استقبال شهر رمضان

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع إمداد
  • تاريخ البدء تاريخ البدء

إمداد

New member
إنضم
05/07/2004
المشاركات
257
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
استقبال شهر رمضان
الشيخ الدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي

ملخص هذه المادّة

--------------------------------------------------------------------------------
رمضان محطة هامة لزيادة الإيمان، واكتساب الحسنات، وبلوغ أعلى الدرجات.

وقد أدرك قيمته السلف، وجهلها أكثر الخلف.

وفي هذا اللقاء حديث عن أهمية الاستعداد لرمضان، وبيان لحكمة الصوم، وتحذير من بعض المنكرات.



عناصر استقبال شهر رمضان

--------------------------------------------------------------------------------

1 - المفاضلة بين المخلوقات وبين الأزمنة والأمكنة


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعــد:

إن الله تبارك وتعالى خالق كل شيء، خلق الإنسان، وخلق الملائكة، وخلق الليل والنهار، وهو كما قال عز وجل: وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ [القصص:68].

فاختار الله تبارك وتعالى من فضَّله على غيره من مخلوقاته.

فاختار محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفضَّله على سائر البشر، وفضَّل بعض النبيين على بعض.

واختار هذا البلد الحرام مكة وفضلها على جميع الأرض.

واختار جبريل عليه السلام وفضَّله على الملائكة.

واختار أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفضلهم على جميع الأمة.

واختار من الأزمان كما اختار من الأمكنة، فاختار هذا الشهر العظيم -شهر رمضان- وفضله على سائر الأيام والشهور.

واختار -أيضاً- من هذا الشهر العشر الأواخر.

واختار من العشر ليلة القدر، فليس في ليالي السنة ليلةٌ هي أفضل من ليلة القدر، وليس هناك من ليالٍ هي أفضل من الليالي العشر.

وأما الأيام؛ فإن أفضل أيام العام أيام العشر الأول من شهر ذي الحجة، فتلك أفضل الليالي وهذه أفضل الأيام، كما رجح ذلك بعض العلماء، ومنهم شَيْخ الإِسْلامِ ابن تيمية -رحمه الله- جمعاً بين الأقوال في التفضيل.

وذلك أن لهذه الليالي من ليالي رمضان فضل عظيم اختصت به من حيث العبادات، كما أن أيام الحج امتازت عن سائر الأيام بكثير من العبادات وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ [القصص:68].

والله تبارك وتعالى جعل الليل والنهار يتعاقبان كما قال: خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً [الفرقان:62] فالإنسان يتبلد إحساسه ويغفل، إذا كان على حالة واحدة، فإذا تغيرت الحالة بحالة أخرى، كان ذلك أدعى إلى أن يفكر ويستيقظ وينتبه!!

وجعل الله تبارك وتعالى فصلاً للحر، وفصلاً للبرد، وبين ذلك فصلان؛ لكي يتذكر الإنسان. قال تعالى: لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ [الفرقان:62] فهذه ذكرى حاضرة، ثم قال: أَوْ أَرَادَ شُكُوراً [الفرقان:62] أي: أن يشكر الله تبارك وتعالى، والشكر يشمل جميع العبادات والطاعات.

والإنسان لو تأمل في أمر واحد من هذه الأمور لكفى، فلو أن الخلق تأملوا في طلوع الشمس وفي غروبها، وفي إدبار الليل وإقبال النهار، لكفاهم ذلك، ولكانت ذكرى وأيما ذكرى.

لكن القلوب إذا تعودت شيئاً غفلت عنه ونسيته، فقليل من الناس من يُفكر ويعتبر بمرور الليل والنهار؛ لماذا؟! لأنه أمر متكرر، ولكن أولياء الله وعباد الرحمن، ومن كان قلبه معلقاً بالدار الآخرة لا تزيدهم إلا عبرة وعظة، فتتجدد لهم العبر والعظات بتجدد الليالي والأيام.

فما هذه الأيام والليالي إلا رواحل، تنقلنا من دار إلى دار، وتقربنا من دار هي الدار الآخرة، وتباعدنا عن هذه الدار الدنيا، لكن من الذي يستشعر ذلك؟! وكما قال بعض السلف : الأيام والليالي خزائن، فضع في خزينتك ما شئت، فسوف تلقاه.

فإن وضعت ذهباً وفضة، وجدت النهاية هناك ذهباً وفضة، وإن وضعت تراباً أو فحماً أو حصىً، وكذلك فإن الخزائن هناك إذا فتحت تجد فيها ما وضعت، فهذه الليالي والأيام هي بهذه المثابة.


2 - مكانة شهر رمضان


وإن الله تبارك وتعالى قد فضَّل هذا الشهر على سائر الشهور، وكان أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -وهم أكثر الأمة اجتهاداً وعبادةً واعتباراً واتعاظاً- يقدرون لهذا الشهر قدره؛ تأسياً واقتداءً بالرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فهذا الشهر هو شهر الصبر وشهر التقوى وشهر الكرم والجود، وإن ديننا هذا يقوم على أمرين: على الصبر وعلى الشكر، وأساس ذلك اليقين، لهذا قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: [[الصبر شطر الإيمان، واليقين الإيمان كله ]].


رمضان شهر الصبر والجهاد
نعم! إنه شهر الصبر؛ لأنه يصبر الإنسان على الطاعة، ويصبر عن المعاصي، فإنه قد يفتن في نفسه وفي شهوته وفي جوارحه؛ فيكف ما كان يستمتع به، كما أمر الله تبارك وتعالى وكما شرع، إلى أن يأذن الله بأن يستمتع ويأكل.

وهو -أيضاً- شهر الجهاد: والجهاد من الصبر، ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غزا في هذا الشهر غزوتين، هما أعظم الغزوات جميعاً: الأولى غزوة بدر؛ فإن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد خرج من المدينة في الثاني عشر من شهر رمضان من السنة الثانية للهجرة، وهو أول رمضان صامه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفي اليوم (17) منه كان يوم الفرقان، وكانت معركة بدر الكبرى التي خلدها الله تبارك وتعالى في القرآن، ورفع أصحابها على سائر الأمة.

وأما الغزوة الأخرى: فهي فتح مكة المشرفة، هذا البلد الحرام الأمين.. فتحها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه وكانوا في شدة الحر، لهذا أمرهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالإفطار شفقة عليهم.



رمضان شهر التقوى
وهو كذلك شهر التقوى؛ فالله تبارك وتعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:183].

فالتقوى هي غاية كل عبادة، كما في الحديث الصحيح عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: {إن الله تبارك وتعالى لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسامكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم }.

فالعبرة في العبادات كلها بالتقوى، وليس مجرد الإمساك عن الطعام والشراب، أو بمجرد الانحناء في الركوع والسجود، أو بمجرد أن يذبح الإنسان أو يحجَّ أو يتصدق كما في قوله تعالى: لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ [الحج:37]، فالأساس هو التقوى لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:21].

ومن هنا كان اهتمام السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم باستقبال هذا الشهر، وبمعرفة ما يصلح قلوبهم فيه أعظم الاهتمام.

ولو أننا قارنا بين حالنا وحالهم لرأينا العجب العجاب والبون الكبير!!

اعلموا أن كل إنسان منا هو في الحقيقة تاجر، وبضاعتك هي عملك الذي تقدمه كل يوم، وسوف تعرف الربح والخسارة إذا نُصبت الموازين يوم القيامة، فهنالك يظهر الرابحون الفائزون، ويظهر الخائبون الخاسرون.

وبما أن كل إنسان منا تاجر؛ إذاً فكيف نتاجر مع الله؟!

أقول: إن الله تبارك وتعالى قد جعل لنا -نحن التجار- مواسم للتجارة، وكل أيام العام فيها تجارة؛ لكن هناك مواسم زمانية -كشهر رمضان- تضاعف فيها الأرباح، وتكون التجارة فيها أعظم منها فيما سواها.

وكذلك جعل مواسم مكانية لهذه التجارة، فهناك أمكنة للتجارة أرباحها مضاعفة أضعافاً كثيرة عن غيرها من الأمكنة؛ فالبلد الحرام الطاعة فيه مضاعفة.

فمثلاً: الصلاة في المسجد الحرام ليست كالصلاة فيما سواه لشرف المكان.

وأيضاً: فإن شرف الزمان -كما هو الحال- في شهر رمضان له أثره في أن تكون الطاعة أكثر أجراً وأكثر قبولاً، فجعل الله تعالى هذا الشهر موسماً لذلك؛ ولهذا لما علم الجيل الأول بذلك، ظهر هذا في أعمالهم وفي حياتهم، فقد ورد أن الصحابة الكرام كانوا يدعون الله تبارك وتعالى ستة أشهر أن يبلغهم رمضان؛ فإذا صاموه دعوا الله تبارك وتعالى ستة أشهر أن يتقبل منهم رمضان.

فالحول كله تفكير في رمضان واهتمام بشأنه، إما استقبالاً له، وإما رجاءً أن يُتَقَبَّلْ؛ لأنه أشرف ما في العام، فكان الصحابة الكرام يتاجرون طوال العام بالذكر، وبالجهاد، وبقراءة القرآن، وبالصدقة، وبالتفكر في ملكوت السموات والأرض؛ لكن! إذا جاء هذا الشهر؛ ضاعفوا ذلك وغيَّروا طريقة حياتهم، واستقبلوه استقبال البصير العالم بقيمته وأهميته.



3 - من أحوال السلف في رمضان


كان العلماء من السلف وهم الذين أناروا للأمة طريقها بسنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وببيان الأحكام، وهم الذين قاموا مقام الأنبياء، وورثوا ميراث النبوة، { وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورثوا العلم }.

فهؤلاء العلماء كانوا إذا جاء شهر رمضان، يتركون العلم، ويتفرغون لقراءة القرآن، حتى قال بعضهم: [[إنما هما شيئان: القرآن والصدقة ]].

وكان الإمام الزهري رحمه الله تعالى كذلك.

وكذلك كان الإمام مالك ، وهو ممن تعلمون منـزلته وقيمته واهتمامه بحديث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتعظيمه له، حتى إنه كان لا يحدثهم إلا وهو على وضوء ويبكي ويتخشع، وكان يقدِّر ويُجل حديث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ ومع ذلك كان إذا دخل رمضان، لم يشتغل بالحديث بل يترك الحديث ويقبل على القرآن.

وكذلك كان سفيان الثوري رضي الله عنه، وغيرهم من السلف كثير، ممن كانوا ينظرون إلى أن هذا هو موسم الخير تترك فيه الأعمال الفاضلة إلى ما هو أفضل منها، فهذا حالهم وهذا شأنهم.


4 - أحوالنا في رمضان


لكن كيف يستقبل المسلمون اليوم شهر رمضان؟!

لنكن صرحاء ولنبدأ بأنفسنا، وكيف نستقبل شهر رمضان؟!

إن الأمة الإسلامية بأفرادها من: (تجار - موظفين - عمال - أصحاب شهوات - أخيار) يستقبلون هذا الشهر..

فكيف يستقبل التجار هذا الشهر؟!


التجار في رمضان
ونقصد بذلك: التجار الذين يتاجرون بالدرهم والدينار، لا بالأعمال؛ كيف يستقبلون شهر رمضان؟!

هل يقولون: قد جاء شهر الخير والبركة، فلنتصدق ولنؤد الزكاة، ولنحذر من الحرام، ومن الغش، ومن الربا؛ لأننا في شهر عظيم، وإذا صمنا دعونا الله تبارك وتعالى، ونحن نأكل الحرام من أي مصدر كان! فيكون حالنا كحال ذلك الرجل الذي ذكره النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب! يا رب! ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وغذي بالحرام؛ فأنى يستجاب له؟! }.

وأعجب من ذلك أن بعض التجار ينتهزها فرصة؛ لزحمة الناس ولكثرتهم ولإقبالهم على المطعوم والمشروب وسائر الكماليات؛ فينتهزها فرصة للغش في شهر رمضان، وقد يأتي الغش بألوان متعددة.

فمن الغش: التخفيضات الكاذبة.

ومن الغش أيضاً: إخراج البضاعة التي تقادم عهدها وانقضى أوانها، فيقول: هذا رمضان والناس تشتري ولا ترى!! اخرجوا كل ما في المستودعات وبيعوا منها!!

فيكون موسماً للغش، وموسماً للتجارة الخاسرة في الدنيا والآخرة.



أصحاب الشهوات والعصاة في رمضان
وأما الشهوات فماذا نقول عنها؟

فما من شهر تتوالى النذر فيه عن قلة الطعام والشراب أو احتمالها كشهر رمضان؛ ولهذا يسعى الناس بطمع وشره ليكون المخزون كافياً في شهر الصوم! وكل منا يشفق ألا يجد في رمضان ما يكفيه من بعض المؤن.

ولهذا نستعد من أول شعبان أو في آخره، لنجمع أكبر ما نستطيع أن نتزود به لرمضان، حتى إن البيت الواحد قد يشتري ما يكفي لثلاثة بيوت؛ لماذا؟!

لأنه شهر تعارفنا أنه ربما نقصت فيه المؤن، مع أن المخزون كافٍ والأمر متيسر، وكل البضائع من ضروريات وكماليات متوافرة في شهر رمضان، وكأننا مقبلون على شهر مأمورون فيه أن نعبَّ من الشهوات عباً، وأن نملأ البطون كل ساعة وكل حين.

وليس هو شهر الصيام الذي كان يستقبله الصحابة الكرام بالفرح، حتى إن الفقراء وأصحاب الحاجة كانوا يُسَرُّون في رمضان؛ لأنهم يجدون أنهم هم والأغنياء سواء.

أما الآن فالفقير يزداد حسرة على حسرة؛ لأنه ينفق في غير شهر رمضان (1000) ريال، فيضطر أن يستدين في رمضان، ويقول للتجار: (أقرضوني! جاء رمضان وليس عندي شيء) لأنه سينفق بدلاً من الألف ألفين أو ثلاثة، وإلا ذهب هو والعيال في حسرة مما يرى الناس يتفننون فيه بأنواع الأطعمة، وهو على التمر والخبز كأنه في الفطر! فهذا واقعنا.

وأشنع من ذلك وأشد أصحاب الشهوات المحرمة!!

فرمضان عند أصحاب الشهوات المحرمة فرصة وموسم كبير، يستعدون له قبل رمضان بأشهر؛ فأصحاب السهرات يفكرون أين تكون الجلسات والسهرات في رمضان؟!

وأصحاب الإجازات يقولون: نأخذ الإجازة في رمضان ونغادر إلى خارج البلاد؛ لنلعب بالشهوات كما نشاء.

وأما وسائل الإعلام -ولأننا نريد الشهوات، ولأن فيها من يريد أن نتبع الشهوات- فيُستقبل هذا الشهر عندهم بأخبث المسلسلات والتمثيليات وأطول السهرات، وكذلك في الصحافة.. فأينما ذهبت تجد الكل -إلا ما رحم ربك- لا يشتد إلا إلى الشهوة الحرام وإن لم يكن إلى ذلك؛ فهو إلى الشبع وإلى النوم والكسل!!

فيتعاون علينا شياطين الجن وشياطين الإنس ليضيعوا منا هذا الموسم العظيم، إلا ما رحم ربك وقليل ما هم.



5 - الاستعداد لرمضان


متى نستقبل هذا الشهر العظيم كما استقبله أولئك الجيل الذين اصطفاهم الله تبارك وتعالى على جميع الأمم؟!

لا بد أن نسأل أنفسنا هذا السؤال وأن نعد الإجابة؛ فإن كنا حقاً نريد أن نغتنم أوقات الخير وفرصه ومواسمه، وأن نتاجر مع الله تجارة رابحة فلنعمل كما عملوا والطريق أمامنا ميسر، ولله الحمد.


الاستعداد بالإيمان
فلنستعد لشهر رمضان بإيمان صادق بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وقد تقولون: نستعد بالإيمان! أولسنا مؤمنين؟!

نحن مؤمنون -إن شاء الله- ولكن الله يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا [النساء:136] فنؤمن بالله، أي: نجدد هذا الإيمان في قلوبنا، ونجدد توحيدنا، وننقي قلوبنا من الشوائب كالرياء والنفاق.

فأول ما نفتش عنه ليس البطن وماذا نعد له؛ وإنما القلب وماذا نعد له؛ وكيف يكون هذا القلب في هذا الشهر العظيم.



