علي هاني يوسف
New member
- إنضم
- 09/01/2008
- المشاركات
- 81
- مستوى التفاعل
- 2
- النقاط
- 8
تقسيم حروف الجر من حيث الأصالة والزيادة
تنقسم حروف الجر إلى ثلاثة أقسام من حيث أصالتها وعدم صالتها :
1) القسم الأول : حروف جر أصلية 2) القسم الثاني : حروف جر زائدة 3) القسم الثالث : حروف جر شبيهة بالزائد وإليك جدولا يوضح الفروق بينها ثم يأتي شرحه :
[TABLE="align: right"]
[TR]
[TD]حروف الجر الأصلية
[/TD]
[TD]حروف جر الزائدة
[/TD]
[TD]حروف الجر الشبيهة بالزائد
[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]جميع حروف الجر إلا الزائدة و الشبيهة بالزائدة
[/TD]
[TD]هي (من ، الباء، اللام ، الكاف ) فهذه تستعمل زائدة وأصلية
[/TD]
[TD]هي (رب) دائما ، لولا عند سيبويه ، (خلا، عدا ، حاشا ) عند ابن هشام
[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]حرف الجر الأصلي يأتي بمعنى جديد يكمل معنى عامله نحو مررت بزيد
[/TD]
[TD]لا يأتي بمعنى جديد إنما يؤكد معنى الجملة نحو ما جاء من رجل
[/TD]
[TD]يأتي بمعنى جديد مستقل وهو التقليل أو التكثير في رُبَّ ، الامتناع في (لولا) ، (الاستثناء في خلا ، عدا ، حاشا عند ابن هشام )
[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]يحتاج مع مجروره إلى متعلَّق أي عامل يتعلق به
[/TD]
[TD]لا يحتاج مع مجروره إلى متعلَّق
[/TD]
[TD]لا يحتاج مع مجروره إلى متعلَّق ولذلك سميت شبيهة بالزائد
[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]في نحو : مررت بزيد : يقول النحاة (بزيد) مفعول به غير صريح والمحققون يقولون الذي في محل نصب هو المجرور فقط وهو مذهب ، وفي (مُرَّ بزيد) زيد في محل رفع نائب فاعل كما قال البصريون وأما ابن مالك وابن هشام نائب عن الفاعل والبصريون يقولون الجار والمجرور في محل رفع نائب فاعل
[/TD]
[TD]يكون للمجرور محل إعرابي آخر مع ذلك الجر اللفظي ، والمحل الإعرابي الآخر إما أن يكون فاعلا أو مفعولا أو مبتدأ ولو منسوخا نحو (ما يأتيهم من ذكر ) ذكر مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه فاعل
[/TD]
[TD]مثل الزائد ففي نحو ( رب كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة ) (كاسية ) مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه مبتدأ
وفي نحو (رب رجل كريم لقيت ) فرجل مجرور لفظا منصوب محلا على أنه مفعول به
وفي نحو قام القوم خلا زيد ٍ (زيد) مجرور لفظا منصوب محلا على الاستثناء
[/TD]
[/TR]
[/TABLE]
شرح الجدول :
تنقسم حروف الجر من حيث أصالتها وعدم أصالتها إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: حروف جر أصلية. القسم الثاني: حروف جر زائدة. القسم الثالث: حروف جر شبيهة بالزائدة.
1. حروف الجر الأصلية: هي جميع حروف الجر السابقة إلا{ (رُبَّ)، (خلا، عدا، حاشا) عند ابن هشام .
2. حروف الجر الزائدة: هي (من, الباء, اللام, الكاف) وهذه تستعمل زائدة وأصلية.
3. حروف الجر الشبيهة بالزائدة: هي (رب دائماً, لولا عند سيبويه [1], خلا وعدا وحاشا عند ابن هشام)
الفروق بين حرف الجر الأصلي والزائد والشبيه بالزائد :
أ- الفرق الأول : حرف الجر الأصلي يأتي بمعنى جديد يكمل معنى عامله نحو: مررت بزيد ، حرف الجر الزائد لا يأتي بمعنى جديد إنما يؤكد معنى الجملة نحو: ما جاء من رجلٍ ، حرف الجر الشبيه بالزائد يأتي بمعنى جديد مستقل ولا يتأثر المعنى الأصلي بحذفه ومعناه :
(التقليل أو التكثير في(رُبَّ), الامتناع في(لولا), الاستثناء في خلا وعدا وحاشا)
وبيان ذلك : أن حرف الجر الأصلي يأتي بمعنى جديد يكمل معنى عامله: لفهم هذا نقول: إذا قال لك قائل: (حضرَ المسافرُ) ثم سَكـَتَ فهذه الجملة مفيدة، ولكنها تبعث في النفس عدة أسئلة وهي: من أين حضر؟ أمـِنَ القرية أم من المدينة أم من بلد آخر؟ أحضر بالسيارة أم بالباخرة أم بالطائرة؟ فإذا قال لك: (حضر المسافرُ من القرية ِ) فإنَّ بعض النقص يزول ، فحرف الجر (مـِنْ) أتانا بمعنى فرعي جديد وهو(ابتداء المجيء) ، (أي ابتداء الغاية) وهو (القرية) ، فإذا زاد فقال (حضر المسافرُ من القريةِ في سيارةٍ) ، فنقص معنويّ آخر يزول ويحل محله معنى فرعي جديد وهو (الظرفية) بسبب وجود حرف الجر الأصلي (في) ،فـ(المسافر) كان في شيء يحويه وهو السيارة ، وهكذا بقيت حروف الجر الأصلية, لها معانٍ تظهر بسبب غيرها أي بسبب الجملة التي توضع فيها، وقد تقدم في أول الكتاب أنَّ الحرف: هو ما دل على معنى في غيره(أي بسبب غيره) ، وكذلك الشبيه بالزائد يأتي بمعنى جديد كالتقليل أو التكثير في (رب)، أما حرف الجر الزائد فلا يجلب معنى جديداً وإنما يؤكد ويقوي المعنى العامَّ في الجملة كلها ، نحو (ما جاء من رجلٍ) فـ(من) زائد لم يأت بمعنى فرعي كـ(ابتداء الغاية أو التبعيض أو البيان) بل جيء به لتوكيد الجملة
ب- الفرق الثاني: إذا حذفنا حرف الجر الأصلي يختل المعنى ففي { سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى } يختل المعنى بسقوط (من) (إلى ) ، وأما إذا حذفنا حرف الجر الزائد فلا يتأثر المعنى, فلو قلت في (ما جاء من رجل ) : (ما جاء رجلٌ) يبقى المعنى الأصلي كما هو، ويجب أن تنتبه الى قولنا (المعنى الأصلي) فالحرف الزائد له معنى بلاغي مهم يؤثر حذفه على الجملة لكن حذفه لا يؤثر على المعنى الأصلي، وسيأتيك هنا وفي كتب أخرى إن شاء الله أنَّ الحرف الذي سموه زائداً له فوائد غير التوكيد عند المحققين ، وكالمثال السابق قولـُه تعالى {وكفى بالله شهيداً} فـ(الباء) زائدة تفيد تقوية المعنى وتأكيده فكأنك قلت:(كفى اللهُ شهيداً ) كفى الله تعالى كفاية تامة من جهة الشهادة ، ومثله حرف الجر الشبيه بالزائد في نحو (رب رجل كريم لقيته ) .
ت-الفرق الثالث : حرف الجر الأصلي يحتاج مع مجروره إلى مـُتـَعلـَّق (أي عامل يتعلق به)، حرف الجر الزائد لا يحتاج مع مجروره إلى مـُتـَعلـَّق لأنه للتأكيد وليس لإيصال معنى الأفعال إلى الأسماء ، حرف الجر الشبيه بالزائد لا يحتاج مع مجروره إلى متعلَّق لأنه لا يوصل معنى الأفعال إلى الأسماء ولذلك سمي شبيهاً بالزائد.
بيان ما سبق : أنَّ حرف الجر الأصلي يحتاج إلى مـُتـَعـلـَّق وكذلك الظروف التي أخذناها كـ(اليوم, غداً, عند...الخ) ، أو بعبارة أخرى: (وصل حرف الجر بين عامله والاسم المجرور) وهو ما يسمى (التعلق بالعامل).
فالنحاة يقولون: إنَّ الداعي لاستخدام حرف الجر الأصلي مع مجروره هو الاستفادة بما يجلبه للجملة من (معنى فرعي جديد) وهذا المعنى الفرعي الجديد ليس مستقلاً بنفسه، وإنما هو تكملة فرعية لمعنى (فعل أو شبهه) في تلك الجملة ، كالمثال السابق (حضر المسافرُ من القريةِ) فالجار والمجرور (من القرية) قد أكملا بعض النقص البادي في معنى الفعل(حضر) ، فلولا الجار والمجرور لتواردت علينا الأسئلة السابقة فلهذا يقال: الجار والمجرور متعلقان بالفعل (حضر).
ومعنى مُتَعَلِّق: (مستمسك ومرتبط به ارتباطاً معنوياً كما يرتبط الجزء بكله أو الفرع بأصله) لأن (المجرور) يكمل معنى هذا (الفعل) بشرط أن يوصله به حرف الجر الأصلي ، ولهذا يسمي الكوفيون حروفَ الجر (حروفَ الإضافة)، لأنها إذا كانت أصلية تضيف -أي تحمل وتنقل- إلى الأسماءِ المجرورةِ بها معانيَ الأفعالِ وشبهِ الأفعال. ولو لم يوجد الحرف الأصلي ما تحققت (الفائدة الفرعية التكميلية) ولا صح الأسلوب بعد حذف الجار وحده وإبقاء مجروره غالباً.
كأن تقول مثلا ًفي (ذهبت من البيت إلى السوق) (ذهبت البيت السوق) ، وكذلك ما يشبه الفعل من العوامل كـ(اسم الفاعل نحو قائم) والنحاة يسمون هذا الفعل أو ما يشبهه عاملاً هذه هي الجهة الأولى في التعلق.
وأما الجهة الثانية فهي ما قالها الخضري رحمه الله: "لا بد لكل من(الظرف) و(الجار غير الزائدِ وشبهـِه) من متعلـِّق يتعلق به. لأنَّ (الظرف) لا بد له من شيء يقع فيه ، و(الجارّ) مـُوصِلٌ معنى الفعل إلى الاسم. فالواقع في الظرف -أي نحو(صام) من (صمت اليوم)- والمـُوصَلُ معناه إلى الاسم -نحو (حضر) في المثال السابق- هو المـُتـَعـَلـَّق العامل فيهما وهذا العامل إما فعل أو ما يشبهه من مصدر أو وصف".
فالفعل (حَضَرَ) في المثال السابق لا يمكن أن يصل إلى(القرية) بنفسه فلا يصح لغة أن يقال: (حَضَرَ المسافرُ القرية) لأنَّ الاستعمال الفصيح يأباه برغم شدة احتياج العامل وهو (حضر) إلى كلمة (القرية) ليوقع عليها أثره المعنوي فهو عاجز عن أنْ يوصل هذا الأثر بنفسه فجاء حرف الجر الأصلي (من) للجمع بينهما ووصل بين معنى الفعل (حضر) والاسم المجرور (القرية) فهو أداة اتصال بينهما ، ولهذا تعد حروف الجر : من وسائل تعدية الفعل إلى (مفعول به)غير صريح، زيادة على ما يجلبه من معنى فرعي.
ومما سبق يتبين لنا:
أولاً: أن حرف الجر مع مجروره يتممان معنى عاملهما ويستكملان بعض نقصه بما يجلبانه من معنى فرعي، ويعبر عنه النحاة بقولهم: إن الجار والمجرور متعلقان بالفعل.
ثانياً: حرف الجر يكون بمنزلة الوسيط الذي يصل بين العامل وهو الفعل أو شبهه وبين المجرور فيحمل معنى الفعل أو ما يشبهه إلى الاسم الذي بعد المجرور.
فنحو: حضر المسافرون من القرية.
أولا : الجار والمجرور(من القرية) تَمَّمَا معنى العامل (حضر) واستكملا بعض نقصه بما جلباه من معنى فرعي وهو(ابتداء الغاية).
ثانياً : حرف الجر (من) كان بمنزلة الوسيط الذي وصل بين العامل (حضر) وبين الاسم المجرور (القرية).
مُتَعَلَّق الجار والمجرور والظرف:
سأذكر في البداية هذا الباب بشكل مركز ثم أشرحه بعون الله :
[h=1] تعلق الجار والمجرور : [/h][h=1]أ ـ يجب أن يكون للجار والظرف متعلق : [/h]· لأن الحرف موضوع لإيصال معنى الفعل إلى الاسم فهناك أفعالا قصرت عن الوصول إلى الأسماء فأُعِينت على ذلك بحروف الجر ، والظرف لا بد له من شيء يقع فيه فالموصَلُ معناه والواقع هو المتعلَّق
· وأيضا الجار والمجرور يدلان على معنى فرعي يتمم نقصان المعنى الذي يدل عليه الفعل أو ما يشبهه؛ أي أن هذا المعنى الفرعي يرتبط بمعنى الفعل؛ أي يتعلق به، فالتعلق فيه ارتباط شبه الجملة بالحدث الذي يدل عليه الفعل أو ما يشبهه[2] ارتباطا معنويا
أنواع المتعلَّق [3] :
المتعلق أما أن يكون :
1) فعلا نحو: مررت بزيد ، جلست بينكم
2) أو ما يشبه الفعل: وهو المشتقات ، والمصدر، واسم الفعل .
والمشتقات هي : اسم الفاعل ، واسم المفعول، والصفة المشبهة ، وصيغة المبالغة ، واسم التفضيل، واسم الزمان واسم المكان ، وفي التعلق باسم الزمان والمكان خلاف ، أمثلة تعلقه بالمشتق : أنا مارٌّ بزيد ، متحدث معكم ، وزيد ممرور به ، وزيد بعيد عن الأذى ، ومروري بزيد حسن
وقد اجتمع تعليقه بالفعل والمشتق في قوله تعالى ( صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم قوله (عليهم) الأولى متعلقة بأنعم وهو فعل وقوله (عليهم) الثانية متعلقة بالمغضوب وهو اسم مفعول
3) أو مؤولا بما يشبه الفعل: وهو الاسم الجامد النكرة المؤول بالمشتق نحو :
(زيد أسد في القتال) : فـ(في القتال): جار ومجرور متعلقان بالأسد بتأويله بـ"جريء ، شجاع ، أو مقدام ، ونحو:
وإن لساني شَهدةٌ يُشْتَفَى بها وهُوَّ على من صبَّه الله عَلْقم[4]
فـ(على) متعلقة بعلقم لتأوله بصعب أو شديد أي علقم على من صبه الله عليه .
ونحو : هو أسد عليَّ : أي صائل أو مجترئ علي ّ ".
4) أو ما يشير إلى معنى الفعل (فيه رائحة الفعل) :
بأن كان عَلَما مشتهرا مسماه بوصف فيشار به حال العلمية للوصف ، فالعَلَم إذا اشتهر بوصف كان فيه معنى المشتق كـ(حاتم ، وأبو المنهال ، ابن ماوية) في قولنا : (فلان حاتم في قومه) فتعلق الظرف بـ(حاتم) ؛ لما فيه من معنى الجود ،ونحو ( أنا أبو المِنهال بَعْضَ الأحيان[5] ) ( أنا ابنُ ماويّة إذ جَدَّ النقرْ ) يتعلق ( بعض ) و ( إذ ) بالاسمين العلمين لما فيهما من معنى قولك الشجاع أو الجواد ، وليس المراد أنه مؤول بالمشتق بخلاف النكرة في النوع الثالث فإنها تؤول بالمشتق[6] وهذا هو الانتزاع من الاسم العلم،. أفلا تراك كيف انتزعت من العلم الذي هو " حاتم ، أبو المنهال ، ابن ماوية " معنى الصفة والْجَارَّ َالْمَجْرُورَ يَعْمَلُ فِيهِمَا رَوَائِحُ الْأَفْعَالِ، وكذلك {وهو الله في السماوات والأرض } [7]
ب ـ فإن لم يكن شيء من هذه الأربعة موجودا قدر كما في باء {بسم الله الرحمن الرحيم } يقدر مثلا أقرأ ، ونحو { وإلى ثمود أخاهم } يقدر: وأرسلنا إلى ثمود ، ونحو { وبالوالدين إحسانا } يقدر: أحسنوا بالوالدين إحسانا [8] ، وفي ( زيد في الدار) يقدر : كائن ، مستقر ، وفي( مررت بطائر فوق غصن) يقدر : كائن ٍ .
إعراب المجرور :
1. إعراب المجرور عند ذكر المتعلق : أن يكون في محل نصب على المفعولية بالمتعلق المذكور[9] ، نحو (مررت بزيد ) إلا إذا بني متعلقه للمجهول نحو (مُرَّ بزيد) فإنه يكون في محل رفع على النيابة عن الفاعل ، ولا يكون محله جر أصلا ، فالتحقيق أن ذلك المتعلَّق كـ(مر) إنما يعمل في المجرور لا حرف الجر، وأنه الذي في محل نصب بالمتعلَّق لا الجار والمجرور، بمعنى أنه يقتضي نصبه لو كان متعديا إليه بنفسه ، نحو مررت بزيد ، فـ(زيد) في محل نصب مفعول به [10]غير صريح ، فالمحل للمجرور فقط [11] لا للجار والمجرور معا ، ونسبة عمل المتعلَّق في الجار والمجرور معا مسامحة ، فعلم أن الجار والمجرور معا لا محل لهما من الإعراب بل المحل للمجرور فقط ، وأما الجار فلا عمل للمتعلَّق فيه ولا محل له .
2. وأن حكم مجموع الجار والمجرور أنه لا محل له إن لم يقعا عوضا عن العامل المحذوف بأن حذف المتعلَّق وعوضا عنه :
3. أما إن وقعا عوضا عن المحذوف - كأن أعربنا الجار والمجرور خبرا أو صفة - حكم على محل مجموعهما بإعراب العامل [12]:
فمحلهما الرفع إذا كانا خبرا للمبتدأ ، ونصب إذا كان حالا ، وجر إذا كان صفة لموصوف مجرور ، ويقدر الكون المطلق متعلقًا :
أ- مثال الخبر : (زيد في الدار) أي كائن ، أو مستقر فالجار والمجرور في محل رفع خبر .
ب- ومثال الصفة : مررت برجل من الكرام أي كائن ٍ، { فلكل واحد منهما السدس } ، (أو كصيب من السماء) ، مررت بطائر فوق غصن فالجار والمجرور و الظرف في محل جر صفة ،رأيت طائرا فوق غصن أو على غصن{ وإن يوما عند ربك كألف سنة } فالجار والمجرور والظرف في محل نصب صفة ،جاء رجل من الكرام فالجار والمجرور في محل رفع صفة
ت- ومثال الحال : خرج زيد بثيابه أي كائنا بثيابه ، ( فخرج على قومه في زينته) ، رأيت الهلال بين السحاب أو في الأفق ، أعجبني السمك في الماء. { لا يستوي القاعدون من المؤمنين } { وهو عند الله عظيم } فالجار والمجرور أو الظرف في محل نصب حال
· ومثال الصلة : مررت بالذي عندك أي استقر عندك ، ( وله من في السماوات والأرض ومن عنده لا يستكبرون ) [13] فالظرف والجار والمجرور كل منهما متعلق بمحذوف صلة تقديرها : استقر ، أو كان مثلا .
[h=1]ويستثنى من وجوب التعلق حرف الجر الزائد والشبيه بالزائدة فلا يتعلقان بشيء [14] ؛لأن الزائد إنما أتى به للتأكيد لا لربط الفعل بالمفعول لعدم احتياجه إليه في الربط [15] ، والزائد لا يوصل معنى الأفعال للأسماء :[/h] مثال الزائد : كالباء في نحو: {كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} ، {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} .
مثال الشبيه بالزائد : رب في نحو رب رجل صالح لقيت ، وحروف الاستثناء وهي : خلا وعدا وحاشا إذا خفضن عند من يقول هي حروف جر شبيه بالزائد كابن هشام[16]
وقد اختلف في تعلقهما بثلاثة أمور :
الأول: الفعل الناقص فمنع تعلقهما به من زعم أن الفعل الناقص لا يدل على الحدث والصحيح أن الأفعال الناقصة كلها دالة على الحدث حتى (ليس) تدل على حدث وهو الانتفاء كما في الرضي وخالفه ابن هشام فقال ليس في (ليس) حدث ، مثال التعلق : { لئلا يكون للناس عليكم حجة } ، (للناس) متعلق بلفظ (يكون) لأن كان الناقصة تعمل في الظرف والجار والمجرور .
الثاني الفعل الجامد : الجامد نحو نعم وبئس وعسى خلاف والأظهر أنه يتعلق به.
الثالث أحرف المعنى : كـ(لا) و(ها) التنبيه:
أ- فالمشهور منع تعلقهما بها مطلقا
ب- وقيل بجوازه مطلقا وعليه قول ابن الحاجب قال : إذا قلت : ما ضربت ابني للتأديب :
· فإن قصدت نفي ضرب معلل بالتأديب فاللام متعلقة بالفعل ، والمنفي ضرب مخصوص ، وللتأديب تعليل للضرب المخصوص المنفي .
· إن قصدت نفي الضرب على كل حال فاللام متعلقة بالنفي والتعليل له أي انتفاء الضرب كان لأجل التأديب ، لأنه قد يؤدب بعض الناس بترك الضرب ، ومثله في التعلق بحرف النفي ( ما أكرمت المسيء لتأديبه ) ، (وما أهنت المحسن لمكافأته ) ؛إذ لو علق هذا بالفعل فسد المعنى المراد ومن ذلك { ما أنت بنعمة ربك بمجنون } الباء متعلقة بالنفي إذ لو علقت بمجنون لأفاد نفي جنون خاص ، وهو الجنون الذي يكون من نعمة الله ، وليس في الوجود جنون هو نعمة ، ولا المراد نفي جنون خاص " وقد ذكر ابن هشام كلام ابن الحاجب في المغني ثم عقب عليه بقوله (وهو كلام بديع إلا أن جمهور النحويين لا يوافقون على صحة التعلق بالحرف ؛ فينبغي على قولهم أن يقدر أن التعلق بفعل دل عليه النافي أي انتفى ذلك بنعمة [17]ربك [18]".
ت- وفصل بعضهم فقال إن كان نائبا عن فعل حذف جاز تعلقهما به عن طريق النيابة وإلا فلا ، وهو قول أبي علي وأبي الفتح ومن أمثلة الحرف النائب عن الفعل (يا) التي هي حرف نداء ، فإذا قلت : ( يا لزيد لعمرو)، فالجار والمجرور متعلق بـ(يا) لأن (يا) نائبة عن الفعل الذي هو (أدعو) .
[h=1]إعراب الجار والمجرور والظرف نعتا وإعرابه حالا : [/h][h=1]الجملة وشبهها من الظرف والجار و المجرور : [/h]1. بعد النكرة المحضة صفتان نحو رأيت طائرًا يصيح أو فوق غصن أو على غصن
2. وبعد المعرفة المحضة حالان نحو رأيت الهلال يضيء أو بين السحاب أو في الأفق وأجاز الدماميني جواز كون الظرف بعد المعرفة المحضة صفة بتقدير متعلقة معرفة.
3. وبعد النكرة التي كالمعرفة (وهي التي توصف أو تضاف لنكرة) هذا ثمر يانع يعجب الناظر أو فوق أغصانه أو على أغصانه أو المعرفة التي كالنكرة (وهو المعرف بأل الجنسية) محتملان للوصفية والحالية نحو يعجبني الزهر يفوح نشره أو فوق أغصانه أو على أغصانه ، يعجبني الثمر بالمثلثة فوق الأغصان ورأيت ثمرة بالمثلثة يانعة فوق غصن ففوق في المثالين يحتمل الوصفية والحالية
لأن النكرة الموصوفة كالمعرفة لأنه قريب من المعرفة ، و المعرف الجنسي كالنكرة فقول المعربين: الجمل وشبهها بعد النكرات صفات وبعد المعارف أحوال ليس على إطلاقه .
[h=1]تقسيم الجار والمجرور والظرف إلى مستقر ولغو : [/h]1. فالمستقَر: ما متعلقه عام أي بمعنى الكون والحصول المطلق ،ولا يكون إلا واجب الحذف[19] .
2. اللغو : وهو الذي متعلَقه خاص سواء حذف أو ذكر مثال المذكور مررت بزيد ومثال المحذوف ( وإلى ثمود أخاهم صالحا ) فإنه متعلق بـ( أرسلنا ) مقدرا ،ومثل (العين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن ) أي العين تفقأ بالعين ، والأنف يجدع بالأنف ، والأذن تقطع بالأذن .
وسمي المستقر بذلك : لأنه مستقَرٌ فيه ، أي لاستقرار الضمير فيه ،إن قلنا الجار والمجرور أو الظرف هو الخبر ، وأما على جعل الخبر المتعلق المحذوف فسمي مستقرا لاستقرار معنى الكون فيه [20].
وأما اللغو فسمي بذلك ؛ لخلوه من الضمير في المتعلَق في نحو (مررت بزيد) فهنا لا يوجد متعلق مقدر ولا ضمير مقدر.
التعليق يكون على حسب المعنى ، وأثر التعليق في فساد المعنى وصحته :
يكون التعلق [21]بما فيه صحة المعنى :
1. فقولك مثلا : (شَبَّهتُ خالدا وهو يجود بماله بالبحر ) يكون (بالبحر) متعلقا أي مرتبطا بـ(شبهت) لا بـ(يجود) ؛ إذ لو علقته بـ(يجود) لصار المعنى يجود بالبحر وهو فاسد ، وإذا علقته بـ(شبهت) كان المعنى شبهته بالبحر ، وأما (بماله) فهو مرتبط بـ(يجود) لا بـ(شبهت) لأن المعنى يجود بماله ؛ إذ لو علقته بـ(شبهت) لكان المعنى شبهت خالدا بماله وهو فاسد .
2. ونحو قوله تعالى {فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة }
فـ(بأموالهم ) متعلق بـ(المجاهدين) لا بـ(فضل) لأنه ليس المعنى فضل بأموالهم بل المعنى الذين يجاهدون بأموالهم ، و(على القاعدين) متعلق بـ(فضل) .
3. ومثل ذلك قوله تعالى { اليوم يئس الذين كفروا من دينكم }
فارتباط من دينكم بـ(يئس) لا بـ(كفروا) لأن المعنى يكون على تعليقه بـ(كفروا) :كفروا من دينكم ولا معنى له ، والمراد يئسوا من دينكم فيتعلق بـ(يئسوا) .
4. ونحوه قوله تعالى { لا يقدرون مما كسبوا على كشيء } فـ(على شيء) ، مرتبط بـ(يقدرون) لا بـ(كسبوا ) لأن المعنى يكون على تعليقه بـ(كسبوا) ، كسبوا على شيء وهو فاسد ، وإنما المعنى لا يقدرون على شيء .
5. ومثله قوله تعالى { أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم } فلا يصح تعليق (ليلة الصيام) بـ(أحل) ؛ لأنه يكون المعنى أن الرفث أحل ليلة الصيام ، أي نزل تحليله في ليلة الصيام ، وليس المعنى على ذلك وإنما المقصود أن الرفث حلال في ليلة فهو متعلق بـ(الرفث) .
