اختلاف اللفظ القرآني لنفس الحدث أو الموقف

شهد العمري

New member
إنضم
16/08/2015
المشاركات
67
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإقامة
المدينة المنورة
السؤال: ما هو سبب اختلاف اللفظ القرآني لنفس الحدث أو الموقف على لسان قائليه ، مثال ذلك قصة إبليس عليه لعنة الله ، في سورة الأعراف يقول إبليس : (... قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ) آية/2، بينما في سورة الحجر يقول : ( قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمإ مسنون ) آية/33. فلماذا اختلف النصان هنا مع العلم بأن الموقف واحد ؟ وأمثلة هذا كثيرة في القرآن الكريم.
الجواب :
الحمد لله
أولا :لا بد أن نعرف في بداية الجواب أن الكلام المحكي في القرآن الكريم على ألسنة المتكلمين إنما هو بالمعنى وليس باللفظ ، وذلك لدليلين ظاهرين :1-أن القرآن كلام الله ، وليس كلام أحد من المخلوقين ، ولما كان كذلك كانت الأقوال المحكية على ألسنة المتكلمين بها من الناس والدواب ، هي من كلام الله ، يقص به أخبار الأولين ، وينقل كلامهم . فهي تنسب إليهم باعتبار مضمون الكلام ومعناه .2-أن لغات الأمم السابقة لم تكن هي العربية الواردة في القرآن الكريم ، وبذلك نجزم أن الكلام المنقول على ألسنتهم إنما هو كلام الله عز وجل ، متضمنا معاني كلام المذكورين من الأمم السابقة .جاء في " فتاوى اللجنة الدائمة " (4/6-7) :" الكلام يطلق على اللفظ والمعنى ، ويطلق على كل واحد منهما وحده بقرينة . وناقله عمن تكلم به من غير تحريف لمعناه ولا تغيير لحروفه ونظمه : مُخبِرٌ مُبَلِّغٌ فقط ، والكلام إنما هو لِمَن بدأه . أمَّا إن غيَّر حروفه ونظمه مع المحافظة على معناه ، فينسب إليه اللفظ : حروفه ومعناه ، وينسب من جهة معناه إلى من تكلم به ابتداءً .ومن ذلك ما أخبر الله به عن الأمم الماضية ، كقوله تعالى : ( وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ ) غافر/27، وقوله : ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ ) غافر/36. فهاتان تسميان قرآناً ، وتنسبان إلى الله كلاماً له باعتبار حروفهما ونظمهما ؛ لأنهما من الله لا من كلام موسى وفرعون ؛ لأن النظم والحروف ليس منهما . وتنسبان إلى موسى وفرعون باعتبار المعنى ، فإنه كان واقعاً منهما . وهذا وذاك قد علمهما الله في الأزل وأمر بكتابتهما في اللوح المحفوظ ، ثم وقع القول من موسى وفرعون بلغتهما طبق ما كان في اللوح المحفوظ ، ثم تكلم الله بذلك بحروف أخرى ونظم آخر في زمن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، فنسب إلى كلٍّ منهما باعتبار . الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن قعود " انتهى. ثانيا :أسلوب تكرار العبارة والقصة في القرآن الكريم ، ولكن في سياقات مختلفة وألفاظ مترادفة : هو من سمات القصص القرآني الظاهرة ، حيث يتكرر ذكر القصة الواحدة في كثير من السور ، وفي كل مرة يتنوع السياق ، ويتعدد الأسلوب ، وترد القصة بعبارات جديدة ، تفتح