اسم الله سبحانه (الكبير-الأكبر-المتكبر ) في القرآن

إنضم
16/04/2012
المشاركات
1
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
الإقامة
السعودية
شرح اسم الله تعالى( الكبير-الأكبر-المتكبر )

جاء ذكر اسمه سبحانه (الكبير) في القرآن الكريم في ستة مواضع:
· قوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً}النساء 34.
· وقوله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ } الرعد9
· وقوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}الحج62.
· وقوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ } لقمان30
· وقوله تعالى: {وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ } سبأ 23
· وقوله تعالى: {ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ }غافر12

واسمه المتكبر:
ورد اسمه سبحانه المتكبر مرة واحدة في القرآن الكريم في قوله تعالى:
{هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ }الحشر23

وأما الأكبر جاء في موضعين:
صفة لشهادة الله تبارك وتعالى لصدق رسوله صلى الله عليه وسلم:
· قال تعالى: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ }الأنعام19
وصفة لذكره سبحانه وتعالى
· قال تعالى: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ }العنكبوت45

وجاء تكبير الله تعالى بصيغة الأمر في موضعين:
· قال تعالى: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً }الإسراء111
· قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ* قُمْ فَأَنذِرْ*وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ* وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ }المدثر[1-5]



وفي السنة:
· روىأبوداود،والترمذيفي الشمائل عنحذيفة ; أنه رأى رسول الله صلى اللهعليه وسلم من الليل ، وكان يقول : " الله أكبر - ثلاثا - ذو الملكوت والجبروتوالكبرياء والعظمة "

· عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
( قال الله عز وجل : الكبرياء ردائي ، والعظمة إزاري ، فمن نازعني واحداً منهما قذفته في النار )
الحديث أصله في صحيح مسلم وأخرجه الإمام أحمد و أبوداود وابن ماجة وابن حبان
في صحيحه وغيرهم ، وصححه الألباني ( السلسلة الصحيحة 541 )

· روى مسلم في صحيحه من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَحبُّ الكلام إلى الله - تعالى - أربع، لا يضرك بأيِّهنَّ بدأت: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر"

· روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأن أقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر أحبُّ إلي ممّا طلعت عليه الشمس"

· عن ‏ ‏أنس بن مالك ‏أن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏غزا ‏ ‏خيبر ‏فصلينا عندها صلاة ‏ ‏الغداة ‏ ‏بغلس ‏ ‏فركب نبي الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏وركب ‏ ‏أبو طلحة ‏ ‏وأنا رديف ‏ ‏أبي طلحة ‏ ‏فأجرى نبي الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏في ‏ ‏زقاق ‏ ‏خيبر ‏ ‏وإن ركبتي لتمس فخذ نبي الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏ثم حسر ‏ ‏الإزار ‏ ‏عن فخذه حتى إني أنظر إلى بياض فخذ نبي الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فلما دخل القرية قال :‏ ‏الله أكبر ‏‏خربت ‏ ‏خيبر ‏ ‏إنا إذا نزلنا ‏ ‏بساحة ‏ ‏قوم ‏‏فساء ‏ ‏صباح المنذرين ‏. مسند أحمد















المعنى اللغوي :
«الكاف والباء والراء أصل صحيح يدل على خلاف الصغر ، قال تعالى :
{وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ }القمر53
يقال: هو كبير وكبَار، وكبَّار ... قال تعالى: {وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً }نوح22
ومن الباب الكِبَر: وهو الهرم
والكبر: العظمة ، قال تعالى : {فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ} أي : أعظمنه
وكذلك الكبرياء ، يقال: ورثوا المجد كابرًا عن كابر أي: كبيرًا عن كبير في الشرف والعز»(1).

وقال تعالى : {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ }الأنعام123
والأكابر جمع الأكبر،قال مجاهد وقتادة: { أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا } عظماؤها ، وقيل: الرؤساء والعظماء الذين قد كبر جرمهم، واشتد طغيانهم.

قال تعالى:{فَلَمَّا اسْتَيْأَسُواْ مِنْهُ خَلَصُواْ نَجِيّاً قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُواْ أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُم مَّوْثِقاً مِّنَ اللّهِ وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّىَ يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ } يوسف80 ، قال القرطبي:
(( قوله تعالى: "قال كبيرهم" قال قتادة: وهو روبيل، كان أكبرهم في السن ، وقال مجاهد:
هو شمعون، كان أكبرهم في الرأي. وقال الكلبي: يهوذا؛ وكان أعقلهم.))الجامع لأحكام القرآن

قال تعالى:{قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَى }طه71 ، قال القرطبي:
(( قوله تعالى:{إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ} أي رئيسكم في التعليم))الجامع لأحكام القرآن

قال تعالى: {قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاء فِي الأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ }يونس78
قال القرطبي:(وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاء فِي الأَرْضِ: أي العظمة والملك والسلطان ) الجامع لأحكام القرآن

وأما المتكبر،قال الراغب:«عن ابن السكيت أنه قال:كبْرالشيء: معظمه ، والكبْر من التكبير أيضًا ، فأما الكُبْر بالضم:فهوأكبر ولد الرجل.
وهذه الصفة المتكبرلا تكون إلا لله خاصة؛ لأن الله عز وجل هو الذي له القدرة والفضل الذي ليس لأحد مثله، وهو الذي يستحق أن يقال له: المتكبر.»(2)
فكبير القوم هو :
أكبرهم ورئيسهم وأعظمهم وأقدرهم ، وله السيادة والسلطان والأمر
ويكون كذلك : أعلمهم وأحكمهم وأخبرهم وأوسعهم نظرة وأدراهم بالأمور


المعنى في حق الله تعالى :
قال الخطابي: «الكبير: هو الموصوف بالجلال وكبر الشأن. فصغر دون جلاله كل كبير، ويقال:
هو الذي كبر عن شبه المخلوقين» شأن الدعاء

وقال الزجاجي: «والكبير: العظيم الجليل؛ يقال: فلان كبير بني فلان، أي: رئيسهم وعظيمهم، ومنه قوله تعالى:{وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا}[الأحزاب: 67]
أي: عظماءنا ورؤساءنا. وكبرياء الله: عظمته وجلاله) - اشتقاق الأسماء ص155.

وقال ابن جرير: « (الكبير) يعني العظيم الذي كل شيء دونه ولا شيء أعظم منه» تفسير الطبري

قال الحليمي في معنى الكبير: ( إنه المصرف عباده على ما يريده منهم من غير أن يروه.
وكبير القوم هو الذي يستغني عن التبذل لهم ، ولا يحتاج في أن يطاع إلى إظهار نفسه،والمشافهة بأمره ونهيه، إلا أن ذلك في صفة الله تعالى جده إطلاق حقيقة، وفيمن دونه مجاز؛ لأن من يدعى كبير القوم قد يحتاج مع بعض الناس وفي بعض الأمور إلى الاستظهارعلى المأمور بإبداء نفسه له ومخاطبته كفاحا لخشية أن لا يطيعه إذا سمع أمره من غيره، والله سبحانه وتعالى جل ثناؤه لا يحتاج إلى شيء ولا يعجزه شيء.) (شرح الأسماء والصفات للبيهقي )

ويقول الشيخ السعدي:
الكبير: الذي له الكبرياء في ذاته، وصفاته وله الكبرياء في قلوب أهل السماء، والأرض، قال تعالى:
{وَلَهُ الْكِبْرِيَاء فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }الجاثية37
وقال أيضاً: عن أسمائه (المجيد ، الكبير، العظيم):
«وهو الموصوف بصفات المجد، والكبرياء، والعظمة، والجلال الذي هو أكبر من كل شيء وأعظم من كل شيء وأجل وأعلى، وله التعظيم والإجلال في قلوب أوليائه وأصفيائه، قد ملئت قلوبهم من تعظيمه وإجلاله والخضوع له والتذلل لكبريائه» - تفسير السعدي

وأما «(المتكبر):
هو سبحانه العظيم ذو الكبرياء، المتعالي عن صفات خلقه، المتكبر على عتاتهم
والكبرياء: العظمة والملك ، وقيل: هي عبارة عن كمال الذات، وكمال الوجود، ولا يوصف بها على وجه المدح إلا الله» لسان العرب ، وهي صفة ذات لازمة له سبحانه أبداً .

وقال الخطابي: «المتكبر: المتعالي عن صفات الخلق. ويقال: هو الذي يتكبر على عتاة خلقه إذا نازعوه العظمة فيقصمهم ، والتاء في المتكبر : تاء التفرد، والتخصص بالكبر، لا تاء التعاطي والتكلف» شأن الدعاء ، وقال قتادة: (المتكبر) أي: تكبر عن كل شر . - تفسير الطبري
وقيل: (المتكبر) هو الذي تكبر عن ظلم عباده وهو يرجع إلى الأول . - تفسير الطبري




مما سبق من النقولات يمكن فهم معنى اسمه سبحانه (المتكبر) في المعاني التالية:
1- المتكبر والمتنزه عن كل سوء وشر.
2- المتكبر على عتاة خلقه وجبابرتهم إذا نازعوه العظمة فيقصمهم.
3- المتكبر عن ظلم عباده فلا يظلم أحدًا.
4- المتكبر والمتعالي عن صفات خلقه فلا شيء مثله.
5- الذي كبر وعظم فكل شيء دون جلاله صغير وحقير.
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(يقول الله عز وجل :العظمة إزاري، والكبرياء ردائي فمن نازعني عذبته) (1)
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يسبح ربه سبحانه ويثني عليه في ركوعه وسجوده بهذا الدعاء:
(سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة) (2).

وأما الأكبر:
الله أكبر : أكبر بصيغة أفعل تفضيل ، يقتضي كونه أكبر من كل شيء بجميع الاعتبارات ، وبهذا فسره النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أحمد والترمذي وابن حبان في صحيحه من حديث عدي ابن حاتم في قصة إسلامه ، حيث قال له النبي صلى الله عليه وسلم :
( يا عدي ما يفرك ؟أيفرك أن يقال: لا إله إلا الله ؟ فهل تعلم من إله سوى الله ؟ ثم قال:يا عدي ما يفرك ؟ أيفرك أن يقال : الله أكبر ؟ فهل تعلم شيئاً أكبر من الله ؟ )

يقول الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى - عن معنى التكبير:
« فالله سبحانه أكبر من كل شيء، ذاتًا وقدرًا وعزة وجلالة، فهو أكبر من كل شيء في ذاته وصفاته وأفعاله كما هو فوق كل شيء وعال على كل شيء ، وأعظم من كل شيء ,وأجل من كل شيء في ذاته وصفاته وأفعاله . » الصواعق المرسلة 4/1379.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: ( في قول "الله أكبر" إثبات عظمته، فإن الكبرياء يتضمن العظمة، ولكن الكبرياء أكمل، ولهذا جاءت الألفاظ المشروعة في الصلاة والأذان بقول "الله أكبر" فإن ذلك أكمل من قول الله أعظم . )

وقال القحطاني: هو سبحانه وتعالى الموصوف بصفات المجد والكبرياء، والعظمة والجلال، الذي هو أكبر من كل شيء، وأعظم من كل شيء، وأجل وأعلى، وله التعظيم والإجلال في قلوب أوليائه وأصفيائه. قد ملئت قلوبهم من تعظيمه وإجلاله والخضوع له والتذلل لكبريائه.





