اختلاف الخطاب القرآني

إنضم
16/11/2009
المشاركات
1,296
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
العمر
73
الإقامة
تارودانت-المغرب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه
يشتمل القرآن الكريم على خطاب الله للثقلين . وهذا الخطاب يختلف باختلاف الفئات المستهدفة ، بواسطة كـ: (قل...) أو بغير واسطة : ومن هذه الفئات : الجن والإنس والناس والمؤمنون وأهل الكتاب والكافرون والمشركون ... ولكل خطاب مميزاته ، حيث يتوافق مع ظروف هذه الفئات .
وهنا أريد أن أعطي مثالا واضحاً لذلك :
يقول الله تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ }البقرة168
ويقول تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ }البقرة172
في الآيتين أعلاه يختلف الخطاب باختلاف المخاطب :
خطاب الناس : كلوا مما في الأرض حلالا طيبا
خطاب المؤمنين : كلوا من طيبات ما رزقناكم
في خطاب الناس وهو موجه إلى كل الناس باختلاف مذاهبهم ومشاربهم ، يحثهم الله على الأكل مما في الأرض شريطة أن يكون حلالا طيبا ، لأن الشيطان متربص بهم ، يزين لهم الحرام ، فيتبعونه غير آبهين لذلك . فجاء التذكير لكل الناس ليأخذوا حذرهم من هذا العدو المبين .
بينما خطاب الله للمؤمنين يحثهم على الأكل من الطيبات التي رزقهم الله ، شاكرين الله على هذه النعم ، وهي حلال بالطبع ، لأن الله بين للمؤمنين أصناف الأكل الحرام ، فهم يعبدونه ، والعبادة تتجلى في اتباع ما أحل لهم والابتعاد عن ما حرم لهم . وهو بذلك المستحق للشكر .
فالله كفى عباده المؤمنين مشقة البحث عن الأطعمة المحرمة ، فقد بينها لهم في دينه الذي ارتضاه لهم . إنه الإسلام وكفى به نعمة .
{إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }البقرة173
بهذا نجد الخطاب الموجه للناس يختلف عن الخطاب الموجه للمؤمنين .

والله أعلم وأحكم
 
عودة
أعلى