آفاقا للمعاني والفوائد ، وأنماطا متنوعة من أساليب البلاغة والبيان ، ولذلك عد العلماء والمفسرون هذا التنوع في اللفظ والعبارة من مظاهر الفصاحة والبيان ، ونصوا على أن من مقاصد القصص القرآني تفريق الحدث الواحد في سياقات مختلفة ، بل وألفوا في هذا الفن مؤلفات خاصة ، منها كتاب " المقتنص في فوائد تكرار القصص " لبدر الدين بن جماعة ، كما ذكر ذلك السيوطي في " الإتقان " (2/184)يقول الزركشي رحمه الله :" إبراز الكلام الواحد في فنون كثيرة وأساليب مختلفة لا يخفى ما فيه من الفصاحة " انتهى." البرهان في علوم القرآن " (3/26)وإذا رحنا نعدد الفوائد التي يضفيها هذا الأسلوب على مجمل ما في القرآن الكريم لعددنا شيئا كثيرا ، ولكنا نذكر ههنا بعض هذه الفوائد :1-زيادة بعض التفاصيل التي لم تذكرها الآيات من قبل ، والمثال الوارد في السؤال واحد من صور هذه الفوائد ، فقد زادت الآيات في سورة الحجر قيدا في وصف الأصل الذي خلق منه آدم عليه السلام ، وهو كونه من صلصال من حمإ مسنون ، في حين لم تذكر ذلك آيات سورة الأعراف المتعلقة بالقصة .2-تأكيد التحدي الذي جاء به القرآن لمشركي العرب أن يأتوا بشيء من مثله ، فقد كشف هذا التنوع في العبارة عن عجزهم عن الإتيان بمثله بأي نظم جاء ، وبأي عبارة عبَّروا .3-إذهاب السآمة والملل عن القصة ، وذلك أن العرض الجديد يشد الأسماع ، ويلفت الأنظار ، ويبقي صلة المتعة والفائدة بين القارئ والنص المقدس ، وهذا من المقاصد العظيمة أيضا ، " فيجد البليغ ميلا إلى سماعها ، لما جبلت عليه النفوس من حب التنقل في الأشياء المتجددة التي لكل منها حصة من الالتذاذ "4-" ظهور الأمر العجيب في إخراج صور متباينة في النظم بمعنى واحد ، وقد كان المشركون في عصر النبي صلى الله عليه وسلم يعجبون من اتساع الأمر في تكرير هذه القصص والأنباء مع تغاير النظم ، وبيان وجوه التأليف ، فعرفهم الله سبحانه أن الأمر بما يتعجبون منه مردود إلى قدرة من لا يلحقه نهاية ، ولا يقع على كلامه عدد"5-التناسق مع الموضوع والمناسبة التي وردت القصة لأجلها ، فأحيانا تقتضي هذه المناسبة إبراز معنى في الحوار الدائر لم يكن من الضروري إبرازه في مناسبة أخرى وردت فيها القصة ، وهذه الفائدة باب واسع من أبواب اكتشاف بحور بلاغة القرآن وإعجازه ، وأمثلتها التفصيلية موجودة في بطون كتب التفسير .يمكن الاطلاع على هذه الفوائد وغيرها في كتاب " البرهان في علوم القرآن " (3/26-29)يقول الدكتور فضل حسن عباس حفظه الله: " المنهج القصصي في القرآن الكريم هو المنهج البديع المعجز ، حيث ذكرت القصة في سور كثيرة ، وإن خصت بعض السور بذكر حدث واحد ، ثم توزعت هذه المشاهد والأحداث على السور التي ذكرت فيها القصة ، قلت أم كثرت ، بحيث تجد في كل سورة ما لا تجده في غيرها ، وبحيث يذكر في كل سورة ما يتلاءم مع موضوعها وسياقها ، وبحيث تذكر القصة في السورة في الموضع الذي اختيرت له والذي اختير لها " انتهى." القصص القرآني " (ص/81)والله أعلم . منقول من الاسلام سؤال وجواب
 