فضل التكبير ومواضعه:
قال الله تعالى: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً} [الإسراء: 111].
إن من أعظم الأذكار التي يحبها الله - عز وجل - والتي شرعها في كتابه وسُّنة نبيه صلى الله عليه وسلم: ذكره سبحانه بالتكبير؛ وذلك بقول: «الله أكبر». ولو تتبعنا المواطن التي شرع فيها هذا الذكر العظيم المحبوب لله تعالى وندب الناس إليه وحثهم عليه لوجدناها كثيرة جدّاً ، فمن ذلك:
1- قول الله تعالى بعد آيات الصيام ، قال تعالى: { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 185] ؛ والمقصود به التكبير ليلة عيد الفطر إلى أن تنقضي الصلاة.
2- وقوله - عز وجل - عن ذبح الأنساك في الحج:{ لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ } [الحج: 37].
3- قول: « الله أكبر» للدخول في الصلاة، فتحريم الصلاة التكبير، وتحليلها السلام.
4- وكذلك تكرار التكبير للانتقال من ركن إلى ركن في الصلاة.
5- الإتيان به في الأذان والإقامة في أولها وآخرها وبصورة مكررة.
6- عند الشروع في الطواف حول الكعبة، وعند محاذاة الحجر الأسود في كل شوط.
7- عند الصفا والمروة في السعي بينهما.
8- عند ركوب الدابة في السفر، وعند الارتفاع على كل شرف من الأرض.
9- عند رمي الجمرات في الحج.
10- مشروعيته في عشر ذي الحجة وأيام التشريق.
11- مشروعيته مع التسبيح والتحميد عقب صلاة الفريضة.
12- مشروعيته مع التسبيح والتحميد عند النوم.
13- مشروعيته مع التسبيح والتحميد عندما يتعارّ الإنسان من نومه.
14- عند رؤية الهلال في أول الشهر.
15- الذكر المطلق بالتكبير والتحميد والتسبيح والتهليل، وأنهن الباقيات الصالحات وأنهن من أحب الكلمات إلى الله تعالى.
16- قول: «بسم الله والله أكبر» عند ذبح الأضحية والهدي، والذبح عمومًا.
17- قولها في الجهاد في سبيل الله تعالى وأثر ذلك في هزيمة الأعداء وسقوط المدن، كما قالها الرسول صلى الله عليه وسلم في فتح خيبر، وكما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم عن الجيش الذي يغزو القسطنطينية في آخر الزمان وأنه بالتكبير تسقط جوانب المدينة جانبًا جانبًا.
18- عند رؤية آيات الله - عـز وجـل - وعند التعجـب وتعظـيم الله - عز وجل - وقد أوردت الأمثلة السابقة دون أدلتها طلبًا للاختصار ولاستفاضة صحتها ومعرفتها عند العام والخاص، كالتكبير في الصلاة والأذان، والأذكار دبر الصلوات .






دلالات مواضع التكبير
بالتأمل في المواطن والأحوال التي شرع فيها هذا الذكر العظيم نجده إما قبل الشروع في عبادة أو بعدها، أو في المواضع الكبار التي يجتمع فيها الناس، أو في حضور عدو من شياطين الجن أو الإنس، أو عند رؤية آية من آيات الله عز وجل
وعن سـر التكـبير في هـذه المواطـن يقول شـيخ الإسـلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - بعد أن ساق بعض هذه المواضع:
«... وهذا كله يبين أن التكبير مشروع في المواضع الكبار لكثرة الجمع، أو لعظمة الفعل، أو لقوة الحال أو نحو ذلك من الأمور الكبيرة ليبين أن الله أكبر وتستولي كبرياؤه في القلوب على كبرياء تلك الأمور الكبار؛ فيكون الدين كله لله، ويكون العباد له مكبرين، فيحصل لهم مقصودان: مقصود العبادة بتكبير قلوبهم لله، ومقصود الاستعانة بانقياد الطالب لكبريائه» مجموع الفتاوى 4/229.

التكبير عند رؤية الحريق
وعن سر التكبير عند رؤية الحريق وأثر ذلك في إخماده يقول ابن القيم رحمه الله تعالى:
«... لما كان الحريق سببه النار وهي مادة الشيطان التي خلق منها، وكان فيه من الفساد العام ما يناسب الشياطين بمادته وفعله، كان للشيطان إعانة عليه، وكانت النار تطلب بطبعها العلو والفساد، وهذان الأمران وهما العلو في الأرض والفساد، هما هدي الشيطان وإليهما يدعو وبهما يهلك بني آدم. فالنار، والشيطان كل منهما يريد العلو في الأرض والفساد. وكبرياء الرب - عز وجل - تقمع الشيطان وفعله، ولهذا كان تكبير الله - عز وجل - له أثر في إطفاء الحريق، فإن كبرياء الله - عز وجل - لا يقوم لها شيء، فإذا كبر المسلم ربه، أثر تكبيره في خمود النار وخمود الشيطان التي هي مادته فيطفئ الحريق وقد جربنا نحن وغيرنا فوجدناه كذلك والله أعلم» زاد المعاد 4/212، 213.

فتح القسطنطينية في آخر الزمان بالتكبير
ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((سمعتم بمدينة جانب منها في البر وجانب منها في البحر؟ قالوا: نعم يا رسول الله! قال: لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفاً من بني إسحاق. فإذا جاؤوها نزلوا. فلم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم. قالوا: لا إله إلا الله والله أكبر. فيسقط أحد جانبيها. قال ثور (أحد رواة الحديث): لا أعلمه إلا قال: الذي في البحر. ثم يقولوا الثانية: لا إله إلا الله والله أكبر. فيسقط جانبها الآخر. ثم يقولوا الثالثة: لا إله إلا الله والله أكبر. فيفرج لهم. فيدخلوها فيغنموا. فبينما هم يقتسمون الغنائم، إذ جاءهم الصريخ فقال: إن الدجال قد خرج. فيتركون كل شيء ويرجعون . ( مسلم/2920)

التكبير على الهداية
وقد ورد ذكر التكبير على الهداية في موضعين من القرآن:
الأول: بعد ذكر الصيام وما شرعه الله - عز وجل - فيه من الرخصة والتيسير، قال تعالى:
{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 185]
وقد أخذ كثير من المفسرين من هذه الآية مشروعية التكبير بعد رؤية هلال شهر شوال إلى انقضاء صلاة العيد ، يقول الشيخ السعدي - رحمه الله تعالى - «أي: تعظموه وتجلوه على ما هداكم، أي: مقابلة لهدايته إياكم، فإنه يستحق أكمل الثناء وأجل الحمد، وأعلى التعظيم» تفسير السعدي 3/293.
والثاني: بعد قضاء مناسك الحج، وعند ذبح الهدي والأضاحي، قال تعالى:{ لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ} [الحج: 37]
وعن مشروعية التكبير على الهداية يقول شيخ الإسلام رحمه الله تعالى:
«ولهذا شرع التكبير على الهداية والرزق والنصر، لأن هذه الثلاثة أكبر ما يطلب العبد وهي جماع مصالحه. والهدى أعظم من الرزق والنصر، لأن الرزق والنصر قد لا ينتفع بهما إلا في الدنيا، وأما الهدى فمنفعته في الآخرة قطعًا»مجموع الفتاوى 24/229
التكبير في الصلاة
هذه الجملة لا ينعقد الإحرام للصلاة إلا بها عند جمهور أهل العلم، وذلك لما نقل بالتواتر من فعله صلى الله عليه وسلم المصاحب لقوله ، حيث قال:(صلوا كما رأيتموني أصلي ). رواه البخاري
وقال صلى الله عليه وسلم:(مفتاح الصلاة الطهور،وتحريمها التكبيروتحليلها التسليم) رواه أحمد وأصحاب السنن
ويفصل ابن القيم - رحمه الله تعالى - سر التكبير في بعض المواضع فيقول عن التكبير للدخول في الصلاة:«... فإن الله لم يشرع شيئاً سدى، ولا خلوا من حكمة بالغة، بل في طوايا ما شرعه وأمر به من الحكم والأسرار التي تبهر العقول ما يستدل به الناظر فيه على ما رواه، فيسجد القلب خضوعاً وإذعاناً، فنقول وبالله التوفيق:
لما كان المصلي قد تخلى عن الشواغل، وقطع جميل العلائق وتطهر، وأخذ زينته وتهيأ للدخول على الله ومناجاته.. شرع له أن يدخل عليه دخول العبيد على الملوك، فيدخل بالتعظيم والإجلال، فشرع له أبلغ لفظ يدل على هذا المعنى وهو قول: الله أكبر.
فإن في اللفظ من التعظيم والتخصيص والإطلاق في جانب المحذوف المجرور بمن ما لا يوجد في غيره، ولهذا كان الصواب أن غير هذا اللفظ لا يقوم مقامه، ولا يؤدي معناه، ولا تنعقد الصلاة إلا به كما هو مذهب أهل المدينة وأهل الحديث.
فجعل هذا اللفظ واستشعار معناه، والمقصود به باب الصلاة الذي يدخل العبد على ربه منه، فإنه إذا استشعر بقلبه أن الله أكبر من كل ما يخطر بالبال استحيا منه أن يشغل قلبه في الصلاة بغيره. فلا يكون موفيا لمعنى الله أكبر، ولا مؤديا لحق هذا اللفظ، ولا أتى البيت من بابه، بل الباب عنه مسدود، وهذا بإجماع السلف أنه ليس للعبد من صلاته إلا ما عقل منها وحضره بقلبه...
إلى أن قال: والمقصود أنه قبيح بالعبد أن يقول بلسانه: الله أكبر، وقد امتلأ قلبه بغير الله فهو قبلة قلبه في الصلاة، ولعله لا يحضر بين يدي ربه في شيء منها، فلو قضى حق الله أكبر وأتى البيت من بابه لدخل وانصرف بأنواع التحف والخيرات. فهذا الباب الذي يدخل منه المصلي وهو التحريم. وأما الباب الذي يخرج منه فهو باب السلام المتضمن أحد الاسماء الحسنى، فيكون مفتتحا لصلاته باسمه تبارك وتعالى ومختتما لها باسمه فيكون ذاكراً لاسم ربه أول الصلاة وآخرها. ( بدائع الفوائد )
ويقول أيضًا عن سر التكبير في الصلاة «.. فإن العبد إذا وقف بين يدي الله - عز وجل - وقد علم أن لا شيء أكبر منه، وتحقق قلبه ذلك وأشربه سره استحيا من الله ومنعه وقاره وكبرياؤه أن ينشغل قلبه بغيره وما لم يستحضر هذا المعنى فهو واقف بين يديه بجسمه، وقلبه يهيم في أودية الوساوس والخطرات، وبالله المستعان، فلو كان الله أكبر من كل شيء في قلب هذا لما اشتغل عنه بصرف كلية قلبه إلى غيره، كما أن الواقف بين يدي الملك المخلوق لما لم يكن في قلبه أعظم منه لم يشغل قلبه بغيره، ولم يصرفه عنه صارف» حاشية ابن القيم على سنن أبي داود 1/64.
ولهذا فإن على العبد إذا وقف بين يدي الله تعالى لمناجاته وأداء عبادته وتلفظ بهذه الكلمة عليه أن يستحضر هذه المعاني .

كيف يكون قلبك مكبراً لله تعالى ؟
تكبير الله سبحانه وتعالى حق له وحده عز وجل والمقصود من التكبير أمران:
الأول : تحقيق العبودية لله وحده سبحانه وتعالى
الثاني: تحقيق مقصود الاستعانة بالله عز وجل
فإن أعظم ما يعين على الاستعانة بالله تعالى في عبادته وفي كل أمور الدنيا والآخرة ، وأن يكون الدين كله له وحده لا شريك له هو التكبير- ولذلك لا ينفك حال المؤمن عن التكبير
( راجع مواطن التكبير وحالاته ) – فلو أخذت حظك من التكبير الحق ، التكبير الذي يواطئ القلب فيه اللسان فيظهر أثر ذلك على الجوارح ، فيشهد قولك وعملك وحالك على تكبيرك لله عز وجل ، وهذا هو التكبير الحق وليس مجرد تكبير باللسان فقط ، لو تحقق لك ذلك ليسرت لليسرى .
( لو أخذت حظك من التكبير الحق) .... و دعيت للإنفاق أو للجهاد مثلاً أو استمعت لأمر الله سبحانه بتجنب النظر الحرام مثلاً لاستجبت فوراً ، ويكون أمر الدين عليك سهلاً وميسراً .. كيف؟
الإنسان خلق مفتناً ، فالشهوات لها سلطان على النفس ، والنفس أمارة بالسوء إلا من رحم ربي
قال تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ }آل عمران14
فالنفس الإمارة بالسوء تدخل أوامر على القلب - لأنه ملك الجوارح – لتحقق شهواتها
ولكن المكبر لله عز وجل حق التكبير ، وقد امتلأ قلبه بكبرياء الله سبحانه وتعالى ، يكون سلطان الله عز وجل في قلبه هو المسيطر وله الغلبة على سلطان شهواته فتضمحل وتذوب بجانب كبرياء الله وسلطانه الذي قد ملأ هذا القلب المكبر لله تعالى حقاً ، فكبرياء الله وسلطانه في قلب المكبر تستولي على كبرياء االشهوات
وإن من أهم أسباب التعثر والتعسر الذي نعانيه أن النفس تأمر القلب بالسوء وما عنده تكبير لله تعالى يصد تلك الموجات والهجمات
فعندما ترجو الأسباب ، وترجو الله عز وجل فالواجب أن يستولي سلطان الله وكبريائه في قلبك
- بتكبيرك لله سبحانه وتعالى- على سلطان الأسباب وهذا هو التوحيد وتكون ميسراً لليسرى ، ويكون الدين كله لله وحده لا يعبد غيره بما في ذلك شهواتك ، يقول شيخ الإسلام رحمه الله تعالى :
(( الله أكبر : يستولي كبرياؤه في القلوب على كبرياء تلك الأمور الكبار؛ فيكون الدين كله لله ، ويكون العباد له مكبرين، فيحصل لهم مقصودان: مقصود العبادة بتكبير قلوبهم لله، ومقصود الاستعانة بانقياد الطالب لكبريائه )) مجموع الفتاوى 4/229.













