السلام عليكم.
أرجو إفادتي عن المصاحف السبعة التي كتبت في عهد عثمان وأرسلت للأمصار أين هي؟وهل نستطيع القول بأن هذا مصحف كوفي ونعني بذلك أنه المصحف
العثماني الذي أرسل للكوفة ؟
والمصاحف المصرية اليوم هي امتداد لأي مصحف من تلك المصاحف السبعة؟
وكذلك مصحف مجمع الملك فهد في المدينة؟
أفيدونا جزاكم الله خيرا
هذا الجواب يمكن أن يفيد فيه بعض علمائنا العارفين برسم المصحف ؛ كالشيخ عبد العزيز قاري ، والشيخ أحمد شرشال ، ولعل من لهم بهما أو بغيرهما ممن له علم بالرسم أن يوافي الملتقى بجواب شافٍ لهذا السؤال .
ومن باب المشاركة رجعت إلى ( التعريف بالمصحف الشريف ) المطبوع في نهاية المصاحف التي طُبعت في مجمع الملك فهد ( مصحف حفص ، وورش ، والدوري ) ، وقد ذكروا هذه العبارة الآتية :
في مصحف حفص : ( وأُخذ هجاؤه مما رواه علماء الرسم عن المصحف التي بعث بها الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه إلى مكة والمدينة والبصرة والكوفة والشام ، والمصحف الذي جعله لأهل المدينة ، والمصحف الذي اختص به نفسه ، وعن المصاحف المنتسخة منها .
وروعي في ذلك ما نقله الشيخان أبو عمرو الداني وأبو داود سليمان بن نجاح ، مع ترجيح الثاني عند الاختلاف
هذا ، وكل حرف من حروف هذا المصحف موافق لنظيره في المصاحف العثمانية الستة السابق ذكرها )
وفي مصحف الدوري : ( وأُخذ هجاؤه مما رواه علماء الرسم عن المصحف التي بعث بها الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه إلى مكة والمدينة والبصرة والكوفة والشام ، والمصحف الذي جعله لأهل المدينة ، والمصحف الذي اختص به نفسه ، وعن المصاحف المنتسخة منها .
وروعي في ذلك ما نقله الشيخان أبو عمرو الداني وأبو داود سليمان بن نجاح ، مع ترجيح الثاني عند الاختلاف غالبًا ، على ماحققه الشيخ محمد بن محمد الأموي الشَّريشي الشهير بالخراز في منظومته (( موارد الظمآن )) ، وما قرره الشيخ إبراهيم بن احمد المارغني التونسي في (( دليل الحيران على موارد الظمآن )) ، وقد يؤخذ بما نقله غيرهما ) .
وفي مصحف ورش : ( وأُخذ هجاؤه مما رواه علماء الرسم عن المصحف التي بعث بها الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه إلى مكة والمدينة والبصرة والكوفة والشام ، والمصحف الذي جعله لأهل المدينة ، والمصحف الذي اختص به نفسه ، وعن المصاحف المنتسخة منها .
وروعي في ذلك ما نقله الشيخان أبو عمرو الداني وأبو داود سليمان بن نجاح ، مع ترجيح الثاني عند الاختلاف غالبًا ، على ماحققه الشيخ محمد بن محمد الأموي الشَّريشي الشهير بالخراز في منظومته (( موارد الظمآن )) ، وما قرره الشيخ إبراهيم بن احمد المارغني التونسي في (( دليل الحيران على موارد الظمآن )) ، وقد يؤخذ بما نقله غيرهما ؛ كالبلنسي صاحب كتاب ( المنصف ) ، وكالشيخ الطالب عبد الله بن محمد الأمين بن فال الجكني في كتابه ( المحتوى الجامع في رسم الصحابة وضبط التابع ) ، وغير هذين من العلماء المحققين
هذا ، وكل حرف من حروف هذا المصحف موافق لنظيره في المصاحف العثمانية الستة السابق ذكرها ) .
ولعل علماءنا يوافونا بمزيد من التفصيل ، والله الهادي إلى سواء السبيل .
أما سؤال الأخ -وفقه الله- عن عدد المصاحف المرسلة إلى الأمصار،
فقد اختلف فيها على أقوال هي:
1- مكة والمدينة والكوفة والبصرة، وهذه الأربعة متفق عليها بين الجميع، مع التنبة إلى أن نسخة المدينة، يفرَّق فيها بين النسخة الخاصة بعثمان، والنسخة العامة لأهل المدينة، فإن هناك خلافا بين رواية أبي عبيد عن مصحف المدينة، وبين رواية نافع عنه، أشار إليه الشاطبي في العقيلة، والصحيح: أن أبا عبيد يروي عن مصحف عثمان الخاص، ونافع المقرئ يروي عن المصحف العام.
2- الأربعة السابقة، والشام، فيكونون خمسة مصاحف، وهذا اختيار الأئمة حال ذكر خلاف المصاحف، فإنهم يدخلون الشامي، والذين لم يدخلوه قلة، والصحيح أنه قد أرسل إليه عثمان مصحفا.
3- الخمسة السابقة، واليمن والبحرين، ذكره أبو حاتم السجستاني، واشتهر هذا القول عنه، وهو خلال مرجح بالسلب، فلعل الصحيح عدم الإرسال لهذين المصرين.