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين أما بعد.. بارك الله تعالى بكم.. وهذا الامر من الاعجاز القرآني الذي حير العقول وأخذ بالقلوب فقد أضطرب العرب في شأن هذا الكتاب ماذا يقولون ؟لا هو من الشعر ولا من النثر..وفيه من القوة والحلاوة ما تتحير معه العقول..ولهذا فإنهم أخيرا أجتمعوا على أمر لم يمارسوه كثيرا ولم يعرف به أهل مكة ألا وهو السحر..(انه الا سحر يؤثر)..فهل نجح هذا الادعاء الباطل؟..كلا لم ينجح لإن السحر من الباطل الذي سرعان ما يكتشفه المتأمل...وان للحق سطوة على النفوس سرعان ما يشعر بها الانسان...فرحم الله تعالى ذلك الاعرابي الذي ما ان سمع القرآن حتى قال(سبحان من كلامه هذا).
 
بارك الله فيك اخي الكريم
خيرا ما قلت
ولكن الاية من سورة المدثر في كتابتها خطأ
( إن هذا إلا سحر يؤثر )المدثر (٢٤)

 
أحسنت أختنا الفاضلة بارك الله فيك
وإليك هذا المبحث القصير فلعله يتعلق بموضوعك
ووهذا المبحث يدخل تحت مبحث أكبر عنوانه [المتشابه اللفظي بلاغيا] من بحثي للدكتوراه سنة 2012.
هاهو :

أولا: التكرار اللفظي والمتشابه اللفظي:

إن [التكرار اللفظي] جزء من [المتشابه اللفظي]، ولا يمكن فصله عنه، وقد فسر العلماء [التشابه اللفظي] بتكرار اللفظ، أو تردد اللفظ أكثر من مرة، ويكاد لا يخلو تعريف أيٍّ من العلماء لمصطلح [المتشابه اللفظي] من تأويله بـ[تكرار اللفظ]، وقد برز ذلك في المبحث السابق [المتشابه اللفظي اصطلاحا].

ويرى الباحث أن [المتشابه اللفظي] يضم ويشمل ويتضمن [التكرار اللفظي]، في حين لا يمكن العكس، فلا يمكننا القول أن [التكرار اللفظي] يضم أو يتضمن [المتشابه اللفظي]؛ وذلك لأن [المتشابه اللفظي] يشمل ما تكرر بلفظه دون تَغَيُّر في ألفاظه، ويشمل ما تكرر لفظه مع تَغَيُّر في بعض ألفاظه، أما [التكرار اللفظي] فلا يشمل إلا ما تكرر لفظه دون تغير، وقد جعل الدكتور حسين نصار مصطلح [التكرار] هو الأصل، وضَمَّنَ [المتشابه اللفظي] تحته[1]، لكن الأصل غير ذلك، إذ أن مصطلح [المتشابه اللفظي] هو الأصل لأنه الأكثر والأشهر، إذ أنه يتضمن التكرار اللفظي بلا شك، ولأن [المتشابه اللفظي] قد ينكر البعض دخوله تحت [التكرار] بسبب وقوع تغيير في بعض ألفاظه.

وقد فَصَل بعض العلماء[2] بين النوعين فجعل لــ [المتشابه اللفظي في القرآن] بابا قائما بذاته، وجعل لـ [التكرار اللفظي] بابا قائما بذاته، ورد البعض الآخر هذا الفصل، ورأى أن من غير الصواب الفصل بينهما، فقال الدكتور محمد القاضي: "وهذا الاختيار بعيد عن الصواب، فاللغة تركيب ومعنى، كما سبق أن بينا، فالمكرر تشابه تماما في التركيب، ولكنه بالضرورة مختلف في المعنى من خلال تنوع السياقات، ومن هنا تأتي منطقية إدارج المكرر اللفظي تحت هذه الدراسة التي تعنى بالمتشابه اللفظي في القرآن"[3].

ثانيا: التكرار من الفصاحة:

إن التكرار مقبول غير مذموم "إلا إن كان مما يمكن الاستغناء عنه، وكان الذي نكرره خاليا من أي معنى جديد يضاف إلى الأول، فهو حينئذ يكون لغوا، لا فائدة منه، وهذا ليس منه في القرآن شيء"[4]

وقد ادعى البعض أن التكرار في لغة العرب ليس من الفصاحة، وما ذاك إلا جهل باللغة وأساليبها، ولعل هذا الْمُدَّعِي سمع أو قرأ لِمَنْ لا يُجِيد السباحة في بَحْر العربية، فادَّعَى أن التكرار في اللغة كله مذموم -وليت شعري- ألم يَمُرّ على مسامعه آيات التنزيل التي تكرر لفظها مرارا مع بيان، وحلاوة، وطلاوة، وسحر يخلب القلوب ؟!!!
وصدق الشاعر[5] الذي يقول في القرآن:

عَمْرِي لَقَدْ لَذَّ في سَمْعِي مُكَـرَّرُه *** وكَلُّ شَيْءٍ على التِّكْرَارِ مَمْلُـولُ

ويقول البعض: "كلّ مردّدٍ ثقيل، وكل متكرّر مملول"[6]
وهذا القول صار كأنه قاعدة تطلق على الْمُتَكَرِّر، وذلك لأن الأصل في التكرار أنه يبث في النفس الضجر والملل، وما ذلك إلا لأن التكرار يحتاج لناظم بارع، يجعل النفس تميل إليه وتنجذب، وترغب فيه، وتشغف به، وليس كل شاعر أو كل ناثر يملك تلك القدرة، فلا يملك ذلك إلا ذوو المواهب الخاصة، وعليه فإن مقولة [كل مردد ثقيل، وكل متكرر مملول] لا نقبلها كما هي، لأننا ندرك أن أكثر التكرار ثقيل مملول، لكن ليس كله، بل إننا نجد من الشعراء والأدباء من برع براعة في صياغة التكرار صياغة بديعة.
اسمع لقول أبي القاسم الشابي[7]:

يا شِـعْرُ أَنْتَ فَـنُّ الشُّـعُورِ *** وصَرْخَـةُ الرُّوحِ الْكَـئِيبِ
يا شِـعْرُ أَنْتَ صَـدَى نَحِيبِ *** الْقَلْـبِ والصَّبِّ الْغَـرِيبِ[8]

هل تستطيع أن تنكر على الشاعر التكرار هنا؟
بالطبع لا؛ ذلك لأنه أضفى بالتكرار أشياء ليس لتعبير آخر أن يقع موقع اللفظ المكرر، ويعطي نفس الأثر، فإن اللفظ المكرر في البيتين [يا شعر أنت] علاوة على النغم الرقيق، تجد أن نفسك قد طابت بالتكرار، كما نلحظ أن المعنى في البيتين ليس واحدا، حيث إن الكلمة لا تؤدي معناها بنفسها، بل تؤديه بالمحيط الذي تقع فيه، فإنها في البيت الثاني، لعبت دورا، وأدت معنى، غير الدور الذي لعبته، والمعنى الذي أدته، في البيت الأول، وذلك بالصفات الجديدة التي نسبها إلى الشعر. ومن أراد مثالا آخر فليقرأ قصيدة [ابتسم] الرائعة للشاعر إيليا أبي ماضي[9]، سيجد أن تعبير [قلت ابتسم] قد تكرر ثماني مرات في قصيدة من واحد وعشرين بيتا، وما أكثر الأمثلة في هذا النحو!

وللجاحظ كلمة لطيفة في فضل التكرار عامة، قال: "إن الناس لو استغنوا عن التكرير وكفوا مئونة البحث والتنقير، لقلّ اعتبارهم، ومن قلّ اعتباره قلّ علمه، ومن قلّ علمه قلّ فضله، ومن قلّ فضله كثُر نقصه، ومن قلّ علمه وفضله وكثُر نقصه لم يُحمد على خير أتاه، ولم يُذمّ على شرّ جناه، ولم يجد طعم العزّ، ولا سرور الظفر، ولا روح الرجاء، ولا برد اليقين، ولا راحة الأمن.."[10]

وقد اختلف العلماء في إثبات التكرار في القرآن الكريم: "فانقسموا إلى فريقين، ففي حين رأى فريق في التكرار ظاهرة ملحّة، يرتكز عليها القرآن الكريم في بنيته، سيّما أن من وظائفه البلاغة، والتأكيد على المعنى المقصود من الألفاظ المكرّرة"[11]، نفى الفريق الآخر التكرار من القرآن تمامًا "بادّعاء عدم الفائدة من تكرار اللفظ نفسه، في السياق نفسه، للمعنى نفسه، فحتى لو كانت الألفاظ مكرّرة، فإنها تدلّ بنظرهم على معان مختلفة"[12]