6. ونحوه قوله تعالى { ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة } فلا يصح تعليق (يوم القيامة) بـ(غل) أو بـ(يغلل)؛ لأن المعنى يكون على ذلك: غل يوم القيامة وليس في القيامة غلول بل هو قبل ، وإنما هو متعلق بـ(يأت) أي يأت به يوم القيامة .
7. ومثله { سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة } فلا يصح تعليق (يوم القيامة) بـ(بخلوا) ؛ لأن المعنى يكون عند ذلك أنهم بخلوا يوم القيامة وهم لم يبخلوا يوم القيامة وإنما بخلوا في الدنيا فهو مرتبط بـ(سيطوقون) أي سيطوقون يوم القيامة .
8. { نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا } الظاهر تعلق برحمة منا بقوله نجينا أي نجيناهم برحمة من الله تعالى لحقتهم ، وليس المراد آمنوا برحمة منا وإن كان صحيحا معنى لكن السياق ليس له .
9. { لا تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله }
يتعلق { إلى أجله } بمحذوف ، والتقدير أن تكتبوه مستقرا في الذمة إلى أجل حلوله ، لا بـ(تكتبوه) إذ لو علق بـ(تكتبوه )لكان المعنى تكتبوه إلى أجله ، والكتابة لا تستمر إلى أجل الدين ؛ إذ ينقضي في زمن يسير، فليس نظير سرت إلى الكوفة .
10. { يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ } .
والمعنى : أنهم لفرط انقباضهم ، وترك المسألة ، واعتماد التوكل على الله تعالى ، يحسبهم من جَهِلَ أحوالهم أغنياء ، و : (من) ابتدائية تؤول إلى معنى التعليل ، أي الحامل على حسبانهم أغنياء هو تعففهم ؛ لأن عادة من كان غني مال أن يتعفف ، ولا يسأل فيتعلق (من التعفف) بـ(يحسبهم) ، ولا يجوز أن تتعلق :(من) بـ(أغنياء) ؛ لأن المعنى يصير على ذلك ضد المقصود ؛لأنه يصير: أن الجاهل يظن أنهم أغنياء بسبب تعففهم ومن تعففهم وهذا ضد المعنى .
11. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ}
أي إذا قال لكم قائل كائناً من كان : توسعوا فليفسح بعضكم لبعض في المجالس ، ، والظاهر تعلق { المجالس } بـ(تفسحوا) أي تفسحوا في المجالس ، وقيل : متعلق بقيل أي قيل في المجالس تفسحوا وليس كذلك .
12. {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (1) } { بَرَآءَةٌ } خبر مبتدأ محذوف أي هذه براءة و والتنوين للتفخيم { مِّنَ } لابتداء الغاية كما يؤذن به مقابلتها ب(إلى) ، وقع صفةً لـ(براءة) ليفيدَها زيادةَ تفخيمٍ وتهويلٍ أي هذه براءةٌ مبتدأةٌ من جهة الله تعالى ورسوله واصلة { إِلَى الذين عَاهَدْتُمْ مّنَ المشركين } وليس بصلة براءة أي ليس متعلقا ببراءة ، كما في قولك : برئت من الدين ، والعياذ بالله لفساد المعنى لأنه يصير أنه يبرأ ـ والعياذ باللخ ـ من الله ورسوله
13. {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ}
والظرف (إذ) متعلق بما تعلق به قبله (معهم) وهو (كائن) ، وقيل : متعلق بـ{ يَسْتَخْفُونَ } أي يستخفون إذ يبيتون والأول أصح .
{أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ} يختلف المعنى على تعليقها بـ(اتخذوا) وعلى جعلها صفة لـ(آلهة ) فعلى الأول لا تحتمل إلا معنى واحدا وعلى الثاني تحتمل معنيين وبيان ذلك أن (من):
1) إما متعلق بـ(اتخذوا): و(من) ابتدائية تبعيضية : لأن مبتدأ اتخاذها من أجزاء الأرض وهو بعض أجزاء الأرض: على معنى أن اتخاذهم إياها مبتدأ من أجزاء الأرض وبعض أجزاء الأرض كالحجارة وأنواع المعادن سواء كانت من ذهب أو فضة أو خشب أو حجارة بمعنى ابتدأوا اتخاذها من الارض بان صنعوها ونحتوها من بعض الحجارة او من بعض جواهرها فيكون الجار والمجرور ظرفا لغوا ، والحكمة من ذكر الصفة التحقير بأن آلهتهم التي يعبدونها هي الأصنام المصنوعة من أجزاء الأرض فكيف تكون إلها .
2) ويجوز أن تكون متعلقة بمحذوف وقع صفة لـ(آلهة) وعلى جعلها صفة تحتمل معنيين :
أ) أن تكون (من) في { مّنَ الأرض } كقولك فلان من مكة أو من المدينة ، تريد مكي أو مدني إذ معنى نسبتها إلى الأرض أي جعلوا لأنفسهم آلهة من عالَم الأرض تعريضاً بأن ما كان مثلَ ذلك لا يستحق أن يكون معبوداً ،
ومعنى نسبتها إلى الأرض كونها مستقرة عليها ومعبودة وهي عليها ، بين سبحانه بطريق الإنكار والتشنيع عليهم هل هذه الآلهة قادرة على بعثهم لا إنها آلهة أرضية حقيرة جامدة لا حول لها ولا قوة وهذه الصفة ليست للتخصيص لأنهم اتخذوا آلهة في السماء وهي الملائكة بل هذه الصفة للتحقير والتهكم بالمشركين بأنها أرضية سفلية ، وإظهار لأفن رأيهم ، تعريضاً بأن ما كان مثلَ ذلك لا يستحق أن يكون معبوداً ،
ب) وتحتمل أن تكون كالمعنى الأول تبعيضية ابتدائية أي آلهة كائنة من جنس الأرض أي إما من الحجارة أو من بعض جواهر الأرض فمن تبعيضية على هذا[22]
تفصيل ما سبق بطريقة أسهل :
أخذنا من قبل أن الجار والمجرور لا بد أن يتعلقا بعامل، والعامل الذي يتعلق به الجار والمجرور إما أن يكون فعلا أو مشتقا أو مصدرا أو اسم فعل أو جامدا مؤولا بمشتق أو ما فيه رائحة الفعل .
وشرح ذلك أنه إما أن يكون :
1. فعلاً:(ماضياً أو مضارعاً أو أمراً) (تاماً، أو ناقصاً على الأصح)،
نحو (مررت بزيدٍ). فـ(بزيدٍ) جارّ ومجرور متعلقان بالفعل (مَرَّ) والجار والمجرور مفعولٌ به غير صريح.
2. اسمَ فعلٍ: نحو (نَزَالِ في الباخرةِ) فـ(في الباخرة) جارّ ومجرور متعلقان بـ(نزالِ)، لأنه اسم فعل, والجار والمجرور مفعول به غير صريح.
3. مصدراً صريحاً: نحو (السّكوتُ عن السفيه جوابٌ) فـ(السكوتُ): مبتدأ وهو مصدر صريح، و(عن السفيه) جارّ ومجرور متعلقان بالمصدر(السكوت)، وهما مفعول به غير صريح و(جوابٌ) خبر المبتدأ.
4. مشتقاً من المشتقات: التي درسناها في(باب النعت) وهي :
أ. اسم الفاعل: نحو(أنا مُحِبٌ لعملي). فـ(لعملي) جارّ ومجرور متعلقان بـ(محب)، وهما مفعول به غير صريح. و(أنا): مبتدأ، و(محب): خبر.
ب. اسم المفعول: نحو {غيرِ المغضوبِ عليهم}. فـ(عليهم):الجار والمجرور متعلقان بـ(المغضوب), وهما نائب فاعل لاسم المفعول (المغضوب) أو نقول الضمير(هم) في محل رفع نائب الفاعل [23].
ج. الصفة المشبهة: نحو (هذا الدواء مُرٌّ على لساني) فـ(هذا): مبتدأ، و(الدواء) بدل، و(مـُرٌّ) خبر وهو صفة مشبهة و(على لسان): الجارّ والمجرور متعلقان بالصفة المشبهة (مـُرٌّ).
د. صِيَغ المبالغة: نحو (زيدٌ ضَرَّابٌ للعدو). فـ(زيدٌ): مبتدأ و(ضرابٌ): خبرٌ وهو من صيغ المبالغة، و(للعدو): الجارّ والمجرور متعلقان بـ(ضَرَّابٌ) هما مفعول به غير صريح.
ع. أفـْعَـلُ التفضيلِ: نحو (زيدٌ أحسنُ من سعيدٍ) فـ(زيدٌ): مبتدأ و(أحسن): خبر وهو من (أفعل التفضيل). و(من سعيد): جار ومجرور متعلقان بـ(أحسن).
ه. المشتق الذي لا يعمل كـ(اسم الزمان ، واسم المكان): يتعلق بهما الجارّ والمجرور عند الصبان وهو الحق[24] نحو:(انقضى مـَسْعاكَ لتأييدِ الحقِّ). فـ(مسعى): هنا اسم زمان تعلق به الجار والمجرور (لتأييد).
ونحو (عرفنا مـَدْخلك إلى أعوانه). فـ(مدخل): اسم مكان تعلق به الجار والمجرور (الى أعوانه).
وكذلك يقال في قوله تعالى {وإذ غدوت من أهلك تـُبـَوِّئ المؤمنين مَقاعِد للقتال} فـ(للقتال):الجار والمجرور متعلقان بـ(مقاعد) لأن (مقاعد) اسم مكان ، وكذلك في قوله تعالى {فلا تحسبنهم بِمَفَازة من العذاب} فـ(من العذاب) جارّ ومجرور متعلقان بـ(مفازة) لأنها اسم مكان [25]، كل هذا عند الإمام الصبان وجماعة من العلماء .
ومثال المؤول بما يشبه الفعل: (زيدٌ أسد في القتال) .
ومثال ما يشير إلى معنى الفعل وهو العلم المشتهر مسماه بوصف نحو فلان حاتم في قومه .
إذاً يتعلق (الجار والمجرور) بهذه الأشياء الأربعة (الفعل، وما يشبهه ، والمؤول بما يشبهه ، والعلم المشتهر بوصف) ، فإن لم يكن في الجملة شيء منها موجوداً أو وجد لكن لا يصلح التعليق به من حيث المعنى ، قدر عاملاً محذوفاً ، كما في (الباء) في البسملة {بسم الله الرحمن الرحيم} فـ(بسم) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف تقديره
حسب حال المتكلم بها نحو(أقرأ، آكل، أكتب) بسم الله [26]، وكما في (إلى) في قوله تعالى {وإلى ثمود أخاهم صالحاً) فـالجار والمجرور(إلى ثمود) متعلقان بـ(أرسلنا) أي أرسلنا إلى ثمود ـ بدليل ذكر النبي والمرسل إليهم ، ونحو (زيد في الدار) أي كائن في الدار .
ونحو الباء في قوله تعالى {وبالولدين إحساناً}أي وأحسنوا بالوالدين إحساناً.
حذف العامل جوازا ووجوبا :
1. إما أن يكون واجب الحذف. (محذوفاً وجوباً).2. وإما أن يكون جائز الحذف (أي محذوفاً جوازاً).
الحالة الأولى:
حذف العامل وجوباً:
يكون العامل محذوفاً وجوباً في حالتين وهما:
الحالة الأولى لوجوب الحذف: إن كان الجار والمجرور أو الظرف كوناً عامَّاً (أي يدل على مجرد الوجود العام والحضور المطلق دون زيادة معنى آخر نحو (زيد في الدار) فـ(في الدار) لا يفيد شيئاً أكثر من الدلالة على وجود زيد في الدار من غير زيادة شيء آخر على الوجود كالأكل والشرب وغيرها ويكون المحذوف كوناً عاماً في أربع حالات وهي إذا كان الجار والمجرور أو الظرف:
أ. خبراً: نحو (زيد في الدار) فـ(في الدار) الجار والمجرور متعلقان بمحذوفٍ خبر تقديره (كائن) أو (كان) أو (موجود) أو (وُجِدَ).
ب. أو صفة: نحو (رأيت طائراً في السماء) فـ(طائراً): نكرة و(في السماء): الجار والمجرور صفةٌ لـ(طائراً)، نقول عند الإعراب: الجار والمجرور (في السماء) متعلقان بمحذوفٍ صفةٌ منصوبة تقديرها (كائناً) أو (كانَ) أو (موجوداً) أو (وُجـِد).
ج. أو حالاً: نحو (رأيت الطائرةَ بين السحابِ) فـ(الطائرة) مفعول به وهي معرفة، و(بين) ظرف متعلق بمحذوفٍ حالٌ منصوب تقديرها(كائنةً) أو (كان) أو (موجودةً) أو (وُجِد).
د. أو صلة للموصول نحو (استمتعت بالأزهار التي في الحديقة)
فـ(التي) اسم مبني على السكون في محل جرٍّ صفة ٌوهو اسم موصول يحتاج إلى صلة. و(بالأزهار) الجار والمجرور متعلقان بمحذوفٍ صلة الموصول (ويجب أن نقدره هنا فعلاً لا اسماً) والتقدير (كان) (وُجـِد).
الحالة الثانية لوجوب الحذف: إذا كان الجار والمجرور أو الظرف كوناً خاصاً في حالتين:
أ. إذا التزم العرب حذفه في أسلوب معين كقولهم لمن تزوج (بالرِّفاء والبنين) أي تزوجت بالرِّفاء(أي بالتوافق وعدم الشقاق).
ب. إذا كان حرف الجر هو (الواو) أو(التاء) المستعملتين في القسم نحو (والله لأفعلنَّ كذا) أي أقسم لأفعلنَّ كذا.
وهناك حالة خاصة بالظرف ستعرفها في كتب أخرى إن شاء الله.
الحالة الثانية: حذف العامل جوازاً
يكون العامل محذوفاً جوازاً إن كان كوناً خاصاً ودل عليه دليل غير الحالتين السابقتين. نحو:(في المسجد) في جواب من قال: أين أعَْكِفُ؟). أي أعْتَكفْ في المسجدِ.
والكون الخاص: نحو (جالس, قائم, نائم). والكون العام: نحو (كائن, موجود, مستقر).
وشرح هذه الحالة بتفصيل في كتب أخرى إن شاء الله، ويكفينا تسهيلاً على الطالب أن نقول:
يكون العامل محذوفاً جوازاً في غير حالات الوجوب السابقة.
تفصيل مجيء الجار والمجرور صفة أو حالاً:
1. مجيء الجار والمجرور صفة:
إنْ كان الجار والمجرور والظرف بعد اسم جامد غير مؤول بمشتق وهذا الاسم نكرة: فالجار والمجرور مع الضمير المستتر فيه والظرف مع الضمير المستتر فيه يعربان صفة لهذه النكرة، إنْ اقتضى المعنى ذلك. نحو: (مررت بطائر فوق الغصن) فلا يمكن تعليق الظرف (فوق) بـ(مررت) ؛لأنَّ المرور لم يكن فوق الغصن ، بل هو متعلق من حيث المعنى بالطائر، والطائر لا يمكن تعليق الظرف به لأنه الآن اسم جامد للحيوان الذي يطير ، لأنه لا يراد به الحدوث بل صار اسما لما يطير وهو غير مؤول بمشتق، وهو نكرة ، ، والاسم الجامد غير المؤول بمشتق لا يتعلق به الجار والمجرور ، فنسأل هل نكرة أم معرفة ؟ نقول هو نكرة فإذا الظرف في محل جر صفة ،فـ(فوق) مع الضمير المستتر في محل جر لأنه صفة. أو نقول: -الظرف متعلق بمحذوفٍ صفة ، والتقدير: مررت بطائر كائنٍ أو موجودٍ فوق الغصن ، وقس على ذلك : رأيت طائرا فوق الغصن ، { وإن يوما عند ربك كألف سنة } {أو كصيب من السماء } مررت برجل من الكرام .
الحاصل :
عندما تريد أن تعلق تسأل أسئلة ؟ السؤال الأول : هل يوجد شيء من الأشياء الأربعة التي يتعلق بها الجار والمجرور والظرف ؟ إن قالوا نعم نسأل هل يتعلق به الجار والمجرور والظرف من حيث المعنى ؟ إن قالوا نعم علقنا به الجار والمجرور والظرف وإن قالوا لا ، أو لا يوجد شيء يتعلق به الجار والمجرور والظرف من الأشياء الاربعة نسأل بماذا هو متعلق من حيث المعنى إن قالوا هو متعلق بهذا الجامد أي بغير الحالات التي يتعلق بها الجار والمجرور نقول هل هو معرفة أم نكرة إن قالوا معرفة نقول الجار و المجرور والظرف حال وإن قالوا نكرة نقول الجار و المجرور والظرف نعت (صفة) .
2. مجيء الجار والمجرور حالاً:
ما تقدم محله إن جاء الجار والمجرور والظرف بعد اسم جامد نكرة وأما إن جاءا بعد اسم جامد معرفة فكل منهما مع الضمير المستتر حال أو متعلقان بحال نحو: رأيت زيداً في زينته ، فـ(في زينته) من حيث المعنى لا يمكن تعليقه بـ(رأيت) لأن الرؤية لم تكن في الزينة ،وإنما المعنى زيد في الزينة ، فالجار والمجرور متعلق بـ(زيدا) من حيث المعنى ، و(زيداً) اسم جامد معرفة ، فـ(في زينته) في محل نصبٍ حال من (زيداً). أو نقول: الجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال. والتقدير رأيت زيداً كائناً في زينته ، ونحو { لا يستوي القاعدون من المؤمنين } لا يمكن أن نعلق (من المؤمنين) بـ(القاعدون) لأنه ليس المعنى قعد من المؤمنين ، بل المعنى القاعدون حال كونهم من المؤمنين أي من هذا الجنس ، وكذلك (أعجبني السمك في الماء ) فـ(في الماء) لا يمكن تعليقه بـ(أعجبني) لأنه ليس المعنى أعجبني في الماء بل هو متعلق بـ(السمك) والسمك جامد لا يتعلق به الجار والمجرور ، وهو معرفة فنقول الجار والمجرور في محل نصب حال .
وهذه القاعدة تحتاج إلى تفصيل:
الجار والمجرور والظرف:
1. إذا جاءا بعد نكرة لم توصف ولم تـُضف إلى نكرة يعربان صفة. نحو (رأيتُ طائراً على الغصن) ، (مررت بطائر فوق الغصن) أو (رأيت طائراً فوق الغصن) ، (وهذه النكرة التي لم توصف ولم تُضَف تسمى نكرة محضة) ، مثال النكرة المحضة: كتاب, رجل, بيت.
2. وإذا جاء بعد معرفة محضة [27]: نحو (رأيت الهلال في الأفق) أو (رأيت الهلال بين السحاب). فـ(أل) هنا للعهد أي القمر المعروف وليست للجنس [28] ، مثال المعرفة المحضة: زيد, كتاب زيد, كتاب هذا, هذا, الذي, كتاب الذي .
3. وإذا جاءا بعد نكرة غير محضة [29]، أو بعد معرفة غير محضة [30] فهما محتملان للوصفية والحالية. نحو (هذا ثمر يانع على أغصانه) أو (هذا ثمر يانع فوق أغصانه) ، مثال النكرة غير المحضة: كتابٌ صغيرٌ, كتابُ رجلٍ ، مثال المعرفة غير المحضة يعجبني الزهر والنجم والكوكب الضوء ، إن أريد أريد بـ(أل) الجنس لا العهد .
وما قيل في الجار والمجرور يقال في إعراب الجمل.
ما سبق هو معنى كلام الصبان رحمه الله:
(فائدة) الجملة وشبهها من الظرف والجار والمجرور بعد النكرة المحضة صفتان. نحو رأيت طائراً يصيح أو فوق غصن أو على غصن، وبعد المعرفة المحضة حالان. نحو رأيت الهلال يضئ أو بين السحاب أو في الأفق. وبعد النكرة التي كالمعرفة أو المعرفة التي كالنكرة محتملان للوصفية والحالية. نحو هذا ثمر يانع يعجب الناظر أو فوق أغصانه أو على أغصانه. لأن النكرة الموصوفة كالمعرفة. ونحو يعجبني الزهر يفوح نشره أو فوق أغصانه أو على أغصانه لأن المعرف الجنسي كالنكرة. فقول المعربين: الجمل وشبهها بعد النكرات صفات وبعد المعارف أحوال ليس على إطلاقه كذا في المغني وأسلفنا عن الدماميني جواز كون الظرف بعد المعرفة المحضة صفة بتقدير متعلـَّقه معرفة.
تلخيص لما سبق:
بما تقدم نكون قد شرحنا خمسة أمور تتعلق بحرف الجر الأصلي وهي:
- أنَّ حرف الجرّ الأصلي يأتي بمعنى جديد يكمل معنى عامله.
- أنَّ حرف الجرّ الأصلي يحتاج إلى متعلـَّق أي عامل يتعلق به.
أنَّ حرف الجرّ الأصلي يكون بمنزلة الوسيط الذي يصل بين العامل (الفعل وشبهه) وبين المجرور.
أنَّ حرف الجر الأصلي إن حـُذِف يختل المعنى [31].
طريقة إعراب حرف الجر الأصلي مع مجروره:
أ- في نحو(مررت بزيدٍ)، (بزيدٍ): جار ومجرور متعلقان بـ(مررت) فيكون (بزيد) مفعولا به غير صريح فالجارُّ والمجرور في محل نصب ، والمحققون يقولون: الذي في محل نصب هو المجرور فقط وهو (زيد).
ب-وفي نحو:(مُرَّ بزيدٍ), بالبناء المجهول. يقول ابن مالك وابن هشام رحمهما الله:
(بزيدٍ): الجارُّ والمجرور نائب عن الفاعل ، ويقول البصريون رحمهم الله: نائب الفاعل هو المجرور فقط.
تنبيه :
(1) معظم العلماء يجعلون المجرور بحرف الجر الأصلي إذا كان الفعل مبنياً للمعلوم يجعلونه (مفعولاً به غيرَ صريحٍ) سواء جر بـ(الباء) أم بـ(في) أم بـ(اللام) أم بغيرهما من الأدوات [32].
(2) وبعض العلماء - منهم ابن الحاجب و البركوي وابن هشام في الشذور[33] - يُفَصِّلون فيقولون في:
1. المجرور بـ(في) أو ما بمعناه (ظرف غير صريح) في محل نصب نحو (جلستُ في البيت ِ).
2. المجرور بـ(بلام التعليل أو بحرف من حروف التعليل) (مفعول لأجله غير صريح) في محل نصب لأنه نحو: (جئت لإكرامِ زيدٍ).
3. المجرور بغير (هذين الحرفين (في) و(اللام) أو ما بمعناهما): مفعول به غير صريح)في محل نصب نحو(مررت بزيدٍ)
قال البركوي رحمه الله في كتابه (إظهار الأسرار):
(وما عدا هذه السبعة -يعني ما عدا حروف الجر الزائدة والشبيهة بالزائدة- :
أ- مفعول فيه لمُتَعَلَّقه إذا كان الجار (في) أو ما بمعناه نحو صليت في المسجد أو بالمسجد.
ب- وعلى أنه مفعول لأجله لمـُتعلَـَّقه إذا كان الجار (لاماً) أو ما بمعناه نحو ضربت زيداً للتأديب.
ت- أو على أنه مفعول به غير صريح إذا كان الجار ما عداهما -أي ما عدا اللام وفي وما معناهما-[34]. نحو مررت بزيد [35]
طريقة إعراب مجرور حرف الجر الزائد:
مجرور حرف الجر الزائد يكون له محل إعرابي آخر مع ذلك الجر اللفظي ، والمحل الآخر إما أن يكون فاعلاً أو مفعولاً به أو مبتدأ ولو منسوخاً
1. نحو: (ما يأتيهم من ذكرٍ) فـ(ذكرٍ): اسم مجرور لفظاً بالحرف الزائد (مـِنْ) مرفوع محلاً على أنه فاعل.
2. ونحو: (هل تُحِسُّ منهم من أحدٍ) فـ(أحدٍ): اسم مجرور لفظاً بالحرف الزائد (مـِنْ) منصوب محلاً على أنه مفعول به [36].
3. { كفى بالله شهيداً} كفى: فعل ماض مبني عل فتح مقدر منع من ظهوره التعذر
الباء : حرف جر زائد (وفي القرآن نقول حرف صلة تأدبا ).(الله) : لفظ الجلالة اسم مجرور لفظاً مرفوع محلا على أنه فاعل هذا إن قلنا: المجرور بحرف الجر الزائد إعرابه محلي.
وهناك قول يقول إعرابه تقديري فعلى هذا نقول: لفظ الجلالة (الله): فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة في آخره منع من ظهورها حركة حرف الجر الزائد.
4. قال الله تعالى: {وما يـُعلمانِ من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة}
(من): حرف جر زائد (وفي القرآن الكريم نقول حرف صلة) وأفاد هنا توكيد العموم ، المستفاد من لفظة (أحد) ووقوع النكرة في سياق العموم .(أحد): اسم مجرور لفظاً منصوب محلا على أنه مفعول به إن قلنا: إعراب مجرور حرف الجر الزائد محلي.
وإما إن قلنا: تقديري فنقول: (أحد): مفعول به منصوب وعلامة نصبه فتحة مقدرة في آخره منع من ظهورها حركة حرف الجر الزائد.
5. قال الله تعالى: {وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله}
من أحد: يقال فيها ما قيل في (من أحد) في المثال السابق.
6. قال الله تعالى: {ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن يُنَزَّل عليكم من خيرٍ من ربكم} .(من خير): (من) حرف جر زائد(وفي القرآن نقول: حرف صلة) وأفادت هنا تعيين المراد من نفي الجنس.(خير): اسم مجرور لفظاً مرفوع محلا على أنه نائب عن الفاعل أو نقول نائب فاعل مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدرة في آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد.
7. قال الله تعالى: {وما له في الآخرة من خلاق ٍ}(ما ): حرف نفي مبني على السكون.
(له): الجار والمجرور مع الضمير المستتر في محل رفع خبر مقدم.(في الآخرة): الجار والمجرور مع الضمير المستتر في محل نصب حال من (خلاق)، كانا صفة له فلما تقدما عليها أعربا حالاً.(من): حرف جر زائد (ونقول في القرآن: حرف صلة) وأفاد هنا تعيين نفي الجنس. (خلاق) : اسم مجرور لفظاً مرفوع محلاً على أنه مبتدأ وأصل الكلام (ما خلاقٌ في الآخرةِ له).أو نقول: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدرة في آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد.
8. قال الله تعالى: { وما للظالمين من أنصار}
(ما): حرف نفي.(للظالمين): الجار والمجرور مع الضمير في محل رفع لأنه خبر مقدم.
(من): حرف جر زائد(ونقول في القرآن: حرف صلة), وقد أفاد تعيين العموم.(أنصارٍ): يقال فيه ما قيل في إعراب (خلاق).
9. قال الله تعالى: {وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين}
(من آية) : (من) حرف صلة أي حرف جر زائد[37].(آية) اسم مجرور لفظاً مرفوع محلاً على أنه فاعل.أو نقول: فاعل مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدرة في آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد. وأما (من) في قوله تعالى (من آيات) فهو حرف جر أصلي.
10. قال الله تعالى: {ما تسبق من أمةٍ أجلـَها} .(أمة): تعرب كإعراب (آية) في الآية السابقة. (أجلها) : مفعول به مؤخر منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
طريقة إعراب مجرور حرف الجر الشبيه بالزائد:
مجرور حرف الجر الشبيه بالزائد يكون له محل إعرابي آخر مع ذلك الجر اللفظي ـكمجرور حرف الجر الزائدـ.