الاستعداد للصوم الحقيقي بترك المحرمات والمنكرات
فالصيام الذي هو الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، كل المسلمين يشتركون فيه، لكن الصيام الحقيقي الذي يجب أن نعد أنفسنا له، ونوطن قلوبنا عليه: هو أن نطهر قلوبنا وأن نزكيها وأن تكون هذه القلوب بعيدة عما حرم الله تبارك وتعالى؛ فإذا كان الشرك والرياء والنفاق وما أشبهها كبائر ومصائب في الفطر، في شعبان أو رجب؛ فهي في رمضان أعظم، وأعظم!

فلنستقبل هذا الموسم بقلوب خالية من ذلك، وإذا كان الغش والغل والحقد والحسد للمسلمين والشحناء والبغضاء والعداوات بين الإخوان والأرحام والزملاء والجيران حراماً في سائر العام وهي كذلك؛ فهي في رمضان أشد حرمة.

فيجب أن ننتهز هذه الفرصة لنترك هذه المحرمات التي تشغل قلوبنا وتأكل حسناتنا؛ فإذا كان النظر إلى المرأة الأجنبية محرماً في سائر العام، فكيف يستحله الصائم في الليل أو في النهار؟

وإذا كان قبيحاً أن تجعل موسم الطاعة كغيره في الطاعة، فكيف إذا جعلنا موسم الطاعة موسماً للمعصية؟! إن ذلك لأقبح القبح!!

فإذا لم يصم القلب عن الشهوات المحرمة، ولم تصم الأذن عن سماع الحرام، وأكثر المسلمين لا تصوم آذانهم لا في رمضان ولا في غيره، وكيف تصوم الأذن ومزمار الشيطان: (المعازف والموسيقى) لا يكاد يخلو منها بيت، ولا سيارة؟! وهل صامت عيوننا؟! وكيف تصوم، والإنسان لا يكاد يفطر إلا ويمتد بصره إلى تلك المناظر المحرمة؟! بل ولربما امتدت السهرات إلى وقت السحر أو طلوع الفجر!! ثم بعد ذلك يكون الموت ويكون الخذلان!!

كيف يكون حال أسواقنا في هذا الشهر العظيم؟

إنما تعمر بما لا تعمر به في سائر الأيام، ويا ليت أنها تعمر -فقط- بالبيع والشراء! ولكن بالمعاصي والتبرج والسفور والاختلاط المحرم، وبالغش والنجش وبما لا يرضاه الله تبارك وتعالى، حتى إن الإنسان إذا رأى هذه المناظر، لا يصدق أنه في رمضان وأنه في أمة الإسلام!!

ولو كنا نستقبل هذا الشهر استقبال المؤمنين الأوابين، لكان أول ما يخف ويقل حتى يكاد يتلاشى هو الأسواق، فاللائق أن يقل إقبال الناس حتى على شراء المباحات، لماذا؟

لانصرافهم إلى اغتنام هذه الأوقات للعبادة، ولكن ليالي رمضان تشهد من الحركة ما لا يشهده سائر العام!!



6 - من آثار الاستخفاف برمضان


أولاً: لا نجد الصبر ولا نجد التقوى كما ينبغي لنا وكما أمرنا الله تبارك وتعالى، وإن شئتم أن تروا دليلاً واضحاً أن هذه الأمة لا تقدر رمضان حق قدره، وأنه يجب علينا أن نأخذ بأنفسنا وبإخواننا المسلمين إلى طريق الخير ونذكرهم بذلك، فانظروا إلى حالنا قبل رمضان وإلى حالنا بعد رمضان، وإن شئتم أن أحدد، فانظروا إلى حال هذه الأمة أيام العيد؛ فإن علامة قبول الطاعة الاستمرار فيها، وعلامة ردها أن تعقب بمعصية.

ثانياً: لو كنا نستعد لرمضان ونستقبله استقبال المؤمنين الأوابين، لظهر أثر ذلك فينا في رمضان؛ ولو كنا نصوم رمضان كما يجب أن يكون؛ لظهر أثر ذلك فينا فيما بعد رمضان، ولكن لا هذا ولا ذاك، فيأتي العيد فكأنما كان رمضان عقالاً ففك، فلننطلق ولنفعل ما نشاء!!

والذين كانوا في ليالي رمضان يفرحون ويمرحون في الأسواق، ويتركون زوجاتهم وبناتهم يتبرجن فيها ويغفلون، يزدادون أيام العيد، وأعجب من ذلك أن الذين كانوا يقرءُون القرآن ويصلون التراويح، تجدهم في أيام العيد مشاركين لأولئك، وكأنهم منهم، وحالهم كحالهم.

والغريب من الناس: من تراه في أيام العيد محافظاً على ما أمر الله، ومتمسكاً بالمقدار نفسه من التقوى، أو بقريب منه كما كان حاله في رمضان، فأين أثر القرآن؟! وأين أثر التراويح والقيام؟! وأين أثر الصيام؟! إنه أثر قليل، وربما كان معدوماً.

إذاً يجب أن نعلم أننا ما دمنا كذلك؛ فإن واقعنا هذا لن يتغير أبداًَ، كما قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ [الرعد:11]، فالمسلمون اليوم أذل أمم الدنيا جميعاً؛ وفي الفقر هم أفقر شعوب العالم، ولهم حظ وافر من المرض والجهل ومن كل مصيبة؛ مع أن القرآن والسنة بين أيديهم، ومواسم الخير تمر عليهم وتأتيهم، لماذا؟!

لأنهم لم يغيروا ما بأنفسهم؛ فلو صاموا حق الصيام لتغيرت حياتهم.. لو حجوا حق الحج لتغيرت حياتهم، ولتبدل هذا الذل عزاً ونصراً؛ ولأَعقَبَ هذا الخذلان توفيقاً وسداداً؛ ولانتقلنا من هذا الهوان والجوع والفقر والمرض، إلى العزة والعافية والقوة والتمكين؛ كما كان الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، فالصوم الذي هو الإمساك عن الطعام والشراب هو هو، لم يتغير في الجيل الأول ولا في هذا الجيل، لكن أين القلوب من القلوب؟! وأين الأعمال من الأعمال؟! وأين الصيام من الصيام؟!!


7 - الصوم الحقيقي وآثاره


لم لا نفتش هذه القلوب؟!

فنحن ما نزال في فسحة، ولم يدخل الشهر بعد، وأمامنا الفرصة.

ولم لا نفتش أموالنا: أهي من حلالٍ أم من حرام؟! ونفتش أسماعنا: أتسمع الحلال أم الحرام؟! ونفتش أبصارنا: أترى الحلال أم الحرام؟! ونفتش أيدينا وأرجلنا..؛ نفتش علاقاتنا: كيف علاقتنا مع أهلينا وزوجاتنا؟! كيف علاقتنا مع آبائنا وأمهاتنا؟! كيف علاقتنا مع جيراننا، ومع أرحامنا، ومع من ولانا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عليهم من موظف أو عامل أو طالب منهم تحت أيدينا؟

هل هي كما يرضي الله عز وجل؟!

أين التقوى والصبر إن كنا - كما هو حال كثير من المسلمين- إذا جاء نهار رمضان امتنع عن التدخين، فإذا أذن المؤذن ربما بدأ بعضهم بالتدخين قبل التمر أو الماء!


الصبر وحلاوة الإيمان
أين الصبر وأنت تضيع موسم الصبر؟

فلو صبرت عن هذه المعصية الحقيرة؛ لكان لك في هذا الموسم عبرة وعظة، ولانتصرت على أمور أكبر!!

أين الذي يقول: كنت أرى هذه التمثيليات أو المسلسلات وأرى فيها النساء في غير رمضان؛ أما الآن وقد أطل رمضان فلن أرى في رمضان وفيما بعده شيئاً من ذلك أبداً؟

نعم! هذه عزيمة تحتاج إلى صبر، وليست مما يفوت على الإنسان شيئاً، وما الذي يفوتك إن فعلت ذلك؟! فماذا علينا لو آمنا بالله؟! وماذا علينا لو كففنا أعيننا وجوارحنا عما حرم الله؟!

بل إن هذا من الفوز بالدنيا والآخرة {النظرة سهم من سهام إبليس من تركها خوفاً من الله آتاه الله إيماناً يجد حلاوته في قلبه } كما جاء في الحديث.

فإذا غض الإنسان بصره عن الحرام إيماناً ويقيناً بأن هذا حرام، وامتثالاً لأمر الله القائل: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ [النور:30] {آتاه الله إيماناً يجد حلاوته في قلبه } وليس في هذه الدنيا قط حلاوة أعظم من حلاوة الإيمان؛ فهي التي إذا ذاقها الإنسان وطعمها ينسى حلاوة كل شيء، فقد ذاق الصحابة الكرام حلاوة الإيمان؛ فرأينا منهم العجب العجاب!

أراد صهيب أن يهاجر وجاء أهل مكة ليمنعوه، فتحرك قلبه بالإيمان وتعلق بـالمدينة ، وتعلق برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فشرى نفسه منهم بماله كله في مكة ، ولسان حاله يقول: خذوا كل ما أملك ودعوني بهذا الجسد الذي لا شيء عليه؛ لأذهب إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وكذلك سلمان رضي الله عنه الذي أخذ يسأل الأحبار والرهبان، يريد أن يعرف من هو نبي آخر الزمان، حتى رأى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فآمن به وصدقه، فكل لذات الدنيا ونعيمها لا يساوي أن تذوق طعم ولذة الإيمان!

والصحابي الذي كان يقرأ القرآن فذاق من طعم القرآن ومن حلاوة الإيمان ما شغله عن السهام وهي تخترق جسمه سهماً بعد سهم، وهو واقف منتصب لم يكفَّ عن قراءة القرآن؛ وكل إنسان يمكنه أن يجد من مطعومات الدنيا ومشروباتها ما يشاء، لكن طعم الإيمان فضل يختص الله به من يشاء.



التغيير ومحاربة الفساد
لا بد أن نكف أعيننا عن مشاهدة هذه المناظر الخبيثة السافلة الهابطة، التي لو أن هناك أمة من الأمم الجادة العاقلة حتى من لا دين لها؛ فلن ترضى أن ينغمس شبابها فيها؛ فكيف بأمة القرآن وأمة الإيمان وأتباع محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟!

الأمة التي قال الله عنها: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ [آل عمران:110].

فواجب هذه الأمة أن تحارب الفساد والانحلال في أمريكا ، وفي روسيا ، في الشرق وفي الغرب؛ فكيف تعرضها وترضى بها وتراها وتسمعها؟!

حتى إن الشاب الغريب الْمُسْتَنْكِر الذي لا يراها!! يُلمز ويقال عنه: (عجيب! ماذا لديه؟) (هذا عجيب! لقد تاب) ويستنكر منه -أيضاً- حتى في أوقات الخير وفي مواطنها!!

فنحن إذاً لسنا أهلاً لأن نتاجر مع الله -في مواسم الخير هذه- ونحن على هذه الحال!



8 - رمضان فرصة المؤمن لإعداد نفسه


هذه أيام تمضي شاهدة لنا أو علينا، والحجة قائمة، وإن كانت في أي مكان قائمة؛ فهي في هذه البلاد أكثر قياماً، ونحن إن شئنا الحق فهو موجود.

والمسلمون في بعض البلاد يريدون أن يقوموا بما يفرض عليهم، فيفرض عليهم ألَّا يفعلوا، فيريدون -مثلاً- أن يقرءوا القرآن، أو فعل أي عمل آخر ويفرض عليهم ألَّا يعملوا.

وأيضاً: كيف يقومون بذلك وهم لا يجدون العلم الصحيح.. ولا يجدون الدعوة الصحيحة؟

وأما نحن فمن فضل الله علينا أن العلم -عندنا- والوقت والمال والأمن كله موجود، وكل ما يوفر لنا العبادة متيسر وموجود، وحلقات الذكر موجودة، وتعليم القرآن متيسر، وإن كان في بعضها شيئاً من المشقة.

وكما أننا في مواسم الدنيا قد نسهر ولا ننام فلنكن كذلك في مواسم الخير؛ فالحجة قائمة، والعلم بين أيدينا ظاهر، فما من حرام حرمه الله ورسوله ونرتكبه إلا ونحن نعلم أنه حرام، لهذا نخشى العقوبة؛ لأنه لا حجة لنا عند الله ولا عذر لنا بين يدي الله، فإننا نسمع العلماء في الإذاعة وفي الأشرطة المسجلة، وإن شئنا اتصلنا بهم بالهاتف ليفتونا ويعطونا الأدلة.

فأين نحن من العمل؟!

إذاً فهذا محك واختبار، فلنختبر أنفسنا -قبل أن يأتي هذا الشهر- ولنعدها، فالفرق بين المؤمنين والمنافقين: أن المؤمنين يعدون العدة وقد لا يبلغون ما يريدون، أما المنافقون فإنهم لا يعدون العدة؛ ولهذا قال الله تعالى عنهم: وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً [التوبة:46] فالمنافقون لو كانوا -حقاً- يريدون الخروج، لأعدوا له العدة؛ ولذلك فإن نفاقهم يظهر في عدم إعدادهم للعدة.

ونحن إذا أعددنا العدة بأن نطيع الله في هذا الشهر، وأن نتقي الله فيه، وأن نبعد أنفسنا عن كل ما حرم الله، ونجعله فرصة لنطيع الله طوال العام وإلى أن نلقى الله..؛ فإذا عزمنا على ذلك؛ وفقنا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ وكان هذا من صدق الإيمان ومن صدق الاستقبال لهذا الشهر الكريم؛ وإذا أخلفنا ولم نُعِدَّ العدة؛ فمهما منَّينا أنفسنا؛ فإننا لن نحقق إلا الخسارة، ولا خسارة أكبر من أن يخسر الإنسان نفسه ووقته ويجوع ويعطش، وغاية ما فيه أنه أجزأه هذا الصوم.

مع أن بعض الناس قد لا يجزئه صومه إذا ارتكب ما يفسد إيمانه، كالشرك بالله، وكالنفاق الكلي؛ فهذا يفسد الإيمان كله ويحبطه كله، لكنَّ ما يُنغص الصيام من المعاصي والشهوات، وتعلق القلب بالمحرمات، إن لم يحبط الأجر كله؛ فإن أعلى ما يحصل عليه صاحبها؛ أن يسقط عنه فريضة الصوم، فإذا نظرت بعد ذلك إلى الذي عمل واجتهد، فادَّخر عند الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعظم الذخر، فأعتق من النار، ورُفِعَتْ درجته عند الله؛ علمت أنك في خسارة وغبن وتفريط! وهي أيامٌ وليالٍ مرت بك وبه، ولكن شتان بين حالك وحاله!!

وأكرر النصح والوصية لي ولكم؛ بأن نتقي الله تعالى في رمضان وفي غير رمضان، وأن نعد العدة في استقبال هذا الشهر العظيم بإيمان صادق، وإخلاص لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وعمل صالح، وتجارة رابحة مع الله تبارك وتعالى، وأن نكف أنفسنا عمَّا حرم الله، وأن نأمر بالمعروف، وأن ننهى عن المنكر، وأن نكون رسل خير وهداية.. مذكرين واعظين لإخواننا المسلمين بما قد لا يعرفونه عن حرمة هذا الشهر وعن فضله وخيره.

نسأل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن يتقبل منا ومنكم وأن يتوب علينا وعليكم.


9 - الأسئلة






تكفير الصغائر بالصوم والجمع بين حديثين
السؤال: فضيلة الشيخ: يستدل بعض الناس بحديث أبي هريرة الصحيح {الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر } على أن صغائر الذنوب تمحى بدون توبة منها؟

فما مدى صحة هذا الرأي؟

وما قولكم لمن يرتكب الصغائر ولا يتوب منها ويحتج بهذا القول؟

وما التوفيق بينه وبين حديث {إياكم ومحقرات الذنوب } نرجو التوضيح والله يحفظكم؟

الجواب: الحديث صحيح وهو من البشائر للمؤمنين، لكن كيف نفهمه حق الفهم؟!

فكل بني آدم خطَّاء، والصغائر لا يكاد يسلم منها أحد، لهذا جعل الله تبارك وتعالى الصلاة إلى الصلاة، ورمضان إلى رمضان، والجمعة إلى الجمعة مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر، أي: إذا لم تؤت الكبائر.

فالصالحون المؤمنون لا يزنون، ولا يسرقون، ولا يكذبون، ولا يرابون، ولا يسمعون الغناء؛ لأنها محرمات ظاهرة وكبائر واضحة، لكن قليلاً منهم من يسلم من نظرة ومن سيئة من الصغائر التي قد لا يلقي لها بالاً من غمزة أو همزة، أو كلمة أو حركة، لا يلقي لها بالاً.

