنيا.
[27] في الآية تنبيه إلى كل إنسان، بدءا من آدم عليه السلام الذي كان وحيدا وحدة تامة لا يوجد فيها معه من يؤنسه من بني جنسه، ثم أنعم الله عليه بالمال والبنين والتمهيد، ويدخل هذا المعنى في استنباط "علم الوجود" و"علم الأحياء" و"علم النفس". وعند البيضاوي: قَوْلُهُ: وَحِيدًا فِيهِ أَوْجُهٌ، أَحَدُهَا: أَنَّهُ حَالٌ مِنَ الْيَاءِ فِي "ذَرْنِي" أَيْ: ذَرْنِي وَحْدِي مَعَهُ فَأَنَا أَكْفِيكَ فِي الِانْتِقَامِ مِنْهُ. الثَّانِي: أَنَّهُ حَالٌ مِنَ التَّاءِ فِي "خَلَقْتُ" أَيْ: خَلَقْتُهُ وَحْدِي لَمْ يُشْرِكْنِي فِي خَلْقِهِ أَحَدٌ، فَأَنَا أَمْلِكُهُ. الثَّالِثُ: أَنَّهُ حَالٌ مِنْ "مَنْ". الرَّابِعُ: أَنَّهُ حَالٌ مِنْ عَائِدِ الْمَحْذُوفِ أَيْ: خَلَقْتُهُ وَحِيدًا. الْخَامِسُ: أَنْ يَنْتَصِبَ عَلَى الذَّمِّ. وَ"وَحِيدٌ" كَانَ لَقَبًا لِلْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ. وَمَعْنَى "وَحِيدًا": ذَلِيلًا قَلِيلًا. وَقِيلَ: كَانَ يَزْعُمُ أَنَّهُ وَحِيدٌ فِي فَضْلِهِ وَمَالِهِ. وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا يَقْتَضِي صِدْقَ مَقَالَتِهِ، لِأَنَّ هَذَا لَقَبٌ لَهُ شُهِرَ بِهِ، وَقَدْ يُلَقَّبُ الْإِنْسَانُ بِمَا لَا يَتَّصِفُ بِهِ، وَإِذَا كَانَ لَقَبًا تَعَيَّنَ نَصْبُهُ عَلَى الذَّمِّ.
[28] تفسير ابن كثير.
[29] وذُكر أنه عُنِي بذلك: الوليد بن المغيرة المخزومي، وقد يراد الاثنان بخصوصية النزول وعمومية المنزل لأجله.
[30] الحاديث الواردة أن صعودا جبل أو عقبة في النار ضعيفة، عن أبي سعيدٍ، عنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: الصَّعودُ: جبلٌ مِن نارٍ يَتصعَّدُ فيهِ الكافرُ سبعينَ خَريفًا، ويَهوِي فيه كذلكَ أبدًا. الترمذي (3326)، وقال: حديث غريب إنما نعرفه مرفوعًا من حديث ابن لهيعة. وضعفه الألباني في ضعيف الترمذي (657).
[31] قول الله عز وجل: {كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ} (التكاثر 5 - 7)، وفي البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ـ رضى الله عنه قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "الْجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ، وَالنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ".
[32] تفسير ابن عاشور.
[33] ودليل معنى الصعود عبر الفضاء ما جاء في قوله تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} (الأَنعام 125). وكذلك قوله: {وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا (16) لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا} (الجن 16 - 17)، فإنه عذاب من جنس ما ذكرته سورة الجن من حال الجن في صعودهم لاستراق السمع، وعذابهم في تلك الطرائق بالشهب المرسلة عليهم، وذلك أيضا ما جاء بخطاب كلا الثقلين في قوله: { يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (33) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (34) يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ} (الرحمن 33 - 35)، والله أعلم.