أ. والمحل الآخر بعد(رُبَّ) إما أن يكون مبتدأ أو مفعولاً به أو من باب الاشتغال ، والاشتغال سنشرحه في كتب أخرى .
مثال المبتدأ: (يا رُبَّ كاسيةٍ في الدنيا عاريةٌ يومَ القيامة)[38][39]، فـ(كاسيةٍ):اسم مجرور لفظاً ـ بحرف الجر الشبيه بالزائدـ مرفوع محلاً على أنه مبتدأ خبره (عاريةٌ).
مثال المفعول به: (رُبَّ رجلٍ كريمٍ لقيتُ)، فـ(رجلٍ) مجرور لفظاً ، بحرف الجر الشبيه بالزائدـ منصوب محلاً على أنه مفعول به
ب. و المحل الآخر بعد(لولا) يكون مبتدأ فقط.
ج. و المحل الآخر بعد(خلا وعدا وحاشا) يكون مستثنى فقط.
وسنأخذ إعراب(رُبَّ) مثالاً لها:
1. رُبَّ رجلٍ كريمٍ لقيتُ.(رُبَّ) : حرف جر شبيه بالزائد كما حققه ابن هشام رحمه الله فهو لا يتعلق بعامل خلافاً للجمهور، (رجلٍ): اسم مجرور لفظاً منصوب محلاً على أنه مفعول به مقدم أو نقول مفعول به منصوب وعلامة نصبه فتحة مقدرة في آخره منع من ظهورها حركة حرف الجر الشبيهة بالزائد، (كريم): نعت لـ(رجل) ويجوز فيه وجهان:
أ) جره تبعاً للفظ (رجلٍ) بأن تقول:(كريمٍ). ب) ونصبه تبعاً لمحل (رجلٍ) بأن تقول: (كريماً)؛ لأن محله النصب. ولقيت: فعل وفاعل.
2. رُبَّ رجلٍ كريمٍ لقيته.
(رب): حرف جر شبيه بالزائد.(رجلٍ): اسم مجرور لفظاً مرفوع محلاً على أنه مبتدأ لأنَّ (لقيت) أخذ مفعوله.(كريم): نعت لـ(رجلٍ) ويجوز فيه وجهان:
أ) جره تبعاً للفظ (رجلٍ) بأن تقول:(كريمٍ). ب)ورفعه تبعاً لمحل (رجلٍ) بأن تقول (كريمٌ)؛ لأن محله الرفع (ولقيت): والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع لأنه خبر للمبتدأ.(والهاء) : ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به. ولهذه الجملة أعني (رب رجل كريم لقيته) وجه آخر .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[h=1]مبحث للجار والمجرور يذكر في باب المبتدأ والخبر:[/h]اعلم أنَّ الخبر إذا وقع ظرفاً أو جاراً ومجروراً، مثل: زيدٌ في الدار، وعمرٌو عندك، فليس الجار والمجرور والظرف هما الخبر على الحقيقة، لأن الشأن في الخبر أن يكون هو المبتدأ معنى، أو كالمبتدأ، فإذا قلنا: زيدٌ الخطيبُ، فـ (زيدٌ) هو الخطيبُ، و(الخطيبُ) هو زيدٌ، بخلاف ما إذا قلنا: زيدٌ أمامَك أو عندَك.
فلا يصح أن يكون الظرف (أمامَ) أو (عندَ) هو زيدٌ، ولا يصح أن يكون (زيدٌ) هو الظرف: أمامَ، أو عندَ، لأنّ المعنى في كل منهما مخالف للآخر تمام المخالفة، ولا يصلحه إلا أن يكون الظرف متعلقاً بشيء آخر غير المبتدأ، هو: (كائن) أو (مستقر) أو (موجود) أو (كان) أو (استقر) أو (وجد).
ومثل هذا يقال في جملة: السفرُ يومَ الخميس، فالظرف لا يستقل بنفسه في إحداث معنى جديد، لأنه كالوعاء لا بد من شيء يقع فيه، وهذا الشيء الذي يقع فيه هو المتعلَّق (بفتح اللام)، الذي نقدره في نحو: زيدٌ عندك، نقدره بقولنا: زيدٌ كائنٌ أو موجودٌ أو مستقِرٌ عندك، ونقدره في نحو: زيدٌ أمامَك، نقدره بقولنا: زيدٌ كائنٌ أو موجودٌ أو مستقِرٌ أمامَك.
وما يقال في الظرف يقال في الجار والمجرور، إذ لا فائدة من الجار والمجرور إلا بمتعلَّقهما (بفتح اللام)، فتقول في نحو: زيدٌ في الدار ِ، التقدير: زيدٌ كائنٌ أو موجودٌ أو مستقِرٌ في الدارِ، فالخبر في الحقيقة هو المحذوف، وهو: كائنٌ أو موجودٌ أو مستقِرٌ، وإلا فسد المعنى، لكن الجار والمجرور والظرف حلا محل الأصل، وهو المتعلَّق (بفتح اللام) الذي هو الخبر في الحقيقة، أي: حلا محل كائن أو موجود أو مستقر أو كان أو وجد أو استقر، وأصبحا يدلان على المحذوف بغير خفاء، وينوبان عنه، فلذلك حذفتِ العربُ المتعلَّق في هذه الحالة، وأقامتِ الظرفَ والجار والمجرور مُقامه، إيجازاً واختصاراً لما في الظرف والجار والمجرور من الدلالة عليه، فلذلك يجوز لنا نظران:
النظر الأول: أن ننظر إلى الأصل الأول، وهو أن الخبر هو المحذوف، فنقول في إعراب: زيدٌ عندَك، (زيدٌ) مبتدأ، و(عندَ) ظرف منصوب، وهو متعلِّق (بكسر اللام) بمحذوف خبر، تقديره: كائنٌ أو مستقرٌ أو موجودٌ أو كان أو استقر أو وجد، وهو مضاف، والكاف مضاف إليه.
(أ) ولنا في هذه الحالة تقدير المتعلَّق: اسما، نحو: كائن، أو موجود، أو مستقر، فيكون الخبر من باب الخبر المفرد.
(ب) ولنا في هذه الحالة أيضاً تقدير المتعلَّق: فعلاً، نحو: كان، أو وجد، أو استقر، فيكون الخبر من باب الخبر غير المفرد، وهو هنا جملة، وهو: الفعل مع فاعله المستتر.
النظر الثاني: ولنا أن ننظر إلى أن الجار والمجرور والظرف لما حلا محل المحذوف ودلا عليه بغير خفاء، صارا هما الخبر، مع الضمير المستتر فيهما؛ لأن الجار والمجرور والظرف يتحملان ضميراً على الأصح عند البصريين، فالمحذوف، وهو: استقر ويستقر ونحوهما، لما حذف ؛ انتقل الضمير منه إلى الجار والمجرور والظرف وصار الخبر هو: المجرور مع الضمير، أو الظرف مع الضمير.
وتلخيص المذهب الثاني ما ذكره ابن يعيش في شرحه لمفصل الزمخشري بقوله: "واعلم أنك لما حذفت الخبر الذي هو: استقر ومستقر ووجد وموجود، إلى آخره، وأقمت الظرف مقامه على ما ذكرنا، صار الظرف[SUP]([1])[/SUP] هو الخبر، والمعاملة معه، وهو مغاير المبتدأ في المعنى، ونقلت الضمير الذي كان في الاستقرار إلى الظرف، وصار مرتفعاً بالظرف (أي: الضمير مرفوعاً بالظرف وبالجار والمجرور) كما كان مرتفعاً بالاستقرار، ثم حذفت الاستقرار، وصار أصلاً مرفوضاً، لا يجوز إظهاره للاستغناء عنه بالظرف".
ثم قال بعد ذلك: "واعلم أنك إذا قلت: زيدٌ عندَك، فـ(عندَ) ظرف منصوب بالاستقرار المحذوف، سواء كان فعلاً أو اسماً، وفيه ضمير مرفوع، والظرف وذلك الضمير في موضع رفع بأنه خبر المبتدأ، وإذا قلت: زيدٌ في الدار، أو من الكرام، فالجار والمجرور في موضع نصب بالاستقرار على حد انتصاب: زيد عندَك، ثم الجار والمجرور والضمير المنتقِل في موضع رفع بأنه خبر المبتدأ ".
وقال ابن يعيش رحمه الله تلخيصاً لما سبق: " واعلم أن الخبر إذا وقع ظرفاً أو جاراً ومجروراً، نحو: زيدٌ في الدار، وعمرٌو عندَك، ليس الظرف بالخبر على الحقيقة، لأن الدار ليست من زيد في شيء، وإنما الظرف معمول للخبر ونائب عنه، والتقدير: زيدٌ استقر عندَك أو حدث أو وقع، ونحو ذلك، فهذه هي الأخبار في الحقيقة بلا خلاف بين البصريين، وإنما حذفتها وأقمت الظرف مُقَامَها إيجازاً لما في الظرف من الدلالة عليها، إذ المراد بالاستقرار: استقرار مطلق، لا استقرار خاص".
مذاهب العلماء في الخبر الجار والمجرور والظرف:
المذهب الأول: الخبر هو نفس المتعلَّق وحده ، وأما الظرف والجار والمجرور فقيد له
وهو الذي ذكره ابن مالك بقوله :
وأخبروا بظرف أو بحرف جر ناوين معنى كائن أو استقر
ويؤيد هذا أنهم أجمعوا على أن المتعلَّق إذا كان خاصا فهو الخبر وحده سواء أكان مذكورا نحو زيد جالس عندك ، أم كان قد حذف لقرينة تدل عليه ، وهذا الخلاف إنما هو في المتعلق العام فليكن مثل الخاص طردا للباب على وتيرة واحدة ، ولأن العامل أولى بالاعتبار وإن كان معموله قيدا لا بد منه .
المذهب الثاني: أنه نفس الجار والمجرور مع الضمير المستتر فيه لقيامه مقام عامله ، قالوا لأنه هو الملفوظ به فلا بد من ملاحظته
وهو مذهب جمهور البصريين .
المذهب الثالث:
واختار الرضي وابن الهمام: أن الخبر هو المجموع أي مجموع (المحذوف وهو (كائن) والجار والمجرور) أو الظرف ، لتوقف الفائدة على كل واحد منهما .
وهذا الخلاف بين العلماء إذا كان المتعلَّق عاما أما إذا كان خاصا نحو زيد جالس عندك فأجمعوا أن الخبر هو المتعلَّق .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[h=1]مبحث للجار والمجرور يذكر في باب الظرف :[/h] الظرف والجار والمجرور لا بد أن يتعلقا بشيء يتممان معناه، وهذا الشيء (أي المتعلَّق) يكون واحداً من الأشياء الآتية:
1. الفعل : كـ(جلس ، قعد ) نحو (جلست في المسجد ).
2. اسم الفاعل : كـ(جالس ، قاعد) نحو (أنا جالس عندك ).
3. اسم المفعول : كـ(مضروب ، مغضوب) نحو (زيد مضروب أمامك ، { غير المغضوب عليهم } .
4. الصفة المشبهة [SUP][SUP][40][/SUP][/SUP]: كـ(طويل ، قصير، شريف) نحو هذا الدواء مُرٌّ على لساني
5. الجامد المؤول بالمشتق : كـ(أسد المؤول بشجاع ، وأرنب المؤول بجبان ) نحو أنت أسدٌ عليَّ وأنت أرنب عندي
صيغة المبالغة: كـ(عليم ، وقدير) نحو { والله على كل شيء قدير } [SUP][SUP][41][/SUP][/SUP] ، زيد ضرّاب للعدو
7. أفعَل (بفتح العين) التفضيل كـ(أحسن ، أفضل) نحو زيد أحسن من سعيد ,
8. المصدر: كـ(ضَرْب ٍ، أكْلٍ ، السكوت) نحو السكوت عن السفيه جواب .
وإذا لم يوجد واحد كـمن هذه الأشياء -ولم يكن محذوفاً دل على وجوده دليل- يكونان (أي الظرف والجار والمجرور) خبراً أو صفةً أو حالاً أو صلة للموصول مثال الخبر (زيد عندك) مثال الصفة (لهم عذاب من رجز أليم ) (لهم في الآخرة عذاب عظيم )[SUP] [SUP][42][/SUP][/SUP]
وكذلك إذا وجدت هذه الأشياء الثمانية، لكن كان المعنى لا يستقيم إن علقنا الجار والمجرور والظرف بأحد هذه الأشياء نحو (ترميهم بحجارة من سجيل ) فـ(من سجيل ) لا يمكن تعليقها بالفعل الموجود (ترميهم) لأنه ليس المعنى ترميهم من سجيل بل المعنى متعلق بحجارة ، إذ المعنى حجارة من سجيل ، وبما أن حجارة نكرة فـ(من سجيل) صفة
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
[1] (لولا) تعتبر حرف جر شبيه بالزائد عند سيبويه إذا جاء بعدها ضمير جر نحو (لولاه ، لولاها ، لولاهما ).
[2] فإذا قلت مثلا: سافر زيد. دلت هذه الجملة على معنى مستقل يمكن أن نقتصر عليه. فإذا قلت: سافر زيد يوم الجمعة. دل الظرف هنا على معنى فرعي مرتبط بالفعل سافر؛ لأنه يضيف إلى معناه معنى جديدا، ثم إننا نفهم أن هذا الحدث وهو "السفر" قد حدث في يوم الجمعة أي في زمان معين .
[3] بفتح اللام .
[4] شهدة "قال الدماميني بفتح الشين وحكى القاموس ضمها أي ضم الشين وسكون الهاء: العسل" ، و الشهد : العسل ما دام في شمعه ، والشهدة أخص منه " ، و(هو) بتشديد الواو ، علقم: وهو شجر له ثمر مر كريه الطعم ، المعنى: يدَّعي الشاعر أن لسانه مثل الشهد والعسل، فيه شفاء للناس الذين أحبهم وأثنى عليهم، وهو مثل الحنظل في المرارة، على من سلطه الله عليه.
[5] الأصل في بعض الأحيان
[6] الفرق بين الحالة الثالثة والرابعة ما ذكره الدسوقي على المغنى : بقوله :" قوله { لا لتأولهما } حاصل ما قاله المصنف أن العلَم إذا اشتهر بوصف كان فيه معنى المشتق كحاتم وأبو المنهال لا أنه مؤول بالمشتق ، وهذا بخلاف النكرة كما في (أسد علي ّ ) فإنها تؤول بالمشتق أي صائل أو مجترئ علي ّ" . يقول علي هاني لكن قال الدماميني: " لو قيل التعلق باعتبار تأولهما باسم يشبه الفعل لم يلزم محذور أصلا" ، ثم رأيت الأنطاكي رد على الدماميني بقوله : "لأنه لو اول بمشتق لخرج عن العلمية وهي مرادة فسقط قول الدماميني بأنه لو قيل أن التعلق باعتبار تأولهما به لم يلزم محذورا أصلا ".
[7] ذَهَبَ الزَّجَّاجُ إِلَى أَنَّ قَوْلَهُ تعالى : "فِي السَّماواتِ" مُتَعَلِّقٌ بِمَا تَضَمَّنَهُ اسْمُ اللَّهِ مِنَ الْمَعَانِي، كَمَا يُقَالُ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْخَلِيفَةُ فِي الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذَا عِنْدِي أَفْضَلُ الْأَقْوَالِ وَأَكْثَرُهَا إِحْرَازًا لِفَصَاحَةِ اللَّفْظِ وَجَزَالَةِ الْمَعْنَى ، وَإِيضَاحِهِ: أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يدل على خلقه وإيثار قُدْرَتِهِ وَإِحَاطَتِهِ وَاسْتِيلَائِهِ، وَنَحْوَ هَذِهِ الصِّفَاتِ فَجَمَعَ هَذِهِ كُلَّهَا فِي قَوْلِهِ وَهُوَ اللَّهُ أَيِ الَّذِي لَهُ هَذِهِ كُلُّهَا فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ كَأَنَّهُ قَالَ: وَهُوَ الْخَالِقُ الرَّازِقُ وَالْمُحْيِي المحيط في السموات وَفِي الْأَرْضِ كَمَا تَقُولُ: زَيْدٌ السُّلْطَانُ فِي الشَّامِ وَالْعِرَاقِ، فَلَوْ قَصَدْتَ ذَاتَ زَيْدٍ لَقُلْتَ مُحَالًا ، وَإِذَا كَانَ مَقْصِدُ قَوْلِكَ زَيْدٌ السُّلْطَانُ الْآمِرُ النَّاهِي النَّاقِضُ الْمُبْرِمُ الَّذِي يَعْزِلُ وَيُوَلِّي فِي الشَّامِ وَالْعِرَاقِ، فَأَقَمْتَ السُّلْطَانَ مَقَامَ هَذِهِ كُلِّهَا كَانَ فَصِيحًا صَحِيحًا فَكَذَلِكَ فِي الْآيَةِ أَقَامَ لَفْظَةَ اللَّهُ مَقَامَ تِلْكَ الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ .
[8] قد يجوز حذف المتعلق (بفتح اللام) كما في { وإلى ثمود } أي أرسلنا، وقد يجب حذفه كما في 1) القسم بالواو والتاء دون الباء نحو {والضحى والليل} 2)أن يكون الاستعمال جرى على حذفه كقولهم للمعرس( للمتزوج) بالرفاء والبنين أي أعرست 3) في الكون العام (الظرف المستقر): كما إذا كان خبرا كـ(زيد في الدار ) ، أو صفة كـ(ترميهم بحجارة من سجيل ) أو حالا كـ(رأيت الهلال بين السحاب) .
[9] وكذلك في نحو (زيد في الدار ) فالدار في محل نصب مفعول به غير صريح ، وقال الرضي والبركوي ظرف زمان غير صريح ، هذا إذا جعلنا الخبر هو الكون العام المحذوف ، أما إن جعلنا الخبر الجار والمجرور مع الضمير فالمجموع في محل رفع خبر .
[10] ألا ترى أن قولك مررت بزيد معناه كمعنى : جزت زيدا ، وكذلك انصرفت عن خالد كقولك : جاوزت خالدا فكما أن ما بعد الأفعال المتعدية بأنفسها منصوب فكذلك ما في معناها مما يتعدى بحرف الجر ؛ لأن الاقتضاء واحد إلا أن هذه الأفعال ضعفت في الاستعمال فافتقرت ، ويدل عليه أننا إذا حذفنا الخافض نصب ما بعدها نحو: تمرون الديار َ ، ومررت زيدا .
[11] قال الصبان : هذا وقد حقق الرضي : أن محل النصب بالمتعلق المحذوف بناء على أنه الخبر زيد في الدار أو بالمتعلق الملفوظ به في نحو زيد جالس في الدار وذهبت بزيد. أو الرفع بالمبني للمجهول في نحو مُرَّ بزيد - إنما هو للمجرور فقط لأن الجار لتوصيل معاني الأفعال وما في حكمها إلى الأسماء كالهمزة والتضعيف في أذهبت زيدًا وفرحته.
[13] والحاصل أن محل المجموع في المستقر تارة يكون رفعًا إذا كان خبرًا وتارة يكون نصبًا إذا كان حالًا مثلًا، وتارة يكون جرًا إذا كان صفة لموصوف مجرور، ومحل المجرور في اللغو تارة يكون رفعًا كما في مُرَّ بزيد بالبناء للمجهول، وتارة يكون نصبًا كما في مررت بزيد ولا يكون جرًّا.
[14] الحرف الأصلي: فهو الذي يضيف إلى ركني الجملة معنى فرعيا جديدا، ولا بد أن يكون متعلقا ،و الحرف الزائد، هو الذي لا يضيف إلى ركني الجملة معنى فرعيا جديدا، وإنما يفيد التوكيد وتقوية الربط بين أجزاء الجملة. و هو لا يتعلق. والحرف الشبيه بالزائد، وهو الذي يضيف معنى لكنه لا يتعلق.
[15] وذلك لأن معنى التعلق الارتباط المعنوي والأصل أن أفعالا قصرت عن الوصول إلى الأسماء فأعينت على ذلك بحروف الجر والزائد إنما دخل في الكلام تقوية وتوكيدا ولم يدخل للربط
[16] قالوا لأنهن إذا خفضن يكن لتنحية الفعل عما دخلن عليه نحو (قام القوم خلا زيدٍ) فهي تنحي زيدا عن القيام ، كما أن إلا كذلك وذلك عكس معنى التعدية التي هي إيصال معنى الفعل إلى الاسم ، وفي كلامهم نظر ، ويرد عليهم بأن التعدية إيصال معنى الفعل إلى الاسم على الوجه الذي يقتضيه الحرف من ثبوت أو نفي لا الثبوت فقط. ألا ترى أن انتفاء الفعل في نحو: لم أضرب زيداً لا يخرجه عن كونه مفعولاً به .
[17] من تعليقات محمد محيي الدين على الأشموني .
[18] قال السمين : واختار الشيخ أنْ يكونَ « بنعمة » قَسَماً مُعْتَرِضاً به بين المحكوم عليه والحُكم على سبيلِ التأكيدِ والتشديدِ والمبالغةِ في انتفاءِ الوصفِ الذمَّيم . وقال ابن عطية : « بنعمةِ ربِّك » اعتراضٌ كما تقول للإِنسان : « أنت بحمد اللَّهِ فاضلٌ » قال : « ولم يُبَيِّنْ ما تتعلَّقُ به الباءُ في » بنعمة « . قلت : والذي تتعلَّق به الباءُ في هذا النحو معنى مضمونِ الجملةِ نفياً وإثباتاً ، كأنه قيل : انتفى عنك ذلك بحمد اللَّهِ ، والباءُ سببيةٌ ، وثَبَتَ لك الفَضْلُ بحمدِ اللَّهِ تعالى ، وأمَّا المثالُ الذي ذكرَه فالباءُ تتعلَّق فيه بلفظ » فاضل « . وقد نحا صاحب » المنتخب « إلى هذا فقال : » المعنى : انتفى عنك الجنونُ بنعمةِ ربك
[19] قال الخضري" عند قول ابن مالك في باب الحال(سعيد مستقرا في هجر ): قوله: (مستقراً) حال مؤكد لعاملها، وهو (في هجر) كما قاله ابن قاسم ، وهو صريح في أن المراد به الاستقرار العام إذ هو المفهوم من الظرف ، وقيل: خاص أي غير متحرك فهو حال مؤسسة على حد فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِنْدَهُ}لأن العام يجب حذفه لكن حقق بعضهم أن محل وجوب حذف العام إذا كان له معمول يقوم مقامه، وإلا جاز ظهوره ، وهذا هو المتعين إذ لا شك في صحة: هذا ثابت ، هذا حاصل مثلاً، أفاده الصبان أي، وما هنا كذلك لأن الظرف في المثال معمول للخبر المحذوف لا لمستقراً والتقدير (زيد كائن في هجر مستقرا ) فليس (في هجر) معمولة لـ(مستقرا) بل لخبر محذوف ، وفي الآية لرآه (والتقدير رآه عنده حال كونه مستقرا" ففي المثالين الحال لم يوجد معمول يقوم مقامه فيجوز ظهوره نحو هذا ثابت ، هذا حاصل انتهى مع زيادة إيضاح ، وقد وجوز ابن جني إظهار المتعلق في الخبر مطلقا سواء كان له معمول يقوم مقامه أم له واستدل بقوله ( فأنتَ لدى بحْبُوحَةِ الهُون كائِنُ ** ) والجمهور على خلافه فيجعلون هذا ضرورة .
[20] قال الدماميني : فإن قلت إذا قيل زيد على الفرس والمعنى أنه ركب عليه فهل تسميه مستقرا أو لغوا ؟ قلت إن قدر راكب ابتداء بخصوصه فهو لغو والحذف جائز وإن قدر مستقرا أولا وأريد منه بحسب القرينة راكب ، فهو ظرف مستقر والحذف واجب وفي حاشية الكشاف لمولانا سعد الدين التفتزاني إشارة إلى ذلك
[21] هذا البحث من معاني النحو للسامرائي وكتاب مسائل في النحو والصرف من كتاب البحر المحيط ، ومن كتب التفسير .
[22] استثناء من القاعدة : في قوله تعالى { ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون } عندنا تفسيران : تفسير موافق لقاعدة التعلق وتفسير مخالف لها فيكون من المستثنيات من القاعدة:
الفسير الأول : إن جعلناه ( من الأرض) صفة لـ(دعوة ) يكون المعنى أن الله تعالى دعاكم بدعوة ملكه إسرافيل من الأرض أي أن إسرافيل يناديهم من مكان من الأرض كما في { وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (41} فهو مكان قريب سواء كان بيت المقدس كما قيل أو غيره ،فالداعي حقيقة الملك بأمره سبحانه نحو قوله تعلى{إنه لقول رسول } وعلى هذا المعنى فالتعلق جار على القاعدة المعروفة ، واختار هذا التفسير جماعة قليلة من المفسرين وهو الذي أراه .
التفسير الثاني : وهو رأي الجمهور أن (من الأرضِ) متعلق بـ(دعاكُم) و{ مِنْ } لابتداء الغاية أي إذا دعاكم عند البعث وأنتم في الأرض موتى في قبوركم دعوة واحدة إذا أنتم تخرجون أي أنتم تكونون في الأرض فيدعوكم منها فتخرجون ، والدعوة : هي النفخة الآخرة عبر بالدعوة لبيان سهولة البعث ، وهذا في ظاهر الأمر مخالف لقاعدة التعلق لأني إن قلت دعوتك من البيت فالمعنى دعوتك وأنا في البيت لا أنت ، لكن دفع هذا الإشكال الزمخشري وكبار العلماء بجواب يعتبر استثناء من قاعدة التعلق فقالوا :
يكفي في التعلق بدعاكم كون المدعوِّ في الأرض ولا يشترط كون الداعي في الأرض ، لِأَنَّ دَعاكُمْ لِمَا اشْتَمَلَ عَلَى فَاعِلٍ وَمَفْعُولٍ فَالْمُتَعَلِّقُ بِالْفِعْلِ يَجُوزُ أَنْ يكون من شؤون الْفَاعِلِ وَيَجُوزُ أَنْ يكون من شؤون الْمَفْعُولِ عَلَى حَسَبِ الْقَرِينَةِ فقولك : دعوته من مكان كذا ، كما يجوز أن يكون مكانك يجوز أن يكون مكان صاحبك ، تقول : دعوت زيداً من أعلى الجبل فنزل عليّ : ودعوته من أسفل الوادي فطلع إليّ قال الإمام الرازي : قول القائل دعا فلان فلانا من الجبل يحتمل أن يكون الدعاء من الجبل كما يقول القائل يا فلان اصعد إلى الجبل ، فيقال دعاه من الجبل ويحتمل أن يكون المدعو يدعى من الجبل كما يقول القائل يا فلان انزل من الجبل ، فيقال دعاه من الجبل ، ولا يخفى على العاقل أن الدعاء لا يكون من الأرض إذا كان الداعي هو الله ، فالمدعو يدعى من الأرض يعني أنتم تكونون في الأرض فيدعوكم منها فتخرجون }
[23] اسم المفعول يأخذ نائباً عن الفاعل نحو(أمـَضْروبٌ زيدٌ؟) فـ(زيدٌ) نائب فاعل لاسم المفعول (مضروب).