فإذا اجتهد الإنسان، وأدَّى الصلاة بقنوت وخشوع، وحضر إلى الجمعة، وصلاها كما ينبغي، وصام على الوجه الصحيح وكما ينبغي له أن يصوم؛ صيام المتقين والصابرين، فإن ذلك يكفر عنه هذه الذنوب، وهذا من فضل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

أما أن يفعل معصية ويقول: صغيرة وقد تكون كبيرة ثم يصر عليها، مع أن الإصرار على الصغيرة يجعلها كبيرة ثم يقول: {الصلاة إلى الصلاة، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن } فهذا خارج عن الحديث وعن مقصوده.

والإنسان إذا اتقى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فإنه يضع الأمور في مواضعها؛ فالإصرار على أية معصية صغيرة يجعلها كبيرة، ومحقرات الذنوب يجب أن تجتنب كما أمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وما مثلها إلا كما أشار صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {كمثل رجل أتى بعود من هنا وعود من هنا وعود من هنا ثم أشعلها وإذا بها نار تضطرم }.

ولا تعارض في الحقيقة بين هذه الأحاديث؛ وإنما الخلل في فهم الناس وفي تصورهم لحقيقة المعصية وحقيقة الصغيرة والكبيرة، وعلينا دائماً أن نتذكر مواعظ السلف حينما قالوا: [[لا تنظر إلى صغر المعصية وانظر إلى عظمة من عصيت ]]. ونضع نصب أعيينا قوله تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ [الزلزلة:7-8].



السنن المؤكدة في رمضان
السؤال: ما الأعمال التي ورد أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يفعلها ويحرص عليها في رمضان مما ورد في السنة الصحيحة؟

الجواب: أعظم شيء هو قراءة القرآن فقد {كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأتيه جبريل في شهر رمضان فيدارسه القرآن } كما قال الله تعالى: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ [البقرة:185].

ثم الصدقة فقد {كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان }.

وكذلك الاعتكاف، إذ كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعتكف العشر الأواخر من رمضان.

وكذلك القيام وصلاة التراويح، فقد كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصليها وأصحابه من بعده.

فهذه أهم وأبرز ما كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعمله ويواظب عليه؛ إضافة إلى ما ذكرنا من الصبر، فإن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه كانوا يعرفون أن رمضان شهر الصبر، وكان صبرهم عظيماً على أعباء الدعوة إلى الله، وعلى أعباء الجهاد، وعلى طاعة الله، وعن معصية الله، وعلى أقدار الله، فكان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه يبلغون من الصبر غايته في شهر رمضان الذي هو شهر الصبر.



حكم عمل بعض المنكرات في رمضان وفي غير وقت الإمساك
السؤال: أفتنا يا سماحة الشيخ في حكم مشاهدة الأفلام والتلفاز في نهار رمضان، ولعب الميسر، وسماع الأغاني، وليس هو بوقت الإمساك عن الطعام والشراب؟

الجواب: أشرنا إلى ذلك، والقضية هي قضية الإيمان والقلوب، هذا القلب إن شُغِلَ بالحق؛ أثمر ذلك طاعات وعبادات وخيراً وبركةً في جميع الأعمال، وإن شُغِلَ بالباطل واللهو واللعب؛ أثمر ذلك ذنوباً وإجراماً وقبائح وشنائع.

وهل رأيت أحداً ممن يديم مشاهدة هذه المحرمات وسماع الأغاني، هل رأيته خاشعاً أواباً لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؟! أم أنك لو رأيت مجرماً محترفاً وسألت عن حاله؛ لوجدته مدمناً لهذه المحرمات.

فثمرة كل شيء بحسبه، وهذه القلوب جعلها الله تبارك وتعالى مقراً ومستودعاً للإيمان به ولذكره؛ فأشرف ما في الإنسان قلبه، وأعظم وأشرف ما يُشْغَلُ به هو معرفة الله، وتقوى الله، والتعلق بالله، والتفكر في خلق الله، وفي أمر الله؛ فجاء شياطين الإنس والجن فأشغلوه بالملهيات وبالمغريات في رمضان وفي غير رمضان، فتعلقت قلوب الناس بالشهوات.

حتى قرأنا قبل أيام من يطالبون ونحن في استقبال شهر رمضان أن توجد مسارح، وأن يكون فيها نساء، وقالوا: ما دمنا نرى المرأة في التلفاز والفيديو فلماذا لا نراها على المسرح؟!

يريدون أن يكون في المدن الرئيسية وفي النواحي من هذه البلاد الطاهرة مسارح تتبرج بها النساء؛ والحجة (أننا نراها في التلفزيون والفيديو!) فمن الذي أحل هذه المنكرات في التلفزيون حتى تستدلوا بذلك على حلها في المسرح؟!

أقول: استمراؤها واستمرارها وقلة إنكارها في التلفزيون والفيديو جعلها حجة لمن يريدها في أي مكان آخر!!

فهذه المنكرات الظاهرة من أعظم ما يجب على الإنسان أن يُخلِّص منها بيته، ويُطهر منها قلبه وعينه، وإن كنا صادقين مع الله، وإن كنا نخاف الله ونتقيه؛ فيجب أن نطهر أنفسنا وبيوتنا وأزواجنا وبناتنا وأولادنا من هذه الآثار والملاهي الخطيرة؛ لأنها تدمر الأمة وتدمر المجتمع.

ولا تقولوا: المسئولية في هذا على المسئول عن التلفاز أو عن الإذاعة أو عن الأغاني؛ فالمسئولية على الجميع، وكل ما يقدم فإنه يقدم باسم المشاهدين؛ لأن أكثر الناس يريدونها وإن كانت أفلاماً محرمة، وإن كانت من النكت التي قد يكون فيها تعريض بالدين أو استهزاء واستخفاف.

فلماذا يُعمَّر هذا الشهر العظيم بهذه الأمور التي أقل ما فيها أنها لهو تُصْرِف عن القرآن؟!

قالوا: لقد صام الناس وتعبوا، ويريدون..؛ فمن من الناس اتصل وأنكر هذه الأمور؟

فتأكدوا أن أي شيءٍ ينكره -في يومٍ واحد- ثلاثون أو عشرون (فهذا يتصل بالتلفون، وهذا يكتب خطاباً) تأكدوا أنه يُغير، وقد غُيِّرت بعض الأفلام لما استنكرها هذا وهذا وذاك؛ لكن لما استمرأناها جميعاً وسكتنا، وأصبحنا نقول: اللوم على من يعرضها، ولئن سألت من يعرضها، لقال: أنا أعرض ما يريد الناس، والناس ساكتون.

إذاً فالمسئولية على الجميع، وأنت الذي تأخذ بنفسك.

ولو بقي الأمر في حدود ما يعرض عامة لقلنا ربما؛ ولكن! أليس الناس يشترون اللهو كما يشاءون، ويشترون الأفلام والأشرطة كما يشاءون؟! وفيها من الفساد غير ما يعرض عرضاً عاماً على الناس! فالاستعداد لدينا للشهوات موجود.

لكن إذا سُئلنا، قلنا: يا أخي! ماذا نعمل؟

قال: الحق على الذي يعرضها، وكأننا مجبورون، وكأننا شددنا بالسلاسل، وربطت أعيننا وقيل: انظروا ولا بد أن تنظروا، من الذي قال ذلك؟! فإن أي أمر من المنكرات أو من الشر إذا عزفنا عنه وتركناه؛ فإنه يموت بذاته، ويحترق بذاته؟! ولذلك فإنه لو عُرضت شرور أكبر وشبهات أعظم على هذه الأمة؛ لأقدموا عليها.

لكن نحمد الله أن هناك موانع كثيرة تحول دون كثير من الشهوات، وإلا لرأينا الإقدام عليها يفوق التصور؛ لأن الاستعداد في القلوب موجود، ولا أحد يخفى عليه حرمة الأفلام هذه أو الميسر أو الأغاني في كل شهر وحين، وهي في رمضان أشد وأغلظ كما ذكرنا.



طريق مثلى للاستفادة من شهر رمضان
السؤال: نريد من فضيلتكم أن تجعل لنا طريقة مثالية نقضي بها وقت رمضان من أول اليوم إلى آخره؟

الجواب: ليس هناك من طريقة أفضل من طريقة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصحبه والسلف الصالح ، فنُعمر النهار بالصيام -صيام الجوارح وصيام القلب- وبقراءة القرآن ومدارسته، ونُعمِّر الليل بالقيام، ونترك لهذه النفوس أوقاتاً للراحة، وكلٌ بحسبه.

لا أستطيع أن أقول: ضعها أربع ساعات أو ثلاث، فكل إنسانٍ بحسبه وبقدر طاقته واجتهاده؛ فهو موسم خير، ومن أراد أن ينافس فلينافس كما يشاء، فليس هناك من صورة محددة بذلك، وإنما أكرر على أمر هو أعظم ما في هذا الشهر -كما رأينا من سيرة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومن سيرة السلف - (وهو القرآن) حتى قال بعض العلماء: 'إن ختم القرآن في رمضان لا يكره في أقل من ثلاث كما في بقية الشهور'.

ففي رمضان من استطاع أن يختمه في أقل؛ فليفعل.

وقال بعض العلماء: 'إنه شهر القرآن وشهر التفرغ للعبادة'.

فالمقصود أن أهم عمل يشغل به الإنسان نفسه آناء النهار هو قراءة القرآن، ففي الصلاة سيصلي جماعةً، ويسمع القرآن، وفي الحقيقة كأن الشهرَ كله شهرُ قرآن، ولابد أن نتفكر فيما نقرأ وفيما نسمع؛ لأنها فرصة عظيمة أن نسمع كتاب الله كاملاً مرة أو مرات في شهر واحد، فنعرف ما نهى الله عنه في كتابه، وما حذَّر منه، وما أمر وأوصى به؛ لأن هذا القرآن خطاب لنا فأُنزل لنا ليخاطبنا الله به، وليس مجرد آيات تسمع بالآذان، ونقول: صلينا أو سمعنا.

فاعتبر كل ما تقرأ أو تسمع خلف الإمام خطاباً من رب العالمين إليك، ثم انظر كيف مقامك من هذا القرآن، وكيف منـزلتك في التعامل مع ربك من خلال كلامه الذي أنزله، والذي أمرك أن تتبعه وتؤمن به.

هذا ما أوصي به نفسي وإخواني: وأسأل الله لي ولهم القبول.



حكم صيام من لا يصلي وحكم أخذ المصروف منه
السؤال: أخي لا يصلي ولكنه يصوم، فهل يصح صومه؟ وفي بعض الأحيان يساعدني ببعض النقود فهل يجوز أخذ النقود منه؟

الجواب: أما بالنسبة لصيام من لا يصلي فلا يُقبل منه؛ لأن ترك الصلاة كفر مخرج من الملة، وتارك الصلاة بإطلاق مرتد كافر، والكافر لا عمل له، قال تعالى: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً [الفرقان:23].

وصيامه ليس عن إيمان، وإنما هو عن عادة وعن مسايرة للناس؛ ولو صام عن إيمان لما ترك الصلاة قط؛ والأدلة على كفر تارك الصلاة مشهورة معلومة؛ وقد روى اثنان من الصحابة وواحد من التابعين أن الصحابة الكرام أجمعوا على أن تارك الصلاة كافر.

أما بالنسبة للمال والنقود: فإن كان هذا الأخ لا يجد نفقة إلا عن طريق أخيه الأكبر، أو والده الذي لا يصلي؛ فإنه يأخذ منه ولا حرج عليه إن شاء الله تعالى، فذلك له ذمته وعليه وزر ترك صلاته، وعليه -أيضاً- وزر هذا المال الذي يتنعم به ولا يطيع ربه.

وأما هذا فلا حرج عليه إن شاء الله، ولكن إن استغنى فهو خير له حتى يكون إنفاقه على نفسه من كسب يده، فإن أخذه للمال منه قد يجعله يقصر في دعوته، أو أمره بمعروف، أو نهيه عن منكر؛ ولا شك أن من ينفق عليك، فإنك ترى أن له عليك حقاً وفضلاً فتغض عن كثير مما ترى وتعلم.



رمضان ونوم الصائم
السؤال: كثير من الناس ينام كثيراً في رمضان، ويقول: النوم في رمضان عبادة هل هذا صحيح؟

الجواب: بعض الناس يقول: النوم في رمضان عبادة؛ وبناءً عليه؛ فإنهم ينامون أكثر النهار.

فينبغي لنا أن نعرف كيف يكون النوم عبادة؛ وما معنى أن النوم عبادة؛ لأن هذا مما يُبتلى به عامة الناس، أو أكثرهم في واقعنا الحاضر.

فالنوم يكون عبادة في رمضان وفي غير رمضان، إذا احتسب الإنسان نومته كما يحتسب قومته؛ وذلك بأن ينام ليستعين بهذا النوم على طاعة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

ومن قال من السلف : 'نوم الصائم عبادة ما لم يغتب' فإن مراده به أن الصائم إذا لم يغتب؛ أي: إذا كف لسانه عما حرم الله، فنام..؛ فهو مستمر في الطاعة.

يعني: إذا صلى الإنسان الظهر وهو صائم، ثم نام بعد صلاة الظهر -مثلاً- إلى العصر، فإنه مستمر في العبادة التي هي الصيام، ثم استيقظ إلى المغرب -مثلاً- فهو صائم، فالصائم النائم صائم، فهو إذن مستمر في العبادة؛ هذا بالنسبة للنهار.

وأما الليل: يحتسب النوم؛ ليستطيع أن يقوم وأن يصوم أيضاً؛ فيكون في هذه الحالة في عبادة؛ فليس المقصود أن الإنسان في رمضان ينام ويضيع أكثر الوقت في النوم، ويقول: النوم عبادة، وهو مفرط ومضيع لقدر هذا الشهر ومفرط في قراءة القرآن، وفي الذكر، وربما أدى التفريط إلى أن يتخلف الإنسان عن الصلوات!!

وإنما المقصود أن الصائم إذا نام فإنه لا تنقطع عبادته بالنوم؛ وهذا فضل من الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فهو مستمر في العبادة ومتلبس بها في حال اليقظة وكذلك في حالة النوم، ومتى يكون النوم؟!

أقول: للحاجة وللاستعداد بالاستعانة به على الطاعة.



حكم الإفطار في السفر
السؤال: ما حكم الإفطار في رمضان في السفر؛ مع أن ذلك ليس فيه مشقة عليَّ في نظري؟

الجواب: العلماء -رحمهم الله تعالى- اختلفوا في هذه المسألة: هل الإفطار أفضل أم الصوم أفضل؟

والذي يترجح إن شاء الله، أنه بحسب حال الإنسان، فقد يكون الصوم أفضل، وقد يكون الفطر أفضل؛ فمن وجد شيئاً من المشقة أو الحرج؛ فليعلم أن الله يحب أن تؤتى عزائمه ورخصه كما يكره أن تؤتى معاصيه.

ومما يحبه الله: (أن تؤتى رخصه) فليأخذ برخصة الله تعالى، وأما إذا اشتد عليه الجهد والمشقة فإنه يحرم عليه أن يصوم؛ ولهذا أمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من صاموا واشتد عليهم ذلك بالفطر أمراً، كحال الرجل الذي كانوا يُظللونه من شدة الحر؛ لأنه كان صائماً.

ففي هذه الحال لا يجوز الصيام، وأما من لم يكن عليه في ذلك أدنى حرج ولا مشقة، والأمر بسيط في حسه وفي نظره، فإننا لا نستطيع أن نلزمه بأن يفطر، فليصم إذا أراد ولا شيء عليه إن شاء الله، بل له الأجر كاملاً كما لو كان مقيماً.



حكم الأكل بعد أذان الفجر
السؤال: ما حكم الأكل عند الأذان لإعلان الفجر، مع علمي بأنه الأذان فأكلت وشربت، فهل في ذلك بأس؟

الجواب: الصائم أُمِرَ بالإمساك عن الطعام والشراب إذا طلع الفجر، فلهذا إن كان المؤذن لا يؤذن إلا وقد طلع الفجر، فمن أكل أو شرب بعد ذلك فإنه أكل في وقت الصيام، ومعنى هذا أنه لم يصم وعليه القضاء.

