استكمال موضوع 24 من بلاغة القرآن الكريم

إنضم
14/04/2016
المشاركات
11
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
الإقامة
الأردن
استكمالا لموضوع 24 من بلاغة القرآن الكريم في آية ((وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (31)البقرة
3-هناك من يقولُ ويجهدُ نفسَه بالبحث عن: كيف عرفت الملائكة أن الخليفة يفسد في الأرض ويسفك الدماء ؟والجواب في غاية السهولة لمن يسره الله إليه، وهو أن الله تعالى أخبرهم ،فهناك محذوف ،إذ يُفهم من الاية أنه تعالى قال:((إني جاعل في الأرض خليفة-يفسد فيها ويسفك الدماء-)) فجاء استغراب الملائكة مباشرة ((أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء))فيكون عن علمٍ عُلِّموه ، ولكنه جلَّ في علاه قد حذفه من الاية لئلا يكون الإفساد وسفك الدماء من الله تعالى أمراً محتوماً أو لازماً عندها يكون الإنسان مُجبرا عليه فلا يُحاسب ،والله تعالى ينسب الخير- الذي يصيب الإنسان –لذاته العليا، وما يصيب الإنسان من شر فمن نفسه ،قال تعالى:(( مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِك[النساء:79] ومثل هذا الحذف وارد في قوله تعالى((( قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير ( 26 ) ال عمران، والتقدير (بيدك الخير والشر)وقد حذف كلمة(الشر)لئلا يُفهم أن الشر منه تعالى أمراً لازماً، تعالى الله عن ذلك!((وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون))النحل(118) و((وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49) الكهف.
4-والحاصل أن الخليفة -الذي أثار عجبَ الملائكة –قد كان منه الإصلاح في الأرض كالأنبياء والمرسلين وأتباعهم من الصالحين والمؤمنين على مر العصور، ومعنى ذلك أن الملائكة قد علمت هذا الجانبَ من الله تعالى كذلك فلم تستغربْه، فهو منسجم إلى حدٍّ ما مع طبيعتهم التي هم عليها من عبادة الله تعالى ،فلم يسألوا عنه لأنهم ما استغربوه، ولكنهم سألوا وتعجبوا عن جانب الإفساد وسفك الدماء الذي لا ينسجم مع طبيعتهم التي فُطروا عليها.
5- بقي أن يعلموا من هو ذاك الذي يفسد في الأرض ويسفك الدماء ؟فلا يكون الفاعل المقصود هو من الأشياء غير الإنسان فهي ليست عاقلة وبالتالي ليست مكلفة ، ولا هو من الإنسان المصلح ، فلا يبقى إلا أن يكون المقصود هو (من يفسد فيها ويسفك الدماء) وهم المفسدون من أهل الشرك والكفر والضلال الذين اتخذوا لهم إلهةً غير الله تعالى ولم يستجيبوا للأنبياء والمرسلين فأشركوا وكفروا بالله ونادوا بالعبودية لهم من أتباعهم كفرعون والنمرود وقوم لوط وأمثالهم فضلوا وأضلوا بعد أنْ أشهدهم الله تعالى على أنفسهم أمام الملائكة وادم عليه السلام، قال تعالى:(( وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون وكذلك نفصل الآيات ولعلهم يرجعون )) الأعراف (172)فقد روى الإمام أحمد في مسنده قال :حدثنا حسين بن محمد حدثنا جرير يعني ابن حازم عن كلثوم بن جبر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم عليه السلام بنعمان يوم عرفة، فأخرج من صلبه كل ذرية ذراها فنثرها بين يديه، ثم كلمهم قِبلاً قال: (ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة أنا كنا عن هذا غافلين. أو تقولوا) إلى قوله (المبطلون) الأعراف: 172: 173 فهو بإسناد جيد قوي على شرط مسلم. رواه النسائي وابن جرير والحاكم في مستدركه.
كما روى الإمام أحمد كذلك هذا الحديث:(( حدثنا حجاج حدثني شعبة عن أبي عمر أن الجوني عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يقال للرجل من أهل النار يوم القيامة: لو كان لك ما على الأرض من شيء أكنت مفتدياً به؟ قال فيقول: نعم. فيقول: قد أردت منك ما هو أهون من ذلك، قد أخذت عليك في ظهر آدم لا تشرك بي شيئاً فأبيت إلا أن تشرك بي) أخرجاه من حديث شعبه به.
وهكذا فالسياق منصبٌّ على الفساد وسفك الدماء الناتج عن الكفر والإشراك بالله ونقض الميثاق فتعجبت الملائكة فكأنَّ لسان حالهم يقولون ويهمسون :منْ مِنْ هؤلاء سينقضُ الميثاق ويكفر ويشرك بالله ثم يُفسدُ ويسفك الدماء ؟ وهل سيكون في ملكك منْ يكفر ويشرك ؟ فأرادوا معرفة أسماء اولئك المفسدين بعد ان عرضهم الله تعالى عليهم فلم يجدوا جوابا لأن الجواب ليس عندهم بل عند ادم الذي علَّمه الله تعالى أسماءَهم فهم من ذريته ويخصونه ،عندها قال يا ادم أنبئهم بأسمائهم فأنبأهم ،فتكون الأسماء هي أسماء ما يُعبد من دون الله .
فالأمر عظيم ذاك الذي اختصم فيه الملأُ الأعلى وهو يتعلق ببداية الحياة البشرية على الأرض وما سيكون من امر ادم وذريته وليس هو في أسماء الأشياء كما ظن كثيرون، قال تعالى ((قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنذِرٌ ۖ وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (65) رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (66) قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (67) أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (68) مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَىٰ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (69) إِن يُوحَىٰ إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ (70) إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (73) إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (74)ص
للحديث بقية إن شاء الله ...ارتأيت تقسيم الموضوع نظرا لطوله .
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العامين...أما بعد...الأستاذ الفاضل لقد قلتم :
(والجواب في غاية السهولة لمن يسره الله إليه، وهو أن الله تعالى أخبرهم ،فهناك محذوف ،إذ يُفهم من الاية أنه تعالى قال:((إني جاعل في الأرض خليفة-يفسد فيها ويسفك الدماء-))

وأرجو من حضرتكم ان تذكروا لنا أي مفسر ذكر هذا الامر...وهل يعقل ان الله سبحانه
يذكر هذه الصفات وهي غير صحيحة لان ليس جميع البشر يقتلون ويسفكون الدماء؟؟؟
سأكتفي بهذا السؤال وان كان لي إعتراضات كثيرة على كلامكم ...شاكرا لكم قبول
سؤالي ونسأل الله تعالى ان يعلمنا ويعلمكم شروط التفسير وأصوله.

 
عودة
أعلى