[24] وقد منع جماعة من العلماء كأبي حيان والعكبري رحمهم الله تعالى التعليق باسم المكان والزمان :فـ(من العذاب): صفة لـ(مفازة) عندهم ، ولا يتعلق بها لأنها اسم مكان، واسم المكان لا يعمل (أي لا يتعلق به الجار والمجرور) عندهم .
[25] {فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (188) }الأحسن أن مفازة في قوله تعالى (بمفازة ) أن تكون اسم مكان الفوز الذي من يحله يفوز بالسلامة من الخطر؛ لأن المنقطع فيها ينجو من الأخطار ومن الأعداء أي لا تحسبنهم بمنجاة ومكان فوز وسلامة من العذاب بل هم في مهلكة .
[26] رجح جمهور العلماء تقدير العامل متأخرا ، نحو باسم الله أقرأ ، لأجل أن يفيد الحصر أي باسمه لا باسم غيره ، وخالفهم ابن عاشور والآلوسي فقالوا بل يقدر مقدما والحصر مفهوم من السياق .
[27] (وهي جميع المعارف إلا المعرف بـ(أل) الجنسية) فيعربان حالاً .
[28] وأجاز الدماميني رحمه الله أن يعرب الجار والمجرور والظرف صفة أيضاً إن جاءا بعد نكرة غير محضة أو بعد معرفة مطلقاً (أي سواء كانت معرفة بـ(أل) أم بغيرها -إن اقتضى المعنى ذلك-، وملخص كلام الدماميني رحمه الله: (إذا وقع شبه الجملة -الجار والمجرور والظرف- بعد معرفة أو نكرة فإنه يصلح أن يكون حالاً أو صفة إلا في صورة واحدة فيتعين أن يكون بعدها صفة وهي إذا جاء بعد نكرة محضة) ، وقول الدماميني مفيد جدا .
[29] أي نكرة موصوفة أو مضافة إلى نكرة أخرى) نحو طالب كبير ، طالب علم .
[30] (وهي المعرفة بـ (أل) الجنسية) التي يراد بها الحقيقة والماهية دون نظر لفرد معين نحو الأزهار ، الكتاب ، القلم من أحب الأزهار ، والكتاب أحسن جليس ، والقلم علم به الإنسان فأنت لا تريد أحب هذا النوع ولا تشير إلى فرد معين ، فـ(أل) الجنسية: هي الداخلة على نكرة تفيد معنى الجنس المحض من غير أن تفيد العهد (فهي لا تدل على واحد معين).
[31] أمثلة على إعراب الجار والمجرور صفة أو حالاً:
المثال الأول: قوله تعالى {ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدقٌ لما معهم}
(جاء): فعل ماض مبني على الفتح.(هم): من (جاءهم): ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به.(كتاب) : فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة. الجار والمجرور(من عند) فيهما وجهان:
الوجه الأول: الجار والمجرور مع الضمير المستتر في محل رفع لأنهما صفة لـ(كتاب) لأنه نكرة محضة.
أو نقول الجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة لـ(كتاب) والتقدير كتاب كائن من عند الله.
وعلى هذا الإعراب فـ(مصدق) نعت ثانٍ.
الوجه الثاني: أن يكون الجارّ والمجرور (من عند) في محل نصب بـ(جاءهم) أي متعلق به وحرف الجر (من) معناه ابتداء الغاية (أي ابتداء غاية المجيء من عند الله أي مبتدأ من عند الله).وردَّه أبو حيان رحمه الله لأن فيه الفصل بين الصفة (مصدق) والموصوف (كتاب) بمعمول أجنبي (أي الفاصل ليس معمولاً للصفة ولا للموصوف) ويعني به هنا (من عند) فهو ليس معمولاً للصفة (مصدق) ولا للموصوف (كتاب).
وهذا فصل لا يغتفر وإنما يغتفر إذا كان الفاصل معمولاً للصفة أو للموصوف.
المثال الثاني: قال الله تعالى:{ لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريصٌ عليكم}
(من أنفسكم): الجار والمجرور مع الضمير المستتر في محل رفع لأنه صفة لـ(رسول) لأنه نكرة محضة، ولأن المعنى (جاءكم رسولٌ كائنٌ من أنفسكم)، أو نقول: الجار والمجرور متعلقان بمحذوفٍ صفةٌ لـ(رسولٌ) ، عزيز: الأصح فيه كما قال السمين رحمه الله: إنه نعت ، وهل يجوز تعليقه بـ(جاءكم)؟ يقال فيه ما قيل في الآية السابقة.
المثال الثالث: قال الله تعالى: {وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك}.
من سجيل: الجار والمجرور مع الضمير المستتر في محل نصبٍ صفةٌ لـ(حجارة) لأنها نكرة محضة والمعنى: أنها حجارة كائنة من سجيل، مسومة: لنا أن نعربها صفة ثانية أو حالاً ؛لأن النكرة إذا خصصت بوصف أو إضافة يجوز مجيء الحال بعدها.
المثال الرابع: قال الله تعالى: {أولئك لهم عذابٌ من رجز ٍاليمٌ}
(من رجز): الجار والمجرور في محل رفعٍ صفةٌ لـ(عذاب) لأنه نكرة محضة ، (أليم): نعت ثانٍ.
المثال الخامس: قال الله تعالى: {ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلوا عليهم آياتك}(منهم): الجار والمجرور مع الضمير المستتر في محل نصب لأنه صفة لـ(رسولاً) ، أو نقول: الجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة والتقدير رسولاً كائناً منهم ، (يتلوا) : الجملة الفعلية من الفعل والفاعل وهو الضمير المستتر جوازاً يجوز في إعرابها وجهان:
الوجه الأول: أن تعرب نعتاً ثانياً لـ(رسولاً) فالجملة في محل نصب. الوجه الثاني: أن تعرب حالاً من (رسولاً) فالجملة في محل نصب، وجاز مجيئه (رسولاً) صاحب حال لأنه نكرة تـَخصصتْ بسبب وصفها بـ(منهم).
والقاعدة تقول: الجمل بعد النكرات المحضة صفات وبعد النكرات غير المحضة يجوز أن تعرب صفاتٍ أو أحوالاً.
المثال السادس: قال الله تعالى:{ ولقد ذرانا لجهنم كثيراً من الإنس والجن}
من الإنس: الجار والمجرور مع الضمير المستتر في محل نصب لأنه صفة لـ(كثيراً) ؛ لأن (كثيراً) نكرة محضة.
المثال السابع: قال الله تعالى: {كمثل جنة بربوة أصابها وابل}
(بربوة) : الجار والمجرور في محل جر لأنه صفة لـ(جنة) ، (الباء): ظرفية بمعنى (في) أي جنة كائنة في ربوة.
(والربوة) : أرض مرتفعة طيبة.(أصابها): جملة جاءت بعد نكرة غير محضة: فيجوز أن تعرب نعتاً ثانياً فهي في محل جر. ويجوز أن تعرب حالاً من (ربوة). وجاز مجيء صاحب الحال (ربوة) نكرة ؛لأنها وصفت فهي (نكرة غير محضة)، والقاعدة تقول الجمل بعد النكرات غير المحضة يجوز أن تعرب أحوالاً أو صفاتٍ.
المثال الثامن: قال الله تعالى: {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجسٌ من عمل الشيطان}
من عمل: الجارّ والمجرور مع الضمير المستتر في محل رفع لأنه صفة لـ(رجس).
المثال التاسع: قال الله تعالى: {ألم يأتـِكم رسلٌ منكم} .(منكم): الجار والمجرور مع الضمير المستتر في محل رفع لأنه صفة لـ(رسلٌ).
المثال العاشر: قال الله تعالى: {فإذا هي بيضاء للناظرين} .(للناظرين): الجار والمجرور مع الضمير المستتر في محل رفع صفة لـ(بيضاء) لأنه نكرة محضة ، وأما قول الزمخشري رحمه الله: فإن قلت : بم يتعلق { للناظرين } ؟ قلت : يتعلق بـ(بيضاء) . والمعنى : فإذا هي بيضاء للنظارة ، ولا تكون بيضاء للنظارة إلاّ إذا كان بياضا عجيباً خارجاً عن العادة ، يجتمع الناس للنظر إليه كما تجتمع النظارة للعجائب { (للناظرين) متعلق بـ(بيضاء)" فمراده متعلق من حيث المعنى لا تعلق الإعراب (أي هذا الكلام يتعلق بهذا الكلام أي أنه من تتمة معناه).
المثال الحادي عشر: قال الله تعالى:{ولكلٍ درجاتٌ مما عملوا}الجار والمجرور (لكل) مع الضمير المستتر: في محل رفع خبر.(درجات) : مبتدأ مؤخر مرفوع.(مما عملوا) : أصلها (مـِنْ) (ما) (عملوا) فالجار والمجرور(مما) مع الضمير المستتر في محل رفع صفة لـ(درجات).التنوين في (لكل) تنوين عوض والتقدير: لكل فريق من الجن والإنس. ومن لابتداء الغاية تؤول إلى معنى التعليل أي لكل فريق من الجن والإنس فضائل في الجنة بعضهم أرفع درجة من بعض ، وللكافرين درجات بعضهم أشد عذاباً من بعض وتسمية دركاتهم درجات من باب التغليب .
المثال الثاني عشر: قال الله تعالى: {يحكم به ذوا عدل منكم}الجار والمجرور (منكم) مع الضمير المستتر: في محل رفع لأنه نعت لـ(ذوا) أي أنهما يكونان من جنسكم في الدين ، ولا يجوز أن يكونا صفة لـ(عدلٍ) لأن (عدلٍ) مصدر والمصدر ليس من جنسهم فكيف يوصف بكونه منهم.
المثال الثالث عشر: قال الله تعالى: {وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم من أهل القرى}
رجالاً: مفعولٌ به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.(نوحي) : الجملة من الفعل والفاعل في محل نصب لأنها صفة لـ(رجالاً), لأن الجمل بعد النكرات المحضة صفات.(من أهل): الجار والمجرور مع الضمير المستتر في محل نصب صفة ثانية لـ(رجالاً) أو حال من المجرور في (إليهم) (أي من الضمير(هم)).
المثال الرابع عشر: قال الله تعالى: {أولم ينظروا إلى السماء فوقهم}
فوق: الظرف (فوق) مع الضمير المستتر في محل نصب لأنه حال من السماء(أي صاحب الحال لفظ لسماء) وهو مضاف و (هم) مضاف إليه ، لأن المعنى أولم ينظروا إلى السماء كائنة فوقهم ، ولا يعلق بـ(ينظروا) لأنه ليس المراد ينظروا فوقهم .
المثال الخامس عشر: قال الله تعالى: {ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات}
فيها أوجه وأحسنها وجهان:
الوجه الأول: أن يكون الجار والمجرور متعلقين بـ(نـَقـْص) لأنه مصدرُ (نـَقَـَصَ) وهو يتعدى الى مفعول واحد وقد حذف (أي ونقص شيء من الأموال).
الوجه الثاني: أن يكون الجار والمجرور مع الضمير المستتر في محل جر صفة لـ(نقص) أي نقص ٍكائنٍ من كذا, و(مـِن) لابتداء الغاية.
المثال السادس عشر: قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه}
إلى أجل: الجار والمجرور متعلقان بـ(تداينتم) ويجوز أن يكونا مع الضمير المستتر في محل جرٍ صفةٌ لـ(دين).
المثال السابع عشر: قال الله تعالى: {إنها عليهم مؤصدة في عمد ممددة}
في عمد : الجار والمجرور مع الضمير المستتر إما أن يكونا: في محل رفعٍ صفة لـ(مؤصدة) أي كائنة في عمد ، والمعنى أنّ النار في داخل العَمَدَ إي أنّ جهنم أغلقت عليهم ممددةً عمدٌ على أبوابها تشديداً في الإغلاق.
في محل نصب حال من الضمير في (عليهم) أي مُوثـَقين في عَمَدَ، فالعمد في جهنم وهم موثقون بها أي مربوطون.
المثال الثامن عشر: قال الله تعالى: {إن آية َ ملكِه أن يأتيكم التابوت فيه سكينةٌ من ربكم}
من ربكم فيهما وجهان:
1. الجار والمجرور مع الضمير المستتر في محل رفع لأنه صفة لـ(سكينة).
2. ويجوز أن يكون الجار والمجرور متعلقين بما تعلق به (فيه) وهو الكون (كائن). لأن (التابوت) فاعل، و(فيه) الجار والمجرور متعلقان بمحذوفٍ خبر مقدم، و(سكينة) مبتدأ مؤخر والجملة من المبتدأ والخبر (فيه سكينة) في محل نصب لأنه حال من (التابوت).
و(من ربكم) متعلقان بما تعلق به (فيه).ومعنى (من) من قوله تعالى(من ربكم) على الوجهين السابقين إما ابتداء الغاية. وإما التبعيض لكن التبعيض يأتي هنا بشرط تقدير مضاف المحذوف أي (سكينة من سكينات ربكم).
المثال التاسع عشر: قال الله تعالى: {نزّل عليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه}
متعلق بمحذوف حال من المفعول أي نزله ملتبساً بالحق نحو(جاء بكر بثيابه) أي ملتبساً بها.
المثال العشرون: قال الله تعالى: {ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم}
على علم: حال إما من الفاعل أي فصلناه عالمين بتفصيله.
تنبيه: عندما نقول حال من الفاعل معنى ذلك أن صاحب الحال هو الفاعل، وعندما نقول حال من المفعول معنى ذلك أنّ صاحب الحال هو المفعول.
المثال الحادي والعشرون: قال الله تعالى: {ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم}
بغير علم : حال من الفاعل وهو الواو في(يضلونهم) وهو أولى لأنه المُتحدَّث عنه(أي المسند إليه الإضلال)، والمعنى يُقـْدِمون على هذا الإضلال بِغَيْرِ حجة ، وبرهان ولا دليل أي : أنهم دعوهم إلى الضلال وأضلوهم من غير حجة ، وقيل حال من المفعول أي يضلون من لا يعلم أنهم ضُلالٌ .
المثال الثاني والعشرون: قال الله تعالى: {أوفوا الكيل والميزان بالقسط}
قال السمين رحمه الله (بالقسط): حال من فاعل (أوفوا) أي أوفوهما مقسطين أي ملتبسين بالقسط ، انتهى أيقول الفقير علي والأحسن أن نعلق الجار والمجرور بـ(أوفوا) ونجعل الباء كالآلة أي أوفوا الكيل والميزان بواسطة القسط والباء لا تخلو من ملابسة فهي تشعر بمصاحبة القسط لكل الإيفاء أيضا .
المثال الثالث والعشرون: قال الله تعالى: {ليجزي الذين امنوا وعملوا الصالحات بالقسط}
حال من الفاعل في (يجزي) أي ملتبساً بالقسط والباء للملابسة ، والأحسن أن نعلق الجار والمجرور بـ(نجزي) و نجعل إيصال الجزاء إليهم بواسطة القسط فالباء كالآلة لإيصال الجزاء وفيها ملابسة تشعر بمصاحبة القسط لكل الجزاء
المثال الرابع والعشرون: قال الله تعالى: {ومن قتله منكم متعمداً}
منكم: الجار والمجرور مع الضمير المستتر في محل نصب لأنه حال من فاعل(قَتَلَه).
المثال الخامس والعشرون: قال الله تعالى: {ورفعنا فوقهم الطور}
فوق: الظاهر كما قال السمين أنه متعلق بـ(رفعنا).وأجاز العكبري وجهاً أخر هو أن يتعلق بمحذوفٍ حال من (الطور).
المثال السادس والعشرون: قال الله تعالى: {فمن كان منكم مريضاً} منكم : الجار والمجرور مع الضمير المستتر في محل نصب لأنه حال من (مريضاً) لأنَّ الجار والمجرور مع الضمير كانا في الأصل صفةً لـ(مريضاً) -أي مريضاً كائناً منكم- فلما تقدما عليها إعراباً حالاً بناء على القاعدة القائلة: (صفة النكرة إذا تقدمت عليها أعربت حالاً غالباً).
المثال السابع والعشرون { ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله } و من) في قوله : (شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ) مثلها في قولك : هذه شهادة منى لفلان إذا شهدت له ، ومثله (بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) قال أبو السعود : " { مِمَّنْ كَتَمَ شهادة } ثابتة { عِندَهُ } كائنة { مِنَ الله } وهي شهادتُه تعالى له عليه السلام بالحنيفية والبراءةِ من اليهودية والنصرانية حسبما تلى آنفاً ، فعنده صفةٌ لشهادة وكذا ( من الله ) جيء بهما لتعليل الإنكار وتأكيدِه فإن ثبوتَ الشهادةِ عنده وكونَها من جانب الله عز وجل من أقوى الدواعي إلى إقامتها وأشدِّ الزواجر عن كِتمانها ، وتقديمُ الأول مع أنه متأخرٌ في الوجود لمراعاة طريقةِ الترقي من الأدنى إلى الأعلى ، والمعنى أنه لا أحدَ أظلمُ من أهل الكتاب حيث كتموا هذه الشهادةَ وأثبتوا نقيضَها بما ذُكر من الافتراء
[32] قال الصبان في باب المفعول لأجله: (وظاهر كلام ابن مالك والأشموني أنَّ المفعول لأجله يسمى عند جره أيضاً مفعولاً لأجله نحو:(جئتُ لإكرامِ زيدٍ) والجمهور على أنه حينئذ مفعول به"
وقال ملا جامي رحمه الله تعليقا على جعل ابن الحاجب (في يوم الجمعة ) ظرفا في قولنا (صمت في يوم الجمعة ) :"وهذا خلاف اصطلاح القوم فإنهم لا يطلقون المفعول فيه إلا على المنصوب بتقدير (في) وأما المجرور بها فهو مفعول به بواسطة حرف الجر لا مفعول فيه وخالفهم المصنف(أي ابن الحاجب) حيث جعل المجرور أيضاً مفعولاً فيه" ، والنحو الوافي كلامه يشير إلى مذهب الجمهور.
[33] قال ابن هشام في الشذور عن حدث لي أمر ، وعرض لي سفر : ـ ـ ـ أو متعلق بالفعل المذكور على أنه مفعول لأجله ، وقال في ذلَّ بالضرب ، غضبت من زيد : المجروران مفعول لأجله لا مفعول به .
[34] هل يجوز أن يـُتـْبَع على محل الجار والمجرور إن كان حرف الجر أصلياً؟ أي إنْ جاء تابع من التوابع الأربعة (النعت، والتوكيد، والعطف ، والبدل) بعد حرف الجر الأصلي هل يجب أن يجر مراعاة للفظ المجرور أم يجوز أن ينصب مراعاة لمحل الجار والمجرور؟
في المسألة قولان: القول الأول: شارح المفصل ابن يعيش والرضي شارح الكافية قالا يجوز الوجهان فتقول: مررت بزيدٍ وعمرٍو أو وعمراً.1. بالجر عطفاً على لفظ المجرور (زيدٍ) وهذا جائز باتفاق.2.وبالنصب عطفاً على محل المجرور (بزيدٍ) ــ لأننا قلنا من قبل (بزيد) مفعول به غير صريح فمحله النصب. وكذلك يقال في بقيت التوابع
القول الثاني: وأما الشيخ عباس حسن صاحب النحو الوافي فلم يأخذ بالرأي السابق بل قال بوجوب العطف بالجر فقط فيجب عنده أن تقول: مررت بزيد وعمرٍو ولا يجوز (وعمراً). وكذلك بقيت التوابع ، أقول وقد أجرى بعض العلماء مذهب جواز الأمرين -أي القول الأول-في آيات منها قوله تعالى:
1. {وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة بئس الرفد المرفود} أجاز الفارسي أن يكون (يومَ القيامة) عطفاً على محل (هذه) لان محله النصب.
2. {يُحَلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا} فجـَوَّزوا في نصب (لؤلؤا) أن يكون معطوفاً على محل (من أساور). والتقدير(يـُحـَلـَّون حلياً من أساور ولؤلؤاً) قاله أبو حيان والعكبري والسمين رحمهم الله.
3. {لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين} أجاز الزمخشري رحمه الله في (بشرى) أن يكون معطوفاً على محل (لينذر).
ولأبي حيان رحمه الله رأيٌ آخرُ يخالفه في هذه الآية فراجعه في البحر المحيط.
4. { وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ } قال السمين الحلبي : في الأرحام َ وجهان : الأول : قوله : { والأرحام } الجمهور/ على نصب ميم « والأرحام » وفيه وجهان ، أحدهما : أنه عطفٌ على لفظ الجلالة أي : واتقوا الأرحام أي : لا تقطعوها الثاني: أنه معطوفٌ على محل المجرور في « به » نحو : مررت بزيد وعمراً ، لَمَّا لَم يَشْرَكْه في الإِتباع على اللفظِ تبعه على الموضع .
5. قال ابن هشام في الشذور : { وأرجلَكم } بالنصب في قوله تعالى { فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ } معطوف على محل { برءوسكم} كما قال الشاعر : يسلكن في نجد وغورا غائرا .
تنبيه: يجب أن تتنبه هنا أن الخلاف السابق في الإتباع على محل حرف الجر الأصلي ، وأما مجرور حرف الجر الزائد والشبيه بالزائد فيجوز في تابعهما الوجهان أعني (الإتباع على محلهما) و(على لفظهما) الأكثر المشهور من كلام العلماء .
· تقول في حرف الجر الزائد مثلاً: ما جاء من رجلٍ كريمٍ أو كريمٌ ، كريمٍ: مراعاة للفظ (رجلٍ) ، أو كريمٌ: مراعاة لمحل (رجلٍ)، لأن (رجلٍ) في محل رفع لأنه فاعل.
· وتقول في حرف الجر الشبيه بالزائد مثلاً: رُبَّ رجلٍ كريم ٍـكريمٌ لقيته كريمٍٍ: مراعاة للفظ (رجلٍ) ، كريم ٌ: مراعاة لمحل (رجلٍ)، لأن (رجلٍ) في محل رفع لأنه مبتدأ.
[35] قال في حواشي ملا جامي عند كلام ملا جامي السابق:" وإنما عبر (ملا جامي) بالقوم عند قوله (وهذا خلاف اصطلاح القوم) تنبيها على أن المختار عند الشيخ (ملا جامي) ما ذهب إليه المصنف (ابن الحاجب) لأنه كما أن (يومَ) في قولك (سرت يومَ الجمعة) ظرف للسير ومحل له كذلك قولك (سرتُ في يوم الجمعة) ظرف له ومحل أيضا ًفلا وجه لإطلاق المفعول فيه على الأول دون الثاني".
[36] هناك خلاف هل الإعراب في المجرور بالزائد والشبيه بالزائد محلي أم تقديري ؟ فإن قلنا إعرابه محلي فهو ما شرحناه ، وإن قلنا تقديري نعرب (أحد) مفعولا به منصوبا وعلامة نصبه فتحة مقدرة منع من ظهورها حركة حرف الجر الزائد .
[37] 1. لا تأتي (من) زائدة عند البصريين إلا بثلاثة شروط:
أ- أن تدخل على نكرة (أي أن يكون مجرورها نكرة) نحو (أحد آية, ولي).
ب- أن تسبق بنفي, أو نهي, أو استفهام بالهمزة أو بـ(هل) كالأمثلة السابقة.
ت- أن تَجر فاعلاً أو مفعولا أو مبتدأ ولو منسوخاً (بكان أو غيرها) أو مفعولا مطلقاً، ولا يأتي مجرورها بغير هذه الإعرابات.
2. (من) الزائدة إما أن تفيد العموم أو توكيد العموم
[39] قال ابن حجر في فتح الباري : واختلف في المراد بقوله كاسية وعارية على أوجه أحدها كاسية في الدنيا بالثياب لوجود الغنى عارية في الآخرة من الثواب لعدم العمل في الدنيا ثانيها كاسية بالثياب لكنها شفافة لا تستر عورتها فتعاقب في الآخرة بالعري جزاء على ذلك ثالثها كاسية من نعم الله عارية من الشكر الذي تظهر ثمرته في الآخرة بالثواب رابعها كاسية جسدها لكنها تشد خمارها من ورائها فيبدو صدرها فتصير عارية فتعاقب في الآخرة خامسها كاسية من خلعة التزوج بالرجل الصالح عارية في الآخرة من العمل فلا ينفعها صلاح زوجها كما قال تعالى فلا انساب بينهم
[40] الصفة المشبهة "اسم مشتق؛ يدل على ثبوت صفة لصاحبها ثبوتًا عامًّا". قال النحو الوفي : نحو جميل، أبيض، حسن، حلو... و... فما الذي تدل عليه كل كلمة من هذه الكلمات، ونظائرها؟ لنأخذ مثلًا كلمة: "جميل" فإنها اسم مشتق، يدل على أربعة أمور مجتمعة:
أولها: المعنى المجرد الذي يسمى: "الوصف"، أو "الصفة". وهو هنا: الجمال.
ثانيها: الشخص، أو غيره من الأشياء التي لا يقوم المعنى المجرد إلا بها، ولا يتحقق وجوده إلا فيها. وإن شئت فقل: هو الموصوف الذي يتصف بهذا الوصف، "الصفة"...، ولا يمكن أن يوجد الوصف مستقلًا بنفسه بغير موصوفه. والمراد به في المثال: الشخص الذي ننسب له الجمال، ونصِفُه به. ثالثها: ثبوت هذا المعنى المجرد "الوصف، أو: الصفة" لصاحبه في كل الأزمنة ثبوتًا عامًا؛ أي: الاعتراف بتحققه ووقوعه شاملًا الأزمنة الثلاثة المختلفة؛ فلا يختص ببعض منها دون آخر، بمعنى أنه لا يقتصر على الماضي وحده، ولا على الحال وحده، ولا على المستقبل كذلك، ولا يقتصر على زمنين دون انضمام الثالث إليهما؛ فلا بد أن يشمل الأزمنة الثلاثة؛ بأن يصاحب موصوفه فيها. فوصف شخص بالجمال على الوجه الوارد في العبارة السابقة معناه الاعتراف بالجمال له، وأن هذا الجمال ثابت متحقق في ماضيه، وفي حاضره، وفي مستقبله، غير مقتصر على بعض منها. "ولهذا نتيجة حتمية تجيء في الأمر الرابع التالي".
رابعها: ملازمة ذلك الثبوت المعنوي العام للموصوف ودوامه؛ لأنه -كما أوضحناه- يقتضي أن يكون المعنى المجرد الثابت وقوعه وتحققه ليس أمرًا حادثًا الآن، ولا طارئًا ينقضي بعد زمن قصير. وإنما هو أمر دائم ملازم صاحبه "الموصوف" طول حياته، أو أطول مدة فيها حتى يكاد يكون بمنزلة الدائم1؛ إذ ليس بمعقول أن يصحبه في ماضيه وحاضره ومستقبله من غير أن يكون ملازمًا له، أو كالملازم2؛ فالجمال مثلًا لا يفارق صاحبه، وإن فارقه3 فزمن المفارقة أقصر من زمن الملازمة الطويلة التي هي بالدوام أشبه. ومن ثم كان هذا الأمر الرابع نتيجة للثالث .
[41] (على كل شيء) متعلق بـ(قدير).