وأما إن كان المؤذن كعادة بعض المؤذنين (يؤذنون قبيل الوقت)، وذلك بغرض تذكير الناس أو تنبيههم إلى أن الوقت قد قرب، ويعلم أن هذا المؤذن يفعل ذلك؛ فهذا لا حرج عليه؛ لأن الأساس هو: (طلوع الفجر، وليس الأذان)، وقد يُؤذن بعض الناس مبكرين، وقد يؤذن بعض الناس متأخرين.

إذاً فالعبرة والمدار على طلوع الفجر وليس على الأذان، ولا ينبغي أن يؤذن قبل الوقت؛ لأنه في هذه الحالة قد يُحرِّج على الناس.

وأيضاً: دخول العبادة في غير وقتها لا يجوز؛ ولكن نحن نتحدث عن واقع مشاهد، وهو: أن بعض المؤذنين -في بعض المناطق- من عادته أنه يحتاط، ويقول: أنا -إن شاء الله- لست آثماً، فالمسألة دقيقتان أو أكثر فقط، لكي يحتاط الناس ويكفوا عن الطعام والشراب!

فإذا كان الأخ مؤذنه يفعل هذه الحالة، فيكون قد أكل في وقت لم يجب عليه الإمساك عليه، فلا يقضي ولا شيء عليه إن شاء الله.



10 - الفوائد المستخلصة
إن علامة قبول الطاعة الاستمرار في الطاعة، وعلامة ردها أن تعقب بمعصية
الفرق بين المؤمنين والمنافقين أن المؤمنين يعدون العدة للعمل الصالح وأن المنافقين لا يعدون
خص الله بالتفضيل من الأشهر شهر رمضان ومن الأيام أيام العشر الأول من ذي الحجة ومن الليالي ليالي العشر الأواخر من رمضان
يجب أن يظهر أثر صيام شهر رمضان على الصائم في جميع أحواله وأوقاته، سواءً في رمضان أو فيما بعد رمضان
كل إنسان منا هو في الحقيقة تاجر، وبضاعته عمله، فإذا نصبت الموازين يوم القيامة، فهنالك يظهر الرابحون الفائزون ويظهر الخاسرون الخائبون
المسلمون اليوم هم أذل الأمم وأفقر الشعوب لأنهم لم يغيروا ما بأنفسهم من انحراف عن منهج الله
كل لذات الدنيا لا تساوي لحظة من لحظات تذوق الإيمان، وكل إنسان يمكنه أن يجد من مطعومات الدنيا ومشروباتها ما يشاء، لكن طعم الإيمان فضل من الله يختص به من يشاء
مفهوم الصيام لا يشمل الإمساك عن الطعام والشراب فقط، بل يشمل كذلك صيام الجوارح بإمساك الجوارح عن جميع المحرمات
التقوى هي غاية كل عبادة
كان العلماء من السلف الصالح إذا جاء رمضان يتركون التعليم ويتفرغون لقراءة القرآن
كان الإمام مالك لا يحدِّث إلا وهو على وضوء ويجلس في وقار وخشوع إجلالاً لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم

http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.download&contentid=225&type=word
 
أتاكم شهر المرابح

أتاكم شهر المرابح

بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة الجمعة في المسجد النبوي بالمدينة النبوية
لفضيلة الشيخ : صلاح البدير

بتاريخ : 28- 8-1424هـ

وهي بعنوان : أتاكم شهر المرابح


الحمد لله الذي شرفنا على سائر الأمم بالقرآن المجيد، وقوَّم به نفوسنا بين الوعد والوعيد، أحمده على ما تفضل به من مواسم الخير والمزيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الغني الحميد، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، الداعي إلى التوحيد، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه صلاة وسلاماً لا يزالان على كر الجديدين في تجديد.

أمّا بعد:

فيا أيّها المسلمون، اتّقوا الله فإنّ تقواه أفضلُ زاد، وأحسنُ عاقبةٍ في معاد، يأَيُّهَا ?لَّذِينَ ءامَنُواْ اتَّقُواْ ?للَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ[آل عمران:102].

واعلموا أنّ الدّنيا حُلوة خضِرة جَميلة نضرة، نعيمٌ لولا أنّه عديم، ومحمودٌ لولا أنّه مفقود، وغِناء لولا أنّ مصيره الفنَاء، المستقِرُّ فيها يزول، والمقيمُ عنها منقول، والأحوال تحول، وكلُّ عبدٍ مسؤول، من تعلّق بها التاط بشغلٍ لا يفرغ عناه، وأملٍ لا يبلغ منتهَاه، وحِرصٍ لا يدرِك مداه، أيّامُها تسير في خبَب، وشهورُها تتتابع في عجَب، وزمانها انحدَر مِن صبَب، الدّنيا كلُّها قليل، وما بقي منها إلا القليل، كالسَّغب شُرِب صفوُه وبقِي كدره، مخاطرُ ومعاذِر، وفتنٌ فوائِر، صغائر وكبائِر، والنّاس يتقلبون فيها مؤمن وكافر، وتقيّ وفاجِر، وناجٍ وخاسِر، وسالمٌ وعاثر، فطوبى لمن حفِظ نفسَه وأولاده ونساءه وقِعاده، من موجبات السخط والذمّ، ووسائل الشر والهدم، وَمَن يَعْتَصِم بِ?للَّهِ فَقَدْ هُدِىَ إِلَى? صِر?طٍ مّسْتَقِيمٍ[آل عمران:101].

أيّها المسلمون، أتاكم شهرُ المرابح بظلالِه ونوالِه وجمالِه وجلالِه، زائرٌ زاهر، وشهر عاطِر، فضلُه ظاهر، بالخيراتِ زاخر، أرفعُ من أن يُعَدَّ حسنُ ذاتِه، وأبدع من أن تُعدَّ نفحاتُه وتحصى خيراتُه وتستقصَى ثمراتُه، فحُثّوا حزمَ جزمِكم، وشدّوا لبَد عزمكم، وأروا الله خيرًا مِن أنفسكم، فبالجدّ فاز من فاز، وبالعزم جازَ مَن جاز، واعلَموا أنّ من دام كسله خاب أمله، وتحقَّق فشله، تقول عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله يجتهِد في رمضانَ ما لا يجتهِد في غيره. أخرجه مسلم

أيّها المسلمون، أتاكم شهرُ القبول والسّعود والعتقِ والجود والترقّي والصّعود، فيا خسارة أهلِ الرّقود والصّدود، فعن أنس رضي الله عنه قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: ((قال الله عزّ وجلّ: إذا تقرب العبد إلي شبرًا تقرّبت إليه ذِراعًا، وإذا تقرّب مني ذراعًا تقرّبت منه باعًا، وإذا أتاني مشيًا أتيته هرولة)) أخرجه البخاري.

أيّها المسلمون، هذا نسيم القَبول هبّ، هذا سيلُ الخير صَبّ، هذا باب الخير مفتوح لمن أحبّ، هذا الشّيطان تبّ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا جاء رمضانُ فتِّحت أبوابُ الجنة، وغلقت أبواب النّار، وصفِّدت الشياطين)) متّفق عليه، وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله :صلى الله عليه وسلم ((إذا كانت أوّلُ ليلة مِن رمضان صُفّدت الشياطين ومردة الجن، وغلِّقت أبوابُ النار فلم يفتَح منها باب، وفتِّحت أبواب الجنة فلم يُغلَق منها باب، ونادى منادٍ: يا باغي الخير أقبل، ويا باغيَ الشرّ أقصِر، ولله عتقاء من النّار، وذلك كلَّ ليلة)) أخرجه ابن ماجه.

أيّها المسلمون، هذا زمانُ الإياب، هذا مغتسلٌ بارِد وشراب، رحمةً من الكريم الوهّاب، فأسرعوا بالمتَاب، فقد قرب الاغتراب في دار الأجداث والتّراب.

قرُب منا رمضان فكم قريب لنا فقدناه، وكم عزيز علينا دفنّاه، وكم حبيب لنا في اللحد أضجعناه. فيا من ألِف الذنوبَ وأجرمَا، يا مَن غدا على زلاّته متندِّمَا، تُب فدونك المنى والمغنمَا، والله يحبّ أن يجود ويرحمَا، وينيلَ التّائبين فضلَه تكرُّمًا، فطوبَى لمَن غسل في رمضان درنَ الذّنوب بتوبة، ورجع عن خطاياه قبلَ فوْت الأوبة.

يا من أوردَ نفسَه مشارعَ البوَار، وأسامَها في مسارح الخَسار، وأقامَها في مهواة المعَاصي والأوزار، وجعلها على شَفا جُرفٍ هار، كم في كتابك من زَلل، كم في عملِك من خلَل، كم ضيّعتَ واجبًا وفرضًا، كم نقضتَ عهدًا محكمًا نقضًا، كم أتيتَ حرامًا صريحًا محضًا، فبادِر التّوبة ما دمتَ في زمن الإنظار، واستدرِك فائتًا قبل أن لا تُقال العِثار، وأقلِع عن الذنوب والأوزار، وأظهِر النّدم والاستغفار، فإنّ الله يبسُط يده بالنّهار ليتوبَ مسيء الليل، ويبسط يدَه باللّيل ليتوبَ مسيء النّهار.

يا أسيرَ المعاصي، يا سجينَ المخازي، هذا شهرٌ يُفَكّ فيه العاني، ويعتَق فيه الجاني، يتجَاوَز عن العاصي، فبادِر الفرصَة، وحاذِر الفوتَة، ولا تكن ممّن أبى، وخرج رمضان ولم ينَل فيه الغفرانَ والمُنى، صعِد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبَر فقال: ((آمينَ آمينَ آمين))، فقيل: يا رسول الله، إنّك صعدت المنبر فقلت: آمين آمين آمين!! فقال : ((إنّ جبريلَ عليه السلام أتاني فقال: مَن أدرك شهرَ رمضانَ فلم يُغفَر له فدخَل النار فأبعَده الله قل: آمين، قلت: آمين)) أخرجه ابن خزيمة وابن حبان.

أيّها المسلمون، احذَروا ما أعدّه لكم أهلُ الانحلال ودعاةُ الفساد والضّلال، من برامج مضِلّة ومشاهدَ مخِلّة، قومٌ مستولِغون لا يبَالون ذمًّا، وضمِنون لا يخافون لَومًا، وآمِنون لا يعاقََبون يومًا، ومجرِمون لا يراعون فطرًا ولا صومًا عدوانًا وظلمًا، جرَّعوا الشباب مسمومَ الشّراب، وما زادوهم غيرَ تتبيب، وتهييجٍ وتشبيب، وتدميرٍ وتخريب، مآربُ كانت عِذابا فصارت عَذابًا. فيا من رضِي لنفسه سوءَ المصير، وارتكب أسبابَ التفسيق والتّحقير، أخسِر بها من صفقة، وأقبِح بها مِن رفقة.

يا مطلقي النّواظر في محرّمات المنظور، قد أقبل خيرُ الشّهور، فحذارِ حذار من انتهاكِ حرمتِه، وتدنيس شرفِه، وانتقاصِ مكانتِه، يقول رسول الهدى : ((من لم يَدَع قولَ الزّور والعملَ به فليس لله حاجةٌ في أن يدعَ طعامَه وشرابه)) أخرجه البخاري.

يا طليقًا برَأي العَين وهو أسير، يا مُسامًا حياضَ الرّدى وهو ضرير، يا مَن رضي عن الصّفا بالأكدار، وقضى الأسحار في العارِ والشّنار، وكلَّ يومٍ يقوم عن مثل جيفةِ حِمار، عجَبًا كيف تجتنب الطريقَ الواضح، وتسلك مسالكَ الرّدى والقبائِح؟! ما بالُ سمعك عليه سُتور؟! ما بال بصرِك لا يَرى النّور؟! وأنت في دبور، وغفلة وغرور، وما أنت في ذلك بمعذور. فبادِر لحظاتِ الأعمار، واحذَر رقدات الأغمار، ولا تكن ممّن يقذفون بالغيب من مكانٍ بعيد، إذا قيل لهم: توبوا سوَّفوا ولا مجيب.

فطوبى لمَن تركوا شهوةً حاضِرة لموعدِ غيبٍ في الآخرة، لم يرَوه ولكنهم صدَّقوا به، وَالَّذِى جَاء بِالصّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ لَهُم مَّا يَشَاءونَ عِندَ رَبّهِمْ ذَلِكَ جَزَاء ?لْمُحْسِنِينَ لِيُكَـفّرَ ?للَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ ?لَّذِى عَمِلُواْ وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ?لَّذِى كَـانُواْ يَعْمَلُونَ[الزمر:33-35].

أيّها المسلمون، إنّ أولى ما قُضِيت فيه الأوقات وصُرفت فيه الساعات مدارسةُ الآيات وتدبّر البيّنات والعِظات، وقد كان جبريل عليه السلام يلقى رسولَ الله في كلِّ ليلة من رمضانَ فيدارسه القرآن. متّفق عليه.

شفاءٌ لما في الصّدور، وحَكَم عدلٌ عند مشتبِهات الأمور، قصصٌ باهرة، ومواعظ زاجِرة، وحكَم زاهرة، وأدلّة على التوحيد ظاهرة. أندى على الأكباد من قطر النّدى، وألذّ في الأجفان من سِنة الكرى، هو الرّوح إلى حياة الأبد، ولولا الروح لمات الجسد، فأقبِلوا عليه، واستخرجوا دُرَره، واستحلِبوا دِررَه، وتعلّموا أسبابَ التنزيل، وراجِعوا كتبَ التفسير والتأويل، ولا تقنعوا من تلاوته بالقليل، وحكِّموه في كلّ صغيرٍ وجليل، فالسّعيد من صرف همّتَه إليه، ووقف فكرَه وعزمَه عليه، يرتَع منه في رِياض، ويكرَع منه في حِياض، لا يجفّ ينبوعها، ولا تنضَب فيوضها، شَهْرُ رَمَضَانَ ?لَّذِى أُنزِلَ فِيهِ ?لْقُرْآنُ هُدًى لّلنَّاسِ وَبَيِّنَـاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ[البقرة:185].

فكن ـ يا عبد الله ـ كالحالِّ المرتحِل، كلّما ختمه عادَ على أوّله يقرأ ويرتِّل، يقول رسول الهدىصلى الله عليه وسلم : ((الصّيام والقرآنُ يشفعان للعبد يومَ القيامة، يقول الصّيام: أي ربّ، منعتُه الطعامَ والشهوة فشفِّعني فيه، ويقول القرآن: منعتُه النومَ باللّيل فشفِّعني فيه، فيشفعان)) أخرجه أحمد.

أيّها المسلمون، أتاكم شهرُ الإنفاق والبذل والإشفاق، فيا من يتبجَّس بالرِّئم ويتبذّخ بالجِدة ويكاد ينشقّ بالغنى، تذكّروا الأكبادَ الجائعة، أهلَ الخصاصة والخماصة، الذين أصابتم البوائق الفالقة، والقوارعُ الباقعة، ممّن يعانون عُدمًا، ويعالجون سُقمًا، أعينوهم وأغنوهم، وَأَطْعِمُواْ ?لْقَـ?نِعَ وَ?لْمُعْتَرَّ[الحج:36]، وأغيثوا الجائعَ والمضطرّ، وأنفقوا وانفَحوا وانضِحوا، ولا توكوا فيوكي الله عليكم، ولا تحصوا فيحصي الله عليكم، ولا تُوعوا فيوعي الله عليكم. وأصيخوا السمع ـ أيها الجمع ـ لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : ((يا ابنَ آدم، إنّك أن تبذلَ الفضلَ خير لك، وأن تمسكَه شرٌّ لك، ولا تُلام على كفاف، وابدأ بمَن تعول، واليد العليا خير من اليد السفلى)) أخرجه مسلم، وقوله صلى الله عليه وسلم : ((أفضل الصّدقة صدقة في رمضان)) أخرجه الترمذي، وكان رسول الله أجودَ النّاس، وكان أجودَ ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل عليه السلام.

