استجابة لرغبة الأخوين الكريمين , هذا ملخص الرسالة المشار إليها :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
ملخص رسالة دكتوراه بعنوان :
جهود الشيخ ابن عثيمين في التفسير وعلوم القرآن ( عرضاً ودراسة )
اشتملت الرسالةُ على مقدمة ، وتمهيد ، وأربعة أبواب ، وخاتمة :
بيَّنتُ في المقدمةِ الأسبابَ التي دعتني إلى اختيارِ الموضوع ، وأهمها إبرازُ اهتمامِ الشيخ بالتفسير؛ هذا الجانبُ الذي خَفِي على كثيرٍ مِن محبي الشيخ ومتابعي تراثه ، فضلاً عن غيرهم .
وأما التمهيدُ فكانَ للتعريفِ بالشيخِ ابن عثيمين مِن جانبين هما : حياته الشخصية , وحياته العلمية , ولم أتوسّع فيهما استغناءً بمن كتب قبلي في هذا الجانب حيث عرَّفت بأشهر الكتب المؤلَّفة في ذلك .
وأما البابُ الأول فكانَ لبيانِ جهوده ومصادره في التفسير وعلوم القرآن , حيث ذكرتُ مَدَى عنايتهِ بتفسير القرآن ، ومجالات تلكَ العناية إذْ بلغت سبعَ مجالات , ثم ذكرتُ آثارهُ في التفسير وعلوم القرآن وهي كثيرةٌ ومتنوعة مثل كتابهِ أحكامٌ مِن القرآن الكريم وكتابه أصولٌ في التفسير , ثم بيَّنت أنَّ تفسيرهُ وأرائه في علومِ القرآن ليستْ محصورةً بالكتبِ الخاصة بهما , بل يوجد لـه الكثير منهما مبثوث بين ثنايا كتبه الكثيرة مثل كتابه شرحُ العقيدة الواسطية , وكتابه القولُ المفيد بشرح كتاب التوحيد , ثم بيَّنتُ مصادرهُ في التفسير وعلوم القرآن ومنهجه في الاستفادةِ منها , وبيَّنتُ أنَّه اعتمدَ اعتماداً كبيراً على كتبِ وأراء شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله , كما اعتمد أيضاً على تفسير ابن جرير الطبري, وتفسير ابن كثير .
وأما البابُ الثاني فكان لبيانِ منهجه في التفسير , إذ دلَّلتُ على أنَّه قد جمعَ في تفسيرهِ بين التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي المحمود , ففسَّر القرآنَ بالقرآنِ , وفسَّر القرآنَ بالسنّةِ , وفسَّر القرآنَ بأقوالِ السلف , وفسَّر القرآنَ باللغةِ فَأَوْرَدَ الشَّواهدَ الشِّعريَّة وبَيَّنَ مُفرداتِ ألفاظِ القرآن , والفروق بينها ، وغير ذلك , وذكرتُ ايضاً عنايتهُ بالقراءاتِ وطريقتهُ في إيرادها وتوجيهها , ولقد اعتنى أيضاً بمشْكِل القرآن ودفع توهّم ما ظاهره التعارض , وكذا اعتنى بالمناسبةِ بين الآيات , أو بين الآية وخاتمتها, أو مناسبة الكلمةِ للسياقِ القرآني , كما اعتنى بوجوهِ مخاطباتِ القرآن , وكذا كُليِّات القرآن ؛ حيث ذكرت سبعَ قواعد كُلِّية نَصَّ الشيخ ابن عثيمين عليها .
أمَّا البابُ الثالث فكانَ لبيانِ اهتماماتهِ في تفسيرهِ إذ تَعَدَّدَتْ اهتماماتُ الشيخِ ابن عثيمين في تفسيرهِ ، وأهَمُّهَا :
أ – الجانبُ العَقَدِيُّ : إذْ يُعْتَبَرُ تفسيرهُ مِن أوْسَعِ التفاسيرِ التي عُنِيَتْ بتقريرِ العقيدةِ, فهو تفسيرٌ سَلَفِيٌّ قَرَّرَ فيهِ مَذْهَبَ أهلِ السنّةِ والجماعةِ , وَرَدَّ على مخالفيهم .
ب – الجانبُ الفِقْهِيُّ والأصولي : فتفسيرهُ مَلِيءٌ بالمسائلِ الفقْهيَّـة وخِلافِ الفُقَهَـاءِ , وتَقرِيرَاتِهم معتمدًا على الدليل والتعليل , مشيراً إلى القواعد الفقهية والمسائل الأصولية .
