استئناف فرانسوا ديروش محاضراته عن تاريخ المصاحف

إنضم
05/01/2013
المشاركات
579
مستوى التفاعل
6
النقاط
18
العمر
63
الإقامة
تارودانت المغرب
تقدم أن ( Collège de France) وهو مؤسسة بحثية بباريس أحدثت كرسيا تحت مسمى (تاريخ القرآن:النص وطرق نقله) وكانت المحاضرة الأولى التي ألقاها أستاذ الكرسي د.فرانسوا ديروش أول أبريل 2015م...، وقد استمرت هذه المحاضرات الى 25/6/2015 حول موضوع (طرق جمع المصاحف) لتكون محاضرة اغلاق السلسلة عن (مصاحف مكتبة الفسطاط القديمة).
محاضرات هذه السنة كما أعلن عنها تنطلق 12/11/2015 أيام الخميس من كل أسبوع وقد حدد موضوعها في (مخطوطات القرآن على عهد الدولة الأموية).
وبمتابعة تسجيلات الفيديو للمحاضرات السابقة التي ألقيت في "مدرج ماجريت دونافار"يخلص المراقب الى أن الاستشراق الفرنسي والدراسات القرآنية بفرنسا يعيشان خريف العمر،اذ رغم سعة المدرج (المسرح الجامعي)فلا يجلس لسماع المحاضرات سوى عدد محدود مع أن د.ديروش كما يظهر من كلامه يبسط المعلومات و لا يستعمل تلك المصطلحات العلمية التي يصادفها القارىء في كتبه...لعلمه بأن حضور محاضراته هناك للعموم خلافا لمحاضراته في EPHE بجامعة باريس الرابعة.
Clôture du colloque - Histoire du Coran. Texte et transmission - François Déroche - Collège de France - 25 juin 2015 17:45
 
تلخيص وترجمة المحاضرات جميعها يتطلب وقتا...

أقف هنا عند كلمة د.ديروش ضمن الرابط أعلاه التي هي في الأصل كلمة اختتام ندوة (مصاحف مكتبة الفسطاط القديمة) المنظمة بالكوليج دو فرانس في الخامس والعشرين من يونيو الماضي.

وأشير أولا الى أن أنشطة كراسي البحث الفرنسية لا تتخذ شكلا واحدا فهناك مثلا:
1- الدروس والمحاضرات المنتظمة التي يلقيها أستاذ الكرسي وفق برنامج سنوي دقيق يعلن عنه،يحضرها حتى عامة الناس.
2- الاسهام باسم الكرسي في المؤتمرات الدولية المرتبطة بتخصص الكرسي.
3- تنظيم مؤتمرات أو ندوات أو أيام دراسية في التخصص.
4- الدعم المادي والمعنوي للنشر العلمي المحكم في الموضوع،خاصة ما يتصل بالموسوعات ودوائر المعرفة وسلسلات الكتب collections .
5- اصدار المنشورات والمشاركة في تحريرها.
6- الرحلة الى البقاع التي لها أهمية بالنسبة للتخصص والاعتماد على المعاينة المباشرة والمشاهدات.
7- العناية بالوثائق الأصيلة التي تمثل مصادر المادة المعرفية.

ولما تقرر انشاء كرسي (تاريخ القرآن :النص وطرق نقله) اختتمت دروس سنته الأولى بتنظيم ندوة اختير أن يتعلق موضوعها بما يعتبره المستشرقون الفرنسيون (((اكتشافا))) خاصا بهم فكان الموضوع:
(حول الفسطاط:خزانة مصاحف في سياقها التاريخي
Autour de Fusṭāṭ. Une bibliothecacoranica en contexte.
رابط برنامج الندوة:
http://www.college-de-france.fr/media/francois-deroche/UPL2179923164678308238_DEROCHE_COLLOQUE.pdf
فقد كانت معرفة ما سمي (مكتبة الفسطاط )وما تضمنته من رقع المصاحف القديمة قبل أكثر من قرنيين من الزمان مجهودا فرنسيا جاء في سياق سعي امبراطور فرنسا نابليون لاستعمار مصر.