وابن تيمية -رحمه الله- له في [التشابه اللفظي في القرآن] قول بديع، فقد أنكر التكرار في القرآن، وقال إن التكرار مَثَلُهُ: "كما يسمَّى اللهُ ورسولُه وكتابُه بأسماء متعددة، كل اسم يدل على معنى لم يدل عليه الاسم الآخر، وليس في هذا تكرار، بل فيه تنويع الآيات مثل أسماء النبي e إذا قيل: محمد، وأحمد، والحاشر، والعاقب ... في كل اسم دلالة على معنى ليس في الاسم الآخر، وإن كانت الذات واحدة فالصفات متنوعة .وكذلك القرآن إذا قيل فيه: قرآن، وفرقان، وبيان، وهدى ... فكل اسم يدل على معنى ليس هو المعنى الآخر . وكذلك أسماء الرب تعالى إذا قيل: الملك، القدوس، السلام ... فكل اسم يدل على معنى ليس هو المعنى الذي في الاسم الآخر، فالذات واحدة، والصفات متعددة، فهذا في الأسماء المفردة."[13]

وهذا السيوطي يرى أن التكرار من الفصاحة، بل من محاسنها: "التكرير وهو أبلغ من التأكيد، وهو من محاسن الفصاحة خلافاً لبعض من غلط"[14]

ولم يَعُدّ الزركشي التكرار من محاسن أساليب الفصاحة وحسب، بل إنه قد خَطَّأَ من طعن في ذلك فقال: "غلط من أنكر كونه - التكرار - من أساليب الفصاحة ظنًّا أنه لا فائدة له، وليس كذلك، بل هو من محاسنها، لاسيما إذا تعلق بعضه ببعض"[15]

ولنا أن نتساءل متى يسوغ التكرارُ ويُقْبَلُ، ويُعَدُّ من مَحَاسِن أساليب الفصاحة؟
وأرى أن التكرار لا يعد من محاسن أساليب الفصاحة، ولا تميل إليه النفوس، ولا تقبله العقول، إلا إذا تحققت فيه أمور أربعة مجتمعة:

الأول: إذا لم يُشْعِرْ بالملل أو الضجر.
الثاني: التغير في اللفظ المكرر، بزيادة أو نقصان، أو بتقديم أو تأخير، أو تغير المحيط الذي
ينزل فيه اللفظ المكرر.
الثالث: أن يحمل فائدة جديدة أو معنى جديدا، سواء تكرر اللفظ نفسه، أو حدث فيه تغير.
الرابع: أن يرمي إلى غرض بلاغي دقيق، كالتأكيد، أو التهويل، أو التعجب، وغيرها مما سيأتي حين نتناول أغراض التكرار اللفظي.

والتكرار اللفظي في القرآن قائم، فإن اللفظ القرآني قد ينزل في كتاب الله منازل عدة، لكنه في كل منزل يختلف عنه في المنازل الأخرى، إذ إنه يكتسب معناه في موقعه ومنزله من المحيط الذي نزل فيه، فإن كان في القرآن تكرار، فإنما هو تكرار في اللفظ -واللفظ فقط- دون المعنى.

وتحت عنوان [تعدد المعنى الوظيفي للصيغة الواحدة] كتب عبد الحميد هنداوي يقول: "وهذه الظاهرة -تعدد المعنى الوظيفي للصيغة الواحدة- من الظواهر المهمة في الكشف عن طبيعة الدلالة في الصيغ الصرفية، حيث تشترك المعاني في الصيغة الواحدة فتدل على معان متعددة قبل أن يتحدد المعنى المراد بواسطة القرائن"[16].

وهذا العفيفي ينكر تكرار اللفظ على معنى واحد في القرآن، قال: "إن إحكام القرآن وتفصيله هو العلم الذي يضمن لنا أننا كلّما احتجنا إلى أي مفردة قرآنية وجدناها بأي موضع من مواضعها، كالحرف الواحد في الكلمة، يعني المكرّر في كلمة واحدة التي تجمع حروفها جميعًا في جملتها، فإذا كل حرف بموضعه الخاص به تفصيلاً، يعني كل حرف غير الآخر، لا أنه مكرّر، وإذا الحروف جميعًا تامّة الارتباط بها كلها إجمالاً"[17].

