استمعوا إلى الباب الذي قد سد/إنا لله وإنا إليه راجعون

محمد رشيد

New member
إنضم
04/04/2003
المشاركات
308
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
[FONT=&quot]بسم الله الرحمن الرحيم

[FONT=&quot]الحمد لله رب العالمين وبعد..

[FONT=&quot]فمن عظيم منن الله تعالى على عبده المفتقر إليه في كل أحواله، أن قد أدمنت أخيرا أينما حللت أن أستمع إلى تلاوات القرآن العظيم، وأستذوق هذه الكلمات السماوية، بعد أن أخذني هذا الكتاب أخذة ما بعدها رجعة، أخذني من مصنفات الفروع والأصول، أخذة ليربيني، ثم يردني إليها على هدى ونور، لا عن الشهوة علم، وعشق الفهم، وشفاء الغليل، ونشوة التحصيل. [/FONT]
[FONT=&quot]فأستمع إلى الكلمات السماوية وأنا ملق بظهري، منتفشا مستعليا بها على أي كلام خلا كلام الله، وما يليه من جوامع كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، تقول نفسي لأصحاب كل كلام غير كلام الله: قل ما قل وانتفش ما تنتفش، هذا كلام الله، خير الحديث، خير الحروف، خير الكلم، بكل تعصب، وبكل أحادية، أقولها، وبحصرية قاسية.[/FONT]
[FONT=&quot]وكان من جملة ما يروقني، بل يأخذ بلبي، أن أستمع إلى بعض القراء ببرنامج دروس المقامات، والذي يعرض بـ (قناة الفجر) المتخصصة في التلاوات القرآنية حسبما أعرف، فهناك من القراء الشباب من أوتي شيئا عجبا، وكنت أداعب أمي حينما تريد مشاهدة قناة أخرى، فأقول لها: يا أمي أنا ما أصدق أني أجد هذا الجمال في التلاوة وتلك الأحكام المنضبطة، إنني في محيطي ما أجد من أستمع إليه غيري، فدعيني أسمع. فتضحك وتضحك زوجي - حفظهما الله وأبقاهما في مرضاته واستعملهن في سبيله -. [/FONT]
[FONT=&quot]إلا أن ثمة ما كان يقبضني ويعكر صفوي، وهو هؤلاء ((المحترفون)) الذين يظهر من قراءتهم تكلفا عجيبا يخرج بالقارئ عن التدبر والخشوع والذل الذي ينبغي أن يعتري الوجه والجسد حين قراءة تنزيل رب العالمين، حتى تنتفخ أوداج القراء، وتحمر وجوههم، وتدمع أعينهم – من الضغط - وتكاد تنفجر من محاجرها، وهم ((يحزقون)).. فكانت نفسي تستنكر، وتقول: ما هذا بالقرآن الذي يقرأ، والذي يهدي الله به من يستمع إليه أو من يسمع – دون التاء - . [/FONT]
[FONT=&quot]حتى وقفت على كلام رائق للإمام ابن الجوزي في (النشر في القراءات العشر) وافق خطاب نفسي، وقد حوى ما أنقله عنه فوائد عزيزة هي إلى الحكمة أقرب، ويا ليت من يتكلفون ومن يقصرون يلتزموا الوسطية وجمالها، فقال رضي الله عنه : [/FONT]

