أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} [الإسراء : 16] التركيب المنطقي للآية قد يكون صادما لبادي الرأي،لأنه يتجه نحم إغلاق الدائرة فيحتار المرء في توزيع الأسباب والغايات على الأطراف ،أو يصل إلى نتيجة ينبذها العقل سريعا وهي كون الشيء سببا وغاية في آن واحد مع اتحاد كل الجهات! هذا التركيب المنطقي يتجلى لغة في تسوير الآية ب "إذا" الشرطية وربط الجمل ب"الفاء" السببية:(ففسقوا...فحق...فدمرناها) ومعلوم أن الشرط يربط بين جزئين، هما في اصطلاح اللغويين فعل الشرط وجوابه، وفي اصطلاح المنطقيين المقدم والتالي. والفريقان- معا- مجمعان على انبناء الشرط على مبدأ السببية :فالمقدم مقدم في العقل والوجود ،والتالي تابع في العقل والوجود، مثلما أن الجواب -على اصطلاح أهل اللغة -لا بد أن يكون مسبوقا بفعل أو سؤال... فإذا أضفنا فاء السبب إلى مركب الشرط أدركنا تمحض الآية للعلية...لكن يصعب إدراك ترتيب الأسباب والغايات في مضمونها: فعبارة أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً لها –تركيبيا-وظيفة المقدم (أو فعل الشرط) فلا بد أن تكون -دلاليا -سابقة في الوجود على تاليها أو جوابها وهي عبارة: أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فيندهش المرء إذ يرى ترتب السبب عن النتيجة لا العكس( لأن السبب لا بد أن يكون مقدما في الوجود على غايته) لكن الشطر الثاني من الآية يعيد الترتيب المنطقي إلى المعهود: فجملة "فَفَسَقُوا فِيهَا" بيان للسبب وجملة "فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا" نتيجة للسبب..
ولما كانت عبارة: فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا معادلة معنويا لعبارة: ".. نُهْلِكَ قَرْيَةً" أدركنا قلب الوظائف والأدوار في الآية لإغلاق الدائرة المنطقية فيستغلق معه الفهم!! -مضمون الشرط: إرادة هلاك القرية سبب( لتقدمه في الوجود) وفسوق الأمراء والمترفين نتيجة (لتأخره في الوجود عن إرادة الإهلاك) -مضمون "الفاء": هذا الفسوق عينه سينتج عنه هلاك القرية.. فكأن الشرط رسم نصف دائرة، والفاء رسمت النصف الأخر بحيث يلتقي الطرفان عند هلاك القرية الذي ابتدأ سببا وبات غاية!!كما يلتقي الطرفان عند فسوق المترفين الذي ابتدأ نتيجة ثم أضحى غاية في وقت واحد!!
سنحاول في الحلقة القادمة حل الإشكال من خلال عرض مقاربتين: مقاربة عقلانية /أخلاقية يمثلها المفسر ابن عاشور(العقلانية هنا كلمة واصفة فقط لا تحمل مدحا ولا قدحا) ومقاربة شمولية ضمن فلسفة التاريخ يمثلها مالك بن نبي- ورحم الله التونسي والجزائري!-
{وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} [الإسراء : 16] لننظر مرة أخرى إلى نهج التعليل في الآية: أ لماذا دمر الله القرية؟ لأن المترفين فسقوا فيها... ب لماذا فسق المترفون في القرية؟ لأن الله أراد أن يدمر القرية...
في الشق الأول يكون دمار القرية من فئة المعلولات، وفسق المترفين من فئة العلل....فواضح جدا أن فسق المترفين هو الذي جر الوبال على قريتهم ،وأن هذا الوبال نتيجة "طبيعية" لسلوك أهلها. لكن الشق الثاني في نهج التعليل سيأتي مبدلا للمواقع: فسق المترفين معلول وليس علة وتدمير القرية علة وليس معلولا.. نعم،هنا اختلاف في الموجهات : فهلاك القرية مسور بجهة الإرادة ،أما تدمير القرية فجاء على جهة الفعل المنجز .. لكن هذا لا يزيل الإشكال، وقد صاغه الشيخ ابن عاشورعلى النحو التالي:
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخ الكريم (أبو عبد المعز) جزاكم الله تعالى خيرا وزادنا وإياكم علما وهدى...
أخي أرجو أن تسمح لي بما يلي-
1- ان عنوان المشاركة بحاجة الى مراجعة لإن(الإستشكال)وقع في القرآن واللفظ
الصحيح والله تعالى أعلم يكون(إستشكال منطقي في فهم........)فالقصور في عقل
البشر لا في القرآن الكريم.