[42] ف(عندك) متعلق بمحذوف خبر أو نقول شبه الجملة خبر ، و(من رجز) متعلق بمحذوف صفة لـ(عذاب) أو نقول الجار والمجرور في محل رفع صفة . (في الآخرة ) في محل نصب حال من (عذاب) و(لهم ) خبر و(عذاب) مبتدأ
تنقسم حروف الجر إلى ثلاثة أقسام من حيث أصالتها وعدم صالتها :
1) القسم الأول : حروف جر أصلية 2) القسم الثاني : حروف جر زائدة 3) القسم الثالث : حروف جر شبيهة بالزائد وإليك جدولا يوضح الفروق بينها ثم يأتي شرحه :
[TABLE="align: right"]
[TR]
[TD]حروف الجر الأصلية
[/TD]
[TD]حروف جر الزائدة
[/TD]
[TD]حروف الجر الشبيهة بالزائد
[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]جميع حروف الجر إلا الزائدة و الشبيهة بالزائدة
[/TD]
[TD]هي (من ، الباء، اللام ، الكاف ) فهذه تستعمل زائدة وأصلية
[/TD]
[TD]هي (رب) دائما ، لولا عند سيبويه ، (خلا، عدا ، حاشا ) عند ابن هشام
[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]حرف الجر الأصلي يأتي بمعنى جديد يكمل معنى عامله نحو مررت بزيد
[/TD]
[TD]لا يأتي بمعنى جديد إنما يؤكد معنى الجملة نحو ما جاء من رجل
[/TD]
[TD]يأتي بمعنى جديد مستقل وهو التقليل أو التكثير في رُبَّ ، الامتناع في (لولا) ، (الاستثناء في خلا ، عدا ، حاشا عند ابن هشام )
[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]يحتاج مع مجروره إلى متعلَّق أي عامل يتعلق به
[/TD]
[TD]لا يحتاج مع مجروره إلى متعلَّق
[/TD]
[TD]لا يحتاج مع مجروره إلى متعلَّق ولذلك سميت شبيهة بالزائد
[/TD]
[/TR]
[TR]
[TD]في نحو : مررت بزيد : يقول النحاة (بزيد) مفعول به غير صريح والمحققون يقولون الذي في محل نصب هو المجرور فقط وهو مذهب ، وفي (مُرَّ بزيد) زيد في محل رفع نائب فاعل كما قال البصريون وأما ابن مالك وابن هشام نائب عن الفاعل والبصريون يقولون الجار والمجرور في محل رفع نائب فاعل
[/TD]
[TD]يكون للمجرور محل إعرابي آخر مع ذلك الجر اللفظي ، والمحل الإعرابي الآخر إما أن يكون فاعلا أو مفعولا أو مبتدأ ولو منسوخا نحو (ما يأتيهم من ذكر ) ذكر مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه فاعل
[/TD]
[TD]مثل الزائد ففي نحو ( رب كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة ) (كاسية ) مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه مبتدأ
وفي نحو (رب رجل كريم لقيت ) فرجل مجرور لفظا منصوب محلا على أنه مفعول به
وفي نحو قام القوم خلا زيد ٍ (زيد) مجرور لفظا منصوب محلا على الاستثناء
[/TD]
[/TR]
[/TABLE]
شرح الجدول :
تنقسم حروف الجر من حيث أصالتها وعدم أصالتها إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: حروف جر أصلية. القسم الثاني: حروف جر زائدة. القسم الثالث: حروف جر شبيهة بالزائدة.
1. حروف الجر الأصلية: هي جميع حروف الجر السابقة إلا{ (رُبَّ)، (خلا، عدا، حاشا) عند ابن هشام .
2. حروف الجر الزائدة: هي (من, الباء, اللام, الكاف) وهذه تستعمل زائدة وأصلية.
3. حروف الجر الشبيهة بالزائدة: هي (رب دائماً, لولا عند سيبويه [1], خلا وعدا وحاشا عند ابن هشام)
الفروق بين حرف الجر الأصلي والزائد والشبيه بالزائد :
أ- الفرق الأول : حرف الجر الأصلي يأتي بمعنى جديد يكمل معنى عامله نحو: مررت بزيد ، حرف الجر الزائد لا يأتي بمعنى جديد إنما يؤكد معنى الجملة نحو: ما جاء من رجلٍ ، حرف الجر الشبيه بالزائد يأتي بمعنى جديد مستقل ولا يتأثر المعنى الأصلي بحذفه ومعناه :
(التقليل أو التكثير في(رُبَّ), الامتناع في(لولا), الاستثناء في خلا وعدا وحاشا)
وبيان ذلك : أن حرف الجر الأصلي يأتي بمعنى جديد يكمل معنى عامله: لفهم هذا نقول: إذا قال لك قائل: (حضرَ المسافرُ) ثم سَكـَتَ فهذه الجملة مفيدة، ولكنها تبعث في النفس عدة أسئلة وهي: من أين حضر؟ أمـِنَ القرية أم من المدينة أم من بلد آخر؟ أحضر بالسيارة أم بالباخرة أم بالطائرة؟ فإذا قال لك: (حضر المسافرُ من القرية ِ) فإنَّ بعض النقص يزول ، فحرف الجر (مـِنْ) أتانا بمعنى فرعي جديد وهو(ابتداء المجيء) ، (أي ابتداء الغاية) وهو (القرية) ، فإذا زاد فقال (حضر المسافرُ من القريةِ في سيارةٍ) ، فنقص معنويّ آخر يزول ويحل محله معنى فرعي جديد وهو (الظرفية) بسبب وجود حرف الجر الأصلي (في) ،فـ(المسافر) كان في شيء يحويه وهو السيارة ، وهكذا بقيت حروف الجر الأصلية, لها معانٍ تظهر بسبب غيرها أي بسبب الجملة التي توضع فيها، وقد تقدم في أول الكتاب أنَّ الحرف: هو ما دل على معنى في غيره(أي بسبب غيره) ، وكذلك الشبيه بالزائد يأتي بمعنى جديد كالتقليل أو التكثير في (رب)، أما حرف الجر الزائد فلا يجلب معنى جديداً وإنما يؤكد ويقوي المعنى العامَّ في الجملة كلها ، نحو (ما جاء من رجلٍ) فـ(من) زائد لم يأت بمعنى فرعي كـ(ابتداء الغاية أو التبعيض أو البيان) بل جيء به لتوكيد الجملة
ب- الفرق الثاني: إذا حذفنا حرف الجر الأصلي يختل المعنى ففي { سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى } يختل المعنى بسقوط (من) (إلى ) ، وأما إذا حذفنا حرف الجر الزائد فلا يتأثر المعنى, فلو قلت في (ما جاء من رجل ) : (ما جاء رجلٌ) يبقى المعنى الأصلي كما هو، ويجب أن تنتبه الى قولنا (المعنى الأصلي) فالحرف الزائد له معنى بلاغي مهم يؤثر حذفه على الجملة لكن حذفه لا يؤثر على المعنى الأصلي، وسيأتيك هنا وفي كتب أخرى إن شاء الله أنَّ الحرف الذي سموه زائداً له فوائد غير التوكيد عند المحققين ، وكالمثال السابق قولـُه تعالى {وكفى بالله شهيداً} فـ(الباء) زائدة تفيد تقوية المعنى وتأكيده فكأنك قلت:(كفى اللهُ شهيداً ) كفى الله تعالى كفاية تامة من جهة الشهادة ، ومثله حرف الجر الشبيه بالزائد في نحو (رب رجل كريم لقيته ) .
ت-الفرق الثالث : حرف الجر الأصلي يحتاج مع مجروره إلى مـُتـَعلـَّق (أي عامل يتعلق به)، حرف الجر الزائد لا يحتاج مع مجروره إلى مـُتـَعلـَّق لأنه للتأكيد وليس لإيصال معنى الأفعال إلى الأسماء ، حرف الجر الشبيه بالزائد لا يحتاج مع مجروره إلى متعلَّق لأنه لا يوصل معنى الأفعال إلى الأسماء ولذلك سمي شبيهاً بالزائد.
بيان ما سبق : أنَّ حرف الجر الأصلي يحتاج إلى مـُتـَعـلـَّق وكذلك الظروف التي أخذناها كـ(اليوم, غداً, عند...الخ) ، أو بعبارة أخرى: (وصل حرف الجر بين عامله والاسم المجرور) وهو ما يسمى (التعلق بالعامل).
فالنحاة يقولون: إنَّ الداعي لاستخدام حرف الجر الأصلي مع مجروره هو الاستفادة بما يجلبه للجملة من (معنى فرعي جديد) وهذا المعنى الفرعي الجديد ليس مستقلاً بنفسه، وإنما هو تكملة فرعية لمعنى (فعل أو شبهه) في تلك الجملة ، كالمثال السابق (حضر المسافرُ من القريةِ) فالجار والمجرور (من القرية) قد أكملا بعض النقص البادي في معنى الفعل(حضر) ، فلولا الجار والمجرور لتواردت علينا الأسئلة السابقة فلهذا يقال: الجار والمجرور متعلقان بالفعل (حضر).
ومعنى مُتَعَلِّق: (مستمسك ومرتبط به ارتباطاً معنوياً كما يرتبط الجزء بكله أو الفرع بأصله) لأن (المجرور) يكمل معنى هذا (الفعل) بشرط أن يوصله به حرف الجر الأصلي ، ولهذا يسمي الكوفيون حروفَ الجر (حروفَ الإضافة)، لأنها إذا كانت أصلية تضيف -أي تحمل وتنقل- إلى الأسماءِ المجرورةِ بها معانيَ الأفعالِ وشبهِ الأفعال. ولو لم يوجد الحرف الأصلي ما تحققت (الفائدة الفرعية التكميلية) ولا صح الأسلوب بعد حذف الجار وحده وإبقاء مجروره غالباً.
كأن تقول مثلا ًفي (ذهبت من البيت إلى السوق) (ذهبت البيت السوق) ، وكذلك ما يشبه الفعل من العوامل كـ(اسم الفاعل نحو قائم) والنحاة يسمون هذا الفعل أو ما يشبهه عاملاً هذه هي الجهة الأولى في التعلق.
وأما الجهة الثانية فهي ما قالها الخضري رحمه الله: "لا بد لكل من(الظرف) و(الجار غير الزائدِ وشبهـِه) من متعلـِّق يتعلق به. لأنَّ (الظرف) لا بد له من شيء يقع فيه ، و(الجارّ) مـُوصِلٌ معنى الفعل إلى الاسم. فالواقع في الظرف -أي نحو(صام) من (صمت اليوم)- والمـُوصَلُ معناه إلى الاسم -نحو (حضر) في المثال السابق- هو المـُتـَعـَلـَّق العامل فيهما وهذا العامل إما فعل أو ما يشبهه من مصدر أو وصف".
فالفعل (حَضَرَ) في المثال السابق لا يمكن أن يصل إلى(القرية) بنفسه فلا يصح لغة أن يقال: (حَضَرَ المسافرُ القرية) لأنَّ الاستعمال الفصيح يأباه برغم شدة احتياج العامل وهو (حضر) إلى كلمة (القرية) ليوقع عليها أثره المعنوي فهو عاجز عن أنْ يوصل هذا الأثر بنفسه فجاء حرف الجر الأصلي (من) للجمع بينهما ووصل بين معنى الفعل (حضر) والاسم المجرور (القرية) فهو أداة اتصال بينهما ، ولهذا تعد حروف الجر : من وسائل تعدية الفعل إلى (مفعول به)غير صريح، زيادة على ما يجلبه من معنى فرعي.
ومما سبق يتبين لنا:
أولاً: أن حرف الجر مع مجروره يتممان معنى عاملهما ويستكملان بعض نقصه بما يجلبانه من معنى فرعي، ويعبر عنه النحاة بقولهم: إن الجار والمجرور متعلقان بالفعل.
ثانياً: حرف الجر يكون بمنزلة الوسيط الذي يصل بين العامل وهو الفعل أو شبهه وبين المجرور فيحمل معنى الفعل أو ما يشبهه إلى الاسم الذي بعد المجرور.
فنحو: حضر المسافرون من القرية.
أولا : الجار والمجرور(من القرية) تَمَّمَا معنى العامل (حضر) واستكملا بعض نقصه بما جلباه من معنى فرعي وهو(ابتداء الغاية).
ثانياً : حرف الجر (من) كان بمنزلة الوسيط الذي وصل بين العامل (حضر) وبين الاسم المجرور (القرية).
مُتَعَلَّق الجار والمجرور والظرف:
سأذكر في البداية هذا الباب بشكل مركز ثم أشرحه بعون الله :
[h=1] تعلق الجار والمجرور : [/h][h=1]أ ـ يجب أن يكون للجار والظرف متعلق : [/h]· لأن الحرف موضوع لإيصال معنى الفعل إلى الاسم فهناك أفعالا قصرت عن الوصول إلى الأسماء فأُعِينت على ذلك بحروف الجر ، والظرف لا بد له من شيء يقع فيه فالموصَلُ معناه والواقع هو المتعلَّق
· وأيضا الجار والمجرور يدلان على معنى فرعي يتمم نقصان المعنى الذي يدل عليه الفعل أو ما يشبهه؛ أي أن هذا المعنى الفرعي يرتبط بمعنى الفعل؛ أي يتعلق به، فالتعلق فيه ارتباط شبه الجملة بالحدث الذي يدل عليه الفعل أو ما يشبهه[2] ارتباطا معنويا
أنواع المتعلَّق [3] :
المتعلق أما أن يكون :
1) فعلا نحو: مررت بزيد ، جلست بينكم
2) أو ما يشبه الفعل: وهو المشتقات ، والمصدر، واسم الفعل .
والمشتقات هي : اسم الفاعل ، واسم المفعول، والصفة المشبهة ، وصيغة المبالغة ، واسم التفضيل، واسم الزمان واسم المكان ، وفي التعلق باسم الزمان والمكان خلاف ، أمثلة تعلقه بالمشتق : أنا مارٌّ بزيد ، متحدث معكم ، وزيد ممرور به ، وزيد بعيد عن الأذى ، ومروري بزيد حسن
وقد اجتمع تعليقه بالفعل والمشتق في قوله تعالى ( صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم قوله (عليهم) الأولى متعلقة بأنعم وهو فعل وقوله (عليهم) الثانية متعلقة بالمغضوب وهو اسم مفعول
3) أو مؤولا بما يشبه الفعل: وهو الاسم الجامد النكرة المؤول بالمشتق نحو :
(زيد أسد في القتال) : فـ(في القتال): جار ومجرور متعلقان بالأسد بتأويله بـ"جريء ، شجاع ، أو مقدام ، ونحو:
وإن لساني شَهدةٌ يُشْتَفَى بها وهُوَّ على من صبَّه الله عَلْقم[4]
فـ(على) متعلقة بعلقم لتأوله بصعب أو شديد أي علقم على من صبه الله عليه .
ونحو : هو أسد عليَّ : أي صائل أو مجترئ علي ّ ".
4) أو ما يشير إلى معنى الفعل (فيه رائحة الفعل) :
بأن كان عَلَما مشتهرا مسماه بوصف فيشار به حال العلمية للوصف ، فالعَلَم إذا اشتهر بوصف كان فيه معنى المشتق كـ(حاتم ، وأبو المنهال ، ابن ماوية) في قولنا : (فلان حاتم في قومه) فتعلق الظرف بـ(حاتم) ؛ لما فيه من معنى الجود ،ونحو ( أنا أبو المِنهال بَعْضَ الأحيان[5] ) ( أنا ابنُ ماويّة إذ جَدَّ النقرْ ) يتعلق ( بعض ) و ( إذ ) بالاسمين العلمين لما فيهما من معنى قولك الشجاع أو الجواد ، وليس المراد أنه مؤول بالمشتق بخلاف النكرة في النوع الثالث فإنها تؤول بالمشتق[6] وهذا هو الانتزاع من الاسم العلم،. أفلا تراك كيف انتزعت من العلم الذي هو " حاتم ، أبو المنهال ، ابن ماوية " معنى الصفة والْجَارَّ َالْمَجْرُورَ يَعْمَلُ فِيهِمَا رَوَائِحُ الْأَفْعَالِ، وكذلك {وهو الله في السماوات والأرض } [7]
ب ـ فإن لم يكن شيء من هذه الأربعة موجودا قدر كما في باء {بسم الله الرحمن الرحيم } يقدر مثلا أقرأ ، ونحو { وإلى ثمود أخاهم } يقدر: وأرسلنا إلى ثمود ، ونحو { وبالوالدين إحسانا } يقدر: أحسنوا بالوالدين إحسانا [8] ، وفي ( زيد في الدار) يقدر : كائن ، مستقر ، وفي( مررت بطائر فوق غصن) يقدر : كائن ٍ .
إعراب المجرور :
1. إعراب المجرور عند ذكر المتعلق : أن يكون في محل نصب على المفعولية بالمتعلق المذكور[9] ، نحو (مررت بزيد ) إلا إذا بني متعلقه للمجهول نحو (مُرَّ بزيد) فإنه يكون في محل رفع على النيابة عن الفاعل ، ولا يكون محله جر أصلا ، فالتحقيق أن ذلك المتعلَّق كـ(مر) إنما يعمل في المجرور لا حرف الجر، وأنه الذي في محل نصب بالمتعلَّق لا الجار والمجرور، بمعنى أنه يقتضي نصبه لو كان متعديا إليه بنفسه ، نحو مررت بزيد ، فـ(زيد) في محل نصب مفعول به [10]غير صريح ، فالمحل للمجرور فقط [11] لا للجار والمجرور معا ، ونسبة عمل المتعلَّق في الجار والمجرور معا مسامحة ، فعلم أن الجار والمجرور معا لا محل لهما من الإعراب بل المحل للمجرور فقط ، وأما الجار فلا عمل للمتعلَّق فيه ولا محل له .
2. وأن حكم مجموع الجار والمجرور أنه لا محل له إن لم يقعا عوضا عن العامل المحذوف بأن حذف المتعلَّق وعوضا عنه :
3. أما إن وقعا عوضا عن المحذوف - كأن أعربنا الجار والمجرور خبرا أو صفة - حكم على محل مجموعهما بإعراب العامل [12]:
فمحلهما الرفع إذا كانا خبرا للمبتدأ ، ونصب إذا كان حالا ، وجر إذا كان صفة لموصوف مجرور ، ويقدر الكون المطلق متعلقًا :
أ- مثال الخبر : (زيد في الدار) أي كائن ، أو مستقر فالجار والمجرور في محل رفع خبر .
ب- ومثال الصفة : مررت برجل من الكرام أي كائن ٍ، { فلكل واحد منهما السدس } ، (أو كصيب من السماء) ، مررت بطائر فوق غصن فالجار والمجرور و الظرف في محل جر صفة ،رأيت طائرا فوق غصن أو على غصن{ وإن يوما عند ربك كألف سنة } فالجار والمجرور والظرف في محل نصب صفة ،جاء رجل من الكرام فالجار والمجرور في محل رفع صفة
ت- ومثال الحال : خرج زيد بثيابه أي كائنا بثيابه ، ( فخرج على قومه في زينته) ، رأيت الهلال بين السحاب أو في الأفق ، أعجبني السمك في الماء. { لا يستوي القاعدون من المؤمنين } { وهو عند الله عظيم } فالجار والمجرور أو الظرف في محل نصب حال
· ومثال الصلة : مررت بالذي عندك أي استقر عندك ، ( وله من في السماوات والأرض ومن عنده لا يستكبرون ) [13] فالظرف والجار والمجرور كل منهما متعلق بمحذوف صلة تقديرها : استقر ، أو كان مثلا .
[h=1]ويستثنى من وجوب التعلق حرف الجر الزائد والشبيه بالزائدة فلا يتعلقان بشيء [14] ؛لأن الزائد إنما أتى به للتأكيد لا لربط الفعل بالمفعول لعدم احتياجه إليه في الربط [15] ، والزائد لا يوصل معنى الأفعال للأسماء :[/h] مثال الزائد : كالباء في نحو: {كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} ، {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} .
مثال الشبيه بالزائد : رب في نحو رب رجل صالح لقيت ، وحروف الاستثناء وهي : خلا وعدا وحاشا إذا خفضن عند من يقول هي حروف جر شبيه بالزائد كابن هشام[16]
وقد اختلف في تعلقهما بثلاثة أمور :
الأول: الفعل الناقص فمنع تعلقهما به من زعم أن الفعل الناقص لا يدل على الحدث والصحيح أن الأفعال الناقصة كلها دالة على الحدث حتى (ليس) تدل على حدث وهو الانتفاء كما في الرضي وخالفه ابن هشام فقال ليس في (ليس) حدث ، مثال التعلق : { لئلا يكون للناس عليكم حجة } ، (للناس) متعلق بلفظ (يكون) لأن كان الناقصة تعمل في الظرف والجار والمجرور .
الثاني الفعل الجامد : الجامد نحو نعم وبئس وعسى خلاف والأظهر أنه يتعلق به.
الثالث أحرف المعنى : كـ(لا) و(ها) التنبيه:
أ- فالمشهور منع تعلقهما بها مطلقا
ب- وقيل بجوازه مطلقا وعليه قول ابن الحاجب قال : إذا قلت : ما ضربت ابني للتأديب :
· فإن قصدت نفي ضرب معلل بالتأديب فاللام متعلقة بالفعل ، والمنفي ضرب مخصوص ، وللتأديب تعليل للضرب المخصوص المنفي .
· إن قصدت نفي الضرب على كل حال فاللام متعلقة بالنفي والتعليل له أي انتفاء الضرب كان لأجل التأديب ، لأنه قد يؤدب بعض الناس بترك الضرب ، ومثله في التعلق بحرف النفي ( ما أكرمت المسيء لتأديبه ) ، (وما أهنت المحسن لمكافأته ) ؛إذ لو علق هذا بالفعل فسد المعنى المراد ومن ذلك { ما أنت بنعمة ربك بمجنون } الباء متعلقة بالنفي إذ لو علقت بمجنون لأفاد نفي جنون خاص ، وهو الجنون الذي يكون من نعمة الله ، وليس في الوجود جنون هو نعمة ، ولا المراد نفي جنون خاص " وقد ذكر ابن هشام كلام ابن الحاجب في المغني ثم عقب عليه بقوله (وهو كلام بديع إلا أن جمهور النحويين لا يوافقون على صحة التعلق بالحرف ؛ فينبغي على قولهم أن يقدر أن التعلق بفعل دل عليه النافي أي انتفى ذلك بنعمة [17]ربك [18]".
ت- وفصل بعضهم فقال إن كان نائبا عن فعل حذف جاز تعلقهما به عن طريق النيابة وإلا فلا ، وهو قول أبي علي وأبي الفتح ومن أمثلة الحرف النائب عن الفعل (يا) التي هي حرف نداء ، فإذا قلت : ( يا لزيد لعمرو)، فالجار والمجرور متعلق بـ(يا) لأن (يا) نائبة عن الفعل الذي هو (أدعو) .
[h=1]إعراب الجار والمجرور والظرف نعتا وإعرابه حالا : [/h][h=1]الجملة وشبهها من الظرف والجار و المجرور : [/h]1. بعد النكرة المحضة صفتان نحو رأيت طائرًا يصيح أو فوق غصن أو على غصن
2. وبعد المعرفة المحضة حالان نحو رأيت الهلال يضيء أو بين السحاب أو في الأفق وأجاز الدماميني جواز كون الظرف بعد المعرفة المحضة صفة بتقدير متعلقة معرفة.
3. وبعد النكرة التي كالمعرفة (وهي التي توصف أو تضاف لنكرة) هذا ثمر يانع يعجب الناظر أو فوق أغصانه أو على أغصانه أو المعرفة التي كالنكرة (وهو المعرف بأل الجنسية) محتملان للوصفية والحالية نحو يعجبني الزهر يفوح نشره أو فوق أغصانه أو على أغصانه ، يعجبني الثمر بالمثلثة فوق الأغصان ورأيت ثمرة بالمثلثة يانعة فوق غصن ففوق في المثالين يحتمل الوصفية والحالية
لأن النكرة الموصوفة كالمعرفة لأنه قريب من المعرفة ، و المعرف الجنسي كالنكرة فقول المعربين: الجمل وشبهها بعد النكرات صفات وبعد المعارف أحوال ليس على إطلاقه .
[h=1]تقسيم الجار والمجرور والظرف إلى مستقر ولغو : [/h]1. فالمستقَر: ما متعلقه عام أي بمعنى الكون والحصول المطلق ،ولا يكون إلا واجب الحذف[19] .
2. اللغو : وهو الذي متعلَقه خاص سواء حذف أو ذكر مثال المذكور مررت بزيد ومثال المحذوف ( وإلى ثمود أخاهم صالحا ) فإنه متعلق بـ( أرسلنا ) مقدرا ،ومثل (العين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن ) أي العين تفقأ بالعين ، والأنف يجدع بالأنف ، والأذن تقطع بالأذن .
وسمي المستقر بذلك : لأنه مستقَرٌ فيه ، أي لاستقرار الضمير فيه ،إن قلنا الجار والمجرور أو الظرف هو الخبر ، وأما على جعل الخبر المتعلق المحذوف فسمي مستقرا لاستقرار معنى الكون فيه [20].
وأما اللغو فسمي بذلك ؛ لخلوه من الضمير في المتعلَق في نحو (مررت بزيد) فهنا لا يوجد متعلق مقدر ولا ضمير مقدر.
التعليق يكون على حسب المعنى ، وأثر التعليق في فساد المعنى وصحته :
يكون التعلق [21]بما فيه صحة المعنى :
1. فقولك مثلا : (شَبَّهتُ خالدا وهو يجود بماله بالبحر ) يكون (بالبحر) متعلقا أي مرتبطا بـ(شبهت) لا بـ(يجود) ؛ إذ لو علقته بـ(يجود) لصار المعنى يجود بالبحر وهو فاسد ، وإذا علقته بـ(شبهت) كان المعنى شبهته بالبحر ، وأما (بماله) فهو مرتبط بـ(يجود) لا بـ(شبهت) لأن المعنى يجود بماله ؛ إذ لو علقته بـ(شبهت) لكان المعنى شبهت خالدا بماله وهو فاسد .
2. ونحو قوله تعالى {فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة }
فـ(بأموالهم ) متعلق بـ(المجاهدين) لا بـ(فضل) لأنه ليس المعنى فضل بأموالهم بل المعنى الذين يجاهدون بأموالهم ، و(على القاعدين) متعلق بـ(فضل) .
3. ومثل ذلك قوله تعالى { اليوم يئس الذين كفروا من دينكم }
فارتباط من دينكم بـ(يئس) لا بـ(كفروا) لأن المعنى يكون على تعليقه بـ(كفروا) :كفروا من دينكم ولا معنى له ، والمراد يئسوا من دينكم فيتعلق بـ(يئسوا) .
4. ونحوه قوله تعالى { لا يقدرون مما كسبوا على كشيء } فـ(على شيء) ، مرتبط بـ(يقدرون) لا بـ(كسبوا ) لأن المعنى يكون على تعليقه بـ(كسبوا) ، كسبوا على شيء وهو فاسد ، وإنما المعنى لا يقدرون على شيء .
5. ومثله قوله تعالى { أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم } فلا يصح تعليق (ليلة الصيام) بـ(أحل) ؛ لأنه يكون المعنى أن الرفث أحل ليلة الصيام ، أي نزل تحليله في ليلة الصيام ، وليس المعنى على ذلك وإنما المقصود أن الرفث حلال في ليلة فهو متعلق بـ(الرفث) .
