استفسار عن " النبر " و" الأداء"..أرجو الدخول

شيمه الشدي

New member
إنضم
11/01/2008
المشاركات
6
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ما تعريف "النبر" و"الأداء " في القرآن ؟ وحكمهما , مع ذكر الخلافات فيهما .
مع ذكر مراجع تستوفي أو تكلمت في هذين المصطلحين.

جزاكم الله خيرا..
 
كنت كتبت عن النبر والتنغيم بشيء من التفصيل في رسالتي المعنونة ب( التعبير القرآني والدلالة النفسية) وقد سبق التعريف بها في الموقع، وهي مطبوعة، وهذاجزء من الكلام انقله دون تصرف:
المبحث الثاني: النبر والتنغيم دورهما في الأداء الصوتي للقرآن وأثرهما النفسي
من المعروف أن للكلام أغراضاً متعددة يتعدد في ضوئها طرق الأداء للجمل والعبارات، وقد تقدمت الإشارة إلى لفظتي: النبر ((Accent أو ((Stress والتنغيم (Intonation)، وهما عمليتان معروفتان عند علماء الأصوات، ولهما دور كبير في الوقوف على المعاني، إذ هما من الحديث بمثابة علامات الترقيم من الكلام المكتوب عونا للمستمع في فهم المراد، كما أن علامات الترقيم تعتبر عونا للقارئ في الوقوف على المعنى المراد، فالأداء الصوتي للاستفهام يختلف عن الأداء الصوتي للتعبير عن التعجب، وهما للتعبير عن الأداء الصوتي غير التعبير عن النداء، وكذا الأمر بالنسبة لبقية أغراض الكلام من دعاء وثناء، ونقل أخبار، وغير ذلك .
الذين تحدثوا عن النبر كانت أمثلتهم –في الغالب- من غير اللغة العربية ، إلاّ أنه كان حريّاً أن يضربوا أمثلتهم من العربية على أن اختلاف النبر يؤدي إلى اختلاف المعنى، يمثّل بعضهم بكلمة: (نعم): حيث يستخدمها المرء فتكون تارة: جوابا لسؤال، وتارة: استفهاما، وتارة: تعجبا، في حين تكون بمعنى: أنا مستمع منصت، وأحيانا بمعنى: احتمال أو من الممكن، أو نعم (بكل تأكيد) .
أما الحديث عن دور النبر في أداء المعنى القرآني فهو الذي يهمنا في هذا المبحث، إذ يرجع كثير من الكتّاب السر في عدم التفاعل مع آيات القرآن إلى عدم الالتفات إلى هذا الأمر، فأسلوب الأداء الرتيب الممل الذي نسمعه من بعض الناس يقرؤون السورة من أولها إلى آخرها بنبرة واحدة لا يختلف فيها موقف الحزن من موقف الفرح..، نبرة واحدة رتيبة تموت فيها المعاني وتتسطح فيها العبارات .
ولهذا فإن من معاني الترتيل المطلوب أداؤه هو مراعاة أغراض الكلام الذي في ضوئه تتفاوت نبرات الصوت انخفاضاً وارتفاعاً وتغيراً في سياق الكلام، إذ لا يمكن إعطاء حق الترتيل ذلك أن هذا التنغيم الحاصل من ارتفاع الصوت وانخفاضه ينتقل بالأذهان إلى المعاني المرادة من الكلام، ويكون له دور كبير في التوازن الصوتي للآذان، إذ الطبيعة الإنسانية تأنف الكلام الذي يكون على وتيرة واحدة ونبرة ثابتة مستقرة، فهي مجبولة على حب التنوع، واختلاف النبر هذا عدا عن أنه يعطي لونا متوازناً من الإيقاع الصوتي تترنم به الآذان، فهو -في الوقت نفسه- يشد نفس القارئ والسامع معاً للحديث، وينبه الأذهان إلى المراد، وبالتالي فإنه يترك أثراً في نفس المستمع والقارئ -على حد سواء- يمكن أن يوصف بأنه" الراحة النفسية".
هذه صفة بارزة في كل آية من كتاب الله، فما من آية إلا ونجدها حوت أكثر من غرض في الحديث، فإن أتقن الترتيل كانت النفس مشدودة إلى سماعه، متأملة في معانيه، فكم هو مهم وضروري لقارئ القرآن أن يكون ملماً بطريقة الأداء الصوتي (Sound change) هذه، فهي فنٌ لا يجيده إلا من كان عالماً باللغة فاهماً مدركاً للمعاني، خبيراً بمواقف ومواطن الوقف والابتداء عالماً بالقراءة وأصولها، وما أحوجنا إلى هذا الصنف من القرّاء! إذ بعض من نسمع لهم ممن جمعوا هذه الصفات يوصلون إلى أذهان السامعين معاني الآيات ويفسّرونها بمجرد الأداء المتقن فتكون قراءتهم بمثابة القيام بتفسير الآيات، وكم من آيات نمرّ عليها ونقرؤها مئات المرات ولا ندرك من معانيها مثل ما ندركه حين نسمعها من متقن عارف بتلك المواضع وفقيه بطريقة الأداء، وليسمح القارئ للباحث بأن يضرب مثلا لذلك بما حدث معه، ربما يبدو ساذجاً فقد حدث في وقت الطفولة: "اعتدت منذ الصغر على قراءة الآية التالية:  قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي...  ، هكذا مقطعاً واحداً بلا توقف... حتى سمعتها ذات يوم من قارئ يقف عند لفظ الجلالة من قوله:  قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ... ، ويبتدئ بما بعده:  عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي.. ، فأضافت لي معنى جديداً لم أكن أعرفه من قبل، ومثلها قوله تعالى:  تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، على صيغة الاستفهام في قوله:  تَمُنُّهَا عَلَيَّ ؟، ومثلها قوله تعالى:  فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنْ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ  ، هكذا مقطعاً واحداً حتى سمعتها مرة من متقن للقراءة يقف عند قوله:  إِلَيْكُمَا ، ثم يستأنف بقوله:  بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنْ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ، فأضافت لي معنى جديداً.
ومثل ذلك من الآيات كثير لم أفقه معانيها إلا بعد سماعها من متقن لقراءة القرآن، وأنا على يقين من أن تجارب مماثلة تمرّ بالقارئ ربما يستحضرها لحظة القراءة، وهذا يؤكد الدور الذي يتركه الأداء الصوتي المطلوب أثناء التلاوة، أو ما يمكن أن نطلق عليه: التنغيم (Intonation) الذي يمكن القول عنه بأنه "موسيقى الكلام" (Musical Sound) أو يمكن أن يقال عنه "الإطار الصوتي الذي تقال به الجملة في السياق" ، فهذا التنغيم يعتمده المتحدث في حديثه مع الآخرين وهو معروف لدى جميع اللغات، إذ يحتاج إليه كل إنسان يتحدث مع الآخرين ولولاه لما استطاع المرء الوقوف على مراد المتكلم، هذا النبر هو الذي يترجم لنا المواقف الانفعالية التي تنطوي عليها نفسه، فقد قيل في تعريفه: "ارتفاع الصوت وانخفاضه مراعاة للظروف المؤدى فيها" .
وبهذا يمكن إدراك الدور الذي يؤديه هذا الأداء الصوتي، إذ لكل مقام مقال، وعليه يمكننا أن نفهم الوظيفة الدلالية لهذا الأداء وهي: "التفريق بين المعاني أولاً، ثم إبراز المعاني النفسية ثانياً، إذ الكلمة تنطق بقالب نغمي معين فيكون لها معنى، وإذا ما تم نطقها بقالب نغمي آخر كان لها معنىً آخر، وهذا هو النظام الشائع في اللغات النغمية" ، يشار إلى أن علماء اللسانيات يذكرون هنا أنواعاً للنغم .
أما القيمة الصوتية لهذا الأداء فمنشؤها: التغير في نسبة ذبذبة الوترين الصوتيين" نتيجة هذا الارتفاع والانخفاض في الصوت حيث تحدث هذه الحركات "نغمة موسيقية"، وعليه فالتنغيم يدل على العنصر الموسيقي في الكلام" .
وقد كان لعلماء المسلمين اهتمام بالتنغيم في جانب القرآن الكريم، ويدل على ذلك وجود بعض المصنفات التي تتعلق بهذا" ، كما يدل عليه إشارات الذين تحدثوا عن التجويد وقواعده، كمقولة ابن الجزري: "ولقد أدركنا من شيوخنا من لم يكن له حسن صوت، ولا معرفة بالألحان، إلاّ أنه كان جيد الأداء قيما باللفظ، فكان إذا قرأ أطرب السامع، وأخذ من القلوب بالمجامع، وكان الخلق يزدحمون عليه، ويجتمعون على الاستماع إليه" .
كما نجد أن علماء اللغة قد أشاروا إلى أهمية هذا التنغيم مبينين دوره في الكلام، إذ يمكن به أن يستغنى عن الصفة، وأحياناً عن أدوات التعجب وأدوات الاستفهام، فيكون الاعتماد أولاً وآخراً على طريقة الكلام، كما أشار علماء اللغة إلى أهمية التنغيم ودوره الإيقاعي، حيث قالوا بتنوع وتعدد معاني الجمل ما بين إثبات ونفي، وتأكيد، وتعجب، واستفهام... تتنوع وتعدد القوالب التنغيمية والأدائية، إذ لكل جملة من هذه الجمل قالب تنغيمي ونمط أدائي خاص لا تشاركها جملة أخرى فيه، وهذا النمط يجب اتباعه ومراعاته في النطق بكل جملة وإلاّ عُدّ المتكلم لاحناً، وكان شأنه شأن من رفع المفعول ونصب الفاعل، فالخروج بالجملة عن قالبها التنغيمي كالخروج على قواعد النحو، ومن هنا فالتنغيم يمثل خاصية من خصائص هذه اللغة العربية وسمة من سماتها ومسلكاً من مسالكها .
والعرب كانوا يعتمدون على الأداء في إفادة المعنى وإبانة الغرض، وقد فطن لهذا ابن جني في شرحه على تصريف أبي عثمان المازني حيث قال: "أهل هذه اللغة قد يصلون إلى إبانة أغراضهم بما يصحبونه في الكلام فيما تقدم مثله أو يتأخر بعده وبما تدل عليه الحال فإن لها في إفادة المعنى تأثيراً كبيراً" ، ومن طريف ما روي من الحوادث التي تؤكد دور التنغيم هذا في الوقوف على المعنى ما روي ، أن:"اليزيدي سأل الكسائي بحضرة الرشيد، فقال: انظر‍‍‍‍! في الشعر عيب؟ وأنشده:
لا يكون العير مهراً لا يكون المهرُ مهرُ
فقال الكسائي: قد أقوى الشاعر، فقال له اليزيدي: انظر فيه. فقال: أقوى، لا بد أن ينصب المهر الثاني على أنه خبر كان، فضرب اليزيدي بقلنسوته على الأرض، وقال: أنا أبو محمد: الشعر صواب، إنما ابتدأ فقال: المهر المهر، فقال له: يحيي بن خالد: أتتكنى بحضرة أمير المؤمنين وتكشف رأسك، والله لخطأ الكسائي مع أدبه أحب إلينا من صوابك مع سوء فعلك، فقال: لذة الغلبة أنستني من هذا ما أحسن إليك". فانظر هذه الحادثة تجد أن التنغيم وحده هو الحكم، وهو الفيصل في الوقوف على صواب المعنى، فحمل الوقوف على" لا يكون". أما الابتداء فبلفظ" المهر المهر".
تبين بهذا أن المتكلم يمكنه بهذا النبر أن يجسّد معانيه النفسية التي يريد إيصالها إلى غيره فيلجأ إلى تكثيف الصوت على الكلمة التي هي موضع إسقاط الصوت، وقد يصبح النبر نداءً نفسياً يجمل كل معاني الكلام ، ويحسب الباحث بعد هذا أن الأمثلة تجلّي الأمر وتقف بالقارئ على أهمية ودور هذا التنغيم في الأداء الإيقاعي ، وبالتالي الوقوف على صواب المعاني.