[34] ثم قال: " ونحن نقسم هذا الكتاب سبع مقالات: ونبين في المقالة الأولى كيفية الإبصار بالجملة ونبين في المقالة الثانية تفصيل المعاني التي يدركها البصر وعللها وكيفية إدراكها ونبين في المقالة الثالثة أغلاط البصر فيما يدركه على استقامة وعللها ونبين في المقالة الرابعة كيفية أدراك البصر بالانعكاس عن الأجسام الصقيلة ونبين بالمقالة الخامسة مواضع الخيالات وهي الصور التي ترى في الأجسام الصقيلة ونبين في المقالة السادسة أغلاط البصر فيما يدركه بالانعكاس وعللها ونبين في المقالة السابعة كيفية إدراك البصر بالانعطاف من وراء الأجسام المشفة المخالفة الشفيف لشفيف الهواء ونختم الكتاب عند آخر هذه المقالة.
وقد كنا ألفنا مقالة في علم المناظر سلكنا في كثير من مقاييسها طرقاً إقناعية فلما توجهت لنا البراهين المحققة على جميع المعاني المبصرة استأنفنا تأليف هذا الكتاب. فمن وقع إليه المقالة التي ذكرناها فليعلم أنها مستغنى عنها بحصول المعاني التي فيها في مضمون هذا الكتاب." انتهى كلام ابن الهيثم.
[35] إن كنت لابد شارحا فقل بصُرَ، على ما بينهما من اختلاف في النتيجة لاختلاف الحواس المستخدمة في كلا الفعلين.
[36] تفسير الطبري.
[37] انظر موضع التقدير من الوليد لمسألة الحكم إجمالا بالنظر في القرآن أجنون هو أم كهانة أم شعر، ولما اعتمد عليه من قدر ماله الذي لأجله استحق دعاء الله عليه مرتين بقوله {فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ} (المدثر 19 - 20) ، جاء في الحديث "لما نزل : حم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ إلى قوله: إِلَيْهِ الْمَصِيرُ سمعه الوليد يقرؤها فقال: والله لقد سمعت منه كلاما ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن، وإن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه ليعلو ولا يعلى عليه، وما يقول هذا بشر. فقالت قريش: صبا الوليد لتصبون قريش كلها. وكان يقال للوليد ريحانة قريش، فقال أبو جهل: أنا أكفيكموه. فمضى إليه حزينا؟ فقال له: ما لي أراك حزينا. فقال له: وما لي لا أحزن وهذه قريش يجمعون لك نفقة يعينونك بها على كبر سنك ويزعمون أنك زينت كلام محمد، وتدخل على ابن أبي كبشة وابن أبي قحافة لتنال من فضل طعامهما، فغضب الوليد وتكبر، وقال: أنا أحتاج إلى كسر محمد وصاحبه، فأنتم تعرفون قدر مالي، واللات والعزى ما بي حاجة إلى ذلك، وإنما أنتم تزعمون أن محمدا مجنون، فهل رأيتموه قط يخنق؟ قالوا: لا والله، قال: وتزعمون أنه شاعر، فهل رأيتموه نطق بشعر قط؟ قالوا: لا والله. قال: فتزعمون أنه كذاب فهل جربتم عليه كذبا قط؟ قالوا: لا والله. قال: فتزعمون أنه كاهن فهل رأيتموه تكهن قط، ولقد رأينا للكهنة أسجاعًا وتخالجًا فهل رأيتموه كذلك؟ قالوا: لا والله. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يسمى الصادق الأمين من كثرة صدقه. فقالت قريش للوليد: فما هو؟ ففكر في نفسه، ثم نظر، ثم عبس، فقال ما هو إلا ساحر! أما رأيتموه يفرق بين الرجل وأهله وولده ومواليه؟ فذلك قوله تعالى: إنه فكر أي في أمر محمد والقرآن وقدر في نفسه ماذا يمكنه أن يقول فيهما.
[38] قاله ابن عاشور في التحرير والتنوير.
[39] مروي عن ابن عباس، سقر علَم لطبقة من جهنم، قال ابن عطية: سقر هو الدرك السادس من جهنم على ما روي اه. واقتصر عليه ابنُ عطية." تفسير بن عاشور.
[40] ربما كان هناك علاقة بين الأشكال السداسية للتلسكوبات وشكل سحب زحل التي تأخذ شكلا سداسيا أيضا في قطبها الشمالي بحجم أكبر من الأرض بست مرات، لوحظ ثباتها لمدة تزيد على عشرين سنة.