وقفات مع بعض الآيات

· الرعد (8-9 )
{اللّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ*عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ } الرعد (8-9)

سورة الرعد عنيت بأصول العقيدة من الإيمان بالله تعالى وكتبه ورسله والبعث والجزاء وبينت معاني الألوهية والعبودية ، وان القرآن معجزة الإسلام الخالدة الدالة على صدق محمد صلى الله عليه وسلم ، وذكرت السورة بعض صفات الله تعالى وآثار قدرته ورحمته .

وتمضي الآيات في هذا المقطع لبيان عموم علمه وسعة اطلاعه وإحاطته بكل شيء فقال:
{اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى} من بني آدم وغيرهم، {وَمَا تَغِيضُ الأرْحَامُ} أي: تنقص مما فيها إما أن يهلك الحمل أو يتضاءل أو يضمحل {وَمَا تَزْدَادُ} الأرحام وتكبر الأجنة التي فيها
{وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ} لا يتقدم عليه ولا يتأخر ولا يزيد ولا ينقص إلا بما تقتضيه حكمته وعلمه
فإنه : {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ }
هذه الآية تمدح الله سبحانه وتعالى بها بأنه "عالم الغيب والشهادة" أي هو عالم بما غاب عن الخلق، وبما شهدوه ، فنبه سبحانه على انفراده بعلم الغيب، والإحاطة بالباطن الذي يخفى على الخلق، فلا يجوز أن يشاركه في ذلك أحد
و"الكبير" الكبير في ذاته وأسمائه وصفاته ، والذي كل شيء دونه ، {الْمُتَعَالِ} "المتعال" عما يقول المشركون ، المستعلي على جميع خلقه بذاته وقدرته وقهره.

· الحج (61-62)
{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ*
ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} الحج (61-62)

ذلك الذي شرع لكم تلك الأحكام الحسنة العادلة، هو حسن التصرف، في تقديره وتدبيره، الذي {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ} أي: يدخل هذا على هذا، وهذا على هذا، فيأتي بالليل بعد النهار، وبالنهار بعد الليل، ويزيد في أحدهما ما ينقصه في الآخر، ثم بالعكس فيترتب على ذلك، قيام الفصول، ومصالح الليل والنهار، والشمس والقمر، التي هي من أجل نعمه على العباد، وهي من الضروريات لهم. {وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ} يسمع ضجيج الأصوات، باختلاف، اللغات، على تفنن الحاجات،{بَصِيرٌ} يرى دبيب النملة السوداء، تحت الصخرة الصماء، في الليلة الظلماء
{ذَلِكَ} صاحب الحكم والأحكام {بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ} أي: الثابت، الذي لا يزال ولا يزول، الأول الذي ليس قبله شيء، الآخر الذي ليس بعده شيء، كامل الأسماء والصفات، صادق الوعد، الذي وعده حق ولقاؤه حق، ودينه حق، وعبادته هي الحق، النافعة الباقية على الدوام.
{وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ} من الأصنام والأنداد، من الحيوانات والجمادات، {هُوَ الْبَاطِلُ} الذي هو باطل في نفسه، وعبادته باطلة، لأنها متعلقة بمضمحل فان، فتبطل تبعا لغايتها ومقصودها


{وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} العلي في ذاته، فهو عال على جميع المخلوقات وفي قدره، فهو كامل الصفات، وفي قهره لجميع المخلوقات، الكبير في ذاته، وفي أسمائه، وفي صفاته، الذي من عظمته وكبريائه، أن الأرض قبضته يوم القيامة، والسماوات مطويات بيمينه، ومن كبريائه، أن كرسيه وسع السماوات والأرض، ومن عظمته وكبريائه، أن نواصي العباد بيده، فلا يتصرفون إلا بمشيئته، ولا يتحركون ويسكنون إلا بإرادته ،وحقيقة الكبرياء التي لا يعلمها إلا هو، لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل، أنها كل صفة كمال وجلال وكبرياء وعظمة، فهي ثابتة له، وله من تلك الصفة أجلها وأكملها، ومن كبريائه، أن العبادات كلها، الصادرة من أهل السماوات والأرض، كلها المقصود منها، تكبيره وتعظيمه، وإجلاله وإكرامه، ولهذا كان التكبير شعارا للعبادات الكبار، كالصلاة وغيرها.
· سبأ(22-23)
{قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ* وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}سبأ(22-23)

في هذه الآيات تقرير لوحدانية الله تعالى وبيان عظمة سلطانه ، وإشعار بهيبته تعالى وجلاله وذلك في صورة حوار مع المشركين لتقرير قضية البعث والجزاء

{قُلْ} يا أيها الرسول، للمشركين بالله غيره من المخلوقات، التي لا تنفع ولا تضر، ملزما لهم بعجزها، ومبينا لهم بطلان عبادتها: {ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ} أي: زعمتموهم شركاء لله، إن كان دعاؤكم ينفع، فإنهم قد توفرت فيهم أسباب العجز، وعدم إجابة الدعاء من كل وجه، فإنهم ليس لهم أدنى ملك فـ {لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأرْضِ} على وجه الاستقلال، ولا على وجه الاشتراك، ولهذا قال: {وَمَا لَهُمْ} أي: لتلك الآلهة الذين زعمتم {فِيهِمَا} أي: في السماوات والأرض، {مِنْ شِرْكٍ} أي:لا شرك قليل ولا كثير، فليس لهم ملك، ولا شركة ملك.
بقي أن يقال: ومع ذلك، فقد يكونون أعوانا للمالك، ووزراء له، فدعاؤهم يكون نافعا، لأنهم - بسبب حاجة الملك إليهم - يقضون حوائج من تعلق بهم، فنفى تعالى هذه المرتبة فقال: {وَمَا لَهُ} أي: لله تعالى الواحد القهار {مِنْهُمْ} أي: من هؤلاء المعبودين
{مِنْ ظَهِيرٍ} أي: معاون ووزير يساعده على الملك والتدبير.
فلم يبق إلا الشفاعة، فنفاها بقوله: {وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} فهذه أنواع التعلقات، التي يتعلق بها المشركون بأندادهم، وأوثانهم، من البشر، والشجر، وغيرهم، قطعها الله وبيَّن بطلانها، تبيينا حاسما لمواد الشرك، قاطعا لأصوله، لأن المشرك إنما يدعو ويعبد غير الله، لما يرجو منه من النفع، فهذا الرجاء، هو الذي أوجب له الشرك، فإذا كان من يدعوه (غير الله) ، لا مالكا للنفع والضر، ولا شريكا للمالك، ولا عونا وظهيرا للمالك، ولا يقدر أن يشفع بدون إذن المالك، كان هذا الدعاء، وهذه العبادة، ضلالا في العقل، باطلة في الشرع.
بل ينعكس على المشرك مطلوبه ومقصوده، فإنه يريد منها النفع، فبيَّن الله بطلانه وعدمه، وبيَّن في آيات أخر، ضرره على عابديه وأنه يوم القيامة، يكفر بعضهم ببعض، ويلعن بعضهم بعضا،ومأواهم النار{وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ}
فنفى أصول الشرك:{ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ}
وفروعه: { وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ* وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ }
{حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}
عن النواس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"إِذَا أَرَادَ الله تبارك وتعالى أَنْ يُوحِيَ بِأَمْرِهِ تَكَلَّمَ بِالْوَحْيِ، فَإِذَا تَكَلَّمَ أَخَذَتِ السَّمَاوَاتِ مِنْهُ رَجْفَةٌ - أَوْ قَالَ رِعْدَةٌ - شديدة من خوف الله تعالى، فَإِذَآ سَمِعَ بِذَلِكَ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ صَعِقُوا وَخَرُّوا لِلَّهِ سُجَّدًا، فَيَكُونُ أَوَّلُ مَنْ يَرْفَعُ رَأْسَهُ (جبريل) عليه الصلاة والسلام، فَيُكَلِّمُهُ اللَّهُ مِنْ وَحْيِهِ بِمَا أَرَادَ، فَيَمْضِي به جبريل عليه الصلاة والسلام على الملائكة، كلما مر بسماء سماء يسأله مَلَائِكَتُهَا:
مَاذَا قَالَ رَبُّنَا يَا جِبْرِيلُ، فَيَقُولُ عليه السلام: قَالَ الْحَقُّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ، فَيَقُولُونَ كُلُّهُمْ مِثْلَ مَا قَالَ جِبْرِيلُ، فَيَنْتَهِي جِبْرِيلُ بِالْوَحْيِ إلى حيث أمره الله تعالى مِّنَ السمآء والأرض" .
(أخرجه ابن أبي حاتم وابن جرير وابن خزيمة عن النواس بن سمعان مرفوعاً)

قَالَ الْبُخَارِيُّ عِنْدَ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ في صحيحه عن سفيان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إذا قضى الله تعالى الْأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتِ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانَ، فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا: مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا للذي قال: الحق وهو العلي الكبير، فيسمعها مُسْتَرِقُ السَّمْعِ، وَمُسْتَرِقُ السَّمْعِ هَكَذَا بَعْضُهُ فَوْقَ بعض - ووصف سفيان بيده فحرفها ونشر بَيْنَ أَصَابِعِهِ - فَيَسْمَعُ الْكَلِمَةَ فَيُلْقِيهَا إِلَى مَنْ تَحْتَهُ، ثُمَّ يُلْقِيهَا الْآخَرُ إِلَى مَنْ تَحْتَهُ، حَتَّى يُلْقِيَهَا عَلَى لِسَانِ السَّاحِرِ أَوِ الْكَاهِنِ، فَرُبَّمَا أَدْرَكَهُ الشِّهَابُ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَهَا وَرُبَّمَا أَلْقَاهَا قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ، فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كذبة فيقال: أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا، كذا وكذا، فيصدق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء" (أخرجه البخاري ورواه أبو داود والترمذي وابن ماجه) .

وَهَذَا أَيْضًا مَقَامٌ رَفِيعٌ فِي الْعَظَمَةِ، وَهُوَ أَنَّهُ تَعَالَى إذا تكلم بالوحي فسمع أَهْلُ السَّمَاوَاتِ كَلَامَهُ أُرْعِدُوا مِنَ الْهَيْبَةِ حَتَّى يلحقهم مثل الغشي، قال ابن مسعود {فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} أَيْ زَالَ الْفَزَعُ عَنْهَا، وقال ابن عباس والضحاك والحسن وقتادة في قوله عزَّ وجلَّ:
{حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالُواْ الحق} يقول: خلي عن قلوبهم، فإذا كان كذلك سأل بَعْضُهُمْ بَعْضًا: مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ فَيُخْبِرُ بِذَلِكَ حَمَلَةُ الْعَرْشِ لِلَّذِينِ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ لِمَنْ تَحْتَهُمْ، حَتَّى يَنْتَهِيَ الْخَبَرُ إِلَى أَهْلِ السماء الدنيا، ولهذا قال تعالى: {قَالُواْ الْحَقَّ} أَيْ أَخْبَرُوا بِمَا قَالَ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} .