6. ونحوه قوله تعالى { ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة } فلا يصح تعليق (يوم القيامة) بـ(غل) أو بـ(يغلل)؛ لأن المعنى يكون على ذلك: غل يوم القيامة وليس في القيامة غلول بل هو قبل ، وإنما هو متعلق بـ(يأت) أي يأت به يوم القيامة .
7. ومثله { سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة } فلا يصح تعليق (يوم القيامة) بـ(بخلوا) ؛ لأن المعنى يكون عند ذلك أنهم بخلوا يوم القيامة وهم لم يبخلوا يوم القيامة وإنما بخلوا في الدنيا فهو مرتبط بـ(سيطوقون) أي سيطوقون يوم القيامة .
8. { نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا } الظاهر تعلق برحمة منا بقوله نجينا أي نجيناهم برحمة من الله تعالى لحقتهم ، وليس المراد آمنوا برحمة منا وإن كان صحيحا معنى لكن السياق ليس له .
9. { لا تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله }
يتعلق { إلى أجله } بمحذوف ، والتقدير أن تكتبوه مستقرا في الذمة إلى أجل حلوله ، لا بـ(تكتبوه) إذ لو علق بـ(تكتبوه )لكان المعنى تكتبوه إلى أجله ، والكتابة لا تستمر إلى أجل الدين ؛ إذ ينقضي في زمن يسير، فليس نظير سرت إلى الكوفة .
10. { يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ } .
والمعنى : أنهم لفرط انقباضهم ، وترك المسألة ، واعتماد التوكل على الله تعالى ، يحسبهم من جَهِلَ أحوالهم أغنياء ، و : (من) ابتدائية تؤول إلى معنى التعليل ، أي الحامل على حسبانهم أغنياء هو تعففهم ؛ لأن عادة من كان غني مال أن يتعفف ، ولا يسأل فيتعلق (من التعفف) بـ(يحسبهم) ، ولا يجوز أن تتعلق :(من) بـ(أغنياء) ؛ لأن المعنى يصير على ذلك ضد المقصود ؛لأنه يصير: أن الجاهل يظن أنهم أغنياء بسبب تعففهم ومن تعففهم وهذا ضد المعنى .
11. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ}
أي إذا قال لكم قائل كائناً من كان : توسعوا فليفسح بعضكم لبعض في المجالس ، ، والظاهر تعلق { المجالس } بـ(تفسحوا) أي تفسحوا في المجالس ، وقيل : متعلق بقيل أي قيل في المجالس تفسحوا وليس كذلك .
12. {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (1) } { بَرَآءَةٌ } خبر مبتدأ محذوف أي هذه براءة و والتنوين للتفخيم { مِّنَ } لابتداء الغاية كما يؤذن به مقابلتها ب(إلى) ، وقع صفةً لـ(براءة) ليفيدَها زيادةَ تفخيمٍ وتهويلٍ أي هذه براءةٌ مبتدأةٌ من جهة الله تعالى ورسوله واصلة { إِلَى الذين عَاهَدْتُمْ مّنَ المشركين } وليس بصلة براءة أي ليس متعلقا ببراءة ، كما في قولك : برئت من الدين ، والعياذ بالله لفساد المعنى لأنه يصير أنه يبرأ ـ والعياذ باللخ ـ من الله ورسوله
13. {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ}
والظرف (إذ) متعلق بما تعلق به قبله (معهم) وهو (كائن) ، وقيل : متعلق بـ{ يَسْتَخْفُونَ } أي يستخفون إذ يبيتون والأول أصح .
{أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ} يختلف المعنى على تعليقها بـ(اتخذوا) وعلى جعلها صفة لـ(آلهة ) فعلى الأول لا تحتمل إلا معنى واحدا وعلى الثاني تحتمل معنيين وبيان ذلك أن (من):
1) إما متعلق بـ(اتخذوا): و(من) ابتدائية تبعيضية : لأن مبتدأ اتخاذها من أجزاء الأرض وهو بعض أجزاء الأرض: على معنى أن اتخاذهم إياها مبتدأ من أجزاء الأرض وبعض أجزاء الأرض كالحجارة وأنواع المعادن سواء كانت من ذهب أو فضة أو خشب أو حجارة بمعنى ابتدأوا اتخاذها من الارض بان صنعوها ونحتوها من بعض الحجارة او من بعض جواهرها فيكون الجار والمجرور ظرفا لغوا ، والحكمة من ذكر الصفة التحقير بأن آلهتهم التي يعبدونها هي الأصنام المصنوعة من أجزاء الأرض فكيف تكون إلها .
2) ويجوز أن تكون متعلقة بمحذوف وقع صفة لـ(آلهة) وعلى جعلها صفة تحتمل معنيين :
أ) أن تكون (من) في { مّنَ الأرض } كقولك فلان من مكة أو من المدينة ، تريد مكي أو مدني إذ معنى نسبتها إلى الأرض أي جعلوا لأنفسهم آلهة من عالَم الأرض تعريضاً بأن ما كان مثلَ ذلك لا يستحق أن يكون معبوداً ،
ومعنى نسبتها إلى الأرض كونها مستقرة عليها ومعبودة وهي عليها ، بين سبحانه بطريق الإنكار والتشنيع عليهم هل هذه الآلهة قادرة على بعثهم لا إنها آلهة أرضية حقيرة جامدة لا حول لها ولا قوة وهذه الصفة ليست للتخصيص لأنهم اتخذوا آلهة في السماء وهي الملائكة بل هذه الصفة للتحقير والتهكم بالمشركين بأنها أرضية سفلية ، وإظهار لأفن رأيهم ، تعريضاً بأن ما كان مثلَ ذلك لا يستحق أن يكون معبوداً ،
ب) وتحتمل أن تكون كالمعنى الأول تبعيضية ابتدائية أي آلهة كائنة من جنس الأرض أي إما من الحجارة أو من بعض جواهر الأرض فمن تبعيضية على هذا[22]
تفصيل ما سبق بطريقة أسهل :
أخذنا من قبل أن الجار والمجرور لا بد أن يتعلقا بعامل، والعامل الذي يتعلق به الجار والمجرور إما أن يكون فعلا أو مشتقا أو مصدرا أو اسم فعل أو جامدا مؤولا بمشتق أو ما فيه رائحة الفعل .
وشرح ذلك أنه إما أن يكون :
1. فعلاً:(ماضياً أو مضارعاً أو أمراً) (تاماً، أو ناقصاً على الأصح)،
نحو (مررت بزيدٍ). فـ(بزيدٍ) جارّ ومجرور متعلقان بالفعل (مَرَّ) والجار والمجرور مفعولٌ به غير صريح.
2. اسمَ فعلٍ: نحو (نَزَالِ في الباخرةِ) فـ(في الباخرة) جارّ ومجرور متعلقان بـ(نزالِ)، لأنه اسم فعل, والجار والمجرور مفعول به غير صريح.
3. مصدراً صريحاً: نحو (السّكوتُ عن السفيه جوابٌ) فـ(السكوتُ): مبتدأ وهو مصدر صريح، و(عن السفيه) جارّ ومجرور متعلقان بالمصدر(السكوت)، وهما مفعول به غير صريح و(جوابٌ) خبر المبتدأ.
4. مشتقاً من المشتقات: التي درسناها في(باب النعت) وهي :
أ. اسم الفاعل: نحو(أنا مُحِبٌ لعملي). فـ(لعملي) جارّ ومجرور متعلقان بـ(محب)، وهما مفعول به غير صريح. و(أنا): مبتدأ، و(محب): خبر.
ب. اسم المفعول: نحو {غيرِ المغضوبِ عليهم}. فـ(عليهم):الجار والمجرور متعلقان بـ(المغضوب), وهما نائب فاعل لاسم المفعول (المغضوب) أو نقول الضمير(هم) في محل رفع نائب الفاعل [23].
ج. الصفة المشبهة: نحو (هذا الدواء مُرٌّ على لساني) فـ(هذا): مبتدأ، و(الدواء) بدل، و(مـُرٌّ) خبر وهو صفة مشبهة و(على لسان): الجارّ والمجرور متعلقان بالصفة المشبهة (مـُرٌّ).
د. صِيَغ المبالغة: نحو (زيدٌ ضَرَّابٌ للعدو). فـ(زيدٌ): مبتدأ و(ضرابٌ): خبرٌ وهو من صيغ المبالغة، و(للعدو): الجارّ والمجرور متعلقان بـ(ضَرَّابٌ) هما مفعول به غير صريح.
ع. أفـْعَـلُ التفضيلِ: نحو (زيدٌ أحسنُ من سعيدٍ) فـ(زيدٌ): مبتدأ و(أحسن): خبر وهو من (أفعل التفضيل). و(من سعيد): جار ومجرور متعلقان بـ(أحسن).
ه. المشتق الذي لا يعمل كـ(اسم الزمان ، واسم المكان): يتعلق بهما الجارّ والمجرور عند الصبان وهو الحق[24] نحو:(انقضى مـَسْعاكَ لتأييدِ الحقِّ). فـ(مسعى): هنا اسم زمان تعلق به الجار والمجرور (لتأييد).
ونحو (عرفنا مـَدْخلك إلى أعوانه). فـ(مدخل): اسم مكان تعلق به الجار والمجرور (الى أعوانه).
وكذلك يقال في قوله تعالى {وإذ غدوت من أهلك تـُبـَوِّئ المؤمنين مَقاعِد للقتال} فـ(للقتال):الجار والمجرور متعلقان بـ(مقاعد) لأن (مقاعد) اسم مكان ، وكذلك في قوله تعالى {فلا تحسبنهم بِمَفَازة من العذاب} فـ(من العذاب) جارّ ومجرور متعلقان بـ(مفازة) لأنها اسم مكان [25]، كل هذا عند الإمام الصبان وجماعة من العلماء .
ومثال المؤول بما يشبه الفعل: (زيدٌ أسد في القتال) .
ومثال ما يشير إلى معنى الفعل وهو العلم المشتهر مسماه بوصف نحو فلان حاتم في قومه .
إذاً يتعلق (الجار والمجرور) بهذه الأشياء الأربعة (الفعل، وما يشبهه ، والمؤول بما يشبهه ، والعلم المشتهر بوصف) ، فإن لم يكن في الجملة شيء منها موجوداً أو وجد لكن لا يصلح التعليق به من حيث المعنى ، قدر عاملاً محذوفاً ، كما في (الباء) في البسملة {بسم الله الرحمن الرحيم} فـ(بسم) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف تقديره
حسب حال المتكلم بها نحو(أقرأ، آكل، أكتب) بسم الله [26]، وكما في (إلى) في قوله تعالى {وإلى ثمود أخاهم صالحاً) فـالجار والمجرور(إلى ثمود) متعلقان بـ(أرسلنا) أي أرسلنا إلى ثمود ـ بدليل ذكر النبي والمرسل إليهم ، ونحو (زيد في الدار) أي كائن في الدار .
ونحو الباء في قوله تعالى {وبالولدين إحساناً}أي وأحسنوا بالوالدين إحساناً.
حذف العامل جوازا ووجوبا :
1. إما أن يكون واجب الحذف. (محذوفاً وجوباً).2. وإما أن يكون جائز الحذف (أي محذوفاً جوازاً).
الحالة الأولى:
حذف العامل وجوباً:
يكون العامل محذوفاً وجوباً في حالتين وهما:
الحالة الأولى لوجوب الحذف: إن كان الجار والمجرور أو الظرف كوناً عامَّاً (أي يدل على مجرد الوجود العام والحضور المطلق دون زيادة معنى آخر نحو (زيد في الدار) فـ(في الدار) لا يفيد شيئاً أكثر من الدلالة على وجود زيد في الدار من غير زيادة شيء آخر على الوجود كالأكل والشرب وغيرها ويكون المحذوف كوناً عاماً في أربع حالات وهي إذا كان الجار والمجرور أو الظرف:
أ. خبراً: نحو (زيد في الدار) فـ(في الدار) الجار والمجرور متعلقان بمحذوفٍ خبر تقديره (كائن) أو (كان) أو (موجود) أو (وُجِدَ).
ب. أو صفة: نحو (رأيت طائراً في السماء) فـ(طائراً): نكرة و(في السماء): الجار والمجرور صفةٌ لـ(طائراً)، نقول عند الإعراب: الجار والمجرور (في السماء) متعلقان بمحذوفٍ صفةٌ منصوبة تقديرها (كائناً) أو (كانَ) أو (موجوداً) أو (وُجـِد).
ج. أو حالاً: نحو (رأيت الطائرةَ بين السحابِ) فـ(الطائرة) مفعول به وهي معرفة، و(بين) ظرف متعلق بمحذوفٍ حالٌ منصوب تقديرها(كائنةً) أو (كان) أو (موجودةً) أو (وُجِد).
د. أو صلة للموصول نحو (استمتعت بالأزهار التي في الحديقة)
فـ(التي) اسم مبني على السكون في محل جرٍّ صفة ٌوهو اسم موصول يحتاج إلى صلة. و(بالأزهار) الجار والمجرور متعلقان بمحذوفٍ صلة الموصول (ويجب أن نقدره هنا فعلاً لا اسماً) والتقدير (كان) (وُجـِد).
الحالة الثانية لوجوب الحذف: إذا كان الجار والمجرور أو الظرف كوناً خاصاً في حالتين:
أ. إذا التزم العرب حذفه في أسلوب معين كقولهم لمن تزوج (بالرِّفاء والبنين) أي تزوجت بالرِّفاء(أي بالتوافق وعدم الشقاق).
ب. إذا كان حرف الجر هو (الواو) أو(التاء) المستعملتين في القسم نحو (والله لأفعلنَّ كذا) أي أقسم لأفعلنَّ كذا.
وهناك حالة خاصة بالظرف ستعرفها في كتب أخرى إن شاء الله.
الحالة الثانية: حذف العامل جوازاً
يكون العامل محذوفاً جوازاً إن كان كوناً خاصاً ودل عليه دليل غير الحالتين السابقتين. نحو:(في المسجد) في جواب من قال: أين أعَْكِفُ؟). أي أعْتَكفْ في المسجدِ.
والكون الخاص: نحو (جالس, قائم, نائم). والكون العام: نحو (كائن, موجود, مستقر).
وشرح هذه الحالة بتفصيل في كتب أخرى إن شاء الله، ويكفينا تسهيلاً على الطالب أن نقول:
يكون العامل محذوفاً جوازاً في غير حالات الوجوب السابقة.
تفصيل مجيء الجار والمجرور صفة أو حالاً:
1. مجيء الجار والمجرور صفة:
إنْ كان الجار والمجرور والظرف بعد اسم جامد غير مؤول بمشتق وهذا الاسم نكرة: فالجار والمجرور مع الضمير المستتر فيه والظرف مع الضمير المستتر فيه يعربان صفة لهذه النكرة، إنْ اقتضى المعنى ذلك. نحو: (مررت بطائر فوق الغصن) فلا يمكن تعليق الظرف (فوق) بـ(مررت) ؛لأنَّ المرور لم يكن فوق الغصن ، بل هو متعلق من حيث المعنى بالطائر، والطائر لا يمكن تعليق الظرف به لأنه الآن اسم جامد للحيوان الذي يطير ، لأنه لا يراد به الحدوث بل صار اسما لما يطير وهو غير مؤول بمشتق، وهو نكرة ، ، والاسم الجامد غير المؤول بمشتق لا يتعلق به الجار والمجرور ، فنسأل هل نكرة أم معرفة ؟ نقول هو نكرة فإذا الظرف في محل جر صفة ،فـ(فوق) مع الضمير المستتر في محل جر لأنه صفة. أو نقول: -الظرف متعلق بمحذوفٍ صفة ، والتقدير: مررت بطائر كائنٍ أو موجودٍ فوق الغصن ، وقس على ذلك : رأيت طائرا فوق الغصن ، { وإن يوما عند ربك كألف سنة } {أو كصيب من السماء } مررت برجل من الكرام .
الحاصل :
عندما تريد أن تعلق تسأل أسئلة ؟ السؤال الأول : هل يوجد شيء من الأشياء الأربعة التي يتعلق بها الجار والمجرور والظرف ؟ إن قالوا نعم نسأل هل يتعلق به الجار والمجرور والظرف من حيث المعنى ؟ إن قالوا نعم علقنا به الجار والمجرور والظرف وإن قالوا لا ، أو لا يوجد شيء يتعلق به الجار والمجرور والظرف من الأشياء الاربعة نسأل بماذا هو متعلق من حيث المعنى إن قالوا هو متعلق بهذا الجامد أي بغير الحالات التي يتعلق بها الجار والمجرور نقول هل هو معرفة أم نكرة إن قالوا معرفة نقول الجار و المجرور والظرف حال وإن قالوا نكرة نقول الجار و المجرور والظرف نعت (صفة) .
2. مجيء الجار والمجرور حالاً:
ما تقدم محله إن جاء الجار والمجرور والظرف بعد اسم جامد نكرة وأما إن جاءا بعد اسم جامد معرفة فكل منهما مع الضمير المستتر حال أو متعلقان بحال نحو: رأيت زيداً في زينته ، فـ(في زينته) من حيث المعنى لا يمكن تعليقه بـ(رأيت) لأن الرؤية لم تكن في الزينة ،وإنما المعنى زيد في الزينة ، فالجار والمجرور متعلق بـ(زيدا) من حيث المعنى ، و(زيداً) اسم جامد معرفة ، فـ(في زينته) في محل نصبٍ حال من (زيداً). أو نقول: الجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال. والتقدير رأيت زيداً كائناً في زينته ، ونحو { لا يستوي القاعدون من المؤمنين } لا يمكن أن نعلق (من المؤمنين) بـ(القاعدون) لأنه ليس المعنى قعد من المؤمنين ، بل المعنى القاعدون حال كونهم من المؤمنين أي من هذا الجنس ، وكذلك (أعجبني السمك في الماء ) فـ(في الماء) لا يمكن تعليقه بـ(أعجبني) لأنه ليس المعنى أعجبني في الماء بل هو متعلق بـ(السمك) والسمك جامد لا يتعلق به الجار والمجرور ، وهو معرفة فنقول الجار والمجرور في محل نصب حال .
وهذه القاعدة تحتاج إلى تفصيل:
الجار والمجرور والظرف:
1. إذا جاءا بعد نكرة لم توصف ولم تـُضف إلى نكرة يعربان صفة. نحو (رأيتُ طائراً على الغصن) ، (مررت بطائر فوق الغصن) أو (رأيت طائراً فوق الغصن) ، (وهذه النكرة التي لم توصف ولم تُضَف تسمى نكرة محضة) ، مثال النكرة المحضة: كتاب, رجل, بيت.
2. وإذا جاء بعد معرفة محضة [27]: نحو (رأيت الهلال في الأفق) أو (رأيت الهلال بين السحاب). فـ(أل) هنا للعهد أي القمر المعروف وليست للجنس [28] ، مثال المعرفة المحضة: زيد, كتاب زيد, كتاب هذا, هذا, الذي, كتاب الذي .
3. وإذا جاءا بعد نكرة غير محضة [29]، أو بعد معرفة غير محضة [30] فهما محتملان للوصفية والحالية. نحو (هذا ثمر يانع على أغصانه) أو (هذا ثمر يانع فوق أغصانه) ، مثال النكرة غير المحضة: كتابٌ صغيرٌ, كتابُ رجلٍ ، مثال المعرفة غير المحضة يعجبني الزهر والنجم والكوكب الضوء ، إن أريد أريد بـ(أل) الجنس لا العهد .
وما قيل في الجار والمجرور يقال في إعراب الجمل.
ما سبق هو معنى كلام الصبان رحمه الله:
(فائدة) الجملة وشبهها من الظرف والجار والمجرور بعد النكرة المحضة صفتان. نحو رأيت طائراً يصيح أو فوق غصن أو على غصن، وبعد المعرفة المحضة حالان. نحو رأيت الهلال يضئ أو بين السحاب أو في الأفق. وبعد النكرة التي كالمعرفة أو المعرفة التي كالنكرة محتملان للوصفية والحالية. نحو هذا ثمر يانع يعجب الناظر أو فوق أغصانه أو على أغصانه. لأن النكرة الموصوفة كالمعرفة. ونحو يعجبني الزهر يفوح نشره أو فوق أغصانه أو على أغصانه لأن المعرف الجنسي كالنكرة. فقول المعربين: الجمل وشبهها بعد النكرات صفات وبعد المعارف أحوال ليس على إطلاقه كذا في المغني وأسلفنا عن الدماميني جواز كون الظرف بعد المعرفة المحضة صفة بتقدير متعلـَّقه معرفة.
تلخيص لما سبق:
بما تقدم نكون قد شرحنا خمسة أمور تتعلق بحرف الجر الأصلي وهي:
- أنَّ حرف الجرّ الأصلي يأتي بمعنى جديد يكمل معنى عامله.
- أنَّ حرف الجرّ الأصلي يحتاج إلى متعلـَّق أي عامل يتعلق به.
أنَّ حرف الجرّ الأصلي يكون بمنزلة الوسيط الذي يصل بين العامل (الفعل وشبهه) وبين المجرور.
أنَّ حرف الجر الأصلي إن حـُذِف يختل المعنى [31].
طريقة إعراب حرف الجر الأصلي مع مجروره:
أ- في نحو(مررت بزيدٍ)، (بزيدٍ): جار ومجرور متعلقان بـ(مررت) فيكون (بزيد) مفعولا به غير صريح فالجارُّ والمجرور في محل نصب ، والمحققون يقولون: الذي في محل نصب هو المجرور فقط وهو (زيد).
ب-وفي نحو:(مُرَّ بزيدٍ), بالبناء المجهول. يقول ابن مالك وابن هشام رحمهما الله:
(بزيدٍ): الجارُّ والمجرور نائب عن الفاعل ، ويقول البصريون رحمهم الله: نائب الفاعل هو المجرور فقط.
تنبيه :
(1) معظم العلماء يجعلون المجرور بحرف الجر الأصلي إذا كان الفعل مبنياً للمعلوم يجعلونه (مفعولاً به غيرَ صريحٍ) سواء جر بـ(الباء) أم بـ(في) أم بـ(اللام) أم بغيرهما من الأدوات [32].
(2) وبعض العلماء - منهم ابن الحاجب و البركوي وابن هشام في الشذور[33] - يُفَصِّلون فيقولون في:
1. المجرور بـ(في) أو ما بمعناه (ظرف غير صريح) في محل نصب نحو (جلستُ في البيت ِ).
2. المجرور بـ(بلام التعليل أو بحرف من حروف التعليل) (مفعول لأجله غير صريح) في محل نصب لأنه نحو: (جئت لإكرامِ زيدٍ).
3. المجرور بغير (هذين الحرفين (في) و(اللام) أو ما بمعناهما): مفعول به غير صريح)في محل نصب نحو(مررت بزيدٍ)
قال البركوي رحمه الله في كتابه (إظهار الأسرار):
(وما عدا هذه السبعة -يعني ما عدا حروف الجر الزائدة والشبيهة بالزائدة- :
أ- مفعول فيه لمُتَعَلَّقه إذا كان الجار (في) أو ما بمعناه نحو صليت في المسجد أو بالمسجد.
ب- وعلى أنه مفعول لأجله لمـُتعلَـَّقه إذا كان الجار (لاماً) أو ما بمعناه نحو ضربت زيداً للتأديب.
ت- أو على أنه مفعول به غير صريح إذا كان الجار ما عداهما -أي ما عدا اللام وفي وما معناهما-[34]. نحو مررت بزيد [35]
طريقة إعراب مجرور حرف الجر الزائد:
مجرور حرف الجر الزائد يكون له محل إعرابي آخر مع ذلك الجر اللفظي ، والمحل الآخر إما أن يكون فاعلاً أو مفعولاً به أو مبتدأ ولو منسوخاً
1. نحو: (ما يأتيهم من ذكرٍ) فـ(ذكرٍ): اسم مجرور لفظاً بالحرف الزائد (مـِنْ) مرفوع محلاً على أنه فاعل.
2. ونحو: (هل تُحِسُّ منهم من أحدٍ) فـ(أحدٍ): اسم مجرور لفظاً بالحرف الزائد (مـِنْ) منصوب محلاً على أنه مفعول به [36].
3. { كفى بالله شهيداً} كفى: فعل ماض مبني عل فتح مقدر منع من ظهوره التعذر
الباء : حرف جر زائد (وفي القرآن نقول حرف صلة تأدبا ).(الله) : لفظ الجلالة اسم مجرور لفظاً مرفوع محلا على أنه فاعل هذا إن قلنا: المجرور بحرف الجر الزائد إعرابه محلي.
وهناك قول يقول إعرابه تقديري فعلى هذا نقول: لفظ الجلالة (الله): فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة في آخره منع من ظهورها حركة حرف الجر الزائد.
4. قال الله تعالى: {وما يـُعلمانِ من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة}
(من): حرف جر زائد (وفي القرآن الكريم نقول حرف صلة) وأفاد هنا توكيد العموم ، المستفاد من لفظة (أحد) ووقوع النكرة في سياق العموم .(أحد): اسم مجرور لفظاً منصوب محلا على أنه مفعول به إن قلنا: إعراب مجرور حرف الجر الزائد محلي.
وإما إن قلنا: تقديري فنقول: (أحد): مفعول به منصوب وعلامة نصبه فتحة مقدرة في آخره منع من ظهورها حركة حرف الجر الزائد.
5. قال الله تعالى: {وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله}
من أحد: يقال فيها ما قيل في (من أحد) في المثال السابق.
6. قال الله تعالى: {ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن يُنَزَّل عليكم من خيرٍ من ربكم} .(من خير): (من) حرف جر زائد(وفي القرآن نقول: حرف صلة) وأفادت هنا تعيين المراد من نفي الجنس.(خير): اسم مجرور لفظاً مرفوع محلا على أنه نائب عن الفاعل أو نقول نائب فاعل مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدرة في آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد.
7. قال الله تعالى: {وما له في الآخرة من خلاق ٍ}(ما ): حرف نفي مبني على السكون.
(له): الجار والمجرور مع الضمير المستتر في محل رفع خبر مقدم.(في الآخرة): الجار والمجرور مع الضمير المستتر في محل نصب حال من (خلاق)، كانا صفة له فلما تقدما عليها أعربا حالاً.(من): حرف جر زائد (ونقول في القرآن: حرف صلة) وأفاد هنا تعيين نفي الجنس. (خلاق) : اسم مجرور لفظاً مرفوع محلاً على أنه مبتدأ وأصل الكلام (ما خلاقٌ في الآخرةِ له).أو نقول: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدرة في آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد.
8. قال الله تعالى: { وما للظالمين من أنصار}
(ما): حرف نفي.(للظالمين): الجار والمجرور مع الضمير في محل رفع لأنه خبر مقدم.
(من): حرف جر زائد(ونقول في القرآن: حرف صلة), وقد أفاد تعيين العموم.(أنصارٍ): يقال فيه ما قيل في إعراب (خلاق).
9. قال الله تعالى: {وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين}
(من آية) : (من) حرف صلة أي حرف جر زائد[37].(آية) اسم مجرور لفظاً مرفوع محلاً على أنه فاعل.أو نقول: فاعل مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدرة في آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد. وأما (من) في قوله تعالى (من آيات) فهو حرف جر أصلي.
10. قال الله تعالى: {ما تسبق من أمةٍ أجلـَها} .(أمة): تعرب كإعراب (آية) في الآية السابقة. (أجلها) : مفعول به مؤخر منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
طريقة إعراب مجرور حرف الجر الشبيه بالزائد:
مجرور حرف الجر الشبيه بالزائد يكون له محل إعرابي آخر مع ذلك الجر اللفظي ـكمجرور حرف الجر الزائدـ.