[FONT=&quot]فالتجويد هو حلية التلاوة[/FONT]
[FONT=&quot]، وزينة القراءة، وهو إعطاء الحروف حقوقها وترتيبها مراتبها، ورد الحرف إلى مخرجه وأصله، وإلحاقه بنظيره وتصحيح لفظه وتلطيف النطق به على حال صيغته، وكمال هيئته؛ من غير إسراف ولا تعسف ولا إفراط ولا تكلف، وإلى ذلك أشار النبي صلى الله عليه وسلم بقوله "من أحب أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأ قراءة ابن أم عبد" يعني عبد الله بن مسعود، وكان رضي الله عنه قد أعطى حظاً عظيماً في تجويد القرآن وتحقيقه وترتيله كما أنزله الله تعالى، وناهيك برجل أحب النبي صلى الله عليه وسلم أن يسمع القرآن منه، ولما قرأ أبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما ثبت في الصحيحين وروينا بسند صحيح عن أبي عثمان النهدي، قال : صلى بنا ابن مسعود المغرب بقل هو الله أحد، ووالله لوددت أنه قرأ بسورة البقرة من حسن صوته وترتيله. (قلت) وهذه سنة الله تبارك وتعالى، فمن يقرأ القرآن مجوداً مصححاً كما أنزل تلتذ الأسماع بتلاوته، وتخشع القلوب عند قراءته، حتى يكاد أن يسلب العقول ويأخذ الألباب؛ سر من أسرار الله تعالى يودعه من يشاء من خلقه؛ ولقد أدركنا من شيوخنا من لم يكن له حسن صوت ولا معرفة بالألحان إلا كان جيد الأداء؛ قيما باللفظ؛ فكان إذا قرأ أطرب المسامع؛ وأخذ من القلوب بالمجامع، وكان الخلق يزدحمون عليه، ويجتمعون على الاستماع إليه، أمم من الخواص والعوام، يشترك في ذلك من يعرف العربي ومن لا يعرفه من سائر الأنام، مع تركهم جماعات من ذوي الأصوات الحسان، عارفين بالمقامات والألحان؛ لخروجهم عن التجويد والإتقان. وأخبرني جماعة من شيوخي وغيرهم أخباراً بلغت التواتر عن شيخهم الإمام تقي الدين محمد بن أحمد الصائغ المصري رحمه الله وكان أستاذاً في التجويد أنه قرأ يوماً في صلاة الصبح " وتفقد الطير فقال لا أرى الهدهد" وكرر هذه الآية فنزل طائر على رأس الشيخ يسمع قراءته حتى أكملها فنظروا إليه فإذا هو هدهد، وبلغنا عن الأستاذ الإمام أبي محمد عبد الله بن علي البغدادي المعروف بسبط الخياط مؤلف المبهج وغيره في القراءات رحمه الله أنه كان قد أعطى من ذلك حظاً عظيماً، وأنه أسلم جماعة من اليهود والنصارى من سماع قراءته، وآخر من علمناه بلغ النهاية في ذلك الشيخ بدر الدين محمد بن أحمد ابن بصخان شيخ الشام، والشيخ إبراهيم بن عبد الله الحكري شيخ الديار المصرية رحمهما الله، وأما[/FONT][FONT=&quot] اليوم فهذا باب أغلق، وطريق سد، نسأل الله التوفيق، ونعوذ به من قصور الهمم ونفاق سوق الجهل في العرب والعجم. [/FONT]
[FONT=&quot]ولا أعلم سبباً لبلوغ نهاية الإتقان والتجويد، ووصول غاية التصحيح والتشديد، مثل رياضة الألسن، والتكرار على اللفظ المتلقى من فم المحسن[/FONT]
[FONT=&quot]، وأنت ترى تجويد حروف الكتابة كيف يبلغ الكاتب بالرياضة وتوقيف الأستاذ، ولله در الحافظ أبي عمرو الداني رحمه الله حيث يقول: ليس بين التجويد وتركه، إلا رياضة لمن تدبره بفكه فلقد صدق وبصر، وأوجز في القول وما قصر.[/FONT][FONT=&quot] فليس التجويد بتمضيغ اللسان، ولا بتقعير الفم، ولا بتعويج الفك، ولا بترعيد الصوت، ولا بتمطيط الشد، ولا بتقطيع المد، ولا بتطنين الغنات، ولا بحصرمة الراءات، قراءة تنفر عنها الطباع، وتمجها القلوب والأسماع، بل القراءة السهلة العذبة الحلوة اللطيفة، التي لا مضغ فيها ولا لوك، ولا تعسف ولا تكلف، ولا تصنع ولا تنطع، لا تخرج عن طباع العرب وكلام الفصحاء بوجه من وجوه القراءات والأداء..[/FONT]

[FONT=&quot](انتهى من كلام ابن الجزري رضي الله عنه)[/FONT]

[FONT=&quot]ثم وقفت على كلام رائق جميل للإمام السيوطي من كتابه (معترك الأقران في إعجاز القرآن) فيقول رحمه الله ورضي عنه :[/FONT]
[FONT=&quot]الوجه الحادي عشر من وجوه إعجازه : أن سامعه لا يمجه، وقارئه لا يله، فتلذ له الأسماع، وتشغف له القلوب، فلا تويده تلاوته إلا حلاوة، ولا ترديده إلا محبة، ولا يزال غضا طريا، وغيره من الكلام ولو بلغ في الحسن والبلاغة مبلغه، يمل مع الترديد، ويعادى إذا أعيد، لأن إعادة الحديث على القلب أثقل من الحديد، وكتابنا – بحمد الله – يستلذ به في الخلوات، ويؤنس به في الأزمات، وسواه من الكتب لا يوجد فيها ذلك، [/FONT][FONT=&quot]حتى أحدث لها أصحابها لحونا وطربا يستجلبون بتلك اللحون تنشيطهم على قراءتها.[/FONT]
[FONT=&quot](انتهى من كلام السيوطي رضي الله عنه)[/FONT]