وقد اتبعت المطل المذكور العنوان التالي:
امثلة ونماذج قرآنية يبرز فيها دور التنغيم
، ولو رغبت اخي المزيد فسارفعه لك باذن الله تعالى..
 
وهذه بعض الامثلة ففي المثال يتضح المقال
انقله كذلك كما هو في الرسالة:
أمثلة ونماذج قرآنية يبرز فيها دور التنغيم
فيما يخص الاستفهام: قوله تعالى:  أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ  ، في هذه الآية واضح تماماً أن النبر له دور كبير في بيان المعنى، إذ لا بد من قارئ الآية الكريمة أن يخرج صوته على صيغة الاستفهام وأن يكون وقوفه على رأس كلمة:  فَاسِقًا ، ثم يبتدئ بقوله:  لَا يَسْتَوُون، والقراءة بغير هذا لا تقف بالمستمع على المعنى كما لو قرأ بالوجه الذي أشير إليه آنفاً. وهنا يلاحظ ارتفاع الصوت وانخفاضه الذي يؤدي وظيفة التعجب والإنكار المستفادة من الاستفهام، ويأتي قوله:  لَا يَسْتَوُونَ  بمثابة الجواب السريع.
قوله تعالى:  قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ..  ، ومثلها قوله تعالى:  قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ(71)قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ  .
انظر كيف يكون الصوت إلى ما قبل الاستفهام مَنْ  ثم كيف أنه لا بد من ارتفاع الصوت وتغير النغم الذي يشعر بالاستفهام، وغير ذلك كثير .
وهناك مجموعة من الآيات ذكر فيها استفهام ، ولعل في الآيات التي حذفت منها أدوات الاستفهام ما يكون أقوى دلالة على أهمية النغم، إذ النغم وحده هو الحكم، حيث يطلق عليه: نبر انفعالي (Emotional Stress)، من ذلك قوله تعالى:  وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ،كأنما كان "أوتلك نعمة؟" .
ومنه قوله تعالى:  مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ  أي أمثل الجنة التي وعد المتقون ..كمن هو خالد؟ وهذا المعنى لا يتأتى إلاّ بالنغم.
ومنه قوله تعالى:  يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ  ، حيث ذهب بعض المفسرين إلى أن الجملة  تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ ، هي استفهامية، وتقدير الكلام: أتبتغي؟، ولا يخفى ما للتنغيم من دور في فهمه ، ومثل ذلك قول سيدنا إبراهيم :  هَذَا رَبِّي؟!  ، على صيغة الاستفهام.
وخلاصة ما يريده الباحث أن النغمة وحدها في بعض المواقع هي التي تكون الحكم، وهي التي تطلعنا على المعنى إن كان استفهاماً أو شرطاً أو شيئاً محذوفاً أو غير ذلك.
والنغم تارة يكون نغماً أفقياً وهو النغم الذي يتبعه سكتة خفيفة، وهنالك نغم هابط، وهو الذي يدل على انتهاء الكلام.
ومن باب التنغيم: النداء، كما في الآية:  يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ.. ، فكم هو دور النغم في الآية ليعطي المعنى؟ إذ المقطع الأول خطاب لرجل والثاني لامرأة، فالنغم وحده هو الذي يفصل بين الخطابين، وانظر كيف خلا المقطع الأول من أداة النداء والذي يدل عليه فقط هو النغم.
يذكر هنا أن إطالة النطق بالأصوات في باب الندبة هو من التنغيم –أيضا- وهو ما أشار إليه ابن جني حيث قال ممثلاً بقوله:  يآأَسَفَى.. ، من قوله تعالى على لسان يعقوب :  يَآأَسَفَى عَلَى يُوسُفَ..  : "إنما هو لإعلام السامع وإيقافه على مدى التفجع والتحسر على المندوب" . كما يعدّ من باب التنغيم: الإطالة في باب الإنكار لغرض الاستنكار والتعجب، من ذلك قول قوم إبراهيم لإبراهيم  :  قَالُوا ءَ أَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ  ، فالهمز يقرأ عند بعض القراء بالمد .
هنالك الكثير من الشواهد التي يتغير المعنى فيها لمجرد عدم مراعاة النغم الصحيح الذي يناسب الكلمة ويبرز فيها دور النبر في أداء المعنى غير ما تقدم، على سبيل المثال:
قوله تعالى:  وَقُلْ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ..  ، انظر كيف يمكن للنبر أن يغيِّر المعنى من كون لفظة الحق مصدرا إلى كونها فعل أمر من اللحاق: "وقل ءالحق".
وقوله تعالى:  أَءِلَهٌ مَعَ اللَّهِِ  ، لا يفهم المعنى إلاّ إذا كان النطق معبِّرا عن صيغة الاستفهام، وعليه فالنبر يكون متغيراً، ولا يستقيم بحال أن ينطق بالعبارة كما تنطق الجملة الخبرية، وكذا الأمر بالنسبة لبقية مواضع الاستفهام، وبقية أغراض الكلام إذ لا بد من مراعاتها.
وقوله تعالى:  وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ..  ، يجب أن يكون النبر على المقطع الثاني من الكلمة "وترى"، وتكون النغمة صاعدة عند نهاية الكلمة، لكن القراءة بغير هذه النغمة تغير المعنى، ويفهم السامع أن "وترى" كلها كلمة واحدة (فإذا كان النغم على الواو تغير المعنى بتمامه، إذ يصبح الألف حرفا أولا للكلمة، فتكون من وتر الشيء، وهذا التغير يدل على أهمية النبر الذي يصعد عند النطق بالتاء).
وقوله تعالى:  يَقُولُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ  ، فلفظة "المفر" هذه، موضع النبر فيها يغير المعنى كاملاً، فإذا كانت النغمة هابطة عند النطق بالكلمة مفر بحيث تنتهي بحرف الراء، فإن المعنى ينقلب تماماً مفرْ، وبالتالي لا بد لقارئ القرآن أن ينتبه إلى أن يكون النبر صاعداً عند النطق بالفاء وينتهي بالراء: م ف ر .
قد يكون رسم الكلمة واحدا ، إلا أن النطق يختلف، مثل: "ألم" و "ألف لام ميم" الأحرف المقطعة. و"ألم" على اعتبار الهمزة للاستفهام و"الألم" من الإيلام، فالنبر وحده هو الذي يحل الإشكال، وقد يعبر النبر عن المحذوف من الكلام ، كقوله:  فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ..  ، و  رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ...  ، ومنه:  مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ...  .
من الأمثلة التي تظهر دور التنغيم: ضمير الشأن عند الوقوف عليه، انظر قوله تعالى:
 وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ...  ، لو أردنا الوقوف على الهاء من كلمة "به" لا بد من أن تكون النغمة صاعدة عند النطق بالباء لتظهر الهاء، وإلاّ لتغير المعنى واختل النظم خاصة، وأن تمام الآية يقتضي هذا التوازن الإيقاعي: وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ...  .
وهكذا نجد أن للنبر دورا كبيرا في تحديد أمر ومراعاة النبر، فهو ضروري يؤكد عليه القراء عند النطق به لأن النبر يقف عند بعض الأحرف التي ربما لو لم يحسن النطق لذهبت نطقاً فلم يدركها السامع.