أ. والمحل الآخر بعد(رُبَّ) إما أن يكون مبتدأ أو مفعولاً به أو من باب الاشتغال ، والاشتغال سنشرحه في كتب أخرى .
مثال المبتدأ: (يا رُبَّ كاسيةٍ في الدنيا عاريةٌ يومَ القيامة)[38][39]، فـ(كاسيةٍ):اسم مجرور لفظاً ـ بحرف الجر الشبيه بالزائدـ مرفوع محلاً على أنه مبتدأ خبره (عاريةٌ).
مثال المفعول به: (رُبَّ رجلٍ كريمٍ لقيتُ)، فـ(رجلٍ) مجرور لفظاً ، بحرف الجر الشبيه بالزائدـ منصوب محلاً على أنه مفعول به
ب. و المحل الآخر بعد(لولا) يكون مبتدأ فقط.
ج. و المحل الآخر بعد(خلا وعدا وحاشا) يكون مستثنى فقط.
وسنأخذ إعراب(رُبَّ) مثالاً لها:
1. رُبَّ رجلٍ كريمٍ لقيتُ.(رُبَّ) : حرف جر شبيه بالزائد كما حققه ابن هشام رحمه الله فهو لا يتعلق بعامل خلافاً للجمهور، (رجلٍ): اسم مجرور لفظاً منصوب محلاً على أنه مفعول به مقدم أو نقول مفعول به منصوب وعلامة نصبه فتحة مقدرة في آخره منع من ظهورها حركة حرف الجر الشبيهة بالزائد، (كريم): نعت لـ(رجل) ويجوز فيه وجهان:
أ) جره تبعاً للفظ (رجلٍ) بأن تقول:(كريمٍ). ب) ونصبه تبعاً لمحل (رجلٍ) بأن تقول: (كريماً)؛ لأن محله النصب. ولقيت: فعل وفاعل.
2. رُبَّ رجلٍ كريمٍ لقيته.
(رب): حرف جر شبيه بالزائد.(رجلٍ): اسم مجرور لفظاً مرفوع محلاً على أنه مبتدأ لأنَّ (لقيت) أخذ مفعوله.(كريم): نعت لـ(رجلٍ) ويجوز فيه وجهان:
أ) جره تبعاً للفظ (رجلٍ) بأن تقول:(كريمٍ). ب)ورفعه تبعاً لمحل (رجلٍ) بأن تقول (كريمٌ)؛ لأن محله الرفع (ولقيت): والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع لأنه خبر للمبتدأ.(والهاء) : ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به. ولهذه الجملة أعني (رب رجل كريم لقيته) وجه آخر .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[h=1]مبحث للجار والمجرور يذكر في باب المبتدأ والخبر:[/h]اعلم أنَّ الخبر إذا وقع ظرفاً أو جاراً ومجروراً، مثل: زيدٌ في الدار، وعمرٌو عندك، فليس الجار والمجرور والظرف هما الخبر على الحقيقة، لأن الشأن في الخبر أن يكون هو المبتدأ معنى، أو كالمبتدأ، فإذا قلنا: زيدٌ الخطيبُ، فـ (زيدٌ) هو الخطيبُ، و(الخطيبُ) هو زيدٌ، بخلاف ما إذا قلنا: زيدٌ أمامَك أو عندَك.
فلا يصح أن يكون الظرف (أمامَ) أو (عندَ) هو زيدٌ، ولا يصح أن يكون (زيدٌ) هو الظرف: أمامَ، أو عندَ، لأنّ المعنى في كل منهما مخالف للآخر تمام المخالفة، ولا يصلحه إلا أن يكون الظرف متعلقاً بشيء آخر غير المبتدأ، هو: (كائن) أو (مستقر) أو (موجود) أو (كان) أو (استقر) أو (وجد).
ومثل هذا يقال في جملة: السفرُ يومَ الخميس، فالظرف لا يستقل بنفسه في إحداث معنى جديد، لأنه كالوعاء لا بد من شيء يقع فيه، وهذا الشيء الذي يقع فيه هو المتعلَّق (بفتح اللام)، الذي نقدره في نحو: زيدٌ عندك، نقدره بقولنا: زيدٌ كائنٌ أو موجودٌ أو مستقِرٌ عندك، ونقدره في نحو: زيدٌ أمامَك، نقدره بقولنا: زيدٌ كائنٌ أو موجودٌ أو مستقِرٌ أمامَك.
وما يقال في الظرف يقال في الجار والمجرور، إذ لا فائدة من الجار والمجرور إلا بمتعلَّقهما (بفتح اللام)، فتقول في نحو: زيدٌ في الدار ِ، التقدير: زيدٌ كائنٌ أو موجودٌ أو مستقِرٌ في الدارِ، فالخبر في الحقيقة هو المحذوف، وهو: كائنٌ أو موجودٌ أو مستقِرٌ، وإلا فسد المعنى، لكن الجار والمجرور والظرف حلا محل الأصل، وهو المتعلَّق (بفتح اللام) الذي هو الخبر في الحقيقة، أي: حلا محل كائن أو موجود أو مستقر أو كان أو وجد أو استقر، وأصبحا يدلان على المحذوف بغير خفاء، وينوبان عنه، فلذلك حذفتِ العربُ المتعلَّق في هذه الحالة، وأقامتِ الظرفَ والجار والمجرور مُقامه، إيجازاً واختصاراً لما في الظرف والجار والمجرور من الدلالة عليه، فلذلك يجوز لنا نظران:
النظر الأول: أن ننظر إلى الأصل الأول، وهو أن الخبر هو المحذوف، فنقول في إعراب: زيدٌ عندَك، (زيدٌ) مبتدأ، و(عندَ) ظرف منصوب، وهو متعلِّق (بكسر اللام) بمحذوف خبر، تقديره: كائنٌ أو مستقرٌ أو موجودٌ أو كان أو استقر أو وجد، وهو مضاف، والكاف مضاف إليه.
(أ) ولنا في هذه الحالة تقدير المتعلَّق: اسما، نحو: كائن، أو موجود، أو مستقر، فيكون الخبر من باب الخبر المفرد.
(ب) ولنا في هذه الحالة أيضاً تقدير المتعلَّق: فعلاً، نحو: كان، أو وجد، أو استقر، فيكون الخبر من باب الخبر غير المفرد، وهو هنا جملة، وهو: الفعل مع فاعله المستتر.
النظر الثاني: ولنا أن ننظر إلى أن الجار والمجرور والظرف لما حلا محل المحذوف ودلا عليه بغير خفاء، صارا هما الخبر، مع الضمير المستتر فيهما؛ لأن الجار والمجرور والظرف يتحملان ضميراً على الأصح عند البصريين، فالمحذوف، وهو: استقر ويستقر ونحوهما، لما حذف ؛ انتقل الضمير منه إلى الجار والمجرور والظرف وصار الخبر هو: المجرور مع الضمير، أو الظرف مع الضمير.
وتلخيص المذهب الثاني ما ذكره ابن يعيش في شرحه لمفصل الزمخشري بقوله: "واعلم أنك لما حذفت الخبر الذي هو: استقر ومستقر ووجد وموجود، إلى آخره، وأقمت الظرف مقامه على ما ذكرنا، صار الظرف[SUP]([1])[/SUP] هو الخبر، والمعاملة معه، وهو مغاير المبتدأ في المعنى، ونقلت الضمير الذي كان في الاستقرار إلى الظرف، وصار مرتفعاً بالظرف (أي: الضمير مرفوعاً بالظرف وبالجار والمجرور) كما كان مرتفعاً بالاستقرار، ثم حذفت الاستقرار، وصار أصلاً مرفوضاً، لا يجوز إظهاره للاستغناء عنه بالظرف".
ثم قال بعد ذلك: "واعلم أنك إذا قلت: زيدٌ عندَك، فـ(عندَ) ظرف منصوب بالاستقرار المحذوف، سواء كان فعلاً أو اسماً، وفيه ضمير مرفوع، والظرف وذلك الضمير في موضع رفع بأنه خبر المبتدأ، وإذا قلت: زيدٌ في الدار، أو من الكرام، فالجار والمجرور في موضع نصب بالاستقرار على حد انتصاب: زيد عندَك، ثم الجار والمجرور والضمير المنتقِل في موضع رفع بأنه خبر المبتدأ ".
وقال ابن يعيش رحمه الله تلخيصاً لما سبق: " واعلم أن الخبر إذا وقع ظرفاً أو جاراً ومجروراً، نحو: زيدٌ في الدار، وعمرٌو عندَك، ليس الظرف بالخبر على الحقيقة، لأن الدار ليست من زيد في شيء، وإنما الظرف معمول للخبر ونائب عنه، والتقدير: زيدٌ استقر عندَك أو حدث أو وقع، ونحو ذلك، فهذه هي الأخبار في الحقيقة بلا خلاف بين البصريين، وإنما حذفتها وأقمت الظرف مُقَامَها إيجازاً لما في الظرف من الدلالة عليها، إذ المراد بالاستقرار: استقرار مطلق، لا استقرار خاص".
مذاهب العلماء في الخبر الجار والمجرور والظرف:
المذهب الأول: الخبر هو نفس المتعلَّق وحده ، وأما الظرف والجار والمجرور فقيد له
وهو الذي ذكره ابن مالك بقوله :
وأخبروا بظرف أو بحرف جر ناوين معنى كائن أو استقر
ويؤيد هذا أنهم أجمعوا على أن المتعلَّق إذا كان خاصا فهو الخبر وحده سواء أكان مذكورا نحو زيد جالس عندك ، أم كان قد حذف لقرينة تدل عليه ، وهذا الخلاف إنما هو في المتعلق العام فليكن مثل الخاص طردا للباب على وتيرة واحدة ، ولأن العامل أولى بالاعتبار وإن كان معموله قيدا لا بد منه .
المذهب الثاني: أنه نفس الجار والمجرور مع الضمير المستتر فيه لقيامه مقام عامله ، قالوا لأنه هو الملفوظ به فلا بد من ملاحظته
وهو مذهب جمهور البصريين .
المذهب الثالث:
واختار الرضي وابن الهمام: أن الخبر هو المجموع أي مجموع (المحذوف وهو (كائن) والجار والمجرور) أو الظرف ، لتوقف الفائدة على كل واحد منهما .
وهذا الخلاف بين العلماء إذا كان المتعلَّق عاما أما إذا كان خاصا نحو زيد جالس عندك فأجمعوا أن الخبر هو المتعلَّق .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[h=1]مبحث للجار والمجرور يذكر في باب الظرف :[/h] الظرف والجار والمجرور لا بد أن يتعلقا بشيء يتممان معناه، وهذا الشيء (أي المتعلَّق) يكون واحداً من الأشياء الآتية:
1. الفعل : كـ(جلس ، قعد ) نحو (جلست في المسجد ).
2. اسم الفاعل : كـ(جالس ، قاعد) نحو (أنا جالس عندك ).
3. اسم المفعول : كـ(مضروب ، مغضوب) نحو (زيد مضروب أمامك ، { غير المغضوب عليهم } .
4. الصفة المشبهة [SUP][SUP][40][/SUP][/SUP]: كـ(طويل ، قصير، شريف) نحو هذا الدواء مُرٌّ على لساني
5. الجامد المؤول بالمشتق : كـ(أسد المؤول بشجاع ، وأرنب المؤول بجبان ) نحو أنت أسدٌ عليَّ وأنت أرنب عندي
صيغة المبالغة: كـ(عليم ، وقدير) نحو { والله على كل شيء قدير } [SUP][SUP][41][/SUP][/SUP] ، زيد ضرّاب للعدو
7. أفعَل (بفتح العين) التفضيل كـ(أحسن ، أفضل) نحو زيد أحسن من سعيد ,
8. المصدر: كـ(ضَرْب ٍ، أكْلٍ ، السكوت) نحو السكوت عن السفيه جواب .
وإذا لم يوجد واحد كـمن هذه الأشياء -ولم يكن محذوفاً دل على وجوده دليل- يكونان (أي الظرف والجار والمجرور) خبراً أو صفةً أو حالاً أو صلة للموصول مثال الخبر (زيد عندك) مثال الصفة (لهم عذاب من رجز أليم ) (لهم في الآخرة عذاب عظيم )[SUP] [SUP][42][/SUP][/SUP]
وكذلك إذا وجدت هذه الأشياء الثمانية، لكن كان المعنى لا يستقيم إن علقنا الجار والمجرور والظرف بأحد هذه الأشياء نحو (ترميهم بحجارة من سجيل ) فـ(من سجيل ) لا يمكن تعليقها بالفعل الموجود (ترميهم) لأنه ليس المعنى ترميهم من سجيل بل المعنى متعلق بحجارة ، إذ المعنى حجارة من سجيل ، وبما أن حجارة نكرة فـ(من سجيل) صفة
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
[1] (لولا) تعتبر حرف جر شبيه بالزائد عند سيبويه إذا جاء بعدها ضمير جر نحو (لولاه ، لولاها ، لولاهما ).
[2] فإذا قلت مثلا: سافر زيد. دلت هذه الجملة على معنى مستقل يمكن أن نقتصر عليه. فإذا قلت: سافر زيد يوم الجمعة. دل الظرف هنا على معنى فرعي مرتبط بالفعل سافر؛ لأنه يضيف إلى معناه معنى جديدا، ثم إننا نفهم أن هذا الحدث وهو "السفر" قد حدث في يوم الجمعة أي في زمان معين .
[3] بفتح اللام .
[4] شهدة "قال الدماميني بفتح الشين وحكى القاموس ضمها أي ضم الشين وسكون الهاء: العسل" ، و الشهد : العسل ما دام في شمعه ، والشهدة أخص منه " ، و(هو) بتشديد الواو ، علقم: وهو شجر له ثمر مر كريه الطعم ، المعنى: يدَّعي الشاعر أن لسانه مثل الشهد والعسل، فيه شفاء للناس الذين أحبهم وأثنى عليهم، وهو مثل الحنظل في المرارة، على من سلطه الله عليه.
[5] الأصل في بعض الأحيان
[6] الفرق بين الحالة الثالثة والرابعة ما ذكره الدسوقي على المغنى : بقوله :" قوله { لا لتأولهما } حاصل ما قاله المصنف أن العلَم إذا اشتهر بوصف كان فيه معنى المشتق كحاتم وأبو المنهال لا أنه مؤول بالمشتق ، وهذا بخلاف النكرة كما في (أسد علي ّ ) فإنها تؤول بالمشتق أي صائل أو مجترئ علي ّ" . يقول علي هاني لكن قال الدماميني: " لو قيل التعلق باعتبار تأولهما باسم يشبه الفعل لم يلزم محذور أصلا" ، ثم رأيت الأنطاكي رد على الدماميني بقوله : "لأنه لو اول بمشتق لخرج عن العلمية وهي مرادة فسقط قول الدماميني بأنه لو قيل أن التعلق باعتبار تأولهما به لم يلزم محذورا أصلا ".
[7] ذَهَبَ الزَّجَّاجُ إِلَى أَنَّ قَوْلَهُ تعالى : "فِي السَّماواتِ" مُتَعَلِّقٌ بِمَا تَضَمَّنَهُ اسْمُ اللَّهِ مِنَ الْمَعَانِي، كَمَا يُقَالُ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْخَلِيفَةُ فِي الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذَا عِنْدِي أَفْضَلُ الْأَقْوَالِ وَأَكْثَرُهَا إِحْرَازًا لِفَصَاحَةِ اللَّفْظِ وَجَزَالَةِ الْمَعْنَى ، وَإِيضَاحِهِ: أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يدل على خلقه وإيثار قُدْرَتِهِ وَإِحَاطَتِهِ وَاسْتِيلَائِهِ، وَنَحْوَ هَذِهِ الصِّفَاتِ فَجَمَعَ هَذِهِ كُلَّهَا فِي قَوْلِهِ وَهُوَ اللَّهُ أَيِ الَّذِي لَهُ هَذِهِ كُلُّهَا فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ كَأَنَّهُ قَالَ: وَهُوَ الْخَالِقُ الرَّازِقُ وَالْمُحْيِي المحيط في السموات وَفِي الْأَرْضِ كَمَا تَقُولُ: زَيْدٌ السُّلْطَانُ فِي الشَّامِ وَالْعِرَاقِ، فَلَوْ قَصَدْتَ ذَاتَ زَيْدٍ لَقُلْتَ مُحَالًا ، وَإِذَا كَانَ مَقْصِدُ قَوْلِكَ زَيْدٌ السُّلْطَانُ الْآمِرُ النَّاهِي النَّاقِضُ الْمُبْرِمُ الَّذِي يَعْزِلُ وَيُوَلِّي فِي الشَّامِ وَالْعِرَاقِ، فَأَقَمْتَ السُّلْطَانَ مَقَامَ هَذِهِ كُلِّهَا كَانَ فَصِيحًا صَحِيحًا فَكَذَلِكَ فِي الْآيَةِ أَقَامَ لَفْظَةَ اللَّهُ مَقَامَ تِلْكَ الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ .
[8] قد يجوز حذف المتعلق (بفتح اللام) كما في { وإلى ثمود } أي أرسلنا، وقد يجب حذفه كما في 1) القسم بالواو والتاء دون الباء نحو {والضحى والليل} 2)أن يكون الاستعمال جرى على حذفه كقولهم للمعرس( للمتزوج) بالرفاء والبنين أي أعرست 3) في الكون العام (الظرف المستقر): كما إذا كان خبرا كـ(زيد في الدار ) ، أو صفة كـ(ترميهم بحجارة من سجيل ) أو حالا كـ(رأيت الهلال بين السحاب) .
[9] وكذلك في نحو (زيد في الدار ) فالدار في محل نصب مفعول به غير صريح ، وقال الرضي والبركوي ظرف زمان غير صريح ، هذا إذا جعلنا الخبر هو الكون العام المحذوف ، أما إن جعلنا الخبر الجار والمجرور مع الضمير فالمجموع في محل رفع خبر .
[10] ألا ترى أن قولك مررت بزيد معناه كمعنى : جزت زيدا ، وكذلك انصرفت عن خالد كقولك : جاوزت خالدا فكما أن ما بعد الأفعال المتعدية بأنفسها منصوب فكذلك ما في معناها مما يتعدى بحرف الجر ؛ لأن الاقتضاء واحد إلا أن هذه الأفعال ضعفت في الاستعمال فافتقرت ، ويدل عليه أننا إذا حذفنا الخافض نصب ما بعدها نحو: تمرون الديار َ ، ومررت زيدا .
[11] قال الصبان : هذا وقد حقق الرضي : أن محل النصب بالمتعلق المحذوف بناء على أنه الخبر زيد في الدار أو بالمتعلق الملفوظ به في نحو زيد جالس في الدار وذهبت بزيد. أو الرفع بالمبني للمجهول في نحو مُرَّ بزيد - إنما هو للمجرور فقط لأن الجار لتوصيل معاني الأفعال وما في حكمها إلى الأسماء كالهمزة والتضعيف في أذهبت زيدًا وفرحته.
[13] والحاصل أن محل المجموع في المستقر تارة يكون رفعًا إذا كان خبرًا وتارة يكون نصبًا إذا كان حالًا مثلًا، وتارة يكون جرًا إذا كان صفة لموصوف مجرور، ومحل المجرور في اللغو تارة يكون رفعًا كما في مُرَّ بزيد بالبناء للمجهول، وتارة يكون نصبًا كما في مررت بزيد ولا يكون جرًّا.
[14] الحرف الأصلي: فهو الذي يضيف إلى ركني الجملة معنى فرعيا جديدا، ولا بد أن يكون متعلقا ،و الحرف الزائد، هو الذي لا يضيف إلى ركني الجملة معنى فرعيا جديدا، وإنما يفيد التوكيد وتقوية الربط بين أجزاء الجملة. و هو لا يتعلق. والحرف الشبيه بالزائد، وهو الذي يضيف معنى لكنه لا يتعلق.
[15] وذلك لأن معنى التعلق الارتباط المعنوي والأصل أن أفعالا قصرت عن الوصول إلى الأسماء فأعينت على ذلك بحروف الجر والزائد إنما دخل في الكلام تقوية وتوكيدا ولم يدخل للربط
[16] قالوا لأنهن إذا خفضن يكن لتنحية الفعل عما دخلن عليه نحو (قام القوم خلا زيدٍ) فهي تنحي زيدا عن القيام ، كما أن إلا كذلك وذلك عكس معنى التعدية التي هي إيصال معنى الفعل إلى الاسم ، وفي كلامهم نظر ، ويرد عليهم بأن التعدية إيصال معنى الفعل إلى الاسم على الوجه الذي يقتضيه الحرف من ثبوت أو نفي لا الثبوت فقط. ألا ترى أن انتفاء الفعل في نحو: لم أضرب زيداً لا يخرجه عن كونه مفعولاً به .
[17] من تعليقات محمد محيي الدين على الأشموني .
[18] قال السمين : واختار الشيخ أنْ يكونَ « بنعمة » قَسَماً مُعْتَرِضاً به بين المحكوم عليه والحُكم على سبيلِ التأكيدِ والتشديدِ والمبالغةِ في انتفاءِ الوصفِ الذمَّيم . وقال ابن عطية : « بنعمةِ ربِّك » اعتراضٌ كما تقول للإِنسان : « أنت بحمد اللَّهِ فاضلٌ » قال : « ولم يُبَيِّنْ ما تتعلَّقُ به الباءُ في » بنعمة « . قلت : والذي تتعلَّق به الباءُ في هذا النحو معنى مضمونِ الجملةِ نفياً وإثباتاً ، كأنه قيل : انتفى عنك ذلك بحمد اللَّهِ ، والباءُ سببيةٌ ، وثَبَتَ لك الفَضْلُ بحمدِ اللَّهِ تعالى ، وأمَّا المثالُ الذي ذكرَه فالباءُ تتعلَّق فيه بلفظ » فاضل « . وقد نحا صاحب » المنتخب « إلى هذا فقال : » المعنى : انتفى عنك الجنونُ بنعمةِ ربك
[19] قال الخضري" عند قول ابن مالك في باب الحال(سعيد مستقرا في هجر ): قوله: (مستقراً) حال مؤكد لعاملها، وهو (في هجر) كما قاله ابن قاسم ، وهو صريح في أن المراد به الاستقرار العام إذ هو المفهوم من الظرف ، وقيل: خاص أي غير متحرك فهو حال مؤسسة على حد فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِنْدَهُ}لأن العام يجب حذفه لكن حقق بعضهم أن محل وجوب حذف العام إذا كان له معمول يقوم مقامه، وإلا جاز ظهوره ، وهذا هو المتعين إذ لا شك في صحة: هذا ثابت ، هذا حاصل مثلاً، أفاده الصبان أي، وما هنا كذلك لأن الظرف في المثال معمول للخبر المحذوف لا لمستقراً والتقدير (زيد كائن في هجر مستقرا ) فليس (في هجر) معمولة لـ(مستقرا) بل لخبر محذوف ، وفي الآية لرآه (والتقدير رآه عنده حال كونه مستقرا" ففي المثالين الحال لم يوجد معمول يقوم مقامه فيجوز ظهوره نحو هذا ثابت ، هذا حاصل انتهى مع زيادة إيضاح ، وقد وجوز ابن جني إظهار المتعلق في الخبر مطلقا سواء كان له معمول يقوم مقامه أم له واستدل بقوله ( فأنتَ لدى بحْبُوحَةِ الهُون كائِنُ ** ) والجمهور على خلافه فيجعلون هذا ضرورة .
[20] قال الدماميني : فإن قلت إذا قيل زيد على الفرس والمعنى أنه ركب عليه فهل تسميه مستقرا أو لغوا ؟ قلت إن قدر راكب ابتداء بخصوصه فهو لغو والحذف جائز وإن قدر مستقرا أولا وأريد منه بحسب القرينة راكب ، فهو ظرف مستقر والحذف واجب وفي حاشية الكشاف لمولانا سعد الدين التفتزاني إشارة إلى ذلك
[21] هذا البحث من معاني النحو للسامرائي وكتاب مسائل في النحو والصرف من كتاب البحر المحيط ، ومن كتب التفسير .
[22] استثناء من القاعدة : في قوله تعالى { ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون } عندنا تفسيران : تفسير موافق لقاعدة التعلق وتفسير مخالف لها فيكون من المستثنيات من القاعدة:
الفسير الأول : إن جعلناه ( من الأرض) صفة لـ(دعوة ) يكون المعنى أن الله تعالى دعاكم بدعوة ملكه إسرافيل من الأرض أي أن إسرافيل يناديهم من مكان من الأرض كما في { وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (41} فهو مكان قريب سواء كان بيت المقدس كما قيل أو غيره ،فالداعي حقيقة الملك بأمره سبحانه نحو قوله تعلى{إنه لقول رسول } وعلى هذا المعنى فالتعلق جار على القاعدة المعروفة ، واختار هذا التفسير جماعة قليلة من المفسرين وهو الذي أراه .
التفسير الثاني : وهو رأي الجمهور أن (من الأرضِ) متعلق بـ(دعاكُم) و{ مِنْ } لابتداء الغاية أي إذا دعاكم عند البعث وأنتم في الأرض موتى في قبوركم دعوة واحدة إذا أنتم تخرجون أي أنتم تكونون في الأرض فيدعوكم منها فتخرجون ، والدعوة : هي النفخة الآخرة عبر بالدعوة لبيان سهولة البعث ، وهذا في ظاهر الأمر مخالف لقاعدة التعلق لأني إن قلت دعوتك من البيت فالمعنى دعوتك وأنا في البيت لا أنت ، لكن دفع هذا الإشكال الزمخشري وكبار العلماء بجواب يعتبر استثناء من قاعدة التعلق فقالوا :
يكفي في التعلق بدعاكم كون المدعوِّ في الأرض ولا يشترط كون الداعي في الأرض ، لِأَنَّ دَعاكُمْ لِمَا اشْتَمَلَ عَلَى فَاعِلٍ وَمَفْعُولٍ فَالْمُتَعَلِّقُ بِالْفِعْلِ يَجُوزُ أَنْ يكون من شؤون الْفَاعِلِ وَيَجُوزُ أَنْ يكون من شؤون الْمَفْعُولِ عَلَى حَسَبِ الْقَرِينَةِ فقولك : دعوته من مكان كذا ، كما يجوز أن يكون مكانك يجوز أن يكون مكان صاحبك ، تقول : دعوت زيداً من أعلى الجبل فنزل عليّ : ودعوته من أسفل الوادي فطلع إليّ قال الإمام الرازي : قول القائل دعا فلان فلانا من الجبل يحتمل أن يكون الدعاء من الجبل كما يقول القائل يا فلان اصعد إلى الجبل ، فيقال دعاه من الجبل ويحتمل أن يكون المدعو يدعى من الجبل كما يقول القائل يا فلان انزل من الجبل ، فيقال دعاه من الجبل ، ولا يخفى على العاقل أن الدعاء لا يكون من الأرض إذا كان الداعي هو الله ، فالمدعو يدعى من الأرض يعني أنتم تكونون في الأرض فيدعوكم منها فتخرجون }
[23] اسم المفعول يأخذ نائباً عن الفاعل نحو(أمـَضْروبٌ زيدٌ؟) فـ(زيدٌ) نائب فاعل لاسم المفعول (مضروب).