[FONT=&quot]وكنت من قبل قرأت تجربة مع سورة النجم سردها الأستاذ سيد قطب – رحمه الله ورضي عنه – في سفره (في ظلال القرآن) عجبت لها، وعلمت أن القرآن هو القرآن، وإنما هو قلوب الفاهمين المتدبرين الخاشعين، مع جمال التلاوة وحسن القراءة. يقول رحمه الله : [/FONT]
[FONT=&quot]كنت بين رفقة نسمر حينما طرق أسماعنا صوت قارئ للقرآن من قريب ، يتلو سورة النجم . [/FONT][FONT=&quot]فانقطع بيننا الحديث ، لنستمع وننصت للقرآن الكريم[/FONT][FONT=&quot]. وكان صوت القارئ مؤثراً وهو يرتل القرآن ترتيلاً حسناً .[/FONT]
[FONT=&quot]وشيئاً فشيئاً عشت معه فيما يتلوه . عشت مع قلب محمد - صلى الله عليه وسلم - في رحلته إلى الملأ الأعلى .[/FONT][FONT=&quot]عشت معه وهو يشهد جبريل - عليه السلام - في صورته الملائكية التي خلقه الله عليها . ذلك الحادث العجيب المدهش حين يتدبره الإنسان ويحاول تخيله! وعشت معه وهو في رحلته العلوية الطليقة . عند سدرة المنتهى . وجنة المأوى . [/FONT][FONT=&quot]عشت معه بقدر ما يسعفني خيالي ، وتحلق بي رؤاي ، وبقدر ما تطيق مشاعري وأحاسيسي . .[/FONT]
[FONT=&quot]وتابعته في الإحساس بتهافت أساطير المشركين حول الملائكة وعبادتها وبنوتها وأنوثتها . . إلى آخر هذه الأوهام الخرفة المضحكة ، التي تتهاوى عند اللمسة الأولى[/FONT]
[FONT=&quot]ووقفت أمام الكائن البشري ينشأ من الأرض ، وأمام الأجنة في بطون الأمهات . وعلم الله يتابعها ويحيط بها .[/FONT]
[FONT=&quot]وارتجف كياني تحت وقع اللمسات المتتابعة في المقطع الأخير من السورة[/FONT]
[FONT=&quot] . . الغيب المحجوب لا يراه إلا الله . والعمل المكتوب لا يند ولا يغيب عن الحساب والجزاء . والمنتهى إلى الله في نهاية كل طريق يسلكه العبيد . والحشود الضاحكة والحشود الباكية . وحشود الموتى . وحشود الأحياء . والنطفة تهتدي في الظلمات إلى طريقها ، وتخطو خطواتها وتبرز أسرارها فإذا هي ذكر أو أنثى . والنشأة الأخرى . ومصارع الغابرين . والمؤتفكة أهوى فغشاها ما غشى![/FONT]
[FONT=&quot]واستمعت إلى صوت النذير الأخير قبل الكارثة الداهمة : { هذا نذير من النذر الأولى . أزفت الآزفة ليس لها من دون الله كاشفة } . .[/FONT]
[FONT=&quot]ثم جاءت الصيحة الأخيرة . [/FONT][FONT=&quot]واهتز كياني كله أمام التبكيت الرعيب[/FONT][FONT=&quot] : { أفمن هذا الحديث تعجبون . وتضحكون ولا تبكون . وأنتم سامدون؟ } .[/FONT]
[FONT=&quot]فلما سمعت : { فاسجدوا لله واعبدوا } . . [/FONT][FONT=&quot]كانت الرجفة قد سرت من قلبي حقاً إلى أوصالي . واستحالت رجفة عضلية مادية ذات مظهر مادي ، لم أملك مقاومته . فظل جسمي كله يختلج ، ولا أتمالك أن أثبته ، ولا أن أكفكف دموعاً هاتنة ، لا أملك احتباسها مع الجهد والمحاولة![/FONT]
[FONT=&quot](انتهى من كلام سيد قطب رحمه الله ورضي عنه)[/FONT]