اذ لما فتح المسلمون مصر خط الصحابي عمرو بن العاص عاصمتها الجديدة الفسطاط عام 19 هـ وضمنها مسجدها المنسوب اليه رضي الله عنه.ويهمنا هنا أنه بعد دخول نابليون القاهرة وحتى يستمر نفوذ فرنسا هناك بالجيش كما بالمعرفة العلمية الدقيقة أمر بجمع الوثائق اللازمة لمشروع بحثي سمي آنذاك (وصف مصر description de l Egypte) وكان من العاملين فيه المستشرق جون جوزيف مارسيل تـ1854م(ابن شقيق القنصل الفرنسي بالقاهرة)فعين هذا الرجل مديرا للمطبعة القومية التي أحدثت آنذاك بالقاهرة عام 1798م وارتبط اسمه باكتشاف آلاف الرقع الجلدية التي استخرجها الفرنسيون من قبو (بدروم) في مسجد عمرو بن العاص في الفسطاط...
وفي زمن لم يكن أهل البلد يعرفون لتلك الوثائق قيمة كما كانوا عاجزين عن صيانتها فقد سهل طريق نقلها الى فرنسا التي رجع اليها مارسيل عام 1803م.
وهذه الرقع أصبحت الآن موضوعا لمشروع بحثي فرنسي ألماني سمي:
ANR-DFG PALEOCORAN
يهدف حسب ورقة الندوة السالفة الى البحث حول:
- كيفية تكون هذا الرصيد من الرقع التي تمتد لأربعة قرون؟
- معرفة هل هذه الرقع من انتاج أهل الفسطاط أم فيها رقع جاءت من خارج المدينة...؟
- ما هو دور الفسطاط في عملية تدوين ونقل المصاحف؟
- جمع الرقع المتفرقة للنظر في احتمال الوصول الى نسخة من المصحف.
ومن المصاعب التي تواجه المشروع أن الرقع التي عثر عليها مؤرخة ترجع الى فترة متأخرة النصف الثاني من القرن الثاني للهجرة،أما الرقع القديمة جدا فهي غير مؤرخة وتتطلب التحليل المخبري ودراسة أنماط الكتابة والزخرفة والتحليل الفيزيوكميائي...

بقي في الأخير أن أشير الى أن الأوراق المقدمة لهذه الندوة التي احتضنها الكوليج دوفرانس لم تكن وفية لموضوعها،اذ ربما بحكم قلة عدد المستشرقين المهتمين بموضوعها،ثم ضعف تواصل المنظمين مع الباحثين في العالم العربي خاصة فقد اضطرت الجهة المنظمة لقبول عروض خارج موضوعها تعلقت بمخطوطات ترجع الى فترات متأخرة من الدولة العباسية وأخرى تتعلق بمخطوطات مصاحف ايرانية...وهو ما جعل د.ديروش يصف الندوة في آخر كلمته بقوله بأنها "BAPTEME DU FEU "أي ما معناه "تجربة أولى لعتاد عسكري جديد".

على أن كلمة ديروش الختامية...تضمنت أهم توصيات الندوة:
- مكانة الفسطاط الجغرافية قرب الحجاز وعلاقة ذلك بتاريخ المصحف..
- أهمية الدراسة المتعددة المناحي بالنسبة للدرس القرآني..
- أهمية فتح مجالات جديدة للبحث في مصاحف الفسطاط خاصة بالنسبة للرقع التي ليست مؤرخة
-كيفية الافادة من هذا الرصيد الوثائقي الوافر الذي أدى استعمله من قبل المسلمين في فترة مبكرة الى تجميعه في أماكن محددة هي المساجد.
-ثم هناك مسألة أعتبرها من الشبهات التي يرددها هذا المستشرق وهي علاقة النقل الشفوي للقرآن -يعني القراءات- بالمصاحف المكتوبة،اذ بعد اقراره بأن المصحف دعامة لنقل القرآن،يريد أن يؤكد على أن المصاحف تطورت بتطور هذه الرواية الشفوية...أي أن مصاحف القرن الأول مثلا ليست هي عينها مصاحف القرن الثاني...وهذا بالطبع اعتقاد مبناه على عدم استيعاب مختلف العلوم المتصلة بالقرآن من قراءات ورسم وضبط...الخ وأن قراءة القرآن العبرة فيها على السماع والقراءة عن أهل القرآن وليست العبرة بالاتكال على المصاحف المدونة فقط،فلما كثرت العجمة على الألسنة التجأ الناس الى ضبط ونقط...المصاحف الشيء الذي لم يكن في صدر الاسلام...وهذا معلوم في كتب العلم القديمة التي نشرها المستشرقون أنفسهم قبل عقود وأشهرهم أوتو بريتزل.
 
عودة
أعلى