[41] نزول هذا الجزء من سورة المدثر ليس ثابتًا، ولا أعلم بعد ماذا كان؟
[42] كأنما هي صورة نظرية التطور المحمدية في صبغة عددية.
[43] ويمكن تعريف النظام الثماني مثلاً محاكاةً لما سبق بذكر: العدد 17[SUB]8[/SUB] (سبعة واحد ثماني) الذي هو 15[SUB]10[/SUB](خمسة عشر).
[44] قال السيوطي في الإتقان في علوم القرآن: الَّذِي اسْتُقْرِئَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَغَيْرِهَا: أَنَّ الْقُرْآنَ كَانَ يَنْزِلُ بِحَسْبِ الْحَاجَةِ: خَمْسُ آيَاتٍ وَعَشْرُ آيَاتٍ وَأَكْثَرُ وَأَقَلُّ، وَقَدْ صَحَّ نُزُولُ الْعَشْرِ آيَاتٍ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ جُمْلَةً، وَصَحَّ نُزُولُ عَشْرِ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ ( الْمُؤْمِنُونَ ) جُمْلَةً، وَصَحَّ نُزُولُ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ [النِّسَاءِ : 95] وَحْدَهَا، وَهِيَ بَعْضُ آيَةٍ. وَكَذَا قَوْلُهُ وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً [التَّوْبَةِ : 28] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، نَزَلَتْ بَعْدَ نُزُولِ أَوَّلِ الْآيَةِ كَمَا حَرَّرْنَاهُ فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ، وَذَلِكَ بَعْضُ آيَةٍ . [ ص: 164 ] وَأَخْرَجَ ابْنُ أَشْتَةَ فِي كِتَابِ "الْمَصَاحِفِ"، عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ بِمَوَاقِعِ [ الْوَاقِعَةِ : 75 ] قَالَ: أَنْزَلَ اللَّهُ الْقُرْآنَ نُجُومًا ثَلَاثَ آيَاتٍ، وَأَرْبَعَ آيَاتٍ، وَخَمْسَ آيَاتٍ . وَقَالَ النِّكْزَاوِيُّ فِي كِتَابِ " الْوَقْفِ " : كَانَ الْقُرْآنُ يَنْزِلُ مُفَرَّقًا، الْآيَةَ وَالْآيَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ وَالْأَرْبَعَ، وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. وَأَخْرَجَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ، مِنْ طَرِيقِ أَبِي نَضْرَةَ ، قَالَ : كَانَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ يُعَلِّمُنَا الْقُرْآنَ خَمْسَ آيَاتٍ بِالْغَدَاةِ وَخَمْسَ آيَاتٍ بِالْعَشِيِّ، وَيُخْبِرُ أَنَّ جِبْرِيلَ نَزَلَ بِالْقُرْآنِ خَمْسَ آيَاتٍ، خَمْسَ آيَاتٍ. وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي خَلْدَةَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ عُمَرَ قَالَ : تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ خَمْسَ آيَاتٍ خَمْسَ آيَاتٍ ; فَإِنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يَنْزِلُ بِالْقُرْآنِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَمْسًا خَمْسًا. وَمِنْ طَرِيقٍ ضَعِيفٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: أُنْزِلَ الْقُرْآنُ خَمْسًا خَمْسًا إِلَّا سُورَةَ الْأَنْعَامِ، وَمَنْ حَفِظَ خَمْسًا خَمْسًا لَمْ يَنْسَهُ. فَالْجَوَابُ: أَنَّ مَعْنَاهُ - إِنْ صَحَّ - إِلْقَاؤُهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم هَذَا الَقَدْرَ حَتَّى يَحْفَظَهُ، ثُمَّ يُلْقِي إِلَيْهِ الْبَاقِي، لَا إِنْزَالُهُ بِهَذَا الَقَدْرِ خَاصَّةً. وَيُوَضِّحُ ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ - أَيْضًا - عَنْ خَالِدِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: قَالَ لَنَا أَبُو الْعَالِيَةِ : تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ خَمْسَ آيَاتٍ، خَمْسَ آيَاتٍ فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ [ ص: 165 ] يَأْخُذُهُ مِنْ جِبْرِيلَ خَمْسًا خَمْسًا."