وقال آخرون: بل معنى قَوْلِهِ تَعَالَى: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ} يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ عِنْدَ الِاحْتِضَارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِذَا اسْتَيْقَظُوا مِمَّا كَانُوا فِيهِ مِنَ الْغَفْلَةِ فِي الدنيا، قَالُواْ: مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ فَقِيلَ لَهُمْ: الْحَقُّ، وَأُخْبِرُوا بِهِ مِمَّا كَانُوا عَنْهُ لَاهِينَ فِي الدنيا
قال مُجَاهِدٍ: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} كَشَفَ عَنْهَا الْغِطَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَقَالَ الْحَسَنُ :يعني ما فيها من الشك والتكذيب
وقال ابن أَسْلَمَ : يَعْنِي مَا فِيهَا مِنَ الشَّكِّ قَالَ فُزِّعَ الشَّيْطَانُ عَنْ قُلُوبِهِمْ وَفَارَقَهُمْ وَأَمَانِيهِمْ وَمَا كَانَ يُضِلُّهُمْ {قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُواْ الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} ، قَالَ: وَهَذَا فِي بَنِي آدَمَ - هَذَا عِنْدَ الْمَوْتِ - أَقَرُّوا حِينَ لَا يَنْفَعُهُمُ الْإِقْرَارُ




حال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند نزول الوحي من الله العلي الكبير:
عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ , صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ نَكَّسَ عَلَيْهِ رَأْسَهُ وَنَكَّسَ أَصْحَابُهُ رُءُوسَهُمْ ، فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ رَفَعَ رَأْسَهُ
( رواه مسلم / 2335)

وفي أول صحيح البخاري عن عبد الله بن يوسف، عن مالك، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة:
أن الحارث بن هشام سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف يأتيك الوحي؟ فقال: "أحيانا يأتيني في مثل صلصلة الجرس، وهو أشده عَلَيّ، فَيَفْصِمُ عني وقد وَعَيت عنه ما قال، وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول". قالت عائشة: ولقد رأيته ينزل عليه الوحي صلى الله عليه وسلم في اليوم الشديد البرد، فَيَفْصِمُ عنه وإن جبينه ليتفصد عرقا . صحيح البخاري برقم (2).


وقال الإمام أحمد: حدثنا سليمان بن داود، أخبرنا عبد الرحمن، عن هشام بن عُرْوَة، عن أبيه، عن عائشة قالت: إن كان ليوحَى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على راحلته، فتضرب بِجرَانها. المسند (6/118). ، والجران: هو باطن العنق.

وقال الإمام أحمد: حدثنا قتيبة، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عمرو بن الوليد، عن عبد الله بن عمرو قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، هل تحس بالوحي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أسمعُ صَلاصيل، ثم أسكتُ عند ذلك، فما من مرة يوحى إلي إلا ظننت أن نفسي تفيض" . تفرد به أحمد - المسند (2/222).

وهذا حال المؤمن عند سماع كلام الكبير عز وجل ، قال تعالى:
{لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }الحشر21

{وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} ، ومن علوه، أن حكمه تعالى، يعلو، وتذعن له النفوس، حتى نفوس المتكبرين والمشركين ، فيكون المعنى على هذا: أن المشركين الذين عبدوا مع الله تلك الآلهة، التي وصفنا لكم عجزها ونقصها، وعدم نفعها بوجه من الوجوه، كيف صدفوا وصرفوا عن إخلاص العبادة للرب العظيم، العلي الكبير، الذي - من عظمته وجلاله - أن الملائكة الكرام، والمقربين من الخلق، يبلغ بهم الخضوع والصعق، عند سماع كلامه هذا المبلغ، ويقرون كلهم لله، أنه لا يقول إلا الحق.
فما بال هؤلاء المشركين، استكبروا عن عبادة من هذا شأنه، وعظمة ملكه وسلطانه. فتعالى العلي الكبير، عن شرك المشركين، وإفكهم، وكذبهم.








· غافر(10-12)
قال تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ* قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ* ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ} غافر(10-12)

في هذا المقطع يبين الله سبحانه مقته للكافرين الذين أصروا على كفرهم حتى بعد بيان الحق
فالله تعالى أكثر بغضاً لهم من أنفسهم يوم القيامة حينما يرون العذاب ويندمون على كفرهم وإتباع شهواتهم ، يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنِ الْكُفَّارِ أَنَّهُمْ يُنَادَون يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهُمْ فِي غَمَرات النِّيرَانِ يَتَلَظَّوْنَ، وَذَلِكَ عِنْدَمَا بَاشَرُوا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مَا لَا قِبَل لِأَحَدٍ بِهِ، فَمَقَتُوا عِنْدَ ذَلِكَ أَنْفُسَهُمْ وَأَبْغَضُوهَا غَايَةَ الْبُغْضِ، بِسَبَبِ مَا أَسْلَفُوا مِنَ الْأَعْمَالِ السَّيِّئَةِ، الَّتِي كَانَتْ سَبَبَ دُخُولِهِمْ إِلَى النَّارِ، فَأَخْبَرَتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ ذَلِكَ إِخْبَارًا عَالِيًا، بِأَنَّ مَقْتَ اللَّهِ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا حِينَ كَانَ يُعرض عَلَيْهِمُ الْإِيمَانُ، فَيَكْفُرُونَ، أَشَدُّ مِنْ مَقْتِكُمْ أَيُّهَا الْمُعَذَّبُونَ أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ.
قَالَ قَتَادَةُ فِي قَوْلِهِ: {لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الإيمَانِ فَتَكْفُرُونَ}
يَقُولُ: لمقتُ اللَّهِ أَهْلَ الضَّلَالَةِ حِينَ عُرض عَلَيْهِمُ الْإِيمَانُ فِي الدُّنْيَا، فَتَرَكُوهُ وَأَبَوْا أَنْ يَقْبَلُوهُ، أَكْبَرُ مِمَّا مَقَتُوا أَنْفُسَهُمْ حِينَ عَايَنُوا عَذَابَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
وَهَكَذَا قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَمُجَاهِدٌ وَالسُّدِّيُّ وذَرُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الهَمْداني، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَابْنُ جَرِيرٍ الطبري، رحمهم الله.
وَقَوْلِهِ: {قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ}
قَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ]:
هَذِهِ الْآيَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [الْبَقَرَةِ: 28]
وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَالضَّحَّاكُ، وَقَتَادَةُ، وَأَبُو مَالِكٍ. وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ وَلَا مِرْيَةَ.

وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ: أَنَّ الْكُفَّارَ يَسْأَلُونَ الرَّجْعَةَ وَهُمْ وُقُوفٌ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، فِي عَرَصَاتِ الْقِيَامَةِ، كَمَا قَالَ: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ} [السَّجْدَةِ:12] ، فَلَا يُجَابُونَ.

ثُمَّ إِذَا رَأَوُا النَّارَ وَعَايَنُوهَا وَوَقَفُوا عَلَيْهَا، وَنَظَرُوا إِلَى مَا فِيهَا مِنَ الْعَذَابِ والنَّكال، سَأَلُوا الرَّجْعَةَ أَشَدَّ مِمَّا سَأَلُوا أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَلَا يُجَابُونَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
{وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُون} [الْأَنْعَامِ:27، 28]

فَإِذَا دَخَلُوا النَّارَ وَذَاقُوا مَسّها وحَسِيسها وَمَقَامِعَهَا وَأَغْلَالَهَا، كَانَ سؤُالهم لِلرَّجْعَةِ أَشَدَّ وَأَعْظَمَ
وذلك فيقوله تعالى: {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} [فَاطِرٍ:37]
وقوله:{رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ. قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ} [الْمُؤْمِنُونَ: 107، 108]


وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ تَلَطَّفُوا فِي السُّؤَالِ، وَقَدَّمُوا بَيْنَ يَدَيْ كَلَامِهِمْ مُقدّمة، وَهِيَ قَوْلُهُمْ:
{رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} أَيْ:قُدْرَتُكَ عَظِيمَةٌ، فَإِنَّكَ أَحْيَيْتَنَا بَعْدَ مَا كُنَّا أَمْوَاتًا، ثُمَّ أَمَتَّنَا ثُمَّ أَحْيَيْتَنَا، فَأَنْتَ قَادِرٌ عَلَى مَا تَشَاءُ، وَقَدِ اعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا، وَإِنَّنَا كُنَّا ظَالِمِينَ لِأَنْفُسِنَا فِي الدَّارِ الدُّنْيَا، {فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ} أَيْ فَهَلْ أَنْتَ مُجِيبُنَا إِلَى أَنْ تُعِيدَنَا إِلَى الدَّارِ الدُّنْيَا؟ فَإِنَّكَ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ؛ لِنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ، فَإِنْ عُدْنَا إِلَى مَا كُنَّا فِيهِ فَإِنَّا ظَالِمُونَ.
فأُجِيبُوا أَلَّا سَبِيلَ إِلَى عَوْدِكُمْ وَمَرْجِعِكُمْ إِلَى الدَّارِ الدُّنْيَا. ثُمَّ عَلَّلَ الْمَنْعَ مِنْ ذَلِكَ بِأَنَّ سَجَايَاكُمْ لَا تَقْبَلُ الْحَقَّ وَلَا تَقْتَضِيهِ بَلْ تَجْحَده وَتَنْفِيهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا} أَيْ: أَنْتُمْ هَكَذَا تَكُونُونَ، وَإِنْ رُدِدْتُمْ إِلَى الدُّنْيَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى:
{وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [الْأَنْعَامِ: 28] .
وَقَوْلُهُ: {فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ} أَيْ: هُوَ الْحَاكِمُ فِي خَلْقِهِ، الْعَادِلُ الَّذِي لَا يَجُورُ، فَيَهْدِي مَنْ يشاء، ويضل من يشاء، ويرحم من يشاء، وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ.
العلي: الذي له العلو المطلق من جميع الوجوه، علو الذات، وعلو القدر، وعلو القهر ومن علو قدره، كمال عدله تعالى، وأنه يضع الأشياء مواضعها، ولا يساوي بين المتقين والفجار.
{الْكَبِير} الذي له الكبرياء والعظمة والمجد، في أسمائه وصفاته وأفعاله المتنزه عن كل آفة وعيب ونقص، فإذا كان الحكم له تعالى، وقد حكم عليكم بالخلود الدائم، فحكمه لا يغير ولا يبدل.

· النساء (34)
قال تعالى : {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً}النساء 34

َقَوْلُهُ: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} تَهْدِيدٌ لِلرِّجَالِ إِذَا بَغَوْا عَلَى النِّسَاءِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ، فَإِنَّ اللَّهَ الْعَلِيَّ الْكَبِيرَ وَلِيُّهُنَّ وَهُوَ مُنْتَقِمٌ مِمَّنْ ظَلَمَهُنَّ وَبَغَى عَلَيْهِنَّ ، وأيضاً تهديداً للزوجة التي تترفع على زوجها.