[24] وقد منع جماعة من العلماء كأبي حيان والعكبري رحمهم الله تعالى التعليق باسم المكان والزمان :فـ(من العذاب): صفة لـ(مفازة) عندهم ، ولا يتعلق بها لأنها اسم مكان، واسم المكان لا يعمل (أي لا يتعلق به الجار والمجرور) عندهم .
[25] {فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (188) }الأحسن أن مفازة في قوله تعالى (بمفازة ) أن تكون اسم مكان الفوز الذي من يحله يفوز بالسلامة من الخطر؛ لأن المنقطع فيها ينجو من الأخطار ومن الأعداء أي لا تحسبنهم بمنجاة ومكان فوز وسلامة من العذاب بل هم في مهلكة .
[26] رجح جمهور العلماء تقدير العامل متأخرا ، نحو باسم الله أقرأ ، لأجل أن يفيد الحصر أي باسمه لا باسم غيره ، وخالفهم ابن عاشور والآلوسي فقالوا بل يقدر مقدما والحصر مفهوم من السياق .
[27] (وهي جميع المعارف إلا المعرف بـ(أل) الجنسية) فيعربان حالاً .
[28] وأجاز الدماميني رحمه الله أن يعرب الجار والمجرور والظرف صفة أيضاً إن جاءا بعد نكرة غير محضة أو بعد معرفة مطلقاً (أي سواء كانت معرفة بـ(أل) أم بغيرها -إن اقتضى المعنى ذلك-، وملخص كلام الدماميني رحمه الله: (إذا وقع شبه الجملة -الجار والمجرور والظرف- بعد معرفة أو نكرة فإنه يصلح أن يكون حالاً أو صفة إلا في صورة واحدة فيتعين أن يكون بعدها صفة وهي إذا جاء بعد نكرة محضة) ، وقول الدماميني مفيد جدا .
[29] أي نكرة موصوفة أو مضافة إلى نكرة أخرى) نحو طالب كبير ، طالب علم .
[30] (وهي المعرفة بـ (أل) الجنسية) التي يراد بها الحقيقة والماهية دون نظر لفرد معين نحو الأزهار ، الكتاب ، القلم من أحب الأزهار ، والكتاب أحسن جليس ، والقلم علم به الإنسان فأنت لا تريد أحب هذا النوع ولا تشير إلى فرد معين ، فـ(أل) الجنسية: هي الداخلة على نكرة تفيد معنى الجنس المحض من غير أن تفيد العهد (فهي لا تدل على واحد معين).
[31] أمثلة على إعراب الجار والمجرور صفة أو حالاً:
المثال الأول: قوله تعالى {ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدقٌ لما معهم}
(جاء): فعل ماض مبني على الفتح.(هم): من (جاءهم): ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به.(كتاب) : فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة. الجار والمجرور(من عند) فيهما وجهان:
الوجه الأول: الجار والمجرور مع الضمير المستتر في محل رفع لأنهما صفة لـ(كتاب) لأنه نكرة محضة.
أو نقول الجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة لـ(كتاب) والتقدير كتاب كائن من عند الله.
وعلى هذا الإعراب فـ(مصدق) نعت ثانٍ.
الوجه الثاني: أن يكون الجارّ والمجرور (من عند) في محل نصب بـ(جاءهم) أي متعلق به وحرف الجر (من) معناه ابتداء الغاية (أي ابتداء غاية المجيء من عند الله أي مبتدأ من عند الله).وردَّه أبو حيان رحمه الله لأن فيه الفصل بين الصفة (مصدق) والموصوف (كتاب) بمعمول أجنبي (أي الفاصل ليس معمولاً للصفة ولا للموصوف) ويعني به هنا (من عند) فهو ليس معمولاً للصفة (مصدق) ولا للموصوف (كتاب).
وهذا فصل لا يغتفر وإنما يغتفر إذا كان الفاصل معمولاً للصفة أو للموصوف.
المثال الثاني: قال الله تعالى:{ لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريصٌ عليكم}
(من أنفسكم): الجار والمجرور مع الضمير المستتر في محل رفع لأنه صفة لـ(رسول) لأنه نكرة محضة، ولأن المعنى (جاءكم رسولٌ كائنٌ من أنفسكم)، أو نقول: الجار والمجرور متعلقان بمحذوفٍ صفةٌ لـ(رسولٌ) ، عزيز: الأصح فيه كما قال السمين رحمه الله: إنه نعت ، وهل يجوز تعليقه بـ(جاءكم)؟ يقال فيه ما قيل في الآية السابقة.
المثال الثالث: قال الله تعالى: {وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك}.
من سجيل: الجار والمجرور مع الضمير المستتر في محل نصبٍ صفةٌ لـ(حجارة) لأنها نكرة محضة والمعنى: أنها حجارة كائنة من سجيل، مسومة: لنا أن نعربها صفة ثانية أو حالاً ؛لأن النكرة إذا خصصت بوصف أو إضافة يجوز مجيء الحال بعدها.
المثال الرابع: قال الله تعالى: {أولئك لهم عذابٌ من رجز ٍاليمٌ}
(من رجز): الجار والمجرور في محل رفعٍ صفةٌ لـ(عذاب) لأنه نكرة محضة ، (أليم): نعت ثانٍ.
المثال الخامس: قال الله تعالى: {ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلوا عليهم آياتك}(منهم): الجار والمجرور مع الضمير المستتر في محل نصب لأنه صفة لـ(رسولاً) ، أو نقول: الجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة والتقدير رسولاً كائناً منهم ، (يتلوا) : الجملة الفعلية من الفعل والفاعل وهو الضمير المستتر جوازاً يجوز في إعرابها وجهان:
الوجه الأول: أن تعرب نعتاً ثانياً لـ(رسولاً) فالجملة في محل نصب. الوجه الثاني: أن تعرب حالاً من (رسولاً) فالجملة في محل نصب، وجاز مجيئه (رسولاً) صاحب حال لأنه نكرة تـَخصصتْ بسبب وصفها بـ(منهم).
والقاعدة تقول: الجمل بعد النكرات المحضة صفات وبعد النكرات غير المحضة يجوز أن تعرب صفاتٍ أو أحوالاً.
المثال السادس: قال الله تعالى:{ ولقد ذرانا لجهنم كثيراً من الإنس والجن}
من الإنس: الجار والمجرور مع الضمير المستتر في محل نصب لأنه صفة لـ(كثيراً) ؛ لأن (كثيراً) نكرة محضة.
المثال السابع: قال الله تعالى: {كمثل جنة بربوة أصابها وابل}
(بربوة) : الجار والمجرور في محل جر لأنه صفة لـ(جنة) ، (الباء): ظرفية بمعنى (في) أي جنة كائنة في ربوة.
(والربوة) : أرض مرتفعة طيبة.(أصابها): جملة جاءت بعد نكرة غير محضة: فيجوز أن تعرب نعتاً ثانياً فهي في محل جر. ويجوز أن تعرب حالاً من (ربوة). وجاز مجيء صاحب الحال (ربوة) نكرة ؛لأنها وصفت فهي (نكرة غير محضة)، والقاعدة تقول الجمل بعد النكرات غير المحضة يجوز أن تعرب أحوالاً أو صفاتٍ.
المثال الثامن: قال الله تعالى: {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجسٌ من عمل الشيطان}
من عمل: الجارّ والمجرور مع الضمير المستتر في محل رفع لأنه صفة لـ(رجس).
المثال التاسع: قال الله تعالى: {ألم يأتـِكم رسلٌ منكم} .(منكم): الجار والمجرور مع الضمير المستتر في محل رفع لأنه صفة لـ(رسلٌ).
المثال العاشر: قال الله تعالى: {فإذا هي بيضاء للناظرين} .(للناظرين): الجار والمجرور مع الضمير المستتر في محل رفع صفة لـ(بيضاء) لأنه نكرة محضة ، وأما قول الزمخشري رحمه الله: فإن قلت : بم يتعلق { للناظرين } ؟ قلت : يتعلق بـ(بيضاء) . والمعنى : فإذا هي بيضاء للنظارة ، ولا تكون بيضاء للنظارة إلاّ إذا كان بياضا عجيباً خارجاً عن العادة ، يجتمع الناس للنظر إليه كما تجتمع النظارة للعجائب { (للناظرين) متعلق بـ(بيضاء)" فمراده متعلق من حيث المعنى لا تعلق الإعراب (أي هذا الكلام يتعلق بهذا الكلام أي أنه من تتمة معناه).
المثال الحادي عشر: قال الله تعالى:{ولكلٍ درجاتٌ مما عملوا}الجار والمجرور (لكل) مع الضمير المستتر: في محل رفع خبر.(درجات) : مبتدأ مؤخر مرفوع.(مما عملوا) : أصلها (مـِنْ) (ما) (عملوا) فالجار والمجرور(مما) مع الضمير المستتر في محل رفع صفة لـ(درجات).التنوين في (لكل) تنوين عوض والتقدير: لكل فريق من الجن والإنس. ومن لابتداء الغاية تؤول إلى معنى التعليل أي لكل فريق من الجن والإنس فضائل في الجنة بعضهم أرفع درجة من بعض ، وللكافرين درجات بعضهم أشد عذاباً من بعض وتسمية دركاتهم درجات من باب التغليب .
المثال الثاني عشر: قال الله تعالى: {يحكم به ذوا عدل منكم}الجار والمجرور (منكم) مع الضمير المستتر: في محل رفع لأنه نعت لـ(ذوا) أي أنهما يكونان من جنسكم في الدين ، ولا يجوز أن يكونا صفة لـ(عدلٍ) لأن (عدلٍ) مصدر والمصدر ليس من جنسهم فكيف يوصف بكونه منهم.
المثال الثالث عشر: قال الله تعالى: {وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم من أهل القرى}
رجالاً: مفعولٌ به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.(نوحي) : الجملة من الفعل والفاعل في محل نصب لأنها صفة لـ(رجالاً), لأن الجمل بعد النكرات المحضة صفات.(من أهل): الجار والمجرور مع الضمير المستتر في محل نصب صفة ثانية لـ(رجالاً) أو حال من المجرور في (إليهم) (أي من الضمير(هم)).
المثال الرابع عشر: قال الله تعالى: {أولم ينظروا إلى السماء فوقهم}
فوق: الظرف (فوق) مع الضمير المستتر في محل نصب لأنه حال من السماء(أي صاحب الحال لفظ لسماء) وهو مضاف و (هم) مضاف إليه ، لأن المعنى أولم ينظروا إلى السماء كائنة فوقهم ، ولا يعلق بـ(ينظروا) لأنه ليس المراد ينظروا فوقهم .
المثال الخامس عشر: قال الله تعالى: {ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات}
فيها أوجه وأحسنها وجهان:
الوجه الأول: أن يكون الجار والمجرور متعلقين بـ(نـَقـْص) لأنه مصدرُ (نـَقَـَصَ) وهو يتعدى الى مفعول واحد وقد حذف (أي ونقص شيء من الأموال).
الوجه الثاني: أن يكون الجار والمجرور مع الضمير المستتر في محل جر صفة لـ(نقص) أي نقص ٍكائنٍ من كذا, و(مـِن) لابتداء الغاية.
المثال السادس عشر: قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه}
إلى أجل: الجار والمجرور متعلقان بـ(تداينتم) ويجوز أن يكونا مع الضمير المستتر في محل جرٍ صفةٌ لـ(دين).
المثال السابع عشر: قال الله تعالى: {إنها عليهم مؤصدة في عمد ممددة}
في عمد : الجار والمجرور مع الضمير المستتر إما أن يكونا: في محل رفعٍ صفة لـ(مؤصدة) أي كائنة في عمد ، والمعنى أنّ النار في داخل العَمَدَ إي أنّ جهنم أغلقت عليهم ممددةً عمدٌ على أبوابها تشديداً في الإغلاق.
في محل نصب حال من الضمير في (عليهم) أي مُوثـَقين في عَمَدَ، فالعمد في جهنم وهم موثقون بها أي مربوطون.
المثال الثامن عشر: قال الله تعالى: {إن آية َ ملكِه أن يأتيكم التابوت فيه سكينةٌ من ربكم}
من ربكم فيهما وجهان:
1. الجار والمجرور مع الضمير المستتر في محل رفع لأنه صفة لـ(سكينة).
2. ويجوز أن يكون الجار والمجرور متعلقين بما تعلق به (فيه) وهو الكون (كائن). لأن (التابوت) فاعل، و(فيه) الجار والمجرور متعلقان بمحذوفٍ خبر مقدم، و(سكينة) مبتدأ مؤخر والجملة من المبتدأ والخبر (فيه سكينة) في محل نصب لأنه حال من (التابوت).
و(من ربكم) متعلقان بما تعلق به (فيه).ومعنى (من) من قوله تعالى(من ربكم) على الوجهين السابقين إما ابتداء الغاية. وإما التبعيض لكن التبعيض يأتي هنا بشرط تقدير مضاف المحذوف أي (سكينة من سكينات ربكم).
المثال التاسع عشر: قال الله تعالى: {نزّل عليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه}
متعلق بمحذوف حال من المفعول أي نزله ملتبساً بالحق نحو(جاء بكر بثيابه) أي ملتبساً بها.
المثال العشرون: قال الله تعالى: {ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم}
على علم: حال إما من الفاعل أي فصلناه عالمين بتفصيله.
تنبيه: عندما نقول حال من الفاعل معنى ذلك أن صاحب الحال هو الفاعل، وعندما نقول حال من المفعول معنى ذلك أنّ صاحب الحال هو المفعول.
المثال الحادي والعشرون: قال الله تعالى: {ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم}
بغير علم : حال من الفاعل وهو الواو في(يضلونهم) وهو أولى لأنه المُتحدَّث عنه(أي المسند إليه الإضلال)، والمعنى يُقـْدِمون على هذا الإضلال بِغَيْرِ حجة ، وبرهان ولا دليل أي : أنهم دعوهم إلى الضلال وأضلوهم من غير حجة ، وقيل حال من المفعول أي يضلون من لا يعلم أنهم ضُلالٌ .
المثال الثاني والعشرون: قال الله تعالى: {أوفوا الكيل والميزان بالقسط}
قال السمين رحمه الله (بالقسط): حال من فاعل (أوفوا) أي أوفوهما مقسطين أي ملتبسين بالقسط ، انتهى أيقول الفقير علي والأحسن أن نعلق الجار والمجرور بـ(أوفوا) ونجعل الباء كالآلة أي أوفوا الكيل والميزان بواسطة القسط والباء لا تخلو من ملابسة فهي تشعر بمصاحبة القسط لكل الإيفاء أيضا .
المثال الثالث والعشرون: قال الله تعالى: {ليجزي الذين امنوا وعملوا الصالحات بالقسط}
حال من الفاعل في (يجزي) أي ملتبساً بالقسط والباء للملابسة ، والأحسن أن نعلق الجار والمجرور بـ(نجزي) و نجعل إيصال الجزاء إليهم بواسطة القسط فالباء كالآلة لإيصال الجزاء وفيها ملابسة تشعر بمصاحبة القسط لكل الجزاء
المثال الرابع والعشرون: قال الله تعالى: {ومن قتله منكم متعمداً}
منكم: الجار والمجرور مع الضمير المستتر في محل نصب لأنه حال من فاعل(قَتَلَه).
المثال الخامس والعشرون: قال الله تعالى: {ورفعنا فوقهم الطور}
فوق: الظاهر كما قال السمين أنه متعلق بـ(رفعنا).وأجاز العكبري وجهاً أخر هو أن يتعلق بمحذوفٍ حال من (الطور).
المثال السادس والعشرون: قال الله تعالى: {فمن كان منكم مريضاً} منكم : الجار والمجرور مع الضمير المستتر في محل نصب لأنه حال من (مريضاً) لأنَّ الجار والمجرور مع الضمير كانا في الأصل صفةً لـ(مريضاً) -أي مريضاً كائناً منكم- فلما تقدما عليها إعراباً حالاً بناء على القاعدة القائلة: (صفة النكرة إذا تقدمت عليها أعربت حالاً غالباً).
المثال السابع والعشرون { ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله } و من) في قوله : (شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ) مثلها في قولك : هذه شهادة منى لفلان إذا شهدت له ، ومثله (بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) قال أبو السعود : " { مِمَّنْ كَتَمَ شهادة } ثابتة { عِندَهُ } كائنة { مِنَ الله } وهي شهادتُه تعالى له عليه السلام بالحنيفية والبراءةِ من اليهودية والنصرانية حسبما تلى آنفاً ، فعنده صفةٌ لشهادة وكذا ( من الله ) جيء بهما لتعليل الإنكار وتأكيدِه فإن ثبوتَ الشهادةِ عنده وكونَها من جانب الله عز وجل من أقوى الدواعي إلى إقامتها وأشدِّ الزواجر عن كِتمانها ، وتقديمُ الأول مع أنه متأخرٌ في الوجود لمراعاة طريقةِ الترقي من الأدنى إلى الأعلى ، والمعنى أنه لا أحدَ أظلمُ من أهل الكتاب حيث كتموا هذه الشهادةَ وأثبتوا نقيضَها بما ذُكر من الافتراء
[32] قال الصبان في باب المفعول لأجله: (وظاهر كلام ابن مالك والأشموني أنَّ المفعول لأجله يسمى عند جره أيضاً مفعولاً لأجله نحو:(جئتُ لإكرامِ زيدٍ) والجمهور على أنه حينئذ مفعول به"
وقال ملا جامي رحمه الله تعليقا على جعل ابن الحاجب (في يوم الجمعة ) ظرفا في قولنا (صمت في يوم الجمعة ) :"وهذا خلاف اصطلاح القوم فإنهم لا يطلقون المفعول فيه إلا على المنصوب بتقدير (في) وأما المجرور بها فهو مفعول به بواسطة حرف الجر لا مفعول فيه وخالفهم المصنف(أي ابن الحاجب) حيث جعل المجرور أيضاً مفعولاً فيه" ، والنحو الوافي كلامه يشير إلى مذهب الجمهور.
[33] قال ابن هشام في الشذور عن حدث لي أمر ، وعرض لي سفر : ـ ـ ـ أو متعلق بالفعل المذكور على أنه مفعول لأجله ، وقال في ذلَّ بالضرب ، غضبت من زيد : المجروران مفعول لأجله لا مفعول به .
[34] هل يجوز أن يـُتـْبَع على محل الجار والمجرور إن كان حرف الجر أصلياً؟ أي إنْ جاء تابع من التوابع الأربعة (النعت، والتوكيد، والعطف ، والبدل) بعد حرف الجر الأصلي هل يجب أن يجر مراعاة للفظ المجرور أم يجوز أن ينصب مراعاة لمحل الجار والمجرور؟
في المسألة قولان: القول الأول: شارح المفصل ابن يعيش والرضي شارح الكافية قالا يجوز الوجهان فتقول: مررت بزيدٍ وعمرٍو أو وعمراً.1. بالجر عطفاً على لفظ المجرور (زيدٍ) وهذا جائز باتفاق.2.وبالنصب عطفاً على محل المجرور (بزيدٍ) ــ لأننا قلنا من قبل (بزيد) مفعول به غير صريح فمحله النصب. وكذلك يقال في بقيت التوابع
القول الثاني: وأما الشيخ عباس حسن صاحب النحو الوافي فلم يأخذ بالرأي السابق بل قال بوجوب العطف بالجر فقط فيجب عنده أن تقول: مررت بزيد وعمرٍو ولا يجوز (وعمراً). وكذلك بقيت التوابع ، أقول وقد أجرى بعض العلماء مذهب جواز الأمرين -أي القول الأول-في آيات منها قوله تعالى:
1. {وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة بئس الرفد المرفود} أجاز الفارسي أن يكون (يومَ القيامة) عطفاً على محل (هذه) لان محله النصب.
2. {يُحَلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا} فجـَوَّزوا في نصب (لؤلؤا) أن يكون معطوفاً على محل (من أساور). والتقدير(يـُحـَلـَّون حلياً من أساور ولؤلؤاً) قاله أبو حيان والعكبري والسمين رحمهم الله.
3. {لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين} أجاز الزمخشري رحمه الله في (بشرى) أن يكون معطوفاً على محل (لينذر).
ولأبي حيان رحمه الله رأيٌ آخرُ يخالفه في هذه الآية فراجعه في البحر المحيط.
4. { وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ } قال السمين الحلبي : في الأرحام َ وجهان : الأول : قوله : { والأرحام } الجمهور/ على نصب ميم « والأرحام » وفيه وجهان ، أحدهما : أنه عطفٌ على لفظ الجلالة أي : واتقوا الأرحام أي : لا تقطعوها الثاني: أنه معطوفٌ على محل المجرور في « به » نحو : مررت بزيد وعمراً ، لَمَّا لَم يَشْرَكْه في الإِتباع على اللفظِ تبعه على الموضع .
5. قال ابن هشام في الشذور : { وأرجلَكم } بالنصب في قوله تعالى { فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ } معطوف على محل { برءوسكم} كما قال الشاعر : يسلكن في نجد وغورا غائرا .
تنبيه: يجب أن تتنبه هنا أن الخلاف السابق في الإتباع على محل حرف الجر الأصلي ، وأما مجرور حرف الجر الزائد والشبيه بالزائد فيجوز في تابعهما الوجهان أعني (الإتباع على محلهما) و(على لفظهما) الأكثر المشهور من كلام العلماء .
· تقول في حرف الجر الزائد مثلاً: ما جاء من رجلٍ كريمٍ أو كريمٌ ، كريمٍ: مراعاة للفظ (رجلٍ) ، أو كريمٌ: مراعاة لمحل (رجلٍ)، لأن (رجلٍ) في محل رفع لأنه فاعل.
· وتقول في حرف الجر الشبيه بالزائد مثلاً: رُبَّ رجلٍ كريم ٍـكريمٌ لقيته كريمٍٍ: مراعاة للفظ (رجلٍ) ، كريم ٌ: مراعاة لمحل (رجلٍ)، لأن (رجلٍ) في محل رفع لأنه مبتدأ.
[35] قال في حواشي ملا جامي عند كلام ملا جامي السابق:" وإنما عبر (ملا جامي) بالقوم عند قوله (وهذا خلاف اصطلاح القوم) تنبيها على أن المختار عند الشيخ (ملا جامي) ما ذهب إليه المصنف (ابن الحاجب) لأنه كما أن (يومَ) في قولك (سرت يومَ الجمعة) ظرف للسير ومحل له كذلك قولك (سرتُ في يوم الجمعة) ظرف له ومحل أيضا ًفلا وجه لإطلاق المفعول فيه على الأول دون الثاني".
[36] هناك خلاف هل الإعراب في المجرور بالزائد والشبيه بالزائد محلي أم تقديري ؟ فإن قلنا إعرابه محلي فهو ما شرحناه ، وإن قلنا تقديري نعرب (أحد) مفعولا به منصوبا وعلامة نصبه فتحة مقدرة منع من ظهورها حركة حرف الجر الزائد .
[37] 1. لا تأتي (من) زائدة عند البصريين إلا بثلاثة شروط:
أ- أن تدخل على نكرة (أي أن يكون مجرورها نكرة) نحو (أحد آية, ولي).
ب- أن تسبق بنفي, أو نهي, أو استفهام بالهمزة أو بـ(هل) كالأمثلة السابقة.
ت- أن تَجر فاعلاً أو مفعولا أو مبتدأ ولو منسوخاً (بكان أو غيرها) أو مفعولا مطلقاً، ولا يأتي مجرورها بغير هذه الإعرابات.
2. (من) الزائدة إما أن تفيد العموم أو توكيد العموم
[39] قال ابن حجر في فتح الباري : واختلف في المراد بقوله كاسية وعارية على أوجه أحدها كاسية في الدنيا بالثياب لوجود الغنى عارية في الآخرة من الثواب لعدم العمل في الدنيا ثانيها كاسية بالثياب لكنها شفافة لا تستر عورتها فتعاقب في الآخرة بالعري جزاء على ذلك ثالثها كاسية من نعم الله عارية من الشكر الذي تظهر ثمرته في الآخرة بالثواب رابعها كاسية جسدها لكنها تشد خمارها من ورائها فيبدو صدرها فتصير عارية فتعاقب في الآخرة خامسها كاسية من خلعة التزوج بالرجل الصالح عارية في الآخرة من العمل فلا ينفعها صلاح زوجها كما قال تعالى فلا انساب بينهم
[40] الصفة المشبهة "اسم مشتق؛ يدل على ثبوت صفة لصاحبها ثبوتًا عامًّا". قال النحو الوفي : نحو جميل، أبيض، حسن، حلو... و... فما الذي تدل عليه كل كلمة من هذه الكلمات، ونظائرها؟ لنأخذ مثلًا كلمة: "جميل" فإنها اسم مشتق، يدل على أربعة أمور مجتمعة:
أولها: المعنى المجرد الذي يسمى: "الوصف"، أو "الصفة". وهو هنا: الجمال.
ثانيها: الشخص، أو غيره من الأشياء التي لا يقوم المعنى المجرد إلا بها، ولا يتحقق وجوده إلا فيها. وإن شئت فقل: هو الموصوف الذي يتصف بهذا الوصف، "الصفة"...، ولا يمكن أن يوجد الوصف مستقلًا بنفسه بغير موصوفه. والمراد به في المثال: الشخص الذي ننسب له الجمال، ونصِفُه به. ثالثها: ثبوت هذا المعنى المجرد "الوصف، أو: الصفة" لصاحبه في كل الأزمنة ثبوتًا عامًا؛ أي: الاعتراف بتحققه ووقوعه شاملًا الأزمنة الثلاثة المختلفة؛ فلا يختص ببعض منها دون آخر، بمعنى أنه لا يقتصر على الماضي وحده، ولا على الحال وحده، ولا على المستقبل كذلك، ولا يقتصر على زمنين دون انضمام الثالث إليهما؛ فلا بد أن يشمل الأزمنة الثلاثة؛ بأن يصاحب موصوفه فيها. فوصف شخص بالجمال على الوجه الوارد في العبارة السابقة معناه الاعتراف بالجمال له، وأن هذا الجمال ثابت متحقق في ماضيه، وفي حاضره، وفي مستقبله، غير مقتصر على بعض منها. "ولهذا نتيجة حتمية تجيء في الأمر الرابع التالي".
رابعها: ملازمة ذلك الثبوت المعنوي العام للموصوف ودوامه؛ لأنه -كما أوضحناه- يقتضي أن يكون المعنى المجرد الثابت وقوعه وتحققه ليس أمرًا حادثًا الآن، ولا طارئًا ينقضي بعد زمن قصير. وإنما هو أمر دائم ملازم صاحبه "الموصوف" طول حياته، أو أطول مدة فيها حتى يكاد يكون بمنزلة الدائم1؛ إذ ليس بمعقول أن يصحبه في ماضيه وحاضره ومستقبله من غير أن يكون ملازمًا له، أو كالملازم2؛ فالجمال مثلًا لا يفارق صاحبه، وإن فارقه3 فزمن المفارقة أقصر من زمن الملازمة الطويلة التي هي بالدوام أشبه. ومن ثم كان هذا الأمر الرابع نتيجة للثالث .
[41] (على كل شيء) متعلق بـ(قدير).
[42] ف(عندك) متعلق بمحذوف خبر أو نقول شبه الجملة خبر ، و(من رجز) متعلق بمحذوف صفة لـ(عذاب) أو نقول الجار والمجرور في محل رفع صفة . (في الآخرة ) في محل نصب حال من (عذاب) و(لهم ) خبر و(عذاب) مبتدأ