2- هل التحليل المنطقي المشهور بين المتكلمين ملائم لتفسير القرآن أرى والله تعالى
ان من الممكن إستخدام المنطق في فهم القرآن لكن وفق ضوابط أولها1- ان ننتبه للألفاظ
المستخدمة بحيث تكون ملائمة لعظمة الله تعالى وقدرته2-ان نحذر من أي قول قد يوقعنا
في (التقول على الله سبحانه)بما لم يقله وهذه من المسائل الدقيقة التي ضلت بها بعض
الفرق.3-ان نبسط الكلام كي يكون مفهوما من أكثر القراء فرب العالمين سبحانه أراد
لكتابه أن يكون(...تبيانا لكل شيء...).
3- علينا أن نحرص أن تكون النتائج التي توصلنا لها صحيحة وغير متناقضة ولاتشتمل
على مخالفة شرعية.
ولهذا فإن قولكم(التركيب المنطقي للآية قد يكون صادما لبادي الرأي) غير صحيح والأفضل
أن تقول(الفهم المنطقي للآية قد يكون....)لكي ننزه القرآن عن المصادمة والله تعالى أعلم.
ثم الكلام الذي جاء بعد ذلك يصعب فهمه على الكثير من القراء فالأفضل تبسيطه.
في المشاركة الثانية لحضرتكم تقول(لننظر مرة أخرى إلى نهج التعليل في الآية: أ لماذا دمر الله القرية؟ لأن المترفين فسقوا فيها... ب لماذا فسق المترفون في القرية؟ لأن الله أراد أن يدمر القرية...) أخي الكريم هل نحن بحاجة الى هذا الكلام الذي يوقع القاريء في إشكال لإنك
يجب أن تقول في الفقرة ب-لأن الله تعالى أراد تدمير القرية بعد أن أرسل سبحانه لإهلها الرسل ولم يتبعونهم وفسقوا
كبراءهم وتمادوا فوقع التدمير. فإن كنت تريد أن تتوصل الى هذه النتيجة في النهاية فهذا من التعسير والله تعالى أعلم.
وفي الختام أدعوك أخي الكريم الى إستنباط الفهم السليم من أقوال أهل العلم لامن أهل المنطق...وجزانا وإياكم
الله تعالى العلم النافع وهدانا جميعا للعمل به إنه سميع الدعاء.
البهيجي
شكراً لأخي البهيجي على هذا التعليق الجيد.
فعلاً أسلوب عرض الإشكال غير لائق، وقد يثير شبهة عند من لم تقع عنده من قبلُ.
ومن المعلوم أن هناك فرقاً بين الأمر الكوني والأمر الشرعي، فكل ما يقع في الكون من خير أو شر فهو بإذن الله وأمره، وأما الأمر الشرعي فلا يكون إلا بما يحبه الله ويرضاه وهو الواجب على العباد، وقد جعل الله تعالى لهم الاختيار، ولم يجبرهم على فعل المعاصي.
وفي الآية أقوال أخرى.
اختار ابن عاشور مذهب الجمهور في تقدير متعلق الأمر... لقد اتفق المفسرون جميعا على أن متعلق فعل( أمرنا ) محذوف، واختلفوا في تقدير هذا المحذوف على ثلاثة مذاهب: 1-مذهب الجمهور يقدر كما قال الطبري: "أمرنا مترفيها بالطاعة، ففسقوا فيها بمعصيتهم الله، وخلافهم أمره، كذلك تأوّله كثير ممن قرأه كذلك." ونسب هذا التأويل لابن عباس وابن جبير وعليه درج أغلب المفسرين بعد الطبري. وقدره ابن عاشور عاما كما رأينا في توجيهه ( وَأَمَرْنَاهُمْ بِمَا نَأْمُرُهُمْ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِمْ) ومهما يكن التقدير على هذا المذهب فإنه يتعين أن يكون مضادا للمذكور بعده (فسقوا) ...وهم ما استنكره الزمخشري بقوة.