· الأنعام19
{قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ } الأنعام19

(( قوله تعالى: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً} وذلك أن المشركين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: من يشهد لك بأنك رسول الله
فنزلت الآية؛ عن الحسن وغيره ، ولفظ {شَيْءٍ} هنا واقع موقع اسم الله تعالى؛ المعنى الله أكبر شهادة أي انفراده بالربوبية، وقيام البراهين على توحيده أكبر شهادة وأعظم؛ فهو شهيد بيني وبينكم على أني قد بلغتكم وصدقت فيما قلته وادعيته من الرسالة))جامع لأحكام القرآن- القرطبي




· العنكبوت45
{اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ }العنكبوت45

(( قوله تعالى: "ولذكر الله أكبر" أي ذكر الله لكم بالثواب والثناء عليكم أكبر من ذكركم له في عبادتكم وصلواتكم قال معناه ابن مسعود وابن عباس وأبو الدرداء وأبو قرة وسلمان والحسن؛ وهو اختيار الطبري وروي مرفوعا من حديث موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في قول الله عز وجل: "ولذكر الله أكبر" قال:(ذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه)

وقيل: ذكركم الله في صلاتكم وفي قراءة القرآن أفضل من كل شيء وقيل: المعنى؛ إن ذكر الله أكبر مع المداومة من الصلاة في النهي عن الفحشاء والمنكر
وقال الضحاك: ولذكر الله عند ما يحرم فيترك أجلّ الذكر وقيل: المعنى ولذكر الله للنهي عن الفحشاء والمنكر أكبر أي كبير وأكبر يكون بمعنى كبير
وقال ابن زيد وقتادة: ولذكر الله أكبر من كل شيء أي أفضل من العبادات كلها بغير ذكر
وقيل: ذكر الله يمنع من المعصية فإن من كان ذاكرا له لا يخالفه
قال ابن عطية: وعندي أن المعنى ولذكر الله أكبر على الإطلاق أي هو الذي ينهى عن الفحشاء والمنكر فالجزء الذي منه في الصلاة يفعل ذلك وكذلك يفعل في غير الصلاة لأن الانتهاء لا يكون إلا من ذاكر الله مراقب له وثواب ذلك أن يذكره الله تعالى؛ كما في الحديث:
(من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم)
والحركات التي في الصلاة لا تأثير لها في نهيٍ. والذكر النافع هو مع العلم وإقبال القلب وتفرغه إلا من الله وأما ما لا يتجاوز اللسان ففي رتبة أخرى وذكر الله تعالى للعبد هو إفاضة الهدى ونور العلم عليه وذلك ثمرة لذكر العبد ربه قال الله عز وجل:"فاذكروني أذكركم" [البقرة: 152]
وباقي الآية ضرب من الوعيد والحث على المراقبة )) جامع لأحكام القرآن- القرطبي















· الحشر (21-24)
قال تعالى : {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ* هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ* هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ* هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } الحشر (21-24)

المحور الرئيسي الذي تدور حوله سورة الحشر هو التعريف بعظمة الله تعالى وقدرته وشمول
علمه من خلال أسمائه الحسنى وصفاته العليا وأفعاله سبحانه وتعالى التي تدور بين الفضل والعدل
والحكمة والرحمة ، وتعرفنا على صفات المتقين والكافرين والمنافقين من خلال قصة بني النضير الذين ظنوا وظن المؤمنين أنهم مانعتهم حصونهم من الله فآتاهم الله بقدرته من حيث لم يحتسبوا .

(( ومقصود السورة : بيان ما دل عليه آخر سورة المجادلة من التنزه عن شوائب النقص ، بإثبات القدرة الشاملة لأنه سبحانه وتعالى قوي عزيز. المستلزمة للعلم التام ، المستلزم للحكمة البالغة المستلزمة للحشر ، المظهر لفلاح المفلح ، وخسارة الخاسر ، على وجه الثبات ، الكاشف أتم كشف لجميع صفات الكمال ، وأدل ما فيها على ذلك :تأمل قصة بني النضير ، المعلم بأول الحشر.
المؤذن بالحشر الحقيقي،بالقدرة على الحشر الأول ، بعد إطباق الولي والعدو على ظن أنه لا يكون. فلذا سميت بالحشر ، وببني النضير ، لأنه سبحانه حشرهم بقدرته من المدينة الشريفة إلى خيبر. ثم حشرهم - وغيرهم من اليهود - الحشر الثاني من خيبر إلى الشام الذي هو آية الحشر الأعظم إلى أرض المحشر ، لقهر هذا النبي الكريم أهل الكتاب ، المدعين لأنهم أفضل الناس ، وأنهم مؤيدين بما لهم من الدين القويم ، على ما يوجب إليه الحديد ، كما قهر أهل الأوثان الذين هم عالمون بأنهم بدلوا الدين الصحيح.
فثبت بظهور دينه على كل دين - على حد سواء ، كما وعده به ربه سبحانه - صدقه في كل ما جاء به ، وأعظم ما جاء به - بعد التوحيد - الِإيمان بالبعث الآخر ، لأنه محط الحكمة ، وموضع إظهار النقمة والرحمة )) . (مَصَاعِدُ النَّظَرِ للإِشْرَافِ عَلَى مَقَاصِدِ السِّوَرِ - إبراهيم بن عمر البقاعي الشافعي )

جَعَلَ سبحانَهُ اسمَهُ الجَبَّارَ مَقْرُوناً بالعزيزِ والمُتَكَبِّرِ، وكلُّ وَاحِدٍ منْ هذهِ الأسماءِ الثلاثةِ تَضَمَّنَ الاسمَيْنِ الآخَرَيْنِ، وهذهِ الأسماءُ الثلاثةُ نَظِيرُ الأسماءِ الثلاثةِ، وهيَ الخالِقُ البَارِئُ المُصَوِّرُ.
فالجَبَّارُ المُتَكَبِّرُ يَجْرِيَانِ مَجْرَى التفصيلِ لِمَعْنَى اسمِ العزيزِ، كما أنَّ البَارِئَ المُصَوِّرَ تَفْصِيلٌ لِمَعْنَى اسمِ الخالقِ.
فجاء ذكر صفات الله تعالى في أواخر السورة مناسبة لموضوعيها ، والشاهد من الآيات على موضوع البحث : اسمه سبحانه وتعالى المتكبر: فهو المتكبر سبحانه وتعالى على عتاة خلقه وجبابرتهم إذا نازعوه العظمة فيقصمهم ، والذي كبر وعظم فكل شيء دون جلاله صغير وحقير.





· الأنعام (123)
قال تعالى : {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ }الأنعام123

قال مجاهد وقتادة: { أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا } قال عظماؤها.
وقيل أيضاً أكابر أي: الرؤساء الذين قد كبر جرمهم، واشتد طغيانهم
والأكابر جمع الأكبر. قال مجاهد: يريد العظماء. وقيل: الرؤساء والعظماء. وخصهم بالذكر لأنهم أقدر على الفساد. والمكر الحيلة في مخالفة الاستقامة
ذلك جعلنا بكل قرية عظماءَها مجرميها يعني أهل الشرك بالله والمعصية له (ليمكروا فيها)، بغرور من القول أو بباطل من الفعل، بدين الله وأنبيائه
كذلك جعلنا فساق كل قرية أكابرها، أي: عظماءها، جمع أكبر، مثل أفضل وأفاضل، وأسود وأساود، وذلك سنة الله تعالى أنه جعل في كل قرية أتباع الرسل ضعفاءهم، كما قال في قصة نوح عليه السلام:(أنؤمن لك واتبعك الأرذلون)(الشعراء، 111)، وجعل فساقهم أكابرهم
وقال مقاتل: نزلت في أبي جهل، وذلك أنه قال: زاحمنا بنو عبد مناف في الشرف حتى إنا صرنا كفرسي رهان، قالوا: منا نبي يوحى إليه، والله لا نؤمن به ولا نتبعه أبدا إلا أن يأتينا وحي كما يأتيه، فأنزل الله عز وجل: { وَإِذَا جَاءَتْهُمْ } حجة على صدق محمد صلى الله عليه وسلم قالوا: يعني أبا جهل، { لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ } يعني: محمدا صلى الله عليه وسلم.



بعض أثار الإيمان باسمه سبحانه ( العظيم – الكبير )


· توحيد الله وإفراده وحده بالعبادة
فهو الإله الحق العظيم الكبير الذي تتعين أن تكون جميع أنواع العبادة والطاعة والتأله له تعالى، لكماله وكمال صفاته وعظيم نعمه، ولكون العبد مستحقا أن يكون عبدا لربه، ممتثلا أوامره مجتنبا نواهيه، وعبادة كل ما سوى الله تعالى باطل، لكون ما سوى الله مخلوقا ناقصا فقيرا من جميع الوجوه، فلم يستحق شيئا من أنواع العبادة ، قال تعالى :
{قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ قُلْ إِنِّيَ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكَينَ }الأنعام14
وقال : {قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }الأنعام164
وقال : {قَالَ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَـهاً وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ }الأعراف140
وقال : {إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً }طه98






· تعظيم الله سبحانه وتعالى وذلك :
1- بالسمع والطاعة :
فالعظيم الكبير سبحانه وتعالى عندما يتكلم يسمع له ، وعندما يحكم يخضع لحكمه ولا يراجع ولا يناقش ، ولله المثل العلى ، وهذا حال المؤمنين عند سماعهم كلام الكبير العظيم سبحانه وتعالى
قال تعالى:{آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ }البقرة285
وقال : {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }النور51
وهكذا كان حال مؤمني الجن عندما سمعوا كلام الكبير العظيم سبحانه وتعالى ، قال تعالى مخبراُ عنهم: {وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْساً وَلَا رَهَقاً }الجن13

وأمر سبحانه بالسماع الحقيقي الذي الذي يفضي إلى الإيمان ، قال تعالى :
{...وَاتَّقُوا اللّهَ وَاسْمَعُواْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ }المائدة108، وقال :
{وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ }الأنفال21
وقال :{إنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} الأنعام36
وحتى لا تكون الحسرة والندامة يوم القيامة عند معاينة العذاب ، قال تعالى:
{وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ }الملك10

2- والقبول و الانقياد:
بعد السماع يكون القبول والانقياد والإذعان للكبير العظيم سبحانه وتعالى
قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }الأنفال24
وقال : {اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُم مِّن مَّلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُم مِّن نَّكِيرٍ }الشورى47
وقال : {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }النور51

3- وأخذ الكتاب بقوة
ثم أخذ كلام الكبير العظيم سبحانه وتعالى بقوة والبحث عن شرعه وحكمه للامتثال له ، وعدم التهاون بأمره سبحانه وتعالى ، قال تعالى : {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً }مريم12
وقال : {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُواْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ }البقرة93






4- ومن تعظيمه سبحانه إثبات ما أثبته لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم
من الأسماء والصفات الجليلة وتنزيهه وتعظيمه سبحانه من مشابهة أحد من خلقه كما في قوله سبحانه: {فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}[الشورى 11]
ومن نفى عنه سبحانه صفاته أو أولها أو فوض معانيها بدعوى أن إثباتها يوهم تشبيهه بالمخلوقين فقد ضل ضلالاً مبينًا، ولم يعظم ربه سبحانه ، قال تعالى : {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }الأعراف 180
(والإلحاد في أسماء الله هو العدول بها وبحقائقها ومعانيها عن الحق الثابت لها وهو مأخؤذ من الميل كما تدل عليه مادته: ( ل ح د ) ومنه اللحد وهو الشق في جانب القبر الذي قد مال عن الوسط ومنه الملحد في الدين المائل عن الحق إلى الباطل .
وأنواع الإلحاد في أسماء الله وصفاته ثلاثة أنواع:
· التكذيب بها أو ببعضها كتكذيب المشركين باسم الرحمن ، قال تعالى:
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُوراً }الفرقان60
ومن هذا النوع إلحاد الجهمية الذين نفوا عن الله أسمائه وصفاته ومنهم من عطلها عن معانيها
· تشبيه الله بصفات الخلق
كقول اليهود { إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ }آل عمران181 ، وقولهم:{ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ }المائدة64 ، تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً ، ومن ذلك تسمية الله تبارك وتعالى بأسماء الخلق كتسمية النصارى له أباً وتسمية الفلاسفة له بالعلة الفاعلة أو تشبيه صفات الله بصفات الخلق
· منازعة الباري في أسمائه وصفاته
كقول فرعون { أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى }النازعات24 ، أو كما اشتق المشركون العزى من العزيز واللات من الله ، ومناة من المنان ) أسماء الله وصفاته في معتقد أهل السنة والجماعة – عمر الأشقر

5- ومن تعظيمه سبحانه : تعظيم أمره سبحانه ونهيه وتعظيم كتابه سبحانه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وعدم التقدم بين يديهما
والاستسلام لها وعدم التقدم بين يدي الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم برأي أو اجتهاد.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}
الحجرات1
وقال : {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً }الأحزاب36
و ينقاد للكبير العظيم ويسلم له ، ويحكِّمه في الصغير والكبير، ويتحاكم إليه، ويرضى بحكمه.
وإلا فلم يعظم الله - عز وجل - من هجر كتابه ولم يحكم به أو يتحاكم إليه
قال الله تعالى: { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً }[النساء: 65].