مما تقدم ندرك أن تحديد المعنى وتوضيحه أحياناً يتوقف على خواص صوتية لهذا الكلام المنطوق، من أهم هذه الخواص ما يعرف بـ"موسيقى الكلام"، تلك الموسيقى التي تلون النطق وتمنحه معاني متنوعة بحسب السياق والمقام" .
هذا، وتجدر الإشارة إلى أن تغيُّر النبر (الصوت) وتحويله ليناسب أغراض الكلام هو الرسالة التي توصل المعنى إلى المستمع، وقد نص بعض العلماء على ضرورة خفض الصوت في بعض المواطن، من ذلك قراءة:  وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا  ، وقوله تعالى:  وَقَالَتْ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ...  ،  لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ...  ، وقوله:  وَقَالَتْ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ..  ، وقوله:  هَذَا رَبِّي؟‍‍  ، إن خرج على صيغة الاستفهام في المثال الأخير أدى إلى معنى جديد، وأمثالها في القرآن كثير، فخفض الصوت عند النطق بها يؤدي للمستمع رسالة صوتية ونغمة موسيقية، وهي أن هذا الكلام إنما خرج ادعاءً وليس له أصل أو حقيقة. فانظر كيف كان لهذا التنغيم أكبر الأثر في بيان تلك المعاني، والله أعلم بالصواب، فعلماء التجويد كانوا على علم وتنبه لهذا، فقد كانوا حريصين على ضرورة أن يكون الأداء سليماً عند التلقي والأداء حتى لا يتغير المعنى.
من هنا ندرك الأثر النفسي الذي يتركه الأداء السليم للنبر في ألفاظ القرآن الكريم، فهو عدا عن كونه يقف على صواب المعاني، نجده ينقل القارئ نفسه إلى اليقظة والتنبه المستمرين والناشئين عن ارتفاع الصوت وانخفاضه والتراوح بينهما، والذي يعطي بدوره حياة للنفوس وتجدداً، ويزيل عنها أثر الملل والسآمة.
يذكر أنّ بعض الذين تحدثوا عن المفارقة اللغوية أشاروا إلى وجود ثلاثة أنواع للمفارقة وهي: 1-مفارقة النغمة 2-المفارقة اللفظية 3-المفارقة البنائية.
والذي يعنينا في هذا هو النوع الأول، ويسمون هذه النغمة بالنغمة التهكمية (Sarcasm) وهو "مفارقة النغمة" ، ويمثلون لهذا النوع بقوله تعالى:  ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ  ، وتوضيح ذلك: أن الآية مكونة من جملتين الأولى فعلية:  ذُقْ ، والثانية اسمية:  إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ .
أما الأولى:  ذُقْ ، فهي متلوة بوقفة قصيرة، ويلحظ أنها اشتملت على أعلى المستويات في النبرات. (أي درجة الصوت فيها عالية).
وأما الثانية وهي الاسمية فتبدأ فيها النبرة عالية إلى أن تصبح منخفضة جداً في آخر الجملة.
وهكذا نجد أن نغمة الأمر في  ذُقْ ، ينبغي أن تؤدى أداءً مختلفاً إذا ما قورنت بكلمة أخرى ورد فيها الأمر، كقوله تعالى:  خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ  ، إذ الأمر في الآية السابقة منفصل عن الجملة التي تلي، بخلاف الآية الأخيرة التي هي جزء من الخطاب .
يشار إلى أن التنغيم هو أكثر ما يستخدم في اللغات للدلالة على المعاني الإضافية (كالتهكم والتأكيد والدهشة والغضب..)، وهكذا يتلائم التنغيم ليعبّر لنا عن المقام وتمنح تموجاته النغمية دلالات نفسية وتجسّد حالات عاطفية لا تستطيع اللغة الهجائية التعبير عنها .
كما يلاحظ أن عنصر المفاجأة يلعب دوراً رئيسياً في التمييز بين الحركات النغمية، فلفظة "ذق" ليس فيها حرف مد، فهي تلعب عنصر المفاجأة، وهو بدوره له ملحظ نفسي إذ النفس تفاجأ بهذا الأمر الغريب، خاصة وأن هذا الفعل في العادة يستعمل لما طاب من الطعام، وهو هنا خرج مخرج السخرية. وبعض الآيات التي يكون فيها النبر عالياً تقوم النبرة فيها في حقيقة الأمر بتصوير الحالة النفسية من تصوير لحدة الطبع وتعكير المزاج، وانتفاخ الأوداج، ويمكن أن يمثل له بقوله تعالى على لسان قوم شعيب:  قَالُوا يَاشُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ  ، لو دققنا في المقطع الأخير، وهو قوله تعالى:  إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيد ، سنجد أن مقاطع النبر فيه عالية، ويمكن وصفها بالآتي: حيث زيادة الحروف تعبر عن طول النطق (إننننننك لأنننننت الحلييييم الرشييييد)، وهذا -كما يفسّره علماء الطبيعة (الفسيولوجيون)- سلوك حركي عضوي، ذلك أن المقطع المنبور نبراً عالياً ينطق مصحوباً بشد عضلي في مناطق أخرى، مثل: "عضلات الفم والقفص الصدري.."، هذه النبرة تزيد المفارقة سخرية، ويلحظ في هذا أنهم صوبوا نقيض ما وصفوه به إلى أنفسهم في الوقت الذي رغبوا فيه رميه بنقيض هذه الصفات .
لو سألنا علماء الصوتيات عن وصف الفم أثناء النطق بمقطع منبور؟ لكان الجواب كالآتي:
• تنشط جميع أعضاء النطق المشتركة في نطق ذلك المقطع.
• تنشط عضلات الرئتين بشكل مميز لدفع الهواء بنشاط أكبر.
• تقوي حركات الوترين الصوتيين وتتسع الذبذبات ويتقارب الوتران أكثر في حالة الأصوات المجهورة.
• يزداد نشاط الشفتين إذا اشتركتا في النطق.
• تصبح حركة اللسان دقيقة محكمة حتى يضمن وضوح مخارج الأصوات وعدم التباسها مع غيرها.
• يزداد الجهد العضلي لأعضاء الكلام عامة .
وهذا أسلوب قرآني رائق، إذ النص القرآني يجعل هذا التهكم بهم معلوماً ومدركاً لدى المستمع أو قارئ النص، في حين أنه يخفى على المتكلم نفسه، ويلاحظ هنا دور النغمة التهكمية في إبراز المعنى. ومثل هذا في كتاب الله كثير .
نخلص من هذا كله إلى أن كلا من النبر والتنغيم لهما دور كبير في إبراز تلك الموسيقية التي بدورها تترك أثراً عظيماً في نفس المستمع، وينتهز الباحث مثل هذه الفرصة ليسجل أمنيته وتوصيته لأصحاب الاختصاص ممن لهم علم باللغة والأصوات أن يشتركوا مع أهل الاختصاص من المفسرين ومعهم القراء المتقنون، ليتمكنوا من الإشراف على إخراج نموذج لقراءة من هذا النوع، فيفيد منها المسلمون، خاصة وأن الوسائل الحديثة تعين على إصدار مثل هذا النوع. فتكون صوتية يراعى فيها حسن الأداء وقواعد النغم.
أقول وبهذا يتبين لنا أهمية ودور التنغيم في كتاب الله والذي يمكن إجماله بالآتي:
 لا يتأتى النطق الصحيح إلا بمراعاة النغم وتمثله، وبه يتضح المعنى ويفهم الغرض من الكلام.
 يعتمد عليه في توجيه الإعراب فيما ورد فيه أكثر من وجه إعرابي.
 يجيء به الكلام مسبوقاً وفق مقتضيات الأحوال فلكل مقام مقال وقالب تنغيمي خاص .
بهذا ندرك السر في قول بعضهم: "وإنك لتخشع لسماع الآية بجرسها وموسيقاها حتى قبل أن تعيها وتفهم معناها، ومن ثم كان ترجمتها ضربا من المحال" .
 