ج – الجانبُ الإسْتِنْبَاطِيُّ : وأبْرَزُ ذلكَ تلكَ الفوائدُ المستنبطةُ مِن الآياتِ , والتي تَمَيَّزَ بها تفسيرهُ عن بقيّةِ التفاسير .
د - الجانبُ النحويُّ والبلاغِيُّ حيث اهتمَّ بإعرابِ ما يحتاجُ إلى إعرابهِ مِن الجمَلِ والمفرداتِ وبيان اشتقاقها , كما اهتمَّ ببيانِ بلاغةِ القرآن , والأساليب العربية الواردةِ فيه .
ثم بيَّنتُ القيمةَ العلمية لتفسيرهِ وذلكَ بِذِكْرِ أهمِّ مميزاته وما قد يُؤخذ عليهِ , وبيَّنتُ أنَّ هذهِ الرسالة مِن أولها إلى آخرها بيانٌ لقيمةِ تفسيره , ثم عقدتُ فصلاً للموازنةِ بين تفسيرهِ وتفسير شيخه عبد الرحمن السعدي مِن خلالِ طريقتهما في العرْض , وطريقتهما في الاستنباطِ , ثم ذكرتُ جملةً مِن المسائلِ التي خَالَفَ شَيْخَهُ فِيهَا وبيَّنتُ سببَ اختلافهما , وقُمْت بدراسةٍ مُفصَّلةٍ لإحدى هذه المسائل.
أمَّا البابُ الرابع فَعَقَدْتُه لبيانِ مَنهجِه في علومِ القرآن وأصول التفسير حيث ذكرتُ اختياراته وآرائه في أهمِّ مَواضِيع علومِ القرآن ؛ وهي نزولُ القرآن وفيه مراحلُ نزولهِ وحكمةُ ذلكَ وعنايتهُ بأسبابِ النزول , والآية بينَ تَعَدُّدِ السببِ وتَعَدُّدِ النزول , وجمعُ القرآنِ في عهدِ أبي بكر وجمعهُ في عهدِ عثمانَ , ورأيهُ في حكْم ترتيبِ السُّور والآيات , وعنايتهُ بفضائلِ القرآنِ عموماً , ورأيهُ في حكْم تفضيلِ بعض القرآنِ على بعض , وعنايتهُ بفضائلِ سُوَرٍ وآياتٍ مخصوصةٍ, ورأيهُ في ضَابِط المكيِّ والمدنيِّ , وخصائصُ المكيِّ والمدنيِّ , ومَوقِفه مِن استثناءِ بعضِ المفسِّرين لآياتٍ مَدنِيَّة في سُوَرٍ مَكِّية أو آياتٍ مَكِّية في سُوَر مدنيَّة , وتعريفهُ للنسْخ , والحكْمة مِنه , والردّ على مُنكِرِيه, وبيانه لما يدخلهُ النسْخ مِن الأحكامِ ومالا يدخله , وأقسام النسْخ في القرآن وأمثلته, ورأيهُ في نسْخ القرآن بالسنَّة , والمحكم والمتشابه المراد بهما في كتابِ الله , وأنواع التشابه والفرْق بينهما , وآيات الصفات ليستْ مِن المتشابهِ على الإطْلاق , وتعريفه للقَسَم وإطلاقاتهِ في القرآن , وجوابهُ عن إقْسَام الله بالمخلوقات , ورأيهُ في معنى " لا " الواردة في بعض أقْسَام القرآن , وسبب القَسَم في القرآنِ مع صِدْق الله سبحانهُ بلا قَسَم , وموقفهُ مِن مُبهَمَات القرآن . ثم بيَّنتُ عنايتهُ بأصولِ التفسير , وتعريفهُ للتفسيرِ وذكرهُ لأنواعه , والفرْق بينَ القرآنِ والحديثِ القُدْسيِّ , ورأيهُ في إطْلاق لفظ الزائدِ في القرآن , ثم بيَّنتُ اهتمامهُ بقواعدِ التفسير وذكرتُ عشرينَ قاعدة نَصَّ عليها واستعملها في تفسيره . وقد خَلُصْت إلى جملةٍ مِن النتائجِ والتوصياتِ أجْمِلُهَا بالآتي :
- لَمْ يُفَسِّر الشيخُ ابنُ عثيمين القرآنَ كَامِلاً , وإنَّمَا فَسَّر أجْزاءً مِنه , مجموعها تَزيدُ على نِصْف القرآن .
- يُعتبر تَفسيرهُ مِن التفاسيرِ المطوَّلة ,خاصَّةً تَفسيره لأوَّلِ القرآنِ , والتعليقُ على سُوَرٍ مِن تفسير الجلالين .