[45] يقول محمد الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: "فالله جعل عدة خزنة النار تسعة عشر لحكمة أخرى غير ما ذكر هنا، اقتضت ذلك الجعل، يعلمها الله".
[46] كتاب مفيد جدا في باب اليقين: "أسس اليقين بين الفكر الديني والفلسفي لمؤلفه الدكتور يوسف محمود محمد".
[47] قال القرطبي: قال الأوزاعي: قال موسى: "يا رب من في السماء؟ قال ملائكتي. قال كم عدتهم يا رب؟ قال : اثني عشر سبطا. قال: كم عدة كل سبط؟ قال: عدد التراب" ذكرهما الثعلبي . وفي الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم: أطت السماء وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته لله ساجدا.
[48] جاء في الفتاوى الكبرى في المنطق: " ثم قالوا: إن مبادئ القياس البرهاني هي العلوم اليقينية التي هي الحسيات الباطنة والظاهرة والعقليات والبديهيات والمتواترات والمجربات وزاد بعضهم : الحدسيات. وليس في شيء من الحسيات الباطنة والظاهرة قضايا كلية، إذ الحس الباطن والظاهر لا يدرك إلا أمورا معينة لا تكون إلا إذا كان المخبر أدرك ما أخبر به بالحس فهي تبع للحسيات. وكذلك التجربة إنما تقع على أمور معينة محسوسة . وإنما يحكم العقل على النظائر بالتشبيه وهو قياس التمثيل والحدسيات - عند من يثبتها منهم - من جنس التجريبيات. لكن الفرق: أن التجربة تتعلق بفعل المجرب كالأطعمة والأشربة والأدوية [ص: 71] والحدس يتعلق بغير فعل كاختلاف أشكال القمر عند اختلاف مقابلته للشمس. وهو في الحقيقة تجربة علمية بلا عمل فالمستفاد به أيضا أمور معينة جزئية لا تصير عامة إلا بواسطة قياس التمثيل."
[49] هل الهلال أساس تأصيلي بديل لمعرفة محيط الدائرة ومساحة قرصها، بإمكانه فك لغز العدد "بي"؟ ربما يجدر ربط ذلك بالأعداد 29 و30 عدد أيام الشهر، وكذا 14 ليلة البدر.
[50] تدبر التعبير القرآني الجميل، الذي يصف الليل والصبح كأنما الليل المظلم هارب مولٍّ مدبر، والصبح المنير ضاحك مستبشر مسفر.
[51] وقد أشار القرآن إلى هذه الفائدة في آية الإسراء {وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً} (الإسراء 12).
[52] هذا ما يحدث بقدرة الله عز وجل مع الأطفال الصغار في تعلم العد بتكرر الظواهر، وربما كانت طريقة تعليم آدم عليه السلام على مر السنين الطويلة التي عاشها، إذ أنه عمر أكثر من ألف سنة على الأرجح.
[53] وتمامه: " فَلِذَلِكَ أَقُولُ – في رواية أن القائل هو عبد الله بن عمرو-: جَفَّ الْقَلَمُ عَلَى عِلْمِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ."، قال الشيخ الألباني رحمه الله :" إسناده صحيح رجاله كلهم ثقات " انتهى من " السلسلة الصحيحة " (رقم/1076)
[54] لعل معرفة الملائكة المسميات دون الأسماء ومعرفتها حق الله بالعبادة إلهام يقيها كدر الريبة التي تعتري عقل ابن آدم مع تقدم عمره بسبب معاصيه وغفلته ونزغات الشيطان.