بارك الله فيكم ونفع بكم
من المهم جدا أن لا يلزم القارئ غيره بطريقة معينة إلا من خلال ما تلقها مشافهة على المشايخ الأثبات الثقات ، وإلا لأدى ذلك إلى تكلف لا يعلمه إلا الله
وهذا بحث خص بعلاقة النبر بالتلقي أعدته في كتابي زاد المقرئين :
لُوحِظ من خلال التلَقِّي أنَّ هناك من الكلمات ما لا يضبط إلا بالمُشَافَهة والسَّمَاع، فلا يميز أداءها مَخْرَج ولا صفة، بل يميزها التلَقِّي ومعرفة المعنى .
قال الشيخ إبراهيم السمنودي:
لاَ تَخْتَلِسْ نَحْوَ ولنْ يَتِرَكُــمْ : وَجِلَةٌ بِيَدِهِ يَعِدُكُــمْ
وَمِزْ مِنَ الأَشْبَاهِ يُصْحَـبُونَ : وَفَقَعُوا نَذَرْ تُحْصِنُونَ
قال الشيخُ محمودُ علي بسه: للتلقِّي في تعَلُّمِ القرْءان وأدائه أهميةٌ كبيرةٌ، فلا يَكفي تعَلُّمُهُ منَ المصاحفِ دون تلقيه من الحافظين له، لأَنَّ من الكلماتِ القرآنية ما يختلفُ الْقُرَّاء في أدائه مع اتحاد حروفه لفظًا ورسمًا، تبعًا لتفاوتهم في فَهْمِ معاني هذه الكلمات وأصولها، وما يتوافرُ لهم من حسن الذوق، وحَسَاسِيَة الأُذنِ، ومُراعَاة ذلك كلِّه عند إلقائِها، لدرجة أنَّ بعضَهم يُخطِئُ في أدائه بما يكاد يُخرجها عن معانيها المرادة منها لتساهُلِه، وعدمِ تحرِّيه النُطْقِ السَّليمَ، والَّذِي لوْ وُفِّقَ إليه وعوَّدَ نفسه عليه: لدلَّ على حساسِية أذنه، وحسن ذَوْقِه وفَهْمِه لمعانيها.
وذلك نحو: ] حرِّضِ المُؤمنين[ الأنفال: 65 ] يعظكمْ[ البقرة: 231 ] فسقىَ لهما[ القصص: 24، ] وَذرُوا البيعَ[ الجمعة: 9 . اهـ(1) .