2- مذهب صاحب الكشاف يقدر المحذوف من جنس الفسق...فهو يرى أن (فسقوا ) دليل على المحذوف فلا يمكن أن يدل على ضده وقدره هكذا: أمرناهم فَفَسَقُواأى أمرناهم بالفسق ففعلوا...وأورد على نفسه مذهب الجمهور فرده قائلا: فإن قلت: هلا زعمت أن معناه أمرناهم بالطاعة ففسقوا؟ قلت: لأن حذف ما لا دليل عليه غير جائز، فكيف يحذف ما الدليل قائم على نقيضه، وذلك أن المأمور به إنما حذف لأن فسقوا يدل عليه، وهو كلام مستفيض.يقال: أمرته فقام، وأمرته فقرأ لا يفهم منه إلا أن المأمور به قيام أو قراءة، ولو ذهبت تقدّر غيره فقد رمت من مخاطبك علم الغيب...ولا يلزم على هذا قولهم: أمرته فعصاني، أو فلم يمتثل أمرى. لأنّ ذلك مناف للأمر مناقض له، ولا يكون ما يناقض الأمر مأموراً به... وتعقبه أبو حيان: وقوله: «فكيف يُحْذَفُ ما الدليلُ على نقيضِه قائمٌ» ... فنقول: حَذْفُ الشيءِ تارةً يكونُ لدلالةِ موافِقِه عليه، ومنه ما مَثَّل به في قولِه «أَمَرْتُه فقامَ» ، وتارة يكونُ لدلالةِ خِلافِه أو ضدِّه أو نقيضِه كقولِه تعالى: {وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اليل والنهار} [الأنعام: 13] ، أي: ما سَكَنَ وتحرَّك، وقوله: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الحر} [النحل: 81]
(قلت ،لعل في تعقيب ابن حيان ضعفا، خاصة فيما استشهد به من القرآن : تقدير" ما تحرك" زيادة لا يقتضيها التركيب ...فمن المحتمل أن يكون فعل سكن من السكنى لا من السكون، وعلى كونه من السكون فقد يكون المراد ذكر الساكن فقط لأمر ما.. يوضحه ضعف تقدير (البرد ) في آية النحل...بل إن تقدير البرد هنا باطل لمخالفته للواقع، فالبرد أمر عدمي لا يمكن للسرابيل أن ترده ، لقد ظن الناس قديما أن اللباس يرد البرد كما يرد المطر والحرارة والريح وغيرها.. وهذا غير صحيح، لأن وظيفة اللباس هي الحفاظ على الحرارة المختزنة في البدن لمنعها من الانتشار خارجا ، ولا تزيد الجسم أي دفء..وبعبارة أخرى ليس اللباس هو الذي يسخن الجسم بل إن الجسم هو الذي يسخن اللباس! والتجربة أثبتت ذلك فالمريض المقرور يرتعد جسمه مهما زدناه في الغطاء..لأن جسمه فاقد للحرارة أصلا، فلا يعدو دور الغطاء منع ما تبقى من الحرارة في جسده من التبدد والانتشار.. فيكون في ذكر الحر دون البرد "إعجاز علمي" عند من يقول به...فاللباس لا يقي إلا الحر فهو يمنع الحر الخارجي من إيذاء الجسم ويمنع الحر الداخلى من التسرب ....وخلو الآية من حرف الجر "من" جعلت المعنيين مرادين معا ،وهذا من الدقة المذهلة في التنزيل!)
3- المذهب الثالث وجيه ،لكنه لم يشتهر عند المفسرين وقد ذكره ابن كثير: {أَمَرْنَا} فَالْمَشْهُورُ قِرَاءَةُ التَّخْفِيفِ، وَاخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي مَعْنَاهَا، فَقِيلَ: مَعْنَاهَا أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا أَمْرًا قَدَرِيًّا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلا أَوْ نَهَارًا} [يُونُسَ: 24] ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ، قَالُوا: مَعْنَاهُ: أَنَّهُ سَخَّرَهُمْ إِلَى فِعْلِ الْفَوَاحِشِ فَاسْتَحَقُّوا الْعَذَابَ.
يؤيد المذهب الأول ما ذكره ابن الجوزي في الزاد أن العرب عهِدَت الإيجاز في مثل هذا، كقولك لصديقك معاتباً: أمرتُكَ فعصيتني. وقولك له: سألتُكَ فحرمتني. ولن يفهم عاقلٌ أنك أمرتَه بمعصية، أو سألتَهُ حِرمانك.
قلت: وورد في كتاب جمهرة خطب العرب لأحمد زكي 3 /297: " سأل أعرابي رجلاً فحرمه، فقال له أخوه: نزلت والله بوادٍ غير ممطور، وأتيت رجلاً بك غير مسرور، فلم تدرك ما سألت، ولا نِلت ما أملت، فارتحِل بندم، أو أقِم على عدم ".
ولعل المذهب الثالث يقصد بـ (أمرنا): سمحنَا بارتفاع شأن المترفين في تلك الأمة ـ استدراجاً وتمحيصاً ـ.
ومما يُستأنس به هنا ما جاء في الحديث الطويل الذي رواه البخاري في بدء الوحي (7) أن أبا سفيان رضي الله عنه بعد حواره مع هرقل ـ قبل إسلامه ـ قال: ".. لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِيْ كَبْشَةَ.. " ومعنى كلامه: عَظُمَ أمره، وارتفع شأنه. انظر: لسان العرب، ابن منظور 4 /28-30 (أمر).
