شيخنا: أنت أجبت بالعموم، لكني لم أجد منك إلى الآن جواباً واضحاً بخصوص التحرير الذي ذكره ابن الجزري في هذه الكلمة على قراءة أبي عمرو في وجه الإدغام الكبير، فهل ما ذكره تحرير أم ليس تحريراً؟ أنتظر جوابكم.
السلام عليكم
حمدا لله على سلامتكم
بالتأكيد ليس تحريرا ، لأنه وجه واحد عند من روى الإدغام الكبير ؛والتحرير يكون في المختلف لا في المتفق ، أما من لم يرو الإدغام عن أبي عمرو وقرأ عنه بوجه الإظهار في الكبير فيسري عليه الخلاف قال في النشر :
(الثالث)
أجمع رواة الإدغام عن أبي عمرو عن إدغام القاف في الكاف إدغاماً كاملاً يذهب معه صفة الاستعلاء ولفظها ليس بين أئمتنا في ذلك خلاف وبه ورد الأداء وصح النقل وبه قرأنا وبه نأخذ ولم نعلم أحداً خالف في ذلك
وإنما خالف من خالف في (ألم نخلقكم) ممن لم يروا إدغام أبي عمرو والله أعلم)ا.هـ
فكونه يستثني رواة الإدغام الكامل فيه دلالة على ثبوت الخلاف المطلق عند من روى الإظهار في الكبير لأبي عمرو وبقية القراء وكما يقال ( الاستثناء يثبت القاعدة ) فإخراجه لأصحاب الإدغام الكبير يقوى ثبوت الخلاف عند غيره . والله أعلم .
إلى الآن لم أجد ما يؤكد أن ابن مجاهد كان يأخذ بالإدغام الناقص، وأبا الطيب ابن غلبون – شيخ مكي- كان يأخذ بالكامل، ومع ذلك لو وجد ما يؤكد ما ذكرتم فالداني ومكي لهم شيوخ آخرين وسلاسل إسنادية غير التي ذكرتم، فما المانع أن يكون أخذهم بما أشرتم إليه تلقياً عن شيوخهم الآخرين؟ وبالتالي يكون مخالفتهم لبعض شيوخهم موافقاً للبعض الآخر.
قال في النشر :
((قلت)
فإن حمل الداني الإظهار من نصهم على إظهار الصوت وجعله خطأ وغلطاً ففيه نظر فقد نص عليه غير واحد من الأئمة. فقال الأستاذ أبو بكر بن مهران
وقوله (ألم نخلقكم) وقال ابن مجاهد في مسائل رفعت إليه فأجاب فيها لا يدغمه إلا أبو عمرو قال ابن مهران وهذا منه غلط كبير وسمعت أبا على الصفار يقول قال أبو بكر الهاشمي المقرى لا يجوز إظهاره. وقال ابن شنبوذ أجمع القراء على إدغامه قال ابن مهران وكذلك قرأنا على المشايخ في جميع القراآت أعنى بالإدغام إلا على أبي بكر النقاش فإنه كان يأخذ لنافع وعاصم بالإظهار ولم يوافقه أحد عليه إلا البخاري المقرى فإنه ذكر فيه الإظهار عن نافع برواية ورش ثم قال ابن مهران وقرأناه بين الإظهار والإدغام قال وهو الحق والصواب لمن أراد ترك الإدغام
فأما إظهار بين فقبيح. وأجمعوا على أنه غير جائز إجماعاً وأما الصفة فليس بغلط ولا قبيح فقد صح عندنا نصاً وأداء. ))ا.هـ
فكون ابن مجاهد يذكر بأنه لا يدغمه إلا أبو عمرو ، فدل على أن غيره يظهره ، وحيث لا يوجد إظهار محض فإنما يعنون به ما قاله ابن الجزري (عن ابن ذكوان بإظهاره، وكذلك حكى عن أحمد بن صالح عن قالون ولعل مرادهم إظهار صفة الاستعلاء وإ فإن أرادوا الإظهار المحض فإن ذلك لا يجوز..)ا.هـ فيبقى الناقص ، وإلا فلماذا خصص ابن مجاهد الإدغام الكامل لأبي عمرو دون غيره ؟؟ ((أحيانا أصول الفكاكة والفهلوة تنفع إلا أن تجد نصا فتخيب الفكاكة وأختها ))
أما مسألة تعدد الشيوخ فسؤالي : ألم يكن أحرى بهم أن ينقلوا الخلاف بدلا من القول بوجه واحد ؟ وخاصة أن مكي ذكر ما قرأه على ابن غلبون في التبصرة ..فلم لم يذكره في الرعاية ؟ أعتقد أن الظن لا يغني من الحق شيئا .
هذا التعليل شيخنا لا يغني شيئاً، أعني احتجاجكم أنها مسألة تجويدية، فقد ذكر الخلاف في المسألتين في المقدمة الجزرية مع أنها مؤلفة في التجويد خصيصاً كما هو معروف للجميع فيلزم – بناء على قولكم – أن يكون الخلاف في (بضنين) مسألة تجويدية، وعدم ذكر (بضنين) في أبيات مقدمة الطيبة؛ فلأنه لم يذكر جميع المباحث التي ذكرها في المقدمة الجزرية، والله أعلم.