وذكر شيخنا فضيلة الشيخ أسامة بن عبد الوهاب: نفس ما ذكره الشيخ محمود علي بسه وزاد بعض الكلمات نحو: ] أَفَلا يعلم، أَوَلا يعلمون، أَوَلَو كان، إِنَّ الَّذِينَ لايَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا، أَوَلَم، أَفَلَمْ [ . اهـ(2) .

قال استاذي وشيخي فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الحفيظ –رحمه الله-
تعالى : اهتمَّ العلماءُ – رضوَان اللهِ عليهم- المتخصِّصُون في هذا المجال بإبرازِ أحكام القرآن الكريم ، وبيانِ ما ينبغي أن يُقرأ به ، من كيفياتِ مرْضية مقبولة متلقَّاة عن رسُول الله - صلى الله عليه وسلم- ، ثمَّ عن صحابته من بعده ، ثم عن العلماء الذين حَمَلوا لواء هذا العلم حى وَصَل هذا العلم إلينا ، فالقرآنُ الكريم لا يمكن
تلقِيه عن طريق كتاب.
إن الكُتبَ عامل مساعد، ولكنَّ العامل الأساسيَّ هو التلقِّي، لأنَّ هناك كثيرًا من الكلمات ربَّما تقرأ بغير ما ينبغي ، ولكنها لا تختلف في كتابتها، سواء أكان نطقها صحيحًا أو غيرَ صحيح، نحو:"خَلَقَكم" الزمر: 6، ] فسقى لهما[ القصص: 24، ]أفلا[، الذاريات: 21 فلا بدَّ أن يسمع المجود من شيخه سماعًا طيبًا، ويكون ذا أذن ناقلة حافظة، ويعود الشيخ لسان تلميذه على أن يقرأ بالكيفية الصحيحة (1) .

وقال الشيخ محمد بن الأحمدي الأشقر: ينبغي معرفة طريقة الأداء عند النطق بالكلمات الآتية، والمحافظة على نبرة الحرف وحقه ومستحقه، ولا يتم ذلك إلا بالتلقي والمشافهة، وسماع الأصوات من أفواه المشايخ المهرة، نحو : ]آلهتكم[ الأنبياء: 36، " ]يعدكم[ البقرة : 228، ]يعظكم[ البقرة : 231، ]يومئذ[ الزلزلة: 4، ] مثلهم[ البقرة : 17، ]خلقكم[ الزمر: 6، ]وتعيها[ الحاقة: 12، ]عرضهم[ البقرة: 31، وما شابه ذلك اهـ (2).

وسأذكر بعون الله نماذج لهذه اللحون مع بيان أسبابها وسبل علاجها، ومن الجدير بالذكر أن أقول : " إن هذه الأسباب وطرق العلاج ما هي إلا عوامل مساعدة تقربية للفهم والتوضيح، لا يحق لأحد أن يعتمد عليها كلية، بدون تلق، أو أن يقيس من نفسه أثناء قراءته.

أولا: تحويل حرف ليس من أصل الكلمة وجعله من أصل الكلمة

1- حدثني فَضِيلَة الشيخ رزق خليل حبه: قال: " كَلِمَة ]فَسَقَى لَهُما[ فمنهم من يقرأها من الفسق ]فَسَقَى[هذه الأمور تحتاج إلى تتبعٍ ودقةٍ في الأداء
2- حدثني فَضِيلَة الدُّكتُور عبد العزيز القاري: قال: عندما كنت أقرأ على الشَّيْخ عبد الرحمن القاضي - رحمه الله - كان ينبِّهُ إلى مثل هذه الدقائق، ففي مرةً قرأ عنده أحدُ تلاميذِه]فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ[ الحديد: 16. فقال له الشيخ: هي فراخ تفقس عن بيض؟ اتكئ على القاف وليس على الفاء، فمِثلُ هذا تعتبرُ من درجاتِ الإتقان المطلوبةِ من المتلقِّي، هذا مثل ]فَجَعَلَهُمْ[، كثير ما ينطقونها (فجع لهم) كأنَّها من فجع يفجع.
3- حدثني فَضِيلَة الشيخ علي الحذيفي: ينبغي العناية بذلك مثلا: لأنه لو قرأ ]فَتَرَى الَّذِينَ[ تصير من الفُتُور، والصَّحِيحُ ]فَتَرَى الَّذِينَ[ من الرؤية .
4- حدثني فَضِيلَة الشيخ عبد الرافع بن رضوان: قال الشيخ شحادة السمنودي ومِزْ مِنَ الأشْبَاهُ يُصْحَبُونَ وَفَقَعُوا، نَظَرَ، تُحْصِنُونَ
هذا الكلام لو تهاونَ القارئُ في كَلِمَة نحو:]يُصْحَبُونَ[ فسوف ينطِقُها بالسِّين فتكون]يُسْحَبُون[، انقلبتِ الصادُ من الاستعلاء إلىالاستفال، وتغير المعنى، وكَلِمَة ]فَقَعُوا لَهُ[ لها أداء معين وليحذرْ مِن تغييرِ النصِّ القرآني فيغيرَ المعنى، مثال ذلك أيضًا ]فَقَسَتْ[فبعض الناس يقرأها ]فَقَسَتْ[هذا كلام خطأ، وهو لم يغير شكْلَةً، ولم ينقص حرفًا، ولكن هذا الأداء خطأ، فالأداء يحتاج إلى تدقيق .
5- حدثني فَضِيلَة الشيخ رشاد السيسي: قال: أذكر أن الشَّيْخ الزيات أسأل الله أن يَمُدَّ في عمُرهِ ويختِمَ لنَا وله بالإيمان: كان شديدَ اليقظةِ عند هذه الكلمات، فمثلاً عندما نأتي عند كَلِمَة : ] فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ[ كان يتربص به عند السماع بها .
6- حدثني فَضِيلَة الدُّكتُور عبد العزيز بن عبد الحفيظ: وأذكر أنَّ هناك مَنْ كان يُضربُ بسبِب عدمِ أداءِ بعضِ الكلمات على الوجه الصحيحِ، نحو: ]وَذَرُوا[، وقد حدث أمامي أنَّ بعض القراء الكُبار كانوا يقرأون فيأتون على]وَذَرُوا[ فينطقونها قراءة خاطئة، فيقول له الشيخ انطقها كما أُلَقِّنُها لك، فكان يُضرَب، وهو شيخ، والله هذا حصل، وقد كان الشَّيْخ عثمان سليمان مراد – رحمه الله- شيخ قراء عصره، الذي جوَّدت عليه حفص، وكان يضرب على ذلك، وأيضًا على نطق : ]فَنَظِرَةٌ[ كان رحمه الله يدرس في الأزهر ويأتي إليه مختلف الجنسيات، فكان يُدَقِّقُ على هذا الكلام، فكثيرمن يقول]فَسَقَى لَهُمَا[من الفسق، فكان -رحِمَهُمُ اللهُ- يدقِّقُون على هذه الأمور، ويقُولون: إنَّ القرآنَ هو التلقِّي قال تعالى: ]وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ[ النمل: 6. وقال تعالى:]قُرآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ[ الزمر: 28، فيقولون هذا العوج الذي تقرأون به، ]غَيْرَ ذِي عِوَجٍ[ أي : ليس به لُكَنَةٌ غيرُعربية .
7- حدثني فَضِيلَة الشيخ أحمد مصطفى: سئل فضيلته: عن نطق كلمة
] فَسَقَى، فَتَرَى[ فأجاب بأنه ينبغي العناية بقراءة ]فَسَقَى[ من السقية، وليس الفسق، و]فَتَرَى[ من الرؤية، وليس الفتور.
8- حدثني فَضِيلَة الشيخ محمد عبد الحميد أبو رواش: بالنسبة إلى]فَتَرَى،وَتَرَى، فَقَعُوا[، كل هذه الكلمات الاختلاس فيها يؤدي إلى فسادِ المعنى، هناك فرْقٌ كبيرٌ جدًا بينَ]وَتَرَى[ من الرؤية والأخرى من الوتر، يجب أن يصحح لأنه قد يؤدي إلى إفساد المعنى .
9- حدثني فَضِيلَة الدُّكتُور إبراهيم الدوسري: كُلُّ من نعرفُ من القُرَّاء، سواءٌ مَن استمعنا إلى قراءَتهم، أو مَن قرأنا عليهم، يُشدِّدون في هذا الأمر تشدِيدًا قويًا، لأنَّه أحيانًا يؤدِّي إلى اختلافِ المعنى، فينبغي بيان ما هو من أصل الكلمة مما ليس من أصل الكلمة ،مثال ذلك ]فَسَقَى، لَمَع، لإِلَى، أَفَلا، وَكَفَى[، كما ينبغي الاحتراز من فصل الكلمات بضغطات تعسفية، مثال ]فَمَنْ بَدَّلَهُ[ وليس]بَدَّ لْهُ[ .
10- حدثني فَضِيلَة الشيخ أسامة بن عبد الوهاب: أنه ينبغي التمييز في الأداء بين الكلمات التي توهم لبسًا في المعنى نحو : ]فسقى، فقعوا، وكفى[ .


