استوقفتني هذه الآيات

إنضم
19/07/2003
المشاركات
268
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
بسم الله الرحمن الرحيم

يمر العالم الإسلامي اليوم بأحداث متتالية, ومعارك دامية, قتل ودمار وتشريد للكبار والصغار, ومع تلاحق هذه الفتن والأحداث يتسابق الناس لمعرفة الأخبار والأحداث, والوصول إلى ما وراء الخبر , ومع هذا الزخم الإعلامي الكبير في وسائل الإعلام تجد الغث والسمين وتجد من يهرف بما لا يعرف, والناس في ذلك بين أخذ ورد

حينئذ ينبغي على المسلم الذي يريد التجرد والصواب الرجوع إلى الهدي النبوي في هذه الفتن فعنْ مَعْقِلِ بن يَسَارٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"عُبَادَةٌ فِي الْهَرْجِ، أَوِ الْفِتْنَةِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ" رواه مسلم

ومن أعظم العبادات عبادة تدبر كتاب الله والتفكر في معانيه ففيه التوجيه الصحيح لما يجري وما يحصل , وفي هذه الأحداث يتذكر المؤمن آيات من كتاب الله حبذا أن يقف عليها ويتأمل معانيها ويقرأ تفسيرها

ومن ذلك قوله تعالى: ( مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ) (آل عمران:179)

قال الشيخ السعدي رحمه الله:[ ما كان في حكمة الله أن يترك المؤمنين على ما أنتم عليه من الاختلاط وعدم التميز حتى يميز الخبيث من الطيب، والمؤمن من المنافق، والصادق من الكاذب.ولم يكن في حكمته أيضا أن يطلع عباده على الغيب الذي يعلمه من عباده، فاقتضت حكمته الباهرة أن يبتلي عباده، ويفتنهم بما به يتميز الخبيث من الطيب، من أنواع الابتلاء والامتحان، فأرسل [الله] رسله، وأمر بطاعتهم، والانقياد لهم، والإيمان بهم، ووعدهم على الإيمان والتقوى الأجر العظيم.

فانقسم الناس بحسب اتباعهم للرسل قسمين: مطيعين وعاصين، ومؤمنين ومنافقين، ومسلمين وكافرين، ليرتب على ذلك الثواب والعقاب، وليظهر عدله وفضله، وحكمته لخلقه].



ومن ذلك قوله تعالى: ( لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (آل عمران:188)

قال الشيخ السعدي رحمه الله: [ { لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا } أي: من القبائح والباطل القولي والفعلي.

{ ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا } أي: بالخير الذي لم يفعلوه، والحق الذي لم يقولوه، فجمعوا بين فعل الشر وقوله، والفرح بذلك ومحبة أن يحمدوا على فعل الخير الذي ما فعلوه.

{ فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب } أي: بمحل نجوة منه وسلامة، بل قد استحقوه، وسيصيرون إليه، ولهذا قال: { ولهم عذاب أليم } .

ويدخل في هذه الآية الكريمة أهل الكتاب الذين فرحوا بما عندهم من العلم، ولم ينقادوا للرسول، وزعموا أنهم هم المحقون في حالهم ومقالهم، وكذلك كل من ابتدع بدعة قولية أو فعلية، وفرح بها، ودعا إليها، وزعم أنه محق وغيره مبطل، كما هو الواقع من أهل البدع ].



ومن ذلك قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) (لأنفال 36 - 37)

قال الشيخ السعدي رحمه الله: [ يقول تعالى مبينا لعداوة المشركين وكيدهم ومكرهم، ومبارزتهم للّه ولرسوله، وسعيهم في إطفاء نوره وإخماد كلمته، وأن وبال مكرهم سيعود عليهم، ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله، فقال: { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } أي: ليبطلوا الحق وينصروا الباطل، ويبطل توحيد الرحمن، ويقوم دين عبادة الأوثان.
{ فَسَيُنْفِقُونَهَا } أي: فسيصدرون هذه النفقة، وتخف عليهم لتمسكهم بالباطل، وشدة بغضهم للحق، ولكنها ستكون عليهم حسرة، أي: ندامة وخزيا وذلا ويغلبون فتذهب أموالهم وما أملوا، ويعذبون في الآخرة أشد العذاب. ولهذا قال: { وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ } أي: يجمعون إليها، ليذوقوا عذابها، وذلك لأنها دار الخبث والخبثاء، واللّه تعالى يريد أن يميز الخبيث من الطيب، ويجعل كل واحدة على حدة، وفي دار تخصه،فيجعل الخبيث بعضه على بعض، من الأعمال والأموال والأشخاص. { فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ } الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة، ألا ذلك هو الخسران المبين] .

أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يتدبر كتابه ويستمسك به

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
 
عودة
أعلى