وجاء في القواعد الذهبية: "وإذا كان القرآن فيه نحواً من ستة آلاف آية ونيف، فإن هناك نحواً من ألفي آية فيها تشابه بوجه ما، قد يصل أحياناً حد التطابق، أو الاختلاف في حرف واحد، أو كلمة واحدة، أو اثنتين، أو أكثر"[18]

هذا التشابه إنما هو في الثوب الخارجي فقط، أي في اللفظ المكرر لا المعنى، فاللفظ المكرر إنما هو ثوب خارجي حمل في طَيَّاتِه معنى جديدا في كل منزل نزله، ويؤيد ذلك العفيفي قائلا: "فإذا تعدّدت المواضع في القرآن كله بآية، أو جملة أصغر من آية، أو كلمة، أو حرف، كان كل من ذلك ثابتًا في نصّه بلا تبديل، وإنما لكل مفردة منه عمل جديد، بكل موضع جديد"[19]

والتكرار اللفظي في القرآن اتسم بسمات سامية، لا تنازعه فيها يد، ولا تستطيع أن ترنو إليها قريحة، فَبِحَسْبِ الناظر فيه الطربُ لنغمه، والوقوفُ عنده للتأمل والتدبر، فإن ظفر منه بحكمة، فقد أوتي الخير العظيم، وإن عجز، فذاك فضل الله، يؤتيه من يشاء.

وصدق ابن قتيبة إذ قال: "ولذلك نجد أن التكرار ورد في القرآن كثيرًا، ومع أن الأسلوب في الكلام العادي قد لا يسلم معه من القلق والاضطراب، إلا أنه جاء في كلام الله مُحْكَمًا"[20]
وهذا هو رابط الكتاب كاملا والذي بعنوان [توجيه المتشابه اللفظي في القرآن الكريم بين القدامى والمحدثين أحمد العرناطي وفاضل السامرائي دراسة مقارنة]
http://vb.tafsir.net/tafsir33234/#.Vj_uwFIrM8s



[1] نصار، حسين، 1423هـ، 2003م، التكرار، ط1، القاهرة، مكتبة الخانجي. دراسة في 109 صفحة في التكرار اللفظي في القرآن

[2] الحمداوي، رشيد، 2003م، المتشابه اللفظي في القرآن ومسالك توجيهه عند أبي جعفر بن الزبير الغرناطي، القاهرة، مكتبة أولاد الشيخ للتراث، ص25-26.

[3] القاضي، محمد، 1430هـ- 2009م، المتشابه اللفظي في القرآن الكريم، ط1، القاهرة، دار الصحوة، ص54.

[4] شبكة الفصيح لعلوم اللغة العربية ، http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?threadid=1350 , ‏12‏/09‏/2007

[5] حسين بن عبد الباقي الزاهر الزبيدي، من كتاب النور السافر عن أخبار القرن العاشر، العيدروس، محي الدين عبد القادر بن شيخ بن عبد الله، ط1، 1405هـ ، بيروت دار الكتب العلمية، ص403.

[6] أحمد بن المقري التلمساني، نفخ الطيب من غصن ألندلس الرطيب، تحقيق: إحسان عباس ، 1997م، طبعة جديدة، بيروت، لبنان، دار صادر، ج2 ، 502.

[7] أبو القاسم الشابي: شاعر تونسي ذائع الصيت، ولد يوم الأربعاء الرابع والعشرين من فبراير عام 1909م الموافق الثالث من شهر صفر سنة 1327 هـ في في بلدة الشابة التابعة لولاية توزر في تونس، ولم يعش طويلاً فقد توفي في الثامن من سبتمبر 1929 الموافق للثالث من ربيع الثاني 1348 هـ.، وله ديوان [أغاني الحياة]. راجع موقع الموسوعة الحرة ويكيبيديا:
http://ar.wikipedia.org/wiki/أبو_القاسم_الشابي , 3/16/2011

[8] من قصيدة يا شعر، ديوان أبي القاسم الشابي [أغاني الحياة].