وأما القول: إنه أرسل مصحفا لأهل (مصر) فهو شاذ، بل قد صرَّح الأندرابي في كتابه (الإيضاح) أن مصاحف مصر منسوخة عن المصحف الشامي.
وأما سؤاله عن نسبة المصحف برسم معين إلى مصر معين، فمع أن عثمان أرسل إلى كل مصر بمصحف، فإن أعيان هذه المصاحف مفقودة، لفعل الزمن، ولكثرة الاستخدام، بل إنه لا يوجد من المصاحف المكتوبة في القرن الأول: مصحفا كاملا، كل الموجود من تلك الحقبة بعض الرقوق الموزعة هنا وهناك، وهناك كمية كبيرة منها في مكتبة الجامع الكبير بصنعاء في اليمن.
فالعلماء حين يذكرون الخلاف في رسم المصاحف التي أرسلها عثمان رضي الله إلى الأمصار هو عن نقل من رآها وشاهدها، أو رآى وشاهد المصاحف المنتسخة منها، لأنها حجج أيضا كما صرح بذلك الداني في (المقنع)، وكما هو فعل الأئمة في النقل عن المصاحف القديمة -في أمصارها المخلتفة- من مثل فعل الإمام أبي الحسن علي بن محمد السخاوي في شرحه للعقيلة، فإنه يعود كثيرا لمصاحف الأمصار المختلفة.
وأما سؤاله عن المصاحف المصرية اليوم، وعن مصحف المدينة النبوية،
فجوابه أنهما في الحقيقة مجموعين من كتب الرسم وكتب الرسم التي اعتمدت عليها اللجنة أولا في مصر ثم في مجمع الملك فهد هما كتابان: (المقنع) لأبي عمرو الداني، و(مختصرالتبيين) لأبي داوود سليمان بن نجاح، تلميذ الإمام الداني.
وهم في المصاحف المطبوعة أولا كانوا يقولون: (مع ترجيح الثاني عند الاختلاف) يعني أن اختيار الداني في رسم كلمة معينة؛ قد يخالف اختيار أبي داوود؛ فإذا حصل هذا الاختلاف رجحوا ما يختاره أبو داوود،
ولم يكن عملهم مطابقا لذلك، لأنهم كانوا في بعض الأحيان يرجحون ما يختاره الداني، ولذلك زادوا في (مصحف المدينة النبوية) كلمة (غالبا) وهو الصحيح.
وأما مسألة استيعاب هذين الكتابين لجميع كلمات القرآن، فغير خاف أنهم لم يشترطا جمع كلمات القرآن، ولم يفعلها ذلك، وانظر كلام الإمام ابن الجزري في النشر حال كلامه عن قراءة قوله عز وجل في سورة التوبة: (((أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام)))، فإن هاتين الكلمتين وهما (سقاية) و(عمارة) لم يتكلم الشيخان عن رسمها، بل هناك أكثر بكثير من هاتي الكلمتين،
وعليه فلا نستطيع أن نقول مثلا إن المصاحف التي طبعت في (مصر) أو في (المملكة) أو غيرها من الأقطار الإسلامية تتبع المصحف الكوفي أو غيره، لأنهم قد يخالفون في بعض الكلمات لأن صريح القراءة يوافق رسما غير رسم المصر الذي تنسب إليه القراءة،
وخذا هذا المثال فإن قوله سبحانه: (((وما علمته أيديهم أفلا يشكرون))) في سورة يس، كتبت في مصاحف أهل الكوفة: (((وما عملت أيديهم))) يعني بغير هاء الضمير، وحفص كوفي، ولكنه يقرأ الكلمة بالهاء، فلو رسمت الكلمة بغير هاء لخالفت قراءة حفص، فإثبتت الهاء لأنها مثبتة في المصاحف البصرية والشامية والمكية والمدنية، ولم يقولوا ما دام أن (حفص) كوفي فإننا سنرسم المصحف على ما يقوله أهل الكوفة، بل رسموه على ما يوافق لفظ القراءة، وورد أنه كذلك في مصاحف الأمصار الأخرى.
وهذا على القول إن كتب الرسم أحاطت بجميع كلمات القرآن، والصحيح أن كتب الرسم لم تحط بجميع الكلمات، وله تعليل يطول عليه هذا الموضع.
ولذلك لا يزال العلماء -من قديم وإلى الآن- يقولون: إن مصادر الرسم العثماني هي: 1- المصاحف القديمة، 2- وكتب الرسم، حتى يتكامل الأمر.
وجواب فضيلة الشيخ د. الطيار يعطي لمحة عن فعل اللجان المشرفة في طباعة المصحف، جزاه الله خيرا.
وأستغفر الله من الزلل والخطأ،
وأرجو المعذرة إن وجد خطأ في الكتابة، ولأني لم أعزو الأقوال؛ لأني كتبته مباشرة في الرد على الموضوع، وغير متيسر لي الآن العزو إلى المصادر.
والله حسبي ونعم الوكيل.
والحمد لله رب العالمين.
د. بشير بن حسن الحميري
التخصص الدقيق: (عد الآي ورسم المصاحف).