6- تعظيم شعائر الله وحرماته
وتعظيم شعائر وحرمات العظيم الكبير ، فإن لكل ملك حمى كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى: { ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ } [الحـج: 32]
وقال تعالى : { ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} [الحج: 30]

ومن تعظيم شعائر الله تعالى تعظيم الحج وشعائره كالصفا والمروة، والذبح لله تعالى، وتعظيم شعيرة الصلاة، والزكاة، والصيام، والجهاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغيرها من شعائر الله تعالى وفرائضه ، ومن تعظيم حرمات الله تعالى تعظيم مناهيه واجتنابها، كالربا والزنا وشرب الخمر وسائر الكبائر والمحرمات، فاجتناب محارم الله تعالى دليل على تعظيم الله تعالى وتوقيره

ولتعظيم أوامر الله تعالى ومناهيه علامات:
يشرح بعضها الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى - فيقول:«تعظيم الأمر والنهي ناشئ عن تعظيم الآمر والناهي فإن الله تعالى ذم من لا يعظم أمره ونهيه ، قال سبحانه وتعالى: {مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً} [نوح: 13] ، قالوا في تفسيرها: ما لكم لا تخافون لله تعالى عظمة... وأول مراتب تعظيم الحق - عز وجل - تعظيم أمره ونهيه... وإنما يكون ذلك بتعظيم أمر الله - عز وجل – واتباعه، وتعظيم نهيه واجتنابه
فيكون تعظيم المؤمن لأمر الله تعالى ونهيه دالاً على تعظيمه لصاحب الأمر والنهي، ويكون بحسب هذا التعظيم من الأبرار المشهود لهم بالإيمان، والتصديق وصحة العقيدة، والبراءة من النفاق؛ فإن الرجل قد يتعاطى فعل الأمر لنظر الخلق وطلب المنزلة والجاه عندهم، ويتقي المناهي خشية سقوطه من أعينهم، وخشية العقوبات الدنيوية من الحدود التي رتبها الشارع على المناهي فهذا ليس فعله وتركه صادرًا عن تعظيم الأمر والنهي، ولاتعظيم الآمر والناهي.

ومن علامات التعظيم للأوامر: رعاية أوقاتها وحدودها ، والتفتيش على أركانها وواجباتها وكمالها، والحرص على تحينها في أوقاتها، والمسارعة إليها عند وجوبها، والحزن والكآبة والأسف عند فوت حق من حقوقها كمن يحزن على فوت الجماعة، ويعلم أنه لو تقبلت منه صلاته منفردًا فإنه قد فاته سبعة وعشرون ضعفًا، ولو أن رجلاً يعاني البيع والشراء تفوته صفقة واحدة في بلده من غير سفر ولا مشقة قيمتها سبعة وعشرون دينارًا لأكل يديه ندمًا وأسفًا، فكيف وكل ضعف مما تضاعف به صلاة الجماعة خير من ألف، وألف ألف، وما شاء الله تعالى، فإذا فوّت العبد عليه هذا الربح قطعًا، وهو بارد القلب فارغ من هذه المصيبة غير مرتاع لها ، فهذا من عدم تعظيم أمر الله تعالى في قلبه، وكذلك إذا فاته أول الوقت الذي هو رضوان الله تعالى، أو فاته الصف الأول... وكذلك فوت الخشوع في الصلاة، وحضور القلب فيها. وينبغي أن يعلم أن سائر الأعمال تجري هذا المجرى، فتفاضل الأعمال عند الله تعالى بتفاضل ما في القلوب من الإيمان، والإخلاص، والمحبة، وتوابعها..





وأما تعظيم المناهي:
يقول ابن القيم :: "مَنْ كملت عظمة الحق ـ تعالى ـ في قلبه؛ عظمت عنده مخالفته؛ لأن مخالفة العظيم ليست كمخالفة مَنْ هو دونه، ومَنْ عرف قدر نفسه وحقيقتها؛ وفقرها الذاتي إلى مولاها الحق في كل لحظة ونَفَس، وشدة حاجتها إليه؛ عظمت عنده جناية المخالفة لمن هو شديد الضرورة إليه في كل لحظـة ونَفَـس، وأيضـاً فإذا عـرف حقارتها ـ مع عظم قدر من خالفه ـ؛ عظمت الجناية عنده؛ فشمَّر في التخلص منها، وبحسب تصديقه بالوعيد ويقينه به يكون تشميره في التخلص منها، وبحسب تصديقه بالوعيد ويقينه به؛ يكون تشميره في التخلص من الجناية التي تلحق به"(مدارج السالكين).

ومن علامات ذلك : الحرص على التباعد من مظانها وأسبابها، وما يدعو إليها، ومجانبة كل وسيلة تقرب منها، كمن يهرب من الأماكن التي فيها الصور التي تقع بها الفتنة خشية الافتتان بها، وأن يدع ما لا بأس به حذرًا مما به بأس... ومجانبة من يجاهر بارتكابها، ويحسنها، ويدعو إليها، ويتهاون بها، ولا يبالي بما ارتكب منها؛ فإن مخالطة مثل هذا داعية إلى سخط الله تعالى وغضبه، ولا يخالطه إلا من سقط من قلبه تعظيم الله تعالى وحرماته.
ومن علامات تعظيم النهي: أن يغضب لله - عز وجل - إذا انتهكت محارمه، وأن يجد في قلبه حزنًا وحسرة إذا عُصِيَ الله تعالى في أرضه، ولم يُضطلع بإقامة حدوده وأوامره، ولم يستطع هو أن يغير ذلك.
ومن علامات تعظيم الأمر والنهي: أن لا يسترسل مع الرخصة إلى حد يكون صاحبه جافيًا غير مستقيم على المنهج الوسط؛ مثال: ذلك أن السنة وردت بالإبراد بالظهر في شدة الحر، فالترخص الجافي أن يبرد إلى فوات الوقت أو مقاربة خروجه فيكون مترخصًا جافيًا... فحقيقة التعظيم للأمر والنهي أن لا يعارضا بترخص جاف، ولا يعرضا لتشديد غالٍ؛ فإن المقصـود هو الصـراط المستقيم الموصل إلى الله - عز وجل - بسالكه. وما أمر الله - عز وجل - بأمر إلا وللشيطان فيه نزغتان إما تقصير وتفريط، وإما إفراط وغلو، فلا يبالي بما ظفر من العبد من الخطيئتين...

ومن علامات تعظيم الأمر والنهي: أن لا يحمل الأمر على علة تضعف الانقياد والتسليم لأمر الله - عز وجل - بل يسلم لأمر الله تعالى وحكمه، ممتثلاً ما أمر به، سواء ظهرت له حكمته أو لم تظهر، فإن ظهرت له حكمة الشرع في أمره ونهيه حمله ذلك على مزيد الانقياد والبذل والتسليم...» (1).

· الاستعانة بالله وحده وصدق التوكل عليه
وتفويض الأمور إليه مع الأخذ بالأسباب المشروعة، وعدم الركون إليها، وإنما الركون إلى الكبير المتعال الذي قهر كل شيء بكبريائه وعظمته، وخضع لسلطانه كل مخلوق مهما علا شأنه، وهذا يورث الطمأنينة والثقة الكاملة بالله - عز وجل - الذي نواصي الخلق بيده سبحانه مما يكون له أثر عظيم في الثبات، ورباطة الجأش عند الشدائد والمخاوف.
قال تعالى : {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً }الأحزاب3
وقال : {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً }الفرقان58


· الخوف منه سبحانه وحده
وعدم الخوف من المخلوق الضعيف الذي لا يملك لنفسه ضرّاً ولا نفعًا، فضلاً عن أن يملكه لغيره، وحينما يذكر العبد ربه باسمه العظيم الكبير وتقوم في القلب معانيه وآثاره؛ فإن هذا ينعكس على أعماله وأحواله ومواقفه، بحيث لا تطير نفسه شعاعًا عندما يصدر من مخلوق متمكن تهديد في رزق أو حياة، وإنما تعظيم الله - عز وجل - بلسانه وقلبه يجعله ينظر إلى المخلوق الضعيف بما يناسب قدره، وتستولي على القلب عظمة الله سبحانه وكبرياءه فتتبدد المخاوف ويحل محلها الشجاعة، والطمأنينة، والإقدام، وعدم الانصياع للتهديد والمخاوف
قال تعالى : {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }آل عمران175
وقال : {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ }الزمر36
وقال : {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ* فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ } آل عمران (173-174)

· الافتقار إلى الله
إنَّ هذه المنزلة الجليلة (الافتقار إلى الله ) التي يصل إليها القلب هي سرُّ حياته وأساس إقباله على ربه سبحانه وتعالى، فالافتقار حادٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍ يحدو العبد إلى ملازمة التقوى ومداومة الطاعة ، ويتحقق ذلك بأمرين متلازمين، هما:
الأول: إدراك عظمة الخالق وجبروته و الثاني: إدراك ضعف المخلوق وعجزه


أما الأول: إدراك عظمة الخالق وجبروته
فكلما كان العبد أعلم بالله ـ تعالى ـ وصفاته وأسمائه كان أعظم افتقاراً إليه وتذللاً بين يديه، قال الله ـ تعالى ـ: " إنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ" [فاطر: 28]
وقال: "قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَـمَفْعُولاً * وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا"
[الإسراء: 107 - 109] .
وقال الفضيل بن عياض: "أعلم الناس بالله أخوفهم منه"، وقال:"رهبة العبد من الله على قدر علمه باللّه". – سير أعلام النبلاء
وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي: "أصل الخشوع الحاصل في القلب إنما هو من معرفة الله، ومعرفة عظمته، وجلاله وكماله؛ فمن كان بالله أعرف فهو له أخشع، ويتفاوت الخشوع في القلوب بحسب تفاوت معرفتها لمن خشعت له، وبحسب مشاهدة القلوب للصفات المقتضية للخشوع"
( الخشوع في الصلاة )

ومَنْ تدبر الآيات البينات والأحاديث الشريفات التي جاء فيها ذكر صفاته العلى وأسمائه الحسنى؛ انخلع قلبه إجلالاً لربه، وتعظيماً لمقامه، وهيبة لسطوته وجبروته _سبحانه وتعالى_.
قال تعالى: "اللَّهُ لا إلَهَ إلاَّ هُوَ الْـحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إلاَّ بِإذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إلاَّ بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ" [البقرة: 255].


وقال ـ تعالى ـ: "وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إلاَّ يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ * وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْـمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ" [الأنعام: 59 - 61].
وقال تعالى: "وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ" [الزمر: 67].
وعن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
"يطوي الله السموات يوم القيامة، ثم يأخذهنَّ بيده اليمنى، ثم يقول: أنا الملك؛ أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ثم يطوي الأرض بشماله، ثم يقول: أنا الملك؛ أين الجبارون؟ أين المتكبرون" .
أخرجه: مسلم في كتاب صفة القيامة والجنة والنار، (2148/4)، رقم (2788)، واللفظ له، وأخرجه البخاري مختصراً في كتاب التوحيد، (393/13)، رقم (7412)، وأخرجه أبو داود في كتاب السنة، (234/4)، رقم (4732) بلفظ: "ثم يطوي الأرضين، ثم يأخذهن بيده الأخرى".

قال الإمام ابن القيم: "القرآن كلام الله، وقد تجلى الله فيه لعباده بصفاته، فتارة يتجلى في صفات الهيبة والعظمة والجلال، فتخضع الأعناق، وتنكسر النفوس، وتخشع الأصوات، ويذوب الكبر كما يذوب الملح في الماء، وتارة يتجلى في صفات الجمال والكمال، وهو كمال الأسماء وجمال الصفات وجمال الأفعال الدال على كمال الذات، فيستنفد حبُّه من قلب العبد قوة الحب كلها؛ بحسب ما عرفه من صفات جماله ونعوت كماله، فيصبح عبده فارغاً إلا من محبته، فإذا أراد منه الغير أن يعلق تلك المحبة به أبى قلبه وأحشاؤه ذلك كل الإباء ..»، ثم قال: «... وجماع ذلك أنه ـ سبحانه ـ يتعرف إلى العبد بصفات إلهيته تارة، وبصفات ربوبيته تارة، فيوجب له شهود صفات الإلهية المحبة الخاصة والشوق إلى لقائه، والأنس والفرح به، والسرور بخدمته، والمنافسة في قربه، والتودد إليه بطاعته، واللهج بذكره، والفرار من الخلق إليه، ويصير هو وحده همَّه دون ما سواه، ويوجب له شهود صفات الربوبية التوكل عليه، والافتقار إليه، والاستعانة به، والذل والخضوع والانكسار له" - (الفوائد).
وعرّف ابن القيم الخشوع بأنه "خشوع القلب لله بالتعظيم والإجلال والوقار والمهابة والحياء، فينكسر القلب لله كسرة ملتئمة من الوجل والخجل والحب والحياء، وشهود نعم الله، وجناياته هو؛ فيخشع القلب لا محالة، فيتبعه خشوع الجوارح" . (كتاب الروح)
وأما الثاني: إدراك ضعف المخلوق وعجزه:
فمن عرف قدر نفسه، وأنَّه مهما بلغ في الجاه والسلطان والمال فهو عاجز ضعيف لا يملك لنفسه صرفاً ولا عدلاً؛ تصاغرت نفسه، وذهب كبرياؤه، وذلَّت جوارحه، وعظم افتقاره لمولاه، والتجاؤه إليه، وتضرعه بين يديه، قال ـ عز وجل ـ:{ "فَلْيَنظُرِ الإنسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ * إنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ * يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ *
فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلا نَاصِرٍ } [الطارق: 5 ـ 10].