[55] ما تفهم كل لفظة من تراكيبه، ومعنى التركيب أو الجملة لا يفهم إلا بالبحث والتقصي، فإن العرب مثلا أطلقوا على المصائب نعت "بنات الدهر"، قال المتنبي: أبَنت الدَّهْر عندي كلُّ بنتٍ فكيف وصلتِ أنتِ من الزحام؟
[56] السبع المثاني والأعداد الأولية: في الفاتحة إعجاز عددي مبني على الأعداد الأولية: عدد آياتها 7 أولي، وعدد كلماتها 29 أولي(مجموع أرقامه 11 أولي)، وعدد حروفها 139 أولي(مجموع أرقامه 13 أولي)، وبضمها في الاتجاهين تنتج عددين أوليّين 729139 و 139297 (مجموع أرقامهما 31 أولي)،. وهي إلى سور القرآن 1 إلى 113 (أوليان) (ومجموع أرقام الأخير 5 أولي)، وآياتها إلى آيات القرآن 7 إلى 6229 (أوليان) (ومجموع أرقام الأخير 19 أولي). ومعلوم ما للأعداد الأولية من أهمية تشغل لأجلها جهود علماء كثيرين لكونها تقف على أسرار غامضة خفية بحلها تفتح مجالات رحبة للعلم.
[57] عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ:"أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، مِائَةً وَأَرْبَعَةَ كُتُبٍ مِنَ السَّمَاءِ ، أَوْدَعَ عُلُومَهَا أَرْبَعَةً مِنْهَا: التَّوْرَاةَ، وَالإِنْجِيلَ، وَالزَّبُورَ، وَالْفُرْقَانَ، ثُمَّ أَوْدَعَ عُلُومَ التَّوْرَاةِ، وَالإِنْجِيلِ، وَالزَّبُورِ، وَالْفُرْقَانِ، ثُمَّ أَوْدَعَ عُلُومَ الْقُرْآنِ الْمُفَصَّلَ، ثُمَّ أَوْدَعَ عُلُومَ الْمُفَصَّلِ، فَاتِحَةَ الْكِتَابِ، فَمَنْ عَلِمَ تَفْسِيرَهَا، كَانَ كَمَنْ عَلِمَ تَفْسِيرَ جَمِيعِ كُتُبِ اللَّهِ الْمُنَزَّلَةِ".
[58] قال بهذا التصنيف جمهور من العلماء المسلمين منهم الشوكاني ومن قبلهم اليونان، وهو أصوب التصانيف وأشملها، وكنت درست موضوع اشتمال الفاتحة العلوم كلها فدهشت للتقارب الشديد لما انتهيت إليه مع ذلك التصنيف، وهو تصنيف قائم على تقسيمها إلى علوم شرعية وعلوم فلسفية، والفلسفية تنقسم إلى: علم إلهي، وعلم طبيعي، وعلم رياضي، وعلم هندسي.
[59] ذلك أن الحياة لابد لها من وحدة أساسية هي اليوم الذي لتكوينه خلق الشيء وزوجه ب"كن" وتطور إلى الذرات ثم بطول الزمن إلى جماد كالأرض والشمس والقمر المنشئة بحركتها لليوم الدال على التعداد والزمن، وكل ذلك يسهم في نشأة الحياة بتهيئة ظروف خلق الخلايا الحية النباتية والحيوانية. وإذا أمعنت النظر ألفيت أن العلم الطبيعي يتأتى بملاحظة هذه الموجودات من جماد ونبات وحيوان والتجربة وكل من (الملاحظة والتجربة والاستقراء والاستنباط) لا تتم بغير أساسياتٍ مفتاحها الجامع هو اليوم، الحاوي للرؤية والضياء والزمن والعدد. وأما عن ذكر يوم الدين دون أيام الدنيا فلكون الدنيا كلها بأيامها لا تكاد تكون بمدتها شيئا يذكر مع يوم الخلود الأيدي. فكذلك العلم الطبيعي كله إذا لم يرتفق بغاية علم الآخرة فهو مهينٌ وأولى أن يذكر مضمنا بالتعريض لاجتماع أساسه الذي ذكرتُ وهو اليوم في الاسم مع يوم الدين وبينهما ما لا يوصف من البون. ولا غرابة أن تكون الفاتحة أم الكتاب.