شيخنا الكريم هذا الكلام حجة عليك لا لك ..لماذا ؟
لأن مقدمة الطيبة يفرق فيها بين مسائل التجويد وبين مسائل القراءات ، بخلاف مسائل الجزرية ؛ لأنه في الجزرية ذكر "بضنين " في معرض ذكره لما ينطق بالظاء والضاد في القرآن كله ،ثم قال لك "إن حرف " بظنين " فيه الظاء والضاد ، فحسن ذكره هنا من هذا الباب (لا تفتح موضوع الضاد والظاء يا محمد يا يحيى يا شريف )، لا من كونه مسألة قراءات أو مسألة تجويد ،وهذا بخلاف متن الطيبة الذي ألفه من أجل الخلاف في علم القراءات ،وأراد أن يضع فائدة لك في علم التجويد فذكر مقدمة عامة (يعني هوه غلطان عشان قال الفايدة )
ولعلك تقول بأنه حكى في النشر عزوا لـ (ألم نخلقكم )؟
وأقول : وكذلك حكي عزوا في مسألة إخفاء الميم الساكنة عن الباء في النشر حيث قال : (الثاني الإخفاء) عند الباء على ما اختاره الحافظ أبو عمرو الداني وغيره من المحققين. وذلك مذهب أبي بكر بن مجاهد وغيره. وهو الذي عليه أهل الأداء بنصر والشام والأندلس وسائر البلاد الغربية وذلك نحو: يعتصم بالله، وربهم بهم، يوم هم بارزون. فتظهر الغنة فيها إذ ذاك إظهارها بعد القلب في نحو: من بعد، أنبئهم بأسمائهم .
وقد ذهب جماعة كأبي الحسن أحمد بن المنادي وغيره إلى إظهارها عندها إظهاراً تاماً وهن اختيار مكي القيسي وغيره.
وهو الذي عليه أهل الأداء بالعراق وسائر البلاد الشرقية. وحكى أحمد بن يعقوب التائب إجماع القراء عليه .
(قلت) : والوجهان صحيحان مأخوذ بهما إلا أن الإخفاء أولى للإجماع على إخفائها عند القلب. وعلى إخفائها في مذهب أبي عمرو حالة الإدغام في نحو: أعلم بالشاكرين.)ا.هـ
وأيضا عزا في "عين " مريم والشورى : وهو (ع) من فاتحة مريم والشورى فاختلف أهل الأداء في إشباعها في توسطها وفي قصرها لكل من القراء .
فمنهم من أجراها مجرى حرف المد فأشبع مدها لالتقاء الساكنين ، وهذا مذهب أبي بكر بن مجاهد وأبي الحسن علي بن محمد بن بشر الانطاكي وأبي بكر الأذفوي واختيار أبي محمد مكي وأبي القاسم الشاطبي وحكاه أبو عمرو الداني في جامعه عن بعض من ذكرنا. وقال هو قياس قول من روى عن ورش المد في (شيء. والسوء) وشبههما ذكره في الهداية عن ورش وحده يعني من طريق الأزرق وكذا كان يأخذ ابن سفيان .
ومنهم من أخذ بالتوسط نظراً لفتح ما قبل ورعاية للجمع بين الساكنين وهذا مذهب أبي الطيب عبد المنعم بن غلبون وابنه أبي الحسن طاهر بن غلبون. وأبي الحسن علي بن سليمان الانطاكي وأبي الطاهر صاحب العنوان وأبي الفتح بن شيطا وأبي علي صاحب الروضة وغيرهم وهو قياس من روى عن ورش التوسط في (شيء) وبابه وهو الأقيس لغيره والأظهر وهو الوجه الثاني في جامع البيان وحرز الأماني والتبصرة وغيرهما وهو أحد الوجهين في كفاية أبي العز القلانسي عن الجميع وفي الكافي عن ورش وحده بخلاف، وهذان الوجهان مختاران لجميع القراء عند المصريين والمغاربة ومن تبعهم وأخذ بطريقهم .
ومنهم من أجراها مجرى الحروف الصحيحة فلم يزد في تمكينها على ما قيها وهذا مذهب أبي طاهر ابن سوار وأبي محمد سبط الخياط وأبي العلاء الهمداني وهو الوجه الثاني عند أبي العز القلانسي واختيار متأخري العراقيين قاطبة وهو الذي في الهداية والهادي والكافي لغير ورش وهو الوجه الثاني فيه لورش وقال لم يكن أحد مدها إلا ورشاً باختلاف عنه )
ومع هذا قال في الفريدة نقلا عن الشيخ الزيات :
ملاحظة هامة: أفاد المقرئ بأن وجود عين لا تحرير عليها كوجوه التكبير قرر ذلك وعمل عليه على أن وجوه عين مسألة تجويدية ووجوه التكبير من قبيل الذكر. وقال لا مانع من العمل بما فى الروض من التحريرات وهذا ما سار عليه الأداء مع الإخوة عند أدائهم على الفقير جامع هذا الكتاب.
[FONT="])أول سورة مريم
[/FONT]مع أن ابن الجزري ذكره في الأصول إلا أنه لما شبهه ـ أي عين ـ بساكن الوقف ((ونحو عين فالثلاثة لهم..كساكن الوقف )) حمله البعض على ما تقدم .
أعتقد أن الأمر أوضح الآن .والله أعلم
والسلام عليكم