(1) كتاب العميد : ص /10 .

(2) بغية الكمال شرح تحفة الأطفال : ص/ 47 .

(1) من تقريظ فضيلته على متن التحفة والجزرية لمصنف الرسالة .

(2) حلية التلاوة وزينة القارئ ص/81، قَالَ الإِمَامُ مَكِّي بْنُ أَبِي طالبٍ رَحِمَهُ اللهُ: فإذا انكسرت الياء الساكن بعدها، وجب أن تخفف الكسرة، ولا تنبر، ويَسهَّلُ اللفظ بها، نحو:]طرَفَيِ النَّهَار، يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ، لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّه[ .اهـ الرعاية : ص/ 181-182 .
(1) ]لَفِي[ المطففين: 7، ]لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ[ الصافات: 123 ]لَذُو[ غافر: 61، ]لإِلَى اللَّهِ[ آل عمران: 158



ومن ذلك كلمة "أفلا"، و" أولا"
1- سألت فَضِيلَة الشيخ أحمد الزيات: عن أداء كلمة ]أَفَلا[ فأدَّاها بالاستفهام، . وسجلت له ذلك.
2- حدثني فَضِيلَة الشيخ رزق خليل حبه: قال: أيضًا يخطئ من يجعلها من الأفل، مثال :]فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ[ الأنعام 76 . فإنه قد ضيع همز الاستفهام، الصَّحِيح.
3- حدثني فَضِيلَة الشيخ رشاد السيسي: أذكر أن الشَّيْخ الزيات كان حريصًا على نطق هذه الكلمة، ]أَفَلا تَعْقِلُونَ[ الصافات: 138. يا ترى هي من الأفول؟ طبعًا لا، ولذلك ينبغي أن يُبِّين فيها رُوحَ الاستفهام، وكذلك ]أَوَلا يَعْلَمُونَ[
4- حدثني فَضِيلَة الشيخ أحمد مصطفى: "عن نطق كلمة ]أَفَلا[ فأجاب بأنه ينبغي العناية ببيان الاستفهام .
5- حدثني فَضِيلَة الشيخ محمد أبو رواش: قال: تلقينا "أفلا" بالاستفهام، وألقنها الآن بالاستفهام، لأن أفل من الأفول.
6- حدثني فَضِيلَة الدكتور عبد العزيز بن عبد الحفيظ: أنه قرأ كلمة " أفلا" و"أولا"، و" أفلم" بالاستفهام.
7- حدثني فَضِيلَة الشيخ أسامة بن عبد الوهاب: " أنه قرأ كلمة " أفلا" و"أولا"، و" أفلم" بالاستفهام.


ثانيًا: العناية ببيان الجمع، أوألف الاثنين أو المُشَدَّد المتطرف
- بيان الجمع في ما ينتهي بياء الجمع إذا جاء بعدها همزة وصل:
مِثَالُ: ]حَاضِرِي الْمَسْجِدِ[ البقرة: 196، ]مُعْجِزِي اللَّهِ(1)[ التوبة: 2 .
- بيان الجمع في ما ينتهي بواو الجماعة إذا جاء بعدها همزة وصل
مِثَالُ: ]وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ[ البقرة: 199، ]اذْكُرُوا اللَّهَ [الأحزاب: 41، ]ادْخُلُوا الأرْضَ(2)[ المائدة: 21.



- بيان ألف الاثنين، مِثَالُ: ]كَانَتَا اثْنَتَيْنِ(3)[ النساء: 167، ]وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ(4)[

- بيان المُشَدَّد المتطرف، مِثَالُ: ]مُسْتَقَرٌّ(5)[، ]الأذَلَّ(6)[ .
(1) يكون الاتكاء في كلمة "حاضري المسجد" على الضاد وليس الراء، ويكون الاتكاء في كلمة ]مُعْجِزِي اللَّهِ[ على الجيم وليس الزاي، وقد لا يظهر في ذلك نحو قوله تعالى:] وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ[، وقوله]غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْد[، والأفضل للمعلم أن يُلَقِّي ولا يعطي قواعد بل يقول هكذا تلقَّيتُ

(2) يكون الاتكاء في ] وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ( على الفاء وليس الراء، وفي]اذْكُرُوا اللَّهَ( على الكاف وليس الراء، وفي ]ادْخُلُوا الأَرْضَ( على الخاء وليس اللام، ومن ذلك:]لا تَجْأَرُوا الْيَوْم، لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ، وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ، إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ مُرْسِلُو النَّاقَةِ، اسْكُنُوا الأرْضَ( .