· ألا يكون عندك أي حظ من العظمة والكبرياء
قال تعالى: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ }
القصص83
وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
( قال الله عز وجل : الكبرياء ردائي ، والعظمة إزاري ، فمن نازعني واحداً منهما قذفته في النار )
وقال:(لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر ولا يدخل النار من في قلبه مثقال ذرة من إيمان‏)​

فالكبر المباين للإيمان لا يدخل صاحبه الجنة كما في قوله‏:‏ ‏{‏‏إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ‏}‏‏ ‏[‏غافر‏:‏60‏]‏ ، ومن هذا كبر إبليس ، قال تعالى :
{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ }البقرة34

وكبر فرعون ، قال تعالى : {ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ }يونس75 ، وقال : {وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ }القصص39
وقال : {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ }النمل14 ، وغيرهما ممن كان كبره منافيا للإيمان ، وكذلك كبر اليهود والذين أخبر الله عنهم بقوله‏:‏
{أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ‏}‏‏ ‏[‏البقرة‏:‏87‏]‏‏.
‏‏
وقال : {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنَزلَ اللّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ }الأنعام93
وقال : {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ }الأحقاف20
وقال : {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ }الأعراف146

والاستكبار : عدم الانقياد والقبول بالحق ، قال تعالى:{وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً }نوح7
وقال :{فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ }فصلت38
وقال: {لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً لِّلّهِ وَلاَ الْمَلآئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعاً * فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزيدُهُم مِّن فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنكَفُواْ وَاسْتَكْبَرُواْ فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً أَلُيماً وَلاَ يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً} النساء [172-173]




والكبر كله مباين للإيمان الواجب فمن في قلبه مثقال ذرة من كبر لا يفعل ما أوجب الله عليه ويترك ما حرم عليه بل كبره يوجب له جحد الحق واحتقار الخلق وهذا هو ‏[‏الكبر‏]‏ الذي فسره النبي صلى الله عليه وسلم حيث سئل في تمام الحديث‏،فقيل‏:‏يا رسول الله الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا‏.‏ فمن الكبر ذاك ‏؟‏ فقال‏:‏ لا إن الله جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق وغمط الناس‏"‏‏
وبطر الحق: جحده ودفعه ، وغمط الناس: ازدراؤهم واحتقارهم ، فمن كان في قلبه مثقال ذرة من هذا يوجب له أن يجحد الحق الذي يجب عليه أن يقر به وأن يحتقر الناس فيكون ظالما لهم معتديا عليهم فمن كان مضيعا للحق الواجب؛ ظالما للخلق‏ لم يكن من أهل الجنة ولا مستحقا لها بل يكون من أهل الوعيد‏.

والمتكبر: يظن أنه أفضل الخلق وأن له ما ليس لغيره ، وهو متَّبع لهواه، ينظر إلى نفسه بعينِ الكمال وإلى غيره بعينِ النّقص، مطبوعٌ على قلبِه: لا يقبَل ما لا يَهوى
قال تعالى : (( كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى كُـلّ قَلْبِ مُتَكَبّرٍ جَبَّارٍ)) [غافر:35]
فالمتكبر يريد أن يعلو على الحق وعلى الله تعالى برد الشرع والدين، ورد آيات الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .. والمتكبر أيضاً يعلو على الناس ويسخر منهم ويحتقرهم ويزدريهم.


و الكبر منازعة لصفة من صفات الله عز وجل كما جاء في الحديث عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ قَالَا : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( الْعِزُّ إِزَارُهُ وَالْكِبْرِيَاءُ رِدَاؤُهُ فَمَنْ يُنَازِعُنِي عَذَّبْتُهُ )) مسلم برقم ( 2620 ) ، فهو سبحانه الجبار المتكبر .


وهذه المنازعة قد تسبب العقوبة في الدنيا قبل الآخرة كما جاء في الحديث أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قال :
قال النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( بَيْنَمَا رَجُلٌ يَجُرُّ إِزَارَهُ مِنْ الْخُيَلَاءِ خُسِفَ بِهِ فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِي الْأَرْضِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ) ( البخاري/ 3485 )
أي هو يغوص فيها والعياذ بالله، والجزاء من جنس العمل .
وعن سلمة بن الأكوع:أَنَّ رَجُلًا أَكَلَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشِمَالِهِ فَقَالَ :
( كُلْ بِيَمِينِكَ قَالَ لَا أَسْتَطِيعُ قَالَ لَا اسْتَطَعْتَ مَا مَنَعَهُ إِلَّا الْكِبْرُ قَالَ فَمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ ) مسلم ( 2021)

وكذلك يوم القيامة سيكون جزاء المتكبرين على نقيض قصدهم كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما بأن المتكبرين يحشروا ((أمثال الذر في صور الرجال يغشاهم الذل من كل مكان يُساقون إلى سجن في جهنم يسمى بولس، تعلوهم نار الأنيار، يُسقون من عصارة أهل النار: طينة الخبال)) رواه الترمذي








خلق التواضع:
قال الله تعالى :{ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا }[الفرقان : 63]
واضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد)) رواه مسلم (2865) من حديث عياض بن حمار رضي الله عنه. قال ابن القيم: (أي سكينة ووقارا متواضعين غير أشرين ولا مرحين ولا متكبرين قال الحسن: علماء حلماء وقال محمد بن الحنفية : أصحاب وقار وعفة لا يسفهون ، وإن سفه عليهم حلموا ، والهون بالفتح في اللغة: الرفق واللين و الهون بالضم : الهوان فالمفتوح منه : صفة أهل الإيمان والمضموم صفة أهل الكفران وجزاؤهم من الله النيران)مدارج السالكين.
(وقال تعالى مخاطباً رسوله ممتناً عليه وعلى المؤمنين فيما أَلان به قلبه على أمته المتبعين لأمره، التاركين لزجره، وأطاب لهم لفظه {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} ((مدارج السالكين)) لابن القيم (3/108). .(وقال تعالى مخاطباً رسوله ممتناً عليه وعلى المؤمنين فيما أَلان به ق [آل عمران: 159]) تفسير ابن كثيرمة واحتسابا للأجر) ((تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان)) لعبد الرحمن السعدي (1/456). .وقال سبحانه .
- كما أمره الله سبحانه وتعالى أن يلين جانبه للمؤمنين وأن يتواضع لهم فقال:
{وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ})) للقاضي عياض (8/383). .- عن أبي الدّرداء رضي اللّه عنه قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: ((ابغو [الحجر: 88]
قال القرطبي في تفسير هذه الآية: (أي ألن جانبك لمن آمن بك وتواضع لهم) الجامع لأحكام القرآن به على أمته المتبعين لأمره، التاركين لزجره، وأطاب لهم لفظه فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَ
وقال عز من قائل:{وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} اللين و الهون بالضم : الهوان فالمفتوح منه : صفة أهل الإيمان والمضموم صفة أهل الكفران وجزاؤهم من الله النيران) [الشعراء: 215]
- ووصف الله سبحانه وتعالى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم(يظهرون العطف والحنو والتواضع للمؤمنين ويظهرون الشدة والغلظة والترفع على الكافرين) فتح القدير- الشوكاني
نين وأن يتواضع لهم فقال:وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ [الحجر: 88]قال القرطبي في تفسير هذه الآية: (أي ألن حيث قال:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} كما قال تعالى: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَه [المائدة : 54 ]: تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْع
وقال ابن كثير:(هذه صفات المؤمنين الكُمَّل أن يكون أحدهم متواضعًا لأخيه ووليه، متعززًا على خصمه وعدوه، كما قال تعالى:
{ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ }لقلوب محبة ومكانة وعزة .والثاني : أن يكون ذلك ثوابه في الآخرة على تواضعه) ((إكمال المعلم شرح صحيح مسلم)) لل [الفتح: 29]الترغيب والحث على التواضع من القرآن- قال الله تعالى : وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْ) ة على رءوس الخلائق حتّى يخيّره من أيّ حلل الإيمان شاء يلبسها)) رواه الترمذي (2481) من حديث معاذ بن أنس رضي ا تفسير ابن كثيرمة واحتسابا للأجر) ((تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان)) لعبد الرحمن السعدي (1/456). .وقال سبحانه
وقال ابن القيم: (لما كان الذل منهم ذل رحمة وعطف وشفقة وإخبات عداه بأداة على تضمينا لمعاني هذه الأفعال فإنه لم يرد به ذل الهوان الذي صاحبه ذليل وإنما هو ذل اللين والانقياد الذي صاحبه ذلول فالمؤمن ذلول كما في الحديث : المؤمن كالجمل الذلول والمنافق والفاسق ذليل)
مدارج السالكين.
وقوله تعالى:{وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}[الإسراء24]
رفيعة لكنها غير محرمة، فإن الأفضل أن يلبس مثلهم لأن الله تعالى جميل يحب الجمال ولاشك أن الإنسان إذا كان بين أن(حيث أمر الله بالتواضع - للوالدين- ذلا لهما ورحمة واحتسابا للأجر)تفسير السعدي.
وقال سبحانه:{ تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}َرْضِ هَوْنًا [الفرقان : 63] قال ابن القيم: (أي سكينة ووقارا متواضعين غير أشرين ولا مرحين ولا متكبرين قال الحسن: [القصص: 83]
قال ابن كثير: (يخبر تعالى أن الدار الآخرة ونعيمها المقيم الذي لا يحول ولا يزول، جعلها لعباده المؤمنين المتواضعين،
{الذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأرْضِ} ه)) رواه البزار في ((كشف الأستار)) (4/223) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وقال: لا نعلمه رواه عن علي عن سعيد ع، أي: ترفعًا على خلق الله وتعاظمًا عليهم وتجبرًا بهم، ولا فسادًا فيهم) ح رياض الصالحين)) لابن عثيمين (4/317-318). .- وعن حارثة بن وهب رضي اللّه عنه أنه سمع النّبي صلّى اللّه عليه وس� تفسير ابن كثيرمة واحتسابا للأجر) ((تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان)) لعبد الرحمن السعدي (1/456). .وقال سبحانه.