- لَمْ يُؤَلِّف تَفسيرهُ ابْتداءً – سوى كتابه الإلمام ببعض آيات الأحكام - والباقي أصْلُه دروسٌ ألقاها على طُلاَّبِه , كَسَائِرِ مُؤَلَّفَاتِه المطوَّلة .
_ لَمْ يَكُنْ تَفسيرهُ على طريقةٍ واحدةٍ , وسببُ ذلكَ اختلافُ طبيعةِ الدروسِ , والتي هي أصْلُ التفسير , والفِئَة المتلقِّية للتفسير , فَفَسَّرِ مِن المصْحَفِ مُباشَرةً , وعلَّقَ على تفسيرِ الجلالين , كَمَا فَسَّرَ في اللقاءتِ العامّة , ولقد طُبِعَ تَفسيرهُ كُلُّهُ تَحْتَ مُسَمَّى واحدٍ بعنوان : تفسير القرآن الكريم , مما قدْ يُظَنُّ أنّه على طريقةٍ واحدة , والأمرُ ليسَ كذلكَ ؛ ولذا أُوصِي بإعادةِ تسميةِ تفسيرهِ بما يُناسِبُ طريقتهُ في التفسير ، وذلكَ على النحوِ التالي :
أ- تفسيرُ القرآنِ الكريم ، وذلكَ لما فسَّرَهُ الشيخُ مِن المصحفِ مباشرةً ، والذي ابتدأهُ مِن أوّلِ القرآنِ وبلغَ فيه الآية ( 52 ) مِن سورة الأنعام .
ب - التعليقُ على تفسير الجلالين ، أو : حاشيـة الشيخ ابن عثيمين على تفسير الجلالين ، وذلكَ في السُّوَرِ التي ارتبطتْ بهذا الكتابِ على ما سبقَ بيانه .
ج - تفسير سورة الكهف .
د - تفسير المفَصَّلِ للشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، مع العلمِ بأنّ الشيخَ رحمه الله لَمْ يُتَمَّهُ إذْ تُوُفِّيَ عند الآية (17) مِن سورة المجادلة ؛ مع تفسير جزء عمّ كاملاً .
- للشيخِ ابنِ عثيمين كثيرٌ مِن التفسير مَبْثُوثٌ في كُتُبِهِ الأخرى كما قدمت, حَبَّذَا لو جُمِعَ في مُؤَلَّفٍ مُسْتَقِلٍّ خاصّة الآياتُ الواردةُ في سُوَرٍ لَمْ يَقُمْ بتفسيرها أصْلاً .
- أَوْرَدَ القراءاتِ السَّبْع في تفسيرهِ مُكْتَفِيًا بها , وقامَ بتوجيهها , ولَمْ يَتَعَرَّضْ للقراءاتِ الثلاثِ المتَمِّمَةِ للعَشْرِ , أو القراءاتِ الشَّاذَّة .
- يَنقَسِمُ تفسيرُ الشيخِ ابن عثيمين إلى قسمين أساسيين هما :
أ – التفسير ب – الفوائد .
- الجانبُ التَّقْعِيدِيُّ لأصُولِ المسائلِ العلميةِ سِمَةٌ بارزةٌ في تفسيرهِ, ففيهِ القواعدُ العَقَدِيَّةُ, والفقهيّة , والإعرابيّة , والتفسيريّه , ومَا إلى ذلكَ , إذْ قرّرها ، واستعملها في تفسيرهِ , مِمَّا يدلُّ على عنايةَ الشيخِ ابن عثيمين بتأصيلِ المسائلِ العلميّةِ وتَقْعِيدِهَا.
- للشيخِ ابن عثيمين رحمه الله شخصيةٌ مُتَمَيِّزَةٌ في تَنَاوُلِ المسائلِ العِلْمِيَّةِ , ومُنَاقَشَتِهَا , كما لـهُ اختياراتٌ في أغْلَبِ المسائلِ التي يَذْكُرُهَا , بَنَى كُلَّ ذلكَ على الدليلِ , وحُسْنِ التعليلِ ؛ وبناءً عليهِ ؛ فهناكَ جوانبُ في تفسيرهِ أَرَاهَا جَدِيرَةً بالبَحْثِ , إتْمَامًا لهذهِ الرِّسَالَةِ وهي
أ – جَمْعُ اختياراتهِ في التفسير ودِرَاسَتِهَا .
ب – جَمْعُ اسْتِدْرَاكَاتِه على تفسير الجلالين ، ودِرَاسَتِهَا.
تم بحمد الله واسأله التوفيق والتسديد ،،