(3) ]كَانَتَا اثْنَتَيْنِ( ترتكز النبرة على النون وليس التاء .
(4) التحريم: 10، والأمر لا يضبط إلا بالتلقي فهناك من المواضع ما لا يظهر فيه بيان المثنى نحو قوله تعالى:] وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ( .
(5) الأنعام: 67، ] مُسْتَقَرّ( ترتكز النبرة على القاف وليس الراء .
(6) المنافقون: 8، ومن ذلك:]الْعَلِيُّ، الْوَلِيُّ( .
) يكون الاتكاء في كلمة "حاضري المسجد" على الضاد وليس الراء، ويكون الاتكاء في كلمة ]مُعْجِزِي اللَّهِ[ على الجيم وليس الزاي، وقد لا يظهر في ذلك نحو قوله تعالى:] وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ[، وقوله]غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْد[، والأفضل للمعلم أن يُلَقِّي ولا يعطي قواعد بل يقول هكذا تلقَّيتُ

(2) يكون الاتكاء في ] وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ( على الفاء وليس الراء، وفي]اذْكُرُوا اللَّهَ( على الكاف وليس الراء، وفي ]ادْخُلُوا الأَرْضَ( على الخاء وليس اللام، ومن ذلك:]لا تَجْأَرُوا الْيَوْم، لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ، وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ، إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ مُرْسِلُو النَّاقَةِ، اسْكُنُوا الأرْضَ( .
(3) ]كَانَتَا اثْنَتَيْنِ( ترتكز النبرة على النون وليس التاء .
(4) التحريم: 10، والأمر لا يضبط إلا بالتلقي فهناك من المواضع ما لا يظهر فيه بيان المثنى نحو قوله تعالى:] وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ( .
(5) الأنعام: 67، ] مُسْتَقَرّ( ترتكز النبرة على القاف وليس الراء .
(6) المنافقون: 8، ومن ذلك:]الْعَلِيُّ، الْوَلِيُّ( .

ثالثًا: الإيهام بأن الخطاب للجمع أو المثنى أو للمخاطبة
1- الإيهام بأن الخطاب للجمع
ما يُوهم أداؤه بإيجاد واو دالة على الجمع نحو: ]جَامِعُ النَّاسِ[ آل عمران:9، ] وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ(1)[ التحريم: 4 .
ما يوهم أداؤه بإيجاد ياء دالة على الجمع نحو: ]فَاطِرِ السَّمَوَاتِ [الأنعام: 14، غَافِرِ الذَّنْبِ [ غافر:3، ]وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ(2)[ الشعراء: 114، بسبب التعَسُّف والمبالغة في أداء الحَرْف السابق للأخير بنبره نبرة زائدة عن الحدِّ المطلوب(3) .

2- الإيهام بأن الخطاب للمثنى
]أَنْزَلَ الْكِتَابَ، حَرَّمَ اللَّهُ(4) [،بسبب تعسف الضغط على الحَرْف السابق للأخير عن الحد المطلوب ففي كلمة ]أَنْزَلَ[، سببه التعَسُّف في أداء الزاي، ولا يعرف ذلك إلا بالتلَقِّي .

3- الإيهام بأن الخطاب للمخاطبة

]وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِين[ يونس: 76، ]حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ[ الأنفال: 65،]فَاصْفَحِ الصَّفْحَ[ الحجر: 85،]وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ[ المزمل: 4 ]فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ(5)[ المؤمنون: 118 .

(1) ومن ذلك: ] مَفَاتِحُ الْغَيْبِ، عَالِمُ الْغَيْب[ .

(2) ومن ذلك: ]جَاعِلِ الْمَلائِكَة، عَالِمِ الْغَيْب[ .

(3) وهذا ليس مطَّرِدًا نحو: ]نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ، سَبِيلِ الْمُؤْمِنِين[، فلا أثر للنبرة، ويبقى التلقي هو الأصل

(4) الفرقان: 68، ومن ذلك: ]أَحْرَصَ النَّاسِ، أَفْلَحَ الْيَوْمَ، وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ، لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ، فَبَدَّلَ الَّذِينَ، وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى[ .

(5) ومن ذلك: ]وَاسْتَغْفِرِ اللَّه، فَارْجِعِ الْبَصَر، وَاصْنَعِ الْفُلْك، وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ[ والسَّبَبُ في ذلك: هو سوء نبر الحَرْف السابق للأخير من أصل الكلمة فيما ذكر من أَمْثِلَة، ولا قياس في ذلك .

(1) ومن ذلك: ] مَفَاتِحُ الْغَيْبِ، عَالِمُ الْغَيْب[ .

(2) ومن ذلك: ]جَاعِلِ الْمَلائِكَة، عَالِمِ الْغَيْب[ .

(3) وهذا ليس مطَّرِدًا نحو: ]نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ، سَبِيلِ الْمُؤْمِنِين[، فلا أثر للنبرة، ويبقى التلقي هو الأصل

(4) الفرقان: 68، ومن ذلك: ]أَحْرَصَ النَّاسِ، أَفْلَحَ الْيَوْمَ، وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ، لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ، فَبَدَّلَ الَّذِينَ، وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى[ .



رابعًا: فصل الكلمة الموصولة رسمًا

لُوحِظ من خلال التلَقِّي أن هناك من الكلمات ما قد يقع فيه البعض بفصل الكلمة، وجعلها كأنها كلمتان.

مِثَالُ: ]وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا[ يوسف: 25، تقرأ لحنًا " ألف" و" يا "، فتصير كلمتين أداءً، وذلك لحن لا يجوز لما قد يؤدي إلى الإخلال بميزان الكلمة ومبناها.

ومن ذلك: ]أَلْقِيَا في جهنم[ ق: 42،]سُلَّمًا (2)، فَاسْتَقِيمَا[ يونس: 89،]بَدَّلَهُ[، البقرة:181،]فَطَرَنَا[ طه: 72،]رَبَّكُمْ(3)، إِنَّكم، حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُون[ الزخرف: 83َ، ]بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي[ الأعراف: 150 .

مما يستثنى من ذلك : كلمة ]حِينَئِذٍ، يومئذٍ[ تقرأ بالفصل أداءً مع أنهما موصولتان(4) .

--------------------------------------------------------------------------------

(2) الأنعام: 35، ومن ذلك: ]وَيُسَلِّمُوا[ تابع شريط لحن القراءة في نطق هذه الكلمات .

(3) الطلاق: 1، ومن ذلك:] خَلَقَكُمْ، فَطَرَكُمْ، رَزَقَكُمُ[ .

(4) حدثني بذلك الشيخ : عبد العزيز بن عبد الحفيظ والشيخ أسامة بن عبد الوهاب، والشيخ إبراهيم الأخضر.


خامسًا: وصل الكلمتين المفصولتين رسمًا

قد يؤدِّي سُوء أداء الحَرْف الأخير إلى وصل الكلمتين المفصولتين .

