اختيار ابن جرير في قوله تعالى: وهو الله في السموات

إنضم
08/09/2007
المشاركات
208
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
المدينة المنورة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه.
وبعد
فقد استشكلت عبارة ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية (3) من الأنعام حيث قال:
((والقول الثالث أن قوله ((( وهو الله في السموات ))) وقف تام ثم استأنف الخبر فقال (((وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ))) وهذا اختيار ابن جرير )). فعلى هذا التفسير تفيد الآية إثبات العلو لله عز وجل.

بينما نص كلام ابن جرير رحمه الله في تفسير هذه الآية:
(( يقول تعالى ذِكْرُه: إن الذي له الأُلوهة التي لا تنبغي لغيره المستحق عليكم إخلاص الحمد له بآلائه عندكم أيها الناس الذي يَعدِلَ به كفاركم مَنْ سِواه، هو الله الذي هو في السموات وفي الأرض، ((( ويَعْلَمُ سِرَّكُمْ وجَهْرَكُمْ ))) فلا يخفى عليه شيء، يقول: فربكم الذي يستحقّ عليكم الحمد ويجب عليكم إخلاص العبادة له، هو هذا الذي صفته، لا من يقدر لكم على ضرّ ولا نفع ولا يعمل شيئاً ولا يدفع عن نفسه سوءاً أريد بها.وأما قوله: ((( وَيَعْلَمُ ما تَكْسَبُونَ ))) يقول: ويعلم ما تعملون وتجرحون، فيحصي ذلك عليكم ليجازيكم به عند معادكم إليه)).
فما أفهمه من تفسير ابن جرير أنه يرجح دلالة الآية على إثبات أن الله هو الإله (المألوه والمعبود) في السموات وفي الأرض كآية الزخرف : (((وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله))) أي مألوه ومعبود في السماء وفي الأرض سبحانه وتعالى.
فأين الاختيار الذي نقله ابن كثير عن ابن جرير؟
 
كذلك القرطبي عند هذه الآية نقل مثل قول ابن كثير، فقال:"وقال محمد بن جرير : وهو الله في السماوت ، ويعلم سركم وجهركم في الأرض" قال المحقق: نقله عنه بواسطة البغوي 2/84 ويروى عن الكسائي أنه كان يقف على قوله :" في السماوات" ويبتدئ بقوله:" وفي الأرض.." البيان1/313
وقد اختار القرطبي القول بأن المعنى في الآية: وهو الله يعلم سركم وجهركم في السماوات وفي الأرض، فلا يخفى عليه شيء" وقال: وهذا أسلم وأبعد من الإشكال. ورجحه النحاس كذلك.
القرطبي(8/323) تحقيق التركي.
من هنا نستخرج عدة أسئلة:
- ما حكم الوقف على السماوات ؟.
- من أين نُقل رأي ابن جرير السابق وهو ليس في كتابه؟.
- هل أول من نقل عنه ذلك البغوي ثم نقل عنه من جاء بعده ؟.
 
جزاكم الله خيراً
ما حكم الوقف على السماوات ؟.
ذكره ابن الجزري من أمثلة وقف التعسف فقال:
((ليس كل ما يتعسفه بعض المعربين أو يتكلفه بعض القراء ، أو يتأوله بعض أهل الأهواء مما يقتضي وقفا وابتداء ينبغي أن يتعمد الوقف عليه ، بل ينبغي تحري المعنى الأتم والوقف الأوجه، وذلك نحو...، ونحو الوقف على (((وهو الله ))) والابتداء (((في السماوات وفي الأرض))) وأشد قبحاً من ذلك الوقف على (((في السماوات))) والابتداء (((وفي الأرض يعلم سركم))) )). النشر (1/231)
 
الذي أفهمه من كلام ابن جرير هو الذي فهمه الدكتور أحمد الرويثي وفقه الله.
بيد أننا لو نظرنا في علامات الترقيم، لوجدنا أنها سبب في هذا الإشكال، وأن لما فهمه ابن كثير وغيره مستندا قويا يحتمله الكلام.
فلو أن العبارة كتبت بهذا الشكل: " إن الذي له الأُلوهة التي لا تنبغي لغيره المستحق عليكم إخلاص الحمد له بآلائه عندكم أيها الناس الذي يَعدِلَ به كفاركم مَنْ سِواه، هو الله الذي هو في السموات، وفي الأرض يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وجَهْرَكُمْ فلا يخفى عليه شيء " لوجدنا أن الكلام يفهم كما فهمه ابن كثير.
وقد سألت الشيخ خالد السبت عن هذا فأخبرني أن هذا هو ما يفهمه هو من كلام ابن جرير، وأنه لو أراد المعنى الآخر لكانت عبارته: "هو الله الذي هو في السموات والأرض" بالعطف بالواو لا بفي.

وهذا يذكرنا بأهمية علامات الترقيم وأثرها في الفهم..
والله أعلم.
 
بارك الله فيكم ، فقط أردت التنبيه على هذي الواو الزائدة :
فلو أن العبارة كتبت بهذا الشكل: " إن الذي له الأُلوهة التي لا تنبغي لغيره المستحق عليكم إخلاص الحمد له بآلائه عندكم أيها الناس الذي يَعدِلَ به كفاركم مَنْ سِواه، هو الله الذي هو في السموات، وفي الأرض ويَعْلَمُ سِرَّكُمْ وجَهْرَكُمْ فلا يخفى عليه شيء " لوجدنا أن الكلام يفهم كما فهمه ابن كثير.
 
قال ابن الجوزي في زاد المسير:
قوله تعالى : { وهو الله في السماوات وفي الأرض } فيه أربعة اقوال .
أحدها : هو المعبود في السماوات وفي الأرض ، قاله ابن الأنباري .
والثاني : وهو المنفرد بالتدبير في السماوات وفي الأرض ، قاله الزجاج .
والثالث : وهو الله في السماوات ويعلم سركم وجهركم في الأرض ، قاله ابن جرير .
والرابع : أنه مقدَّم ومؤخَّر : والمعنى : وهو الله يعلم سركم وجهركم في السماوات والأرض ، ذكره بعض المفسرين .ا.هـ
فتأمل رعاك الله إلى أثر الوقف والابتداء في التفسير وتقدير المعاني.
 
عودة
أعلى