حديث الكذبات الثلاث يتحدث عن الكذب وليس المعاريض وموضوع الحديث في حد ذاته عن الكذب.
إذا كان يتحدّث عن الكذب وليس عن المعاريض؛ فلم لا نتبع التأويل اللائق بقولنا ما قال نبينا في نفس الحديث: "كلُّهنَّ في ذات اللَّه"؟
ولماذا يجبُ أن نسلّم أن ثلاث كذباتٍ في ذات الله في حياة خليل الرحمن تطعن في صدّيقيّته؟
وكأنك تقول أن رسول الله يقصد أن إبراهيم عليه السلام لم يستعمل المعاريض في حياته سوى ثلاث مرات وهذه مجرد محاولة لتصحيح الحديث.
الحديث صحيح ولا يحتاج مني أن أجلب له مسوغات تصحيحه؛ والواجب أن أجلب من صواب فهمي ما يدركه على وجهه الصحيح.
http://bayanelislam.net/Suspicion.as...5&value=&type=
وما يترتب عن إعلال الحديث لتناقضه مع القرآن الكريم من التشكيك في حديث الشفاعة ليس سبباً للحكم بصحة متنه، فأحاديث الشفاعة كثيرة وصحة الكثير منها لا يمنع تنزيه الأنبياء عن ما لا يليق بهم وتمحيص الأحاديث التي تقدح بهم.
لهذا أنا مازلت مع قول الرازي بعدم قبول هذا الحديث في التفسير .
الذي قصدته بحديث الشفاعة هو هذا الحديث:
https://dorar.net/hadith/sharh/1879
والذي أخرجه البخاري (4712)، ومسلم (194).
فأنت تلاحظ أنك في منشورٍ واحدٍ أتيت على بضعة أحاديث في الصحيحين فأسقطتها، وأنت واحد من بلايين المسلمين، ولو أعطى كل أحد لنفسه الحق نفسه لما وصلنا الصحيحان.
فأين نحن من علم الحديث وقاعدة (درء التعارض بين صحيح النقل وصريح العقل)؟
لهذا أنا مازلت مع قول الرازي بعدم قبول هذا الحديث في التفسير .
الرازي إمامٌ جليل؛ والخطأ في حقه ممكن، فلا تأخذك الحمية إلى جزئية من رأيه أنْ وافقَت هواك.
ولو أنك عاودت قراءة كلام تفسير الرازي لتبينت أنه كان متعجلا ولم يستند إلى حججٍ ذات وزن في علم الحديث.
قال: "قالَ بَعْضُهم: ذَلِكَ القَوْلُ عَنْ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّــــــلامُ كِذْبَةٌ ورَوَوْا فِيهِ حَدِيثًا عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ: «ما كَذَبَ إبْراهِيمُ إلّا ثَلاثَ كَذَباتٍ» قُلْتُ لِبَعْضِهِمْ: هَذا الحَدِيثُ لا يَنْبَغِي أنْ يُقْبَلَ؛ لِأنَّ نِسْبَةَ الكَذِبِ إلى إبْراهِيمَ لا تَجُوزُ، فَقالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ: فَكَيْفَ يُحْكَمُ بِكَذِبِ الرُّواةِ العُدُولِ؟ فَقُلْتُ: لَمّا وقَعَ التَّعارُضُ بَيْنَ نِسْبَةِ الكَذِبِ إلى الرّاوِي وبَيْنَ نِسْبَتِهِ إلى الخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلامُ كانَ مِنَ المَعْلُومِ بِالضَّرُورَةِ أنَّ نِسْبَتَهُ إلى الرّاوِي أوْلى، ثُمَّ نَقُولُ: لِمَ لا يَجُوزُ أنْ يَكُونَ المُرادُ بِكَوْنِهِ كَذِبًا خَبَرًا شَبِيهًا بِالكَذِبِ؟." انتهى كلامه.
فكيف ساغ أن نقبل أن الذي في القرآن هو من المعاريض؛ وأنَّه مما يتحمله كلام العرب، ثم نقول أن إجراء لفظ الكذب في الحديث على معناه اللغويّ الذي هو مخالفة ظاهر الواقع مخالفٌ لسَنن العرب في كلامها؟
وما قول عمر عنك ببعيد: "نعمت البدعة".