أيّها المسلمون، مواسمُ الخيرات أيّامٌ معدودات، مصيرها الزوال والفوَات، فاقصُروا عن التّقصير في هذا الشّهر القصير، وقوموا بشعائره التعبّدية وواجباتِه الشرعيّة وسننِه المرويّة وآدابه المرعيّة، و((لا يزال الناس بخير ما عجَّلوا الفِطر))، و((فصلُ ما بين صيامِنا وصيام أهلِ الكتاب أكلةُ السحر))، فتسحَّروا ولو بجرعة ماء، وكان رسول الله يُفطِر قبل أن يصلّي على رُطبات، فإن لم تكن رطبات فتمَيرات، فإن لم تكن تميرات حسا حسواتٍ من ماء، وكان إذا أفطَر قال: ((ذهب الظمأ، وابتلّت العروق، وثبتَ الأجر إن شاء الله)). و((من أكلَ أو شرب ناسيًا فليتمّ صومه، فإنّما أطعمه ربُّه وسقاه))، ولا كفّارة عليه ولا قضاء، و((من ذرَعه القيء وهو صائم فليس عليه قضاءٌ، ومن استقاء فليقض))، ويفطِر من استمنى لا منِ احتلم، و((من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه))، و((من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفِر له ما تقدّم من ذنبه))، و((من قام مع الإمام حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة))، و((مَن فطَّر صائِمًا كان له مثلُ أجره، غيرَ أنّه لا ينقُص من أجرِ الصائم شيء))، ((وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل، فإن امرؤ شاتمه أو قاتله فليقل: إني صائم، إني صائم))، و((عمرةٌ في رمضان تعدِل حجّة مع النبيّ )).

أيّها المسلمون، احذَروا الفطرَ قبلَ تحلّة صومكم ووقتِ فطركم، واحذَروا انتهاكَ حرمة نهار شهركم بالفطرِ بلا عذرٍ شرعيّ، فعن أبي أمامة الباهليّ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله يقول: ((بينا أنا نائمٌ أتاني رجلان، فأخذا بضبعَيّ، فأتيا بي جبلاً وعرًا، فقالا: اصعد، فقلتُ: إني لا أطيقه، فقالا: إنّا سنسهِّله لك، فصعدتُ حتى إذا كنت في سواء الجبل إذا بأصواتٍ شديدة، قلت: ما هذه الأصوات؟ ما هذه الأصوات؟ قالا: هذا عُواءُ أهلِ النار، ثمّ انطُلِق بي، فإذا أنا بقومٍ معلَّقين بعراقيبهم، مشقّقة أشداقهم، تسيل أشداقهم دمًا، قلت: من هؤلاء؟ قال: الذين يفطِرون قبلَ تحلّة صومهم)) أخرجه ابن خزيمة وابن حبان.

وعلى المرأة المسلمة إذا شهدت العشاء والتراويحَ أن تجتنبَ العطورَ والبخور، وما يثير الفتنة من ملابسِ الزّينة المزخرفة أو غيرها، والتي تستميل نفوسَ ضعافِ الإيمان، وتغري بها أهلَ الشرّ والفساد، وتبلبِل من في قلبه مرضٌ. وعليها أن تجتنبَ الخَلوة بالسّائق الأجنبي لما في ذلك من النّتائج التي لا تُحمَد عقباها، ولا يُعرَف منتهاها، فعن زينب الثقفيّة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا شهِدت إحداكنّ العشاءَ فلا تتطيّب تلك الليلة))، وفي رواية: ((إذا شهدت إحداكنّ المسجدَ فلا تمسَّ طيبًا)) رواهما مسلم، وعن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها قالت: لو أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ما أحدَث النساء لمنعهنّ المسجدَ كما مُنعت نساء بني إسرائيل، فقيل لعمرة: نساء بني إسرائيل مُنعن من المسجد؟ قالت: نعم. أخرجه مسلم.

وصلاتهنّ في قعر بيوتهنّ خيرٌ لهنّ، فعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبيّ صلى الله عليه وسلمقال: ((لا تمنَعوا نساءَكم المساجدَ، وبيوتهنّ خير لهنّ)) أخرجه أبو داود، وعن أم سلمة رضي الله عنها عن رسول الله أنّه قال: ((خيرُ مساجدِ النّساء قعر بيوتهنّ)) أخرجه أحمد، وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((صلاةُ المرأة في بيتها أفضل مِن صلاتِها في حجرتها، وصلاتها في مخدَعِها أفضل من صلاتها في بيتها)) أخرجه أبو داود.

أيّها المسلمون، شفاءُ العِيِّ السؤال، فاسألوا عما أشكل، واستفتوا عما أقفَل، فمن غدا بغير علمٍ يعملُ، أعماله مردودة لا تقبلُ.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كلّ ذنب وخطيئة، فاستغفروه إنّه هو الغفور الرحيم.



الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانِه، والشّكر له على توفيقه وامتنانِه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله الدّاعي إلى رضوانه، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانِه، وسلّم تسليمًا كثيرًا.

أمّا بعد: فيا أيّها المسلمون، اتّقوا الله وراقِبوه، وأطيعوه ولا تعصُوه، يَـاأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّـادِقِينَ[التوبة:119].

أيّها المسلمون، إنّ ممّا يؤسِف الناظرَ ويُحزن الخاطِر ظاهرةً مقيتة وعادة قبيحَة سرت في صفوف بعض المسلمين، ألا وهي ظاهرة الإسراف في المآكل والمشارب في شهر رمضان المبارك، زيادة على قدر الحاجة، وإكثار على مِقدار الكفاية، نهمٌ مُعِرّ، وشرهٌ مضرٌّ، بطنةٌ مورثة للأسقام، مفسدَة للأفهام، وبطَر وأشَر، حمل الكثيرَ إلى رمي ما زاد من الأكلِ والزاد في النّفايات والزّبالات مع المهملات والقاذورات، في حين أنّ هناك أكبادًا جائعة وأُسرًا ضائعة تبحث عمّا يسدّ جوعَها ويسكِّن ظمأها.

فاتّقوا الله عبادَ الله، فما هكذا تُشكَر النعم وتستدفَع النقم، وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ?لْمُسْرِفِينَ[الأنعام:141]، وَلاَ تُبَذّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ ?لْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوانَ الشَّيَـاطِينِ وَكَانَ ?لشَّيْطَـ?نُ لِرَبّهِ كَفُورًا[الإسراء:26، 27]. فتوسّطوا فالتوسُّط محمود، وأنفقوا باعتدال، ولا خيرَ في السّرف، ولا سرفَ في الخير، وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى? عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ ?لْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا[الإسراء:29].

أيّها المسلمون، لكلِّ صائمٍ في كلِّ يوم وليلة دعوةٌ مستجابة، تفتَح لها أبواب الإجابة، فعن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((إنّ لكلّ مسلمٍ في كلّ يوم وليلة دعوةً مستجابة)) أخرجه البزار، وعن [عبد الله بن] عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : ((إنّ للصّائم عند فطرِه لدعوةً ما تردّ)) أخرجه ابن ماجه.

فاستكثِروا مِن الدّعوات الطيّبات في شهر النّفحات، لأنفسكم وذويكم، وتوسَّلوا إلى الله بألوانِ الطّاعة، وارفَعوا أكفَّ الضّراعة، أن ينصرَ إخوانَكم المستضعفين والمشرَّدين، والمنكوبين والمأسورين، والمضطَهدين في كلّ مكان، فالأمّة تمرّ بأعتى ظروفها وأقسى أزمانها.

اللهم أنت المستعان، وعليك التّكلان، ولا حولَ ولا قوة إلا بك.

اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، ودمِّر أعداء الدين من اليهود والنصارى والملحدين ...

استمع الخطبة
http://www.khotab.net/sound/mad1424-08-28.ram

لتحميلها
http://www.khotab.net/sound/mad1424-08-28.rm
 
برامج عملية رمضانية

برامج عملية رمضانية

برامج عملية رمضانية

--------------------------------------------------------------------------------

برامج عملية رمضانية
علي بن محمد بن إبراهيم الزِّباني*
* جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية – كلية أصول الدين

وقفه - قبل البدء -

ما أحلى أن يجد الإنسان في صحيفته حسنات لم يتعب فيها، وأن يملأ ميزانه بطاعات عملها غيره ، وأن يرتقي درجات الجنة بعد أن يواريه التراب ؛ وذلك بأن يعمل أجيراً عند الله بدل إخوانه المسلمين ليتسلم أجرته في الآخرة: سكنى الفردوس في جوار نبي أو صديق أو شهيد لِمَ لا: والدال على الخير كفاعله.



--------------------------------------------------------------------------------


الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد ،،،
إن من رحمة الله وفضله علينا أن جعل لنا في هذه الحياة الدنيا محطات نتزود فيها بالإيمان والتقوى ونمحوا ما علق بقلوبنا من آثار الذنوب والغفلات نلتقط فيها أنفاسنا ، ونعيد ترتيب أوراقنا ، فنخرج منها بروح جديدة ، وهمة عالية.
ومن أهم المحطات التي تمر على المسلمين مرة واحدة كل عام:شهر رمضان ، فهاهي الأيام تمضى ويهل علينا الشهر الكريم بخيره وبركته شعاره:يا باغي الخير اقبل ، الشياطين فيه مصفدة ، وأبواب النيران مغلقة ، والأجواء مهيئة لنيل المغفرة والرحمة والعتق من النار تزينت فيه الجنة, ونادت خطابها أن هلموا وأسرعوا فالسوق مفتوح والبضاعة حاضرة, والمالك جواد كريم .

والموفق جد موفق من أحسن الاستعداد لهذا الشهر واستغلَّ كل لحظة وثانية, والناس في الحياة صنفان: موفق ومخذول.
وكثيرة هي الأعمال التي توصل الإنسان إلى مرضاة ربه، ويفوز بها في جناته وقربه، ولذا كانت هذه المادة بين يديك والمسماة برامج عملية رمضانية، وهي عبارة عن فصول في مدرسة الدعوة والتنافس في الخير ، تلك المدرسة التي تعد من أنجح المدارس في تقويم النفس ودرء عيوبها وحثِّها على بذل الطاقة واستفراغ الوسع في طلب الجنة وحرث الآخرة .
فإليك أخي الكريم هذه البرامج العملية في شهر الصوم فبسماعها وتطبيقها يفتح للخير أبواب وتغلق للشر أمثالها ، وبتمثلها في الحياة ينقشع ظلام ويبزغ فجر جديد ويرتفع صوت المؤذن معلناً عهداً جديداً أهم ملامحه:-
إمساك عن الحرام ، وصيام عن الآثام ، واستغفار في الأسحار ، وانتظار للأذان بالأشواق وتهافت على تكبيرة الإحرام ووله بالصف الأول وملازمة للكتاب ، ومعانقة للسنة ، وتلمس لمجالس الصالحين وتنافس في الخيرات .

هذه الكلمات صيحة تنادي فيك الصلاة خير من النوم والتجلد خير من التبلد، والعالي يرجو المعالي ومن جد وجد ومن زرع حصد ، جنة الفردوس تبغي ثمناً ، ومهور الحور العين ما كانت يوماً رخيصة.
هذه البرامج العملية نوع جديد قديم.
جديد في زمن تنافس فيه الناس في جمع الدينار والدرهم ، وتكالبوا على دنيا زائلة ومتع فانية فثقل على هؤلاء أن يفهموا لغتنا؛ لأن نافخ الكير تزكمه رائحة المسك .
وقديم:لأنه الأمر الذي أرق مضاجع الصالحين ، وجعل مصعباً يفارق فراشه الوثير وعطره المثير حتى ما وجد له كفن في آخر المطاف ، ويهجر الشخص من أجله الأحباب والخلان؛ لأنهم علموا أن العاقبةاليوم أحل عليكم رضاي فلا اسخط عليكم أبداً).
وقبل أن تعيش مع هذه البرامج دعنا نستجلب سوياً رحمات الله ونستمطر بركاته ونلهج سوياً بهذا الدعاء:
اللهم استعمل أبداننا في طاعتك ، وأقدامنا في خدمتك وألسنتنا في ذكرك، اللهم داوِ بكتابك قلوباً أعيتها كثرة الذنوب، ونفوساً أفسدها طول الركود، وانتشلنا به من آبار غفلاتنا ، ومهاوي شهواتنا ، ومصارع أهوائنا, وقوِّي به بواعث الإيمان في أعماقنا ، واجعله حجة لنا بين يديك ، يشهد بصدق العبودية لك وإخلاص التوجه إليك ، وبذل الأوقات فيك.

وأضع أخي الكريم جملة من البرامج بين يديك سائلاً المولى الكريم أن ينفعنا جميعاً بها، وأن يبارك لنا فيها:
1. إقامة دورة مكثفة قبل دخول الشهر عن أحكام هذا الشهر وآدابه ، وما ينبغي للمسلم قضائه فيه.
2. تصميم لوحات بمقاسات كبيرة تتضمن آداب الأكل والشرب وبعض الآداب المتعلقة بالصوم ، إضافة إلى لوحة أخرى تتضمن أحاديث في فضائل هذا الشهر توضع في أماكن الإفطار العامة والمنازل وغيرها.
3. ترتيب إفطارات عائلية للجميع ، ثم ترتيب إفطارات لشرائح محددة ، كإفطار للشباب مثلاً ، وآخر للأطفال، وهكذا مع حسن استغلال هذا اللقاء قبل الإفطار وبعده بما لايثـقل على الحضور.
4. تصميم وإعداد هدايا خاصة للعوائل التي تلتقي في أيام الإفطار العائلي، ويحرص أن تكون هدايا تربوية مناسبة لجميع الشرائح.
5. حث الشباب على العمل التطوعي من خلال المشاركة في تفطير الصائمين وتوزيع وجبات الإفطار عند الإشارات وفي أماكن تجمع العمالة وغيرها.
6. برنامج ( يوم التصفية ) وهو عبارة عن جمع ما زاد عن احتياج الناس، سواء الأقارب أو أهل الحي أو غيرهم ومن ثم توزيعه على الأسرة الفقيرة أو إيصاله لمؤسسات النفع العام، ويمكن إعلان ذلك بمدة مناسبة حتى يتيسر جمع أكبر قدر ممكن منها.
7. برنامج ( الخيمة الرمضانية )، وهي خيمة دعوية تقام من أجل شغل أوقات الفراغ للشباب وملئها بالنافع ، مع إضفاء شيء من اللهو البريء والترفيه الرائع والنكتة النظيفة، ويمكن الاستفادة منها أيضاً في دعوة غير المسلمين إلى الإسلام، خاصة خارج بلاد المسلمين ، مع الاهتمام بتجهيزها بوسائل العرض المختلفة والهدايا المنتقاه بعناية.
8. حملة ( الإقلاع من التدخين )، وهي حملة تهدف إلى تذكير الناس بأن هذه عادة سيئة وضارة بالدين والخلق ، وأنه بالإمكان التخلص منه والصبر على تركه كما حصل في أكثر من نصف اليوم، ويمكن جمع هواتف جمعيات مكافحة التدخين وتصويرها بشكل مكبر ، مع التحدث عن هذا الموضوع بأسلوب علمي راقي وحجج عقلية قوية، ومن المناسب جلب صور مخيفة لآثر التدخين على الإنسان مع البعد عن ذوات الأرواح.
9. رمضان شهر القرآن ، فينبغي العناية بالقرآن فيه من خلال برامج كثيرة، منها:
- التنوع في الحلقات القرآنية للكبار والصغار والذكور والإناث ، والموظفين وغيرهم.
- عمل مسابقات في القرآن الكريم، إما بحفظ سورة معينة أو آيات لها فضائل أو وضع أسئلة على أجزاء القرآن.
- إلقاء كلمات منطلقة من آيات قرآنية وربط الكلمة بتلك الآيات.
- الاهتمام بإعجاز القرآن، سواء العلمي أو اللغوي أو البلاغي وتنبيه الناس على عظمة القرآن في هذا المجال.
10. عمل دورية لبضعة أيام عن كيفية إخراج الزكاة وأحكام ذلك ،خاصة في الأمور المالية المعاصرة، ويمكن استضافة العلماء والاقتصاديين للقيام بهذا الدورة مع دعوة التجار والمحسنين للاستفادة من هذا اللقاء.
11. العناية بمصلى النساء وتخصيصهن بحديث خاص بهن، واستضافة داعيات وطالبات علم لتذكير النساء بما يهمهن من أمور دينهن ، مع الاعتناء بقضايا تربية الأبناء وحقوق الزوج والمسائل الاجتماعية الأخرى.
12. إعداد مفكرة رمضانية تحتوي على مواعيد الأذان في هذا الشهر وأرقام الجمعيات الخيرية وجدول متابعة قراءة القرآن خلال الشهر ، وجدول آخر لتنظيم الوقت كل يوم ؛ وآخر لمواعيد الزيارات العائلية مع إلحاق برنامج الإذاعة في شهر رمضان.
13. إحياء مشروع استبدال الشريط الغنائي بشريط نافع ، وذلك بالإعلان عليه وتوفير البديل المتميز ، ويمكن أيضاً جمع الأشرطة النافعة المستغنى عنها وتوزيعها على من يحتاج إليها.
14. الاعتناء بأماكن إفطار الصائمين وتهيئتها بما تحتاجه كمصاحف بلغات مختلفة مع مراعاة الجالية ذي العدد الكبير ، وتوفير كتيبات منوعة وأشرطة كذلك, خاصة ما يتعلق بالعقيدة وبقية أركان الإسلام والأخلاق ، وطباعة آداب الأكل والشرب، وآداب الأخوة في بنرات كبيرة وتعليقها في مكان بارز ، وكذلك استضافة دعاة بلغات مختلفة لوعظهم وحثهم على أمور الخير.
15. طباعة ورقة متابعة قراءة القرآن الكريم ، وجبذا لو كانت باسم المسجد أو المركز وتخرج بإخراج جيد.
16. تفعيل الطلاب المتميزين ، واقتراح برامج جادة عليهم كحفظ أحاديث الصيام من العمدة أو البلوغ مع شرح مختصر لها.
17. الترتيب المسبق ليوم العيد ، حيث يلتقى أهل الحي جميعاً في لقاء رائع تشع منه المحبة والألفة ، ولكي ينجح لابد من الحرص على الأمور التالية:-
- تجهيز المكان الخاص باللقاء - تحديد الموعد بدقة، بحيث يكون مثلاً بعد صلاة العيد بساعة مع التنبيه على أن وجبة الإفطار تجهز في المنازل بدون إسراف.
- ترتيب برنامج للعيد تكون منه الطرفة والقصة والسؤال واللقاء مع أحد أهل الحي ، مما يضفي على اللقاء رونقاً خاصاً به.
- إعداد هدايا لجميع أبناء الحي ذكوراً وإناثاً وخاصة الصغار منهم.
- طباعة بطاقة دعوة لأهل الحي لدعوتهم للقاء.
- توزيع هدية لكل منزل كإطار جميل فيه عبارة معايدة أو تقبل الله منا ومنكم مشفوعة باسم المسجد ، والعام الذي وزعت فيه.