نحو: ]وَسَاءَ لَهُمْ[ طه: 110، ]أَضَاءَ لَهُمْ[، فسوء نبرِ الهَمْزة قد يؤدي إلى دمْجِ الكلمتين، فتقرأ وكأنها من المُسَاءَلة بدَلاً مِن الإساءة (1)ومن ذلك‎:]أَعَدَّ لَهُمْ(1)، مَا لا تَعْلَمُونَ(2)،عَلَى مَا هَدَاكُمْ(3)، إِلا هُوَ، أَوْلَى لَكَ، إِنَّ لَكَ(4)، يُجْزَ بِهِ(5)، اغْفِرْ لِي(6)، فَأَمَّا مَنْ، أُوتِيَ النَّبِيُّونَ[ البقرة: 136،]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ، أَيًّا مَا تَدْعُوا[، الإسراء: 110،]يَا ابْنَ أُمَّ[ طه: 94.

-------------------------------------------------------------------------------

(1) حدثني بذلك الدكتور عبد العزيز بن عبد الحفيظ رحمه الله، والشيخ أسامة بن عبد الوهاب، والشيخ رزق خليل حبة، والشيخ إبراهيم الأخضر، والشيخ محمود جادو عليه رحمة الله، والشيخ محمد أبو رواش، والدكنور عبد العزيز القاري، والشيخ عبد الرافع رضوان، والشيخ على الحذيفي، والشيخ، رشاد السيسي، والدكتور إبراهيم الدوسري .

(1) الإنسان: 31 ، ومن ذلك:] لا مَرَدَّ لَهُ[ .

(2) الواقعة: 61 ، ومن ذلك:]أَوْ لا تُؤْمِنُوا[ .

(3) البقرة: 185، ومن ذلك:]إِلَى مَا، إِذَا مَا[ .

(4) المزمل: 7، ومن ذلك:] قِيلَ لَهُمُ، يَا لَيْتَ لَنَا[ .

(5) النساء: 123، ومن ذلك:]وَاشْتَرَوْا بِهِ[ .

(6) نوح: 28، ومن ذلك:]وَيَسِّرْ لِي، وَاشْكُرُوا لِي، اجْعَلْ لِي، عَيْنٍ لِي[ .


سادسًا: اختلاس الحركة
ومن اللُّحُون المُنتشرة والتي قلَّ من يلتفت إليها اختلاس الحركة عند الأداء.

1- حدثني فَضِيلَةُ الشَّيْخ العلامةُ أحمدُ الزَّياتِ: أنه قرأ بإتمام الحركة، وقد سجلت لفضليته أداءً ا مسجلا بصوته بإتمام الحركة في كَلِمَة : ]يَعِدُكُمُ[ وذكر أن الاخْتِلاس هو الخطأ (1).
2- حدثني فَضِيلَةُ الشَّيْخ رزق خليل حبَّه: هناك أناس يختلسون الحركة وتقولها مسرعة مثل: ]يَتِرَكُمْ، يَعِدُكُمُ، يَعِدُهُمْ[ وهذا لا يجوز.
3- حدثني فَضِيلَةُ الشيخ على الحُذيفي: قال: لو قرأ مثلاً]يَعِدُهُمْ[ وأسرع بها؛ فهذا يجعل الحركة في نوع من الاخْتِلاس والنقص فلا بد أن يقرأ]يَعِدُهُمْ[ بإتمام الحركة، لأن في هذا تلاوة للقرآن الكريم كما أنزل الله تبارك وتعالى .

4- حدثني فَضِيلَةُ الشيخ عبدُ الرَّافع بنُ رِضْوَان: قال: قال فَضِيلَةُ الشَّيْخِ إبراهيم شحاتة السمنودي:

لاتخْتَلِسْ نَحْوَ ]وَلَنْ يَتِرَكُم[ ]وَجِلَتْ، بِيَدِه، يَعِدُكُم[

وَمِزْ مِنَ الأشْبَاهِ ]يصْحَبُونَ[ ]وَفَقَعُوا، نَذر، تحُصِنُون[

فكلُّ فعلٍ وكلُّ كَلِمَة وردت في هذا البيت وماشابهها يجب على القارئ أن يتحرز ويدقق ويحسِّنَ النُّطق بها، مثال: ]يَتِرَكُم، وَجِلَةٌ[ .

5- حدثني فَضِيلَةُ الشيخ محمدُ أبو روَّاش: قال: " لا يصح الاخْتِلاس أبدًا مثال : ] يَعِدُكُمُ، أَسْلِحَتِكُمْ[.
--------------------------------------------------------------------------------

(1) استمع إلى الشريط المسجل لقاء مع ثلة من أعلام القراء المعاصرين.

6- حدثني فَضِيلَةُ الشيخ إبراهيمُ الأخضرُ: " ينبغي العناية بإتمام الحركة، وعدم اختلاسها، نحو: ]أَسْلِحَتَكُمْ[ وخاصَّة حركة الكسر لأنها هي الحركة الضعيفة.
7- حدثني فَضِيلَةُ الشيخ أَحْمَدُ مُصْطفَى: قال: لا يجوز اخْتِلاس الحركة، مثل : ]يَعِدُكُمُ، ألهتكم[ .
8- حدثني فَضِيلَةُ الشَّيْخ عبدُ العزيزِ بنُ عبدِ الحفيظ: قال : من الناحية اللغوية والتلقي مشايخنا قالوا ]ءَالهتُهم[بإتمام الحركة غير]ألهتهم[ بالاختلاس، لأن فيها لُكنة في النطق، ودفع في الهاء من حيث لايجوز الدفع، كما في كَلِمَة: ]أَسْلِحَتَهُمْ، فَنَظِرَةٌ، وَنَرِثُهُ[ .
9- حدثني فَضِيلَةُ الشيخ رَشَادُ السِّيسي: ينبغي العناية بإتمام الحركة، وعدم اختلاسها كما في]يَعِدُكُمُ، أَسْلِحَتَكُمْ[ .
10- حدثني فَضِيلَةُ الشيخ إبراهيمُ الدُّوسَري: قال: كل من تلقينا عليهم القرآن وكل من جالسناه من علماء القراءات يعدُّون هذه من أساسيات الإقراء،]يَعِدُكُمُ، أَسْلِحَتَكُمْ[وماشابه ذلك هذا من الأساسيات الذي لايعرف أن يؤديها أويلقِّنها إلى الغير لاشكَّ أنه يفتقد إلى الحسّ النقلي والإقرائي .
11- حدثني فَضِيلَة الشيخ محمد عبد الحميد أبو رواش: بالنسبة لـ ]يَعِدُكُمُ[ كذلك لايصحُّ فيه الاخْتِلاس والصَّحِيح فيها عدم الاخْتِلاس، وكذلك ]أَسْلِحَتِكُمْ[ .
12- حدثني فَضِيلَة الشيخ أسامة بن عبد الوهاب: أن الاختلاس خطأ في القراءة كمن يختلس الدال في " يعدكم" ، والتاء في " أسلحتكم".
الخلاصة: وبعد ما ذكرناه يتضح: إجماع هؤلاء المَشَايِخ الأعلام على أنه ينبغي العناية بإتمام الحركة وعدم اخْتِلاسها، وأن ذلك من أساسيات القراءة.

من كتاب زاد المقرئين ص : 181 : 189
 
عودة
أعلى