وكان يقصد بابن أبي كبشة : سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. وأبو كبشة أحد أجداده لأمه.. ومن عادة العرب، إذا انتقصت نسبَتْ إلى الجد الغامض. وقيل: زوج حليمة السعدية، أبوه من الرضاعة. انظر: مقدمة فتح الباري، ابن حجر 1 /40. وشرح النووي على صحيح مسلم 12 /110.
يقول تعالى : {وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا}[الإسراء:16]
فهذا أسلوب قرآني نلاحظه من خلال الآيتين :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ... }[المائدة:6]
{فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}[النحل:98]
الوضوء أولا ثم الصلاة ، الاستعاذة أولا ثم قراءة القرآن .
نرجع إلى الآية الأولى (الآية 16 من سورة الإسراء) : نجد أن الأمر أولا ثم الفسوق بعد الأمر . فيحق الهلاك .
الأمر يكون من خلال إرسال الرسول يأمرهم بشرع الله ، فيكون رد الفعل : {فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنظُرُونَ}[الذاريات:44] ، وذلك بالفسق والعصيان : {فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَّابِيَةً}[الحاقة:10] .
والذي يؤكد ذلك هو الآية 15 من سورة الإسراء : {... وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا}[الإسراء:15] ، فتأتي الآية 16 لتفسر المراحل الطبيعية التي تؤدي إلى العذاب .
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم المرسلين وعلى آله الطيبين ورضي
الله تعالى عن صحابته الكرام....أخي العزيز (ابو عبد المعز) هداني الله تعالى وإياك
الى الحق والهدى...أقول لشخصك الكريم إني أتمنى كما تمنى الامام الشافعي رحمه الله
تعالى بقوله-(ماناظرت أحدا إلا وتمنيت أن يجري الله تعالى الحق على لسانه)...أخي
أرجو أن تنظر لما يلي-
1-ذكر ابن الجوزي(ر)في الزاد ثلاثة أقوال في معنى(أمرنا)الاول-انه من الامر وفي
الكلام إضمار تقديره-(أمرنا مترفيها بالطاعة ففسقوا) هذا مذهب سعيد بن جبير.قال الزجاج-ومثله في الكلام-أمرتك فعصيتني......والثاني-(كثَرنا)يقال-أمرت الشيء
وآمرته،أي كثَرته،ومنه قولهم-مهرة مأمورة أي كثيرة النِتاج(تحمل سريعا).....
هذا قول ابي عبيدة،وابن قتيبة.والثالث-أن معنى(أمرنا)أمَرنا...والمعنى-سلَطنا
مترفيها بالإمارة ذكره ابن الانباري. ثم ذكر ابن الجوزي قولا(يوثق القول الثاني)
روى خارجة عن نافع-(آمرنا)ممدودة مثل (آمنا)وكذلك روي عن ابن كثير(المقرىء)
وهي قراءة ابن عباس والحسن.......قال ابن قتيبة-وهي اللغة العالية المشهورة
ومعناه-كثَرنا ثم قال-فأما المترفون فهم المتنعمون الذين أبطرتهم النعمة وسعة العيش.
2- وذكر الشوكاني في تفسيره-وقال في الكشاف(الزمخشري)-معناه أمرناهم بالفسق
ففسقوا،وأطال الكلام في تقرير هذا وتبعه المقتدون به في التفسير،وما ذكره هو ومن تابعه
معارض بمثل قول القائل(أمرته فعصاني)فإن كل من يعرف اللغة العربية يفهم من هذا
أن المأمور به شيء غير المعصية.
3- ان كلمة(مترفيها) وردت في سورة الواقعة حيث وصف الله تعالى أصحاب الشمال
بقوله(إنهم كانوا قبل ذلك مترفين)قال الشوكاني-وهذه الجملة تعليل لما قبلها أي انهم
كانوا قبل هذا العذاب النازل بهم مترفين في الدنيا أي متنعمين بما لايحل لهم.
قلت- ومن يكون هذا حاله لايحتاج أن يأمره الله تعالى بالفسق كما يقول الزمخشري
لإنه قد تطبع على المعاصي والمخالفة فلا يأتمر بمعروف ولايسمع لناصح...
أرى والله تعالى أعلم ان تفسير الآية قد تبين وهو أن الله سبحانه أمرهم بالخير
ففعلوا الشر....والشكر موصول الى الاخ الكريم ابراهيم وكذلك الدكتور عبد الرحيم
والاخ عبد الكريم....وجميع المشاركين والسلام.