الترغيب والحث على التواضع من السنة
- روى مسلم من حديث أبي هريرة : قال صلى الله عليه وسلم:
((ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله))
: تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْع مسلم 2588
قال القاضي عياض في قوله صلى الله عليه وسلم : ((وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله))َرْضِ هَوْنًا [الفرقان : 63] قال ابن القيم: (أي سكينة ووقارا متواضعين غير أشرين ولا مرحين ولا متكبرين قال الحسن: ّم يقول: ((ألا أخبركم بأهل الجنّة؟ قالوا: بلى. قال صلّى اللّه عليه وسلّم: كل ضعيف متضعّف لو أقسم على اللّه لأبره
فيه وجهان:أحدهما :
أن الله تعالى يمنحه ذلك في الدنيا جزاء على تواضعه له ، وأن تواضعه يثبت له في القلوب محبة ومكانة وعزة .
والثاني : أن يكون ذلك ثوابه في الآخرة على تواضعه) اكمال المعلم شرح صحيح مسلم القاضي عياضل عمران: 159]) ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (2/148). .- كما أمره الله سبحانه وتعالى أن يلين جانبه للمؤ .
- وعن عياض بن حمار رضي الله عنه قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد))قاضي عياض (8/59). .- وعن عياض بن حمار رضي الله عنه قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله أوحى إلي أن � مسلم2865إلا وفي رأسه حكمة والحكمة بيد ملك إن تواضع قيل للملك: ارفع الحكمة، وإن أراد أن يرفع قيل للملك: ضع الحكمة أو حكمت
قال ابن عثيمين: (يعني: أن يتواضع كل واحد للآخر ولا يترفع عليه، بل يجعله مثله أو يكرمه أكثر، وكان من عادة السلف رحمهم الله، أن الإنسان منهم يجعل من هو أصغر منه مثل ابنه ومن هو أكبر مثل أبيه ومن هو مثله مثل أخيه، فينظر إلى ما هو أكبر منه نظرة إكرام وإجلال وإلى من هو دونه نظرة إشفاق ورحمة، وإلى من هو مثله نظرة مساواة، فلا يبغي أحد على أحد وهذا من الأمور التي يجب على الإنسان أن يتصف بها، أي بالتواضع لله عز وجل ولإخوانه من المسلمين)
شرح رياض الصالحين –ابن عثيمينن أبي هريرة إلا المنهال. وحسن إسناده الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (8/86). .- وعن معاذ بن أنس الجهني- رضي اللّه .
- وعن معاذ بن أنس الجهني- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:
((من ترك اللّباس تواضعا للّه، وهو يقدر عليه دعاه اللّه يوم القيامة على رءوس الخلائق حتّى يخيّره من أيّ حلل الإيمان شاء يلبسها)) رواهض الصالحين)) لابن عثيمين (3/524). .- وعن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: ((ما من امرئ الترمذي وحسنه الألباني في صحيح الجامع6145نكسر قلوبهم، ولئلا يفخر عليهم، فإنه ينال هذا الأجر العظيم أما إذا كان بين أناس قد أنعم عليهم ويلبسون الثياب ال .
قال ابن عثيمين:(وهذا يعني أن الإنسان إذا كان بين أناس متوسطي الحال لا يستطيعون اللباس الرفيع فتواضع وصار يلبس مثلهم، لئلا تنكسر قلوبهم، ولئلا يفخر عليهم، فإنه ينال هذا الأجر العظيم أما إذا كان بين أناس قد أنعم عليهم ويلبسون الثياب الرفيعة لكنها غير محرمة، فإن الأفضل أن يلبس مثلهم لأن الله تعالى جميل يحب الجمال ولاشك أن الإنسان إذا كان بين أناس رفيعي الحال يلبسون الثياب الجميلة ولبس دونهم فإن هذا يعد لباس شهرة فالإنسان ينظر ما تقتضيه الحال)
شرح رياض الصالحين – ابن عثيمينن أبي هريرة إلا المنهال. وحسن إسناده الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (8/86). .- وعن معاذ بن أنس الجهني- رضي اللّه نين وأن يتواضع لهم فقال:وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ [الحجر: 88]قال القرطبي في تفسير هذه الآية: (أي ألن .
- وعن حارثة بن وهب رضي اللّه عنه أنه سمع النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم يقول:
((ألا أخبركم بأهل الجنّة؟ قالوا: بلى. قال صلّى اللّه عليه وسلّم: كل ضعيف متضعّف لو أقسم على اللّه لأبره. ثم قال:ألا أخبركم بأهل النّار؟ قالوا:بلى. قال:كل عتل جواظ مستكبر))
ني (2/75). حيث قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللالبخاري 4918ومسلم 2853ثم قال:ألا أخبركم بأهل النّار؟ قالوا: بلى. قال: كل عتل جواظ مستكبر)) رواه البخاري (4918)، ومسلم (2853) من حديث
قال القاضي عياض: (وقوله : في أهل الجنة : كل ضعيف متضعف ... هو صفة نفي الكبرياء والجبروت التي هي صفة أهل النار ، ومدح التواضع والخمول والتذلل لله عز وجل وحض عليه) ني (2/75). حيث قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي الل
اكمال المعلم شرح صحيح مسلم القاضي عياضل عمران: 159]) ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (2/148). .- كما أمره الله سبحانه وتعالى أن يلين جانبه للمؤ.
- عن أبي الدّرداء رضي اللّه عنه قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول:
((ابغوني في ضعفائكم، فإنّما ترزقون وتنصرون بضعفائكم))
رواه أبو داود والترمذي وابن حبان وقال الترمذي حسن صحيح.
قال الطيبي في معنى الحديث: (وفيه نهي عن مخالطة الأغنياء وتحذير من التكبر على الفقراء والمحافظة على جبر خواطرهم ، ولهذا قال لقمان لابنه : لا تحقرن أحدا لخلقان ثيابه فإن ربك وربه واحد.
وقال ابن معاذ : (حبك الفقراء من أخلاق المرسلين وإيثارك مجالستهم من علامات الصالحين وفرارك منهم من علامات المنافقين )فتح القدير للشوكاني.

قالوا عن التواضع:
- عن عائشة رضي الله عنها، قالت: (إنكم لتغفلون أفضل العبادة: التواضع) نياه عليك فضل) ((التواضع والخمول)) لابن أبي الدنيا (ص142). . - وعن إبراهيم بن أبي عبلة قال : (رأيت أم الد .
- وقال معاذ بن جبل رضي الله عنه: (لا يبلغ عبد ذرى الإيمان حتى يكون التواضع أحب إليه من الشرف وما قل من الدنيا أحب إليه مما كثر ويكون من أحب وأبغض في الحق سواء يحكم للناس كما يحكم لنفسه وأهل بيته) الحطب على ظهره يقول طرقوا للأمير.) رواه ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (67/373). .- وقال يحيى ابن أبي كثير : (� .
- و(سئل الفضيل بن عياض عن التواضع فقال : يخضع للحق وينقاد له ويقبله ممن قاله) نعمة الدنيا حتى تعلمه أن ليس لك بدنياك عليه فضل وأن ترفع نفسك عمن هو فوقك في نعمة الدنيا حتى تعلمه أنه ليس له بد .
- وقال ابن المبارك (رأس التواضع أن تضع نفسك عند من هو دونك في نعمة الدنيا حتى تعلمه أن ليس لك بدنياك عليه فضل وأن ترفع نفسك عمن هو فوقك في نعمة الدنيا حتى تعلمه أنه ليس له بدنياه عليك فضل).
- وعن إبراهيم بن أبي عبلة قال : (رأيت أم الدرداء مع نساء المساكين جالسة ببيت المقدس) اكرون التواضع فقال لهما الحسن وهل تدرون ما التواضع : التواضع أن تخرج من منزلك فلا تلق مسلما إلا رأيت له عليك فض
- وقال قتادة : (من أعطي مالا أو جمالا وثيابا وعلما ثم لم يتواضع كان عليه وبالا يوم القيامة) كثر ويكون من أحب وأبغض في الحق سواء يحكم للناس كما يحكم لنفسه وأهل بيته) رواه ابن المبارك في ((الزهد)) (2/52
- وقال يحيى بن الحكم بن أبي العاص لعبد الملك : (أي الرجال أفضل قال من تواضع عن رفعة وزهد على قدرة وترك النصرة على قومه) الحطب على ظهره يقول طرقوا للأمير.) رواه ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (67/373). .- وقال يحيى ابن أبي كثير : ( .
- وقال إبراهيم بن شيبان : (الشرف في التواضع والعز في التقوى والحرية في القناعة) ((مدارج السالكين)) لابن قيم الجوزية (2/329). .- وقال ابن المبارك (رأس التواضع أن تضع نفسك عند من هو دونك في
- وعن صالح المري قال (خرج الحسن ويونس وأيوب يتذاكرون التواضع فقال لهما الحسن وهل تدرون ما التواضع : التواضع أن تخرج من منزلك فلا تلق مسلما إلا رأيت له عليك فضلا) اذ بن جبل رضي الله عنه: (لا يبلغ عبد ذرى الإيمان حتى يكون التواضع أحب إليه من الشرف وما قل من الدنيا أحب إليه مما .
- وقال يحيى ابن أبي كثير : (رأس التواضع ثلاث أن ترضى بالدون من شرف المجلس وأن تبدأ من لقيته بالسلام وأن تكره من المدحة والسمعة والرياء) نياه عليك فضل) ((التواضع والخمول)) لابن أبي الدنيا (ص142). . - وعن إبراهيم بن أبي عبلة قال : (رأيت أم الد . العسقلاني في ((الأمالي المطلقة)) (96): حسن غريب اختلف فيه على ابن المبارك والمشهور عنه أنه موقوف. .- وقال مع
أنواع التواضع:
والتواضع تواضعان أحدهما محمود والآخر مذموم
والتواضع المحمود ترك التطاول على عباد الله والإزراء بهم
والتواضع المذموم هو تواضع المرء لذي الدنيا رغبة في دنياه
فالعاقل يلزم مفارقة التواضع المذموم على الأحوال كلها ولا يفارق التواضع المحمود على الجهات كلها) روضة العقلاءق التواضع المحمود على الجهات كلها) ((روضة العقلاء)) (ص 59). .- التواضع المحمود على نوعين: النوع الأول: (ت
- التواضع المحمود على نوعين:
النوع الأول: (تواضع العبد عند أمر الله امتثالا وعند نهيه اجتنابا فإن النفس لطلب الراحة تتلكأ في أمره فيبدو منها نوع إباء وشراد هربا من العبودية وتثبت عند نهيه ! طلبا للظفر بما منع منه فإذا وضع العبد نفسه لأمر الله ونهيه فقد تواضع للعبودية.
والنوع الثاني: تواضعه لعظمة الرب وجلاله وخضوعه لعزته وكبريائه فكلما شمخت نفسه ذكر عظمة الرب تعالى وتفرده بذلك وغضبه الشديد على من نازعه ذلك فتواضعت إليه نفسه وانكسر لعظمة الله قلبه واطمأن لهيبته وأخبت لسلطانه فهذا غاية التواضع وهو يستلزم الأول من غير عكس والمتواضع حقيقة من رزق الأمرين والله المستعان). الروح هربا من العبودية وتثبت عند نهيه ! طلبا للظفر بما منع منه فإذا وضع العبد نفسه لأمر الله ونهيه فقد تواضع للعبودي





التواضع المذموم:
قال ابن القيم: (ومن التواضع المذموم المهانة، والفرق بين التواضع والمهانة، أن التواضع: يتولد من بين العلم بالله سبحانه ومعرفة أسمائه وصفاته ونعوت جلاله وتعظيمه ومحبته وإجلاله ومن معرفته بنفسه وتفاصيلها وعيوب عملها وآفاتها فيتولد من بين ذلك كله خلق هو التواضع وهو انكسار القلب لله وخفض جناح الذل والرحمة بعباده فلا يرى له على أحد فضلا ولا يرى له عند أحد حقا بل يرى الفضل للناس عليه والحقوق لهم قبله وهذا خلق إنما يعطيه الله عز وجل من يحبه ويكرمه ويقربه.
وأما المهانة: فهي الدناءة والخسة وبذل النفس وابتذالها في نيل حظوظها وشهواتها كتواضع السفل في نيل شهواتهم وتواضع المفعول به للفاعل وتواضع طالب كل حظ لمن يرجو نيل حظه منه فهذا كله ضعة لا تواضع والله سبحانه يحب التواضع ويبغض الضعة والمهانة وفي الصحيح عنه (وأوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد) كتاب الروح.

المصادر:
شرح الأسماء الحسنى للشيخ فوزي السعيد (محاضرات - موقع شبكة الطريق إلى الله )
كتاب "ولله الأسماء الحسنى" د.عبد العزيز ناصر الجليل








(1) انظر: مقاييس اللغة (كبُرَ).

(2) المفردات للراغب.

(1) مسلم (2620) في البر والصلة باب تحريم الكبر، وأحمد في المسند 2/376.

(2) رواه النسائي في الصـلاة باب أذكار الركوع، وصححه الألباني في صـحيح النسـائي (1004).

(1) الوابل الصيب، ت: بشير عيون ص 12 - 26« باختصار وتصرف يسير».
 
عودة
أعلى