[60] معنى الدين الحساب والجزاء، كما في القاموس المحيط، ومنه قوله تعالى: {أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ} (الصافات 53) أي لمحاسبون مجزيون، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الكَيِّسُ من دَانَ نفسَهَ وعَمِل لِـما بعد الـموت»، أي حاسب نفسه. وعند ابن كثير والطبري: "{يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ} قال ابن عباس: ( دينهم ) أي: حسابهم ".
[61] كلمة «geometry» تعنى حرفيا «قياس الأرض » أي عملية المسح. المعرفة، العدد ص 22.
[62] {وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (الفتح 6).
[63] {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} (المائدة 52).
[64] {وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (التوبة 98).
[65] في قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (71) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ (72) نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ} (الواقعة 71 - 73).
[66] ولعل محدودية شكل الدائرة وضيق ما تحصر من المساحة هي شكل جهنم المحيطة بالكافرين أعاذنا الله منها، بخلاف الجنة الممتدة التي عرضها كعرض السماء والأرض.
[67] ومعلوم ما لليدين من أهمية في تعلم الإنسان العدّ بهما منذ أيام عمره الأولى. جعلهما الله زوجاً وكل يدٍ تحوي وتراً من الأصابع، ومجموعهما هو العشرة أساس نظام التعداد لدى البشر. والملفت للنظر أن نسبة التباب هاهنا كانت لليدين لا لسواهما من الجوارح كالعقل أو القلب أو الناصية. وهناك نوع خاص من الحساب يعرف بحساب اليد أو حساب العقود.
[68] تأمل البنان الذي سيذكر قريبا في سورة القيامة، ومنه السبابة التي هي الوسيلة المهمة المستعملة للإشارة في مبادئ العلم الأولى بتعليم الأسماء: هذا أبي، هذه أمي، هذا هر، هذه سماء...
[69] http://www.wikiwand.com/ar/تخليق_العناصر
[70] أم أن انفجارا عظيما كان وراء نشأة الكون والحياة؟.
[71] قاله علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.
[72] وقال العوفي عن ابن عباس.
[73] قول قتادة.
[74] قاله سعيد بن جبير.
[75] انفرد به البخاري وهذا لفظه.
[76] يقولون أن كثيرا من النجوم اندثرت منذ زمن، والذي نراه صورها منذ سنين لأن ضوءها يصل إلينا بعد سنوات من السير في الفضاء بتلك السرعة الهائلة لفرط البعد عنا.
[77] رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين، وروى الترمذي وأحمد من حديث عَنْ ابْن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُ رَأْيُ الْعَيْنِ ، فَلْيَقْرَأْ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ، وَ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ، وَ إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ ". قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، وصححه الألباني في السلسلة وصحيح الجامع.
[78] التي تبعد عنا مئة وخمسين مليون كم بحسابات علماء الفلك.
[79] رواه ابن جرير وهذا لفظه عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب.
[SUP][SUP][80][/SUP][/SUP] مفردات القرآن الكريم.
[81] وكذا قال أبو العالية وعكرمة وسعيد بن جبير والشعبي والحسن البصري: زوجت بالأبدان. وقيل زوج المؤمنون بالحور العين وزوج الكافرون بالشياطين حكاه القرطبي في " التذكرة"
[82] وليس فيه أنه مخلوق، بل جاء وصف ذِي الْعَرْشِ سبحانه به. فهل سيأتي وحي يجيب عن تساؤل هل هو مخلوق مربوب.
[83] يعد "عَالِمًا" عند البشر من استطاع أن يصل إلى أسرارٍ في الكون والحياة، ويفسرها تفسيرًا علميًّا منطقيًّا، ويبلغ الناس أنه أول من اطلع عليها، وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم أطلعه الله على أعظم الأسرار في غيبه سبحانه وأمره أن يبلغ.
[84] إن الأشياء (جمع شيء أصغر مكون للمادة) تنحو نحو الاستقامة إلى أعلى، لكن هنالك ما يدفعها إلى التكور حول نفسها أولا وحول أجسام أخرى بالحركة حولها.