وثمة قضايا تذكر بها الأسر المسلمة في هذا الشهر الكريم يحسن الاستفادة منها والعناية بهاء ومن ذلك:
1. حث الصغار على الصيام وتربيتهم عليه.
فقد ثبت في صحيح البخاري ومسلم عن الربيع بنت معوذ أنها قالت:كنا نصوم صبياننا الصغار ونذهب إلى المسجد ونجعل لهم اللعبة من العهن، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه إياها حتى يكون الإفطار.
2. استغلال هذا الموسم في تعليمهم الآداب المتكررة فيه كآداب الأكل والشرب وآداب الضيافة والسلام والزيارة نظراً لكثرة الزيارات ودعوات الإفطار في شهر رمضان فيحسن تعليم الأبناء تلك الآداب ، فلم يعد مجدياً ولا نافعاً قول الوالدين للولد كن مؤدباً ما لم يجعله في قالب تعليمي تطبيقي.
3. حث الأبناء على التنافس في النوافل وتطبيق السنة كالسواك، السنن الرواتب، وقيام الليل، وتفطير الصائمين.
4. اصطحاب الأبناء لشراء أغراض رمضان ، وتعليمهم أصول الاقتصاد الشرائي من اصطحاب ورقة عند التسوق ، وعدم تناول ما كان مقابلاً للوجه من البضائع لغلائه في الغالب.
5. دع أولادك يكتبوا ملصقات رمضانية والتي تعلن مجيء الشهر، واتركهم يختارون كلماتها ويكتبونها بخطهم كـ(تسحروا فإن في السحور بركة)، (ومن صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) وغيرها.
6. ما أجمل أن يصطحب الوالد أولاده إلى أماكن مرتفعة _إن تيسر ذلك_ أو إلى الصحراء أو من خلال مراكز علمي للفلك لرؤية هلال رمضان.
7. تهيئة أماكن للعبادة وقراءة القرآن.
لقد أثبتت الدراسات أن تخصيص مكان محدد لفعل شيء محدد يأتي بنتائج مذهلة، وقد ثبت أيضاً عن سلفنا الصالح اتخاذ مصليات داخل بيوتهم للعبادة، فما رأيك بتحضير مكان للأسرة تلتقي فيه لقراءة القرآن تكون الجلسات فيه مريحة ومجهزة بعدد من حوامل المصحف بعدد أفراد الأسرة ، ويمكن أن تجمل الغرفة ببعض المزروعات لتضفي جواً أكثر روعة وجمالاً.
وقفة:أيها الوالدان الكريمان لا تجعلا اليوم الأول من الشهر يوماً عادياً فقوما بتهنئة أقاربكم، ودعوا الأولاد يشاركوكم الاتصال وأشيعوا التعاون بينكم جميعاً.
8. تكريم الصائم الجديد
هل في أسرتكم صائم جديد؟ كرموه وادفعوه إلى الخير، وجهزوا له هدية جميلة تشعره بأهمية العمل الذي يقوم به.
9. دع أبناءك يفكرون في مشروع خيري وينفذوه بأنفسهم كمساعدة أسرة فقيرة أو إعداد إفطار للصائمين أو المساهمة في إفطار المسجد وغيرها من المشاريع.
10. وضع جدول للتعاون الأسري، توزع فيه المهام على الأبناء على مدار الشهر ، بشرط أن تتغير المهام كل أسبوع فأحدهم عليه وضع سفرة الطعام والآخر إيقاظ إخوانه وهكذا، ويعلق هذا الجدول في مكن بارز ليعرف كل شخص مهامه ، وليتربى على المسؤولية.
11. هل تعلم مدى اعتناء أبنائك بقضايا المسلمين وهمومهم ؟ إذن دعهم يعدون معرضاً في إحدى غرف المنزل بعنوان ( الأقصى في قلوبنا ) ليذكروا المسجد ومعاناة إخوانهم هناك.
12. عمل مفكرة خاصة بالأولاد تضبط لهم أوقاتهم وتعينهم على ختم القرآن من خلال ورقة المتابعة مع كتابة بعض الوصايا لهم في أول المفكرة.
13. طبق الخير.
وهي فكرة منتشرة تقوم عليها الجمعيات الخيرية ، والاقتراح أن تقوم بها الأسرة متعاونة مع جيرانها في الحي فتعد كل أسرة عدداً من الأطباق، ويخصص مكان لتناول الصائمين هذا الطعام.
14. إجراء مسابقات على مستوى العائلة والأصدقاء ، تهتم بالقضايا التربوية والأسئلة المتنوعة التي تستهدف جميع شرائح الأسرة.
15. تفعيل فكرة: لوحة الإعلانات المنزلية لوضع الإعلانات المهمة للأسرة كموعد الأذان، وبرنامج زيارة الأقارب، والتذكير بمحاضرة أو لقاء عائلي أو حكمة وغيرها .
16. العمرة في رمضان لها أجر عظيم ، فلتحرص الأسرة عليها، والاستفادة من مدة السفر البري في الحوار مع الأبناء وشرح ما يهمهم كالعمرة مثلاً.
17. المكتبة الرمضانية.
كم هو جميل ورائع أن توفر جملة من الكتب والأشرطة المتعلقة برمضان ، تستفيد فيها الأسرة في أوقات فراغها, أو في اللقاء العائلي الخاص بها ، ويمكن أن يضاف للمكتبة مجموعة من المجلات الإسلامية النافعة المشـِّوقة للأبناء.
18. شهر السنة.
إنها محاولة جادة من الأسرة ليكون الشخص الأول في حياتها هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فتحرص على كل سنة نقلت عنه في هذا الشهر لتطبيقها من قبل الجميع كالإفطار على التمر وتعجيل الإفطار، وتأخير السحور ونحوها من السنن.
19. رمضان فرصة للصلح بين الناس ، وغسيل قلوبهم من الأحقاد والضغائن ، فكن مبادراً للإصلاح بين متخاصمين أو لتصالح أخاً بينك وبينه خصومة ، فالدنيا أهون من أن يتحاسد فيها ويتهاجر ( ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث )، بل الهجر سبب في دخول النار ومنع مغفرة الله تعالى للعبد فلا تتأخر يا مسلم يا من تخاف الله !!
20. ستمر بكم تجارب رائعة في تربيتكم لأسركم، فلنكتب هذه التجارب ولننشرها في المجلات الإسلامية ومواقع الإنترنت، وحبذا لو فتحت المواقع صفحات متعلقة بتجارب الناس في حياتهم.

أخي الكريم..أختي الفاضلة:
هذه جملة من المقترحات العملية التي تصلح لهذا الشهر أردت بذكرها التنبيه على غيرها من البرامج التي لا تخفى عليكم وليس المهم كثرة الأعمال بقدر القيام بها مع الإخلاص لله _عز وجل_ في عملها.
ولا يفوتني في آخر هذه الأسطر أن أذكر أخي المسلم في كل بقاع الأرض ممن شرفت بقراءته لهذه البرامج والمقترحات بأمور هي غير خافية عليه ، ولكن من باب التناصح والقيام بحقوق الأخوة بيننا، فإليك هذه الوصايا أهديكها من قلب محب لك يتمنى أن يراك أفضل مسلم في هذا الكون.

1. النية الصادقة والعزيمة القوية في اغتنام لحظات هذا الشهر، وعد هذا الشهر آخر شهر في حياتك لكي تنشط في العبادة ، وقد كان رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ يصلي بأصحابه، فيقول: صلوا صلاة مودع.
2. التقليل من الخلطة إلا لخير راجح وتعليم الناس والحرص على الجلوس إلى النفس كثيراً ومحاسبة النفس على ما مضى من العمر.
3. إذا بلغك شيء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فاعمل به ولو مرة تكن من أهله فشمر عن ساعد الجد في الاقتداء به - عليه الصلاة والسلام - بالحرص على سنته وتطبيقها وتعويد النفس عليها فصلاة الضحى والجلوس في المسجد إلى الشروق والسواك وكثرة الذكر والصدقة والإحسان أمور لا بد من أن تصطبغ حياة المسلم بها.
4. لازم إخوانك الصالحين واستفد منهم واملأ قلبك بحبهم والدعاء لهم وإصلاح ما بينك وبينهم لتشعر بلذة الطاعة وأنس القرب، وإلا كان للشيطان في قلبك نصيب فتحرم رقة القلب ودمع العين وسلامة الصدر وروح الأخوة.
5. للإحسان للناس طعم خاص في هذا الشهر فتحسس الفقراء وابحث عن الأرامل والمساكين واليتامى وسد حاجتهم وأعنهم في هذا الشهر من مالك أولاً ثم بمساعدة من أراد من إخوانك.
6. رسائل الجوال والبريد الإلكتروني لا تكلف إلا بضع هللات ، فكن أول المبادرين بتهنئة إخوانك وأقاربك يكن لك شرف السبق.
7. وأخيراً : العناية بالدعاء وصدق اللجأ إلى الله تعالى، والتذلل بين يديه سبحانه ((فليس شيء أكرم على الله من الدعاء)) وفي آخر آيات الصيام جاء قوله تعالى: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعِ إذا دعان" فكان هذا درساً للصوام بأن يعتنوا بهذه العبادة العظيمة، فقد صح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "أفضل العبادة الدعاء". وسئل علي بن أبي طالب - رضي الله عنه-: كم بين الأرض والسماء؟ فقال:دعوة مستجابة.

ولكي تكون دعواتنا مستجابة:
أظهر عجزك بين يدي ربك, وأحضر قلبك معك ((فمن جمع الله عليه قلبه في الدعاء لم يرده))، وقدم عملاً صالحاً، فالدعاء بلا عمل كالقوس بلا وتر.

فجـِّرب أن تدعو عقيب دمعة من خشية الله ذرفتها, أو صدقة في ظلمة الليل بذلتها ، أو جـرعة غيظ تحملتها وما أنفذتها, أو حاجة مسلم سعيت فيها فقضيتها.
وكن أخي على يقين بالإجابة، فقد صح عنه - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة".
وتخير أوقات الطلب كوقت السحر، وبين الأذان والإقامة، ودبر الصلوات المكتوبات، وأثناء السجود، وآخر ساعة من الجمعة.
ثم الهج معي بهذا الدعاء لعل الله يقبلنا:-
اللهم ارحم ذلنا بين يديك، واجعل رغبتنا فيما لديك ، ولا تحرمنا بذنوبنا ، ولا تطردنا بعيوبنا، اللهم اجعلنا في هذا الشهر الكريم من عتقائك من النار.

اللهم آمين
ولا تنسني أخي – في كل مكان – من صالح دعائك


-------------------


المصدر : موقع المسلم
 
دعاء الختمة في صلاة التراويح

دعاء الختمة في صلاة التراويح

دعاء الختمة في صلاة التراويح *



عبدالرحمن بن فؤاد الجارالله


الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خير خلق أجمعين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين...
أما بعد:
فقد كثُرَ في الآونة الأخيرة طرح هذه المسألة بين طلاب العلم, وفي مجالس العلم, ومن باب مدارسة العلم وبيان الراجحِ في المسألة من الأقوال من مرجوحها بتوفيق الله, رأيت الإسهام في جمع الأقوال في حكم هذه المسألة وبيان أدلتها, جمعتها من خلال المناقشات في المجالس والمنتديات واللقاءات, والرجوع إلى بعض المؤلفات التي تطرقت إلى الموضوع, أو أشارت إليه, وليس لي فيه من نصيبٍٍ إلا الجمعَ والترتيب. ومن الله وحده العون والطول.


http://saaid.net/Doat/aljarallh/14.htm

لتحميل الموضوع على ملف وورد
http://saaid.net/Doat/aljarallh/14.doc
__________________
 
آيات الصوم

آيات الصوم

أولاً: آيات الصوم من سورة البقرة:

1- الآيات (183-184).

قال تعالى: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّامًا مَّعْدُودٰتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 183 ـ 184].

أسباب النزول:

1ـ قوله تعالى: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصّيَامُ...} [البقرة:183].

عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر ويصوم يوم عاشوراء، فأنزل الله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ} إلى قوله: {طَعَامُ مِسْكِينٍ} فكان من شاء أن يصوم صام، ومن شاء أن يفطر ويطعم كل يوم مسكينًا أجزأه ذلك([1]) .

القراءات:

أ ـ قوله تعالى: {وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُ}.

1 ـ (يُطوَّقونه): وهي قراءة ابن عباس رضي الله عنهما([2]) .

2 ـ (يُطيّقونه): بضم الياء الأولى وتشديد الياء الثانية، وهي قراءة سعيد بن المسيب([3]).

2 ـ (يطّيّقونه): بتشديد الطاء والياء الثانية، وهي قراءة مجاهد وعكرمة([4]) .

4 ـ (يُطيقونه): وهي قراءة الجمهور([5]) .

ب ـ قوله تعالى: {فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}.

1 ـ (فديةُ طعامِ) بالإضافة، وهي قراءة أهل المدينة والشام([6]) .

2 ـ (طعام مساكين) وهي قراءة أهل المدينة والشام أيضًا([7]) .

ج ـ قوله تعالى: {فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا}.

قرأ عيسى بن عمرو ويحيى بن وثاب وحمزة والكسائي (يطّوع) مشددًا مع جزم الفعل على معنى يتطوّع([8]).

المفردات:

{كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصّيَامُ}: فرض عليكم الصيام([9]).

{لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}: أي بالمحافظة عليها، وقيل: تتقون المعاصي بسبب هذه العبادة؛ لأنها تكسر الشهوة، وتضعف دواعي المعاصي([10]).

{أَيَّامًا مَّعْدُودٰتٍ}: أي قليلة في غاية السهولة([11]) والمراد بها: شهر رمضان([12]).

{وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُ}: أي يطيقون الصيام.

وقيل: أي يتكلفونه، ويشق عليهم مشقة غير محتملة، كالشيخ الكبير([13]).

{فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ} قيل: معناه: من أراد الإطعام مع الصوم، وقيل: من زاد في الإطعام على المدّ، وقيل: من أطعم مع المسكين مسكينًا آخر([14]).

قال الطبري: "أي هذه المعاني تطوع به المفتدي من صومه، فهو خير له؛ لأن كل ذلك من تطوع الخير، ونوافل الفضل"([15]).

المعنى الإجمالي:

يخبر تعالى بما من به على عباده، بأنه فرض عليهم الصيام كما فرضه على الأمم السابقة، لأنه من الشرائع والأوامر التي فيها من المصالح العظيمة للخلق في كل زمان، وفيه تنشيط لهذه الأمة المحمدية بأن تنافس غيرها من الأمم، وتسارع إلى صالح الخصال، وأنه ليس من الأمور الثقيلة التي اختصت بها هذه الأمة عن غيرها.