[FONT=&quot]فقرءاننا جماله في ذاته، في لطافة نفسه، فحيثما خرج دون تكلف فهو آت من السماء، ولا يحتاد القرآن إلى (حزقات) الحازقين، ولا إلى انفجار عروق القارئين، بل هو التجويد المكين، والنّفس الرصين، وخشوع الصوت والجسد لرب العالمين، وقرآنه العربي المبين.[/FONT]
[FONT=&quot]فهل تودون الاستماع إلى هذه القراءة العذبة الحلوة اللطيفة التي تكلم عنها ابن الجزري؟ [/FONT]
[FONT=&quot]إنها قراءة جذبتني جذبة وأخذتني أخذة، ما دريت إلا بالقرآن ينزل من السماء، في ليلة تظهر نجومها، بعيدا عن أضواء المدينة، فكدت أصطحب حاسوبي، وأصعد إلى سطح منزلي، في ساعة متأخرة من الليل، حيث السماء بمحتواها، وفراغ بيتي عن الإحاطة بالمنازل، حيث بعده عن الزخم السكاني، فلا ضوضاء ولا غبش ولا أضواء، إلا ضوء النجوم، فأستمع إلى القرآن يأتي من السماء، أستمع إلى سورة النجم، فيقسم الله بالنجم إذا هوى.. ثمف إلى سورة نوح، فيحدثنا الله عن نوح وحقيقة ما كان مع قومه..[/FONT]
[FONT=&quot]فهل ستقابلك تلاوة هي أروع من تلك؟ [/FONT]
[FONT=&quot]لن يجدي الكلام.. وإنما ذق تعرف.. [/FONT]
[FONT=&quot]وأهيب بالقارئ أن يستمع ولا يكسل، وليستعذ بالله من تخذيلات الشيطان الرجيم.


http://www.youtube.com/watch?v=_hlo8wVUozs&feature=player_embedded


http://www.youtube.com/watch?v=akOWt8hgnLk&feature=player_embedded
[/FONT]​
[/FONT]
[/FONT]
 
أرأيت كلام ربنا ؟!
والله يهزني هزا ولا أشبع من استماعه

استمع إلى التلاوة المشابهة (التدوير) لسورة الرحمن من الشيخ الحصري كذلك. فقد استمعت إليها منذ أيام وأنا أنظر إلى أرض واسعة من النخيل في وقت الظهيرة، تغطيها طبقة السماء، فما لم يكن بالمشهد كان قريب التصور، حتى البحرين لا يبغيان. وأحدثت التلاوة في نفسي شيئا عجيبا أرى أثره حتى تلك اللحظة. ولن أطيل، فقط استمع، وستسجد لله شكرا على نعمة القرآن.

http://www.youtube.com/watch?v=CWlZX92mOWI
 
ما شاء الله . وهذه أخي في الله من صفات القرآن العظيم.
ويذكرني ذلك بحديث عن ابن عباس قال : إن الوليد بن المغيرة ، جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم . فقال اقرأ علي . فقرأ عليه : إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى الآية فقال أعد . فأعاد . فقال والله إن له لحلاوة . وإن عليه لطلاوة . وإن أعلاه لمثمر . وإن أسفله لمغدق . وإنه ليعلو ولا يعلى عليه . وإنه ليحطم ما تحته . وما يقول هذا بشر .
وفي رواية " وبلغ ذلك أبا جهل ، فأتاه . فقال يا عم إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالا . قال ولم ؟ قال آتيت محمدا لتعوض مما قبله . قال قد علمت قريش أني من أكثرها مالا . قال فقل فيه قولا يبلغ قومك : إنك منكر له . قال ماذا أقول ؟ فوالله ما فيكم أعلم بالأشعار مني إلخ " .
وفي رواية أن الوليد بن المغيرة قال لهم - وقد حضر الموسم - " ستقدم عليكم وفود العرب من كل جانب وقد سمعوا بأمر صاحبكم . فأجمعوا فيه رأيا ، ولا تختلفوا ، فيكذب بعضكم بعضا . فقالوا : فأنت فقل . فقال بل قولوا وأنا أسمع . قالوا : نقول كاهن . قال ما هو بزمرة الكهان ولا سجعهم . قالوا نقول مجنون قال ما هو بمجنون . لقد رأينا الجنون وعرفناه . فما هو بخنقه ولا وسوسته ولا تخالجه . قالوا : نقول شاعر . قال ما هو بشاعر . لقد عرفنا الشعر رجزه وهزجه وقريضه . ومقبوضه ومبسوطه قالوا : نقول ساحر قال ما هو بساحر . لقد رأينا السحرة وسحرهم فما هو بعقدهم ولا نفثهم قالوا : فما نقول يا أبا عبد شمس ؟ قال ما نقول من شيء من هذا إلا عرف أنه باطل وإن أقرب القول أن تقولوا : ساحر يفرق بين المرء وأخيه وبين المرء وزوجه وبين المرء وعشيرته فتفرقوا عنه بذلك . فجعلوا يجلسون للناس لا يمر بهم أحد إلا حذروه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فأنزل الله في الوليد بن المغيرة : ذرني ومن خلقت وحيدا...... الآيات.
والله لا يسع أحد منا سمع هذا إلا أن يخر لله ساجداً على نعمة الهداية فقد أبى الله أن يهدي قلب الوليد رغم تذوقه لحلاوة القرآن . فالشكر الشكر لله رب العالمين .
 
عودة
أعلى