[9] ولد إيليا ضاهر أبو ماضي في المحيدثة في المتن الشمالي في جبل لبنان عام 1890 وهاجر إلى مصر سنة 1900م توفي سنة 1957، واشتهر بالشعر الفلسفي، ومن أشهر دواوينه: الجداول، والخمائل، وتبر وتراب، والغابة المفقودة. راجع: هذا الرابط للموسوعة الحرة، ويكيبيديا:
http://ar.wikipedia.org/wiki/إيليا_أبو_ماضي , 3/16/2011

[10] الجاحظ، عمرو بن بحر بن محبوب الكناني بالولاء الليثي أبو عثمان، 1384هـ- 1964م، رسائل الجاحظ، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، القاهرة ، مكتبة الخانكي، ج3، ص236.

[11] راجع: الفراء، أبو زكريا يحي بن زياد بن عبد الله بن منظور الديلمي، معاني القرآن، تحقيق: أحمد يوسف النجاتي، ومحمد علي النجار، وعبد الفتاح إسماعيل الشلبي، ط1، مصر ، الدار المصرية للتأليف والترجمة،ج3، ص287. / ابن قتيبة، أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتبة الدينوري،وتأويل مشكل القرآن،بيروت، لبنان، دار الكتب العلمية، ص235-240./ ابن رشيق، أبو علي الحسن بن رشيق القيرواني الأزدي، 1401هـ- 1981م، العمدة في محاسن الشعر وآدابه، تحقيق: محي الدين عبد الحميد، ط5، دار الجيل، ص72. / البرهان للزركشي،ج1، ص146 ، وج3، ص13-14. / والإتقان للسيوطي، ج3، ص179. بتصرف.

[12] راجع: الشريف المرتضى، أبو القاسم علي بن الطاهر أبو أحمد الحسين، 1325هـ- 1907م، أمالي السيد المرتضى في التفسير والحديث والأدب، تحقيق: السيد محمد بدر الدين النعماني الحلبي، ط1، مصر، مطبعة الساعدة، ج1، ص84..بتصرف، وذهب إلى ذلك رجال المتشابه اللفظي وسيأتي بيان ذلك بالتفصيل إن شاء الله.

[13] ابن تيمية ، مجموع الفتاوي ، برنامج مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، إصدار موقع روح الإسلام، راجع هذا الرابط: www.islamspirit.com ‏27‏/03‏/11

[14] السيوطي ، الإتقان في علوم القرآن ، ج2 ، ص66

[15] الزركشي ، البرهان في علوم القرآن ، ج3 ، ص9

[16] عبد الحميد أحمد يوسف هنداوي، 1423هـ-2002م، الإعجاز الصرفي في القرآن الكريم، صيدا، بيروت، المكتبة العصرية، ص57.

[17] العفيفي،محمد، القرآن القول الفصل بين كلام الله وكلام البشر، الكويت، المطبعة العصرية، وذات السلاسل للطباعة والنشر، ص55.

[18] عبد الرحمن ابن عبد الخالق، القواعد الذهبية في حفظ القرآن وتدبره، ص15، ويمكن تصفحه في: Bookstree.com ‏03‏/05‏/2009

[19] العفيفي القرآن القول الفصل، ص16.

[20] ابن قتيبة، تأويل مشكل القرآن، ص232.
 
الحمد لله.
للقرآن مع الحدث حالتان:
حالة الوصف وحالة النقل.
فالقرآن عندما يصف ينوع العبارة والأسلوب وعندما ينقل يستنسخ ولا يبدل ولكن يجتزىء حسب السياق المؤدى فيه النقل وتتكامل حالة النقل بالضم والمقارنة للسياقات كلها ومثاله ما ذكرتي يكون هكذا :"يا ابليس مالك الا تكون من الساجدين ما منعك ان تسجد اذ امرتك" ثم تكون الاجابة هكذا :"لم اكن لاسجد لبشر خلقته من صلصال من حما مسنون انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين" والقرآن ياتي بالجزء من الحدث في السياق المحدد بالدلالة المطلوبة.
وبهذا يعلم امانة النقل وتنوع الوصف وهذا طريق في الجمع بين الايات والسياقات للحدث الواحد ما يستحق ان تفرد له المساحات الكبيرة لاشباع النهم فيه والتلذذ بمحتواه والله اعلم.
 
عودة
أعلى