ثم ذكر تعالى حكمته في مشروعية الصيام فقال: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} إذ الصيام من أعظم الأسباب الجالبة للتقوى؛ إذ إنه يضيق مجاري الشيطان، ويقوي النفس على طاعة الرحمن حقيقة مجربة.

ولما ذكر سبحانه فرض الصوم أخبر أنه أيام معدودات، أي: قليلة في غاية السهولة يستطيع أن يؤديها المكلف العادي.

ثم سهل تسهيلاً آخر فقال: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} وذلك فيما إذا حصلت المشقة، فإن الله قد أباح لهما الفطر، ولما كان لا بد من حصول مصلحة الصيام أمرهما أن يقضياه في أيام أخر إذا زال المرض، وانقضى السفر، وحصلت الراحة.

أما الذين يشق عليهم الصيام كالكبير والمريض مرضًا مزمنًا فدية عن كل يوم طعام مسكين عوضًا عن فوات الصوم في وقته، وامتثالاً لأمر الله تعالى، وتحقيقًا لمبدأ العبودية لله تعالى([16]).

نصوص ذات صلة:

1 ـ عن أنس بن مالك الكعبي رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدته يتغدّى، فقال: ((ادن فكل)) فقلت: إني صائم، فقال: ((ادن أحدثك عن الصوم إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة، وعن الحامل أو المرضع الصوم))([17]).

2 ـ عن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء))([18]).

3 ـ عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان))([19]).

4 ـ عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صيام رمضان كتبه الله على الأمم قبلكم))([20]).

الفوائـد:

1 ـ من دخل عليه شهر رمضان وهو صحيح عاقل بالغ فصومه عليه واجب([21]) .

2 ـ الصيام من أعظم أسباب التقوى.

3 ـ الصائم يدرب نفسه على مراقبة الله تعالى، فيترك ما تهوى نفسه مع قدرته عليه لعلمه باطلاع الله عليه.

4 ـ الصيام يضيق مجاري الشيطان؛ فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم، فبالصيام يضعف نفوذه، وتقل المعاصي.

5 ـ الصائم في الغالب تكثر طاعته، والطاعات من خصال التقوى.

6 ـ الغني إذا ذاق ألم الجوع أوجب له ذلك مواساة الفقراء المعدمين، وهذا من خصال التقوى.

7 ـ المريض والمسافر رخص الله لهما في الفطر، ولما كان لا بد من حصول مصلحة الصيام لكل مؤمن أمرهما أن يقضياه في أيام أخر إذا زال المرض وانقضى السفر وحصلت الراحة([22]) .

8 ـ الصوم يمنع من ملاذ النفس وشهواتها ما لا يمنع منه سائر العبادات.

9 ـ الصوم سرٌ بين العبد وبين ربه لا يظهر إلا له، فلذلك صار مختصًا به، وما سواه من العبادات ظاهر([23]) .

* * *

2- الآية (185).

قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِى أُنزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْآنُ هُدًى لّلنَّاسِ وَبَيِّنَـٰتٍ مِّنَ ٱلْهُدَىٰ وَٱلْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ ٱلْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ ٱلْعِدَّةَ وَلِتُكَبّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 185].

القراءات:

أ ـ قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِى أُنزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْآنُ}

قرأ مجاهد وشهر بن حوشب بنصب (شهرَ)([24]).

ب ـ قوله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}

قرأ الحسن والأعرج بكسر اللام (فلِيصمه) ([25]) .

ج ـ قوله تعالى: {يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ ٱلْعُسْرَ}

قرأ جماعة (اليُسُر) بضم السين، وكذلك (العُسُر) ([26]) .

د ـ قوله تعالى: {وَلِتُكْمِلُواْ ٱلْعِدَّةَ وَلِتُكَبّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ}

قرأ الحسن وقتادة والأعرج ورواية عن عاصم وأبي عمر (ولتكمّلوا العدّة) بالتشديد([27]).

المفردات:

{هُدًى لّلنَّاسِ}: يعني رشادًا للناس إلى سبيل الحق وقصد المنهج([28]).

{وَبَيِّنَـٰتٍ}: أي دلائل وحجج بسنة واضحة جلية لمن فهمها وتدبّرها دالة على صحة ما جاء به من الهدى المنافي للضلال، والرشد المخالف للغي([29]).

{وَٱلْفُرْقَانِ}: ما فرق بين الحق والباطل([30]).

{فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}: أي فمن دخل عليه شهر رمضان وهو مقيم في داره، فعليه صوم الشهر كله([31]).

{فَعِدَّةٌ مّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}: أيام معدودة سوى هذه الأيام([32]) .

{وَلِتُكْمِلُواْ ٱلْعِدَّةَ}: أي عدّة ما أفطرتم من أيام أخر، أوجبت عليكم قضاء عدة من أيام أخرى بعد برئكم من مرضكم، أو إقامتكم من سفركم([33]).

المعنى الإجمالي:

لمّا ذكر تعالى أنه كتب على أمة الإسلام الصيام في الآية السابقة، وأنه أيام معدودات، بين في هذه الآية أن المراد من الأيام المعدودات أيام شهر رمضان المبارك، والله سبحانه وتعالى قد مدح هذا الشهر العظيم لاختصاصه بالصيام، ونزول القرآن إذ كان ـ أي القرآن ـ هاديًا وموضحًا طرق الهداية، وفارقًا بين الحق والباطل.

ثم بين سبحانه وتعالى أحكام أهل الأعذار الذين لا يستطيعون الصيام إما لمرض أو لأجل سفر، وأن على من أفطر بهما قضاء ما أفطر بعدده.

وأخبر سبحانه ـ وهو الرؤوف الرحيم بخلقه ـ أنه يريد بالإذن في الإفطار للمريض والمسافر اليسر بالأمة ولا يريد بها العسر؛ إذ الإسلام جاء بالسماحة في كل شيء.

ثم علل سبحانه القضاء لإكمال عدة الصيام، وللتكبير على الهداية، فإن من فعل هذا فعسى أن يكون من الشاكرين([34]).

نصوص ذات صلة:

1. عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال))([35]).

2. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه))([36]).

3. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه))([37]).

4. عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((عليكم برخصة الله الذي رخص لكم))([38]).

5. عن محجن الأسلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن خير دينكم أيسره، إن خير دينكم أيسره)) ([39]).

6. عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يسروا ولا تعسروا، وسكّنوا ولا تنفروا))([40]).

7. عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو([41]).

الفوائـد:

1. فضيلة شهر رمضان لنزول القرآن فيه، واختصاصه بليلة القدر([42]).

2. وجوب صيام رمضان على جميع المكلفين([43]) .

3. الرخصة للمريض والمسافر الفطر في رمضان، ووجوب القضاء مكان الإفطار([44]).

4. يسر الشريعة الإسلامية، وخلوّها من العسر([45]).

5. مشروعية التكبير ليلة العيد ويومه شكرًا لنعمة الهداية إلى الإسلام([46]).

* * *

3- الآية (186).

قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِى وَلْيُؤْمِنُواْ بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة:186].

سبب النزول:

عن الحسن قال: سأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أين ربنا؟ فأنزل الله تعالى ذكره {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِى وَلْيُؤْمِنُواْ بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}([47]).

وقيل: إنه جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أقريب ربنا فنناجيه، أم بعيد فنناديه؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي..}([48]).

المفردات:

{فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِى}: أي كما أجبتهم إذا دعوني، فليستجيبوا لي فيما دعوتهم إليه من الإيمان والطاعات([49]) .

{لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}: أي يهتدون لمصالح دينهم ودنياهم([50]) .

المعنى الإجمالي:

يوجه الله سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بأن يخبر المؤمنين الداعين المتضرعين بأنه منهم قريب، وشهيدٌ على أعمالهم، ومطلع على سرائرهم.

والقرب نوعان: قرب بعلمه من كل خلقه، وقرب من عابده وداعيه بالإجابة والمعونة والتوفيق، فمن دعا ربه بقلب حاضر، وتهيأت له أسباب الإجابة؛ فإنه سيحصل له ما أراد بإذن الله تعالى، وعلى المؤمن أن يستجيب لأوامر الله تعالى بالتطبيق ولنواهيه بالكف والامتناع، عله أن ينال الهداية والرشاد كما وعده ربه([51]).

نصوص ذات صلة:

1 ـ عن أبي موسى رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة فجعلنا لا نصعد شرفًا ولا نهبط في وادٍ إلا رفعنا أصواتنا بالتكبير، قال: فدنا منا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((يا أيها الناس، اربعوا على أنفسكم؛ فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا، إنما تدعون سمعيًا بصيرًا))، ثم قال: ((يا عبد الله بن قيس، ألا أعلمك كلمة هي من كنوز الجنة؟! لا حول ولا قوة إلا بالله))([52]).

2 ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يقول: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني))([53]).

3 ـ عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن للصائم عند فطره لدعوة ما تُرد))([54]).

الفوائـد:

1 ـ مشروعية واستحباب الدعاء([55]) .

2 ـ أن قرب الله تعالى لا يستلزم المخالطة، بل هو قريبٌ في علو.

قال الشيخ حافظ الحكمي رحمه الله:

وذكره للقرب والمعيّة لم ينف للعـلوّ والفوقيــة

فإنه العليّ في دنـوّه وهو القريب جلّ في علوه([56]) .

3 ـ كراهية رفع الصوت بالعبادات إلا ما كان في التلبية والأذان والإقامة([57]) .

4 ـ وجوب الاستجابة والإذعان لأوامر الله تعالى([58]) .

5 ـ أن الاستجابة لأمر الله تعالى يورث الهداية والرشاد([59]) .

* * *

4- الآية (187).

قال تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ ٱلصّيَامِ ٱلرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمْ نِسكُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَٱلـنَ بَـٰشِرُوهُنَّ وَٱبْتَغُواْ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَٱشْرَبُواْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ٱلْخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ ٱلْخَيْطِ ٱلاسْوَدِ مِنَ ٱلْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ ٱلصّيَامَ إِلَى ٱلَّيْلِ وَلاَ تُبَـٰشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَـٰكِفُونَ فِي ٱلْمَسَـٰجِدِ تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلاَ ٱلا تَقْرَبُوهَا كَذٰلِكَ يُبَيّنُ ٱللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [البقرة: 187].

أسباب النزول:

1 ـ قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ ٱلصّيَامِ ٱلرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمْ نِسكُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ....} [البقرة:187].

أ ـ عن البراء رضي الله عنه قال: كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا كان الرجل صائمًا فحضر الإفطار فنام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي، وأن قيس بن صرفة الأنصاري كان صائمًا، فلما حضر الإفطار أتى امرأته فقال لها: أعندك طعام؟ قالت: لا، ولكن أنطلق فأطلب لك، وكان يومه يعمل فغلبته عيناه، فقالت: خيبة لك. فلما انتصف النهار غشي عليه، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ ٱلصّيَامِ ٱلرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمْ نِسكُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَٱلـنَ بَـٰشِرُوهُنَّ وَٱبْتَغُواْ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَٱشْرَبُواْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ٱلْخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ ٱلْخَيْطِ ٱلاسْوَدِ}([60]).

ب ـ وعنه رضي الله عنه لما نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء رمضان كله، وكان رجال يخونون أنفسهم، فأنزل الله: {عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمْ نِسكُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ}([61]).

ج ـ عن كعب بن مالك رضي الله عنه قال: كان الناس في رمضان إذا صام الرجل فأمسى فنام حرم عليه الطعام والشراب والنساء حتى يفطر من الغد، فرجع عمر بن الخطاب من عند النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، وقد سهر عنده، فوجد امرأته قد نامت، فأرادها، فقالت: إني قد نمت، قال: ما نمت، ثم وقع بها، وصنع كعب بن مالك مثل ذلك، فغدا عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فأنزل الله تعالى: {عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمْ نِسكُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ}([62]).

2 ـ قوله تعالى: {مِنَ ٱلْفَجْرِ...} [البقرة:187].

عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: أنزلت: {وَكُلُواْ وَٱشْرَبُواْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ٱلْخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ ٱلْخَيْطِ ٱلاسْوَدِ} ولم يزل يأكل حتى يتبين له رؤيتهما، فأنزل الله بعدُ {مِنَ ٱلْفَجْرِ} فعلموا أنه إنما يعني الليل والنهار([63]). وفي رواية: فكان الرجل إذا أراد الصوم ربط أحدهم في رجليه الخيط الأسود والخيط الأبيض، فلا يزال يأكل ويشرب حتى يتبين له رؤيتهما فأنزل الله بعد ذلك: {من الفجر}([64]).

3 ـ قوله تعالى: {وَلاَ تُبَـٰشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَـٰكِفُونَ فِي ٱلْمَسَـٰجِدِ} [البقرة: 187].

أ ـ قال مقاتل بن سليمان: نزلت في علي وعمار بن ياسر وأبي عبيدة بن الجراح، كان أحدهم يعتكف، فإذا أراد الغائط من السحر رجع إلى أهله فيباشر ويجامع ويغتسل ويرجع فنزلت([65]).

ب ـ وعن الضحاك قال: كانوا يجامعون وهم معتكفون، حتى نزلت: {وَلاَ تُبَـٰشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَـٰكِفُونَ فِي ٱلْمَسَـٰجِدِ}([66]).

القراءات:

قوله تعالى: {فالآن باشروهن... لكم}

قرأ الحسن البصر: (واتبعوا) بالعين المهملة من الاتباع([67]).

المفردات:

{ٱلرَّفَثُ}: الجماع([68]).

{هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ}: كناية عن انضمام الجسد وامتزاجهما وتلازمهما تشبيها بالثوب([69]).

{تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ}: خيانتهم كانت في أمرين أحدهما: جماع النساء، والآخر: المطعم والمشرب في الوقت الذي كان حرامًا ذلك عليهم([70]) ثم نسخ هذا بعد ذلك، وعفا الله عنهم([71]).

{بَـٰشِرُوهُنَّ}: أي جامعوهن، بعد ما كان حرامًا([72]).

{وَٱبْتَغُواْ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمْ}: أي انووا في مباشرتكم لزوجاتكم التقرب إلى الله تعالى، والمقصود الأعظم من الوطء، وهو حصول الذرية، وإعفاف الفرج، وحصول مقاصد النكاح([73]).

{ٱلْخَيْطُ الأبْيَضُ}: الفجر اللصادق المعترض في الأفق، لا الفجر الكاذب الذي هو كذنب السِّرحان([74])([75]).

{ٱلْخَيْطِ ٱلاسْوَدِ}: سواد الليل([76]) والعرب تسمي الصبح خيطًا وظلام الليل المختلط به خيطًا([77]).

{عَـٰكِفُونَ فِي ٱلْمَسَـٰجِدِ} أي منقطعون للعبادة في المساجد([78]).

{حُدُودُ ٱللَّهِ}: جمع حد، وهو ما شرع الله تعالى من الطاعات فعلاً أو تركًا([79]).

المعنى الإجمالي:

كان المسلمون في بداية أمرهم يصومون إلى الغروب، فإذا غربت الشمس حل لهم الأكل والشرب والجماع ما لم يناموا، فإن ناموا حرم عليهم ذلك فأمسكوا حتى اليوم التالي، وكانوا يجدون في ذلك مشقة عظيمة.

ومن ثم فرج الله تعالى عنهم ذلك بعد وقوعهم في الحرج العظيم إزاء هذه العبادة فكانوا يختانون أنفسهم. فخفف الله تعالى عنهم بأن أباح لهم الأكل والشرب والجماع في ليالي الصيام، وتاب عليهم وعفا عنهم ما سلف من أمرهم.

ثم يأمرهم سبحانه وتعالى أن يباشروا نساءهم، ويقصدوا بذلك تكثير سواد الأمة بالتوالد، والإعفاف عن تقحم الحرام، لا مجرد قضاء الشهوة وتصريفها، وما أجل التعبير القرآني إذ عمد إلى الكناية بدلاً من التصريح فيما يستحى من ذكره.

ثم ينهى سبحانه وتعالى عن المباشرة للمعتكف؛ إذ إنها تنقض الاعتكاف وتفسده، وبعدما ذكر هذه الأحكام العظيمة بين أنها حدود محددة لا يجوز تجاوزها ولا اقتحامها، فإن من امتثل لهذه الأحكام وطبقها فحري به أن يكون من المتقين([80]) .

نصوص ذات صلة:

1 ـ عن حفصة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له))([81]).

2 ـ عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، ما الخيط الأبيض من الخيط الأسود؟ أهما خيطان؟ قال: ((إنك لعريض القفا، إن أبصرت الخيطين))، ثم قال: ((لا، بل هو سواد الليل وبياض النهار))([82]).

3 ـ عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال ولا الفجر المستطيل، ولكن الفجر المستطير في الأفق))([83]).

4 ـ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من هاهنا، وغربت الشمس، فقد أفطر الصائم))([84]).

5 ـ عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال. قالوا: إنك تواصل! قال: ((إني لست مثلكم، إني أطُعم وأسقى))([85]).

6 ـ عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((تسحروا فإن في السحور بركة)) ([86]).

7 ـ عن عائشة رضي الله عنها قالت: أشهد على رسول الله إن كان ليصبح جنبًا من جماع غير احتلام ثم يصوم([87]).

8 ـ عن صفية بنت حيي رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معتكفًا فأتيته أزوره ليلاً فحدثته، ثم قمت فانقلبت، فقام معي ليقلبني، وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد، فمر رجلان من الأنصار، فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((على رسلكما، إنها صفية بنت حيي))، فقالا: سبحان الله يا رسول الله! قال: ((إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما سوءًا ـ أو قال ـ: شيئًا))([88]).

9 ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه))([89]).

10 ـ عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل ويباشر وهو صائم([90]).

11 ـ عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر))([91]).

12 ـ عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال: ((ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله))([92]).

13 ـ عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال كان كصيام الدهر))([93]).

14 ـ عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اعتكف يدني إليَّ رأسه فأرجّله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان([94]).

15 ـ وعنها رضي الله عنها أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه([95]).

الفوائـد:

1. إباحة الأكل والشرب والجماع في ليالي الصيام بعد أن كان محرمًا بالنوم([96]).

2. وقت الصيام يبدأ من طلوع الفجر إلى غروب الشمس([97]).

3. استحباب استعمال الكناية بدل التصريح فيما يستحيى من ذكره([98]).

4. مشروعية الاعتكاف في رمضان، والانقطاع للعبادة، وأن المعتكف لا يحل له أن يستمتع بزوجته حتى تنقضي مدة اعتكافه([99]).

5. حرمة انتهاك حرمات الشرع وتعدي حدوده([100]).

6. ذكر الغاية من إنزال الشرائع ووضع الحدود، وهي تقوى الله عز وجل([101]).

بقية الموضوع هنا
http://www.alminbar.net/malafilmy/ramadan/malaf28/1.htm
الهوامش


([1]) رواه أحمد (5/ 246)، وأبو داود في الصلاة باب: كيف الأذان؟ (507) واللفظ له، والحاكم في المستدرك (2/ 274) وقال: "حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (479) وانظر: جامع البيان للطبري (3/ 414)، والعجاب في بيان الأسباب لابن حجر (1/ 429).

([2]) انظر جامع البيان للطبري (3/ 418)، وروي (يطّيّقونه) بفتح الياء، وتشديد الطاء والياء مفتوحتين. انظر: فتح القدير (1/ 278).

([3]) انظر روح المعاني للآلوسي (2/ 58).

([4]) انظر روح المعاني (2/ 58)

([5]) انظر الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (2/ 286).

([6]) انظر الجامع لأحكام القرآن (2/ 287)، وفتح القدير (1/ 278).

([7]) انظر الجامع لأحكام القرآن (2/ 287)، وفتح القدير (1/ 278).

([8]) انظر فتح القدير (1/ 278).

([9]) انظر جامع البيان للطبري (3/ 409).

([10]) انظر فتح القدير للشوكاني (1/ 277) وروح المعاني (2/ 57).

([11]) انظر تيسير الكريم الرحمن ص 68.

([12]) انظر الجامع لأحكام القرآن (2/ 276).

([13]) انظر تيسير الكريم الرحمن (ص 69).

([14]) انظر فتح القدير (1/ 278).

([15]) جامع البيان (3/ 443).

([16]) انظر تفسير القرآن العظيم لابن كثير (1/ 202 ـ 204) وتيسير الكريم الرحمن للسعدي ص 68.

([17]) رواه الترمذي في الصوم، باب: ما جاء في الرخصة في الإفطار للحبلى والمرضع (715) والنسائي في الصيام، باب ذكر اختلاف معاوية بن سلام وعلي بن المبارك (2275)، وابن ماجه في الصيام، باب: ما جاء في الإفطار للحامل والمرضع (667)، قال الترمذي: "حديث أنس بن مالك الكعبي حديث حسن"، وحسنه الشيخ الألباني في صحيح الترمذي (575). وانظر جامع البيان للطبري (3/ 435).

([18]) رواه البخاري في النكاح، باب من لم يستطع الباءة فليصم (5066)، ومسلم في النكاح، باب: استحباب النكاح (1400)، وانظر تفسير القرآن العظيم لابن كثير (1/ 202).

([19]) رواه البخاري في الإيمان باب بني الإسلام على خمس (8)، ومسلم في الإيمان، باب: بيان أركان الإسلام (16) وانظر الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (2/ 272).

([20]) رواه ابن أبي حاتم في تفسير القرآن العظيم (1/ 304) قال ابن حجر: فيه مجهول. انظر فتح الباري (8/ 178) وفتح القدير (1/ 279).

([21]) انظر جامع البيان (3/ 454).

([22]) الفوائد (2 ـ 7) ينظر تيسير الكريم الرحمن ص 68 ـ 69.

([23]) انظر الجامع لأحكام القرآن (2/ 274).

([24]) انظر فتح القدير (1/ 281)، وروح المعاني (2/ 59).

([25]) انظر الجامع لأحكام القرآن (2/ 299).

([26]) انظر الجامع لأحكام القرآن (2/ 301).

([27]) انظر الجامع لأحكام القرآن (2/ 305).

([28]) انظر: جامع البيان (3/ 448).

([29]) انظر: تفسير القرآن العظيم (1/ 205).

([30]) انظر: الجامع لأحكام القرآن (2/ 299).

([31]) انظر: جامع البيان (3/ 449).

([32]) انظر: جامع البيان (3/ 459).

([33]) انظر: جامع البيان (3/ 476).

([34]) انظر: تفسير القرآن العظيم (1/ 204 ـ 205) وروح المعاني (2/ 61 ـ 63) وتيسير الكريم الرحمن ص 69، وأيسر التفاسير لأبي بكر الجزائري (1/ 163 ـ 164).

([35]) رواه مسلم في صلاة المسافرين وقصرها، باب: صلاة الأوابين (748)، وانظر فتح القدير (1/ 280).

([36]) رواه البخاري في الإيمان، باب: صوم رمضان احتسابًا من الإيمان (38)، ومسلم في صلاة المسافرين وقصرها ـ باب الترغيب في قيام رمضان (760) وانظر فتح القدير (1/ 282).

([37]) رواه البخاري في الإيمان، باب تطوع قيام رمضان (37)، ومسلم في صلاة المسافرين، باب الترغيب في قيام رمضان (759)، وانظر فتح القدير (1/ 282).

([38]) رواه مسلم في الصيام، باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر (1115)، وانظر تفسير القرآن العظيم (1/ 206).

([39]) رواه البخاري في الأدب المفرد ص 124 وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد (260). وانظر تفسير القرآن العظيم (1/ 206).

([40]) رواه البخاري في الأدب، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: (يسروا...) (6125)، ومسلم في الجهاد والسير، باب: في الأمر بالتيسير وترك التنفير (1734). وانظر تفسير القرآن العظيم (1/ 206).

([41]) رواه البخاري في الجهاد والسير، باب: السفر بالمصاحف إلى أرض العدو (2990)، ومسلم في الأمارة باب النهي عن أن يسافر بالمصحف إلى أرض الكفار (1869) واللفظ له، وانظر الجامع لأحكام القرآن (2/ 298).

([42]) انظر: جامع البيان (3/ 448).

([43]) انظر: تفسير القرآن العظيم (1/ 203).

([44]) انظر: فتح القدير (1/ 281 ـ 282).

([45]) انظر: تفسير القرآن العظيم (1/ 206).

([46]) انظر التفاسير (1/ 164).

([47]) رواه الطبري في جامع البيان (3/ 481)، وقال الشيخ أحمد شاكر: الإسناد صحيح إلى الحسن. ولكن الحديث ضعيف لأنه مرسل، لم يسنده الحسن عن أحد من الصحابة، وانظر الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (2/ 308).

([48]) رواه ابن أبي حاتم في تفسير القرآن العظيم (1/ 314) وفيه الصلت بن حكيم: مجهول، انظر لسان الميزان لابن حجر (3/ 195).

([49]) انظر: فتح القدير (1/ 285).

([50]) انظر: روح المعاني (2/ 64).

([51]) انظر: تفسير القرآن العظيم (1/ 208) وفتح القدير (1/ 285) وروح المعاني (2/ 64).

([52]) رواه البخاري في القدر باب: لا حول ولا قوة إلا بالله (6610) ومسلم في الذكر والدعاء، باب: استحباب خفض الصوت بالذكر (2704)، وانظر تفسير القرآن العظيم لابن كثير (1/ 207).

([53]) رواه مسلم في الذكر والدعاء، باب: فضل الذكر والدعاء (2675) وانظر تفسير القرآن العظيم (1/ 207).

([54]) رواه ابن ماجه في الصيام باب في الصائم لا ترد دعوته (1753)، والحاكم (1/ 422) وضعفه الألباني في إرواء الغليل (921). وانظر تفسير القرآن العظيم لابن كثير (1/ 208)

([55]) انظر: تيسير الكريم الرحمن ص 69.

([56]) انظر: معارج القبول (1/ 29، 204 ـ 207).

([57]) أيسر التفاسير (1/ 165).

([58]) انظر: الجامع لأحكام القرآن (2/ 313).

([59]) انظر: تيسير الكريم الرحمن ص 69.

([60]) رواه البخاري في الصوم، باب قول الله جل ذكره: أحل لكم ليلة الصيام (1915).

([61]) رواه البخاري في تفسير القرآن باب: أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم (4508) قال الشيخ مقبل الوادعي بعد ما ذكر الروايتين: "وظاهرهما التغاير، لكن لا مانع من أن تكون نزلت في هؤلاء وفي هؤلاء" انظر الصحيح المسند من أسباب النزول ص 18.

([62]) رواه أحمد في المسند (3/ 460) وصحح إسناده الشيخ أحمد شاكر في جامع البيان للطبري (3/ 497). وانظر الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (2/ 314) وتفسير القرآن العظيم لابن كثير (1/ 209). وفتح القدير للشوكاني (1/ 288).

([63]) رواه البخاري في الصوم، باب قول الله تعالى: {وكلوا واشربوا حتى يتبين...} (1917).

([64]) رواه مسلم في الصيام، باب: بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر (1091). وانظر جامع البيان للطبري (3/ 513).

([65]) العجاب في بيان الأسباب (1/ 449).

([66]) جامع البيان (3/ 541).

([67]) انظر: فتح القدير (1/ 287).

([68]) انظر: جامع البيان (3/ 488).

([69]) انظر: الجامع لأحكام القرآن (2/ 316)، وأيسر التفاسير (1/ 166).

([70]) انظر: جامع البيان (3/ 493).

([71]) انظر: فتح القدير (1/ 286).

([72]) انظر الجامع لحكام القرآن (2/ 317).

([73]) تيسير الكريم الرحمن ص 69.

([74]) السرحان: الذئب. انظر لسان العرب (6/ 232) مادة: سرح.

([75]) انظر: الجامع لأحكام القرآن (2/ 319) وفتح القدير (1/ 287).

([76]) انظر: فتح القدير (1/ 287).

([77]) انظر: أضواء البيان للشيخ محمد الأمين الشنقيطي (1/ 105).

([78]) انظر: فتح القدير (1/ 287).

([79]) انظر: أيسر التفاسير (1/ 167).

([80]) انظر: تفسير القرآن العظيم (1/ 208 ـ 215)، وتيسير الكريم الرحمن ص 69 ـ 70.

([81]) رواه الترمذي في الصوم، باب: لا صيام لمن لم يعزم من الليل (730)، والنسائي في الصيام، باب: ذكر اختلاف الناقلين لخبر حفصة (2333)، وأبو داود في الصوم، باب النية في الصيام (2454) وصححه الألباني في صحيح الترمذي (583).

([82]) رواه البخاري في تفسير القرآن باب قوله: {وكلوا واشربوا...} (4510) وانظر جامع البيان للطبري (3/ 513).

([83]) رواه الترمذي في الصوم باب ما جاء في بيان الفجر (706) وصححه الألباني في صحيح الترمذي (568)، وانظر جامع البيان (3/ 515).

([84]) رواه البخاري في الصوم باب متى يحل فطر الصائم؟ (1954)، ومسلم في الصيام باب بيان وقت انقضاء الصوم (1100)، وانظر جامع البيان (3/ 533).

([85]) رواه البخاري في الصوم، باب الوصال، ومن قال ليس في الليل صيام (1962)، ومسلم في الصيام، باب النهي عن الوصال في الصوم (1102)، وانظر جامع البيان (3/ 536).

([86]) رواه البخاري في الصوم، باب بكرة السحور من غير إيجاب (1923)، ومسلم في الصيام، باب: فضل السحور وتأكيد استحبابه واستحباب تأخيره (1095)، وانظر تفسير القرآن العظيم (1/ 210).

([87]) رواه البخاري في الصوم، باب: اغتسال الصائم (1932) ومسلم في الصيام، باب: صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جنب (1109) من رواية أم سلمة وعائشة رضي الله عنها. وانظر تفسير القرآن العظيم (1/ 210).

([88]) رواه البخاري في بدء الخلق باب: صفة إبليس وجنوده (3281)، ومسلم في السلام، باب: بيان أنه يستحب لمن رئي خاليًا بامرأة... (2175). وانظر تفسير القرآن العظيم (1/ 313).

([89]) رواه البخاري في الصوم، باب: الصائم إذا أكل أو شرب ناسيًا (1933)، ومسلم في الصيام، باب: أكل الناسي وشربه وجماعه لا يفطر (1155)، وانظر الجامع لأحكام القرآن (2/ 323).

([90]) رواه البخاري في الصوم، باب المباشرة للصائم (1927)، ومسلم في الصيام، باب: بيان أن القبلة في الصوم ليست محرمة (1106)، وانظر الجامع لأحكام القرآن (2/ 324).

([91]) رواه مسلم في الصيام، باب: فضل السحور (1096) وانظر الجامع لأحكام القرآن (2/ 329).

([92]) رواه أبو داود في الصوم، باب: القول عند الإفطار (2357)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (2066) وانظر الجامع لأحكام القرآن (2/331).

([93]) رواه مسلم في الصيام، باب: استحباب صوم ستة أيام من شوال (1164)، وانظر الجامع لأحكام القرآن (2/ 331).

([94]) رواه البخاري في الاعتكاف باب: لا يدخل البيت إلا لحاجة (2029)، ومسلم في الحيض، باب جواز غسل الحائض رأس زوجها (297)، وانظر الجامع لأحكام القرآن (2/ 334 ـ 335).

([95]) رواه مسلم في الاعتكاف، باب: متى يدخل من أراد الاعتكاف (1173) وانظر الجامع لأحكام القرآن (2/ 336).

([96]) انظر: جامع البيان (3/ 464).

([97]) انظر: الجامع لأحكام القرآن (2/ 318 ـ 319).

([98]) انظر: الجامع لأحكام القرآن (2/ 315).

([99]) انظر: تفسير القرآن العظيم (1/ 213).

([100]) انظر: تفسير القرآن العظيم (1/ 213).

([101]) انظر: رزوح المعاني (2/ 69).
 
4 ـ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من هاهنا، وغربت الشمس، فقد أفطر الصائم)([84]).
لعل الأصح في الرواية : عدم ذكر النهار وغروب الشمس ؛ لعدم ثبوتها* . وإنما الثابت : ذِكْر إقبال الليل فحسْب .
*في السند : عاصم بن عمر بن الخطاب ، لم يُقوِّه أبو حاتم .
الجرح والتعديل - (6 / 346) :
سألت أبي عنه ، فقلت : ثقة هو ؟ قال : يكتب حديثه ، لا يروى عنه الا حديث واحد .
 
عودة
أعلى